اذهبي الى المحتوى
امة من اماء الله

•°o.O شرح الحديث العاشر O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

post-33797-0-41998800-1338293193.gif

 

 

10-باب في الأمر بالمحافظةعَلَى السنة وآدابها

 

 

وعَن عابس بن رَبيعة ، قَالَ : رَأيْتُ عُمَرَ بن الخطاب" رضي الله عنه " يُقَبِّلُ الحَجَرَ - يَعْنِي : الأسْوَدَ - وَيَقُولُ : إني أَعْلَمُ أنَّكَ حَجَرٌ مَا تَنْفَعُ وَلاَ تَضُرُّ ، وَلَولا أنِّي رَأيْتُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم " يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

post-28298-0-44805300-1364504546.gif

الشرح

والسنة يراد بها سنة الرسول صلى الله عليه وسلم , وهي طريقته التي كانت في عباداته وأخلاقه ومعاملاته , فهي أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وإقراراته .هذه هي السنة.ويطلق الفقهاء السنة على العمل الذي يترجح فعله على تركه , وهو الذي يثاب على فعله , ولا يعاقب على تركه.

 

هذا الحديث الذي ذكره المؤلف ـ رحمه الله ـ عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في باب الأمر باتباع السنة وآدابها ، فقد كان ـ رضي الله عنه ـ يطوف بالكعبة ، فقبل الحجر الأسود ، والحجر كما نعلم حجر من الأرض جعل في هذا الركن .

وشرع الله ـ سبحانه وتعالى ـ لعباده أن يقبلوه ؛ لكمال الذل والعبودية ، ولهذا قال عمر ـ رضي الله عنه ـ حين قبله ( إني لأعلم حجر أنك لا تضر ولا تنفع ) . وصدق رضي الله عنه ، فإن الأحجار لا تضر ولا تنفع . الضرر والنفع بيد الله ـ عز وجل ـ كما قال تعالى : ( قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ (المؤمنون: 88-89).

ولكن بين ـ رضى الله عنه ـ أن تقبيله إياه لمجرد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال ( ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) يعني فأنا أقبلك اتباعاً للسنة ، لا رجاء للنفع ، أو خوف الضرر ؛ ولكن لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك . ولهذا لا يشرع أن يقبل شيء من الكعبة المشرفة إلا الحجر الأسود فقط ، أما الركن اليماني فيستلم ـ يعني يمسح ولا يقبل . والحجر الأسود أفضل شيء أن يمسحه بيده اليمني ويقبله ، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده ، فإن لم يمكن أشار إليه بشيء معه أو بيده ، ولكن لا يقبل ما أشار به ، لأن هذا الذي أشار به لم يمس الحجر حتى يقبله .

post-28298-0-44805300-1364504546.gif

 

أما الركن اليماني فليس فيه إلا استلام فقط ، ويكون الاستلام باليد اليمنى . ونرى بعض الجهال الذين لا يدرون لماذا استلموا هذا الحجر يستلم باليد اليسرى ، واليد اليسرى كما قال أهل العلم : لا تستعمل إلا في الأذى ، في القذر والنجاسات وما أشبهها ، أما أن تعظم بها شعائر الله فلا .

ثم أن بقية الأركان : الركن الشامي ، والعراقي ، يعني الشمالي الشرقي والشمالي الغربي ، هذان الركنان لا يقبلان ولا يمسحان ، وذلك لأنهما ليس على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وذلك أن قريشاً لما أرادوا بناء الكعبة ، قالوا : لن نبنها إلا بمال طيب ، لا نبتها بأموال الربا ، وانظر كيف عظم الله بيته حتى على أيدي الكفار ، فجمعوا المال الطيب ، فلم يكف لبنائها على قواعد إبراهيم ، ثم فكروا من أي جانب ينقصوها . قالوا ننقصها من الشمال ؛ لأن الجانب اليماني الجنوبي فيه الحجر الأسود ، ولا يمكن أن ننقصها من جانب الحجر الأسود ، فتقصوها من هناك ، قلم تكن على قواعد إبراهيم عليه الصلاة السلام ، لذلك لم يقبل النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ ولم يمسح الركن الشمالي الشرقي ولا الركن الشمالي الغربي .

ولما طاف معاوية ـ رضي الله عنه ـ ذات سنة ، وكان معه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، جعل معاوية يمسح الأركان الأربعة ؛ الحجر الأسود، والركن اليماني ، والشمالي ، والغربي ، فقال له أبن عباس : كيف تمسح الركنين الشماليين ، والنبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ لم يمسح إلا الركن اليماني والحجر الأسود . ؟ فقال معاوية : إنه ليس شيء من البيت مهجوراً . يعني البيت لا يهجر ، كله يحترم ويعظم ، فقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وهو أفقه من معاوية قال : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة) (الأحزاب: من الآية21) ، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح إلا الركنين اليمانيين ، يعني ركن الحجر الأسود والركن اليماني , فقال له معاوية : صدقت ورجع إلى قوله لأن الخلفاء فيما سبق ـ وإن كانوا كالملوك في الأبهة والعظمة ـ لكنهم كانوا يرجعون إلى الحق ، ولهذا رجع معاوية ـ رضي الله عنه ـ إلى الحق ، وقال له : صدقت ، وترك مسح الركنين الشمالي الشرقي والشمالي الغربي .

وهذا الحديث الذي ذكره المؤلف عن عمر ـ رضي الله عنه ـ دليل على جهالة اؤلئك القوم الذين نشاهدهم ، يقف أحدهم عن الركن اليماني فيمسحه بيده ، ويكون معه طفل فد حمله ، فيمسح الطفل بيده يتبرك بالركن ، وكذلك لو تيسر له لمسح على الحجر الأسود ، مسح الطفل للبركة ، وهذا لا شك أنه بدعة ، وأنه نوع من الشرك الأصغر ؛ لأن هؤلاء جعلوا ما ليس سبباً سَبباً ، والقاعدة : أن كل أحد يجعل شيئاً سبباً لشيء بدون إذن من الشارع فإنه يكون مبتدعاً ، ولهذا يجب على من رأى أحداً يفعل هذا أن ينصحه ، يقول له : ( هذا غير مشروع ، هذا بدعة ) حتى لا يظن الناس أن الأحجار تنفع أو تضر ، ثم تتعلق قلوبهم بها في شيء أكبر وأعظم من هذا .

 

post-28298-0-44805300-1364504546.gif

وقد بين أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه لا يفعل ذلك إلا اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإلا فإنه يعلم أنه لا ينفع ولا يضر ، وفي هذا دليل على أن كمال التعبد أن ينقاد الإنسان لله عز وجل ، سواء عرف السبب والحكمة في المشروعية أم لم يعرف . فعلى المؤمن إذا قيل له أفعل ؛ أن يقول : سمعنا وأطعنا ، وإن عرفت الحكمة فهو نور على نور ، وإن لم تعرف فالحكمة أمر الله ـ تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

ولهذا قال الله في كتابه : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) (الأحزاب: من الآية36) . وسئلت عائشة ـ رضي الله عنها ـ لماذا تقضي الحائض الصوم ولا تقضي الصلاة ، فقالت : كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة ، كأنها ـ رضي الله عنها تقول : إن وظيفة المؤمن أن يعمل بالشرع ، سواء عرف الحكمة أم لم يعرفها ، وهذا هو الصواب .

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن يتوفانا عليها ، وأن يحشرنا في زمرته ، إنه جواد كريم .

 

post-33797-0-97713800-1338293219.gif

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×