اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

•°o.O شرح الحديث الخامس والثلاثين O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

post-33797-0-96700300-1338293207.gif

 

35-فضل ضعفة المسلمين والفقراء والخاملين

 

وعن حارثة بن وهْبٍ رضي الله عنه، قَالَ : سمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، يقولُ :

(( ألاَ أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ الجَنَّةِ ؟ كُلُّ ضَعِيف مُتَضَعَّف، لَوْ أقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأهْلِ النَّارِ ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

post-33797-0-96700300-1338293207.gif

 

الشرح

 

(( العُتُلُّ )) : الغَلِيظُ الجَافِي . ((وَالجَوَّاظُ )) : بفتح الجيم وتشديد الواو وبالظاء المعجمة: وَهُوَ الجَمُوعُ المَنُوعُ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ المُخْتَالُ في مِشْيَتِهِ، وَقِيلَ: القَصِيرُ البَطِينُ.

من نفسه ، وليس المراد الاستيعاب في الطرفين )) .

 

 

ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن حارثة بن وهب رضي الله عنه في باب ضعفاء المسلمين وأذلاءهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره )) يعني هذه من علامات أهل الجنة ؛ أن الإنسان يكون ضعيفاً متضعفاً ، أي : لا يهتم بمنصبه أو جاهه ، أو يسعى إلى علو المنازل في الدنيا ، ولكنه ضعيف في نفسه متضعف ، يميل إلى الخمول وإلى عدم الظهور ؛ لأنه يرى أن المهم أن يكون له جاه عند الله عز وجل ، لا أن يكون شريفاً في قومه أو ذا عظمة فيهم ، ولكن يرى أن الأهم كله أن يكون عند الله سبحانه وتعالى ذا منزلة كبيرة عالية .

post-33797-0-96700300-1338293207.gif

 

ولذلك تجد أهل الآخرة لا يهتمون بما يفوتهم من الدنيا ؛إن جاءهم من الدنيا شيء قبلوه ، وإن فاتهم شيء لم يهتموا به؛ لأنهم يرون أن ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأن الأمور بيد الله ، وإن تغيير الحال من المحال، وأنه لا يمكن رفع ما وقع ولا دفع ما قدر إلا بالأسباب الشرعية التي جعلها الله تعالى سبباً .

وقوله : (( لو أقسم على الله لأبره )) يعني لو حلف على شيء ليسره الله له أمره ، حتى يحقق له ما حلف عليه ، وهذا كثيراً ما يقع ؛ أن يحلف الإنسان على شيء ثقة بالله عز وجل ، ورجاء لثوابه فيبر الله قسمه ، وأما الحالف على الله تعالياً وتحجراً لرحمته ، فإن هذا يخذل ، والعياذ بالله .

وهاهنا مثلان :

post-33797-0-96700300-1338293207.gif

 

المثل الأول : أن الربيع بنت النضر رضي الله عنهما وهي من الأنصار، كسرت ثنية جارية من الأنصار ، فرفعوا الأمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تكسر ثنية الربيع ، لقول الله تعالى : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْس)إلى قوله : ( وَالسِّنَّ بِالسِّنّ) [المائدة : 45] فقال أخوها أنس بن النضر : والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيع ، فقال (( يا أنس كتاب الله القصاص )) فقال : والله لا تكسر ثنية الربيع .

أقسم بهذا ليس ذلك رداً لحكم الله ورسوله ، ولكنه يحاول بقدر ما يستطيع أن يتكلم مع أهلها حتى يعفوا ويأخذوا الدية ، أو يعفوا مجاناً ، كأنه واثق من موافقتهم ، لا رداً لحكم الله ورسوله ، فيسر الله سبحانه وتعالى ؛ فعفى أهل الجارية عن القصاص ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)) .

وهنا لا شك أن الحامل لأنس بن النضر هو قوة رجائه بالله عز وجل ، وأن الله سييسر من الأسباب ما يمنع كسر ثنية أخته الربيع .

أما المثل الثاني : الذي أقسم على الله تألياً وتعارضاً وترفعاً فإن الله يخيب آماله ، ومثال ذلك الرجل الذي كان مطيعاً لله عز وجل عابداً ، يمر على رجل عاص ، كلما مر عليه وجده على المعصية ، فقال : والله لا يغفر الله لفلان ، حمله على ذلك الإعجاب بنفسه ، والتحجر بفضل الله ورحمته ، واستبعاد رحمة الله عز وجل من عباده .

فقال الله تعالى (( من ذا الذي يتألى علي ـ أي يحلف على ـ ألا أغفر لفلان . قد غفرت له ، وأحبطت عملك )) ، فانظر الفرق بين هذا وهذا .

فقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (( إن من عباد الله )) (( من )) هنا للتبعيض ، (( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره )) وذلك فيمن أقسم على الله ثقة به ، ورجاء لما عند الله عز وجل .

ثم قال صلى الله عليه وسلم : (( ألا أخبركم بأهل النار ، كل عتل جواظ مستكبر )) ؛ هذه علامات أهل النار.

(( عتل )) : يعني أنه غليظ جاف ، قلبه حجر والعياذ بالله ؛ كالحجارة أو أشد قسوة . (( جواظ مستكبر )) الجواظ فيه تفاسير متعددة ، قيل إنه الجموع المنوع ، يعني الذي يجمع المال ويمنع ما يجب فيه .

والظاهر أن الجواظ هو الرجل الذي لا يصبر ، فجواظ يعني جزوع لا يصبرعلى شيء ، ويرى أنه في قمة أعلى من أن يمسه شيء .

ومن ذلك قصة الرجل الذي كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة ، وكان شجاعاً لا يدع شاذة ولا فاذة للعدو إلا قضى عليها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن هذا من أهل النار )) ، فعظم ذلك على الصحابة ، وقالوا : كيف يكون هذا من أهل النار وهو بهذه المثابة ؟ ثم قال رجل : والله لألزمنه يعني لأ لازمه حتى أنظر ماذا يكون حاله ، فلزمه فأصاب هذا الرجل الشجاع سهم من العدو . فعجز عن الصبر وجزع ثم أخذ بذبابة سيفه فوضعه في صدره ثم اتكأ عليه حتى خرج السيف من ظهره والعياذ بالله ، فقتل نفسه . فجاء الرجل للرسول صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أشهد أنك لرسول الله ، قال (( ويم ؟ )) قال : لأن الرجل الذي قلت إنه من أهل النار ، فعل كذا وكذا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار )) . فانظر إلى هذا الرجل جزع وعجز أن يتحمل فقتل نفسه .

 

post-33797-0-96700300-1338293207.gif

 

فالجواظ هو الجزوع الذي لا يصبر ، دائماًُ في أنين وحزن وهمّ وغمّ ، معترضاً على القضاء والقدر ، لا يخضع له ، ولا يرضى بالله رباً .

وأما المستكبر فهو الذي جمع بين وصفين : غمط الناس ، وبطر الحق ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( الكبر بطر الحق ، وغمط الناس )) وبطر الحق : يعني رده، وغمط الناس: يعني احتفارهم، فهو في نفسه عال على الحق، وعال على الخلق ، لا يلين للحق ولا يرحم الخلق والعياذ بالله .

فهذه علامات أهل النار . نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من النار ، وأن يدخلنا وإياكم الجنة . إنه جواد كريم .

 

post-33797-0-97713800-1338293219.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×