اذهبي الى المحتوى
«..ارْتِـــقَّـےـاءْ..»

♥ مِـنْ ([ حِـكَـايَــات عَـمُّــو مـحـمــود ]) ♥

المشاركات التي تم ترشيحها

( 18 )

 

.. بَـركَـةُ العِلْـمِ ..

-----------

 

 

كان حُسام طِفلاً صغيرًا في العاشرةِ مِن عُمره ، ولكنَّه كان يُحِبُّ العِلمَ والثقافة ، حتى أنَّه كان دائمًا يذهبُ إلى مكتبةِ المدرسةِ يقرأُ فيها مِن كُلِّ أنواع المعرفةِ ، وكان دائمًا يستعيرُ الكُتُبَ والقصص الجميلة ، وكان حريصًا أيضًا على حِفظِ القرآن الكريم ، وكان يقرأُ أيضًا في كُتُبِ السُّنَّةِ ، ويحفظُ الكثيرَ مِن أحاديثِ الرسول نبيِّنا محمد صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِ وسلَّم .

 

وفي يومٍ من الأيام مَرِضَت أختُه علياء فجأةً ، وعند عودةِ أبيه الذي كان يعملُ في نظافةِ الشوارع رأى حالَتَها ، فحملها مُسرِعًا ومعه حُسام إلى المُستشفى ، ودخلوا بها على الطبيبِ الذي قام بالكشفِ عليها ، ثم كتبَ لها رُوشِتَّة العِلاج ، وأخبر أباها أنْ يشتريَ الدواءَ من أقرب صيدليةٍ تُقابله .

 

وخرج الأبُ يُفكِّرُ ، ويقولُ لنفسِه : ليس معي من النقودِ ما أشتري به الدواء .

 

ونظر حُسام إلى والدِه ، فرأى على وجهِهِ علاماتِ الحُزن والألم ، ثم مَرُّوا على أكثر من صيدليةٍ تبيعُ الدواء ... قال حُسام لأبيه : يا أبي ، لقـد مررنا على أكثر من صيدليةٍ تبيعُ الدواءَ ، ولكنِّي أراكَ حزينًا ولم تذهب إلى أىِّ صيدليةٍ لشراءِ الدواءِ لأختي ، ما بكَ يا أبي ؟

 

فنظر الأبُ إلى ابنه حُسام وهو يتألَّمُ ، وقال له : يا ولدي ! لا يُوجدُ معي ثمنًا للدواء ، وسوف نصِلُ إلى البيت ، وسأذهبُ إلى أىِّ جارٍ لنا أقترضُ منه ثمنَ الدواء ... ومَشيا مهمومَيْن ، أمَّا علياء ، فكانت نائِمةً على كَتِفِ أبيها مِن شِدَّةِ ما بها مِن الألم ، وفي أثناءِ سيرهم أوقفهم أحـدُ مُذيعي التليفزيون ، وقال لهم : نحنُ برنامج مُسابقات وجوائِز بالتليفزيون ، ثم قال المُذيعُ لوالِدِ حُسام : سوف أسألُكَ سُؤالاً لو أجبتَ عليه ستحصُلُ على جائزةٍ ماليةٍ هَدِيَّةً من البرنامج .. والسـؤالُ هو : ( هناك أربـع مخلوقات خلقهم اللهُ عز وجل لهم رُوحٌ ويأكلونَ ويشربون ، ولكنَّهم لم يُولَدوا مِن أَبٍ وأُمّ ؟ ) .. ففكَّرَ الأبُ مرةً ، ثم عاد ، وفكَّرَ مرةً ثانيةً ولم يستطع الإجابة ، وازداد حُزنُه وحَيْرَتُه ، فرفع حُسام يدَه للمُذيع يستأذنُه في أنْ يُجيب ، فاقترب منه المُذيعُ قائلاً له : أنتَ صغيرٌ ، فهل تستطيعُ أنْ تُجيب ؟

 

فقال له حُسام : نعم ... والجـواب : أنَّ الأربـع مخلوقات التي خلقهم اللهُ عز وجل بلا أبٍ ولا أُمّ ، ولهم رُوحٌ ويأكلون ويشربون ، هم ( سيِّدُنا آدم ) ؛ فهو بلا أبٍ ولا أُمٍّ ، وله رُوحٌ ، وقـد أكل وشَرِبَ وترك ذُرِّيَّة ؛ لأنَّ اللهَ يقول : ﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ .

 

والثانيةُ : ( عصا نبيّ اللهِ مُوسَى ) التي تحوَّلَت إلى حَيَّةٍ عظيمةٍ أكلت ثعابين سحرة فِرعون .. وفي سورة طه قال تعالى لسيِّدنا مُوسَى : ﴿ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى * قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى .

 

أمَّا الثالثة : فهيَ ( ناقةُ سيِّدنا صالِح حينما كذَّبَه قومُه ، فخرجت من الصخرةِ دليلاً على صِدقه ) ، ففي سورة الشعراءِ قال تعالى : ﴿ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ

وظَلَّ يُذكِّرهم بأوامر اللهِ ونِعَمِ الله ، فرَدُّوا عليه مُكَذِّبين : ﴿ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ * فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ .

 

أمَّا الرابـع : فهو ( كَبشُ الفِـداء ) الذي نزل من السماء ، ونَجَّى اللهُ به سيِّدَنا إسماعيلَ مِن الذَّبْح ، قال تعالى : ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّءْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ .

 

فرح المُذيعُ ، وأخرجَ الجائزةَ الماليةَ ، وأعطاها لحُسام ، فابتهج أبوه فرحًا ، حتى أنَّه بكى من الفرحةِ ، ثم سأل المُذيعُ حُسام :مِن أين تعلَّمتَ هـذه الأشياء ؟

 

قال حُسام : أنا اُحِبُّ العِلمَ ، وأَهوَى الثقافة في كُلِّ العلوم ، وأحفظُ ما تيسَّر لي من القرآن والحديثِ النبويِّ الشريف .

 

قال له المُذيع : بارك اللهُ فيك .

 

ثم استأذن حُسام مِن المُذيع ، وأخذ بيد والدِه ، وذهبا إلى أقرب صيدليةٍ ، واشترى حُسام لعلياء الدواء ، ثم خرجوا من الصيدليةِ والبهجةُ تعلو وجوهَهم ، ثم أشار حُسام لسيارة تاكسي ، وركبوا جميعًا ، ثم قال حُسام للسائق : مِن فضلِك وَصِّلنا .

 

قال السائقُ : إلى أين ؟

 

قال حُسام : إلى شارع العِلم والإيمان ، فسار السائقُ في طريقه ، وضَمَّ الأبُ حُسام إلى صدره فرحًا به ، وبما فتح اللهُ عليه من العِلم .

 

 

[ سلسلة الحِكايات ( روشتة الدواء ) – أ . رضا طعيمة ]

 

612094a01ffedb3a6766f13c02bc3500.gif

** الدروسُ المُستفادَة :

-------

1- أنَّ طلبَ العِلم من أعظم الأشياءِ التي ينتفعُ بها العبدُ المسلم في الدنيا والآخرة .

ففي الدنيا يعيشُ عزيزًا ، وتكونُ له مكانةٌ عاليةٌ بين الناس .

وأمَّا عن الآخرة ، فقـد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( مَن سلك طريقًا يلتمِسُ فيه عِلمًا ، سهَّل اللهُ له به طريقًا إلى الجنة)) .

 

2- أنَّ الولدَ قـد يتفوَّقُ على والدِه في العِلم ، ولكنْ ينبغي ألَّا يتفاخرَ على والده بذلك ، بل يجبُ عليه أنْ يكونَ مُتواضِعًا مع والدَيْه .

 

3- أنَّ الطفلَ إذا جاءه مالٌ ، ووجد والدَه مُحتاجًا لهـذا المال ، فإنَّه يجبُ عليه أنْ يُساعدَ والدَه وأُسرتَه بما يستطيع .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

( 19 )

 

.. الكلِمـةُ الطيِّبَـةُ صَدَقَـة ..

--------------

 

كان ياما كان ... كان هناك فتىً صغيرٌ اسمُه سلمان ، وكان يُحِبُّ اللعبَ والضَّحِك ، وكان يخرجُ كثيرًا مع أصحابِه ، غير أنَّه كان سليطَ اللسان ، فكان يشتُمُ هـذا ، ويَسُبُّ هـذا ، حتى أخذ أصدقاؤه يبتعـدون عنه واحدًا واحدًا ، إلى أن أصبحَ بلا أصدقاء .

 

فجلس سلمان وحيدًا في غُرفته يلومُ نفسَه ، ويُوبِّخُها على سُوءِ أدبه مع أصدقائه .

 

ثم نظر سلمان في المِرآة ، وأخرج لِسانَه مِن فمه ، وقال له : أنتَ الذي أفسدتَ بيني وبين أصحابي ... أنتَ الذي أغضبتَ أبي وأُمِّي وأساتذتي وزُملائي .

سأُعاقِبُكَ اليومَ عِقابًا شديدًا ؛ حتى لا تُسيء لأحدٍ بعـد اليوم .

 

أخرج سلمان لسانَه أكثر ، ثم عَضَّه عَضَّةً شديدةً ، وصرخ بعدها صرخةً شديدةً ، وسقط على الأرض .

 

سمعت أُمُّه صوتَ صُراخِه ، فدخلت عليه غُرفتَه ، ورأت الدماءَ تسيلُ من لسانه ، فقالت : ماذا صنعتَ يا سلمان ؟

 

فلم يستطِع أن يتكلَّم .

 

خرجت الأمُّ ، وأحضرت بعضَ الإسعافات الأولية من القُطن وغيره ، وأخذت تُسعفه ، حتى توقَّفَ الدم .

 

غاب سلمان عن المدرسةِ أسبوعًا كاملاً ، وهو غيرُ قادرٍ على الكلام ، ثم جلست معه أُمُّه وسألته : ماذا فعلتَ بنفسِكَ يا سلمان ؟

 

قال : يا أُمِّي ، لقـد عضضتُ لساني .

 

قالت : لماذا يا سلمان ؟

 

قال : لأنه شديدُ الأذَى لِكُلِّ مَن حولي ؛ حتى كرهني الناسُ وتركني أصحابي وهجروني .

 

فقالت له أُمُّه : يا سلمان ... احرِص على أن تجعلَ لسانَكَ لا ينطِقُ إلَّا بالكلام الطيِّبِ الجميل ؛ حتى يُحِبَّكَ الناس .

 

ذهب والِدُ سلمان إلى المدرسةِ ، واعتذر لأصدقاءِ سلمان عَمَّا حدث لهم ، وأخبرهم بقِصةِ سلمان ، وأنَّه قـد نَـدِمَ على كُلِّ ما مضى ، فجاء أصدقاؤه لزيارتِه ، وقـد أحضر كُلُّ واحـدٍ منهم هَدِيَّـةً جميلةً لسلمان ، فلَمَّا دخلوا عليه ، فـرح بهم كثيرًا ، وقام يستقبلهم بأجمل وأَرَقِّ الكلمات .

 

فرح أصدقاؤه به كثيرًا ، وتواعدوا جميعًا على أن يبدأوا حياةً جديدةً جميلةً مليئةً بالحُبِّ والمودة .

 

انصرف أصدقاءُ سلمان بعـد أن أخذوا منه الوعـدَ والعهـدَ على أن يذهبَ غـدًا إلى المدرسة .

 

وعاد سلمان إلى المدرسةِ بعـد أن تعـوَّدَ لِسانُه على الكلام الطيب ، وأصبح محبوبًا لدى كُلِّ الناس ، فعاش سعيدًا مسرورًا بعـد أن كان حزينًا .

 

45.gif

 

** الدروسُ المُستفادَة :

-----------

 

1- أنَّ الكلمةَ الطيبةَ صدقة .

 

2- أنَّ الناسَ لا يُحِبُّون مَن يُسيءُ إليهم بالكلماتِ البذيئةِ ، بل يُحِبُّون مَن يُبادلهم الكلماتِ العـذبةِ الرقيقة .

 

3- أنَّ المسلمَ الذي يُسيءُ إلى الناس بلسانه ، يُصبحُ منبوذًا مكروهًا مِن كُلِّ مَن حوله ... أمَّا المسلم الذي يُحسِنُ إلى الناس بكلماتِه الرقيقةِ ، فإنَّه يكونُ محبوبًا مِن كُلِّ الناس .

 

4- على المسلم أن يُجاهِـدَ نفسَه في أن يضبطَ لسانَه ، فلا يقولُ إلَّا خيرًا .

 

5- ليس العيبُ أن يُخطِئَ العـبدُ ، ولكن العيبَ أن يستمر في خطئه .

 

6- أنَّ المسلمَ ينبغي عليه أن يُسامِحَ أخاه إذا أخطأ في حَقِّه واعتذر له ، فعليه أن يقبلَ اعتذارَه .

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

( 20 )

 

.. لا تكُن أنانِيَّـًا ..

----------

 

كان ياما كان ... كان هناك شَابٌّ ذكيٌّ اسمه مهران ، وكان يعيشُ في قريةٍ جميلةٍ مليئةٍ بالأشجار والبساتين والبُحيرات الصافية .

 

وكان مهران يهوى الطِبَّ والكيمياء وصناعةَ الدواء ... فكان يُسافـرُ كثيرًا ليلتقي بأهل الطِبِّ والكيمياء ؛ ليتعلَّم منهم فنونِ الطِبِّ والكيمياء وصناعة الدواء .

 

وبعـد سنوات أصبح مهران مُعالِجًا ماهـرًا .. فكان يجمعُ النباتات الموجودة في القرية ، بل ويذهبُ إلى الصحراء ؛ ليجمعَ منها بعضَ النباتات النادرة ، ثم يقومُ بعمل خلطات من هـذه النباتات ؛ ليصنعَ منها أنواعًا كثيرةً من الأدويةِ التي تتناسبُ مع أكثر الأمراض .

 

اشتهر مهران ، وذاع صِيتُه ، وأصبح الناسُ يأتون إليه من القُرى والبِلادِ المُجاوِرة من أجل العِلاج .. وقـد وَفَّقه اللهُ ( جل وعلا ) لعِلاج الكثير من الأمراض .

 

وفي يومٍ من الأيام جاءه صديقٌ عزيزٌ اسمُه ناصِح ، فقال له : يا مهران ، لماذا لا تقوم بتعليم بعض أبناءِ القريةِ فنون الطِبِّ والكيمياء التي تعلَّمتَها من أجل أن يُساعدوك ، وكذلك من أجل أن يعيشَ هـذا العِلمُ من بعـدك ..؟

 

مهران : أنا لا أُريـدُ أن أُعلِّمَ أحـدًا ؛ حتى لا يَحظَى بنفس المكانةِ التي أحظى بها الآن ... فأنا أُريـدُ الشُّهرةَ لنفسي فقط .

 

ناصِح : ولكنَّكَ بذلك ستُرهِق نفسَكَ كثيرًا في عِلاج الناس ، وكذلك إذا أصابَكَ أنتَ أىُّ مرضٍ ، فمَن يُعالِجُك ؟

 

مهران : مهما حدث ، لن أُعلِّمَ أحـدًا هـذا العِلم .

 

ناصِح : صدِّقني يا مهران ، سوف تندمُ في وقتٍ لا ينفعُ فيه الندم .

 

أخـذ مهران يستمر في عِلاج الناس بأجرٍ بسيطٍ ، وذاع صِيتُه أكثرَ وأكثر .. وكَثُرَ المرضى الذين يأتون إليه من البِلاد المُجاوِرة ، فأرسل رئيسُ القريةِ لمهران ، وقال له : يا مهران ، لقـد كَثُرَ المرضى ، فلماذا لا تستعينُ ببعض الشباب ليُساعدوكَ بعـد أن يتعلَّموا على يديك ؟

 

مهران : لا أُريـدُ مساعدةً من أحـد .

 

رئيسُ القرية : لكنَّكَ ستتعبُ كثيرًا .

 

مهران : هـذا لا يَهُمُّني .

 

وكى يظَل مهران هو الوحيد الذي يعرفُ هـذا العِلاج ظَلَّ يُواصِلُ العملَ ليلاً ونهارًا ، حتى سقط مريضًا ولم يستطع أن يقومَ ليُعالِجَ المرضى ، ولا ليُعالِجَ نفسَه ، فقـد نفِدَت كُلُّ النباتات التي عنده ، وليس هناك أحـدٌ يعلمُ سِرَّ التركيبةِ التي يصنعها مهران.

 

وهُنا جاء صديقُه ناصِح ليزوره ، فقال له : ألم أقُـل لكَ يا مهران ستندمُ في وقتٍ لا ينفعُ فيه الندم ؟!

 

مهران : صدقتَ يا ناصِح ، ولكنْ لم يَعُـد عندي القُدرةُ الآن على تعليم أحـد .

 

واشتدَّ المرضُ على مهران ، فكان يصرخُ ليلاً ونهارًا ، إلى أن جاءت اللحظةُ الحاسمةُ ، ومات مهران .

 

حزن أهلُ القريةِ على موته ، وخرجوا جميعًا ليدفنوه .

 

فقال رئيسُ القريةِ لناصِح : لقـد قتله المرضُ الشديد .

 

فقال ناصِح : بل قتلته الأنانية وحُبُّه لنفسِه .. فلقـد مات مهران ودُفِنَ في التُّراب ، ودُفِنَ معه العِلمُ الذي تعلَّمه ولم يُعلِّمه لأحـدٍ حتى ينتفعَ به الناسُ من بعـده .. وهـذا جزاءُ الأنانية .

 

45.gif

** الدروسُ المُستفادَة :

-------

 

1- أنَّ المسلمَ لا بُدَّ أن يبحثَ في نفسه عن المهارةِ التي يمتلِكُها ؛ ليُنَّميها ويستخدمها في أن يكونَ بارِعًا في أىِّ عِلمٍ من العلوم التي يخدمُ بها أهلَه ومُجتمعَه وبلدَه .

 

2- أنَّ المسلمَ لا ينبغي أن يكتُمَ العِلمَ الذي تعلَّمه ، بل عليه أن يُعلِّمَ غيرَه ؛ لينشُرَ هـذا العِلم وينتفعَ به الناسُ ، ويكونَ في ميزان حسناته .

 

3- أنَّ مَن كتم عِلمًا ، فإنَّ هـذا العِلمَ يكونُ وَبالاً عليه .. فقـد رأينا كيف أنَّ مهران لَمَّا كتم عِلمَ الطِّبِّ والكيمياء ومَرِضَ ، لم يجد مَن يُعالِجُه ، فمات ومات معه العِلمُ الذي كان يَعلَمُه .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×