اذهبي الى المحتوى
جمانة راجح

( المجلس الثالث " مجالس فقه الأدعية والأذكار" )

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

70245750.png

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمدلله والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

klM45750.png

** من أذكار النّوم **

لقد أرشد النَّبِيُّ الكريم صلى الله عليه وسلم المسلمَ عندما يَأوي إلى فراشه لينام إلى جُملةٍ

من الآداب العظيمة والخصال الكريمة، والتي يترَتَّب على محافظته عليها وعنايتِه بها آثارٌ

حميدةٌ عديدة، منها هدوؤُه في نومه وسكونُه وراحتُه، وسلامتُه من الشرور والآفات،

وليصبح من ذلك النوم على نفس طيِّبة، وهِمَّة عالية، وخير ونشاط.

ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهقال: قال

لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ

اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَن ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَوَجَّهتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ

أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، آمَنْتُ

بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ

مِنْ آخِرِ كَلاَمِكَ، قال: فَرَدَدْتُهُنَّ لأَسْتَذْكِرَهُنَّ فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، قَالَ: لاَ،

وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ )).

فهذا الحديثُ العظيمُ يشتمل على بعضِ الآداب التي يَحسُنُ بالمسلم أن يُحافظَ عليها عند نومه،

وقد أرشدَ صلى الله عليه وسلم أوَّلَ ما أرشد في هذا الحديث مَن أوَى إلى فراشه أن يتوضأ

وضوءَه للصلاة، وذلك ليكون عند النوم على أكمل أحوالِه، وهي الطهارة، وليكون ذكرُه لله

عز وجل عند نومه على حال الطهارة، وهي الحالُ الأكملُ للمسلم في ذكره لله عز وجل،

ثم وجَّه صلى الله عليه وسلم إلى أن ينامَ المسلمُ على شِقِّه الأيمن، وهي أكملُ أحوال المسلم

في نومه، ثمَّ أرشده صلى الله عليه وسلم وهو على هذه الحال الكاملة أن يبدأ في مناجاة ربِّه

عز وجل بذلك الدعاء العظيم الذي أرشد إليه صلوات الله وسلامه عليه.

وإنَّ مِمَّا ينبغي أن يعتَنِيَ به المسلمُ في مثلِ هذا المقام أن يتأمَّلَ معانِيَ الأدعية والأذكار المأثورة؛

ليكون ذلك أكملَ له في مناجاته لربِّه عز وجل ودعائه إياه.

وعندما نتأمَّل هذا الدعاء العظيم الوارد في هذا الحديث نجدُ أنَّه اشتمل من المعاني الجليلة

والمقاصد العظيمة على جانبٍ عظيم، يحسن بالمسلم أن يكون مستحضراً لها عند نومه.

..................

 

وقوله: (( اللَّهمَّ إنِّي أسلمت نفسي إليك )) أي: إنني - يا الله - قد رضيتُ تَمام الرِّضا أن تكون

نفسي تحت مشيئتك، تَتَصرَّف فيها بما شئتَ وتقضي فيها بما أردتَ من إمساكها أو إرسالها،

فأنت الذي بيده مقاليد السموات والأرض، ونواصي العباد جميعهم معقودةٌ بقضائك وقدرك تقضي

فيهم بما أردتَ، وتحكم فيهم بما تشاء، لا رادَّ لقضائك ولا معقِّب لحكمك.

وقوله: (( وفوَّضتُ أمري إليك )) أي: جعلتُ شأنِي كلَّه إليك، وفي هذا الاعتمادُ على الله عز وجل

والتوكل التام عليه، إذ لا حول للعبد ولا قوَّة إلاَّ به سبحانه وتعالى.

وقوله: (( وألجأتُ ظهري إليك )) أي: أسندتُه إلى حفظك ورعايتك لما علمتُ أنَّه لا سند يُتقوى

به سواك، ولا ينفع أحداً إلاَّ حماك، وفي هذا إشارةٌ إلى افتقار العبد إلى الله جل وعلا في شأنه كلِّه

في نومه ويقظته وحركته وسكونه وسائر أحواله.

وقوله: (( رغبةً ورهبة إليك )) أي: إنَّني أقول ما سبق كلَّه وأنا راغبٌ راهب، أي: راغبٌ تمام

الرغبة في فضلك الواسع وإنعامك العظيم، وراهبٌ منك ومن كلِّ أمر يوقع في سخطك، وهذا هو

شأن الأنبياء والصالحين من عباد الله يجمعون في دعائهم بين الرَّغَب والرَّهَب، كما قال الله تعالى

: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا

رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ )

ثم قال صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء: (( لا ملجأ ولا منجى منك إلاَّ إليك )) أي: لا ملاذ

ولا مهرَبَ ولا مَخْلَصَ من عقوبتك إلاَّ بالفزع إليك والاعتماد عليك، كما قال تعالى: ( فَفِرُّوا إِلَى

اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ) وكما قال تعالى: ( كَلاَّ لا وَزَرَ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ )

ثم قال: (( آمنتُ بكتابك الذي أنزلت وبنبيِّك الذي أرسلت )) أي: آمنتُ بكتابك العظيم القـرآن الكريم

الذي لا يأتيه الباطـل من بيـن يديه ولا من خلفه تَنْزيلٌ من حكيم حميد، آمنت وأقررتٌ أنَّه وحيك وتَنْزيلك

على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنَّه مشتملٌ على الحق والهدى

والنور، وآمنت كذلك بنبيِّك الذي أرسلتَ وهو محمد صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله وخيرته

من خلقه، المبعوث رحمةً للعالمين، آمنت به وبكلِّ ما جاء به، فهو صلى الله عليه وسلم لا ينطق

عن الهوى إن هو إلاَّ وحيٌ يوحى، فكلُّ ما جاء به فهو صدقٌ وحقٌّ.

وقوله: (( الذي أرسلت )) أي: إلى كافة الخلق بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً،

فبلَّغ الرسالةَ، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين.

ثم قال ضلى الله عليه وسلم مبيِّناً فضيلة هذا الدعاء وعظم الخير والفضل المترتب عليه

(( فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرة )) أي: على الإسلام، فالإسلام هو دين الفطرة، كما قال الله تعالى:

( قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ) وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث أنَّه قال (( وإن

أصبحت أصبتَ خيراً )) أي: إن لَم تَمُت من ليلتك تلك أصبت في الصباح خيراً، ثواباً لك على

اهتمامك بهذا الأمر.

وقد أرشد صلوات الله وسلامه عليه إلى أن يجعل المسلمُ هذا الدعاءَ في آخر الدعوات والأذكار

التي يقولها المسلم عند نومه، لتكون هذه الكلمات آخر كلام المسلم عند نومه، ولهذا قال:

(( واجلعهنَّ آخرَ ما تقول )).

وفي قول النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمللبراء لَمَّا ردَّد الدعاءَ أمامه من أجل استذكاره:

(( لا، وبنبيِّك الذي أرسلت )) دليلٌ على أهميَّة التقيُّد بهذه الأذكار حسب ألفاظها الواردة؛ لكمالها

في مبناها ومعناها.

فهذا دعاءٌ عظيم ينبغي على المسلم أن يحافظَ عليه عند نومه، ويتأمَّلَ في دلالاته العظيمة ومعانيه

الجليلة؛ ليظفر بعظيم موعود الله لِمَن حافظ عليه واعتنى به، واللهَ الكريم نسأل أن يوفِّقنا وإياكم

للمحافظة عليه والعناية به، وأن يوفِّقنا لكلِّ خير يحبه ويرضاه في الدنيا والآخرة.

 

 

XR745750.png

 

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم

وجعله الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم

وجعله الله في ميزان حسناتك

 

وبارك الله فيكِ ياغالية

سعدت لتواجدكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك

 

تذكرة مهمة نحتاجها جداً

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×