اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

لا تحزن ولا تيأس.....(متجددة)

المشاركات التي تم ترشيحها

لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فجعلها الله عليه بردا وسلاما ، ورسولنا صلّ الله عليه وسلم وأصحابه لما هددوا بجيوش الكفار ، وكتائب الوثنية قالوا : { حسبنا الله ونعم الوكيل {173} فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } .

 

 

الصلاة .. الصلاة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } إذا داهمك الخوف وطوقك الحزن ، وأخذ الهم بتلابيبك ، فقم حالا إلى الصلاة ، تثب لك روحك ، وتطمئن نفسك ، إن الصلاة كفيلة – بأذن الله باجتياح مستعمرات الأحزان والغموم ، ومطاردة فلول الاكتئاب . كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال : (( أرحنا بالصلاة يا بلال )) فكانت قرة عينه وسعادته وبهجته .

 

 

من أعظم النعم لو كنا نعقل – هذه الصلوات الخمس كل يوم وليلة كفارة لذنوبنا ، رفعة لدرجاتنا عند ربنا ، ثم هي علاج عظيم لمآسينا ، ودواء ناجع لأمراضنا ، تسكب في ضمائرنا مقادير زاكية من اليقين ، وتملأ جوانحنا بالرضا أما أولئك الذين جانبوا المسجد ، وتركوا الصلاة ، فمن نكد إلى نكد ، ومن حزن إلى حزن ، ومن شقاء إلى شقاء (فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ )

 

 

حسبنا الله ونعم الوكيل تفويض الأمر إلى الله ، والتوكل عليه ، والثقة بوعده ، والرضا بصنيعه وحسن الظن به ، وانتظار الفرج منه ؛ من أعظم ثمرات الإيمان ، وأجل صفات المؤمنين ، وحينما يطمئن العبد إلى حسن العاقبة ، ويعتمد على ربه في كل شأنه ، يجد الرعاية ، والولاية ، والكفاية ، والتأييد ، والنصرة .

 

 

 

إن الانزواء في الغرفة الضيقة مع الفراغ القاتل طريق ناجح للانتحار ، وليست غرفتك هي العالم ، ولست أنت كل الناس فلم الاستسلام أمام كتائب الأحزان ؟ ألا فاهتف ببصرك وسمعك وقلبك : ( انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا)، تعال لتقرأ القرآن هنا بين الجداول والخمائل ، بين الطيور وهي تتلو خطب الحب ، وبين الماء وهو يروي قصة وصوله من التل .

 

 

واصبر وما صبرك إلا بالله ، اصبر صبر واثق بالفرج ، عالم بحسن المصير ، طالب للأجر ، راغب في تكفير السيئات ، اصبر مهما ادلهمت الخطوب ، وأظلمت أمامك الدروب ، فإن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وإن مع العسر يسرا .

 

 

لا تحمل الكرة الأرضية على رأسك نفر من الناس تدور في نفوسهم حرب عالمية ، وهم على فرش النوم ، فإذا وضعت الحرب أوزارها غنموا قرحة المعدة ، وضغط الدم والسكري . يحترقون مع الأحداث ، يغضبون من غلاء الأسعار ، يثورون لتأخر الأمطار ، يضجون لانخفاض سعر العملة ، فهم في انزعاج دائم ، وقلق واصب ( يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ )

 

 

من كتاب لا تحزن للشيخ عائض القرنى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فعلا والله

عارفة انا ف حاجة بتمناها جدا م ربنا بدعي بيها ليل ونهار

واضتيق اوووى انها مجنش واقول لاء اصبر وحاحات كير كنت متعلقة بيها لدرجة فظيعة

كنت كل اما الاقي الحاجة بتبعد او انه لاء مش خير او كده اضايق ولقول لاء انا عايواها هيا

عارفة اكتشفت اي

ان الحاجة كانت تاذيني بطربقة انا مكنتش واخدة بالي

وتشوه سمعتي وان ربنا سترها معايا وخفظني

 

هبقي احكيلك قتصي بالتقصيل دا دي نبذة عنها

اوعوا نهما حصل تزعلوا ع خير بالنسبة لكم ضاع افرحوا لانعا قدر الله الرحيم

ادعولي بالهداية والثبات والزوج الصالح#اسراء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

26804580_535610050125619_2835782004185019024_n.jpg?oh=794637ad90c071a560916aab233d8580&oe=5B03B85A

 

 

 

قال عكرمة - رحمه الله:

ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً.

 

ولهذا لا ينكر على العبد أن يحزن إذا توافرت أسباب الحزن، لكن المذموم قطعا هو الاستسلام لحالة الحزن بحيث يغلب على صاحبه فينقطع أو ينعزل أو يسخط أو يصاب بالأمراض النفسية أو العضوية، بل قد يتمكن الحزن من صاحبه حتى يقتله نسأل الله العافية.

 

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحزن بسبب إعراض الكافرين واستهزائهم وأقوالهم الفاجرة، دل على ذلك قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}... (الأنعام : 33). وقوله تعالى: {فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ}... (يّـس : 76).

26731333_535610300125594_8851317865860900441_n.jpg?oh=e3e48884d08ee5069e2a779eb1c00b28&oe=5B4C5648

 

 

 

(فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (76)سورة يس

 

1- لن تكون أشرف نسبا،ولا أتقى دينا،ولا أطهر قلبا،ولا أصدق لسانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك كله قالوا عنه شاعر وساحر وكاهن ومجنون(فلا يحزنك قولهم). / سعود الشريم

 

2- ( فلا يَحزُنك قولهم إنا نعلم مايُسرون وما يُعلنون) اليقين بإحاطة علم الله يطفئ الأحزان . / أفياء الوحي

 

3- (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم مايسرون وما يعلنون) مواساة ربانية لقلبك حين ينشغل بالك بأقوال بشر وتنسى أن الله بعظمته سبحانه معك ويشعر بك / تدبر

 

4- قول الرحمن يفرحك وذكره يطمئنك ويزيل خوفك وبعض قول البشر يؤلمك ويحزنك فأيهما تتبع وبه تؤمن وتعتقد وتصدق... (فلا يحزنكَ قولهم )/محمد الفائز

 

5- (فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) من أعظم ما يخفف ألمك عند كلام المبطلين. يقينك أن الله يعلم به/ عبدالله بلقاسم

 

6- تواطؤ الوجوه التلفزيونية المأجورة على اتهام المصلحين أسلوب تقليدي لمشاغلة المصلحين عن رسالتهم {فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون} / ابراهيم السكران

 

7- ( فَلا يحزنك قَولهم ) مواساة ربانيّة حين تنشغل وتتألم من أقوال البشر وتنسى إن الله سبحانه معك./ روائع القرآن

 

حصاد التدبر

 

 

26731739_535609936792297_820213563930222119_n.jpg?oh=dd5d576d43f3079f1e9653c0f747c771&oe=5B3A03F7

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحزن في الإسلام


روى البخاري في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: كُنْتُ أَخْدمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ، فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ»[1].


قال ابن بطال رحمه الله: «وينبغي للمرء أن يرغب إلى ربه في رفع ما نزل ودفع ما لم ينزل، ويستشعر الافتقار إلى ربه في جميع ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من جميع ما ذكر دفعًا عن أمته، وتشريعًا لهم، ليبين لهم صفة المهم من الأدعية.


وقوله في الحديث: الهم والحزن: الهم لما يتصوره العقل من المكروه في الحال، والحزن لما وقع في الماضي، والعجز ضد الاقتدار، والكسل ضد النشاط، والبخل ضد الكرم، والجبن ضد الشجاعة.


وقوله: ضلع الدين، المراد به ثقل الدين وشدته، وذلك حيث لا يجد من عليه الدين وفاء، ولا سيما مع المطالبة.


وقوله: وغلبة الرجال، أي شدة تسلطهم، كاستيلاء الرعاع هرجًا ومرجًا، والفرق بين العجز والكسل، أن الكسل ترك الشيء مع القدرة على الأخذ في عمله، والعجز عدم القدرة»[2].


قال ابن القيم رحمه الله: «ولم يأت الحزن في القرآن إلا منهيًّا عنه، أو منفيًّا، فالمنهي عنه كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا ﴾ [آل عمران: 139]، وقوله: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 127]، وقوله: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، والمنفي كقوله: ﴿ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 38].


وسر ذلك: أن الحزن يقطع العبد عن السير إلى الله، ولا مصلحة فيه للقلب، وأحب شيء إلى الشيطان أن يُحزن العبد ليقطعه عن سيره، ويوقفه عن سلوكه، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ ﴾ [ المجادلة: 10]، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم الثلاثة أن يتناجى اثنان منهم دون الثالث؛ لأن ذلك يحزنه.


فالحزن ليس بمطلوب، ولا مقصود، ولا فيه فائدة، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ وَالحَزَنِ»، فهو قرين الهم، والفرق بينهما: أن المكروه الذي يرد على القلب، إن كان لما يُستقبل أورثه الهم، وإن كان لما مضى أورثه الحزن، وكلاهما مضعف للقلب عن السير، مُفتر للعزم.


قال تعالى عن أهل الجنة إذا دخلوها: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ [فاطر: 34]، فهذا يدل على أنهم كان يصيبهم في الدنيا الحزن، كما تصيبهم سائر المصائب التي تجري عليهم بغير اختيارهم.


وأما قوله تعالى: ﴿ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ﴾ [التوبة: 92]، فلم يمدحوا على نفس الحزن، وإنما مُدحوا على ما دل عليه الحزن من قوة إيمانهم، حيث تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعجزهم عن النفقة، ففيه تعريض بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلفهم، بل غبطوا نفوسهم به.


وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلَا نَصَبٍ، وَلَا سَقَمٍ، وَلَا حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلَّا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ»[3]. فهذا يدل على أنه مصيبة من الله يصيب بها العبد، يكفر بها من سيئاته، لا يدل على أنه مقام ينبغي طلبه واستيطانه.


وكان صلى الله عليه وسلم دائم البِشْر، ضحوك السِّن، كما في وصفه «الضَّحُوكُ القَتَّالُ» صلوات الله وسلامه عليه»[4].


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نَهَى عنه في مواضع، وإن تعلق أمر الدين به، كقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [ آل عمران: 139].


وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ﴾ [النحل: 127]، وقوله تعالى: ﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، وذلك لأنه لا يجلب منفعة، ولا يدفع مضرة، ولا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به، نعم لا يأثم صاحبه إذا لم يقترن بحزنه محرم، كما يحزن على المصائب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ»[5].


ومنه قوله تعالى: ﴿ وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [يوسف: 84].


وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه، ويُحمد عليه، ويكون محمودًا من تلك الجهة، لا من جهة الحزن، كالحزين على مصيبة في دينه، وعلى مصائب المسلمين عمومًا، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير، وبغض الشر وتوابع ذلك، ولكن الحزن على ذلك إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبر والجهاد، وجلب منفعة، ودفع مضرة منهي عنه»[6].


وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من أصابه حزن إلى هذا الدعاء، فروى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا»، قَالَ: فقيل: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا نَتَعلمُهَا؟ قَالَ: «بَلْىَ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا»[7].


«وهنا يسأل المؤمن ربه أن يجعل القرآن لقلبه كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، وأن يجعله شفاء همه وغمه، فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله، وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية وغيرها، فأحرى بهذا العلاج إذا صدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه، ويعقبه شفاءً تامًّا، وصحة وعافية. والله الموفق»[8].


ومما يخفف من الحزن أيضًا ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تأمر بالتلبين للمريض وللمحزون على الهالك، وكانت تقول: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إِنَّ التَّلْبِينَةَ تُجِمُّ فُؤَادَ الْمَرِيضِ، وَتَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ»[9].


ولا يدخل أحد النار حتى يرى مقعده من الجنة لو أحسن ليزداد حزنًا وكمدًا، روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَدْخُلُ أَحَدٌ الْجَنَّةَ، إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ لَوْ أَسَاءَ لِيَزْدَادَ شُكْرًا، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ، إِلَّا أُرِيَ مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ لَوْ أَحْسَنَ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً»[10].


وقد نهى الله نبيه عن الحزن على الكفار، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [لقمان: 23]، وقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ [النحل: 127].

وقال تعالى: ﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [فاطر: 8].

وقال تعالى: ﴿ فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾ [يس: 76].


وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ ﴾: قال الشيخ عبدالرحمٰن بن سعدي: «لأنك أديت ما عليك من الدعوة والبلاغ، فإذا لم يهتد فقد وجب أجرك على الله، ولم يبق للحزن موضع على عدم اهتدائه؛ لأنه لو كان فيه خير لهداه الله، ولا تحزن أيضًا على كونهم تجرأوا عليك بالعداوة، ونابذوك المحاربة، واستمروا على غيهم وكفرهم، ولا تتحرق عليهم بسبب أنهم ما بودروا بالعذاب، فإن ﴿ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ﴾ من كفرهم، وعداوتهم، وسعيهم في إطفاء نور الله، وأذى رسله ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ التي ما نطق بها الناطقون، فكيف بما ظهر وكان شهادة؟ ﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ﴾ في الدنيا ليزداد اثمهم، ويتوفر عذابهم ﴿ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ ﴾ أي نلجئهم ﴿ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ أي انتهى في عظمه وكبره وفظاعته وألمه وشدته»[11].


وقد نفى الله تعالى عن المؤمنين الخوف والحزن في الآخرة، ووعدهم كذلك بالسعادة في الدنيا ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ﴾ [النحل: 97]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [يونس: 63]. وأولها عند قبض أرواحهم، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30]. وفي القبر ما يبشر به من رضا الله والنعيم المقيم.


وأما في الآخرة، فقد قال تعالى «﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، قال القرطبي رحمه الله: «أي لفقد الدنيا، وقيل: ﴿ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: أي من تولاه الله تعالى وتولى حفظه وحياطته، ورضي عنه، فلا يخاف يوم القيامة ولا يحزن، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا ﴾ - أي عن النار - ﴿ مُبْعَدُونَ ﴾، إلى قوله: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 101-103]»[12]، وقال تعالى: ﴿ يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ ﴾ [الزخرف: 68].


قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تعليقه على قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾ الآية [المجادلة: 10]: «والله تعالى إنما أخبرنا بذلك من أجل أن نتجنب هذا الشيء، ليس مجرد إخبار أن الشيطان يريد إحزاننا، المراد أن نبتعد عن كل ما يحزن؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ»[13]، من أجل أن ذلك يحزنه، فكل ما يجلب الحزن للإنسان فهو منهي عنه؛ لذلك اجعل هذه نصب عينيك دائمًا أن الله يريد منك أن تكون دائمًا مسرورًا بعيدًا عن الحزن»[14].


ومنمضارالحزن:

1- إهلاك النفس بدون جدوى، وفي الحديث: «...لَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا! وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ»[15].


2- أنه من الشيطان وهو أحب شيء إليه كما في الآية: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا... ﴾ الآية [المجادلة: 10].


3- الركون إلى الحزن مثبط عن العمل الصالح، ومفتر للعزم، ودليل على الضعف، والمؤمن مأمور بالعمل، قال تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ﴾ [التوبة: 105]، وقال تعالى: ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 26].


4- الأضرار الصحية التي تنتج عن الحزن، الأضرار على البدن، والعقل كما ذكر ذلك الأطباء.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

[1] برقم 2893.

[2] فتح الباري (6 /36)، (11 /174) بتصرف.

[3] رواه مسلم برقم 2573.

[4] مدارج السالكين (3 /377-378) باختصار وتصرف.

[5] صحيح البخاري برقم 1304، وصحيح مسلم برقم 924.

[6] التحفة العراقية في الأعمال القلبية، ص42-43 باختصار.

[7] سبق تخريجه ص199.

[8] زاد المعاد (4 /190).

[9] برقم 5689.

[10] برقم 6569.

[11] تيسير الكريم الرحمٰن ص 910.

[12] تفسير القرطبي رحمه الله (11 /16).

[13] رواه البخاري برقم 6288.

[14] شرح كتاب بلوغ المرام (3 /532) بتصرف واختصار.

[15] صحيح مسلم برقم 2664.

 

د. أمين بن عبدالله الشقاوي
شبكة الاوكة

 

 

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
خُلُق التفاؤُلِ
(من دروس رمضان )


رمضان مِن العبادات التي تربي في نفوسنا خُلق التفاؤل، فقبل رمضان نعصي الله، ويأتي رمضان ليعطينا الأمل، ويبشرنا بمغفرة الذنوب، ونعيش رمضان بالأمل والبشارات القرآنية والنبوية، ويمضي رمضان وقد غفر الله لمن صامه حق الصيام، وقامه حق القيام.


و صيام هذا الشهرِ يعلِّمك الصَّبر وضبطَ جوارحك وأعصابك؛ لأن نفسَ الإنسان أمَّارةٌ بالسُّوء، وتنزغه بين الفينة والأخرى، وهذا الشهر فرصةٌ سانحة للتدريب ولجم جماح نفس الإنسان، التي قد تتفلَّت منه من حيث لا يدري.


 
ونحن بصدد سورة من سور القرآن الكريم، ضربت المثل العالي في تربية الأمل وعدم اليأس؛ فسورة سيدنا يوسف عليه السلام قدَّمت لنا أنموذجًا فريدًا في الثقة بالله وعدم القنوط، فبعد أن فَقدَ سيدنا يعقوب الابن الثاني - بنيامين - بعد فقدِه أخاه يوسف، لم ييئس لحظةً، ولم يقنط، فقال لبنيه: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].
هل بعد هذا الأمل أمل؟! وهل بعد هذه الثقة ثقة؟! وهو - أي سيدنا يعقوب - صاحب الألم، وفاقد الولد، يدعو لعدم اليأس.
 

تأملات في سورة يوسف:
عندما فقد يعقوب ولده - يوسف - كان جوابه: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، ولما فقَد الولد الثاني - بنيامين - قال: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 83]، فالآية الأولى رقم (18)، والآية الثانية رقم (83)، فبينهما: 65 آية، والآية التي جاءت بالبشارة والأمل: ﴿ فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 96]، هي الآية رقم (96).
وعددُ الآيات بين غياب يوسف وبشارة يعقوب: (78) آية، والمدة الزمنية مِن وقت غياب يوسف لحين عودته: ثمانون سنة، وقيل: غير ذلك[1].
والشاهد: أنه مهما طالت المدة، وامتد الأجل، فكُنْ صاحب أمل.
 
إن التشاؤم من أخلاق الجاهلية؛ ولذلك حذرنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: ((لا طِيَرة، وخيرُها الفألُ))، قيل: يا رسول الله، وما الفأل؟ قال: ((الكلمة الصالحة يسمَعُها أحدكم))[2]، وكان التفاؤل مما يعجب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال أبو هريرة: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعجِبه الفأل الحسَن، ويكرَه الطِّيَرة)[3].
 
وعلَّم أصحابه رضي الله عنهم أن يستبشروا بالخير دائمًا، ولا ييئسوا؛ فمِن بين وصاياه ما جاء عن أبي موسى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعَث أحدًا من أصحابه في بعض أمره، قال: ((بشِّروا ولا تنفِّروا، ويسِّروا ولا تعسِّروا))[4].
 
بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُغيِّر أسماء الأشخاص والأماكن على سبيل التفاؤل؛ عن سعيد بن المسيَّب: أن جده حزنًا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((ما اسمك؟))، قال: اسمي: حزنٌ، قال: ((بل أنت سهلٌ))، قال: ما أنا بمغيرٍ اسمًا سمانيه أبي، قال ابن المسيَّب: (فما زالَتْ فينا الحزونةُ بعدُ)[5].
 
ومنه كثير في السنة النبوية؛ فزينبُ كان اسمها برَّةَ، فقيل: تزكي نفسها، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، وغيَّر اسم رجلٍ كان اسمه العاص، فسماه مطيعًا، وغيَّر اسم عاصية وقال: ((أنتِ جميلة))، وكان لا يتطير من شيءٍ، غيرَ أنه كان إذا أراد أن يأتي أرضًا سأل عن اسمها، فإن كان حسنًا، رُئِيَ البِشرُ في وجهه، وإن كان قبيحًا رُئِيَ ذلك في وجهه، وغيَّر عمرُ اسم (قليل)، وقال: أنتَ كثيرُ بن الصلت.
 

التفاؤل في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم:
لما شارَف رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، لقيه أبو عبدالله - بريدة بن الحصيب الأسلمي - في سبعين مِن قومه مِن بني سهم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أنت))؟ قال: بريدة، فقال لأبي بكر: ((برد أمرنا وصلَح))، ثم قال: ((ممن))؟ قال: مِن أسلم، فقال لأبي بكر: ((سلمنا))، ثم قال: ((مِن بني من))؟ قال: من بني سَهْم، قال: ((خرج سهمُك يا أبا بكر))، فقال بريدة للنبي صلى الله عليه وسلم: من أنت؟ قال: ((أنا محمد بن عبدالله، رسول الله))، فقال بريدة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، فأسلم بريدة وأسلم مَن كان معه جميعًا، قال بريدة: الحمد لله الذي أسلم بنو سَهْم طائعين غير مكرهين[6].
 
وعن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يومٌ كان أشد من يوم أحدٍ، قال: ((لقد لقيتُ مِن قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبدياليل بن عبدكلالٍ، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ، ثم قال: يا محمد، فقال، ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده، لا يشرك به شيئًا))[7].
 
كانت الطائف ثاني أعظم مدينة في الجزيرة العربية بعد مكة المكرمة، وامتازت بالكثافة السكانية والتجارة العربية، وكان مِن بينها قبيلة ثَقِيف، القبيلة القوية المعروفة، فلما ارتدت الجزيرة العربية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يثبت إلا ثلاثُ مُدن وقرية واحدة، وهي: المدينة، ومكة، والطائف، وقرية بشرق الجزيرة العربية.
 
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده)) قد تحقَّق بعد سنين طوال، فأخرج الله من أصلابهم: خالد بن الوليد، عمرو بن العاص، أبا حذيفة بن عتبة، عكرمة بن أبي جهل، فأسلموا بعد ذلك.
 
عن البراء بن عازبٍ، قال: لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفِرَ الخندق، عرَض لنا في بعض الجبل صخرةٌ عظيمةٌ شديدةٌ، لا تدخل فيها المعاول، فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه، وقال: ((باسم الله))، ثم ضرب ضربةً فكسر ثلثها، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحُمْر الساعة))، ثم ضرب الثانية فقطع ثلثًا آخر، فقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض))، ثم ضرب الثالثة فقال: ((باسم الله))، فقطع بقية الحجر، وقال: ((الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء))[8].
وإني لأرجو الله حتى كأنني *** أرى بجميلِ الظنِّ ما اللهُ صانعُ
 
وهذا دعاء مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لصرف الأحزان والهموم، ودفع اليأس والقنوط؛ عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: دخل رسول صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ المسجد، فإذا هو برجلٍ مِن الأنصار، يقال له: أبو أمامة، فقال: ((يا أمامة، ما لي أراك جالسًا في المسجد في غير وقت الصلاة؟))، قال: همومٌ لزمتني وديونٌ يا رسول الله، قال: ((أفلا أعلِّمك كلامًا إذا أنت قلتَه أذهَب الله عز وجل همَّك، وقضى عنك دَيْنَك؟))، قال: قلت: بلى يا رسول، قال: ((قل إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ: اللهم إني أعوذ بك مِن الهمِّ والحزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدَّيْن، وقهر الرجال))، قال: ففعلتُ ذلك، فأذهَب الله عز وجل همي، وقضى عني دَيني[9].
 
ألا بُعدًا لليأس والتشاؤم، ومرحبًا بالأمل والتفاؤل؛ فشتانَ بين المتفائِل والمتشائِم؛ فالمتفائل يقول: إن كأسي مملوءة إلى نصفها، والمتشائم يقول: إن نصف كأسي فارغة.
فكم لله مِن لطفٍ خفي
يَدِقُّ خَفاه عن فهمِ الذَّكِيِّ
وكم أمرٍ تُساءُ به صباحًا
فتأتيك المسرَّةُ في العشِيِّ
وكم يُسْرٍ أتى مِن بعدِ عُسْرٍ
ففرَّج كُرْبةَ القلبِ الشَّجِيِّ
إذا ضاقَتْ بك الأحوالُ يومًا
فثِقْ بالواحدِ الأحدِ العَلِيِّ


وصية عملية:
أحسِنِ الظنَّ بربك دائمًا، فلو أحسنتَ الظنَّ، لرأيتَ الحياةَ جميلةً، وسترى مستقبَلَك بقدرِ تفاؤلِك وحُسنِ ظنِّك.



[1] قيل: بين غياب يوسف وبين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وقيل: ثلاث وثمانون سنة، وقال آخرون: ثمان عشرة سنة، وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نحوها؛ انظر: تفسير الطبري، (ج16، ص274، 275) بتصرف.

[2] البخاري (5755)، مسلم (2223).

[3] ابن ماجه (3536)، وقال الشيخ/ شعيب الأرناؤوط: صحيح.

[4] مسلم (1732).

[5] البخاري (6193).

[6] سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي، (ج3، ص251، 252)، تحقيق: الشيخ عادل أحمد عبدالموجود، الشيخ علي محمد معوض، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1/ 1414 ه = 1993 م.

[7] البخاري (3231)، مسلم (1795).

[8] مسند أحمد (18694)، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (ج7، ص397)، وقال: ووقع عند أحمد والنسائي في هذه القصة زيادة بإسنادٍ حسَن عن البراء.

[9] أبو داود (1555)، وضعفه الأرناؤوط.


الشيخ أحمد علوان
شبكة الالوكة
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×