اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

الدين مبني على الوازع الداخلي

المشاركات التي تم ترشيحها

photos_1A47572F-BB5D-4664-8AE1-0E72D916C

العبادات في الديانات الوضعية الوثنية طقوسٌ لا معنى لها إطلاقاً، حركاتٌ، وإيماءاتٌ، وتمتماتٌ لا تعني شيئاً،ولكن العبادات في الإسلام عباداتٌ معللةٌ بمصالح الخلق، قال تعالى:
﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ ﴾[ سورة العنكبوت: 45 ]

تنهى نهياً ذاتياً، وأروع ما في الدين هذا النهي الذاتي ـ الوازع الداخلي ـ
مثل بسيط: أعرابيٌ راعي غنم، أراد ابن عمر ـ كما تروي الروايات ـ أن يمتحنه فقال له: بعني هذه الشاة وخذ ثمنها. قال: ليست لي. قال: قل لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب. قال: ليست لي. قال: خذ ثمنَها. قال: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها ماتت أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادقٌ أمين، ولكن أين الله؟
فعظمة هذا الدين كله مترَكِّزة في الوازع الداخلي، رجل أعطاني ورقةً، أو وضع على طاولتي ورقة قبل سنوات، وأنا محتفظٌ بها، قال: والله أديت لورثةٍ عشرين مليوناً لا يعلمون عنها شيئاً، ولست مُداناً في الأرض بها، ولا محاسباً عليها، ولا مطالباً بها، ها هو الوازع الداخلي. أعظم شيءٍ في الدين، الوازع الداخلي، فقد تجد إنساناً في رمضان، وفي الحمام، والماء بارد كالزلال، وهو صائم، هل يستطيع أن يدخل في فمه قطرةً واحدة؟ فمن يراقبه؟
الله جل جلاله، فلا تجد إنساناً يمكن أن ينضبط كالمؤمن، لأن الله معه، أما اجعل الضبطَ ضبطاً خارجيّاً، فمستحيل.


الدين مبني على الوازع الداخلي :
لو تخيلنا أنه ليس في الإسلام قيَم، وأراد أولو الأمر أن يفرضوا الصيام من أجل صحة الناس، ونقاء أجسامهم، فهل يستطيع ولي أمر المسلمين في أي زمانٍ أو مكان أن يحقق هذا الأمر؟ طبعاً الإنسان لا يشرب أمام الناس، أما إذا دخل بيته فيشرب، ويأكل، ويفعل كل شيء، فما هذا الدين الذي يجعل الإنسان مراقباً وهو في فراشه، أو بيته، أو في أداء حاجاته؟
إنّه الدين، الدين مبني على الوازع الداخلي، أساس هذا الوازع:

﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ﴾[ سورة العنكبوت: 45 ]

أما في بلاد الغرب، بلاد الرُّقي، فكل هذا الرقي ضبطٌ خارجي ـ ضبط إلكتروني ـ سوق فيه ألوف الملايين من البضائع، وخمس موظفين على أبواب هذا السوق، فأيةٍ سلعةٍ لم يدفع ثمنها تصدر صوتاً، فيلقى القبض على هذا الإنسان المحتال، فما دام أية سلعة في هذا السوق الكبير إن لم تدفع ثمنها، وتلغي تأثير هذه المادة، وأنت خارج تصدر صوتاً كبيراً، إذاً استقامة الناس هناك أساسها الرادع الخارجي، فهنا الفرق الكبير بين المسلم وبين الإنسان المدني المنضبط بالقوانين، إنسان ينضبط بالقوانين لأن هناك أدوات مراقبة عالية جداً، لكن عندما انقطعت الكهرباء في نيويورك، تمت مئتا ألف سرقة بقيمة اثنين بليون دولار، انقطعت الكهرباء فانقطع الرادع، وانقطعت المراقبة، وانتهى الأمر، أمّا نظام الإسلام فمبني على الوازع، ونظام العلمنة مبنيٌ على الرادع الخارجي، وشتان بين الوازع والرادع، السرعة مثلاً محددة في أمريكا، ما هو الرادع الذي يكشفها؟
أجهزة رادار موضوعة على أطراف الطرق، لكن الإنسان أذكى من واضع القانون، فاخترع جهازاً يطلق لمركبته العنان إلى سرعة مئتي كيلو متر في الساعة، وهو يحمل في السيارة جهازاً يصدر أصواتاً قبل جهاز الرادار، فيخفف السائق السرعة إلى السرعة المطلوبة، فجهاز الضبط الذي صنعه أولو الأمر ألغي بجهازٍ مقابل، فلا بدّ لأولي الأمر من أن يصنعوا جهازاً يكشفون ما في المركبات من أجهزة، وهذه معركةٌ لا تنتهي، فواضع القانون ذكي، والمواطن أذكى، وهي معركة بين واضع القانون، وبين الذي يُطبَّق عليه، والقضية لا تنتهي، أما في الإسلام فالمشرِّع هو الله..

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾
[سورة الحديد: 4 ]
انتهى الأمر.

راتب النابلسى
موسوعة النابلسى للعلوم الاسلامية


images?q=tbn:ANd9GcR8GzDcLsT6hphWGVWNBVW

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×