اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

تغريدات د.طارق هشام مقبل

المشاركات التي تم ترشيحها

1-كانوا يقولون إن القرآن يُفسّره لسانُ الزمان.. أي تكشف الأحداثُ عن وجوهٍ جديدة من تفسيره.. وأُضيف: تجاربك الشخصية.. وخبراتك الخاصة.. تُفسّر لك القرآن.. وتكشفه لك بشكل خاص..
 
2-من معاني الاستخارة: "وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر [..] فاصرفه عني واصرفني عنه"؛ أي لا تعلق قلبي به.. ولعل من هذا المعنى قولهم في ﴿يُغن الله كلا من سعته﴾ "هو النسيان، وأن يكون الأمرُ كأن لَمْ يكن".. ومثله الدعاء: اللهم ما زويت عني ممَا أُحِبّ.. فَاجعَلهُ فراغا لي فيما تُحِبّ..
 
3-رحم الله امرأً عرفَ قدر نفسه.. رحم الله امرأً عرف حدود علمه.. رحم الله امرأً قال: لا أدري.. ورحم الله امرأ لم يجرّه قبولُ الناس له للكلام في كل شيء؛ كان المسيح عيسى واضحا جدا عندما قال لقومه ﴿ولأُبيّن لكم (بعضَ) الذي تختلفون فيه﴾.. أي: بيّن لهم أنه لن يفتيَ في كل شيء..
 
4-إذا كانتْ المبادئُ وحدها لا تردع المرءَ عن الإساءة للغير.. فلا أقلّ من أن يتذكرَ دوران الأيام ﴿وتلك الأيامُ نُداولِها بين الناس﴾.. وأن الذين أخذ حقهم اليوم ﴿في غيابت الجبّ﴾.. قد يحتاج لهم غدا ﴿يا أيها العزيز: مسّنا وأهلنا الضرّ﴾..
 
5-قد يتعلقُ الإنسانُ بالأشياء التي ترافقه.. فتصير جزءا منه.. كأني ألمح هذا المعنى في ردّ موسى.. لما سُئل عن العصا؛ فقال: ﴿هي عصاي؛ أتوكأ عليها، وأهش بها على غنمي، ولي فيها مآربُ أخرى﴾.. صارت بينهما "عِشرة".. وعلاقة وانتماء.. وإذا كان هذا مع الأشياء.. فكيف بالأرواح.. والقلوب..
 
6-حتى لو كنت تُحب عملَك.. تعشقُ تخصصك.. وتجدُ نفسك في مجالك؛ لن تخلو من لحظات حزن بسببه ﴿قد نعلم إنه ليحزنك﴾.. بل وربما إحباط شديد ﴿فلعلك باخع نفسك﴾.. حينها لا تملك إلا الصبر ﴿فاصبر صبرا جميلا﴾.. وتأمل الغد الأجمل ﴿إن مع العسر يسرا﴾..
 
7-أُحِبّ أن أَفْهمَ هذه الآية الجليلة ﴿وإن يتفرقا؛ يُغْن اللهُ كلا من سعته﴾ بدلالتها الواسعة.. المتجاوزة للطلاق والعلاقة الإنسانية.. هي، برأيي، رمزٌ للخروج من التجارب المريرة.. وأنت أفضل.. وأقوى.. ألتمس ذلك من ﴿يُغْنِ اللهُ كلا من سعته﴾.. كأن السعة الإلهية تنقلك إلى حالة أفضل..
·
 
8-الإلهام.. قد يأتي بلا فكر طويل.. أو تأمّل عميق.. الإلهام قد ينبعث من لحظة حضور.. أو نظرة خاطفة.. ﴿فنظر "نظرةً" في النجوم﴾.. وسبيل ذلك المجيءُ إلى الله ﴿بقلبٍ سليم﴾..
 
9-رُبّ كلمة لا تُلقي لها بالا.. تعيشُ في قلب أحدهم.. العمرَ كله..
 
10-كان عليه أن يتعرّف على نفسه أولا.. ويعطيها حقها ﴿قم الليل﴾.. كي يستطيع أن يبذل للناس وينفعهم ﴿إن لك في النهار سبحا طويلا﴾..
 
11-"أنا عند ظن عبدي بي".. المفزع في ظلمات العالم.. الروح التي تسري.. والمعنى الذي لا يخيب.. لا يغيب.. ولا يخذل..
 
12-قراءتي لسورة الضحى.. هي مثل التذكير بالأشياء التي صنعتك.. الوحدة والغربة ﴿ألم يجدك يتيما﴾.. الحيرة ﴿ووجدك ضالا﴾.. وقسوة الحياة ﴿ووجدك عائلا﴾.. لولاها لما كنت أنت.. والماضي ليس شيئا تستحي منه.. ليست السورة دعوةً للحنين.. بقدر ما هي نظرٌ للمستقبل.. ولقد مننّا عليك مرة أخرى..
 
13-أحداث كثيرة.. عادية في نظرك.. تترابط فجأة.. لتجتمع في لحظة.. في شيء واحد جليل.. فكرة واحدة.. حدث واحد.. يصبح هو "قدرك".. كانت الطرق كلها تؤدي إليه.. ﴿ثمّ جئتَ على قدر﴾..
 
14-القرآنُ كتابٌ وجيزٌ مختصر.. ليس من السّهل أن يُفْرِدَ مساحةً لأحد.. شروطُ القرآن صعبة..! لا تنسَ هذا وأنت تقرأ ﴿إذ "تمشي" أختك﴾؛ لقد سجّل "خطواتِ" أخت موسى.. وخلّدها في التاريخ.. لأنها سَعَتْ في جبر الخواطر: ﴿فرجعناك﴾.. لم ينس لها القرآنُ الجميلَ.. والبرّ لا يبلى..
 
15-في أحد أكثر المواقف إيلاما للإنسان.. قضية تمسّ السمعة والعائلة والمستقبل.. كان جوابُ القرآن ﴿لا تحسبوه شرا لكم؛ بل هو خير لكم﴾.. ومن هذا الباب فهم بعض العلماء "لنا" في قوله ﷻ ﴿لن يُصيبَنا إلا ما كتب اللهُ لنا﴾؛ أي كتبه لأجلنا.. فهو خير لنا..
 
16-حين أتأمل احتواء شعيب لموسى ﴿قال: لا تخف؛ نجوت﴾؛ أتذكر دافعَ الأستاذ مطاوع للعطاء: "لكنّي أعرفُ -على الأقل- عُمقَ الألم .. بل والخجل الّذَيْنِ يحسُ بهما الإنسانُ حين يُصدمُ بأنّ مشاعرَه وأحزانَه لم تلقَ ما تستحقّهُ من الاحترام عند من توجَّهَ بها إليه .. وطلبَ منه عونَهُ عليها."
 
17-صمتك.. ليس بالضرورة لأنك لا تملك جوابا.. أو لأنك في موقف ضعيف.. كلا.. تصمت وفاءً لعهد سابق.. تصمت صلةً وبِرّا.. تصمت رحمةً وشفقةً.. تصمت لأن الأخلاق العليا خير.. تصمت لأنك تسأل الله دائما أن يُعرّفك القضايا التي تستحقّ.. ﴿فأسرّها يوسف في نفسه، ولم يُبدها لهم﴾..
 
18-نكون أقرب لإنسانيّتنا.. وأكثر تصالحا مع الذات والآخرين.. حين ندركُ أن التقلبَ سنة الحياة.. وأن اضطراب المشاعر واختلاطها من صميم تكوين الإنسان ﴿وأَنه هو أضْحك وأبكى﴾..
 
19-من سعادة المرء.. أن يسلك الطريق الصحيح مع من يُحب.. ذلك أكثر أمانا.. مع الصديق في المكان المناسب.. أستشف هذا المعنى -على بعد- من إشارة قول بلقيس: ﴿وأَسلمت "مع سليمان" لله﴾.. وكأنها تقول: "أريد هذا الطريقَ.. معه".. ومن هذا الباب قول الصحابي للحبيب ﷺ "أسألك مرافقَتَك في الجنة"..
 
20- نجد ارتباطا بديعا بين "العين" وبين "القرب" في القرآن.. هناك اتصال لطيف بينهما.. يقول ﷻ للحبيب ﷺ ﴿فإنك "بأعيننا"﴾.. ويُعبّرُ عن عنايته بموسى بقوله ﴿ولتصنع على "عيني"﴾.. والحنانُ الذي يكتنف مريم تختصره آيةُ ﴿وقرّي "عينا"﴾..
 
21-﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ صدقٌ وثقة واحترام.. ﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ وضوح ومبدأ.. ﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ اتزان وهدوء.. ﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ احترام للخصوصية ومساحة آمنة.. ﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ ظنّ جميل.. ﴿وأتوا البيوتَ منْ أبوابها﴾ منهجُ حياة..
 
22-أشعر أنه مهما تَعلّم الإنسان وقرأ.. ومهما بلغ من درجات العلم.. فلا بد له من "مرشد" حكيم.. رحيم.. ذي تجربة.. يأخذ بيديه.. موسى والخضر نموذجا..
 
23-أؤمنُ بهذه الآية كثيرا ﴿والطّيّبونَ للطيّبات﴾.. بِعُمومها المتجاوز.. في العلاقات.. الأفكار.. المشاريع.. المحبة.. في رحلة الحياة..
 
24--قيل في تفسير ﴿والسماء ذاتِ الحُبُك﴾؛ إنّ الحبكَ هي الطرقُ والمساراتُ في السماء.. ثم هذه الطرقُ قد تكون طرقا معنويةً تُدْركُ بِعين البصيرة.. وتقودُ للعالَمِ الأعلى.. فَأَرْنا يا الله طُرُقَك..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
-﴿كذلك كنتم من قبل؛ فَمَنّ اللهُ عليكم﴾ آيةٌ توضعُ بين العينَين.. تذكيرٌ دائم بالأيام الأولى.. كيف كنت.. وأين صرت.. هو محضُ توفيق.. تخفض جناحَ القلب.. تشهدُ منةَ الله عليك.. ولا ترى نفسك "على" أحد.. والله هو الغني الحميد..

 

-"في حديثٍ—يظهر أنه ضعيفٌ—؛ يقول النبي ﷺ: "إنَّ أسرَعَ الدّعاءِ إجابةً دعوةُ غائبٍ لغائبٍ".. نعم؛ الحديث قد لا يصِح.. ولكنّ فكرته آسرة.. الدعاء في ظهر الغيب دليلٌ على الرابطة الروحية العالية.. المودة الصادقة المتجاوزة.. وإنْ كنت لا تدري فإنني أذْكُرك.. أنا معك في غيبتك
·

 

-يُعلمني قولُهم ﴿إنْ يسرق؛ فَقَدْ سرق أخٌ له من قبل﴾؛ أنّ للإنسان قدرةً غريبة على التبرير الفوري أيا كان، واختلاق الروابط غير المنطقية.. وهناك كذلك درس بعيدٌ يلوح في هذه الآية: الإنسان ليس مسؤولا عما اقترفه أقرباؤه.. فلا تقيسوه عليهم.. ليسوا سواء.. ولا تزر وازرةٌ وِزْرَ أخرى..

 

-لشيءٍ ما.. كانت الأخلاقُ طريقَ العلمِ، الفتحِ، والعطاء الإلهي.. في الحديث يقول ﷺ، ما معناه، إِنّ اللّهَ يُعْطي على الرّفق ما لا يُعْطي عَلى مَا سوَاهُ.. و أُمِرَ موسى بِخَلْع النّعْلينِ حين كلّمَ ﷻ ﴿فاخلَعْ نعليك﴾.. العلمُ ينحازُ للأخلاقِ.. الخُلُق الكريم يختصر عليك الكثير..

 

-أتى قولُه ﷻ: ﴿وأنا اخترتُك﴾، وهو تعبير بليغ عن المحبة.. قبل الأمر الإلهي: ﴿فاسْتَمِعْ﴾.. إذا علمَ الإنسانُ مكانتَه ومنزلَته.. هانَ عليه ما يلقاه.. وكان ذلك أدعى لأن يستجيب ويصبر.. ومن هنا ألمحُ أهمية "التعبير" عما في القلب.. إنه يعني الكثير..

 

-الاستمرارُ (وربما الإصرار كذلك) خيارٌ مناسبٌ حين يكون لوجودك "معنى".. حين تضيفُ لنفسك أو لغيرك شيئا.. وأما ألا تَأْنسَ، ولا تُؤْنَس؛ فقد تكون تلك علامة على أنه من الأجدر أن ترحل.. ولا تستنزف روحَك.. تأمّل قولَهُ ﷻ في سياق دخول البيوت ﴿حتى تَستأنِسوا﴾..

 

·
-طلب يوسفُ من إخوته المجيءَ بأهلهم جميعا: ﴿وأتوني بأهلكم﴾، ولم يطلب الإتيانَ بأبيه، بل جزم بمجيئه: ﴿يأتِ بصيرا﴾، وذلك -كما يقول الألوسي- "وثوقًا بمحبته".. وشاهدُه الآخر: ﴿لا يستأذِنُك الذين يؤمنون﴾.. الذي يُحب يبادر من غير طلب.. وتلبي روحُه من غير دعوة.. الحبُ المحرك الأول..

 

-الفكرة التي يعتنقها المرء لا عن قناعة، ولكن بسبب ضغط ما، كتوقّعات المجتمع؛ فإنه سيتخلى عنها في أقرب فرصة للتحرر من إصرها، ولن يكون وفيا لها.. تأمل هذا المعنى في قوله ﷻ ﴿وما أكرهتنا عليه من السحر﴾، ولذلك كان شعيب يستغرب ويقول ﴿أوَلو كنا كارهين﴾؛ أي: لا إجبار في عالم الأفكار!

 

-التغاضي والتّنازل في أحيان كثيرة.. استبقاءً لِحبال المودّة.. وفاءً لسابق العهد.. وحفاظًا على الرابطة الإنسانية.. أَنْبلُ من التّمسك بحقّك والخروج بمظهر "المُنتصِر".. راحةُ البال أهنأ.. والحياة لا تستحق كل ذلك.. رَحِم الله رجلا سَمْحا.. ﴿ولا تنسَوا الفضلَ بينكم﴾..

 

-هناك نوع من الارتباط بين التدين والالتزام الأخلاقي، وبين الإحساس المرهف، الروح الشفيفة، ولين النفس.. تأمل قوله ﷻ ﴿وأن تعفوا أقرب للتقوى﴾، وتعليق ابن عاشور: "والقلب المطبوع على السماحة والرحمة أقرب إلى التقوى [..] وفي القلب المفطور على الرّأفة والسماحة لينٌ يَزَعُه عن المظالم."

 

-مِن الاعتراضات التي تُواجهك إذا قلت رأيا ما: "لم يقلْ بهذا أحدٌ قبلك"، أو "أول مرة أسمع به"؛ يا عزيزي: القبول أو الرفض لابد أن يُبنى على معايير علمية، لا الأسبقية والأولية؛ تأمّل كيف ذم القرآن الذين رفضوا شيئا "جديدا" لمجرد أنه ليس له "سلفٌ": ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾..
طارق

 

-في كلمات مُعبّرة عن سير الحياة.. كتب كانط: "بينما نحن نحلم، يقودنا قَدَرُنا الحقيقي في طريقٍ مختلف تماما. إن الذي نحصل عليه نادرا ما يُشبه ذلك الذي كنا نتَوقّعه".. وربك يخلق ما يشاء ويختار.. ما كان لهم الخيرة.. والله غالب على أمره.. ولكن أكثر الناس لا يعلمون..

 

-كان جرير -رضي الله عنه- يقول: "ولا رآني [أي: النبي ﷺ] إلا تَبَسّمَ".. جرير كالشخص الذي يدخل القلبَ مباشرة.. وبلا استئذان.. تبتسمُ برؤيته.. بسماع صوتِه.. بل بالتّفكير به.. الحياة بصحبة "جرير" أجمل.. وهنيئا لِمَن لهُ "جرير" في حياتِه..

 

-تَأمّلتُ الدعاءَ النبويَ.. فوجدتُ أنّ منْ أَجْمعِه.. وأكثرِه ثراءً.. قولَه ﷺ: "واجعلني نورا".. دعاءٌ يجمع الأمنيات.. ويختصر الطموحَ والآمالَ.. "وجعلنا له نورا"..

 

-أصدقُ مِعيارٍ للمَحبّة في القُرآن: سَعْيُك في أن يكون مَنْ تُحِبّ "إنْسانا أفضل".. بكلّ ما يعنيه ذلك.. وهو معنى مستفاد من مفهوم قوله ﷻ ﴿إنك لا "تهدي" منْ أَحْبَبْت﴾..

 

-مفتاح فهم القرآن: أن تقرأه كلَ مرّة وكأنها المرة الأولى.. تنظر إليه بِعَين جديدةٍ.. تَتَخلى -قدر المستطاع- عن تحيّزاتِك وقَناعاتك المسبقة في كل مرة.. تتناسى الإجابات الأولى.. وتُعيدُ اكتشافَ القرآنِ.. واكتشاف نفْسِك في كلّ قراءة..

 

-يُكَرّر علينا القرآنُ، في أكثر من سورة، تعاقُبَ الليل والنهار ﴿يغشي الليل النهار؛ يَطْلبُه حَثِيثا﴾.. وكأنه يقول لنا.. مهما يكن.. الحياةُ تَستمِر.. إن لم تظفر باليوم.. فربما تَكسِب الغدَ.. من خيبات الأمس إلى بشائر الفجر.. تلك الأيامُ نُداولها.. ﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدا﴾..

 

-شعورُ سيدنا موسى.. لما خرج خائفا يَتَرقب.. لا يعرفُ ما تخبئه له الأيام.. مُستقبل غامض.. ولا يعرف أين يتجه.. فدعا: "عسى ربي أن يهديني سواءَ السبيل".. دعاء عظيم..

 

-من نعيم الجنة "نزعُ الغل"؛ هذه الفكرة التي تتكرر مرتين ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل﴾ تدل على أن من نعيم الدنيا تصفية النفس، تطهير القلب تجاه الآخرين، والفرح بإنجازاتهم ولو كانوا أعلى؛ قيل في تفسير الآية إن الله يصفي قلوبهم حتى "إن صاحب الدرجة النازلة لا يحسد صاحب الدرجة الكاملة."

 

-شعورُ "وقع القرآن" وقت الحاجة.. سماع آية بشكل مفاجئ.. أو قراءتها بلا سابق ميعاد.. تَتنزل على قلبك عزاءً ونورا.. هذا "تقريبًا" ما حدث معه ﷺ حين نزلتْ عليه -في وقت صعب-: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾؛ فقال: "لقد أُنزلت عليّ سورةٌ لَهِي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمسُ"..

 

-قد يخطئ الإنسانُ من شدةِ الحُب.. فلا يؤاخذ.. بل يحتمي بالحبِ.. لما عُوتب موسى بكل لطف: ﴿وما أعجَلكَ عن قومك يا موسى؟﴾؛ كان "معنى" جوابِه ﴿وعجلتُ إليك ربّ لترضى﴾؛ هو: لأنني أُحِبّك يا ربّ.. وكفى بالمحبة من شفيعٍ..

 

-الإصرار على تحقيق الآمال مبدأ قرآني: في الكهف ﴿لا أبرح حتى أبلغ﴾، وفي نوح ﴿إني دعوتُ قومي ليلا ونهارًا﴾.. ولكنّ القرآن يرشدنا كذلك للتوقف حين لا تكون هناك جدوى من الاستمرار ﴿فأووا إلى الكهف﴾.. أو لا معنى في الإصرار ﴿وأعتزلكم﴾.. أن تتوقف عن الركض الطويل وتتساءل؛ ما الجدوى؟

 

·
-قيل إن الكنز ﴿وكان تحته كنز لهما﴾ كان لوحا مكتوبا عليه أشياء؛ منها: "وعجبتُ لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن".. ربما يكون القول بعيدا دلالةً، ولكنني مؤمن بأن هذا المعنى كنز.. فالتسليم لله "هو الطريقة الإنسانية الوحيدة للخروج من ظروف الحياة".. كما قال علي عزت.. والرضا باب الحرية الأعظم.

 

 

-﴿كذلك كنتم من قبل؛ فَمَنّ اللهُ عليكم﴾ آيةٌ توضعُ بين العينَين.. تذكيرٌ دائم بالأيام الأولى.. كيف كنت.. وأين صرت.. هو محضُ توفيق.. تخفض جناحَ القلب.. تشهدُ منةَ الله عليك.. ولا ترى نفسك "على" أحد.. والله هو الغني الحميد..
 

 

-"في حديثٍ—يظهر أنه ضعيفٌ—؛ يقول النبي ﷺ: "إنَّ أسرَعَ الدّعاءِ إجابةً دعوةُ غائبٍ لغائبٍ".. نعم؛ الحديث قد لا يصِح.. ولكنّ فكرته آسرة.. الدعاء في ظهر الغيب دليلٌ على الرابطة الروحية العالية.. المودة الصادقة المتجاوزة.. وإنْ كنت لا تدري فإنني أذْكُرك.. أنا معك في غيبتك
·

 

-يُعلمني قولُهم ﴿إنْ يسرق؛ فَقَدْ سرق أخٌ له من قبل﴾؛ أنّ للإنسان قدرةً غريبة على التبرير الفوري أيا كان، واختلاق الروابط غير المنطقية.. وهناك كذلك درس بعيدٌ يلوح في هذه الآية: الإنسان ليس مسؤولا عما اقترفه أقرباؤه.. فلا تقيسوه عليهم.. ليسوا سواء.. ولا تزر وازرةٌ وِزْرَ أخرى..
 

 

-لشيءٍ ما.. كانت الأخلاقُ طريقَ العلمِ، الفتحِ، والعطاء الإلهي.. في الحديث يقول ﷺ، ما معناه، إِنّ اللّهَ يُعْطي على الرّفق ما لا يُعْطي عَلى مَا سوَاهُ.. و أُمِرَ موسى بِخَلْع النّعْلينِ حين كلّمَ ﷻ ﴿فاخلَعْ نعليك﴾.. العلمُ ينحازُ للأخلاقِ.. الخُلُق الكريم يختصر عليك الكثير..
 

 

-أتى قولُه ﷻ: ﴿وأنا اخترتُك﴾، وهو تعبير بليغ عن المحبة.. قبل الأمر الإلهي: ﴿فاسْتَمِعْ﴾.. إذا علمَ الإنسانُ مكانتَه ومنزلَته.. هانَ عليه ما يلقاه.. وكان ذلك أدعى لأن يستجيب ويصبر.. ومن هنا ألمحُ أهمية "التعبير" عما في القلب.. إنه يعني الكثير..
 

 

-الاستمرارُ (وربما الإصرار كذلك) خيارٌ مناسبٌ حين يكون لوجودك "معنى".. حين تضيفُ لنفسك أو لغيرك شيئا.. وأما ألا تَأْنسَ، ولا تُؤْنَس؛ فقد تكون تلك علامة على أنه من الأجدر أن ترحل.. ولا تستنزف روحَك.. تأمّل قولَهُ ﷻ في سياق دخول البيوت ﴿حتى تَستأنِسوا﴾..
 

 

·
-طلب يوسفُ من إخوته المجيءَ بأهلهم جميعا: ﴿وأتوني بأهلكم﴾، ولم يطلب الإتيانَ بأبيه، بل جزم بمجيئه: ﴿يأتِ بصيرا﴾، وذلك -كما يقول الألوسي- "وثوقًا بمحبته".. وشاهدُه الآخر: ﴿لا يستأذِنُك الذين يؤمنون﴾.. الذي يُحب يبادر من غير طلب.. وتلبي روحُه من غير دعوة.. الحبُ المحرك الأول..

 

 

-الفكرة التي يعتنقها المرء لا عن قناعة، ولكن بسبب ضغط ما، كتوقّعات المجتمع؛ فإنه سيتخلى عنها في أقرب فرصة للتحرر من إصرها، ولن يكون وفيا لها.. تأمل هذا المعنى في قوله ﷻ ﴿وما أكرهتنا عليه من السحر﴾، ولذلك كان شعيب يستغرب ويقول ﴿أوَلو كنا كارهين﴾؛ أي: لا إجبار في عالم الأفكار!
 

 

-التغاضي والتّنازل في أحيان كثيرة.. استبقاءً لِحبال المودّة.. وفاءً لسابق العهد.. وحفاظًا على الرابطة الإنسانية.. أَنْبلُ من التّمسك بحقّك والخروج بمظهر "المُنتصِر".. راحةُ البال أهنأ.. والحياة لا تستحق كل ذلك.. رَحِم الله رجلا سَمْحا.. ﴿ولا تنسَوا الفضلَ بينكم﴾..
 

 

-هناك نوع من الارتباط بين التدين والالتزام الأخلاقي، وبين الإحساس المرهف، الروح الشفيفة، ولين النفس.. تأمل قوله ﷻ ﴿وأن تعفوا أقرب للتقوى﴾، وتعليق ابن عاشور: "والقلب المطبوع على السماحة والرحمة أقرب إلى التقوى [..] وفي القلب المفطور على الرّأفة والسماحة لينٌ يَزَعُه عن المظالم."
 

 

-مِن الاعتراضات التي تُواجهك إذا قلت رأيا ما: "لم يقلْ بهذا أحدٌ قبلك"، أو "أول مرة أسمع به"؛ يا عزيزي: القبول أو الرفض لابد أن يُبنى على معايير علمية، لا الأسبقية والأولية؛ تأمّل كيف ذم القرآن الذين رفضوا شيئا "جديدا" لمجرد أنه ليس له "سلفٌ": ﴿ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين﴾..


 

 

-في كلمات مُعبّرة عن سير الحياة.. كتب كانط: "بينما نحن نحلم، يقودنا قَدَرُنا الحقيقي في طريقٍ مختلف تماما. إن الذي نحصل عليه نادرا ما يُشبه ذلك الذي كنا نتَوقّعه".. وربك يخلق ما يشاء ويختار.. ما كان لهم الخيرة.. والله غالب على أمره.. ولكن أكثر الناس لا يعلمون..
 

 

-كان جرير -رضي الله عنه- يقول: "ولا رآني [أي: النبي ﷺ] إلا تَبَسّمَ".. جرير كالشخص الذي يدخل القلبَ مباشرة.. وبلا استئذان.. تبتسمُ برؤيته.. بسماع صوتِه.. بل بالتّفكير به.. الحياة بصحبة "جرير" أجمل.. وهنيئا لِمَن لهُ "جرير" في حياتِه..
 

 

-تَأمّلتُ الدعاءَ النبويَ.. فوجدتُ أنّ منْ أَجْمعِه.. وأكثرِه ثراءً.. قولَه ﷺ: "واجعلني نورا".. دعاءٌ يجمع الأمنيات.. ويختصر الطموحَ والآمالَ.. "وجعلنا له نورا"..
 

 

-أصدقُ مِعيارٍ للمَحبّة في القُرآن: سَعْيُك في أن يكون مَنْ تُحِبّ "إنْسانا أفضل".. بكلّ ما يعنيه ذلك.. وهو معنى مستفاد من مفهوم قوله ﷻ ﴿إنك لا "تهدي" منْ أَحْبَبْت﴾..
 

 

-مفتاح فهم القرآن: أن تقرأه كلَ مرّة وكأنها المرة الأولى.. تنظر إليه بِعَين جديدةٍ.. تَتَخلى -قدر المستطاع- عن تحيّزاتِك وقَناعاتك المسبقة في كل مرة.. تتناسى الإجابات الأولى.. وتُعيدُ اكتشافَ القرآنِ.. واكتشاف نفْسِك في كلّ قراءة..
 

 

-يُكَرّر علينا القرآنُ، في أكثر من سورة، تعاقُبَ الليل والنهار ﴿يغشي الليل النهار؛ يَطْلبُه حَثِيثا﴾.. وكأنه يقول لنا.. مهما يكن.. الحياةُ تَستمِر.. إن لم تظفر باليوم.. فربما تَكسِب الغدَ.. من خيبات الأمس إلى بشائر الفجر.. تلك الأيامُ نُداولها.. ﴿وما تدري نفس ماذا تكسب غدا﴾..
 

 

-شعورُ سيدنا موسى.. لما خرج خائفا يَتَرقب.. لا يعرفُ ما تخبئه له الأيام.. مُستقبل غامض.. ولا يعرف أين يتجه.. فدعا: "عسى ربي أن يهديني سواءَ السبيل".. دعاء عظيم..
 

 

-من نعيم الجنة "نزعُ الغل"؛ هذه الفكرة التي تتكرر مرتين ﴿ونزعنا ما في صدورهم من غل﴾ تدل على أن من نعيم الدنيا تصفية النفس، تطهير القلب تجاه الآخرين، والفرح بإنجازاتهم ولو كانوا أعلى؛ قيل في تفسير الآية إن الله يصفي قلوبهم حتى "إن صاحب الدرجة النازلة لا يحسد صاحب الدرجة الكاملة."
 

 

-شعورُ "وقع القرآن" وقت الحاجة.. سماع آية بشكل مفاجئ.. أو قراءتها بلا سابق ميعاد.. تَتنزل على قلبك عزاءً ونورا.. هذا "تقريبًا" ما حدث معه ﷺ حين نزلتْ عليه -في وقت صعب-: ﴿إنا فتحنا لك فتحا مبينا﴾؛ فقال: "لقد أُنزلت عليّ سورةٌ لَهِي أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمسُ"..
 

 

-قد يخطئ الإنسانُ من شدةِ الحُب.. فلا يؤاخذ.. بل يحتمي بالحبِ.. لما عُوتب موسى بكل لطف: ﴿وما أعجَلكَ عن قومك يا موسى؟﴾؛ كان "معنى" جوابِه ﴿وعجلتُ إليك ربّ لترضى﴾؛ هو: لأنني أُحِبّك يا ربّ.. وكفى بالمحبة من شفيعٍ..
 

 

-الإصرار على تحقيق الآمال مبدأ قرآني: في الكهف ﴿لا أبرح حتى أبلغ﴾، وفي نوح ﴿إني دعوتُ قومي ليلا ونهارًا﴾.. ولكنّ القرآن يرشدنا كذلك للتوقف حين لا تكون هناك جدوى من الاستمرار ﴿فأووا إلى الكهف﴾.. أو لا معنى في الإصرار ﴿وأعتزلكم﴾.. أن تتوقف عن الركض الطويل وتتساءل؛ ما الجدوى؟

 



من أقرب أسماء الله ﷻ لقلبي.. اسم الفتاح.. والذي له معنيان؛ أحدهما—كما يقول الرازي—"أنه الذي يفتح أبواب الخير".. وتأمل التقاءَ العلمِ بالفتح في ﴿وهو الفتاح العليم﴾؛ فهو يفتح لك ما يعلم أنه خير.. ومن هنا يتأكد سؤال الفتح للنفس ﴿فتحنا لك﴾.. ومع الناس ﴿افتح بيننا وبين قومنا﴾..


من أبلغ معاني بث الروح في الإنسان والنهوض بعد الفشل ﴿اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها﴾.. وتأمل هذه الرمزية في ﴿وترى الأرض هامدة﴾ الانطفاء والانكسار.. ﴿فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت﴾.. الاهتزاز إشارة لمعاناة الوقوف مرة أخرى.. ولكن النتيجة تستحق ﴿وأنبتت من كل زوج بهيج﴾..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جاء التطمينُ الإلهي.. في أحد أجمل صوره.. على طريقة ﴿ولقد مننا عليك مرةً أخرى﴾.. بمعنى: كما مضتْ تلك الأيام بِمُرّها.. ستمضي هذه المصاعب كذلك..

 

شتّان بين مَنْ ينسى بحارَ حسناتك، ولا يذكر إلا زلاتك اليسيرة.. وبين مَنْ لا يرى فيك إلا مواقفَك النبيلة.. أما الثاني فهو متشبهٌ بآثار صفات الله ﴿نتقبل عنهم "أحسن" ما عملوا﴾.. هنيئا لك به.. متى ما وجدته..

 

من هدايات للقرآن: أن ينظر الإنسان لما عنده من النعم، ألا يمد عينيه، وألا يكون هاجسه "المقارنة"؛ تأمّل: ﴿ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض﴾، والتي تشير -كما يذكر الرازي- إلى أنه ينبغي ألا يدعو الإنسان: "اللهم أعطني مثل ما عند فلان"، بل يقول: "اللهم أعطني ما يكون صلاحا لي."

 

قد يتحسر الإنسان على الأماني التي لم تتحقق.. الآمال التي لم تكتمل.. والدعاء الذي -في ظنه- لم يُستَجَب.. وقد تناول القرآن كل ذلك بإيجاز بديع في قوله ﷻ: ﴿ويدع الإنسان بالشرّ دعاءه بالخير﴾؛ والذي ربما يشير إلى أن ما يريده الإنسان ويدعو من أجله= ليس خيرا له.. ولله الحكمة البالغة..

 

لا أجدُ تفسيرا لمحبة الناس لمكة.. شوقهم لها.. ودموع العيون عند رؤيتها.. إلا دعاء إبراهيم الخليل: ﴿فاجعل "أفئدة" من الناس "تهوي" إليهم﴾.. مهوى القلوب.. والأشواق.. وقِبلة الحنين..

 

حاولت فهمَ فكرةِ استجابة الدعاء بظهر الغيب—كما في حديثه ﷺ: "دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب=مستجابة"—، ووجدت العلماء يقولون إن العلةَ هي الإخلاص، والخالص لا يُردّ.. ويظهر لي أن الحديث يشير كذلك لفكرة "الصدق" في العلاقة الإنسانية.. إن أحببتم أَحِبّوا بصدق.. بإخلاص.. بلا شروط..

 

من رحمة الله بقلوب المحبين.. أن روابطهم لا تنقطع بمضي هذه الحياة.. بل تمتد إلى العالم الآخر.. وكأن الحُبّ معنى مكتوبٌ له الخلود ﴿ألحقنا بهم ذريتَهم﴾.. بل أكثر من ذلك.. المحبون الذين لم يلتقوا في هذه الدنيا.. لهم أمل اللقاء في الآخرة.. كما يُفهم من حديثه ﷺ: "المرء مع من أحبّ"..

 

الفهمُ مجال أعلى من العِلم.. من الممكن أن نسمي الفهمَ مرحلة ما-بعد-العلم.. العلم دائرةٌ أوسع، يشترك فيه عدد أكبر: ﴿"وكلا" آتينا حكما وعلما﴾.. وأما الفهم فهو أخصّ، وأصحابه أقل نسبيا: ﴿فَفَهمناها سليمان﴾.. الفهم يتضمن العلم والإدراك على مستويات كثيرة.. فيا مفهم سليمان؛ فهّمنا..

 

حديث القرآن عن الرحمة، واليقين؛ لابد أن يُفهَمَ في سياقه الصحيح.. إدراك أن الدنيا ليست دار الأمنيات ﴿وإن الدار الآخرة لهي الحيوان﴾.. أن المعاناة جزء منها ﴿خلقنا الإنسان في كبد﴾.. وأن الحياة للسعي ﴿وأن سعيه﴾.. وأما تحقق الأحلام فربما لا يرى إلا على الضفة الأخرى ﴿سوف يرى﴾..

 

قد يتأثر الإنسانُ مِمّن يتخلى عنه في الشدة.. وحُقّ له ذلك.. ولكن هذه المواقف "كاشفة".. تكشف لك عن الأوفياء.. عن العلاقات التي تستحق أن ترافقك في رحلة الحياة.. إلى النهاية.. كأني بإشارات هذه المعاني تضيء من ثنايا قوله ﷻ ﴿الذين اتبعوه في ساعة العسرة﴾..

 

قد يكون العتابُ دليلا على الودّ والمحبّة.. وهو معنى ربما نَسْتشفّه من عتابِهِ اللطيف ﷻ لسيدنا ﷺ ﴿يا أيها النبي: لم تُحرّمُ ما أحلّ الله لك﴾.. العتاب اهتمام وحب..

 

من صفات النفوس الكبيرة= العفوية، وعدم التكلف ﴿وما أنا من المتكلفين﴾.. كما أنها تعيش حقيقتها كما هي.. ولا تتخلى عن إنسانيتها لإثبات وجودها وقيمتها ﴿يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق﴾..

 

كأنَ رسالة ﴿وأرضُ الله واسعة﴾.. هي عدم التعلق كثيرا.. ألا نستغرقَ العمر في الانتظار.. وأن ننظر إلى الفرص الأرحب..

 

يرسمُ القرآنُ صورةً بديعة للشخص الذي لا يلتفت لكل المحاولات الحثيثة لإحباطه والتقليلِ من شأنه ﴿الذين قال لهم الناس: "إن الناس قد جمعوا لكم؛ فاخشوهم"﴾.. بل، على العكس، تزيده تلك الأصواتُ ثباتا على موقفه ومشروعه ﴿فزادهم إيمانا﴾.. إنه حسنُ الظن بالله.. وفهمُ الحياة على حقيقتها..

 

قد تكون العطايا المفاجئةُ أجملَها على الإطلاق.. ينطلق موسى -عليه السلام- بحثا عما يقيه بردَ الليل، أو عن مرشد يهديه الطريق ﴿لعلي آتيكم منها بقبس، أو أجد على النار هدى﴾.. فيُفاجأ بأعظم عطاء؛ لقاء الله ﴿فلما أتاها نودي يا موسى • إني أنا ربك﴾.. ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد..

 

 

الأبواب.. رمز للاختبار والابتلاء ﴿وادخلوا الباب سجدا﴾.. رمز للإقدام والتجربة ﴿ادخلوا عليهم الباب﴾.. رمز للتحرر من الرغبات والانتصار على النفس ﴿واستبقا الباب﴾.. رمز السعادة والسرور ﴿والملائكة يدخلون عليهم من كل باب﴾.. ورمز للرحمة الإلهية ﴿ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر﴾.

 

﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق﴾.. حين يسوقك اللطفُ الخفي.. من حيث لا تشعر.. وأنت لا تفهم.. لِمَ كلُ هذا..

 

الأشياء دائما في وقتها أجمل.. أي ألا تأتيَ قبل أوانها ﴿ولوْ أنهم صبروا حتى تخرج إليهم؛ لكان خيرا لهم﴾.. ولا تتأخر عن ميعادها ﴿كما لم يؤمنوا به "أول مرة"

 

يوحي سياق قوله ﷻ ﴿الآن حصحص الحق﴾ أن الحقيقة قد تتأخر ولكنها لابد أن تظهر.. تأمل كلمة "حصحص"؛ فهي تتكون من جزئين مكررين "حص/حص"، وكأن الحقيقة تسعى وتكرر نفسها في مسيرها الطويل.. ولاحظ مجيء حرف الصاد—الذي يوصف صوتيا بأنه من حروف التفشّي—بعد الحاء، وكأن الحق يبدأ خافتا ثم يظهر..

 

أول دعاء في القرآن ﴿اهدنا الصراط المستقيم﴾.. تأكيد على محورية الطريق.. ذَكرَ الطريق ولم يذكر الوصول أو تحقيق الغاية.. وكأنه يشير، فيما أحسب، إلى التركيز على العمل.. اللحظة الراهنة.. وترك الانشغال بالمستقبل.. كأن الهداية تتحقق بمجرد سلوك الطريق الصحيح.. يتحقق الأمل بالسعي إليه..

 

جعل القرآن أحد معايير استئناف العلاقة= مراعاة المبادئ ﴿يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله﴾.. كما أشار إلى أن المحبَ حريص على ترقي محبوبه في درجات الكمال ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾.. فالعلاقة التي تستحق التضحية هي التي (تحاول أن) تجعل منك إنسانا أفضل ﴿له أصحاب يدعونه إلى الهدى﴾..

 

لا يتوفر وصف للصورة.
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
 
نظرت، قبل أيام، في ﴿ورضوا بالحياة الدنيا "واطمأنوا بها"﴾، وكأنها المرة الأولى.. فهمتها هذه المرة كإشارة إلى أن هذه الحياة ليست محلا للطمأنينة.. ولكنه ليس تشاؤما.. بل أراها محفزا على التجربة، والحركة، وعدم الركون للاستقرار.. كما وجدتها عزاء لتقلبات الحياة.. وللطمأنينة المفقودة..
 
 
 
 
من جميل المجاز والاستعارات القرآنية؛ المقاربةُ بين الإنسان وبين النبات في نشأته ونموه: ﴿وأنبتها نباتا حسنا﴾.. النبات ينمو للأعلى، والإنسان قبلته السماء.. كلاهما للنور.. النبات يزهر ويذبل، والإنسان يضحك ويبكي.. النبات ينمو بالمعاهدة والسقي، ونحن نحيا بالاهتمام والحب..
 
 
 
في ثنايا قول الله ﴿فتقبلها ربها بقبول حسن﴾ الكثير من المعاني الثرية والجليلة.. وربما يصح أن نستلهم منه دعاءً.. اللهم تقبلنا بقبول حسن..
طارق
 
 
 
﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾، وتَحقّقَ ما خشي منه.. ﴿لتأتنّني به إلا أن يُحاط بكم﴾، وحصل ما تخوف منه ثانية.. ﴿إني لأجد ريح يوسف﴾، وصدق شعورُه للمرة الثالثة.. سورة يوسف مثل "الاحتفاء" بهذا الشعور الذي نُجرّبه ولا نفهمه.. الحاسة التي تنتمي لعالم الروح.. و ﴿الروح من أمر ربي﴾..
 
 
 
مِن الناس مَن يكون مَدخَله الدين ﴿أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا﴾.. منهم من يأتي به الحب ﴿قرة عين لي﴾ [باعتبار أن آسية علمت أنه لن يعصي هواها].. منهم من يهتم للعادات ﴿فلا تفضحون﴾.. ومنهم من طريقه الدنيا ﴿ويمددكم بأموال﴾.. استيعاب سنة الاختلاف= أدعى للفهم، والتقبل، والتأثير.
·
 
في حين أنه من الشائع أن تنقلب العداوة إلى محبة؛ فإن تحول المحبة إلى عداوة أقل شيوعا، وإن حصل فهو دليل على أن المحبة لم تكن صادقة من الأصل.. وجدتُ القرآنَ يذكر انقلابَ الكره إلى حب في موضعين (فصلت ٣٤، و الممتحنة ٧)، ولكنه لا يُصرّح—حسب قراءتي له—بالعكس (حتى المجادلة ٢٢ لها تأويل).
 
 
 
من جميل ما قيل في تفسير قول الله سبحانه: ﴿إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس؛ فافسحوا؛ يفسح اللهُ لكم﴾؛ إن المراد: يفسح لكم الله في صدوركم.. وهو معنى جليل.. سعة القلب وسعة الصدر.. السعة التي يرى بها المرءُ كل شيء واسعا.. يراها بنور الله..
 
 
 
حين أقرأ قولَ الله سبحانه ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾.. لا أعرف؛ هل أتعجب من أن المخرج قد يأتي من حيث لا يخطر على بال.. أم أتعجب من إشارة الآية—من وجه خفي، فيما يظهر
لي—إلى أن الفَرجَ قد يكون شيئا آخر.. غير ما كنا نرجوه ونؤمّله..
 
 
يستوقفني تعبير القرآن: ﴿وراودته [..] "عن نفسه"﴾، وكأن الأشياء التي لا
بد أن نتجنبها—والتي تتخطفنا ذات اليمين وذات الشمال—هي التي "تأخذنا" من أنفسنا.. النفس التي هي منبع الحق والخير والجمال.. لحظات الرجوع إلى النفس.. هي لحظات انكشاف وتجل.. ولو كانت مؤقتة: ﴿فَرجعوا إلى أنفسهم﴾.
 
 
 
 
في تفسير: ﴿وإذا النفوس زوجت﴾؛ كتبَ الألوسي: "قُرِنَتْ كل نفس بِشكلها"، أي ما يشبهها.. وكأن الآية، فيما أحسب، ترمز إلى أن الإنسان في هذه الدنيا قد لا يلتقي بما يناسبه، سواء في العلاقات وغيرها من أمور الحياة، وأن التقاء المتناسبات سيكون هناك.. الآية عزاء لكل القصص التي لم تكتمل..
 
 
 
الأثر المشهور: "حبك للشيء يعمي ويصم"؛ يحمله الكثير على معنى أن الحُبّ يعمي عن عيوب المحبوب، ولكن من الممكن أن يُفهمَ بشكل أجمل: أن حبك للشيء الجيد يصرفك ويعميك عن حب الأشياء السيئة.. ومن هنا نفهم دعاءه ﷺ: "اللهم ارزقني حبك .. اللهم ما زويت عني مما أحب؛ فاجعله فراغا لي فيما تحب."
 
 
 
من فضائل المحبة—بمعناها الواسع—أنها تُظهِر حقيقةَ الإنسان.. والحقيقة عزيزة.. المحبة تكشفُ عما في النفس، مهما حاول المرءُ الإسرارَ.. تأمّل صعوبةَ الكتمان في قول الله ﴿إن كادتْ لتبدي به﴾.. الحُبّ يهدي إلى الصدقِ ﴿الآن حصحص الحق؛ أنا راودته﴾، والصدقُ يهدي إلى البرّ..
 
 
 
في تحليله لموقف أيوب: ﴿أني مسني الضرّ﴾؛ كتبَ ابن عربي: "الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي"، وهذا فهمٌ رحيمٌ، وواقعي، وفيه اعتبار لطبيعة الإنسان وفطرته، وأن عدم رضاه بالمقضي ليس فيه تسخّط على الله..
 
 
 
 
يكتنف الموت الكثيرُ من الغموض؛ هذا صحيح ﴿وما تدري نفس بأي أرض تموت﴾، ولكن الموت -عندما نتأمل فيه- يقين، ويقين تام ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾؛ بمعنى أنه يخبرك أنه مهما حصل فالعاقبة معروفة.. ومن هنا يكون محفزا على الإقدام والتجربة لأن المصير معروف.. هو فكرةٌ لتجاوز الخوف من المجهول..
 
 
 
﴿فَفَرَرْتُ منكم لما خفتكم؛ فوهب لي ربي حكما، وجعلني من المرسلين﴾.. فرار وخوف= هبة وحكمة ورفعة.. أتذكر هنا كلمات كركغارد: "السعادة في أن تَعلمَ أن الطريق ليس ضيّقا، وإنما أن الضِيقَ هو الطريقُ.."
 
 
 
من الدعاء الجليل.. الذي اجتمعت فيه معاني التوكل واليقين والتسليم.. "اللهم دبّر لي؛ فإني لا أُحسنُ التدبير.." ومصداقُ ذلك كله وبرهانُه= ختامُ الدعاء الوارد في سورة طه: ﴿إنكَ كنت بنا بصيرا﴾..
 
 
 
الأشياءُ التي نحبّها.. نحِب سماعَها من غيرنا.. من الأصدقاء القريبين.. نحب رؤيتها فيهم.. مشاركتُهم تثبيتٌ لنا.. وأمان لنا.. قال رسول الله ﷺ لابن مسعود: "إني أحبّ أن أسمعه -أي: القرآن- من غيري.."
 
 
لما قالوا لموسى ﴿أتتخذنا هزوا؟﴾؛ لم يرد عليهم بأن يقول -مثلا- "أعوذ بالله أن أكون من المستهزئين/الساخرين"، بل قال: ﴿أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين﴾، وكأنه ينتقل بالحوار إلى نطاق آخر، ليقول إن صاحب العلم لا يسخر، وكأنه يقرر مسؤولية العلم، ويجل العلم عن أن يكون وسيلة للاستهزاء.
 
 
 
 
في موقف أقل ما يوصف بالأزمة النفسية الحادة؛ جاء النداء: ﴿ألا تحزني؛ قد جعل ربك تحتك سريا﴾، ولكن كيف يكون السري -وهو النهر الصغير- سببا لعدم الحزن؟ يظهر لي -والله أعلم- احتمال إشاري: كما أن النهر يجري؛ فالحزن يمضي.. الماء يتجدد، والحزن لا يدوم.. ستتسع الأيام، بقدر امتداد الماء..
 
 
 
﴿ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا﴾؛ أي أنهم لا يشعرون بالنقص إن أُعطيَ غيرُهم، وحُرِموا هم، بل يفرحون لهم.. هذا الكرم في المشاعر ذكره عبدالوهاب مطاوع عن رجل توفيت زوجته؛ فدعا: "اللهم لا تُفرّقْ بين حَبيبين من بعدي.. اللهم فاجعل لمن ليس له حبيبٌ حبيبا يُحبّ الحياةَ من أجله."
 
·
 
المقارنات غير عادلة؛ لأنها تتجاهل عوامل معقدة، وأثرها النفسي سيء.. ولذلك لم يطالب القرآنُ جميعَ الناس بنفس الالتزامات؛ بل ألزم البعضَ بالكمال ﴿فخذها بقوة﴾، وآخرين بأقلّ من ذلك ﴿وأمر قومك يأخذوا بأحسنها﴾.. وجماع الأمر قول الله ﴿قل كل يعمل على شاكلته﴾؛ أي: طبيعته وما يناسبه..
 
 
 
 
كنت أتكلم اليوم، مع صديق عزيز، عن بعض مظاهر اللطف الخفيّ؛ ومنها أن الإنسان قد يلح في الدعاء لأمر ما، ولا يُجاب دعاؤُه لأنه ليس خيرا له.. ثم يشاءُ اللهُ أن يُعطى سؤلَهُ.. لا لشيء، وإنما لكي يرى بعينيه أنّ ما طلبه ليس مناسبا له.. فينصرف عنه راضيا قانعا.. التجربةُ تغير القناعات..
 
 
 
.
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
قد ينوي المرءُ الاعتمادَ على غيره، واللجوءَ للأسباب المادية: ﴿لو أن لي بكم قوة﴾، وهذه طبيعة الحياة بلا شك، ولا تثريب عليه في ذلك.. ثم بعد ذلك، وفي لحظة تجلّ وبصيرة.. يتكشف له النور.. فيعرض عن ذلك.. ويأوي بكليته لربه.. ملتجأً للذي لا يخيب من رجاه: ﴿أو آوي إلى ركن شديد﴾

 

جاء في آيات الإنفاق: ﴿ويطعمون الطعامَ﴾؛ قولُ المُنفقين: ﴿إنما نطعمكم لوجه الله﴾، ولكن ذكر بعضُ العلماء أن المنفِقين قالوا ذلك في أنفسهم ولم يصرحوا به. وعلى هذا الوجه—إن صح، وهو محتمل، ولا دليل عليه—ملمح أخلاقي جميل: الحفاظ على "كرامة" المحتاجين، والتحفظ من أي كلمة قد تجرحهم..

 

مثلما أن الأجساد قد تجتمع في نفس المكان، والقلوب متفرقة لا ألفة بينها ﴿تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى﴾.. فَقد تلتقي القلوبُ وإن تناءت الأماكن.. وما جمعه الله لا يفرقه

 

·للصورة تأثير كبير وصامت، وربما من حيث لا يشعر الشخص.. قراءتي لفعل قوم نوح من تغطية وجوههم لئلا يروا نوحا ﴿واستغشوا ثيابهم﴾= هي أنهم كانوا يخشون أن تؤثر فيهم مجرد رؤية نوح.. ولاحظ—من دلالة الاقتران—كيف أن المظهر ﴿تعجبك أجسامهم﴾ قد يؤدي لتصديق الشخص ﴿وإن يقولوا تسمع لقولهم﴾..

 

لغة الدموع.. وبلاغة العبرات؛ في تعليقه على ﴿وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا • قالوا: يا ذا القرنين﴾، وفي محاولته للإجابة على سؤال: "كيف تكلموا مع ذي القرنين وهم لا يحسنون الكلام؟"؛ كتب القشيري: "لجؤوا إلى عبراتهم في شرح قصتهم".. الدموع هي لغتنا حين نعجز وتغيب اللغات.

 

التواضعُ من أسباب استمرار ونماء العلاقات الإنسانية، بل إن التواضع من سمات المحبين.. قديما قيل إن المحبةَ هي ثمرة التواضع.. وتبدو لي إشارة لهذا المعنى في: ﴿ولتجدن أقربهم "مودة" للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى؛ ذلك [..] وأنهم "لا يستكبرون"﴾؛ حيث جعلت الآية التواضع سببا للمودة..

 

من أرقّ وأبلغ ما قرأت للقشيري= قولُه عند تفسير: ﴿وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول؛ ترى أعينهم تفيض من الدمع﴾: "فإذا قرَعتْ سمعَهم دعوةُ الحق؛ ابتسمت البصيرةُ في قلوبهم؛ فَسَكنوا إلى المسموع".. يالجمال المعنى والتعبير.. اللهم إنا نسألك ابتسامَ البصيرةِ في قلوبنا.

 

·الميسورُ لا يسقط بالمعسور، كما يعبر الفقهاء، والعجز عن تحقيق الكمال ليس مبررا لترك المحاولة.. تأمّل هذا المعنى في هذه الكلمات الجليلة: ﴿فلا تميلوا كل الميل﴾؛ أي: حتى وإن ملتم وحصل منكم التقصير؛ فلا بد من عمل ما هو متاح وممكن.. باختصار؛ كأن الآية تدعو إلى التخلي عن وهم الكمال..

 

آيةُ: ﴿ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟﴾ أصلٌ في فكرة التغيير، أنّ الدوام على أمرٍ ما= لا يعني الاستمرار عليه، وأن تحولك عن موقفك السابق لا يعني أنك كنت على خطأ؛ بل كان ذلك صوابا في وقته، وهذا الموقف صواب الآن.. ثم إن الآية تشير إلى أن الناس من حولك ربما لن يتقبلوا تغيّرك.

 

كلمةٌ إذا وُضِعَتْ على جرحٍ برَأ ﴿لا تحزنْ؛ إن الله معنا﴾.. وكلمةٌ تجرح بلا حدود ﴿سلقوكم بألسنةٍ حدادٍ﴾..

 

·كتب ابن الجوزي أن العاقلَ يعلم أنه لا سبيلَ إلى حصول مراد تامّ كما يريد، ثم ختم كلامه بقول الله: ﴿ولستم بآخذيه إلا أن تُغمضوا فيه﴾؛ تكمن براعة ابن الجوزي في انتزاعه للآية من سياقها، توسيع المجال الدلالي، وتوظيفها في سياق مختلف، وأكثر شمولا—أن نتقبل النقص، وأن الأشياءَ لا تكتمل.

 

·المشهورُ هو أن موسى سأل ربّه -عز وجل- صحبةَ أخيه؛ بسبب صعوبةٍ في النّطق ﴿هو أفصح مني لسانا﴾.. ولعلي أضيف—اجتهادا—قراءةً أخرى: أن هارون كان أقدرَ من موسى على التعبير عما في نفس موسى، على صياغة أفكاره بشكل أنسب.. إنه الصديق الذي يُعبر عما في الروح.. ويكفينا عناءَ الشرح والتبرير.

 

·كثيرا ما يحث القرآن على الأناة، وعدم الأخذ بما يظهر باديَ الرأي—لاحظ، مثلا، أنه لم يعمم في: ﴿إن الذين ينادونك من وراء الحجرات؛ أكثرهم لا يعقلون﴾؛ بمعنى أنه لم يقُل "كلهم لا يعقلون"، بالرغم من أن نفس الفعل صدر منهم كلهم، وذلك، كما يذكر الألوسي، لأنّ منهم من لم يقصدْ ترك الأدب.

 

يكثرُ في كلام الناس—وفي عدة لغات—التعبيرُ عن المحبة بالوقوع؛ فيقولون: "وقَعَ في الحُبّ" كنايةً عن مفاجأة هذا الشعور، وعن "عجز" الإنسان أمامه.. ويبدو لي أن القرآن أشار لهذا المعنى—على سبيل المدح—في قوله: ﴿فاجعل أفئدةً من الناس "تهوي" إليهم﴾.. وكأن قلوبَ الناس "تقع" في حُبّ مكة..

  تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

·قد تكون الرسالة المستوحاة من اسم سورة "الكهف"، ومن مضمون لقاء موسى والخضر = هي التّكيف مع الغموض الذي يكتنف الحياة.. والتأقلم مع "المحجوب عنا".. ومع الحيرة الكائنة في صميم هذا العالم..
 

لفتَتني الآية ١٠ من الزمر، إذ تختصر، فيما أحسب، مبادئَ الارتقاء.. وكأنها تقول إن الحياةَ الطيبة: ﴿للذين أحسنوا﴾، قد تتطلب شجاعةَ التغيير—الأشخاص، المكان—والانتقال: ﴿وأرض الله واسعة﴾، ولكنها تخبرنا، بواقعية، أن "التغييرَ" ليس سهلا، فلابد من صبر: ﴿إنما يوفى الصابرون أجرَهم﴾..
 

·قد يتعلق المرء بالشيء فيظن أنه عاجز عن تجاوزه، ولكن لو تأمل لعلم أنه قادر، وأن الفرص كثيرة.. يبدو لي هذا المعنى من تعليل الرازي للعفو ﴿عسى الله أن يعفو﴾ في سياق ﴿ألم تكن أرض الله واسعة﴾؛ حيث ذكر أن الإنسان قد يظن—لشدة تعلقه—عجزه عن مفارقة بلده مع أنه لا يكون عاجزا في الحقيقة.
 

يأسرني مجردُ التفكير بأن "فجرَ" القرآن لم يكن يسيرا.. أن اللحظات الأولى لإشراق نوره لم تكن سهلةً.. ففي حديث البداية: (فرجع بها رسول الله ﷺ يرجف فؤادُه، وقال: "لقد خشيت على نفسي").. ربما هي سنة الحياة.. وربما هو قدر الأشياء الجميلة.. البسط والسعة بعد الضيق: ﴿والله يقبض ويبسط﴾..


حينما يقف الحُبّ في مستوى الظاهر والشكل والجمال؛ فلا يكون حبا صادقا، ومن السهل التخلي عنه: ﴿ما جزاء من أرادَ بأهلك سوءا إلا أن يسجن﴾.. وأما حين يرتقي لمستوى الروح والباطن، ويكون حبا لذات الشخص وما يحمله من معاني؛ فهو الحُبّ الصادق الذي يحمل المرءَ على التضحية ﴿أنا راودته﴾..


·من الآيات التي استوقفتني طويلا قولُه ﷻ: ﴿فكلي واشربي وقرّي عينا﴾؛ كيف لإنسان أن تهدأ نفسُه في مثل ذاك الموقف العصيب؟ ثم وجدتُ العلماء يقولون إن المقصود أن الله أعطاها ما يسكن عينها فلا تطمح إلى غيره.. وكأنّ رؤية من نُحب كفيلة بإزاحة الأحزان.. تغيّر الحال.. وتجاوز آلام الرّوح..


لما مرّ رسول الله ﷺ بتجربة الوحدة: ﴿ألم يجدك يتيما﴾؛ اتخذ منها منطلقا للوقوف مع الغرباء: ﴿فأما اليتيم فلا تقهر﴾.. ثم أرشدنا لذلك المعنى النبيل حين ذكرَ أن من المعروف: "أن تؤنس الوحشان".. وهو الوحيد الغريب، الذي يشعر بالوحشة.. والإيناس يكون بالوقوف معه.. بل بالكلمة والإنصات..


·لا أقلل إطلاقا من قيمة الاجتهاد والسعي الدؤوب لتحقيق النجاح؛ هذا أمر واضح.. ولكنني مقتنع بأن كثيرا من الإنجازات تحققت لأصحابها بمساعدة عوامل خارجة عن سيطرتهم، أي أن الظروف تهيأت لهم.. الاعتراف بتلك العوامل يجعلنا أكثر صدقا مع أنفسنا وأبعد من ممارسة: ﴿إنما أوتيته على علم عندي﴾.


·القرآن كتابٌ مليء بالنّقد.. نقد الأفكار والأشخاص.. بل حتى أكثر الشخصيات التي يُقدّرها ويُجِلّها القرآنُ لم يعتبرها "مقدسة"، بل تعرضت هي كذلك للنقد الهادف والتقويم.. ولكنّ القرآن يفعل ذلك كله بلغة راقية، حفظ للمقامات، إنصاف، وموضوعية.


·في قوله ﷺ: "خيرُكم خيرُكم لأهله"، دروس كثيرة.. منها، فيما أحسب، أن نجاح الإنسان مع أسرته وشريكه في الحياة = يُعد نجاحا كبيرا.. لأن المحافظة على مستوى عال من الالتزام الأخلاقي لأقرب الناس، وعلى فترات طويلة = يحتاج لجهد مستمر وإصلاح للذات.. هو تحد كبير.. ومن هنا كانت الخيرية.

 

·لمستني بداية آية السحاب من سورة النور.. يسوق الله ﷻ السحاب المتفرق بكل رفق وهدوء ﴿ألم تر أن الله "يزجي" سحابا﴾.. ثم يضم بعضه إلى بعض، أو—بتعبير الألوسي—يُوَصّل سحابة بسحابة ﴿ثم يؤلف بينه﴾.. لعل الصورة ترمز لحال الإنسان كذلك.. يسوقنا الله إلى أقدارنا.. ويجمعنا بها.. بكل لطف.

 

الاعتراف بمحاسن من تختلف معهم، والإشادة بنقاط القوة لديهم: ﴿وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه "رأفةً ورحمة"، ورهبانية ابتدعوها﴾؛ دليل على الأمانة العلمية، ودليل على ثقتك بنفسك وموقفك..


·ليست الرحمةُ مجرد قيمة أخلاقية نتصف بها.. ولا تنحصر في أسلوب نبيل للتعامل مع الآخرين.. الرحمة "منظار" نرى من خلاله الناس ونفهمهم بها.. الرحمة "صبغة" إنسانية.. الرحمة زاوية نظر بقدر كونها عملا أخلاقيا.. ﴿وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين﴾


·من صور عناية الله بك.. إلقاءُ محبتك في قلوب الناس.. بل في قلوب أكبر مخالفيك.. أن يحبوك وهم لا يشعرون.. ﴿يأخذه عدو لي وعدوّ له، وألقيتُ عليك محبّةً مني﴾..

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
 

تتغير رؤيتك للحياة..
حين تنظر للنهايات: ﴿وإن يَتَفَرَّقا﴾.. باعتبارها بدايات: ﴿يُغْن الله كلا من سَعَتهِ﴾..
 
 
 
 
أشياء كثيرة في هذه الحياة .. لَمْ تُوْجَد لتَبقى معك .. لها وقتُها وأجلُها المسمّى .. بل إن فقدانَها ﴿فإنّي نسيتُ الحوت﴾ .. قد يكونُ إيذانا بِبابٍ واسع من العطاء ينتظرُك ﴿فَوَجَدا﴾ ..

﴿الذين يُنفقون في السّراء والضراء﴾
الإنفاقُ في الضراء: أن تبذل وأنت محتاج.. أن تبتسم وأنت حزين.. أن تمسح دموع غيرك ودموعك في عينيك.. أن تسلي عن المحزون وأنت أحوج منه.. أن تُشرق بالنُّور رغم كلّ شيء..

 ﴿ فما كان جوابَ قومه إلا أن قالوا أَخرِجوا آلَ لوط من قريتكم إنهم أناسٌ (يتطهرون) ﴾
عندما يصبحُ التطهرُ تُهمةً !

 ﴿ولتصنع على عيني﴾
إنها منزلة وإنها كرامة أن ينال إنسان لحظة من العناية؛ فكيف بمن يصنع صنعا على عين الله



(وإنّهُ لكتابٌ عزيزٌ)
ومن عزّته أنّ كُنُوزه لا تنفتحُ إلاّ لقلبٍ يهواهُ ويُحبُّهُ كلّ الحُبّ..!



عَلَّمني القرآنُ، من خلال الدّلالات العامة لقوله ﷻ: "أو تسريحٌ بإحسان"؛ أنه حين تكون النهاية؛ فمن الأجدر أن تُحسنَ فيها.. المواقف الأخيرة تبقى ولا تُنسى.. فلا أقلّ من أن تتركَ ذكرى جميلة إذا ما أزف الرّحيل..


 
 ﴿ وما بدّلوا تبديلا﴾..
هي صفةُ مدح في المبادئ، والمواقف، وكذلك-بالقياس-في العلاقات الإنسانية.. فمن وجدتّه كذلك؛ تَمَسّك به.. ومَن لم تُغَيّرهُ عليك الأيامُ والسنين.. ولا تَبَدّل رغم معرفته بك ، وإدراكه لمن تكون؛ هو أولى الناس بك..


وقد يتجلى لطفُ الله في هيئة شخص.. يُخبرك أنك لست في المكان الصحيح.. ﴿ وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ : يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ .﴾

-ثم إنّ السّعةَ شعورٌ، وإحساسٌ، ومفهوم روحيٌ قبل كل شيءٍ؛ فلرُبّما اتسعت النّفس والمكان ضيّق: ﴿فأووا إلى الكهف؛ ينشرْ لكم ربُّكم من رحمته﴾، وقد تشعر بالضيق رغمَ اتساع المكان: ﴿حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقتْ عليهم أنفسُهم﴾..


﴿إنك كُنتَ بنا بَصِيرا﴾..
نَأوي إليها حين تعجزُ الكلمات.. .

﴿ولا تَعْدُ عينَاكَ عنهم﴾..
لا تترك من يرجو صحبَتك.. لا تتجاوز من يُحبّك.. لا تنصرف عن قُلوبٍ أَقبلَت إليك..

[ فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ]
لم تنسهم الفرحة إخوانهم إنها الأخوة في الله حقا..

د #طارق_مقبل


i_8688eafb682.png
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
 

الصور بسم الله الرحمن الرحيم متحركة
 
 
أحيانا أنت لست بحاجة لأكثر مِنْ أَنْ تعُودَ لنفسك..
﴿فرجعوا إلى أنفسهم﴾..
 
تتصالح مع الحياة أكثر حين تُدرك: ﴿خلقنا الإنسانَ في كبَد﴾.. وأن السعادة الحقيقية ستكون على الضفة الأخرى: ﴿الحمد لله الذي أذهب عنّا الحَزنَ﴾.. وأن قربَك من الله ﷻ (أو: تديّنك) لا يعني بالضرورة أن تخلو حياتك من الابتلاءات: ﴿قالوا: أوذينا من قبل أن تأتينا، ومن بعد ما جئتنا﴾.
 
الدّين قد يُعطي الأساس الفلسفي (أو: الميتافيزيقي) للأخلاق؛ هذا صحيح، ولكن من حيث الممارسة؛ قد يُوجد الدّين (ربما ظاهرا) وتُفقَد الأخلاق في الشخص نفسه. ولعل هذا مما نبَّه عليه تفريقُ النبي ﷺ في الحديث بين الدين وبين الخُلُق: (مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ..).
 
﴿ورفع بعضَكُم فوقَ بعض درجات؛ ليبلوكم فيما آتاكم﴾.. ومن هذا الابتلاء في رفع الدرجات؛ أن يختبرك كيف تعامل الضعيف.. كيف تعامل من شاء الله أن يكون أقلَّ منك نصيبا من الدنيا.. كيف تنظرُ لمن هو أقل منك حظا من العلم والذكاء.. إنه اختبار أخلاقي في المقام الأول.
 
 
الإقدام على التغيير، والخروج عن المعتاد؛ يحتاج لجرأة وصبر، ولا يفعله كلُّ أحد: ﴿.. أو اخرجوا من دياركم؛ ما فعلوه إلا قليلٌ منهم﴾.. وَلكن لابد من التغيير أحيانا؛ فلا تدري.. قد يتحَوّل مسارُ حياةٍ بأكملها: ﴿يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة
 
 
تأمَّل هذا المعنى في قول الله ﷻ: ﴿فلنُنَبِّئَنَّ الذين كفروا بما عملوا﴾؛ فإنهُ سبحانه يخبرهم "لماذا"، ويُعْلِمهم بأسباب ما يلقونه. القرآن هنا يرسل رسالةً إنسانية وأخلاقية عُليا.
 
مَنْ يُحبّك من قَلْبِه.. لن يهدأ له بال حتى يطمئنَ أنك تحبه.. تبادله الشعور.. أنَّ قلبَك كلّه له: "يا رسول الله: مَنْ أَحَبُّ الناس إليك؟"



كولكشن فواصل للمواضيع
 
 


قد يكفيك أن يفهمَك شخصٌ واحد.. ﴿يوسف: أيها الصديق؛ أفتِنا﴾.. من بين الكثيرين.. ﴿قالوا: أضغاثُ أحلام﴾..


تأمَّل هذا المعنى في قول الله ﷻ: ﴿فلنُنَبِّئَنَّ الذين كفروا بما عملوا﴾؛ فإنهُ سبحانه يخبرهم "لماذا"، ويُعْلِمهم بأسباب ما يلقونه. القرآن هنا يرسل رسالةً إنسانية وأخلاقية عُليا.
 
تَذكّر دائما أنّ هناك بدائل، وحلولا، وطرقا أخرى.. وهناك كذلك أشخاصٌ آخرون.. الحياة لا تقف على شيء.. ولا على أحد.. ﴿وإن تعاسَرتُم فستُرضِع له أُخرى﴾..
 
لم يكن يعقوب -عليه السلام- يصبرُ على فراق يوسف: ﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به﴾؛ فلماذا أَذِن للإخوة أن يأخذوا يوسف معهم؟ قيل: لِعِلْمِه أن يوسف يأنسُ باللعب: ﴿يرتع ويلعب﴾، وقال القشيري عند هذه الآية: "ولكنّ المُحِبّ يُؤْثرُ راحةَ محبوبِه على مَحَبَّةِ نَفْسِه."
 
قرن الله ﷻ بين  الفظاظة و غلظة القلب وبين التنفير: ﴿ولو كنت فظا غليظ القلب؛ لانفضوا﴾. أما الأولى فواضحة؛ إذ إن الشدةَ الظاهرة تنفر، فما علاقة قسوة القلب (وهو أمر باطن) بتنفير الناس؟ يبدو أن الآية تشير إلى أن الناس "تشعر" بما في قلبك، وأن المشاعر تسري حتى من غير قول أو فعل.
 
نظامُ القَدر الإلهي مُحْكَم ومترابطٌ ورَحيم؛ فالحِرمان في هذه الحياة= مقصودٌ في ذاته: ﴿وحرّمنا عليه المراضعَ من قَبْل﴾؛ لأنه يفتح لك أبوابَ القدر الجميل: ﴿فردَدناهُ إلى أُمَّه﴾.
 
لما خاطبَ موسى -وهو الرسول المُوحى إليه- فرعونَ= استخدم لفظ "الظن": ﴿وإني لأظنك يا فرعون مثبورا﴾. نعم؛ الظّن يأتي بمعنى اليقين في القرآن، وهناك أيضا -والله أعلم- بُعْدٌ أخلاقي للآية: التنبيه على أن معارفَنا قاصرةٌ، والتخفف من القطع، والتسليم بأن الأحكام النهائية إنما هي لله ﷻ.
 
لا يتوفر وصف للصورة.


 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
 
الحُبّ.. هي المشاعر: ﴿وقال: يا أسفى على يوسف﴾، ﴿وأصبحَ فؤاد أمّ موسى فارغا﴾.. حين تُتَرجم إلى أفعال: ﴿اذهبوا فتحسّسوا من يوسف﴾، ﴿وقالت لأخته: قُصّيه﴾..
 
تتغير رؤيتك للحياة.. حين تنظر للنهايات: ﴿وإن يَتَفَرَّقا﴾.. باعتبارها بدايات: ﴿يُغْن الله كلا من سَعَتهِ﴾..
 
لكُلّ الأمنيات.. ولكُلّ ما نرجو.. ﴿هُو عَلَيَّ هيِّنٌ﴾..
 
لما أعطى يوسفُ القميصَ لإخوته؛ طلب منهم الإتيانَ بأهلهم جميعا: ﴿وأتوني بأهلكم﴾، ولم يطلب منهم أن يأتوا بأبيه، بل جَزَمَ بأنه آت: ﴿يأتِ بصيرا﴾؛ قال الألوسي هنا: "والجزم بأنه من الآتين لا محالة وُثُوقا بمحبّته."
فعلا.. من يُريدك سيطير إليك من غير أن تطلبه.. ستقوده روحُه إليك..
 
 
مؤمنٌ بالحُبّ الصادق الصحيح كقيمة عليا.. بمركزية العاطفة في البناء ومدّ الجسور.. بقدرة الإنسان المحبوب على مجَابهة الحياة.. وبالأثر السلبي الذي يُحدثه غيابُ الحبّ عن حياة الإنسان: ﴿ليوسف وأخوه أحبُّ إلى أبِينا منّا﴾..
 
 
لمّا قرأتُ قولَ اللهِ ﷻ في سورة يوسف: ﴿قُلْنَ: حاشَ لله؛ ما علمنا عليه من سوء﴾؛ تذكرتُ كلماتِ الأستاذ عبدالوهاب مطاوع رحمه الله: "الجائزة التي ينَالُها من يحرمون أنفسهم من المتع واللذات غير المشروعة؛ هي في الثقة التي يهبها لهم الآخرون بلا تحفظ، وفي الارتفاع فوق الريب والظنون."
 
اصبر.. الأشياء في وقتها أجمل.. ﴿وَلَوْ أنّهم صَبَرُوا حتى تخرجَ إليهم؛ لكانَ خيرا لهُم﴾..
 
أشعرُ أنّه من المفيد أن نتعاملَ مع بعض الأفكار بمبدأ: ﴿وإن يَكُ كاذبا؛ فعليه كذبُه، وإن يكُ صادقا؛ يُصِبْكم بعضُ الذي يَعدُكم﴾.
 
 
ولابد أحيانا أنْ تُقَدِّم شعورَك وإحساسَك: ﴿إني ليحزنني أن تذهبوا به، وأخاف..﴾ على ما يُمليه العقلُ والمنطق: ﴿لئن أكله الذئب ونحن عصبةٌ﴾؛ أن تُنصت لقلبك قبل كل شيء..
 
القلب دليلٌ: ﴿إنّي لأجدُ ريحَ يوسفَ﴾.. والحُبُّ برهان: ﴿لا أُحبُّ الآفلين﴾..
﴿أن اقذفيهِ في التّابوت فاقذفيه في اليمّ فليُلقه اليمُّ بالسّاحل﴾..
.
إيمانُ الإنسان بأنه سيعود للأرض التي أحبّها: ﴿لرادّك إلى معاد﴾.. وأنه سيجتمع يوما ما بمَنْ يُحبُّهم ويحبّونه: ﴿والشمسَ والقمرَ رأيتهم لي ساجدين﴾؛ يُخفف عنه ما يلاقيه.. ويُهَوّن عليه طولَ الطريق..
 
 
البلاد التي سكَنتُها وسكَنَتْني، ثم غادرتها.. الأشخاص الذين رافَقتُهم، أحبَبتُهم وأحبُّوني، ثم افتَرقنا.. في كل تلك المرات كان الله يُعلِّمني.. كنتُ أرى فيها رأيَ العينِ قولَه ﷻ: ﴿كلُّ من عليها فان • ويبقى وجهُ ربك﴾..
 
الحُبّ يحمي.. الحُبّ يحفظ.. الحب أمان.. ﴿وقالت امرأةُ فرعون: قُرّةُ عينٍ لي ولك؛ لا تقتلوه﴾..
 
اترك البابَ مُوارَبا.. ﴿عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودّةً﴾..
 
المعرفة غير محتَكَرة، ولا يختص بها أحد؛ فمن أرادَ العلمَ فلتكن لديه القابليةُ للاستفادة من الجميع، حتى الذين يختلف معهم: ﴿فسأل الذين يقرؤون الكتابَ)، وأما الاكتفاء بالدائرة الضيقة، والسماع من الموافقين فقط؛ فليس ذلك سبيلا للعلم، بل لعله يدخل في: ﴿ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم﴾.
 
لا تَقفوا بالأبواب.. ﴿وإن قيلَ لكم ارجعوا؛ فارجعوا﴾.. لا تطلبوا ودّا باردا.. ﴿هأنتم أولاء تُحبّونهم ولا يحبونكم﴾ ..
 
 
لا يتوفر وصف للصورة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 هذه الكلمات الآسرة .. ﴿وما تدري نفس ماذا تكسبُ غدا﴾ توحي بأن المستقبل غامض وملتبس وغير واضح ،إلا أنها مليئة كذلك بالأمل والظن الجميل.. لاسيما خاتمتها الحانية.. ﴿إن الله عليم خبير﴾.. هي مجمّة لفؤاد المحزون..

 


في معنى الصديق والصداقة.. ﴿حيران.. له أصحابٌ يدعونه إلى الهدى ائتنا﴾.. لم يتركوه في حيرته.. ولم يتخلوا عنه وهو يبتعد.. هكذا فليكن الأصدقاء.

 


الوحشة التي بداخلنا أحيانا تحتاج سعةً من لدنهﷻ ﴿فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته﴾

معيّتهﷻ ﴿إني معكم﴾

تحتاج معنى تستند إليه وحلما تتشبت به ﴿وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم)

تحتاج نفحةً من الحب ﴿إني أنا أخوك﴾

وعينا تنظر بإشفاق ﴿فَبَصُرت به عن جُنُبٍ﴾

 


ضيق الكهف؛ كان سبيلهم للسعة: ؟(ينشر لكم ربكم من رحمته) وضيق البئر؛ كان طريقا للتمكين.(على خزائن الأرض)

. وضيق الصدر: (ويضيق صدري) كانت بعده النجاة..

أَنْظرُ لرمزية هذه الآيات "السعادة في أن تَعلمَ أن الطريق ليس ضيّقا، وإنما أن الضِيقَ هو الطريقُ."

 


"الحنان هبة من الله.. الحنان منحة.. القلب الحنون ليس ضعفا .. ﴿وحنانا "من لّدُنا"﴾"



وكم من فاقد للشّيء يُعطيه.. وأكثر.. ﴿فأما اليتيمَ؛ فلا تَقْهر﴾..
 


البلاد التي سكَنتُها وسكَنَتْني.. ثم غادرتها.. الأشخاص الذين رافَقتُهم، أحبَبتُهم وأحبُّوني.. ثم افتَرقْنا.. الأيام التي كانت جزءا مني.. ولم يبقَ منها إلا الحنين.. في كل تلك المرات كان الله يُعلّمني.. كنتُ أرى فيها رأيَ العينِ قولَه ﷻ: ﴿كلّ من عليها فان • ويبقى وجهُ ربك﴾..



مع التقَدّم في العمر.. وكثرة المواقف؛ تفقد بعضُ الأشياء بريقَها، وينصرف قلبُك عنها: ﴿إنكم رضِيتم بالقعود أوّل مرة﴾.. وهناك ما تبقى مكانته ثابتة في نفسك، لا تتغيّر: ﴿وما بدلوا تبديلا﴾.. بينما يزداد تعلّقك بأشياء أخرى، وتشرق في نفسك أكثر: ﴿قالت امرأة العزيز: الآن حصحصَ الحق﴾.


الصورة


أُنزِلَ القرآنُ مُفَرّقا.. ﴿وقرآنا فرَقناه﴾.. على مدى سنين طويلة.. ﴿لولا نُزّل عليه القرآن جملة واحدة؟ كذلك لنثبّتَ به فؤادَك﴾.. وكأن هذه "الفكرة" توحي بأن الوصول للقناعات قد يطول.. أن الحياةَ عمليةُ تَعَلّم مستمر.. أن تأخذ وقتك في الطريق.. وألا تستعجل الوصول..



عبّرَ القرآن عن الشّفعاء بالجمع: ﴿من شافعين﴾.. ثم ثَنّى بالصديق بصيغة المفرد، ولم يَقُلْ -مثلا- "أصدقاء": ﴿ولا صديق حميم﴾؛ قيل: "لكثرة الشفعاء في العادة، وقلة الصديق؛ لأن الصديقَ الصادق في ودادك قليلٌ"، وربما أُضيفُ إلى ذلك.. أنه ربّما يجتمعُ الكلّ.. في شخص واحد.. صديق حميم..



بعضُ الأسئلة.. ربما من الأفضل "لك" ألا تعرفَ إجابَتَها؛ تأمّل حكمةَ الإمساك عن البيان الشامل في قول عيسى: (ولأبيّنَ لكم "بعض" الذي تختلفون فيه).. هناك إجابات لن تكتمل.. وجمال بعض الأسئلة في بقائها "أسئلة"؛ لم يَعِد الخضرُ موسى إلا بأن يكشف طرفا من ذلك السر: (أحدث لك "منه" ذكرا)..



بديعة هي نظرة القرآن المتوازنة للنفس البشرية؛ تأمل كيف أنه أباح التعريض للمعتدة: ﴿علم الله أنكم ستذكرونهن﴾؛ فذكر "العلم" كناية عن "الإذن" كما لاحظ ابن عاشور.. ويكون ذلك بشكل متزن: ﴿أن تقولوا قولا معروفا﴾.. إذ إن كتمان المشاعر؛ تكليفٌ بما لا يطاق، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

 



أحياناً يكون أثرُ الأشياءالعابرة، والأشخاص العابرون على حياتك كبيرا كبيرا جدا ! ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ ﴾.. أنت لا تعرف أين يضعُ الله سرّه..


الصورة

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
خُتِمَ النّظمُ الكريم: ﴿وإن يتفرقا يُغن الله كلا من سعته﴾ بقوله ﷻ ﴿وكان الله واسعا حكيما﴾.. وهي خاتمة بديعة.. فالإنسان—عند النهايات—يجد السلوى في "السعة" الإلهية.. ثم يطمئن إلى أن خلف تلك النهاية "حكمة".. ربما خفيت عليه..
 
 
لقاءٌ واحد يغير من نظرتك للحياة ﴿سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا﴾.. حلم واحد يصيغ أحداث حياتك ﴿إني رأيت أحد عشر كوكبا﴾.. مكان واحد لا يفارق وجدانَك ﴿لرادّك إلى مَعاد﴾.. حُبّ واحد يملأ العقل والقلب ﴿ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه﴾..
 
 
آيات القرآن التي تتضمن معنى الإحياء—مثل قوله ﷻ: ﴿يخرج الحيّ من الميت﴾—من أكثر ما يبعث الأمل في نفسي.. ويحثني على الاستمرار.. وآيات الرزق بغير حساب—مثل قوله ﷻ: ﴿إن الله يرزق من يشاء بغير حساب﴾—من أكثر ما يدعوني للتعرض لنفحات الكريم ﷻ.. التي تأتي من حيث لا أحتسب..
 
 
يعبّر القرآن في أكثر من موضع عن فكرة الأجل المسمى—مثلا: ﴿كل يجري لأجل مسمى﴾—وكأنه يشير بذلك إلى أن كل شيء مؤقت.. السعادة ﴿وأنه هو أضحك﴾ والحزن ﴿وأبكى﴾.. القلق ﴿وبلغت القلوب الحناجر﴾ والسكينة ﴿أنزل السكينة﴾.. جمال اللقاء ﴿آوى إليه أبويه﴾.. وألم النهاية ﴿وإن يتفرقا﴾..
 
 
أعلى مراتب الرضى والسعادة—فيما يظهر لي—أن تكون راضيا عن الشيء الذي حصلت عليه، وأن يكون هذا الشيءُ صحيحا في ذاته وحقا في نفسه؛ ألتمسُ هذا المعنى في قوله ﷻ ﴿ارجعي إلى ربك راضية مرضية﴾، أي راضية عما نلتيه، مرضية عند الله.. فاللهم اجعلنا راضين مرضيين.. في الآخرة والأولى..
 
 
كان النبي ﷺ إذا صافَح أحدا؛ لم ينزع يده ﷺ حتى يكون الرجل هو الذي ينزع.. وهو أدب جليل.. ويبدو لي أن في الحديث "فكرة" أكثر شمولا.. وهي "التمسك" حتى النهاية.. وعدم الابتداء بالمفارقة.. وربما يُستأنس هنا بفعل نوح عليه السلام: ﴿وهي تجري بهم في موج كالجبال، ونادى نوح ابنه﴾..
 
 
من خضم تلك التجربة الشديدة، والقلق، والغربة ﴿ففررتُ منكم لما خفتُكم﴾.. وُلِدت الحكمة، وظهر النور ﴿فوهب لي ربي حكما﴾.. أحسب أن اللطفَ الخفي يتجسد في تلك العطايا الروحية.. كالعزاء والسلوى عن ﴿ساعةِ العُسرة﴾..
 
 
 
عامل "الصدفة" مؤثر بشكل كبير، و"الحظ" محوري جدا في حياتنا (وهما، بلاشك، ما نسميه التقدير الإلهي).. ولكن يميل الإنسان—إذا حقق شيئا ذا بال—للتغافل عن هذه العوامل، ونسبة ما يسميه "نجاحا" لنفسه.. ﴿كلا إن الإنسان ليطغى.. أن رآه استغنى﴾.. اللهم بصّرنا بأنفسنا..
 
 
من الآيات التي تُبيّن إحدى الحقائق الأساسية في الحياة؛ قوله ﷻ ﴿أم للإنسانِ ما تمنّى﴾.. والذي يفيد أنّ هذه الدنيا ليست دارَ الأمنيات.. ولا ينال فيها الإنسان ما يشتهيه.. بل يكون ذلك في الآخرة—إن أحْسنَ—ولذلك عقّب بقوله ﷻ ﴿فلله الآخرة والأولى﴾..
 
 
كثيرا ما يتطرق القرآن لفكرة التعلق، ليربّي القارئ على معالجة التعلق الذي يعيقه عن الكمال.. يُمتَحن إبراهيم ﴿إني أرى في المنام﴾.. يفارق يوسفُ أباه ﴿ذهبوا به﴾.. تلقي أم موسى رضيعها ﴿فألقيه﴾.. يلقي موسى عصاه ﴿ألقها﴾.. ثم يأتي الموت يعلمنا أنه لا خلود ﴿كل نفس ذائقة الموت﴾..
 
 
عن تلك التجارب الصعبة ﴿وخرّ موسى صعقا﴾.. التي تخرج منها وأنت إنسان أفضل، وأكثر وعيا ﴿فلما أفاق؛ قال سبحانك تُبتُ إليك، وأنا أول المؤمنين﴾..
 
 
من أكثر ما يساعد الإنسان على الصّبر، واحتمال مصاعب الحياة، وتجاوز انكساراتها؛ أن يرى الأشياءَ كما هيَ، وأن يُبصرَ الأسباب على حقيقتها، وكأنه ينظرُ للغيب من ستر رقيق؛
قال الإمام القشيري عند قوله ﷻ ﴿فنجّيْناكَ من الغمّ﴾: "فلما أرَيناك سِرَّ جريان التقدير؛ نجيناك من الغمّ."
وفِي كلّ مرّةٍ يُدركني فيها لُطفُكَ الخَفيُّ.. أستَشْعرُ قولَكَ: ﴿ولقد مننّا عليك مرّةً أخرى﴾..
 
 
تَرفّقُوا بمَنْ حولكم.. ترفقوا بقلوب الذين يُحبُّونكم.. فإن من أكثر ما يُؤلم الإنسان.. شعورَه بأنه غيرُ محبوب.. ﴿إذ قالوا: ليوسف وأخوهُ أحبُّ إلى أبينا منّا﴾..
 
 
يبدو لي -والله أعلم بأسرار كتابه- أنّ قولَه ﷻ: ﴿واضمُمْ إليكَ جناحَك من الرّهب﴾ يرمز -ولو من بعيد- إلى أن السّكينة والطمأنينة تنبعان من داخل النّفس البشرية، وأنّ السعادةَ -قياسا على ذلك- ليست مُتعلّقةً بأسباب ماديّةٍ خارجية، وإنما توجد في أعماق النفس..
 
image.png.a068041f5a7808aaaba7ff6e738a8b01.png
 
 
مِن أجمل نِعَم الله عليك.. أَنْ تجدَ من يسمعُ لك.. وينصت إليك.. من لا تَخشى أنْ تقصَّ عليه ما لقيت من حُلو الحياة ومُرّها.. مَنْ تشعر معه أَنّك في مَأمن ولو أخبرتَهُ بكل شيء.. ﴿فَلَمَّا جَاءَه وقصَّ عليه القصصَ؛ قال: لا تَخَفْ﴾..
 
 
وفي كلّ مرَّة يُعلّمني القرآنُ أنّ جبرَ قلوب الناس من أجلّ القربات؛ قيل في تفسير ﴿فأثابكم غما بغم﴾: "فأثابكم الرسول غمّا لكيلا تحزنوا على ما فاتكم؛ أي: سكت عن تثريبكم، ولم يُظهر لكم إلاّ الاغتمام لأجلكم، لكيلا يذكّركم بالتثريب حزنا على ما فاتكم؛ فأعرضَ عن ذكره جَبراً لخواطركم."
 
 
من أقسى الأشياء على الإنسان.. ألا يعرفَ موقعَه من هذا العالم: ﴿فتذرُوها كالمعلقة﴾.. وألا يعرفَ إلى أين يسير: ﴿ووجدَك ضالا فهدى﴾؛ فاللهُم إنا نعوذ بك من الحيرة والشّتات.. ونسألك البصيرةَ وقصدَ السبيل..
 
 
العلاقات الإنسانيةُ إنما تستمر بالتّجاوز، وغضّ الطرف عن بعض الهفوات والأخطاء؛ جاء في تفسير الكشاف عند قوله ﷻ ﴿قال: لا تُؤاخذني بما نَسيت، ولا تُرهقني من أمري عُسرا﴾: "يعني: ولا تُعسّر علي متابعتَك، ويسرها عليّ بالإغضاء وترك المناقشة."
 
 
لازلتُ أتأَمّل المغزى.. وأحاولُ أن أفهمَ حكمةَ مفارقةِ الخضر لموسى بعد المرة الثالثة: ﴿قال: هذا فراقُ بيني وبينك﴾؛ فَهل يا ترى كانت رسالةُ القصة: إنّ كلّ ما هو ثمينٌ في هذه الحياة يستَحقُّ التضحيةَ لأجله.. يستحق التّشبت والتمسك به.. والصبر عليه.. وإلا ارتحل وذَهَب فلم يَعُدْ..؟
 
 
يَستَوقفني كثيرا قولُ الله ﷻ في آية النُّور: ﴿لا شرقيّة ولا غربية﴾، ويبدو لي والله أعلم أنّ الآيةَ تلمح -ولو من بعيد- لفكرة أن يكون للإنسان مسارُه الخاص في هذه الحياة.. ألا يحاول أن يُشبه أحدا.. أن يتجاوزَ الانتماءات الضَّيقة.. وأن يَتَحرَّرَ إلى فضاء الله الأرحَب..
 
 
يَحجِبُ عنّا ﷻ معرفةَ بعض الحقائق..لأن العلم بها قد يُؤلمنا ﴿لا تسألوا عن أشياءَ إنْ تُبدَ لكم تسُؤكم﴾.. هنا تتجلى الرحمة في الحجب وفي المنع.. من الأدب والحكمة ألا نُخبر الآخرين بما قد يسوؤهم ويحزنهم، ممّا لا يحتاجون لمعرفته.. أو مما لا يدَ لهم في تغييره.. يكفي الناس ما فيهم..
 
 
كان الحبيب ﷺ يقول: " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَيْنَا المَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أوْ أشَدَّ".. وهي إشارة جميلة إلى فكرة "الازدياد من الحب".. أن تحب شيئا وتطلب من الله أن يزيدك حبا له.. الحب رغبة ودعاء..
 
 
أظن أنّ من أعظم ما يمكن للمرء أن يسأل الله ﷻ.. سؤاله ﷻ أن يُرِيَهُ مظاهر الرحمة.. أن يكشف له كيف تقوم الرحمة في الأشياء.. وذلك لأن الرحمة قد تخفى على المرء.. كما يعلمنا النظم الكريم في سورة هود.. ﴿وآتاني رحمةً من عنده؛ فَعُمّيَتْ عليكم﴾..
 
 
آراء الناس متقلبة.. ورأيُهم فيك قد يتغير سريعا.. بسبب تضارب المصالح، أو بمجرد اختلافهم في الرأي معك.. ﴿قالوا: "يا صالح؛ قد كنتَ فينا مرجوا قبل هذا"﴾.. فالعاقل من لا يستمد قيمته من كلام الناس، ولا من اعتقادهم فيه.. العاقل من ينظر دائما للسماء..
 
 
﴿إن قارون كان "من قوم موسى" فبَغى عليهم﴾.. هذه الآية كالإعداد لخيبات الأمل التي قد تأتيك من أقرب الناس إليك.
 
 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
يطلق لفظ "الأسى" في القرآن والعربية على الحزن—كما في قوله ﷻ ﴿لكيلا تأسوا﴾—ولكن هذا الأصل الثلاثي (أسي/أسو) يطلق كذل في العربية وغيرها من اللغات السامية—على الإصلاح والتسوية ومداواة الجراح.. وهذا في نظري، والله أعلم بكتابه، مصداق قوله ﷻ ﴿إنّ مع العُسرِ يسرا﴾..
 
يواجه الإنسان "الرفض" في جوانب كثيرة من حياته.. كالعلاقات والوظائف والقبول.. أحسب أن الآية ﴿فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا؛ فارجعوا﴾ لها تطبيقات واسعة.. إنها تعلمنا المبادرة (الاستئذان) ثم تقبل الرفض (الرجوع).. ثم تربط هذا (الرجوع) بالتزكية ﴿هو أزكى لكم﴾..
 
 
أولئك الذين لا يتخلون عنك حين تبتعد.. يتشبثون بك في أوقات ضعفك.. يحضرون حين يغيب الآخرون.. يدعونك للهدى.. يرون الجانب الآخر فيك.. يوقنون أنه بإمكانك أن تعود.. ﴿له أصحاب يدعونه إلى الهدى.. ائتنا﴾..
 
فكرة سورة الكهف.. لابد أحيانًا أن تنزوي.. تتولى إلى الظل.. وتغادر.. لأن اليوم ليس يومك.. والظرف ليس ظرفك ﴿فأووا إلى الكهف﴾.. وذلك من أجل أن تعود بشكل أفضل.. حتى يشع النور الذي تحمله لأبعد مما كنت تتصور.. ﴿وكذلك أعثرنا عليهم﴾..
 
جاء في تفسير قوله ﷻ: ﴿وقولوا "انظرنا"﴾، كما عند الرازي، أن المرادَ: "انْظُرْ إلَيْنا".. وكأنّ الآية تشير—من بعيد—إلى حاجة فطرية في نفس الإنسان لأن يُرَى ويشاهد.. أن يستشعر أن هناك من "ينظر" إليه.. النظر بالعين والقلب والروح..
 
إن سكنتْ نفسي؛ سَكَنَت نفسُك.. . كتب العلامة الألوسي عند قوله ﷻ ﴿إذ يقول لصاحبه "لا تحزن؛ إن الله معنا"، فأنزل الله سكينتَه عليه﴾ في رحلة الهجرة النبوية: "فيكون إنزالُها على النبي ﷺ إشارةً إلى أنهما كشيء واحد؛ حيث إن إنزالها على النبي ﷺ كإنزالها على الصاحب"..
 
التيسير الذي تشهده في حياتك ﴿إن مع العسر يسرا﴾.. له أعباء وتبعات ومسؤوليات.. تتمثل في العمل والمبادرة ﴿فإذا فرغت فانصب﴾.. وكأن التيسير مرتبط بالحركة المستمرة..
 
كثيرا ما يسعى القرآن لصرف الإنسان من رغباته الشخصية التي قد لا تنفعه ﴿تبتغون عرض الحياة الدنيا﴾.. إلى ما هو أعلى وأسمى.. إلى ما يستحق فعلا ﴿فعند الله مغانم كثيرة﴾..
 
الوصول للرتب العالية ليس صعبا ﴿إن الذين قالوا ربّنا الله﴾.. تكمن العبرة، ويكون التحدي في الاستمرارية ﴿ثم استقاموا﴾..
 
تتكرر فكرة الخوف في قصة موسى ﷺ—مثلا؛ في قوله ﷻ ﴿إني أخاف﴾—ولهذا المفهوم عدة آثار، فيما يظهر لي، منها إقرار حقيقة الضعف الإنساني، حتى لا ينقض الإنسان ظهره بتأنيب الضمير.. ومنها "إدارة الخوف" وكيف يتحول إلى حركة إيجابية وآفاق جليلة ﴿ففرت منكم لما خفتكم؛ فوهب لي ربي حكما﴾..
 
العزاء الوحيد لخيبات الأمل.. أن يكون البديل مرتبطا بشيء علويٍ.. الحب الذي لم يكتمل في هذه الدنيا.. لن يحل مكانه إلا حبٌ تعلق بالسماء.. "اللهم ما زويت عني مما أحب.. فاجعله فراغا لي فيما تُحبّ"..
 
يرتبط المطر، في القرآن، بأمور جميلة.. منها الرحمة ﴿وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته﴾.. البشرى بعد اليأس ﴿وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا﴾.. والعلم والفهم ﴿أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها﴾.. شخصيا؛ أحب كل ما يرتبط بالمطر.. كالمشي تحته.. والقهوة المختلطة به!
 
أتأمل هذا الصباح في قوله ﷺ: "كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل".. وما فيه من المرونة النفسية، والاستعداد للتغيير، والتجديد المستمر، والتهيأ للرحيل..
 
يتصور الإنسانُ العطاء في "صورة ما".. ويريد أن تكون المنحة على "هيئة معينة".. ثم يأتي القرآن ليغير مفاهيمنا.. ويُحسّن نظرتَنا لماهية العطاءات والمنح الإلهية.. فيعلمنا أنها أوسع بكثير مما نظن، وأكثر لطفا وحنانا.. لعل هذا المعنى من أبرز دروس ﴿فعند الله مغانم كثيرة﴾..
 
من الحقائق—الواقعية والحزينة—أن الجمال يندثر.. والانبهار يتلاشى.. وما كان يملأ القلب بالأمس؛ لم يعد يلفت العين ﴿كمثل غيث أعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفرا، ثم يكون حطاما﴾.. ولكن تبقى هناك ارتباطات وعلاقات تتجاوز هذه الحياة.. وتدوم إلى الضفة الأخرى.. ﴿ألحقنا بهم ذريتهم﴾..
 
﴿وقالوا: ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار﴾.. هذه الآية—وشواهدها الأخرى في القرآن—من أكبر الدواعي للإنسان بأن يقصد وجه الله ﷻ.. وألا يجعل "آراء الناس حوله" معيارا وحكما في رحلة الحياة..
 
الأنثى التي اختارها الله لكِ.. خيرٌ من الذّكر الذي تمنّيتيه.. ﴿والله أعلم بما وضعت؛ وليس الذكر كالأنثى﴾.. حقيقة مركزية في القرآن.. تختزل حياة الإنسان.. ما بين الطموح وبين الواقع وما يكون.. ما بين حدود إدراكنا وبين الحكمة المتعالية.. ومن رضِيَ فله الرّضا..
 
﴿والله واسع عليم﴾.. السعة التي يأوي لها المرء.. إن ضاقت عليه الأرض بما رحُبت..
 
يبقى أن الرجوع للنفس.. والإنصات لصوت الضمير.. من أدلّ الطرق على الحق ﴿فرجعوا إلى أنفسهم﴾..
 
الأمان.. الطمأنينة.. والسّكينة بأعلى صورها.. حين يجتمع الليل ﴿وجعل الليل سكنا﴾.. والمسكن ﴿والله جعل لكم من بيوتكم سكنا﴾.. ورفقة من نُحِبّ ﴿لتسكنوا إليها﴾.. مع الأنس به ﷻ ﴿هو الذي أنزل السكينة﴾..
 
مشهد الشمس وهي تميل عن أصحاب الكهف.. ﴿وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم﴾.. من أكثر مشاهد الرفق واللطف الخفي جمالا وجلالا.. فعلا.. إذا أراد الله أمرًا يسّر له أسبابه.. اللهم اللطف والتيسير من لدنك..
 
أن أكون "خارج" كل مكان.. أفضل عندي—رغم صعوبة ذلك—مِنْ أن أكون "في" مكان لا أنتمي له..
 
استحضرت هنا فعل موسى ﷺ.. إذ جمعت رحلته في طلب العلم بين الاستعداد وبذل السبب وبين عامل "الحظ" والتوفيق.. أما الأخذ بالأسباب فهو واضح في: ﴿لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين﴾.. وأما الفرصة فجاءته من غير تخطيط، ومن حيث لم يحتسب: ﴿نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا﴾..
 
تذكرت كذلك كيف يربي القرآن العلماء.. ويخبرهم أن العلم محض تفضل ومنحة إلهية.. كما يشير له قول إبراهيم ﷺ ﴿إني قد "جاءني" من العلم ما لم يأتك﴾.. فعبر عن العلم بالمجيء "جاءني".. وكأن العلم هو الذي أتى له.. وهذا أكبر درس في معرفة حقيقة النفس.. وخفض الجناح.. والإخبات لله..
 
في اللحظات التي أشعر فيها بأن الدرب غير واضح.. أن الأمور مختلطة.. في أوقات الوحدة والوحشة.. في الساعة التي لا تكون فيها الرؤية واضحة.. ألتمس الهداية والرشاد في هذا الدعاء الجليل.. ﴿عسى ربي أن يهديني سواء السبيل﴾..
 
العلاقات الوثيقة.. بقدر ما تحتاج إلى مصارحة ووضوح ﴿عرّفَ بعضه﴾.. هي تحتاج كذلك إلى "التجاوز"، وغض الطرف، وعدم إشعار الآخر بمعرفة بعض الأمور ﴿وأعرض عن بعض﴾..
 
جزء كبير من فقه النفس والحياة.. يتمثل في إدراك الضعف الكامل فينا ﴿وخُلِق الإنسان ضعيفا﴾.. والاعتراف بأن الحياة الدنيا فيها من النقص الشيء الكثير.. ﴿لقد خلقنا الإنسان في كبد﴾..
 
اعلى مراتب الرضى والسعادة—فيما يظهر لي—أن تكون راضيا عن الشيء الذي حصلت عليه، وأن يكون هذا الشيءُ صحيحا في ذاته وحقا في نفسه؛ ألتمسُ هذا المعنى في قوله ﷻ ﴿ارجعي إلى ربك راضية مرضية﴾، أي راضية عما نلتيه، مرضية عند الله.. فاللهم اجعلنا راضين مرضيين.. في الآخرة والأولى..
 
 
رسائل مشروع تدبر } – Telegram

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المواساة بنقيض الحال=من أسباب تفريج الكرب؛ بمعنى أنّ تمد يدك للآخرين لتخرجهم من حال أنت واقع فيه.. كمن يشعر بالوحدة ولكنه يؤنس غيره.. تأمل "شيئا" من هذا في: (ومن قدر عليه رزقه [أي: ضُيّقَ عليه] فلينفق مما آتاه الله ... سيجعل الله بعد عسر يسرا).. وكأن الإنفاق—في الضيق—سبب للتيسير.

 

الوصول لمستوى التوازن النفسي المشار إليه في قوله ﷻ ﴿لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾.. ليس سهلا.. وأحسب أنه نتيجة عمل دؤوب وتمرين طويل للروح.. لا حزن على ما فات.. ولا قلق من المستقبل.. ولكنها حالة عالية من الشعور.. تستحقّ كل ما يبذل فيها.. يا رب بلغنا..

 

كريم النفس قد يسكت أحيانا.. ولا يرد التطاول بمثله.. بل ويسمح للطرف الآخر بأن يقول ما شاء.. وأن يشعر بأنه "انتصر".. كل ذلك من أجل حفظ أواصر العلاقات.. والصداقات.. هذه بعض دروس ﴿وعزّني في الخطاب﴾.. الآية التي مرت علينا الليلة في التراويح.. وكأنها المرة الأولى التي أسمعها!

الآية التي أضعها بين عيني.. عند المواقف التي تمر بي في التعامل مع بعض أصناف الناس.. ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة؛ أتصبرون؟﴾.. ولا أجد عزاء أبلغ من تلك الكلمات.. ولا نصا أدلّ على سنة الحياة..

هناك شخص يدعمك ويقف معك ﴿اشدد به أزري﴾.. وهذا عظيم.. والأجمل من لا يكتفي بدعمك كي تنجح.. ولكن أيضا يشاركك اهتمامك.. ﴿وأشركه في أمري﴾.. تأمل كيف جمع موسى ﷺ بين الأمرين: ﴿اشدد به أزري، وأشركه في أمري﴾.. . سعادة الحياة أن يكون شريكك داعما لك.. مولعا بما أنت مولعٌ به..

 

إقبال المرء عليك ﴿أقبل ولا تخف﴾.. إنما هو بمقدار الأمان الذي يشعر به وهو معك ﴿إنك من الآمنين﴾.. الأمان قبل الحب.. الأمان سر نماء العلاقات الوثيقة.. منه يتدفق الشعور.. هو أساس استمرار الصداقات..

تفتتح سورة العنكبوت بقوله ﷻ ﴿أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾.. وتختتم بقوله سبحانه ﴿لنهدينهم سبلنا﴾.. وما بين الآيتين—البدء والختام—مشوار طويل من الصبر.. والعمل.. والدموع..

﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على الدين.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على المبدأ.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾ الثبات على الهدف والحلم.. ﴿وما بدّلوا تبديلا﴾.. الوفاء بالعهد.. والثبات على الحب..

اللحظات التي يشعر فيها المرء بأنه "خير من" ﴿أنا خير منه﴾؛ هي لحظات المراجعة والتوقف.. ففي مقابل خطابات تمجيد الذات—السائدة في عصرنا هذا—أحب أن أتأمل وصفه ﷺ لنفسه في القرآن: ﴿إنما أنا بشر مثلكم؛ يوحى إلي﴾.. خطاب مليء بالجلال والنبل.. وبعيد كل البعد عن الإشارة للتميز والتفوق..

صفة غض البصر من أكثر ما يثير إعجابي ويلفتني في الإنسان.. ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾.. ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾.. فهي—مع الامتثال للأمر الشرعي—دليل على رقي أخلاقي.. سيطرة على النفس.. هدف واضح.. رضى وقناعة.. احترام مساحة الآخر.. حياء جميل.. تركيز، ومعرفة الوجهة..

 

يتحدث القرآن عن "كراهية الذات" باعتبارها عقوبة أخروية.. ويعبر عنها بمقت النفس—والمقت أشد البغض—كما في غافر: ﴿لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم﴾.. بعيدا عن سياق الآية.. تأملت هنا في هذا البلاء الذي يمر به البعض في هذه الحياة—ويصنف من أعراض الاكتئاب—وواجبنا تجاه من يمر بهذا الشعور..

يبدو لي أن آسية—إن صحّ أنه اسمها—لها نصيب من الأصل (أ-س-ي) الذي يدل على الحزن.. وكذلك من الأصل (أ-س-و) الذي يعني الإصلاح والمداواة.. فقد كانت حزينة وحيدة ﴿رب ابن لي عندك بيتا﴾.. ولكنها كانت مُصلِحةً ﴿قرت عين لي ولك؛ لا تقتلوه﴾.. آسية—رضي الله عنها—عظيمة.. وملهمة..

تأمّل كيف كانت السّكينةُ سببا لزيادة الإيمان ﴿هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا﴾.. فزيادة الإيمان من "آثار" السكينة.. ولاحظ كيف ينزل الحب "بعد" حصول السكينة ﴿لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة﴾.. لا عجب إذن أن طلبَ الخليلُ السكينةَ ﴿ولكن ليطمئن قلبي﴾..

هذه الآية الجليلة تصلح شعارا يذكر به المرء نفسه كل يوم ﴿ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا﴾.. خطوة واحدة لها آثار ممتدة.. إنها رمز للذين يعملون حسب وسعهم.. للذين اتقوا ما استطاعوا.. للذين لا يجدون إلا جهدهم.. لمَن شاء منا أن يتقدم.. رغما عن الظروف..

 

في حياتنا اليومية= تأسرنا المفاجآت.. ونجد في المسرات التي لم تخطر علينا= جمالا من نوع آخر.. من هنا نفهم سرّ الرزق الذي يأتي من حيث لا نحتسب ﴿ويرزقه من حيث لا يحتسب﴾.. يقول البقاعي معللا الحكمة في الآية: "أحْلى الهِباتِ ما جاءَ مِن مَكانٍ لا يُرْجى"..

 

لاحظ الصفات التي وُصف بها سيدنا يحيى.. الحكمة/الفهم/العقل.. الحنان.. الزكاة [= البركة؟].. والتقوى.. ولكن الصفة الوحيدة التي جعلت من عند الله—"من لدنا"—هي الحنان [=الرحمة والعطف].. ولعل هذا يفسر لماذا تأسرنا وتؤثر بنا مواقف الحنان والرحمة والحب.. إنها قريبة من أخص الصفات الإلهية.

يباغتنا الحب فجأة.. نقع فيه من حيث لم نشعر.. حتى القلب الحصين تخترقه المحبة.. لأن الحب "وقوع".. وقوع مفاجئ—يربط القرآن بين فكرة الحب وبين مفهوم الوقوع.. قلوبٌ تهوي.. ﴿فاجعل أفئدة من الناس "تهوي" إليهم﴾..

يلفت نظري كيف يعبر القرآن عن "إلقاء" الحق.. ﴿إن ربي "يقذف" بالحق﴾.. أحسب أن هذه الحياة ليست سوى "محاولة" لالتقاط ذاك الحق وهو يُلقى ويقذف.. اللحظة التي نلمس فيها بعض الحق بشكل مفاجئ= لحظة مركزية في حياتنا.. تغيرها بشكلٍ لم نحتسبه..

كنت أستمع للإذاعة قبل قليل—وأنا "ماسك الخط" في السيارة!—وإذا بالشيخ عبد المحسن القاسم يقرأ ﴿فاستقِم كما أمرت، ومن تاب معك، ولا تطغوا﴾؛ فخطر لي أن مجيء "ولا تطغوا" بعد الأمر بالاستقامة= قد يشير إلى التحذير من "شعور الاستعلاء"، والتقليل من الآخرين، الذي قد يحصل لبعض المتدينين..

وقع في روعي هذه الليلة—والإمام يقرأ في المغرب بسورة الشرح—وجها من وجوه الارتباط، والله أعلم، بين التطمين الإلهي ﴿إن مع العسر يسرا﴾ وبين الآية التالية ﴿فإذا فرغت فانصب﴾؛ وهو أن الاشتغال بعمل ما قد يساعد على تجاوز القلق.. بمعنى آخر؛ الانشغال بالعمل—أيًا كان—قد يخفف الهم..

يتساقط الزيف.. تتلاشى الدعاوى.. ويبقى الصادق.. الحقيقي.. والجميل.. ﴿فأما الزبد؛ فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس؛ فيمكث في الأرض﴾..

﴿فاصفح الصفح الجميل﴾.. قيل في تعريف الصفح الجميل: "مواساة المذنب برفع الخجل عنه، ومداواة موضع آلام الندم فى قلبه"..

كثيرا ما أجدُ النّظمَ الكريم يختصر—في كلمات يسيرة—عشرات الصفحات من كتب ما يُعرف بتطوير الذات.. مثلا.. فكرة اختيار البيئة المحفزة، وإحاطة النفس بأصحاب الطموح والكفاءة العالية= لخصها القرآن في جملة: ﴿واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم﴾..

الرحمة هي السياج الذي يحمي العلاقات الإنسانية—بشتى أنواعها—حين تتنحى المشاعر جانبا، يغيب الحب، ويختفي الود.. ومن هنا أفهم مجيء الرحمة بعد الود في: ﴿وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.. وكأن الرحمة هي السياج وخط الدفاع الأخير..

سارع إخوة يوسف إلى وصف محبة يعقوب ليوسف وأخيه بالضلال: ﴿إنا أبانا لفي ضلال مبين﴾، ويتكرر الوصف نفسه مع النسوة؛ إذ وصفن حب زليخا بقولهن: ﴿إنا لنراها في ضلال مبين﴾.. يبدو أنها حالة عامة عند الناس—المسارعة إلى تأطير المشاعر المعقدة بإطار سلبي.. بدل محاولة فهم الدوافع والأسباب..

لما دعا إبراهيم ﷺ لبنيه، وأراد أن يقصد الناس البيت الحرام؛ دعا أولا بأن يحبهم الناس ﴿فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم﴾—أي: قلوبا محترقة بالأشواق، كما يعبر البقاعي—ثم بعد ذلك دعا بالرزق ﴿وارزقهم من الثمرات﴾.. لأنه إذا وُجِدَ الحب فكل شيء بعده هين.. لابد أن تهب رياح الحب أولا..

هذه الكلمات الجليلة: ﴿والله غالب على أمره﴾؛ هي مفتاح سورة يوسف.. بل لعلها تكون "سر" السورة.. وأكثر من ذلك.. هي بوابة فهمك لقصتك الخاصة في هذه الحياة..!

وصف القرآن المحسنين في هذه الدنيا بأنهم ﴿أصحاب الجنة﴾، رغم أنهم لم يروها بعدُ، وإنما يرونها في المستقبل، ومن هنا استنبط بعض المفسرين "أن الصحبة لا تستلزم الرؤية".. ومن هنا نفهم كذلك المقولة النبوية الخالدة—المرء مع من أحب..

أحيانا يعجز الواحدُ منّا عن فَهم ما في نفسه.. ويحتار في تحديد دوافعه ونواياه.. فكيف إذن يتجاسر على تأويل ما في نفوس الآخرين وتحديد نواياهم.. نوح ﷺ قدّم درسا للتاريخ، يستحق أن تحفظه العيون، حين قال: ﴿الله أعلمُ بما في أنفسهم﴾.. هذا اللي وهو نبي يُوحى إليه..

قد يصمد الإنسان كثيرا حين يتعلّقُ الأمرُ به هو.. ولكنه يتهاوى ويتنازل كثيرا حين يتعلّق الأمرُ بِمن يُحب؛ إنه معنى أشار له القرآن -والله أعلم- حين قال: ﴿لا تُضارّ والدة بولدها، ولا مولودٌ له بولَده﴾.. إذْ إن الولد "نقطة ضعف" للوالدين..

هناك علاقة بين منزلتك في قلب الشخص.. وبين أثر كلماتك عليه؛ فكلمة خاطفة منك ربما أضاءتْ له سنوات عمره.. وكلمة قصيرة لم تُلْقِ لها بالا ربما جرحته وآلمته.. ولو قالها غيرك لما أحزنته.. لأنك -أنت- تعني له الكثير؛ تأمل هذا المعنى في حكمة قول الله ﷻ: ﴿فلا تقلْ لهما أفّ﴾..

لا أعرف شعور سيدنا الخضر وموسى ﷺ يسأله ويوقفه كل مرة: ﴿أخرقتها﴾؛ ﴿أقتلت نفسا زاكية﴾؛ ﴿لو شئت لاتخذت عليه أجرا﴾.. ولا أستطيع الكلام نيابة عن الخضر..! . ولكن لو كنت مكانه لكنت سعيدا جدا.. فكم هو رائع أن يجد المعلم ذاك التلميذ الذي يراجعه ويتحداه—بأدب—ويدفعه للبحث والنظر..

يهاب المرءُ الإقدام؛ لأنه يخشى الرفض.. تأمل كيف يعلمنا القرآن على التّكيف مع الرفض، ومواجهة ال "لا".. ﴿وإن قيل لكم: "ارجعوا"؛ فارجعوا﴾.. يكتب البقاعي في تفسير الآية: "ولا تستنكفوا من أن تواجهوا بما تكرهون من صريح المنع".. وأما ابن عاشور فيخبرنا أن الآية فيها "تعليم قبول الحق"..

في خضم الفوضى، وفي ظل تسارع الأحداث ﴿ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر، وفجرنا الأرض عيونا﴾.. قد لا تدرك الصورة الكلية.. ولا النتيجة النهائية.. ولذلك تحتاج إلى إيمان.. يقين بأن خلف هذه الفوضى الظاهرة= انتظام واستقرار وسكون ﴿فالتقى الماء على أمر قد قدر﴾..

يستوقفني وصف القرآن للخلافات الأسرية بالشقاق: (شقاق بينهما).. فالشقاق—في أحد القولين—مشتق من الشِّق، أي الناحية؛ لأن كل طرف يكون في ناحية.. وكأن الآية تشير—بالمفهوم—إلى أن الأصل في العلاقات الناجحة أن يكون الطرفان "في ناحية واحدة".. أو بتعبير البقاعي: أن يكونا "شيئا واحدا"..

ثنائية الحبيب المصطفى ﷺ وأبي بكر الصديق ﴿ثاني اثنين إذ هما في الغار﴾.. وثنائية موسى ﷺ ويوشع ﴿وإذ قال موسى لفتاه﴾.. المهمات الكبيرة تحتاج لصحبة.. لرفيق يؤمن بما تؤمن به..

﴿ويطعمون الطعام—على حبه—مسكينا ويتيما وأسيرًا﴾.. يحدثنا النظم الجليل هنا—في أحد أوجه التفسير—عن الذين يطعمون غيرهم حال كونهم "يحبون" هذا العطاء.. وهذه المرحلة، في رأيي، هي متأخرة.. تأتي بعد أن يُجبر المرء نفسه على العطاء.. فيصبح بعدها سجية.. وأخيرا يتحول إلى حب للبذل والعطاء..

المشاعر كالحزن=ليست، غالبا، مما يقع تحت سيطرة المرء، بمعنى أنها تغلبه؛ فكيف، إذن، نفهم النهي عن الحزن في قوله ﷻ ﴿ولا تحزنوا﴾؟ إما أن نقول إن حقيقة النهي غير مرادة—كما عند الألوسي—وإما أن نقول—كما يرى ابن عاشور—أنّ النهي هنا هو نهي عن "سبب" الحزن، وهو الاعتقاد الذي يؤدي إليه..

الإنسان الواثق بربه ﷻ.. الذي يقف على أرضية صلبة من العلم والمعرفة=لا تغره المظاهر.. لا يهمه أن يتصدر المجلس.. ولا أن يذكر اسمه أولا.. أو أن يتقدم الصفوف.. بل إن غناه في قلبه.. تأمل كيف قالوا لموسى ﴿إما أن تلقي، وإما أن نكون أول من ألقى﴾؛ فرد عليهم بيقين العارف: ﴿بل ألقوا﴾..

وعندي—والله أعلم—ملمح آخر في تفسير صنيع موسى.. وبيانه؛ أنهم لما عرضوا عليه أن يلقي أولا=كان في عرضهم ذلك نوعُ أدب.. فلم يشأ موسى أن يتفوقوا عليه أخلاقيا.. بل قابل أدبهم بأدب جم.. لكي يكون نصره—في النهاية—نصرا ماديا/تقنيا (بإبطال السحر)، ونصرا أخلاقيا.. بالغا أعلى مقامات الأدب..

النجاح في أمر ما يعتمد على أمرين—انتفاء أسباب الفشل، ثم تحقق أسباب النجاح.. في الرؤية القرآنية يتقدم الأول على الثاني.. مثلا، قوله ﷻ ﴿قلنا: لا تخف؛ إنك أنت الأعلى﴾ يمثل انتفاء أسباب الفشل—وهي الاعتقادات التي تؤدي للخوف—ثم تأتي بعدها خطط البناء الإيجابية: ﴿وألق ما في يمينك﴾..

السيطرة على المشاعر والانفعالات=من الخصال الحميدة في الإنسان.. وقد تحتاج لتدريب طويل.. في سورة طه يعبر القرآن عن خوف موسى ﷺ بقوله: ﴿فأوجس—في نفسه—خيفةً، موسى﴾.. بمعنى أنه خاف ولكنه لم يُظهر خوفه؛ قال ابن عاشور: "لم يظهر أثرها [أي: الخيفة] على ملامحه".. يثبت الله الذين آمنوا..

التجارب الصعبة قد تصنع الإنسان وتصقله وتعدّه للأحداث الكبرى، ولكن بشرط—وهو ما نغفل عنه أحيانا—أن يعقب تلك الصعوبات مرحلة لاستعادة النفس.. تأمل كيف جاءت ﴿يا أيها المدثر﴾ بعد صعوبات بدء الوحي، وكيف جاءت ﴿وأنبتنا عليه شجرة﴾ بعد ظلمات الحوت.. والجامع بينهما شيء واحد.. الاحتواء..

أحب هذا الدعاء.. "يا فتاح يا عليم".. هكذا.. من غير تحديد.. "يا فتاح يا عليم".. وهو مستلهم من النظم الكريم: ﴿وهو الفتاح العليم﴾.. يفتح الأبواب المغلقة.. ويفتح عليك النور والعلم.. وكل ذلك بعلمه وحكمته.. أنت أدرى يا رب.. إنك كنت بنا بصيرا..

كانت شجرة وحيدة—فيما يظهر من إفرادها—وإذا بها تصبح محل الرضوان ﴿لقد رضي الله﴾.. واجتماع الكلمة ﴿إذ يبايعونك تحت الشجرة﴾.. كيف لحدث واحد أن يخلد تلك الشجرة.. من وحدتها ووحشتها.. إلى قرآن يتلى.. من الوحدة إلى الجمعية.. وربك يخلق ما يشاء ويختار..

بعد النجاة من الغم.. بعد الخروج من الضيق والظلمات.. بعد كل حدث صعب ﴿فالتقمه الحوت وهو مليم﴾.. أنت بحاجة لشيء يحتويك حتى تعود إليك نفسك ﴿وأنبتنا عليه شجرة من يقطين﴾.. ولربما كان هذا الاحتواء على هيئة كلمة.. من قلب محب ﴿يا أيها المدثر﴾..

يتحقق ليوسف ما كان يصبو إليه—الحرية—ولكن النتيجة تحققت له بغير الصفة التي أرادها؛ فقد خطط للخروج بقوله للساقي: (اذكرني عند ربك).. ولكن الخطة فشلت؛ فنسي الساقي (فأنساه الشيطان ذكر ربه).. وكان لابد من تدخل أمر آخر لم يخطر على بال يوسف حتى تتحقق له الحرية—إنها رؤيا الملك.

لما سافر موسى ومساعده ووصلا ﴿مجمع البحرين﴾= نسيا السمكة ﴿نسيا حوتهما﴾، ولكن "ضياع"السمكة كان علامة الوصول للمقصد، بل وكأن "فقدانها" كان مرادا: ﴿ذلك ما كنا نبغ﴾.. ولعل في الآية حكمة كبرى—من الضروري أن "تضيع" منا بعض الأشياء.. "فقدانها" هو دليلٌ على أننا على الطريق الصحيح..

يمر بك في الحياة.. من هو كالسراب.. يلمع من بعيد ﴿كسراب بقيعة﴾.. فتنجذب له وتقصده ﴿حتى إذا جاءه﴾.. ثم يخذلك ﴿لم يجده شيئا﴾.. ومنهم من تسمع عن جمال روحه ﴿وقال الملك ائتوني به﴾.. فإذا اقتربت منه رأيت لمعانه فوق ما كنت تتصور.. وقلت: "هو هذا الشخص".. ﴿إنك اليوم لدينا مكين﴾..

مهما حققَ المرء من نجاحات.. وكان مؤثرا في الناس.. وذا قبول بينهم.. إلا أنه تبقى في قلبه غصة.. ويظل فيه جرح لا يندمل= إذا زهد فيه أقرب الناس إليه.. ولكن يأتي عزاء القرآن: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾..

المواهب الإلهية تختلف من شخص لآخر.. فالأكثر من الناس لابد أن ينظر ويعيد النظر كي يفهم: ﴿فارجع البصر؛ هل ترى من فطور؟ ثم ارجع البصر كرتين﴾.. ومن الناس—من نور الله قلبه—من لا يحتاج إلا لتأمل يسير لينهمر عليه الفتح: ﴿فنظر "نظرة" في النجوم﴾.. نظرة واحدة وأتاه الإلهام.. فضل الله..

 

يعلمنا القرآن العظيم أن الأشياءَ الثمينة والشريفة ﴿إنه لقرآن كريم﴾.. من حقها علينا أن نصونها ﴿في كتاب مكنون﴾.. وألا نبذلها إلا لِمَن يستحقها ﴿لا يمسه إلا المطهرون﴾.. فإذا كان القلبُ هو أغلى ما نملك.. فواجب على المرء أن يصون قلبه.. ويحفظه جيدا.. ولا يبذله إلا لمن يستحقه..

 

 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×