اذهبي الى المحتوى
شراز

السيرة العطرة لبعض من شهدائنا في الشيشان

المشاركات التي تم ترشيحها

الشيخ صالح بن محمد الدهيشي (أبوثابت)

مقاله كتبها : أبو سعد القندهاري رحمه الله في 8-2-1421

 

أبو ثابت

 

نفس أبية وروح زكية ، أبت العيش في دنيا دنية ورفضت ما تطارده البشرية، لم يلتفت إلى هراء الناس ، ولا إلى أماني الوسواس الخناس ، طارت به أحلامه ، وحلقت به آماله ، لم تعرف له دار ، ولم يقر له قرار ، جال الأمصار ، وقطّع حياته بالأسفار ، كل ذلك لأنه يحمل همّا وله مبدأ ، له همّ لا كالهموم ، نعم كان يحمل هماً ، فماذا كان هذا الهم ، هل كان في أمواله وعقاراته ؟ أم كان في زوجته وأولاده ؟ أم في شيء من حياته ؟ كلا ولا .

 

إن الهم الذي يحمله كان منعكساً على حياته ، إن الهم الذي يحمله هو الذي جعله يعيش عالماً آخراً ، يعيش حياة ليست كحياتنا ، ويفعل أفعالاً لا نطيق فعلها ، أنا لست أحكي حياته فهذا خيال ولست أروي قصته فهذا محال ، تستحي الشجاعة أمثاله ، وتتبنى الشهامة أفعاله ، سل أراكان وكوسوفا والألبان ! سل أرغون وريان ! سل أراضي أروس مرتان ! سل وسل ...

 

وأخيراً هاهي دماؤه تسيل على جبال الشيشان ، ونفارق جثمانه في ذاك المكان ، فلا نامت أعين الجبناء .

 

وداعاً أيها البطل إلى لقاء يسوقه الأجل .

 

وترجل الفارس الداعية المربي

الشيخ صالح بن محمد الدهيشي (أبوثابت)

 

أبو ثابت .. لا أدري أي صفاتك أعجب إلي أهو صمتك وهدوؤك .. أم زهدك وتواضعك .. أم شجاعتك وإقدامكم .. أم عبادتك وصلاحك .. أم تضحيتك واحتسابك ؟ بل ذلك كله صنع منك شخصيه مميزة محبوبة .. وجعلت منك رجلاً قد قضى نحبه أو كاد في رأي كثير ممن رآك حيث اتفقوا أنك قد نلت سمات الشهيد فإنما الشهادة اصطفاء ( ويتخذ منكم شهداء ) ولانزكيك على الله .

لا زلت أذكر يوم أتيتني غاضباً من انسحاب الأخوة المجاهدين في كسوفا أمام الصرب لما أراد الصرب الالتفاف عليهم وذكرت أن الجهاد يحتاج إلى ثبات وتضحية .. وقلت في نفسي لا يصدر هذا الكلام إلا من رجل شجاع يضع نفسه موضعهم وأنه لا يمكن أن ينسحب حينها .

وتقلبت أبا ثابت من الأفغان إلى ... إلى الشيشان تترقب منازل الشهداء ـ لا حرمك الله إياها ـ ويتساءل الناس عنك هل لازلت حياً بين الناس لأن الشهادة كانت تلوح بين عينيك .

وكان الشيخ أبو عمر يقول هذا الرجل مصداق حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" من خير معاش الناس رجل آخذ بعنان فرسه يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار إليها يبتغي القتل مظانه "

قبل الموعد بأسبوعين يرى الشيخ أبو عمر أبا ثابت يحفر قبراً بيده فيؤولها بالشهادة وهكذا رآه أحد إخوانه .

 

أما كيف تمت فبعد فتح أحد مراكز العدو تقدم المجاهدون إلى المركز الثاني وكان أبو ثابت في مجموعة الاقتحام فقال للأمير أبي جعفر دعنا نقتحم عليهم وأبو جعفر يصبِّره قال أبو جعفر فالتفت إليه وإذاهو رافع يديه يدعو فسقطت قذيفة هاون بينه وبين أخيه عبدالصمد الطاجيكي فقتلا رحمة الله عليهما .

فيا ترى بأي دعاء كان يدعو لعله كان يسأل الله الشهادة فاستجيب له كما استجيب لمن قبله فهذا عبد الله بن جحش رضي الله عنه يوم أحد يدعو : " اللهم لقني رجلاً شديداً حرده قوياً بأسه أقاتله فيك فيقتلني ويجدع أنفي ويقطع أذني ، فإذا لقيتك قلت فيم جدع أنفك وقطعت أذنك فأقول فيك يارب ، وتنجلي المعركة عن مقتل عبدالله بن جحش وقد جدع أنفه وقطعت أذنه " ..

وهذا جابر جان (منصور الدوسري رحمه الله) دعا عند الاقتحام : اللهم افتح علينا هذا المركز واجعلني أول الشهداء ففتحوا المركز وكان أول شهيد.

 

وقفت وما في الموت شك لواقف

 

 

 

 

كأنك في جفن الردى وهو نائم

 

تمر بك الأبطــال كلمى هزيمة

 

 

 

 

ووجهك وضاح وثغرك باسم

 

 

أبا ثابت هل صحيح أنك لن ترجع إلينا ثانية فهذه زوجك التي شاطرتك مكابدة الحياة والتقلب في مواطن الجهاد تترقب رجوعك لتكمل مشوار الجهاد فكيف تمضي وحدك ؟ وهذا ثابت يسير على الخطى ليلحق بك ما بالك لم تنتظره وهذه ابنتك و هذا ابنك الصغير الذي رحلت إلى أرض الجهاد يوم أن بلغ اليوم الثاني من العمر ولم تره إلا مرة واحدة .

 

أبا ثابت لم يفقدك أهلك فقط بل فقـدُك عزيز على كل من عرفك لقد فقدك المسلمون في بنجلادش وفي ألبانيا وفي كوسوفا وفي الشيشان .

 

أبو ثابت كان مثالاًَ لمن عرف الدنيا حقاً وهوانها على الله فكانت كذلك لديه ، لقد أدرك أنه لابد وأن يصنع شيئاً لأمته ولا بد أن يقدم شيئاً بين يديه فرأى أن أفضل الأعمال ذروة سنام الإسلام فارتقاه

يستعذبون مناياهم كأنهم لا يخرجون من الدنيا إذا قتلوا

وقد تميز أبو ثابت بالشجاعة وشهد له بها كل من عرفه ، لما أ سقطت طائرة للروس ونزل منها الطيار بالمظلة حيث سقط في الغابة امتشق أبو ثابت سلاحه ونزل يبحث عنه مسرعاً عله أن يكون أول من يظفر به .

 

أسد دم الأسد الهزبر خضابه

 

 

موت فريص الموت منه ترعد

 

 

وأعرف الناس بأبي ثابت أهله وأصحابه الأقربون فهم أقدر أن يعرفوا به وقد تلقينا بعض الرسائل التي تلقي بالضوء على جوانب من شخصيته .

 

و قياماً بالواجب نحوه ورغبة في استلهام العبر والعظات من هذا البطل الذي بذل روحه في سبيل الله متوجاً بذلك سيرته الحافلة بالتضحية والبذل منذ بلغ الخامسة عشر من عمره الذي لم يتجاوز ثلاثين عاماً ، فهذه نبذة موجزة في نشأته وصفاته:

 

أولاً : ميلاده : ولد عام 1391هـ وهو الابن الأول لوالديه ، تخرج في كلية الشريعة بالرياض عام 1413هـ .

تزوج بإحدى بنات عمه وله من الأولاد : ثابت (أربع سنوات ونصف) وسمية (ثلاث سنوات) ومحمد (أربعة أشهر) تقريباً .

ثانياً : نشأته وصفاته

تقول والدته حفظها الله : منذ صغره وهو قنوع في ملبسه ومأكله ، لا يكلف أحداً بشيء أو يطلب منه مساعدة حتى أمه وزوجته ، كان خدوماً لوالدته لا يرد لها طلباً ، وكان محبوباًً ، فلم يشتك منه أحد منذ عرفته ، لا يشتم أحداً أو يضرب أحداً منذ صغره ، وكان واصلاً لرحمه حريصاً على زيارة أقاربه

ومن صفاته :

- كان حريصاً على إزالة المنكرات من البيت .

- كان سخياً لا يدخر شيئاً من ماله .

- كان شجاعاً لا يهاب شيئاً منذ صغره .

- كان محبوباً من الجميع وكل من رآه أحبه وذكره بخير في كل مكان ، وبعد استشهاده هرعت الجموع الغفيرة إلى منزل والده مهنئة ومباركة ومعزية على رأسهم العلماء والدعاة وطلاب العلم ، وقد كان لحضورهم أثر كبير في تسلية الوالد وأهله .

- كان ورعاً ينأى بنفسه عن أي أمر فيه شبهة وله في ذلك قصص معروفة .

- كان صاحب عِزة شديدة يتقطع قلبه ألماً وحسرة لقضايا المسلمين وهمومهم وكذلك حين يسمع المنكرات

- منذ سنين وهو يحدثني عن الشهداء وعظيم منزلتهم - قالته أمه .

- بعد تخرجه عام 1413هـ عمل في التدريس في الجديدة بمدينة عرعر على الحدود الشمالية ، وقد ذهب إلى هناك برغبته ، وبقي فيها سنتين داعياً ومعلماً محبوباً من الجميع ، ثم انتقل إلى الرياض وعمل أقل من سنة ثم استقال برغبته ورضاه ، وعمل محتسباً في الأعمال الدعوية والإغاثية والجهادية .

 

ومن صفات :

ـ الحرص التام على إخفاء أعماله وجهوده حتى من المقربين منه ، وهذه يشهد بها جميع أقاربه .

ـ البعد التام عن المجالس التي يكثر فيها اللغو .

ـ بعيدا عن الجدال في الأمور المعلومة المتقررة .

ـ له عناية تامة بالجهاد وفضائله ويتيقن أن الجهاد أفضل الأعمال ، ويقول : الجهاد لا يعدله شيْ .

ـ له عناية تامة بالعلم وقرأ على بعض المشايخ وكان يحضر دروس الشيخ عبدالعزيز ابن باز رحمه الله تعالى وغيره من أهل العلم .

ـ كان صاحب اطلاع في كتب العلماء .

ـ قال عنه أحد طلاب العلم الكوسوفيين ( دكتور) : ما رأينا مثله ، كان لاينام ولا يأكل إلا يسيراً ، وكنا نعمل معه في كوسوفا فكنا نتعب ولا يتعب ، وإذا تعب غفا قليلاً ثم استيقظ وواصل نشاطه ، كانت له عناية خاصة بالمستضعفين والمساكين ، اتصل بي هاتفياً قبل استشهاده بعشرة أيام وأوصاني ببعض الوصايا الخاصة به ".

ـ قال عنه أحد المشايخ : أشهد لله بأنني ما رأيت مثله ، وأشهد إن شاء الله بأنه ممن قال الله فيهم (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .

ـ وقال أيضاً : إنه كان يجاهد بعلم ويعرف من يستحق القتال .

ـ ومن صفاته ـ كما تقول والدته ـ : كان صاحب قيام ليل لا يتركه رغم أنه كان ثقيل النوم إلا أنه كان يستيقظ بالمنبه ثم بدون منبه .

ـ كان لا يحب السهر ، وينام مبكراً قدر الإمكان ، ولا ينام بعد الفجر إلا نادراً .

ـ لم يذكر عنه أنه نال من أحد أو اغتاب أحداً أو رفع صوته على أحد .

 

ثالثاً : من أعماله :

ـ سافر أول مرة إلى أفغانستان عام 1411هـ في شهر رمضان تقريباً وله عشرون عاماً تقريباً ، وبقي هناك ستة أشهر ، واعتذر عن فصل دراسي في الكلية .

ـ تقول والدته : لم يتصل بنا خلالها ولم يصلنا منه إلا رسالة واحدة .

ـ ثم سافر إلى ألبانيا وبقي فيها أربعة أشهر تقريباً .

ـ ثم سافر إلى بنجلاديش وبقي فيها عشرة أشهر .

ـ ثم رجع إلى ألبانيا مرة ثانية ومعه زوجته وأولاده .

ـ ثم رجع إلى بنجلاديش ومعه زوجته وأولاده وذلك في أعمال إغاثية و دعوية .

ـ سافر إلى الشيشان عدة مرات .

ـ والمرة الأخيرة سافر إلى الشيشان في آخر شهر رجب 1420هـ وقد خرج من بيته مغتسلا ولبس أحسن ملابسه وكأنه ذاهب إلى مناسبة وذلك بعد ولادة ابنه الصغير محمد بيومين فقط الذي لم يره إلا مرة واحدة فقط .

ـ مما عرف عنه تسهيل أموره دائماً فكثيراً ما أنجز أعمالاً كثيرة في وقت يسير وله في ذلك قصص معروفة .

ـ كان لطيفاً بأولاده ـ أصلحهم الله ــ ومن المضحك المبكي أن ابنه ثابت كثيراً ما يقول: لماذا لم يذهب إلى الشيشان إلا أبي ؟! ويقول إذا رجع أبي من الشيشان سيعطيني ريالاً وسأعطيه للمجاهدين في الشيشان

 

أما موقف والديه وزوجته فقد كان موقفاً عجيباً :

 

ـ أبوه يقول : الحمد لله الذي شرفني بقتله ، ويقول أيضاً : أتمنى أن يستشهد جميع أبنائي ، ومن عرف الله هانت مصيبته .

ـ كان والده يقول : لم أقل له يوماً واحداً لا تذهب إلى الخارج أو لماذا تذهب ، ويقول أيضاً : لقد حصّل ابني ما يريده ويتمناه .

ـ أمه حمدت واسترجعت ، وتقول : كنت أتمنى أن يكون من أبنائي من يجاهد في سبيل الله ، وتقول : أوصي أمهات الشهداء بالصبر والاحتساب .

ـ وكذلك زوجته الصابرة المجاهدة التي لم يُنقل عنها كلمة واحدة في التضجر من كثرة سفر زوجها ومشاركته في قضايا المسلمين ، وتقبلت نبأ استشهاده بصبر واحتساب .

ـ لقد كان صالح رحمه الله مدرسة وأمةً لوحده ،حياته عجيبة ومقتله عجيباً وكان مؤثراً فيمن حوله بصمته وسمته وهديه ومحبته للناس ، وكان استشهاده درساً عظيماً لأسرته وأقاربه الذين تقبلوا نبأه بصبر واحتساب بل وبفخر وغبطة وقد انهالت الاتصالات من أنحاء المملكة ومن خارجها مواسية ومعزية وذاكرة مآثر الفقيد وأعماله التي يتعجب منها القريبون منه الذين ما كانوا يظنون جلالة أعماله .

ـ مما هوّن المصاب وسهَّل الخطب وجفّف دموع ذوي صالح وأقاربه هذه الجموع الغفيرة والدعوات الصادقة التي تُشعر بالرفعة والمنزلة العالية التي كان يتبوؤها .

 

كلمة والد " أبي ثابت "

 

تلقيت خبر استشهاد ابني صالح كما يتلقاه أي أب مؤمن واثق بوعد الله للصابرين المحتسبين المدخرين الأجر عند الله ، الأب الراجي الطامع في أن يجعل الله ابنه من الذين قال الله فيهم :( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

وفي هذه بشارة عظيمة نرجو الله أن يرفع درجة الإيمان عند كل مسلم حتى تصل إلى فهم وإدراك هذا الموعود السامي لتتسابق إلى ميادين الجهاد والبذل والعطاء والسخاء بالمال والنفس والأهل والأبناء في سبيل الوصول إلى هذا المقام العظيم ، وأي شيء أفضل من حياة دائمة الرزق الكريم فيها مضمون ، ألا تستحق المبادرة والإقدام ؟

بل والله إنها سلعة الله وسلعة الله غالية تحتاج إلى قوة إيمان وصدق مع الله .

ونرجو الله تعالى أن يحقق للمسلمين العزة والغلبة والتمكين في الأرض كما أرجو الله سبحانه وتعالى أن يخلف لي في صالح برفع درجاتي عند ربي ويرزقني شهادة في سبيل الله وأن يقر عيني بصلاح أبنائي وبناتي وأولادهم وأن يريني فيهم خيراً وأن يحعلنا جميعاً من الذين يقبل الله شفاعة الشهيد فيهم لدخول جنات النعيم إنه ولي ذلك والقادر عليه إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا لفراقك يا صالح لمحزونون وللدموع بعدك ذارفون ونرجو الله أن يجمعنا بك يا صالح في دار كرامته .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد حرر في 26/11/1420هـ

 

رحم الله أبا ثابت، وجمعنا به في الخالدين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

ونأمل من أصحاب أبي ثابت ورفقاء دربه من الدعوة والتعليم والجهاد موافاتنا بما لديهم عن شخصيتة وأخباره ليكون نموذجاً للأجيال .

 

أبوسعيد الشرقي..عاشق الشهادة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

ابو سعيد الشرقي " إبراهيم بن محمد الظفيري"

البداية :

سيارة منطلقه تقل ثلاثة من الشبان وإذا بها تصطدم بشاحنه فكانت النتيجة حادثاً مروعاً راح ضحيته سائق السيارة ونجاة رفيقيه . وكان هذا الحادث فاتحة خير لأحدهما.. حيث أنه توجه إلى الله معتبراً عارفاً لحقيقة هذه الدنيا .

هذا بإختصار بداية المشوار مع صاحبنا " أبي سعيد الشرقي "كان ذلك أثناء دراسته الثانوية.

لقد عرف الطريق وتمسك به في ليلٍ حالك .

انطبع عليه حب الخير وحسن الأدب منذ صغره ومع هذا كان جامعاً بين حسن السمت ودعابة الطبع مع من يحب ، وهذه قلما تجدها بين أقرانه وقد كان مفهوم الدين عنده شئياً آخر، كان رفاقه ذات مره يتحدثون عن وسائل الثبات وكلٌ يدلي بدلوه وعندما تحدث أوجز ، وقال مقولة تبين فهمه الواضح :" إن من حمل هم هذا الدين ثبت عليه بإذن الله "

أحب هذا الطريق وأحبه أهل هذا الطريق وكان حدائه دائماً :

غرباء ولغير الله لانحني الجباه *** غرباء وارتضيناها شعاراً للحياة

فلنجاهد ونناضل ونقاتل من جديد *** غرباء هكذا الأحرار في دنيا العبيد

 

وأستمر على هذا الطريق ثم انتقل إلى كلية أصول الدين قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام بالرياض وبعد أن أنهى المستوى الثالث فيها سمع عن أخبار المجاهدين في البوسنة وتاقت نفسه للجهاد وكان لخبر مقتل " أبي عبد الله الغامدي" رحمه الله في البوسنة الأثر العظيم على همة " أبي سعيد " كيف لا وهو يعرفه منذ زمن وكان أول رفيق له ينال تلك المنزلة التي أصبحت بعد ذلك هدف "أبا سعيد " في الحياة .

ومع ذلك كله إستشار من يثق بعلمه وأمانته "الشيخ ناصر العمر" حفظه الله فقال له :

هل تعلم من نفسك العزيمة على ذلك ؟

قال : نعم . فقال : إذاً توكل على الله .

وفي الطريق وهو في مطار النمسا حدث تغيير في علاقة النمسا مع كرواتيا التي كانت وجهته إليها وكان لا يعرف في هذا المطار إلا مسجله الذي كان لا يُنزل سماعاته من إذنيه ولكن كانت عناية الله له حيث أنه وجد بعض الوجوه التي عليها سنحةً عربية وأكتشف أنهم من منطقة الرياض وفي جولة دعوية وهم في طريقهم إلى سراييفو وزيارة معسكر لواء المجاهدين ضمن جولاتهم فما كان أمامهم إلا أن يستقلوا قطاراً ليقطعوا تلك المسافات .

فماهي إلا أيام وإذا به يدخل بوابة معسكر التدريب بلواء المجاهدين في البوسنة .

فكان لزاماً عليه أن يمضي تلك الدورة التدريبية ليتمكن من المشاركه مع المجاهدين فيخوض غمار القتل والقتال في سبيل الله . كان يتلهف ويتودد لمدربه " أبو الشهيد " رحمه الله - والذي مات غرقاً في البوسنة – بأن يوافق على إرساله إلى المأسدة وكان له ماأراد.

بدر البوسنة 4/6/1416هـ

وبعد أن أكمل تدريبه سُمح له بالذهاب إلى المأسدة التي كانت تستعد لتخوض أكبر المعارك وأقواها على أرض البلقان منذ أن رفعت راية الجهاد هناك كان "أبو سعيد "سعيد الحظ بأن هذه المعركة لم تفوته وكان سعيداً بهذا الفضل من الله .

إن البطولة في الجهاد بأن ترى *** أسد العقيدة جيشهم جرار

وبأن تباع الروح في ساح الوغى *** لله بالجنات نعم الدار

بدأت المعركة فجر السبت4/6/1416هـ وكان "أبو سعيد " يشارك مع إخوانه على مدافع الهاون ومعه معشوقته البيكا حتى كتب الله لهم النصر والتمكين ولم ينال أبو سعيد أمنيته بالشهادة . حيث أنها كانت ترواده الفينة بعد الأخرى ولكن كانت المبشرات حوله تبشره بفضل الله القريب الآتي ، فهذا أحد إخوانه المجاهدين رئى وهو في الطريق للبوسنة رؤيا "أن سحابة تقل عدداً من المجاهدين فلان وفلان وفلان………… " وكان من بينهم "أبو سعيد"

فكان تعبيرها أن من كان في السحابة فهو حليف الشهادة بإذن الله . يقول صاحب الرؤيا رأيت عدداً من المجاهدين وأن لا أعرفهم فكنت إذا لقيت أحداً منهم بشرته بالشهادة .

لقد أمضى " أبو سعيد " أيامأ جميلة على أرض البوسنه أحبه كلٌ من عرفه ولازمه لقد أجتمعوا في الله وافترقوا على ذلك {فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر }.

وكان مولعاً بمعرفة دقائق الأمور في الجهاد والأسلحة ، حدث ذات مره في البوسنه وأن كانت هناك مسابقة في فك وتركيب سلاح الكلاشنكوف مغمض العينين فكانت النتيجه فوز صاحبنا " أبو سعيد " بالمرتبة الأولى . وكان كثيراً مايخفي مثل هذا .

قال له أحد إخوانه في الله ذات مره : هنيئاً لك أبا سعيد إني أغبطك على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم " من قاتل فواق ناقه وجبت له الجنة "

قال : لو كان في خير لتقبلني الله شهيداً وإني أخشى أن عملي رياءً وسمعة.

العودة من البوسنة

كان للتضيق على المجاهدين العرب والمفاوضات التي كان ثمرتها خروج المجاهدين من أعظم الأسباب التي دعت " أبا سعيد " بأن يفكر بالرجوع الى أهله وبلدته "القيصومة" وإكمال دراسته فكان ذلك قبل رمضان 1416هـ بأيام فكان في إستقباله من أهل بلدته "الشيخ أبوعمر السيف " والذي كان يحتفي فيه كثيراً ويطلب منه أن يتحدث عن أخبار الجهاد والمجاهدين أمام الحاضرين فكان رحمه الله يتكلم والخجل يكسو محياه .

الإعداد في سبيل الله

إن من أعظم ما أهتم به أبوسعيد رحمه الله هو كيف يكون مستعداً ومعداً في أي وقت يفكر فيه بالنفير والخروج لبذل نفسه رخيصةً في سبيل الله .

فكان العزم على الإعداد الكامل وكانت الرحلة إلى أفغانستان حيث مكث شهوراً يعد نفسه ويمارس أشق التدريبات لينال قدرة جسمانية ومعنوية لخدمة هذا الدين .

وهناك وجد مجموعة من المجاهدين نذرت نفسها لنصرة الحق على قمم الطاجيك وفعلاً كانت تلك القمم في الطاجيك تتوافق مع تلك الهمة العالية التي حواها صدر " أبي سعيد " ومكثوا ما يقرب شهر على حدود الطاجيك تمنعهم الثلوج من التقدم ولم يتمكن المجاهدون من التقدم بسبب تلك الظروف القاسية وأوشكت مؤونتهم على النفاد فلم يكن أمامهم خيار إلا التراجع سائلين الله أن يقع أجرهم عليه تعالى.

وشاء الله بعد ذلك أن يبُتلى " أبو سعيد " في جسده فكان في أحد الأيام في مهمة في أحد الجبال وأدركه العطش فوجد عيناً فشرب منها وما هي إلا ساعات إلا وهو طريح الفراش حيث أصيب بمرض الملاريا حيث كانت تلك العين ملوثة بها وكانت من أشد الأمراض فتكاً في تلك البلاد فأصبح طريح الفراش لا يقوى على الحراك .

وقد أراني صورة له بعد فترة قصيرة من المرض إنك لا تكاد تعرفه . لقد قاسى من الألم مالا يعلمه إلا الله وأصبح جسماً هزيلاً . ولكن الله شافاه وعافاه فتحسنت صحته وعادت إليه حيويته . ومكث في باكستان تحت العلاج حتى أقبل شهر رمضان فآثر أن يرجع وكانت "القيصومة" سعيدة بهلال رمضان وهلال محيا " أبي سعيد " عليها.

عاش " أبو سعيد " بين أهله ورفاقه كان رحمه الله محباً للرحلات البرية يقضي جل وقته بين إخوانه الله وعندما يسمع عن ضائقة لأحدهم يهب لمساعدته بكل ما يملك . كان محبوباً من الجميع ومحباً للجميع .

وفُتحت له أبواب الرزق ، نال الوظيفة في حين أنها كانت بعيدة المنال عن أقرانه وكانت هذه الوظيفة أمنية كل شاب مستقيم إنها العمل في مكتب الدعوة والإرشاد في منطقته فكانت تلك السنة سنة حافلة بالدروس والمحاضرات واستقطاب حتى كبار العلماء وكان " أبو سعيد " أحد الأسباب الكبيرة في نشاط ذلك المكتب .كان بيته مقراً لكثير من الدروس والاستضافات ، كان ذلك البيت محطة لكثير من العلماء والدعاة المجاهدين .

لقد كان رحمه الله ينظر إلى خدمة الدين في إي مجال يستطيعه أو لا يستطيعه.

ومن أبواب الرزق التي فتحت له ذاك المحل الذي كان يدر عليه ربحاً قد يكون فتنة لكثير من شباب اليوم سبحان الله ! كأن الدنيا أتته وهي راغمة ، وظيفة مرموقة وتجارة تدر عليه ومع هذا لم يشغله ذلك عن الهم الذي سكن بين جوانحه " الجهاد والاستشهاد " يقول لأحد إخوانه في الله عندما أخبره بنية بالذهاب إلى الشيشان قال له: يا أباسعيد لا تستعجل في الذهاب أنت تعلم انه مضيق عليك ولعل أجرك وقع على الله ...فقال : والله لو كبلوني بالحديد لذهبت .

فقال له صاحبه : طيب وإذا رجعت ؟

قال : أنت مجنون ! وهل من يذهب للجهاد يفكر بالرجوع ؟!!

وما أن عقد النية حتى ركل الدنيا برجله ولم يبالى بالعقبات التي تحول دون وصوله إلى أرض الجهاد انتصف من الطريق إلى الشيشان ولم يحصل له ما يريد من تيسير الأمور فرجع وحاول مراراً حتى أنه بكى متوسلاً لمن قال له إن الطريق مغلق ولا أمل الذهاب إلى الشيشان .

ولم يقر له قرار حتى عانق إبن بلدته "الشيخ ابوعمر محمد السيف" على ثرى القفقاس .

أتصل أكثر من مرة من هناك بعد خوضه كثيراً من العمليات كان أسعد ما عُرف " أبو سعيد " قال أحد مرافقيه إلى الشيشان : الحقيقه قد تعجب مما أقول لك لا كن مادعاني إلى ذلك إلا أنك ذكرتني بأيام لا يمكن أن أنساها في يوم من الأيام مع ذلك الرجل الشهم الوضيء أبو سعيد الشرقي وقد تعجب لما اقول لك اني اخر من لقيه في هذه البلاد فقد أمضى عندي ثلاثة أيام في بيتي قبل أن يغادر إلى الشيشان ولم أكن أعرفه إلا انه صاحبي في السفر إلى الشيشان ذهبنا سوياً وكان لا يتكلم إلا قليلا فلما دخلنا الشيشان انبسطت أساريره ورأيت رجلاً لم يكن الرجل الذي اعرف في الرياض في بيتي وفي الطريق وبدأ يضحك ويتكلم من السرور أنه وصل إلى أرض الجهاد وكان يقول لي وأنا كانت أول تجربه لي يقول : ( إذا وضعت السلاح على ظهرك ونظرت إلى نفسك أنه لا يمكن أن أحداً في الدنيا أسعد منك )

رحم الله فتى هذب الدين شبابه

ومضي يزجي إلى العليا في عزم ركابه

مخبتاً لله صير الزاد كتابه

وارداً من منهل الهادي ومن نبع الصحابة

إن طلبت الجود منه فهو دوماً كالسحابة

أو نشدت العزم فيه فهو ضرغام بغابة

متقٍ لله تعلو من يلاقيه المهابة

جاذبته النفس للشر فلم يبد إستجابه

رق في القلب ولكن زاد في الدين صلابة

بلسم للأرض يمحو عن محياها الكآبة

ثابت الخطو فلم تطفئ أعاصير شهابه

جربته صولة الدهر فألفت ذا نجابة

 

لقد عاد أبو سعيد لأرض الجهاد وأجزم أنه عاش أجمل أيام عمره وأسعدها . أجد ذلك جلياً في مكالماته وهو يبشرني بالنصر تلو النصر .

كانت أمنيته أن ينقل صور هذا الجهاد لمن لم يكتب له حضوره فتجد دائماً كاميرا"الفيديو" ترافق رشاشه . سألنه ذات مره عن تأخر شريط "جحيم الروس " فأجابني ضاحكاً كنا نستعد لإنها الشريط فتقابلنا مع الروس في إحدى العمليات فوجدناهم يصورون أنفسهم فقتلناهم وغنمنا الكاميرا ونحن نستعد لإدخال شريطهم ضمن شريطنا .ويقصد بذلك شريط انتصارات العيد ..

ومع هذا فقد لاقى أبا سعيد مع إخوانه مالاقوه من أحوال قد يعجز العقل عن وصفها من حصار وقتال وظروف مناخية لا تتحملاها طبيعة بشر . وما كان ذلك إلا رفعة في درجاتهم بإذن الله عز وجل .

وبعد هذا المشوار في هذه الحياة يشاء الله أن ينتقل هذا البطل إلى جواره مودعاً هذه الدنيا بعد أن صال وجال وبعد أن وقع عقد الصفقة الرابحة { إن الله إشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقا في التوراة ولإنجيل والقران ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم }

فكان لزاما عليه أن يتم البيع بعد رجاء القبول .

استشهاده

في يوم الثلاثاء 25 ربيع الأول من عام 1421هـ الموافق للسابع والعشرين من شهر يونيو لعام 2000م قام المؤمنون بأداء صلاة الفجر وبعد أن أشرقت الأرض بنور الشمس الساطعة على أرض الشيشان الأبية أخذ الكماة بالاستعداد لمواجهة جديدة مع أعداء الله من الجيش الروسي الذي قد حاول عبثاً التعرض على عرين الأسود في غابات الشيشان الفسيحة فوق جبالها الشامخة المنيعة ، وقد لاقى أعداء الله في الجولة الأولى يوم الاثنين أصناف العذاب على أيدي الأبطال المجاهدين ، حيث تناثرت جثث الأعداء في ساحة الوغى كتناثر الأوراق في فصل الخريف .

كان القصف رعداً وزلزالاً شديداً تصده سكينة في قلوب المجاهدين وطمأنينة بحفظ الله لهم ، الأمر الذي جعلهم يتسامرون ويضحكون ولا يبالون بأمطار القذائف المنهالة عليهم من كل أفواه أسلحة العدو ، فالعدو لم يترك سلاحاً إلا وقد استخدمه ضد المجاهدين .

لا تزال أحداث المعركة الشديدة تجري ولا يزال الأبطال يكافحون لأجل أن تكون كلمة الله هي العليا وكان من ضمنهم صاحبنا وحبيبنا أبو سعيد الذي قد علم بمقتل أخويه أبوسعد القندهاري وأبومالك اليمني قبله فيبدو أنه اشتاق إليهم بعد شوقه لربه عز وجل فقام بذلك الدور الفعال في هذه المعركة الشديدة وأرسل وابل سهامه على أعداء الله فيهم حتى إن أحد الأعداء كان يبكي ويرفع صوته بالبكاء من خلف جرف بجانب النهر خوفاً من الموت بدأت المعركة تهدأ شيئاً فشيئاً حتى وقفت أسلحة العدو من الإطلاق وقام أبو سعيد باستكشاف وضع العدو فاقترب من أحد الجنود وأخذ منه سلاحه وكان قد تظاهر بالموت فلما أراد أبو سعيد الرجوع إلى إخوانه أخبره أحد المجاهدين بأن العدو لم يقتل فأسرع بالرجوع إليه وشعر الكافر به فأخرج سلاحاً آخر وأسقطه بطلقة في جنب رأسه فخرجت من خلف رأسه فتدارك أحد إخوانه بحربه كانت في سلاحه فأركزها في صدر الكافر انتقاماً لأخيه أبي سعيد ثم رفع الشهيد ودماؤه تسيل نسأل الله أن تكون روحه ارتقت إلى مولاه حيث الراحة والسعادة والسرور وحيث اللقاء هناك بالحور والعيش الرغيد في القصور بفضل الرب الغفور وبجوده سبحانه وهو الشكور فها أنت يا أبا سعيد تسمو وتعلو بدماءك الطاهرة الزكية وتنتقل عن هذه الدنيا الدنية ربح البيع أبا سعيد إن شاء الله .

أودعكم بدمعات العيون **** أودعكم وأنتم في عيوني

ألا يا أخوة في الله كنتم **** على المأساة لي خير معين

وكنتم في طريق الشوك ورداً ****يفوح شذاه عطراً من غصون

إذا لم نلتقي في الأرض يوماً ****وفرق بيننا كأس المنون

فموعدنا غداً في دار خلدٍ ****بها يحيا الحنون مع الحنون

فإلى جنان الخلد يا أبا سعيد إن شاء الله وإن كنا حزنا وسالت مدامعنا فليس حزناً على مصيرك لا والله ولكن على دنيا لست فيها على عمر سيمضي لست ترافقه .

نسينا في وداعك كل غالي *** فأنت اليوم أغلى مالدينا

تسلى الناس بالدنيا وإنا *** لعمر الله بعدك ماسلينا

فنسأل الله أن يرزق أبا سعيد ماطلب وأن يتقبله مع الشهداء وأن يلحقنا به غير مبدلين وأن يخلفنا في مصابنا وأن يخلف أهله ْفيه خيرا وأن يعوض شباب الأمة أمثال هؤلاء الفتية الذين جددوا لهذه الأمة العزة بعد أن تجرعت كؤوس الذل دهوراً.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

يتبع ......

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شهداء من قلب أوروبا

 

من هناك من أرض بعيدة، بعيدة الآفاق بعيدة عن القيم و أخلاق من بيئة عرفت بالفساد، ينتشر فيها الكفر و الإلحاد، من أوروبا وماأدراك ما أوروبا، قارة بلا قيم، أناس من أسفل الأمم، الفضائل فيها تنهدم، و الشر فيها منتظم يشاء الله الحكيم، ظهور أمر عظيم، رؤوس تقطع، وأمن يزعزع، ونساء تغتصب، و أموال تنهب، يا إلهي !! إنه خطر عظيم مثله في عصرنا عديم، إنها حرب صليبية جديدة يديرها أهل الشر و المكيدة، يديرونها للإسلام تدميرا، وللإيمان تغييرا، قائدها شبح كبير، شبح جسده أوروبا فما أفضحها، ووجهه صربيا فما أقبحها.

شهروا سيوفهم على أناس عزل فصار كل منهم إما معذب أو معتقل أو تائه في الأرض معطل، وما ذاك إلا لأن أسماءهم أسماء مسلمين، و مع أن أفعالهم و أشكالهم كالغربيين، صاروا مثلهم لا دنيا ولا دين ومع هذا فأوروبا لا تريد في قلبها شيئا من الإسلام و لو كانت الأسماء فحسب، فهم يعرفون أنه في أية لحظة قد ينير الإسلام أرض البوسنة و الهرسك، ولكنهم

جهلوا أن النور يحتاج إلى طاقة تمده والنور هو الإسلام و الطاقة هي الجهاد في سبيل الله، وبالفعل أمد الله تلك البلاد المسلمة التي كادت تفقد نورها تماما، أمدها الله و أنقذها بالجهاد الذي أعاد فيها الحياة، و بدد عنها كثيراً من الظلمات، و لو تركوها لكانت وإياهم سواء، ولكن "ويمكرون ويمكر الله و الله خير الماكرين " "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون" .

فبالجهاد عاد كثير من الشباب إلى حضيرة الإسلام بعد أن كانوا عنها مبعدين، و بالجهاد استنارت قلوب كثير من الغافلين، فصارت نبراسا للعلا ، ومنارات للهدى، فمنهم من قضى نحبه، و منهم من ظل على العهد يرجوا نيل الشهادة في جهاده، ويشاء المولى عز و علا، أن يزيل ظلم الظالمين، ويعذب الكافرين على أيدي رجال صادقين، من أبطال المجاهدين إنهم :

عصبة من شباب أقبلوا من بعيد

يعرضون الوفاء للإله المجــيد

 

وبعد انتهاء الجهاد هناك، عشقت نفوس من أهل البوسنة الجهاد في سبيل الله، فوا عجبا!!! بعد أن كانت نفس أحدهم تعشق الدنيا وشهوتها، أصبحت تعشق نارالجهاد و ضراوتها، وما ذاك إلا في سبيل الله ولترتفع راية (لا إله إلا الله)، يا الله ياله من طلب ما أسماه، وشوق ما أرفعه و أعلاه.

يخرج من قلب أوروبا رجال كالجبال، يخرجون منها ولكن إلى أين أإلى الدول الكافرة أو إلى البلدان الداعرة، لا والله - بل إلى حرب ساعرة، و إلى ظروف صعبة قاهرة، إنهم يخرجون من أوروبا إلى الشيشان، وهم يعرفون ما هي الشيشان، و يعرفون ما يدور فيها، فحرب ضروس فيها تسعر، و هول عظيم فيها منتشر، برغم هذا آثر هؤلاء الأبطال حياة العز و الكرامة، على حياة الذل و المهانة.

ومنهم أسدان من أسود البوسنة، وهما الشهيدان (أمين) و)ياسين)، هذان الرجلان اللذان كان لوجودهما على أرض الشيشان أثر طيب على أهلها،لقد أثبت الشهيدان البوسنويان للعالم أجمع أن الإسلام أرضه واحدة لا تفرق بينه حدود ولا سدود ، و - تالله - يا أخا الإسلام لو رأيت مقبرة من مقابر الشيشان لوجدت فيها عجبا، فهاهنا قبر شهيد شيشاني، و بجانبه عربي، آخر بوسنوي، وآخرإفريقي وتركي و غيرهم و غيرهم، هذه القبور لم تجتمع لأجل قومية أو وطنية، ولا لحمية جاهلية، بل اجتمعت لراية جلية، إنها راية التوحيد و الإسلام راية الخير والمحبة و الوئام.

فيالها من دماء طاهرة، جمعها الله - تعالى من أماكن شتى لترتوي منها شجرة الإسلام و الإيمان، فذاك (أمين) البسنوي كم أحبه إخوانه وكم أحبوه،إنه ذو طابع فريد من نوعه، تعرف في وجهه الصدق و الإخلاص، وترى في عمله الجد و الإجتهاد، قوي البنية، طليق الوجه

لا تكاد تراه إلا مبتسما، ولكنه - مع هذا - شديد على أعداء الله من الكفرة و المنافقين، يتمثل في ذلك قول الله - عز وجل - عن المؤمنين:

"أشداء على الكفار رحماء بينهم" .

أمضى أمين شهور عديدة في الشيشان مجاهدا وغازيا في سبيل الله تعالى، أمضى هذه المدة وكان متشوقا للشهادة حتى كأنه لايرى الرجوع إلى بلده و من يصدق الله يصدقه.

و في أحداث الشيشان المتلاطمة والمتغيرة، و في أيام شتاء عام 1420 هـ. الموافق لشهر فبراير من عام 2000 م، يضطرالمجاهدون للإنحياز من جبال منطقة (شاتوي) التي أصبحت هدفا للطائرات و المدافع الروسية، التي سلطة كل طاقتها عليها، وبالفعل أخذ المجاهدون بالإنسحاب ليلا من شاتوي وفي الطريق كانت هناك عقبات لا يعلمها إلا الله، فالروس قد طوقوا المجاهدين من كل مكان فلم يبق سبب إلا وحاول

المجاهدون اتخاذه لإنجاح هذا الإنحياز ولكن باءت كل الطرق بالفشل، فلم يبقى إلا رحمة الله وعنايته، و في أثناء ذلك حاول المجاهدون سلوك طريق خطير جدا حيث كان فيه بصيص من أمل بالنجاة، ولكن يفاجأ المؤمنون بأعداد من القوات الروسية حاولت قطع الطريق عليهم

فابتدرهم عدد من أسود المجاهدين لإزالتهم وقتلهم ليفتح الطريق، وقد كان منهم (أمين) البسنوي رحمه الله رحمة واسعة.

وبخطة حكيمة من قائد المجاهدين - بعد عون الله وتوفيقه – استطاع المجاهدون تطويق هذه المجموعة الكافرة فقضوا عليهم - بفضل الله – غير أن مجموعة منهم بقيت متحصنة في الخنادق يبكون ويصيحون طلبا للنجاة ولكن هيهات هيهات .

كان أمين مع بعض إخوانه يحاولون الإقتحام عليهم وكانت القذائف تنهال عليهم بشدة من مدفعية العدو ولم يطل الأمر حتى نزلت قذيفة هاون بجانب أخينا (أمين) البوسنوي، لتكون سببا في رفع روحه إلى السماء، و لتكون سببا في نيل أمنيته التي كان يتلهف عليها، فرحمك

الله يا أمين من مقاتل شجاع لم تهب الموت يوما في جهادك، ورفعك الله في أعالي جنان الخلود ياأسدا من قلب أوروبا.

ومن (أمين) إلى مثيله وشبيهه (ياسين) أنعم به و أكرم، فدى الإسلام بنفسه وهي أغلى ما يملكه بعد إيمانه ودينه، كان محبا للعلم، كثير السؤال عن أحكام دينه، عالي الهمة شجاعا، صداعا بالحق، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يخشى في سبيله قوة الكافرين، كانت الشهادة

أمنية من امانيه يرجوها ويطلب وصولها، ولكم دعا ربه بها في الأسحار حيث كان يقوم الليل، ولكم دعاه حينما كان يصوم النهار.

كان (ياسين) -رحمه الله – يلح على أميره ويطلب منه دائما أن يسمح له بالذهاب إلى خط الروس بمفرده فيقاتلهم حتى يقتل، وكان جادا للغاية

في هذا الطلب، غير أن الأمير كان يمنعه من ذلك فيرجع ياسين و عليه أثار الحزن و الأسف حيث لم يسمح له الأمير بذلك.

ولكن لا تحزن يا (ياسين) فإن الشهادة آتية إن شاء الله ما دمت على طريق الجهاد المبارك، ولكن لكل شيء أجل مقدر و مكتوب، وفي أحد الأيام أصيب حبيبنا (ياسين) في يده وهو يدافع عن أحد جبال المجاهدين الحصينة فكسرت يده كسرا بالغا، و مع هذا فلم يكن يظهر التألم والتوجع بل كان صابرا محتسبا و راضيا متلذذا بقضاء خالقه وقدره، وكأنه كان يشعر أن هذه الإصابة مقدمة للشهادة التي تعلق قلبه بها، بعد أن عرف فضلها وعظيم أجرها كيف لا وهي التي تكون سببا في مغفرة الذنوب من أول قطرة من دمه؟ وكيف لا والشهيد يرى مقعده من الجنة وهو في الدنيا قبل خروج روحه ؟ و كيف لا والشهيد يزوج باثنين و سبعين من الحور العين؟ و هو الذي يوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، و هو الذي يبعث يوم القيامة ناجيا آمنا لا خوف عليه ولا حزن،و الشهيد يشفع في سبعين من أقاربه، و يأمن من فتنة القبر وعذابه، كل هذا وغيره أكثر، فكيف لمن كان عنده إيمان أن يستمع ىلمثل هذه الفضائل للشهيد ثم لا يشتاق إلى نيل الشهادة في سبيل الله تعالى، فلذلك

تلهفت نفس (ياسين) - رحمة الله - لنيل الشهادة و فعلا نالها إنشاء الله، فلقد كان مع بعض إخوانه في غار للمجاهدين إذ علم بمكانه أعداء الله فوجهوا أسلحتهم و مدافعهم إلى ذلك الغار ليجعلوه شعلة من نار،و كثيب من تراب لتسموا فيه روح الشهيد وتعلو إلى بارئها المجيد، الذي نسأله أن يجزيها خير الجزاء ويعطيها خير العطاء وأن يسكنها أعالي الجنان، إنه هو الكريم المنان.

" ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون"

ابو عمر الكويتي

 

تركي العريدي وعبداللطيف الشارخ (أبو سمية و عباد النجديان)

و الفوز العظيم إن شاء الله

 

ليس الفوز أن ينال الإنسان أعلى المناصب في هذه الدنيا، وليس النجاح أن يرتقي سلم التجارة فيصل إلى ذروتها، بل الفوز و النجاح ما يكون من حال أهل الإيمان الذين باعوا دنياهم لأجل دينهم، و الذين طلبوا الموت في سبيل بهم، فهؤلاء هم الفائزون الناجحون المفلحون، و ان شئت فاقرأ قول الله تعالى ) يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله و رسوله و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم و يدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار و مساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم ) .

نعم والله!! ذلك الفوز العظيم الذي لا خسران بعده، وتلك التجارة التي لا هلاك بعدها، قال تعالى ( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز و ما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) إن من يعي هذا الأصل العظيم و يؤمن به لا بد أن تبدر منه بوادر تدل على صدق هذا الإيمان فليس الإيمان عقيدة في القلب لا يعاضدها العمل و ليس التوحيد كتابا يقرأ ثم لا يطبق على أرض الواقع بل الإيمان الصادق و العقيدة الصافية هي التي يعاضدها الوفاء والتضحيات و قد قال تعالى للمتخلفين عن الجهاد و الذين لا يحدثون أنفسهم به ( قل إن كان أبائكم وأبناؤكم و اخوانكم و أزواجكمو عشيرتكم و أموال اقترفتموها و تجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله و رسوله و جهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره و الله لا يهدي القوم الفاسقين ) ، فهذه الآية أكبر دليل على أن التوحيد الذي منه توحيد الله في محبته لا بد له من جهاد يصدقه، و لا بد له من تضحيات تؤكده وتحققه، وإلا فالكلام يسير ولا يغني من الصدق شيئ إلا حنما يوافقه العمل.

وقد طبق ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تطبيقا واقعيا فكان ( منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) حتى لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم حتى قال قائلهم وهو فرح بدمائه يشاهدها "فزت و رب الكعبة" ولا تزال الصور تتكرر ولا يزال التاريخ يعيد نفسه فتمضي أجيال الصادقين جيلا بعد جيل و تمر قوافل الشهداء واحدة تلو الأخرى لتبني مجد الإسلام وعزه فأما الأعناق فلتدق و أما الدماء فلترق وليبقى الإسلام دينا ظاهرا على عدوه ولو تداعت عليه الأمم، وتوالت عليه من الطواغيت النقم.

وعود على بدء أقول: لقد فاز من فاز بالجنة و لو فاته حطام الدنيا يقول الحق تبارك وتعالى (ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) فالدنيا فانية والآخرة باقية، ومن باع الفاني بالباقي ما خسر.

و مما يلائم ما ذكرناه أن نسرد قصة شابين من خيرة المجاهدين الذين عايشناهم في الشيشان والذين صدقوا - كما نحسبهم - في نصرة الله و نصرة دينه، فضحوا بالغالي و النفيس لينالوا رضوان الله و رحمته، وليفوزوا و يضفروا بجنته، فبدؤوا بأهاليهم ففارقوهم و ما أصعب الفراق وبأموالهم ومتاعهم فتخلوا عنها وما أشد هذا التخلي، وبدراستهم الجلمعية فتركوها ليلحقوا بجامعة الجهاد و ينالوا الشهادة الحقيقية في هذه الجامعة الفريدة إن شاء الله ، مع شدة جهده و بلائها ...

لولا المشقة لساد الناس كلهم الجود يفقر و الإقدام قتال

فأبو سمية البدري (تركي العريدي) ماذا عساني أن أقول عنه فليت شعري ما أندر الشباب من أمثاله شاب وديع، ذو خلق بديع، أدب بسماحة، وصدق بصراحة، لين الجانب ذو رأي صائب يغلب عليه طابع خفة الروح وحلاوة الدعابة، فلله كم أدخل السرور على قلوب إخوانه في أوقات عظيمة البلاء، وأفرهم وأسعدهم في أيام شديدة العناء، لقد أحب المجاهدون أخاهم أبا سمية - رحمه الله - حبا صادقا، كيف لا ...؟!! وقد كان بالمرة على قلوب إخوانه طارقا، ترك الحياة من خلفه تتزخرف، لم يأبه لها و لم يهتم بها تركها و مضى في طريق الجهاد إلى البوسنة وكانت أول خطوة له لا يلوي على هذه الدنيا التي أسقطت في شراكها كثيرا من العباد فأضلتهم عن صراط الله المستقيم، فلتهنئ ياأبا سمية قتلة شريفة نسأل الله أن تكون في سبيله صادقا، و مخلصا محتسبا مقبل غير مدبر، فهي قتلة الشرفاء، وفوز الشهداء، فليس ينسى إخوانك ذلك اليوم الذي كنت فيه أميرا لهم حين كان إخوانك يستعدون لعملية على أعداء الله ليعذبهم الله بأيديكم و يخزهم و ينصركم عليهم و يشفي صدور قوم مؤمنين و يذهب غيظ قلوبهم، فقمت حين طلبك الأمير من بين إخوانك وحيدا لخوض المعركة الخطيرة التي لم يكن لها تخطيط مسبق غير أن الله وفقكم فيها توفيقا عظيما، بدءا بمقتل أكثر من خمسين كافرا من القوات الروسية الخاصة وانتهاء بنيلك الفلاح و الفوز العظيم إن شاء الله بالشهادة العلية و الجنان المرضية.

لقد نهض أبو سمية فرحا لهذه العملية التي هي عبارة عن كمين ضد قافلة بالقوات الروسية في طريق منطقة "كرتشلوي" الجبلية وقد كان أبو سمية - رحمه الله ـ حينئذ كالمتوقع للشهادة كما هي حال أغلب الشهداء الذين يرزقهم في آخر أيامهم تغيرا عجيبا ملحوظا وكأن الله يطلعهم على قرب وصولهم إلى رحمة الله وجنته فقام من صباح ذلك اليوم مبكرا فأصلح مقر المجاهدين ترتيبا و تنظيفا ثم نظف سلاحه، ثم عكف على كتاب الله تلاوة و تدبرا وقد كان هذا دينه آخر أيام حياته، ثم صلى الظهر و العصر مع إخوانه فجاءه أمر الأمير بالخروج إلى هذه العملية بمفرده دون إخوانه، ففرح فرحا شديدا ثم ودع إخوانه وداعا حاراً و كأنه على موعد للقاء ربه - تبارك و تعالى - ثم قبل رؤوس إخوانه فخاطبه أحد إخوانه قائلا: لم كل هذا الوداع وسوف تعود قريبا، وكان قد ظن أنه ذاهب للترصد على العدو فقال له أبو سمية: وما يدريك لعلها الشهادة و لعلي لا أراكم مرة أخرى ، -أو كلمة قريبة نحوها- وكان قد كتب وصيته قبلها بيوم أو يومين، ثم انطلق إلى مكان العملية على القافلة التي اقتربت جدا من المكان وما ان وصلت إلا وتطايرت عليها القذائف الآربي جي من كل صوب، و أمطرت بوابل الرصاص من المجاهدين و تعالت صيحات التكبير من أفواههم و حمي الوطيس واشتدت المعركة و تساقطت أعداد كبيرة من قتلى القوات الروسية فبدأت الآليات الروسية تقصف المكان قصفا جنونيا أصيب على إثره أبو سمية إصابة في رأسه ووجهه حتى مضى إلى جوار ربه و سلاحه لم يسقط من يده.

قتل أبو سمية و مضى يسطر المجد و التاريخ بدمائه الكريمة التي ستكون –بإذن الله- نبراسا و نورا لمن بعده من الشباب الصادق الطموح القادم الذي سيصنع المجد و التاريخ بدمه فإلى رحمة الله يا أبا سمية فأنت القائل : "لا ضير أن أقتل ليحيا الإسلام"...

لا تسقني كأس الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

و أما عباد النجدي (عبد اللطيف الشارخ) فلست أدري من أي سيرته أبدأ فمنذ أن أنشأه الله في بيت علم ودين، حفظ كتاب ربه عن ظهر قلب و أكمل دراسته في المعهد العلمي الشرعي بتفوق و امتياز ...

فتى يقيم على القرآن معهده أكرم بركنيه مبناه و معناه

إذا بناء على من غير قاعدة فكيف يبقى أمام الدهر مبناه

كان يسأل نفسه دائما كيف يخدم هذا الدين على أي وجه كان، هب البطل و لأول مرة يخرج غي سبيل الله إلى بورما فشارك إخوانه المجاهدين و نفع الله به في تلك المنطقة فأقام بعض المشاريع الإغاثية و الدروس العلمية مما فتح الله عليه في بنغلاديش، و بعدها رجع إلى بيته زائرا و ما لبث تسعة أيام إلا والهم يساوره أن يقدم لدينه و أمته خيرا أعظم ونصرة أكبر فأعد العدة و مضى إلى أرض لإعداد في أفغانستان ليتعلم فنون الحرب و أساليب القتال، وصل إلى هناك وكان مثل بين إخوانه في الجود و الإجتهاد ووضوح الهدف حتى قضاها فترة قرابة العام وبعد ذلك عاد زائرا لوالديه و أسرته وقضاها فترة من الزمن يتحين أي فرصة يؤدي فيها أمانة نصرة هذا الدين فكان يحاول جاهدا الذهاب إلى كسوفا فانتهت القضية حتى أتى يوم ذهابه إلى بلاد القوقاز، وصل إلى الشيشان بتيسير الله له مع صعوبة الطريق فما إن وصل إلى الشيشان بثلاثة أيام إلا و دخل مع إخوانه المجاهدين إلى داغستان وأكمل جهاده في الشيشان وفتح الله عليه في هذه الأرض فتحا عظيما، فكم من المجموعات التي أعدها ودربها عباد وكم من الشهداء الذين سبقوه كان لهم مدربا و في نفس الوقت مربيا، وكان في النهار يدرب إخوانه وفي الليل يلقي الدروس التربوية على إخوانه أضف إلى ما كان عليه من خلق جم ولين في الطباع و تواضع حتى أنه لا يحب أن يكون بينه و بين إخوانه المتدربين فرق، حتى أنه ذات مرة خرج مع إخوانه للتدريب في يوم شديد البرد بدون معطف شتوي و البرد يقرصه و لما سألته عن ذلك أجابني بعد إلحاح: أنه لا يريد أن يلبس شيئا دافئا جديدا عن إخوانه المتدربين الذين لم يصرف لهم بعد الملابس العسكرية الجديدة الدافئة.

وكان يحب إخفاء العمل لله رب العالمين -نحسبه كذلك - فذات مرة رجع من الخط الأول إلى الخط الخلفي متعبا يريد الراحة ولما سئل عن الأخبار قال و لله الحمد دمر اليوم المجاهدون آلية و قتل كثير من المشاة في كمين نصبه مجموعة من المجاهدين في طريق يؤدي إلى قرية أفتري، وبعد ذلك تبين لنا من مصدر آخر أن عبادا هو الذي دمر الآلية الروسية المقاتلة بي أم بي بقذيفة أطلقها سلاح الآر بي جي و حدث عن بطولته و مآثره فكم هي المعارك التي خاضها و كم هي التضحيات و الخدمات التي قدمها لإخوانه في الله ذلك الشاب الطموح عباد -رحمه الله .

كذلك أخرج الإسلام قومي شبابا طامحا حرا أمينا

تعهدهم فأنبتهم نباتـــا كريما طاب في الدني غصونا

شبابا ذلل سبل المعالي وما عرف سوى الإسلام دينا

يوم الوفاء

في آخر أيامه أصيب عباد بحمى شديدة كانت تزاود عليه يوما بعد يوم فانتقل إلى قرية درقو فلبث فيها أيام حت أراد الأعداء تفتيش هذه القرية فأتوا بسرعة قصوى بمروحياتهم في مطلع الفجر فأنزلوا أفرادهم و لم يتمكن عباد و صاحبه المريض منصور الأزبكي من الخروج من القرية فحاولا الإختباء في الأحراش القريبة من البيوت فأحس الأعداء به و بصاحبه فتبادلا معهم إطلاق الرصاص ثم رمى الأوغاد عليهم بالقذائف الحارقة ومضى عباد و صاحبه سائلين المولى أن يكونا قد نالا ما يتمنيان من واسع رحمة المولى، ثم توجه الأوغد إلى المنزل الذي كانا فيه فضربوه بقذائف اللهب فأحرقوه على ربته التي كانت فيه -رحمها الله- وهكذا مضى عباد بإذن الله إلى بارئه و إلى أحبابه "مع النبيين و الصدقين والشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفقا"

 

كتبه أبو عمر الكويتي (أحمد العازمي)

 

أيوب التويجري

بطل من القوقاز

 

ورحل الشبل ( شفيق )

 

أيوب التويجري

 

لم يتجاوز عمره الثامنة عشر حين وطئت قدمه أرض الجهاد في الشيشان ، في وقت من أمس الأوقات وأشدها حاجة للمجاهدين أمثاله ، الذين تشربت قلوبهم حب الجهاد واشرأبّت أعناقهم للشهادة في سبيل الله تعالى ، كان ملتزماً منذ حداثة سنه و لم تعهد عنه صبوة ولم تعرف عنه فترة فكان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عجب ربك من شاب لم تكن له صبوة ) ، تميز بخصلة حميدة عزيزة من أعز الخصال ألا وهي سلامة الصدر وصفاء النفس ( هذا ما يذكره عنه إخوانه وأقرانه) نحسبه كذلك والله حسيبه .

 

كان يحمل همّ المسلمين في قلبه فيحزن لما يقع للمسلمين من قتل وتشريد وانتهاك أعراض، ويزداد قلبه غيظاً وحنقاً على المجرمين الحاقدين من الصرب والملحدين ، ويزيد هذا الهمّ ما يراه من تقاعس المسلمين عن نصرة إخوانهم وانشغالهم بأنفسهم حتى عمّت المنكرات وأصابهم الذل والهوان و حب الدنيا وكراهية الموت ، وحمل هذا الهم وهذا الغيظ في قلب واحد بين جنبيه ، هذا يصارع هذا في قلبه كلما غدا أو راح ، ويتابع أخبار المجاهدين عبر الأفلام المرئية والمسموعة ، حتى أعدّ نفسه للجهاد في سبيل الله تعالى قبل رحيله بأشهر ربما تزيد على السنة ، بعزيمة وقادة ، وشوق حار للجهاد في سبيل الله ، كان يردد على والديه شوقه وطمعه للجهاد في الشيشان ، حتى حان رحيله ، وودع كل شيء يذكره بالدنيا ، وارتاحت نفسه واطمأن باله ، عندما وقعت قدمه في أرض الشيشان ، بعد أن يسر الله له الطريق بصحبة الشهيد ( أبو ياسر النشمي ) عبدالرحمن الصليب رحمه الله وتقبله في الشهداء، فشارك إخوانه في جهادهم ضد العدو الروسي يتنقل من موقع إلى آخر يثخن في أعداء الله ، يقاتل تارة ويرابط أخرى ، وهو لا يكلّ ولا يمل مع ما يعانيه من الربو المزمن ، الذي ربما اشتد عليه في بعض الأحيان ، ومع ذلك لم يكن هذا مانعاً له عن مشاركة المجاهدين والصبر معهم .

 

قصة مقتله :

 

تنقل المجاهدون من قرية إلى قرية ومن منطقة إلى منطقة وتوقفت مجموعة منهم مكونة من عشرة أفراد في إحدى القرى للراحة والتزود كان من بينهم (شفيق ) رحمه الله ومكثوا في القرية عدة أيام ، ثم وقع هجوم من قبل الروس على القرية فتمكن المجاهدون العشرة من الخروج من القرية ، وفي الطريق حانت ساعة القتل ، حيث كان بعض الجنود الروس قد وضعوا كميناً للمجاهدين ، فوقع المجاهدون في الكمين وقتل قائد المجموعة( شيشاني) واثنين من المجاهدين( أحدهما شيشاني والآخر شفيق ) نسأل الله أن يتقبلهم في الشهداء وتمكن الباقون من النجاة بأنفسهم والعودة إلى قواعدهم .

 

أوصى (شفيق) رحمه الله بإهداء سلامه لأبيه وأمه وإخوانه وأقرانه والدعاء له وللمجاهدين جميعاً ، اللهم ارحم موتانا وتقبل شهداءنا وانصرنا على القوم الكافرين .

 

أبو ياسر النشمي

 

وداعاً أبا ياسر .... النشمي

 

عبدالرحمن الصليب

 

أبو ياسر النشمي ¨ ..ما أشبه هذه الكنية بصاحبها ..

 

تراه شاباً نشيطاً متوثباً وتراه بسيطاً سهلاً متواضعاً مطيعاً ليناً بيد إخوانه تراه متكهفاً كأنما يبحث عن شئ فقده ، نعم ، إنه يبحث عن الشهادة ، فقد ترقبها في البوسنة ولكن الله علم أن له جولة مع الباطل في أرض أخرى لعلها لم تكن تخطر له على بال . لقد ذهب أبو ياسر إلى البوسنة متعطشاً للذود عن حمى الإسلام وأعراض أهله التي تنتهك في بلاد الديموقراطية (أوربا) ذهب في اليوم الذي رزق فيه بمولود أسماه (جهاداً) وكان يتنقل بين الجبهات مردداً :

 

لبيك إسلام البطولة كلنا نفدي الحمى

 

لبيك واجعل من جماجمنا لعزك سلما

 

لبيك لبيك لبيك

 

رجع من البوسنة منكسراً حزيناً حيث لم يرزق الشهادة ، لكن رجع متوثباً للعمل في خدمة الدين فإن شئت رأيته في المبرة لخدمة المحتاجين يعمل في المستودع يتحرك بكل حماس ، ينقل الأشياء بنفسه لا يرضى أن يحمل أحدٌ معه ، وإن شئت رأيته مشرفاً على مدرسة تحفيظ القرآن النسائية متحمساً لبرامجها فاعلاً في تنشيطها ولكن ومع كل هذا فإن جذوة الجهاد لم تنطفئ في قلبه فهو يترقب ويسأل عن موقع يعبد الله فيه بفريضة الجهاد فما لبث أن سمع بأخبار إخوانه في الشيشان وهي تقض مضاجع الغيورين من المؤمنين وإذا بأبي ياسر يتلهف يسأل عن الطريق ويبدأ الإعداد فيملأ حقيبة أحد أطفاله رملاً وأصبح يحملها ويجري بها كالجعبة لمسافة عدة كيلومترات وهكذا يومياً وهو يسأل الغادين والرائحين عن الطريق فلم يعد يستطيع التفكير في غير الطريق إلى الجهاد فقد ملك عليه عقله ولبه .وتيسّر له الطريق فخرج فرحاً مسروراً حيث الجبال الجليدية وحيث تصل درجة الحرارة إلى (50) تحت الصفر وحيث حمي الوطيس حين تدار كؤوس الموت وأبو ياسر يقلب في صفحات العز ينصر إخوانه ينتقل من موقع إلى آخر مبتهجاً بهذا الموطن الذي تقام فيه السوق الرابحة . وفي الطريق إلى أرغون تأتيه رصاصة لتنقله إلى جنات الخلود _ بإذن الله _ حيث تنـزل الحورية لتنفض الغبار عن رأسه مستبشرة بمقدمه إليهم .ومضيت أبا ياسر وخلفت سبعة من الولد أكبرهم ذات العشر سنين وأصغرهم ذو الأشهر الثلاثة . ولكن لهم الله .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

¨ وتعني عند أهل نجد الرجل النشيط المتفاني في خدمة الآخرين ويتصف بصفات النجدة .النشمي وما أقل النشامى .

 

أبو ذر الطائفي ـ سمير الثبيتي

 

وأخيراً رحل فارس البلقان

 

أبو ذر الطائفي ـ سمير الثبيتي

 

عرفته الشيشان بأبي ذر الطائفي، عرفته قائداً شهماً شجاعاً أبياً صاحب خصال كريمة، عرفته فأحبته فاحتضنته، و جربته فقربته، فعانقته. إن أرض الشيشان لتفخر أن في قلبها أمثاله، و إن تربتها لتزهو طربا حين تضم أشكاله، ألا .فسلوا عنه ثلوج البلقان، وسلوا عنه أودية الأفغان وسلوا عنه جبال الشيشان

 

استمع أخي / فلقد آن الأوان لخط البيان، و تفيض الأشجان فتسطر الكلمات، وتسكب العبرات.

 

أخي القارئ / إنني لست بالذي أطربه، أو أمدحه بما ليس فيه، فلو أنك عرفته ما لمتني على ما أقول، فإليك صفحات من حياته، ودرراً من كلماته لعل الله أن يوقظ بها قلوباً غافلة، ويصلح بها عقولاً عاطلة فتهب إلى الجهاد و تذود عن البلاد وتنقذ العباد من السفلة الأوغاد من الروس أهل الإلحاد، أو اليهود أهل الإفساد، و غيرهم من أهل الكفر و العناد .

 

بدأ الشهيد (أبو ذر) مسيرته في طرق الجهاد على أرض البوسنة والهرسك حيث ذهب إلى هناك، ذهب إلى هناك وهو في العشرين من عمره تقريبا وكان ذهابه إلى البوسنة حين سمع عن مآسي المسلمين هناك، فأعد العدة واستعد وغدا إلى أرض البلقان، وفي الطريق حصلت له بعض العقبات ولكن الله يسر له دربه، وسهل أمره ليصنعه صناعة الرجال الذين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم – كما نحسبه .

 

و حين وصوله إلى كتيبة المجاهدين، عرفه الأمراء و أحبوه، و رأوا فيه صفات القادة، فلقد كان رحمه الله مفرطاً في .الشجاعة، لا تكاد ترى له مثيلاً ويصعب أن تجد له بديلاً

.و مع ذلك فقد كان مجتهداً في العبادة فكان يصوم صيام داود يصوم يوما و يفطر يوما

 

إن (أبا ذر) كان نادرة من النوادر فلقد كان ذا همة عالية لا يطيق الجلوس دون عمل، كثير الحركة في خدمة الدين و هو يتحلى مع هذا بالرحمة واللين مع إخوانه المؤمنين، المهم أنه كان جاداً في أمر الجهاد وحريصاً على خدمة الإسلام فلقد كان يصحو وينام ، و همه كيف ينصر الإسلام؟ وكيف يعيد صرح أمة محمد عليه الصلاة و السلام؟ و كيف يحيي مجد الإسلام مرة أخرى؟

 

فيالها من همة عالية، و يلها من أمنية غالية، قلما تجدها عند كثير من الشباب المسلم الذي إلتهى كثير منهم عن الجهاد بملذات .الدنيا و شهوتها

 

.انشرح صدر الشهيد لذلك الجهاد المبارك فقام فيه بدور فعال، كما هي حاله في جميع ساحات الجهاد التي شارك فيها

 

.كان أبو ذر حين إذ أحد القياديين في الجهاد هناك رغم أنها كانت أول تجربة جهادية له

 

إلا أنه كان مباركاً كالمطر أينما حل نفع – بإذن الله – وكان الشهيد متعلق شديد التعلق بمدربه (أبي ثابت المصري) رحمه الله الذي كان من أفذاذ ونوادر قادة المجاهدين في البوسنة والذي استشهد فيها بعد أن صال وجال، و أكثر في أعداء الله من .القتل و النكال، ثم التحق بجوار ربه الكبير المتعال

 

كان (أبو ذر) حريصاً على التعلم و الإستفادة من الأمور العسكرية و القتال حتى أنه كان مضرب مثل في الحرص على ذلك، فكان لا يترك شاردة ولا واردة إلا وتجد عنده فيها معرفة، و خاصة في المدفعية كما هو الحال عند استاذه (أبي ثابت) فهذا .الشبل من ذاك الأسد فأبو ثابت ملك المدفعية في البلقان، و أبو ذر ملك المدفعية في الشيشان

 

لقد كان أبو ذر –رحمه الله – يبقى الشهور الطويلة في الجبهة هناك في البوسنة لا يرجع منه إلى الخط الخلفي حتى إنه بقي مرة ثمانية أشهر لم ينزل من خط النار الأول، كل هذا وهو يعمل في الترصد على العدو و الهجوم عليهم والرباط في الخنادق و سد الثغورحتى تولى إمارة الجبهة كاملة وهو لا يزال في الجبهة، وهذا بعض ما قام به ذلك الصقر أبوذر الطائفي في البوسنة و الهرسك وما خفي كان أعظم .

 

أبا ذر رحمك الله من مجاهد جاد بنفسه لله تعالى - نحسبك كذلك والله حسيـبك – عرفتك أرض البوسنة أسداً هصوراً وفتىً متقداً حماسة وفداءً فكنت نعم المجاهد الذي يصبر على المرابطة على خط النار . لقد كان إخوانك ينزلون من الجبهة إلى الخطوط الخلفية يستريحون فيها وكنت تأبى ذلك رغبة في لقاء العدو ، وهمة وحماسة لدين الله تعالى .

 

لقد كان اضطهاد الصرب للمسلمين وانتهاكهم لحرماتهم يؤرقك حتى لم تجد مكاناً يصلح فيه حالك إلا في أرض النكاية بالعدو وشفاء صدور المؤمنين والذب عن حرماتهم(قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم).

 

تلك صفحة مشرقة من حياة الشهيد في البوسنة، وإليك صفحة مضيئة أخرى من صفحات حياته العامرة بالبطولة والفداء، فبعد أن انتهى الجهاد في البوسنة ونصر الله عباده المؤمنين قام أبو ذر رحمه الله بدور آخر لنصرة الإسلام، فأبى الركون إلى الدنيا وأحب أن يكمل استفادته من أرض الجهاد وأن يتم مسيرة الإعداد، فشد رحاله واتجه إلى أفغانستان ليتدرب فيها ويعد نفسه امتثالا لقول الله تعالى: (وَأَعِدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم) بقي الشهيد في أفغانستان فترة طويلة تقارب عام ونصف، كل همه في ذلك نصرة الدين، ولأجل أن ينال الثمرة في العلم العسكري؛ فترتوي منه أرض الجهاد إذا وطئها ولكي ينفع إخوانه المجاهدين.

 

وبالفعل فلقد استفاد الشهيد أبو ذر –رحمه الله- من الفترة التي قضها في أفغانستان فكلن لا يشغل نفسه إلا بما ينفعه، ولا يضيع وقته بما لا ينفعه، حتى أصبح كادرا لا يستغني عنه في أرض الجهاد.

 

أضف إلى ذلك ما كان يتحلى به من الشجاعة و الإقدام والكرم والجود وكان معروف بذلك .

 

وكان مطيعا لأمرائه محبا لهم، فلا يؤمر بأمر إلا وتجده يمتثله، وقد عرف بالصلاح والتقوى وخشية الله كما نحسبه وكان إذا وعضه أحد نظر إلى السماء وفاضت عيناه بالدموع من خشية الله تعالى.

 

وبعد أن قضى أبو ذر هذه الفترة في أفغانستان واستفاد فائدة عظمى بداء يتطلع في أنحاء الأرض ليرى مكانا تقام فيه شعيرة الجهاد في سبيل الله، أو يجد مكان ينصر في دين الله ، وفي أثناء تطلعه وشوقه إلى أرض الجهاد ظهرت بوادر العدوان الصربي على بلاد كسوفا المسلمة و على أهلها فتاقت نفسه للذهاب وعزم على ملاقاة أعداء الله ليسومهم سوء العذاب –بإذن الله- في كرة أخرى فبعد أن أنكى بهم مع إخوانه في البوسنة سعى مرة ثانية لينال من أعداء الله، ويرد كيدهم بعون الله.

 

وكما عرفتك أرض البوسنة عرفتك أرض كوسوفا حيث قل الناصر فنفرت بنفسك نصرة لإخوانك ومع صعوبة الدخول إلى أرض العدو إلا أنك أصررت على ذلك وصبرت حتى تحقق لك ما تريد من نصرة المؤمنين، فكنت الوحيد من المجاهدين من غير أهل البلد بل الوحيد من الأنصار الذين ناصروا المسلمين هناك ولم يدخل أحد المنطقة من الأنصار سواه فرحمه الله – فكانت فضيلة من فضائله التي من الله بها عليه، ودخلت مع جيش التحرير لتكون مدرباً لهم ولكنهم لم يأبهوا لشاب صغير فماذا عسى أن يقدم ؟! .

 

ولما خبروك في المعارك عرفوك فارساً مقداماً وعالماً بالحرب وفنونها ولوك عليهم أميراً في قيادة المعارك والعمليات القتالية، وعلموا حاجتهم لأن يتتلمذوا على يديك فيذيقوا الصرب أشد أنواع النكال ، إن الصرب لم يصابوا بقتالك لهم فقط بل كان مصابهم بتدريبك للأعداد الكثيرة ودعوتك لهم إلى الاستقامة ومعرفة أهداف الجهاد أعظم نكاية للأعداء حاضراً ومستقبلاً .

 

ولما علمت قوات التحالف التي جاءت لنصرة المسلمين في كوسوفا ، زعموا !! لما علموا بوجودك طالبوا بتسليمك من قبل جيش التحرير الذي أنكروا وجودك لديهم فلما كثرت عليهم الضغوط طلبوا منك الخروج آسفين على ذهابك ، فخرجت ولكن إلى أين ؟ خرجت إلى أرض أخرى تنصر فيها دين الله تعالى .

 

لقد كان لوجوده –رحمه الله- بين الكسوفيين أثر كبير في نفوسهم فكان مثلاً لهم في العبادة و الجهاد و الدعوة إلى الله،حتى إنه لما أراد الخروج بكى عليه أهل كوسوفا حزناً وحق لهم أن يحزنوا لمثل هذا الرجل و لم يمض على ذلك وقت طويل حتى سمع بالجهاد في الشيشان فلم يلبث حتى انتقل إليها – ليصدق فيه إن شاء الله قول النبي صلى الله عليه وسلم : "طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار إليها يبتغي الموت أو القتل مضانة" رواه مسلم .

 

لقد حاولت الدخول مراراً إلى أرض الشيشان فمنعت وحبست ولكنك لم تجد لك في ذلك عذراً بل كررت المحاولات وتحملت ما يصيبك في سبيلها لماذا ...؟! لأنك كما كنت لا تهنأ بنوم وتلذ بعيش وأنت تسمع صرخات أخواتـك في الشيـشان وهم يحتاجون إلى مشاركتك . عجباً والله فلقد كنت تحمل قلباً كبيراً امتلأ بموالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين .

 

وحين قدم إلى أرض الشيشان فرح به أمراء المجاهدين في الشيشان لما علموا منه الجد و الاجتهاد وسعة العلم والمعرفة في أمور الجهاد فنفع الله به نفعا عظيما، وذاق الكفار منه عذابا أليما، فلطالما اشتكى الروس من قذائف الهاون التي كان يرسلها عليهم أبو ذر الطائفي كالصواعق فيرديهم قتلى وجرحى وكان إذا أصاب هدفه قال: الحمد لله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى .

 

لقد كان لأبي ذر أثر عظيم وطيب في الجهاد في الشيشان وكانت له مواقف مشرفة، فلنعم الأمير كان، ولنعم القائد الشجاع ، وكما كان أبو ذر قدوة في أفعاله فلقد كانت له درر من أقواله بمثالها يحتذى فخذ طرفا منها: كان رحمه الله يقول: يجب على كل من أراد الجهاد أن يعد نفسه إعداداً جيداً قبل الجهاد ليكون عضواً فعالا على أرض الجهاد ولكي لا يكون عالة على إخوانه، ولكي يكون أنكى على الأعداء .

 

وكان من دعائه أنه كان يقول : إن كان الله يعلم أنني إن بقيت فسوف أنفع دينه فأسأل الله أن يبقيني، وأما إن علم أنني سأركن إلى الدنيا فأسأل الله أن يرزقني الشهادة عاجلاً غير آجل . وقال مرة عهد علي إن بقيت بعد الجهاد أن أدرس جبال الشيشان كلها و غير ذلك من الكلمات الطيبة المشرفة التي جادت بها روح الشهيد … رحمه الله .

 

يوم الرفعة واللقاء

لقد نفذت حديث النبي صلى الله عليه وسلم " مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم…" فعلياً وعملياً وشعورياً .

 

يا ترى كم هم الذين يحملون هذه الروح من المسلمين ؟ بل كيف يكون الشأن لو كان10% بل1% من المسلمين يحملون هذا الشعور بل هل يحمل العلماء والدعاة والمصلحون في الأمة هذا الشعور الذي حمله قلب هذا الشاب ؟

 

أبو ذر ذلك الشاب المتوقد حماسة المتفجر غيرة الذي امتلأ شعوراً بالجسد الواحد فلم يقر له قرار ولم يهدأ له بال وإخوانه المسلمون مضطهدون بأيدي الأعداء وأخواته المسلمات المحصنات يغتصبن على يدي علوج الروم ، كان يقول : إن صراخ النساء وعويل الثكالى في الشيشان أقلقني و أطار نومي ..! نعم لقد رخصت نفسه عليه في ذات الله تعالى فحملها يعرضها على الله في أسواق الجهاد التي قامت ، عرضها في البوسنـة فلم يكتب لها نصيب وعرضها في كوسوفا وكذلك ، ثم عرضها في الشيشان ومازال بها حتى جاءها القبول وربح البيع أبا ذر إن شاء الله .

 

أبو ذر رحمك الله لقد مضيت وتركت في حلوقنا غصة وفي قلوبنا حرقة وفي عيوننا دموعاً حرى .

 

أبو ذر لقد عرفتك أرض البوسنة أسداً هصوراً وفتىً مضحياً ورجلاً مقداماً وعرفتك حتى كوسوفا رجلاً غريباً فريداً يثب على الموت كلما سمع فزعة أو هيعة طار إليها يبتغي القتل مظانه . حتى طالب بك حلف الأطلسي الذي جاء لنصرة الكوسوفيين زعموا !! لكنهم رأوا مثل ما أخبر به ربنا جل وعلا (ترهبون به عدو الله وعدوكم) فوالله لقد كان الصرب أعداء الله وكذا كان الأمريكان فخافوك جميعاً .

 

ثم لم تكتف بهذا كله لأنك قد بعت ولا تريد أن ترجع في البيع ، ولأنك عرفت الطريق فلزمته ( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة …) ولم يوهن عزيمتك ويضعف إصرارك أن ردوك من على حدود الشيشان عدة مرات ولم تر مثل ذلك عذراً عن الجهاد ونصرة إخوانك في الشيشان لأنه قد تربع في قلبك وأخذ موضع تصحيح فؤادك .

 

وفي يوم الثلاثاء في الرابع و العشرين من شهر ربيع الأول عام 1421 هـ قام الشهيد بتفقد رعيته صباحا حيث كان بوما مطيرا فاطمئن لحالهم ثم خرج يستكشف المكان كما عرف من حاله في الترصد والحركة و النشاط وفي الطريق وجد لغما كانت قد زرعته أيد آثمة من أيادي الكافرين فأمر أصحابه بالابتعاد ثم بدأ بإزالتهو في أثناء ذلك شاء الله أن يرفعه و يكرمه بالشهادة بإذن الله – التي طالما تمنها، فثار اللغم المشرك وانفجر، وصار الأمر واستقر، وطار الشهيد أن شاء الله إلى خير مستقر (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر)

 

شاهد عيان

ومما يكرم الله به عباده المؤمنين وأولياءه الصالحين ما يكون لهم من الكرامات التي يؤمن بها أهل السنة و الجماعة دون إفراط ولا تفريط، فلقد كان لذلك الشهيد كرامة شهدها أحد الاخوة الأنصار الثقات وشهد بها، حيث أقسم الأخ أن الليلة التي دفن فيها أبو ذر –رحمه الله- رأى القبر في أثناء حراسته بالليل وقد خرج منه نور ارتفع إلى السماء فبدأ الأخ يكبر وهو مذهول من ذلك المنظر العجيب، وما ذلك على الله بعزيز فرحمة الله عليك يا أبا ذر – نسأل الله أن يرفعك في الفردوس الأعلى وأن يحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء و الصالحين وحسن أولئك رفيقا، وما نرى لأبي ذر مثلا إلا قول الله وهو أحسن القائلين (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) نحسبه كذلك ولا نزكي على الله .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد

 

رحم الله شهدائنا و أسكنهم فسيح جناته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عربي براييف ...القائد الفذ

 

هو عربي بن علاء الدين براييف ولد رحمه الله في يوم27مايو 1974م في قرية الخان كلا ، وسبب تسميته بعربي هو أن أمه رأت في منامها قبل ولادته بأربعة أيام رجلاً عربياً كبيراً في السن ويلبس ثياباً بيضاء فقدم لها طفلاً أ.هـ ولما علم جده بهذه الرؤيا سماه بـ عربي ...

توفي والد عربي براييف وله من العمر إحدى عشر سنة ثم بها بعامين توفيت أمه ، والتحق بدارسته حتى أنهى المرحلة الثانوية بمعدل جيد، وكان معروفاً بين معارفه بالكرم والأخلاق الكريمة وكان منذ صغره يحب الرياضة ويتقن فنون القتال المختلفة كالكيك بوكسنغ والكراتيه والمصارعة والملاكمة والكنغ فو .

وكانت تصرفاته وهو ابن الثالثة من العمر كتصرفات ابن الثامنة لما تميز به من رجاحة عقله ورزانة خلقه ,كان شهما وشجاعا سريع التعلم على الأسلحة حتى أنه اتقن أكثرها وكان زاهدا في الدنيا حيث توفي ولم يكن له بيت بل كان يسكن بيت أبيه وكان يدعو الله ألا يكون من المتنافسين في البنيان وكان يردد حديث التطاول في البنيان ..

 

جهاده :

حينما بدأت الحرب التي قادها جوهر دودايف شارك عربي في الحرب مع مجموعة تقارب 25شخصا بقيادته في سنة 1995م وكان قناصا ماهرا وقد شارك في عملية قروزني في آخر الحرب حيث كان في الجهة الجنوبية في منطقة تشيرنورتش وكان معه 150مجاهدا وبعد انتهاء الحرب حاز على رتبة جنرال وكان الأصغر سنا بهذه الرتبة تنبه الشيخ فتحي رحمه الله لعربي براييف واهتم به وبمجموعته حتى انضم هو ومجموعته تحت الشيخ فتحي رحمه الله لما تميز به من شجاعة وكرم وثبات وعزيمة ولذلك كناه الشيخ في الحرب السابقة بأسد الله .

وبعد انتهاء الحرب الأولى ترأس عربي ( الفوج الإسلامي الخاص) التي قام بتكوينها الرئيس السابق زلم خان وكان عربي له علاقات وصلات مع زلم خان قوية جدا وكان الفوج الإسلامي متخصص في محاربة الخمور والمخدرات .

تأثر عربي براييف بالشيخ فتحي رحمهما الله فحرص على تعلم العلم الشرعي فحفظ عدة أجزاء من القران الكريم ومجموعة كبيرة من الأحاديث النبوية وكان حريصا على التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم كان له نقاش مع الصوفية وأقنع بعضهم عن الرجوع عما هم فيه ومنهم أخوه ..

وكان محباً للأنصار العرب الذين شاركوا في الحرب الأولى أو من جاء بعدها واستقر في الشيشان حيث كان له أثر كبير في التمكين لهم ..

وفي بداية الحرب الثانية كانت مجموعته 150 مجاهدا ثم زاد العددإلى 400مجاهد وذلك نظرا لإبداعه في حرب قروزني والسيطرة على قرى ومواقع حساسة في يرمولوف مسقط رأسه وقد شارك في الدفاع عن العاصمة قروزني وبعد انحياز المجاهدين منها شاع نبأمقتله وبعدها بثلاثة أيام فاجأ الروس بالهجوم على مواقعهم في قرية يرمولوف .

أبدع رحمه الله في الحرب وقاتل قتال الأشاوس فأصبح الروس يرتعدون منه ويخافون من المناطق التي يتواجد فيها . وبعد انحياز المجاهدين من شاتوي وقع لمجموعة عربي مقتلة كبيرة فقتل منهم واستشهد 174مجاهدا وأكثر البقية جرحوا وكان ذلك في قرية سعدي كوتر فقل عدد مجموعته ولكن في نهاية عام 2000اجتمع حوله قرابة 500مجاهد فساموا الروس سوء العذاب...

أسد على الأعداء يرغم أنفهم

قهراً ويثأر صادقاً للدين

كان شديدا على المنافقين سليطا عليهم وكان يفضل قتلهم على قتل الروس‍‍‍ لذا كانوا يخشونه ويخافون منه ومن مجموعته...

كان يدعوالله بالشهادة دائما وكان من عادته رحمه الله قبل القيام بأي عمل أن يصلي ركعتي استخاره وكان دائم المحافظة على الوضوء

وكان رحمه الله سببا في عزل الروس لأحد قادتهم الكبار (شومانوف)حيث عزل من منصبه القيادي لفشله في إطفاء مقاومة المجاهدين ولا سيما الذي كان يقع من عربي ومجموعته .

أصيب رحمه الله في جهاده الأخير _الحرب الحلية 18مرة وكان بنصف معدة حيث أصيب في معدته وأصيب في أحدى كليتيه وطحاله وفي جسمه العديد من الشظايا وقد تعرض لمحاولات اغتيال عديدة قاربت 15مرة وقد أثرت شجاعته وبسالته في أهل بيته وأقاربه حتى أن ابنة أخيه حواء براييف قامت بأول عملية استشهادية في الشيشان :

وينشأ ناشيء الفتيان منا

على ما كان عوده أبوه

كان رحمه الله وثيق الصلة بربه حيث كان حريصا على التهجد ويحث أصحابه بالألتزام به وكان كثير الألحاح على الله بسؤال الشهادة

يارب فارزقنا الشهادة والمنى

هذي الرقاب لصدقنا برهان

واسكب دمانا في المعارك إننا

بعنا النفوس ودمعنا هتان

ونخيط أثواب الشهادة علها

تأتي وخير ثيابنا الأكفان

استشهاده :

كان للمنافقين دور كبير في الوشاية بعربي براييف ومجموعته حيث أن قرية الخان يورت من القرى التي يكثر فيها المنافقون وهي قريبة من قرية يرملوفكا من ضواحي قروزني أخبر المنافقون الروس بوجود عربي ومجموعته في قرية يرملوكا فقامت القوات الروسية بحصار القرية وحشدوا حولها آلاف الجنود وبدأوا بالهجوم على القرية بالمدافع والطائرات فتصدى لهم عربي ةمن معه لمدة يومين حتى نفدت أكثر الذخيرة التي معهم وقتلوامن الروس مقتلة كبيرة ثم قتل رحمه الله وكان آخر كلامه (الله أكبر لااله إلا الله)وأخفى أصحابه جثمانه واستمروا في القتال حتى قتل منهم 14مجاهدا ووقع 4 منهم في الأسر لكونهم جرحى وانسحب الباقون وكانوا لا يتجاوزون العشرة .فلله در هذا الفارس البطل الذي لم يعرف الذل والخنوع يوما ما بل عاش كريما عزيزا ومات شهيدا باذن الله .

عربي رحلت بعزمك المتوهج

وهزمت جيشا بالسلاح مدجج

توفي رحمه الله وقد ترك ورائه أربع زوجات وثلاثة ابناء وهم :فتحي وسيف الله وسيف الأسلام وسوف يكونون باذن الله غصة في قلوب الأعداء كما كان أبوهم رحمه الله .

يا فوز من نال الشهادة والمنى

وتلقفته بأرضها الشيشان

ألا فلتفخر الشيشان بأنه خرج من ثراها أمثال هذا القائد الفذ..ولتفخر أمة الإسلام أن وجد فيها من أمثال عربي براييف الذي نكأ الأعداء وسامهم سوء العذاب ثم قضى نحبه مجاهداً لله مقبلاً غير مدبر

شيشان يأرض الإباء تحدثي

عمن لهم في أرضك الآثار

عن موكب الشهداء حين سرى إلى

نزل كريم تحته الأنهار

وعن الأشاوس كم أذاقوا الروس من

خزي تردد ذكره الأمصار

 

رحمك الله يا أبا جعفر!!

 

رحمك الله يا أبا جعفر!!

الحمد لله الذي جعل الشهداء في عليين وصلى الله وسلم على إمام الشهداء محمد بن عبدالله وبعد ...

فمن مرعب الروس من دمرا ... فذاك الهمام أبـوجعفـرا

تـراه قصيراً نحيـلاً ضئيلاً... وفي ثوبه مثل أسد الشرى

إذا هاجمتـه الهموم الكبار ... أتاهـنَّ في همـة أكـبرا

فتى قد تمنى معالي الأمـور... فباع النعيم وباع الكـرى

وباع لرب الورى روحـه ... وأكرمه ربـــه فاشترى

(1) أبو جعفر اليمني. . القائد الخلوق

من اليمن ..من البلاد التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم وقال الإيمان( يمان) والحكمة يمانية رواه البخاري من حديث أبي مسعود ، نشأ بالطائف من بلاد الجزيرة وعاش بها .. ثم انتقل إلى اليمن ومنها إلى الجهاد.

ولد قريباً من عام 1380هـ. عرفناه أحب الجهاد .. ونبض قلبه لنصر هذا الدين . هل تدرون من جهزَّه؟

باعت أخته ذهبها وجهزته بمالها فأين النساء؟ بل أين الرجال؟ وقد طلب جعفر من أحد المجاهدين الذين يجيدون كتابة الشعر أن يكتب قصيدة في أخته فكتب له على لسانه يخاطب أخته :

عبيرا وأزهارا مع خالص الـــــود سلامي من الشيشان يغــــشى دياركم

بمرآكم الزاهي فقد زيد من وجدي فيا هل ترى عيني تراكم وتكتحــــل

طاعة الرحمن في أول العــــهد و لن أنسى يا أختاه يا من أجبت إلى

بوقت نساء القوم أكثرن في الصـد لبست حجاب العــــز من دون رجعة

ليوم تناديني أخـــي إلى المــــد فلن ينسك قلبي ولن ينس خاطـــر

فكنت كأقوى الناس في الصدق بالوعد دفعتي إلى الميدان قلـــــبي ومهجتي

إذا عز لقياكم ففي جنة الخلـــد أفاطمــــةٌ قلبي يحــدث دائمـــًا

و ما دارت الأفـــلاك من سالف العهد ختاما سلام الله ما ضــــــــاء كوكب

 

حفظ القرآن على شيء من العلم الشرعي . . طلب بعضه على الشيخ مقبل؛ وإن كان قد نسي بعض القرآن بسبب انشغاله عن المراجعة في ظل فورة القتال ويقول القائد أبوالوليد عنه : إنه قال سوف أراجع القرآن في رمضان المنصرم لأنه قد نسي أكثره وفعلاً تمكن من مراجعة نصفه في شهر رمضان عام 1421هـ.

ترجل عن جوادك أي هذا الفارس البطل

فإن الأخوة الفرســان للميدان قد وصلوا

ومن بوابة الشيـــشان للتاريخ قد دخلوا

.كان نحيلاً ضئيلاً قصيراً. . ربما لو وقف فلا يصل إلى نصف عضد أحدنا...وفي أثوابه أسد هصور . . قمحي اللون . . ذو لحية بارزة . . هادئ الطبع .. كثير الصمت . . شديد الحياء . . بشوشاً هينا . . إذا ضحك لم يقهقه ،وكان رجلاً جاداً عملياً .

( 2 )

ركض مع الجهاد: تدرب . . أتقن الضرب على مدفع الهاون واحترفه . . وكان في الحرب الأولى ضمن مجموعة خطاب وموكل إليه الضرب بالهاون لأنه أتقنه أيما إتقان . .وبرع فيه في الحرب الحالية وأثخن في الروس بالهاون أيما إثخان .. ولما هدأت الحرب الأولى تولى معسكر التدريب فكان هو المسؤول عنه ...

وكان رحمه الله حريصاً على شيئين:التربية العسكرية .. والتربية الإيمانية.. وكان يطلب من المجاهدين المتعلمين إلقاء الدروس فإذا تأخروا أو تعذروا غضب وأغلظ عليهم وقال:هذه أمانة فقوموا بها.

كان رقيق المشاعر ..عطوفاً على المجاهدين الفقراء والضعفاء –كالمجاهدين الأوزبك-؛ فإن الشيشانيين أو العرب مثلاً يعرفون كيف يحققون ما يريدون لأن هناك من يعينهم ؛ أما الأوزبك فلم يكن من يرعاهم..

أراد أحدهم مرة الزواج فسعى له .. حتى إنه عاتب حكيماً –رحمه الله- وقال:لو كان عربياً لأعنتموه.. .. فأعانه وأتى له بملابس جديدة..

مهلاً يد التقوى هي العليا ما بيننا عرب ولا عجــــم

مثل الذباب تطايروا عميا خلوا خيوط العنكبوت فهم

كالشمس تملأ هذه الدنـــيا وطني كبير لا حدود لــــه

في الهند في روسيا وتركيا في أندونيسيا فوق شيشان هنا

وأحطم القيد الحديديـــــــا آسيا ستصهل فوقها خيلي

 

( 3 )

بدأت الحرب الثانية .. وكثرت مجموعة خطاب فاحتاج إلى توسيع القيادة وتولية أمراء جدد .. فكان جعفر متميزاً خلقاً وصبراً وقيادة .. خاصة بعد مقتل القائد حكيم .. وكان جعفر من أعضاء المجلس الشورى العام ..

تشكلت مجموعته .. واشتهر مع مجموعته بالإقدام .. وأصبح أكثر الشباب العرب يطمحون في صحبته .. فإذا جاء التقسيم دعوا الله أن يكونوا معه .. وأكثر الشهداء العرب كانوا في مجموعته .. وقد رأى أحدهم رؤيا –حين كان جعفر في أرغون- أن جعفر يقود حافلة في مطار أرغون وينطلق بها ومعه مجموعته .. وأسرع بها ثم طارت في السماء .. فنسأل الله أن يجعل أرواحهم في عليين..

وعلى الجهاد طريقنا نحو القممْ لا نرتضي القيعان بالجبل الأشم

وممن كان معه في تلك المجموعة (حين كان في أرغون وقت الرؤيا) واستشهد بعد ذلك:عبدالله المقدسي / أبوحبيب القصيمي / أبو المنذر الأماراتي / أبوعبيدة اليمني / أبو حذيفة المصري / أبو حمزة اليمني / أبومالك اليمني / عباد النجدي / عكرمة السوري/ أبوعبدالعزيز اليمني..

هو الإسلام علمهم صموداً كذاك يكون أبطال الصمود

وهناك غيرهم ممن التحق فيما بعد بمجموعته ونال الشهادة ؛ منهم : أبوسعيد الشرقي .. أبودجانة اليمني .. أبوحفص المصري .. المثنى القصيمي .. أبوسمية النجدي .. أبوذر الطائفي .. أبوعاصم الجداوي ..

كان مسعر حرب ؛ جريئاً .. حتى إن الشيخ أباعمر قال : لا ينبغي لهذا الرجل أن يولى ولاية لأني أخشى أن يهلك من معه .. لأنه مقدام وكان يقول عنه : إنه مسعر حرب !!

أرعب الروس وأرهبهم .. حتى إن الأخبار ثبتت أنه كان مرة على خط سرجنيوت .. فكان الروس يقولون في إخبارياتهم ( .. وخط سرجنيوت فيه مجموعة من جندنا و.. و .. وتواجههم مجموعة جبلية يقدر عددها بخمسة وعشرين ألفاً يقودهم الجنرال جعفر)! مع إن مجموعته لم تتجاوز 140 شخصاً .. حتى إن الشيشانيين كانوا إذا رأوه ورأوا جسمه ضحكوا وقال:أنت الجنرال جعفر!؟ وكان من لا يعرفه منهم يأتي ويسأل المجاهدين أين الجنرال جعفر فإذا رأوه تعجبوا واستغربوا أن يكون هذا هو الذي دوخ الروس وأرعبهم !

في دياري لن يظل الغاصبون وبناري سوف يصلون الأتون

قد عقدنا العزم أن نمضــــي لما قـــــدر الله وما شاء يكون

سوف نجني النصر أو كأس المنون

أحبه الشيشانيون وجرى اسمه بينهم حتى إن أحد المجاهدين قال مرة: أضعت مجموعتي ليلة من الليالي .. وتقلبت بين القرى .. فأتيت قرية وكنت أتحاشى الناس .. فلقيت امرأة عجوزاً شيشانية فكنت أحادثها بروسية مكسرة فخرج ابنها وعرف أنني مجاهد عربي ؛ فقال:من أي مجموعة؟ فقلت:مجموعة جعفر .. ففرح جداَ وأخذ مني سلاحي وأكرمني غاية الإكرام .. وسألني عن حال جعفر –وكان جريحاً ذلك الوقت – فأخبرته فتأثر وحزن .. ثم لم يتركني حتى أوصلني إلى المجاهدين..

( 4 )

كان حريصاً على التربية الإيمانية وربما وعظ المجاهدين .. وربما ذكرهم قبل المعارك بالله وعظيم أجره .. وربما رأيته يلقي ذلك وهو متاثر..وكان دائماً يذكر المجاهدين بفضل الجهاد والمجاهدين والغدوة والروحة في سبيل الله.

كان متواضعاً (على كونه قائداً يستحق التبجيل).. لم نر مثله في تقدير القيادات التي فوقه من مثل خطاب (وحكيم سابقاً) ويعقوب وأبي الوليد .. فإذا أتى أحدهم معسكره في زيارةٍ قدمه وقدره ..حتى لو طلب منه أحد جنوده طلقة قال استأذن من القائد (يعني الذي فوقه) ولا يفعل شيئاً أبداً.. وربما رأيته يتكلم ويوجه فإذا جاء قائد أكبر منه صمت وسكت وتكتَّف كأنه جندي من الجنود .. مع أنه قائد .. وهذا من طيب نفسه..

إذا المكارم في آفاقنا ذكرت فإنما بك فيها يضرب المثل

ومن ذلك أنه كان –بإجماع المجاهدين- لا يأمر أحداً بشيء أمراً مباشراً .. حتى إنه ربما أراد كأساً عند بعض المجاهدين فلا يطلبه منهم بل يقوم بنفسه فيحضره .. وكان على جسيم مشاغله وتعدد مسئولياته يقوم في حاجته بنفسه .. حتى في أوقات الحرب ووسط الغابات ربما غسل ثيابه بنفسه ولا يأمر بل لا يرضى أن يغسل له أحد ثوبه على تزاحم أعماله..

كان على تواضعه عطوفاً حتى إن في مسيرة الانسحاب تقدمت مجموعته لاستقبال المجاهدين في بعض القرى .. فكان يروح ويجيء ويجهز ويرسل .. كان المجاهدون وأكثرهم مرضى متعَبون .. وأكثرهم تورمت أقدامه.. فكان يرعاهم بل لم ينم الليل حتى الساعة العاشرة من الغد .. بل –هكذا أخبر أصحابه- كان ربما غمز أرجلهم لأنها قد تعبت من المشي وهو القائد..!!

يقول أحد المجاهدين : في أحد ليالي الشتاء كان المجاهدون متعبين بعد عناء اليوم .. ولم يناموا إلا حوالي الساعة العاشرة .. فاستيقظتُ الساعة 12.30 فوجدتُ جعفر يتحدث مع خطاب من خلف نافذة .. وطال الحديث وطال .. وكان خطاب يدعو جعفر أن يحرك مجموعته لمهمة .. وجعفر يقول : جيد لكن الشباب لا بد أن يرتاحوا قليلاً .. وخطاب يحاول معه ويقول : يكفيهم ما ارتاحوا .. وجعفر لرحمته يقول : لا بأس ولكنهم متعبون ولا بد أن يرتاحوا .. ولما ذهب خطاب استراح جعفر على فراشه فلم يأته النوم .. ثم قام وتوضأ وصلى ركعتين .. ثم شغل سيارته وانطلق ليرتب أمور مجموعته .. ولم ينتظر حتى الصباح فلله ما أصبر تلك الهمم!

سبحان خالق قلبٍ كيف لذته فيما النفوس تراه غاية الألـــــ م

 

متيم بالندى لو قال سائله هب لي جميع كرى عينيك لم ينم

 

 

كان رقيق المشاعر .. لا ينسى حاجتك .. طلب أحدهم حذاء .. فأعطاه إياه بعد زمن ولم ينس حاجته .. وطلبتُ مرة سلاحاً خاصاً فمرت ثلاثة أسابيع .. حتى والله إنني أنا نسيت حاجتي .. فأخذ جعفر يوزع أسلحة ثم نادي علي وأعطاني الذي أريده..

كان لا يأكل قبل المجاهدين .. ولا يلبس قبل المجاهدين .. بل إن المجاهدين صرفت لهم بدل عسكرية جديدة فكان هو من أواخر من لبس .. بل إنهم كانوا في الغابة .. وأشد ما في الغابة إذا نزل المطر فإنه تضيق صدور المجاهدين لشدة المطر وزلق الأرض والطين ولا تقدر أن تشب ناراً.. فوزعوا مرة خياماً جديدة مريحة مانعة من البلل ؛ حتى كأنها فندق .! دخل المجاهدون فيها وناموا أما هو فلم يكن له مكان .. فذهب مع صاحب له إلى أغصان شجر قد صففت ووضعوا فوقها بلاستيكاً وهي مفتوحة من الجوانب .. ونام تحتها.. وهو من هو .

ذا اعتاد الفتى خوض المنايا فأهون ما يمر به الوحول

 

( 5 ) : القائد!

ومع طيبته فكان قائداً مربياً .. كان يمر على مجموعاته (شيشان .. عرب .. أذربيجانيين .. ) فإذا رأى بقايا سكر في الأرض عاقب المجموعة ألا يصرف لهم سكر .. وكذلك إذا رأى كسر خبز : كيف تسرفون وإخوان لكم لا يجدون ما يأكلون؟

كان يربي الشباب على القيادة .. يجتمع بهم ويشاورهم .. حتى مع الشباب الجدد الذي لم يسبق لهم تجربة .. فيحاور ويقول:إذا جاء الروس من هنا .. فهل نأتي من هنا .. وماذا نفعل .. ويعرض الأفكار.. وربما أرسل هذا للترصد .. وهذا لعملية ..

كان يسهل الأمور .. ويعطيك المسئوليات بأسلوب ميسر : (تذهب مع هؤلاء .. وكذا وكذا .. وإذا يأتون الروس اضربهم والله أكبر)! هكذا أسلوبه.. حتى إن جنوده كانوا يندهشون من هذا الأسلوب السهل .. واعتادوا على القيادات ..

كان يوليهم .. هذا مسئول التموين –وهي مسئولية صعبة وثقيلة - .. وهذا مسئول الذخيرة وهذا وهذا .. فصار المجاهدون كخلية النحل ؛ مع أنه كان لا يجلس كثيراً معهم إذ هو مشغول بمهمات أكبر من تحركات وترصدات واجتماع مع القيادات..

6 )

كان حريصاً على أن تتعلم زوجته اللغة العربية .. فكان يأمرها ألا تتكلم معه في البيت إلا بالعربية .. فمرة قدمت له الطعام وقالت له (كل) بالروسية فغضب ودفع الطعام وخرج من البيت..ولذلك فقد تعلمت كثيراً من العربية من أجل حرصه رحمه الله عليها..

لم يعش حياة الترف .. مرض مرات .. وأصيب مرة .. كان هناك 6 من المجاهدين داخل الغابة؛ فكمن لهم الروس .. وضربوهم بالرشاش .. فأصيب أحد المجاهدين (أبوالمثنى) فكان يقول وهو مصاب في دمائه : اللهم احفظ أبا جعفر .. .. وأصيب أبوجعفر بطلقات أصاب بعضها مفصل يده اليمنى .. حتى كانت يده تكعف قليلاً إذا أراد الأكل.. وأصابت أخرى في عضد اليسرى ... وأصيب كذلك في ظهره..

كان فيه –بإكرام الله له- إحساس باطني عجيب .. قام ذات يوم فزعاً من نفسه واتصل بالمخابرة فعلم أن هناك تقدماً للروس .. وفزع في يوم آخر أشد من ذلك فاتصل بالمجاهدين فعلم أن هناك تقدماً للروس وأن هناك إصابات في المجاهدين..

كان مخلصاً .. ربما نفذ عملية .. فيأتي إليه المجاهدون ليأخذوا منه أخبارها مباشرة .. فلا يتكلم عن نفسه ولا يقول خططنا هجمنا بل يقول:فعل الأخوة وخطط الأخوة..

وكان من شجاعته أن المجاهدين الذين معه يقولون إذا كان معنا أبوجعفر في اشتباك فإننا لا نخاف العدو ولا نرهبه وذلك لإقدامه وشجاعته ..

وكان لايعرف الانسحاب من أرض المعركة وإن حصل إنحياز لكامل المجموعة فإن أباجعفر يكون هو آخر من ينسحب ويذكر عنه أحد من شارك معه في عمليات انتصارات العيد – عملية أرقون - : كنت أحد أفراد مجموعة أبو جعفر رحمه الله وكنا كامنين على طريق قدرميس وبدأت العملية الساعة السابعة وخمس وأربعون دقيقة ووصلت القافلة وكانت عشر آليات وبتاير وهنا أعطى الأمر جعفر وبدأت الرماية وحرقنا جميع هذه الآليات الروسية بفضل الله تعالى فأرسل الروس مدد لهذه القافلة : آليه وخمس عشر فرد من الروس - تقريباً - واشتبكت أنا وأخونا عماد مع الروس وعندما سمع أبو جعفر الرماية أتى إلينا وقال أشركوني في الأجر وأخذ يرمي عليهم وكان نصف جسده ظاهر للعدو واشتبكنا معهم حوالي ساعتين وكان ينتقل من خندق إلى خندق يساند الشباب لأن بعض الجنود الروس ما قتلوا وكان الإخوة قريبين من الخط فمن الله علينا بقتل أكثرهم وجرح البعض الآخر وأرسل الروس أيضا مدد ثلاث آليات وقرابة 45 جندي واستمر الاشتباك معهم من العاشرة صباحا إلى الثانية والنصف ظهرا وعندما شاهد أبو جعفر ذلك وكان في بداية المجموعة أتاني مسرعاً وقد أخذ من بعض الإخوة قاذف قنابل وأخذ يرمي عليهم واشتبكنا معهم ...وعندما اثخنا فيهم كنا نسمع بعض الروس يقول ماما ويقولون ساعدونا ..وخرج أبو جعفر ليرى من بقي من الروس ويجهز عليهم وعند ذلك حدث ما لم يكن في الحسبان حيث طلب من بقي حياً من الجنود الروس الإمداد فوصل الإمداد في أكثر من ستة وعشرون الية من بين دبابات وبي ام بي وشاحنات مليئة بالأفراد وعندما رأيناها كبرنا وارتفعت أصواتنا بالتكبير والتهليل وبلغت القلوب الحناجر وظننا أنا لن ننجو من هذا الهجوم المباغت وقال لي أخ بجواري ماذا نفعل فقلت أذكر الله واطلب من الله الثبات وجاء آخر وقال ماذا نفعل أكثر الإخوة انحازوا فتعال نفعل مثلهم فقلت له ننتظر أمر الأمير وعندها كنت متحيراً مدة من الزمن بين أن أنحاز أو اثبت في مكاني وخرجت من الخندق ورأيت أبا جعفر يقول للإخوة اتقوا الله واثبتوا وقال لي اثبت يا أخي ولتتقي الله وثبتنا الله وكان أبو جعفر أسد يصول ويتجول في أرض المعركة حتى أحرقهم بديزل موجود معهم وأحرق عشر آليات وقد انحزت مع أخ جريح وكان قد ثبت مع أبي جعفر أربعة من الإخوة وكان الأخ أبو جعفر آخر الإخوة المنحازين

وقد انتقل إلى رحمة الله في ركب الشهداء القائد الهمام أبوجعفر اليمني وذلك في يوم السبت 18/2/1422هـ حيث كان خارجاً مع بعض المجاهدين من سلاح المهندسين لزراعة الألغام في طرق القوافل الروسية وأثناء قيامهم بزراعة الألغام إنفجر فيهم أحدها فانتقل إلى رحمة الله وقتل معه أبوبكر التركي وأحد المجاهدين الشيشان نسأل الله أن يتقبلهم جميعاً في ركب الشهداء

للمنايا وقد تأخر شهرا ليت مليون مهجة سبقته

وذهاب اللئيم يذهب عسرا فبقاء العظيم في الأرض نفع

 

 

وسرت قدماً إلى الجنات يابطل نلت المكارم والأمجاد يا رجل

بسيركم تستقـــى الآيات والمثل بنهجكم يا أخي تحيى ضمائرنا

لما رحلت، وسحت عينها المقل إيهٍ أباجعفرٍ قضت مضاجعنا

ليثاً هصوراً به يستشرف الأمل تبكيك شيشان والساحات إذ فقدت

وتطرد الظلم والأعداء فانخذلوا فكم أقمت بها تحي كرامتها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×