اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

الحرص على الأذكار عقب الصلوات

المشاركات التي تم ترشيحها


Related image

 

الحمد رب العالمين، جعل الذكر زاداً للمؤمنين، وتنبيهاً للغافلين، وحرزاً من الشياطين، وأصلي وأسلم على خير من ذكر الله وكبر، وهلل واستغفر، وعلى آله وصحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فإن ذكر الله تعالى من أعظم الطاعات والعبادات، وأجل الأعمال والقربات، أمر الله به في كتابه الكريم، فقال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾[2].

وأثنى سبحانه وتعالى على المكثرين من ذكره، المشتغلين بتعظيمه، وأعد لهم أجراً عظيماً، قال تعالى:
﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجرًا عَظِيمًاً ﴾[3].

وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
(سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ)[4].

والذكر الكثير هو الذي لا ينسى فيه العبد ذكر ربه سبحانه وتعالى، بل يذكره في كل حين، وفي كل حال، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (إن الله لم يفرضعلى عباده فريضة إلا جعل لها حدًّا معلوماً، ثم عذر أهلها في حال عذر غير الذكر، فإن الله لم يجعل له حدًّا ينتهي إليه ولم يعذر أحداً في تركه إلا مغلوباً على عقله، قال:
﴿ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ ﴾[5] بالليل والنهار في البر والبحر، وفي السفر والحضر، والغنى والفقر، والسقم والصحة، والسر والعلانية، وعلى كل حال[6].

وقد أكد نبينا صلى الله عليه وسلم في عدد من أحاديثه على عظم قدر الذكر ومكانته، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا بَلَى. قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى)[7].

وهذا فضل عظيم لا يوازيه أي فضل، وثواب كبير لا يضاهيه أي ثواب، ولذلكم فإن العاقل عليه أن يعرف قدر هذه العبادة، ويعلم أن الذكر شرف للذاكر، قال تعالى:
﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾[8]. أي أنه سبحانه وتعالى ذاكرٌ لمن ذكره، زَائدٌ لمن شكره[9].

وفي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا، اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)[10].

هذا، وإنه من جملة الأذكار التي ينبغي الحرص عليها، والاهتمام بها، الأذكار الواردة عقب الصلوات المفروضة، فبعد السلام والخروج من الصلاة يشرع للمسلم الإتيان بالأذكار المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم.

فعن ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا، وَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ[11].

والحكمة من الاستغفار بعد الصلاة هي إظهار هضم النفس، وأن العبد لم يقم بحق الصلاة، ولم يأت بما ينبغي لها على التمام والكمال، بل لا بد أن يكون قد وقع في شيء من النقص والتقصير، والمقصر يستغفر لعله أن يُتجاوز عن تقصيره، ويكون في استغفاره جبر لما فيه من نقص أو تقصير[12].

وعن المغيرة بن شعبة: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ،
إِذَا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ[13]. أي: لا ينفع ذا الغِنى منك غناه[14].


وكَانَ عبد الله بْنُ الزُّبَيْرِ، يَقُولُ: فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، ثم قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهَلِّلُ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ[15]. أي: يعلن بذلك ويرفع صوته[16].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ [17].

أي: غفرت ذنوبه وإن كانت أي في الكثرة مثل زبد البحر، وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه وتموجه[18].

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَنْ قَرَأَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَنْ يَمُوتَ[19].أي: لم يبق من شرائط دخول الجنة إلا الموت، وكأن الموت يمنعه ويقول: لا بد من حضوري أولاً لتدخل الجنة[20].

وعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ:
أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقْرَأَ بِالْمُعَوِّذَاتِ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ[21]. والمراد بالمعوذات السور الثلاث: "قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ[22]" و"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ[23]" و"قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ[24]".

ومن الأدعية الواردة عقب الصلوات كذلك: ما ورد عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ، وَقَالَ:
يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: (أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ)[25]. فقدم صلى الله عليه وسلم الذكر على الشكر، لأن العبد إذا لم يكن ذاكراً لم يكن شاكراً، قال تعالى: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾[26].

وأخيراً أقول: إن خير ما تنافس فيه المتنافسون، وتسابق فيه المتسابقون، وتواصى به الصالحون المصلحون، الحرص على ذكر الله تعالى في كل وقت وحين، ففيه السكينة والطمأنينة، وفيه زوال الهموم والغموم، وصدق العظيم إذ يقول:
﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.[27]

وفي الحديث عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ، إِذَا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ابْنُ عَبْدِكَ ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ بَصَرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا)[28].

فاللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، يا رب العالمين.

 

....................................

[1] الدخلاوي علال.
[2] الأحزاب: 41-42.
[3] الأحزاب: 35.
[4] صحيح مسلم -باب الحث على ذكر الله تعالى.
[5] آل عمران: 191.
[6] جامع البيان في تأويل القرآن، ج20 ص280.
[7] سنن الترمذي، كتاب الدعوات،باب منه.
[8] البقرة: 152.
[9] جامع البيان في تأويل القرآن، ج3 ص211.
[10] صحيح مسلم - باب فضل الذكر والدعاء.
[11] صحيح مسلم - باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته.
[12] فقه الأدعية والأذكار لعبد الرزاق البدر، ج3 ص 166.
[13] صحيح مسلم - باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته.
[14] المُعْلم بفوائد مسلم، ج1 ص 123.
[15] صحيح مسلم - باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته.
[16] مطالع الأنوار على صحاح الآثار، ج6 ص 127.
[17] صحيح مسلم - باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته.
[18] مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، ج3 ص 325.
[19] السنن الكبرى للنسائي- ثواب من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة.
[20] فيض القدير شرح الجامع الصغير، ج6 ص 197.
[21] سنن أبي داوود - باب في الاستغفار.
[22] الإخلاص: 1-4.
[23] الفلق: 1-5.
[24] الناس: 1-6.
[25] سنن أبي داوود -باب في الاستغفار.
[26] شرح حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، ص131.
[27] الرعد: 28.
[28] المسند- مسند عبد الله بن مسعود- برقم:4318.


شبكة الألوكة

 

Image result for ‫السلام عليكم‬‎


 

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×