اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

مواعظ رمضانية لابن الجوزي

المشاركات التي تم ترشيحها

مواعظ رمضانية لابن الجوزي (1)


إليكم قطعة رمضانية بديعة لابن الجوزي، نقدمها بين يدي شهر رمضان المبارك[1] من كتاب "التبصرة"، وهذه القطعة سقطت من الطبعة الكاملة الوحيدة لكتاب "التبصرة"، والتي نشرتْها دار السلام بالقاهرة.




يا مَنْ طول سَنتِه قد نام.

انتبِهْ لهذه الأيام.

واحذرْ غفلةَ الطَّغَام[2].

وخُذْ قدْرَ البُلْغةِ مِنَ الطَّعام.

واسمعْ قولَ الملِكِ العلَّام: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


يا مريضًا لا يَقبَلُ مِنْ طبيبه.

هذا شهرُ الحِميةِ قد جاء لتهذيبه.

صُنْ لسانَك عن الغيبةِ[3]، فكم تهذي به!

فـ "الصوم لي وأنا أجزي به".

ولكن أين الصُّوَّام[4]؟

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦

هذا شهرُ عمارةِ المِحراب.

هذا زمانُ حضورِ الألباب.

هذا أوانُ[5] تلاوةِ الكتاب.

للمتقين فيه على الباب.

كل وقتٍ زحام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183]

♦♦♦♦


شهرٌ فيه تُكَفُّ النفوس.

كأنها في حُبوس.

وتظمأ الشفاهُ عن الكؤوس.

وتُطرِقُ مِنَ الخشيةِ الرؤوس.

عن النظر الحرام[6].

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183]

♦♦♦♦

 
شهرٌ يملأ المساجد.

ويَخشع فيه الراكعُ والساجد.

ويَنهضُ إلى الخيرِ كلُّ قاعد.

ويصيرُ الراغبُ كالزاهد.

مِنْ قِلَّةِ الطعام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


شهرُ التعبُّدِ والتراويح.

شهرُ السَّهرِ والمصابيح[7].

شهرُ المَتجر الربيح.

شهرٌ يُترَكُ فيه القبيح.

وتُهجَرُ الآثام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


فيه تصحُّ[8] الأمور.

فيه تُراقُ الخمور.

فيه تتعطل الزُّمور.

فيبطُلُ معبدٌ وزنام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


فيه تُغلُّ الشياطين.

فيه يُعرَفُ قدْرُ[9] الدِّين.

فيه يَتشبَّه المسيءُ بالمحسنين.

وبالكبير العاقل الغلامُ.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


فيه تَرِقُّ القلوبُ.

فيه تُغفَرُ الذنوبُ.

وتتجافى عن المضاجع الجنوبُ.

فتَجْفوا لذيذَ المنام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


فيه يَقِلُّ الفضول.

فيه تُحفظُ الأصول.

فيه يَتمنَّى العابدُ ويقول:

ليت هذا الشهرُ دام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


ففارقوا المألوف.

واحذروا الخلافَ ليَقعَ الخُلوف.

فإنه شهرٌ معروف.

فطوبى ثم طوبى لمَنْ صام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


احفظوا فيه الأسماع والأبصار.

واحبِسوا عن الفضولِ اللسانَ المهذار[10].

وانهضوا للاستغفار وقت الأسحار.

لتَسمعوا رسائلَ: (هل مِنْ سائل؟) مِنَ الملِك الجبار.

واعجبًا لمَنْ ينام!

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦

واعزِموا على ترْكِ القبائح. واعمَلوا ما يَصلُحُ للضرائح. هذا غايةُ ما يقولُ الناصحُ.

لازِموا المساجِدَ وتَردَّدوا.

واجتمِعوا على الصلاحِ ولا تَبدَّدوا.

وقصِّروا عن الخطايا وتسَدَّدوا [11].

فإنما هي أيام.

﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ ﴾ [البقرة: 183].

♦♦♦♦


واعزِموا على ترْكِ القبائح.

واعمَلوا ما يَصلُحُ للضرائح.

هذا غايةُ ما يقولُ الناصحُ.

والسلام.

يتبع

............................


[1] رأيتها مثبتة في عدة نُسخ خطية لكتاب "التبصرة" بمكتبة تشستربيتي بأيرلندا، وأيضًا مثبتة في مختصر كتاب التبصرة المعروف بـ"تذكرة الإيقاظ في اختصار تبصرة الوعاظ"؛ لمحمد بن عثمان اللؤلؤي، ويوجد منه نسخة خطية محفوظة بمكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود، وأيضًا مثبتة في نسخة خطية للجزء الأول من كتاب التبصرة وهو محظوظ في المكتبة الأزهرية باسم: "مجالس قصص الأنبياء".

[2] الطَّغَامُ: أَرذالُ الناس وأَوغادُهُم، والطَّغَامُ: الضعيف والرَّديءُ من كلِّ شيء.

[3] في بعض النسخ: اللغو.

[4] في بعض النسخ: الصيام.

[5] في بعض النسخ: إبَّان، وفي نسخة أخرى: أيام.

[6] في بعض النسخ: عن النظر إلى الحرام.

[7] في بعض النسخ: المسابيح.

[8] في بعض النسخ: تنجح.

[9] في بعض النسخ: حقُّ.

[10] المِهْذَارُ: من يُكثر في كلامه من الخطأ والباطل.

[11] في بعض النسخ: وتَصبَّروا عن الخطايا وتَشدَّدوا.


احمد ابو زيد كامل
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
مواعظ رمضانية لابن الجوزي (2)


1- عباد الله:
إن شهر رمضان قد أقبل ببركاته إليكم، وقد أشرف بشريف بِره عليكم، فتلقوه بالعزم الصادق على الخير، واصرِفوا همَمكم فيه لفعل الطاعات لا غَيْر، فإنه شهرٌ بالبركات الوافرة قد زُفَّ، وبأنواع الكرامات الطاهرة قد حُفَّ.
 
2- عبادَ الله:
قد مضى عنكم رجبُ وشعبان، ولعل أكثر أيامهما مضتْ في اللهو والخسران، وها أنتم الآن في شهر رمضان، شهر الإعتاق مِنَ النيران، لِمَنْ ترك الذنوبَ والعصيان، واستحيا مِنْ عالم السر والإعلان.
 
3- شهرٌ أقبل على المقبولين بكثرة الأجور، وعلى أهلِ الصدقِ بتوفير النور، وعلى المتقين بالفرح والسرور، وعلى التائبين بتقويم الأمور، وعلى العامل المخلص بتوفير نصيبه، وعلى المؤمن المُحب لربه بالقرب مِنْ حبيبه.
 
4- فيه يتم الإسعادُ والتكريم، ويتفضلُ فيه بالإنعام الملِكُ الكريم، ويُصفدُ فيه كل ماردٍ لئيم، ويُرْغَمُ فيه أنفُ الشيطان الرجيم، ويُعافَى فيه مِنْ مرضِ المعاصي كل سقيم، إذا امتَثل ما أُمر به مِنْ طبيبه.
 
5- شهرٌ فيه تتوفر العطايا والمنح، ويتحصل فيه كل مأمول مقترح، ويتم للعابدين فيه بالثواب السرورُ والفرح، ويُغفَرُ للعاصي ما جناه واجترح، ويُعادُ على مَنْ صلح بإدنائه وتقريبه.
 
6- شهرٌ فيه الأحبابُ بالدعاء يعجون، وبالتضرع في جميع أوقاته يضجون، وفي نهاره الرحمةَ يرتجون، وفي دياجيه للهِ يناجون وإليه يلتجون، إذا سكنَ كل حبيبٍ إلى حبيبه.
 
7- شهرٌ شريفُ القدْرِ عظيم، فيه يَغفِرُ الغفورُ الرحيم، فاحفظوا حرمتَه لتحصل لكم جناتُ النعيم، وتنجوا مِنْ هول الجحيم، إذا انزعجتِ القلوبُ لهيبةِ لهيبه.
 
8- لقد سعد مَنِ اتقى فيه ونجا، ولقد نال مؤملُ الغفران مِنْ ربه ما رجا، ولقد تَمَّ حالُ مَنْ أفطر على السؤال واللجا، وتسحرَ في ظُلَم الدجى بتضرُّعه وبكائه ونحيبه.
 
9- فصحِّحوا - رحمكم الله - الفروضَ والنوافل، واحترِزوا في هذه الأيام عن الأفعال الرذائل، وتحصنوا مِنْ سهام الغفلات القواتل، وتيقَّظوا مِنْ سِنَةِ الجهالة قبل لُحوق الأواخر بالأوائل، قبل أن يُرد معتذرُ المعاصي بتكذيبه.
 
10- وإياكم والغيبةَ؛ فإنها تُحبط الأجر، وجانِبوا أكلَ الحرام؛ فإنه سبب الطرد والهجر، وعظِّموا شهرَكم هذا فإنه عظيم القدر، وانتظروا بحسن التيقظ فيه ليلةَ القدر؛ فإنها غريبةُ غريبِه، وعجيبةُ عجيبِه.
 
11- وإياكم فيه وفضولَ الكلام، واجتهِدوا في حفْظ الصلاة والصيام، فإذا سَلِمَ لكم هذا الشهرُ، فقد سَلِمَ لكم جميعُ العام، لعله يقيكم غدًا شرَّ الوقوف على الأقدام، يوم يفر الأخ مِنْ أخيه، ويفر النسيبُ مِنْ نسيبه.
 
12- ولازِموا في صيامكم التقوى والورع، وجِدُّوا في الخدمة قبل يومِ الفزع، وراقِبوا الله سرًّا وجهرًا، واتركوا الطمع، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهبَ لكم أحسنَ الخلع، فهو الذي أخبر عنه السيدُ الكاملُ بتأديبه، بقوله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"[1].
 
13- يا له مِنْ وقت عظيم الشان، تجب حراستُه مما إذا حل شان، كأنكم به قد رحل وبان، ووجه الصلح ما بان، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

14- مِنَ اللازمِ فيه أن تُحرس العينان، ومِنَ الواجب أن يُحفظ اللسانُ، ومن المتعينِ أنْ تَمنعَ مِنَ الخَطَا خُطى القدمان، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
 
15- زِنوا أفعالكم في هذا الشهر بميزان، واشتروا خلاصَكم بما عز وهان، فإن عجزتم فسَلوا المعين وقد أعان، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

16- يا واقفًا في مقام التحير، هل أنت على عزمِ التغير؟ إلى متى ترضى بالنزول في منزل الهوان؟ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

17- هل مضى مِنْ يومك يومٌ صالح، سلمتَ فيه مِنْ جرائم القبائح؟ تالله لقد سبق المتقي الرابح، وأنت راضٍ بالخسران، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

18- عينك مطلقةٌ في الحرام، ولسانك منبسطٌ في الآثام، ولأقدامك على الذنوب إقدام، والكل مثبتٌ في الديوان،﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

19- قلبك غائبٌ في صلواتك، وفكرك ينقضي في شهواتك، فإن ركن إليك معاملٌ في معاملاتك، دخلتَ به خان مَنْ خان،﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

20- أكثرُ كلامك لغوٌ وهذر، والوقت بالتفريط شَذَر مَذَر، وإن اغتبت مسلمًا لمْ تُبْقِ ولمْ تذر، الأمان منك الأمان،﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

21- تالله لو عقلتَ حالَك، أو ذكرتَ ارتحالَك، أو تصورتَ أعمالَك، لبنيْتَ بيتَ الأحزان، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

22- سيَشهدُ رمضانُ عليك، بنُطقِ لسانك ونظرِ عينيك، وسيُشَارُ يومَ الجمع إليك: شَقِيَ فلانٌ وسَعِدَ فلان،﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185][2].

23- تُصفدُ فيه الشياطين، وتُغض فيه أبصار الناظرين، وتُحبسُ فيه كلماتُ الفضوليين، ويَظهرُ الخشوعُ على الصائمِ ويَبين، وخيرُه مبثوثٌ في كل مكان،﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

24- للتلاوة فيه حلاوةٌ، وعلى وجه الصائم نورٌ وطلاوة، ويبسُ الشفتين أحسنُ النداوة، وكل الخيرات فيه نقاوة، تُفتح الجنةُ وتُغلق النيران، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

25- مَنْ عجزَ عن الصيام افتدى، ومَنْ مَرِضَ اليوم صام غدًا، يا له مِنْ شهرٍ عظيم الخير والجَدا[3]، كثير الأجر، قصير المدى، وأف لعاملٍ وقع فيه بالخسْر، ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].

26- تصبَّروا لكل شدة؛ فما أقصرَ المدة، واتخذوا الثبوتَ فإنه أكرم عُدة، وصوموا، ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ﴾ [البقرة: 185][4].

27- إخواني، إنما شُرع الصومُ ليقعَ التَقللُ، فأما مَنْ أَوثق الرزْمةَ[5]، فما له نيةٌ في البيع، إذا استوفيتَ العشاءَ تكدر الليلُ بالنوم، وإذا استوفيتَ السحورَ تخبط النهارُ بالكسل، وإنما شُرع السحورُ ليتقوى المتقلل مِنَ العشاء، ولينتبه الغافلُ، وما أرى رمضان إلا زادك شبعًا وغفلةً!
 
28- واعجبًا! لو عُرض عليك أن تشربَ شَربةَ ماءٍ في رمضان، لمَا شربْتَ ولو ضُربتَ، وأنت فيه تَغُش في البيع وتطفف في الميزان، فإذا خرج شربتَ الخمر في شوال! أمَا كان الناهي عن هذا هو الناهي عن ذاك؟ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾ [البقرة: 85][6].


[1] (١-١٢) من كتاب (النور، صـ ٣٨، ٤٥، ٤٦، ٤٧)؛ ت. الدكتور/ عبدالحكيم الأنيس - حفظه الله.
[2] (١٣-22) من كتاب (التبصرة ٢/ ٥٢٨).
[3] الجَدا: العطاء.
[4] (23-26) (المرتجل، ق/ ٩٧)، ومجلس شهر رمضان منه، منشور على شبكة الألوكة، بتحقيق الدكتور عبدالحكيم الأنيس حفظه الله.
[5] الرزْمَةُ: ما جُمِعَ في شيءٍ واحد، والمقصود: جمْع الطعام إلى الطعام.
[6] (29-28) من كتاب (التبصرة ٢/ ٥١٨، ٥٢٢).


أحمد أبو زيد كامل

شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
مواعظ رمضانية لابن الجوزي (3)

1- ويحك، هذا الشهرُ ربيعُ التقى، وقد فاحَ قدَّاحُه[1].

2- واعجبًا، أحوالُكَ تُشبِهُ شهورَ السَّنةِ:

مالُكَ في بابِ الإيثار "المُحرَّم".

وقلبُكَ من الذِّكر "صفر".

وهواك وشهواتُك "ربيعان".

وكفَّاكَ في البَذْل "جُمَادَيان".

وسَمْعُكَ عن المواعظِ "رجب".

وهمُّكَ في شبابهِ "شعبان".

فابنِ في هذا الشهر بالنَّدم ما قد وَهى وانهدم[2].



3- أيها الصائم، اعرفْ خطرَك، واغضضْ بصرَك، وسلِّم العبادة خالصًة لمَنْ فطرَك، ولا تترك شيئًا مما ندبَك إليه وأمرَك.



4- احفظوا صومكم مِن غِيبةٍ، وصلاتكم عن غَيْبةٍ، واعرِفوا للحق سبحانه الهَيْبةَ، واحذروا أن يكون حظكم الخيبة.



5- سبِّحوا في رمضان والتسبيحة بسبعين، واحفظوا جوارحَكم واللهُ المعين، وتسحَّروا بدمعةٍ وحزنٍ وأنين، وصلوا ركعتين تنالوا بها الحورَ العين، كونوا مع الله؛ فإلى كم مع الشيطان اللعين؟



6- هذا رمضان زمنُ القرآن، هذا رمضان مفتحُ الأذهان، أفيكم مَنْ تأثيرُ صومهِ قد بان؟



7- فيه تشرقُ المصابيح، فيه تحلو التراويح، فيه يُهجَرُ الفعلُ القبيح، يهبُّ نسيمُ القبول؛ فهل تجدون الريح؟



8- أطيلوا في هذا الشهر القيام، وحضُّوا نفوسَكم في أداء الصيام، واصبروا فإنما هو أيام، فيه تُمحى الأوزارُ والآثامُ، فيه تُنشَرُ للمُخلصِ الأعلامُ.



9- القطُوا وردَ العمر قبل أن يفوت، اغتنموا بقاء الجسد قبل أن يموت، انطقوا بالذكر فإلى كم سكوت؟ اذكروا بيتًا لا يشبه البيوت.



10- أين مَنْ كان معكم في العام الأول؟ أما دارت الدوائرُ فتحوَّل؟ أفيكم مَنْ قد عزمُ على التوبة وعوَّل؟ أفيكم مَنْ أزعجه الوعيد إذْ هوَّل؟



11- لو قيل لأهل القبور: تمنُّوا، لتمنوا مثلَ شهركم، فانظروا - رحمكم الله - في أمركم، أُخِذوا وسلمْتم، وفاتهم غنمُ الصومِ وغنِمْتُم، فاشكروا مَنْ أماتهم وأحياكم، واعرِفوا نِعمَه، فقد أعطاكم.



12- مَنْ لكم بالبقاء إلى العامِ الثاني؟ فلْينشَطْ في جدِّه المتكاسلُ المتواني[3].



13- أيها الغافلُ عن فضيلة هذا الشهر، اعرفْ زمانَك.

يا كثيرَ الحديث فيما يؤذي، احفظْ لسانَك.

يا مسؤولًا عن أعماله، اعقِلْ شانَك.

يا متلوثًا بالزلل، اغسِلْ بالتوبة ما شانك.

يا مكتوبًا عليه كل قبيح، تصفَّحْ ديوانَك.



14- ما صام مَنْ ظلَّ يأكلُ لحومَ الناس!



15- إخواني، هذا شهرُ التيقُّظ، هذا أوانُ التحفُّظ.



16- كم مؤمِّلِ إدراك شهرك ما أدرَكه، فاجَأه الموتُ بغتةً فأَهلكه، كم ناظرٍ إلى يومِ صومه بعين الأمل، طمَسها بالممات كفُّ الأجل، كم طامعٍ أن يلقاه بين أترابه، ألقاه الموتُ في عَفر[4] ترابه.



17- اغتنمْ سلامتَك في شهرك، قبل أن تُرتهن في قبرك، قبل انقراضِ مدتك، وعَدَمِ عُدَّتك، وإزماعِ قُوتك، وانقطاع صوتك، وعثور قدمك، وظهور ندمك، فإن العمر ساعات تَذهب وأوقات تُنهب، وكلها معدودٌ عليك، والموتُ يدنو كلَّ لحظة إليك.



18- تالله لو قيل لأهل القبور: تمنوا لتمنوا يومًا مِنْ رمضان.



19- إذا خسرتَ في هذا الشهر فمتى تربح؟ وإذا لم تسافر فيه نحو الفوائد فمتى تبْرح؟



20- عبادَ اللهِ، فرحة الحِسِّ عند الإفطار، تناولُ[5] الطعام، وفرحة الإيمان بالتوفيق لإتمام الصيام.



21- يا مُضيعَ الزمان فيما يُنقص الإيمان، ما أراك في رمضان إلا كجمادى وشعبان، أما يَشُوقك إلى الخير ما يَشُوق؟ أما يعوقُك عن الضَّيْر ما يعوق؟ متى تصير سابقًا يا مسبوق؟



22- باع قومٌ جاريةً قبيل رمضان، فلما حصلتْ عند المشتري قال لها: هيِّئي لنا ما يصلحُ للصوم، فقالت: لقد كنتُ قبلكم لقوم كل زمانهم رمضان!



23- مَنْ فطَّر صائمًا فله أجرُ صائمٍ، فاجتهدْ أن تصوم رمضان ستين يومًا.



24- كم أقوامٍ أمَّلوا هذا الشهرَ فخاب الأمل، أين هم؟ خَلَوْا في الألحاد بالعمل، تالله إن نسيان النَّقْلِ في العقل خلل، أما يكفي زَجْرُ المقيم بمَنْ رحل؟



25- يا ذا الكسل هذا زمانُ النشاط، يا ذا الأنفة إن للتوبيخ ألم السياط!



26- إخواني، راعوا حقَّ هذه الأيام مهما أمكنكم، واشكروا الذي وهبَ لكم السلامةَ ومكَّنَكم، فكم مؤمِّلٍ لمْ يَبْلغْ ما أَمَّل، وإنْ شَككْتَ فتلمَّحْ جيرانَك وتأمَّل[6].



27- أيها المجتهد، هذا الشهر ربيع جَدِّك.

ويا أيها الشاكر، هذا أوانُ جَهْدك.

ويا أيها الساعي إلى الخير، هذا حين قَصْدك.



28- آهٍ مِنْ أوقاتٍ زاهرةٍ ما أشرفها! وساعاتٍ كالجواهر ما ألطفها!

قد أضاءتْ لياليها بصلاة التراويح، وأشرقتْ أيامُها بالذكر والتسبيح.

نتيجتُها: الإخلاصُ والصِّدْقُ، وثمرتُها: الخلاصُ مِنَ الذنوب والعِتْقُ.



29- أين مَنْ كان معكم في شهر رمضان الماضي؟ أمَا أفْنَتْه المَنون القواضي؟

أين مَنْ كان معكم مثل هذه الأيام؟ أمَا أفْنَتْه الشهورُ والأعوام؟[7].



[1] القَدَّاحُ: نورُ النَّبات قبل أَن يَتَفَتَّح.

[2] (1- 2) من كتاب (المقامات، صـ 261، 262، 263).

[3] (5 -12) من كتاب (المرتجل، ق/ 94، 95، 96).

[4] في المطبوع: عقر، ولعل الصواب ما أُثبت.

[5] في بعض النُّسخ: بتناول.

[6] (15 -26) من كتاب (التبصرة 2/ 513- 537).

[7] (29) من كتاب (النور صـ 42، 44، 51).


احمد ابو زيد كامل
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
مواعظ رمضانية لابن الجوزي (4)


1- شهرُ الصبرِ قد ذهب نصفُه، وفيه مِنَ الخير ما لا يمكن وصفُه[1].
 
2- قولوا للغافلِ الشقي: ما أقلَّ ما قد بقي!
 
3- رمضانُ قد نزَعَ مضاربَ الإقامةِ للرحيل، فما بقي إلا سُرادقُ الخاص[2].
 
4- أيها الناس، إن شهركم هذا قد انتصف، فهل فيكم مَنْ قهر نفسه وانتصف؟ وهل فيكم مَنْ قام فيه بما عرف؟ وهل تشوقتْ هممُكم إلى نَيْلِ الشرف؟
 
5- إخواني، إن شهر رمضان قد قرب رحيلُه، وأزف تحويلُه، وهو ذاهب عنكم بأفعالكم، وقادم عليكم غدًا بأعمالكم، فيا ليت شعري ماذا أودعتموه؟ وبأي الأعمال ودَّعتموه؟ أتراه يرحل حامدًا صنيعكم أو ذامًّا تضييعكم؟
 
6- أيها المحسن فيما مضى منه، دُمْ، وأيها المسيءُ، وبِّخْ نفسك على التفريط ولُمْ.
 
7- إخواني، استدركوا باقي الشهر، فإنه أشرف أوقات الدهر، واحصروا النفوسَ عن هواها بالقَهْر، وقد سمعتم بالحور العين فاهتموا بالمَهْر.
 
8- عباد الله، اعلموا أن النصف الأخير أفضل مِن الأول؛ لأن فيه العشر وليلة القدر، والأعمال تُضاعف بشرف وقتها ومكانها.
 
9- أترى صح لك صومُ يوم؟ أترى تَسلمُ في شهرك مِنْ لومٍ؟
 
10- يا مَنْ عمرُه قد وهى في سلك الهوى، فهو متهافت، متى تستدرك في هذه البقية بالتقية الفائت؟
 
11- قد ذهب نصفُ البضاعة في التفريط والإضاعة، والتسويف يمحق ساعة بعد ساعة، والشمس والقمر بحسبان: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
 
12- في كل لحظة تُقرب مِنْ قبرك، فانظُر لنفسك في تدبير أمرك، وما أراك إلا كأول شهرك، الأول والآخر سيان: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
 
13- قد ذهب مِنَ الشهر النِّصف وما أرى مِنْ عملك النَّصف، فإن كان في الماضي قد قبح الوصفُ، فقم الآن: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].
 
14- فبادروا البقية بالتقية، قبل فوات البِر ونزول البرية، وتخلي عنك جميع البَريَّة.
 
15- وينبغي أن يكون الاجتهاد في أواخر الشهر أكثر مِنْ أوله لشيئين:
أحدهما: لشرف هذا العشر وطلب ليلة القدر.
والثاني: لوداع شهرٍ لا يدري هل يلقى مثله أم لا؟[3].
 
16- بادِروا رحمكم الله ما بقي مِنْ شهركم فإنه مغتنم، واستدركوا ما فات منه بالحسرة والندم.
 
17- استدركوا رحمكم الله بقيَّة هذا الشهر الشريف العظيم، واجأروا إلى مولاكم، فإنه كريم رحيم، واسألوا العفو والغفران، والنجاة من النيران، والتجاوز عن الذنوب والعصيان، فإنه غفور رحيم رحمن[4].
 
في العشر الأواخر واغتنام ليلة القدر
18- إنَّ عشرَكم هذا هو الأخير الآخر، فيه تكملُ الفضائل وتتم المفاخرُ، وفيه تزكو الأعمال، وتُنالُ الآمال.
 
19- يا مصلحًا أيام شهره الماضي، هذا العشر أحسِنها.
ويا مجتهدًا فيما خلا منه، هذه الأيامُ أزينُها.
 
20- فبادر صحتك واغتنمنها، واحفَظ مجاهدتك والْتزمْها، وتعرَّف فضائل عشرك واعلَمْها، وتدبَّر نصيحتي لك وافهمْها.
 
21- مَنْ أفسد بالمعاصي أيامَ عَشْرِه، ندم حين الأخذ بالنواصي يوم حشره!
 
22- كم في المقابر مَنْ تمنَّى لقاء عشرك فما لقِيه، قصدَه سهمُ المنون فما وُقيه!
 
23- كم مِنْ مؤمِّل أيام عشرك هذه، غُصَّ بشراب أمله في كأس التذاذه! كم مِنْ محدث نفسه بالتوبة فيه مِنْ معصيتِه، سبق إلى حتفه قسرًا بناصيته!
 
24- عباد الله، قد أقبلتْ عليكم ليلةُ القدر، ولها أوفى الشرفِ وأعظم القدر، ليلة شرفها الله عز وجل على غيرها، ومَنَّ على عباده بجزيلِ خيرها.
 
25- فيا خيبة مَنْ حُرِمَ خيرَها، ويا شقاوة مَنْ فاته فضلها وبِرها، فهي ليلة القدر والفخر، وهي خيرٌ مِنْ ألف شهر.
 
26- خذ نصيبَك مِنْ خيرها الحسن، واهجُر لذةَ النوم فيها وطيب الوسن، وجافِ عن مضجعك فيها جنبيك، عسى فيها يُغسل درنك ويُمحى ذنبُك.
 
27- أيها العبد، بادر ليالي صحتك قبل السقم، وتحفَّظْ في جميع أحوالك قبل الندم، فالليالي المخصوصات بالفضل الوافر معدودة، وربَّ آملٍ أن يرى مثل ليلتك هذه ليستْ إليه مردودة، فحصِّلْ لنفسك في مثل هذه الليلة ثوابًا، وبادر عمرَك قبل أن ينتهبَه الدهرُ انتهابًا[5].
 
28- رمضانُ كالخاتم، وليلةُ القدر فصُّهُ المُضيء[6].
 
29- إخواني، ليلةُ القدر ليلة يفتح فيها الباب، ويُقرَّبُ فيها الأحباب، ويُسمعُ الخطاب، ويُرد الجوابُ، ويُسْنَى للعاملين عظيمُ الأجر: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
30- يَسعد بها المواصل، ويتوفر فيها الحاصل، ويُقبل فيها المجامل، فيا ربح المعامل في التَّجر[7]، ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
31- ليلة تُتَلقَّى فيها الوفود، ويحصل لهم المقصود، بالقبول والفوز والسعود، أتُرى ما يؤلمك أيها المطرود هذا الهجر؟ ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
32- أخلَصوا وما أخلصتَ قصدك،، وبلغوا المراد وما بلغت أشُدَّك، وكلما جئتَ بلا نية ردَّك، أما يؤثِّر عندك شديدُ هذا الزَّجْر؟ ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
33- أيقظْ نفسَك لما بين يديها، وانتظر ما سيأتي عن قليل إليها، وأسمِعْها المواعظ فقد حضرت لديها، واقبَل نصحي وخذْ عليها ضرْب الحَجْر: ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
34- هذه أوقات يربح فيها مَنْ فهم ودرى، ويصل إلى مراده كلُّ مَنْ جَدَّ وسَرَى، ويُفك فيها العاني وتُطلق الأسرى، تَقدَّم القومُ وأنت راجع إلى ورا، أوَليس كل هذا قد جرى وكأنه لم يَجْر؟ ﴿ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 5].
 
35- إخواني، والله ما يغلو في طلبها عشر، لا والله ولا شهر، لا والله ولا دهر، فاجتهدوا في الطلب فرب مجتهدٍ أصاب.
 
36- رحل عنك شهرُ الصيام وودعك زمانُ القيام، ولحَّ النصيحُ وقد لام، أفتشرق شمسُ الإيقاظ وتنام؟ فاستدرك ما قد بقى من الأيام[8].
 
37- يا عجبًا! يخرُج رمضانُ وما أنبْتَ؟ هذا والله هو العمى!
 
38- فاجتهدْ في لحاق القوم؛ فقد جَدُّوا، ولا ترضَ لنفسك دون ما أَعَدُّوا، وتنصت لحادي الرحيل فها هو يحدو[9].

 
[1] من "النور"، وقد اعتمدت على النسخة المطبوعة بتحقيق الدكتور عبدالحكيم الأنيس حفظه الله، وأيضًا على نسخة تشستربيتي؛ إذ إن للكتاب عدة إبرازات.
[2] (2، 3) من "المقامات".
[3] (4 -15) من "التبصرة".
[4] (16، 17) من "النور".
[5] (18 -27) من "النور".
[6] من "المقامات".
[7] في المطبوع: البحر، ولعل الصواب ما أُثبت، والتصحيح من إحدى نُسخ مكتبة تشستربيتي.
[8] (29 -36) من "التبصرة".
[9] (37، 38) من "النور".

شبكة الألوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×