اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

أسماء القرآن وأوصافه

المشاركات التي تم ترشيحها

Image result for بسم الله الرحمن الرحيم

 

1- لقد سمى الله القرآن بأسماء كثيرة منها: القرآن، والفرقان، والكتاب، والتنزيل، ولها أدلة من القرآن.

2 - ووصف الله القرآن بأوصاف في آياته منها أنه: نور، وهُدى، وموعظة، وشفاء، ورحمة، ومبارك، ومبين، وبشرى، وعزيز، ومجيد، وبشير، ونذير، وكريم، وأحسن الحديث.

 

قال تعالى يصف كتابه العزيز: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [الزمر: 23]

﴿ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ﴾: أبلغه وأصدقه وأوفاه القرآن. ﴿ كِتَابًا مُتَشَابِهًا ﴾: في إعجازه وهدايته وخصائصه، يشبه بعضه بعضًا في الحسن. ﴿ مَثَانِيَ ﴾: مكررًا فيه الأحكام والمواعظ والقصص والآداب.

﴿ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ ﴾: تضطرب وترتعد من قوارعه. ﴿ تَلِينُ جُلُودُهُمْ ﴾: تسكن وتطمئن لينة غير منقبضة[1].

3 - وقد ورد وصفه في أحاديث فيها ضعف إلا أن معناها صحيح: فروي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

أ – «إن هذا القرآن مأدبة الله، فتعلموا مأدبته ما استطعتم، وإن هذا القرآن هو حبل الله، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة من تمسك به، ونجاة من تبعه، لا يُعوَج فيُقَوَّم، ولا يزيغ فيُستعتَب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلَق عن كثرة الرد، أتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول: بـ (ألم)، ولكن بألفٍ عشرًا، وباللام عشرًا، وبالميم عشرًا»[2].

ب – «ألا إنها ستكون فتن، قلت: وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، وهو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسن، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلَق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم تَنتهِ الجن إذ سمعته أن قالوا: ﴿ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ﴾ [الجن: 1].

هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدَل، ومن عمل به أُجِر، ومن دعا إليه هديَ إلى صراط مستقيم»[3].

المصدر: «رسائل التوجيهات الإسلامية» (ج2/ 49 – 50)

 



[1] انظر: "كلمات القرآن" لحسنين محمد مخلوف.

[2] صححه الحاكم، وضعفه الذهبي.

[3] رواه الترمذي، وقال محقق جامع الأصول: في سنده مجهول. ورجح الشيخ الألباني وقفه على علي بن أبي طالب.

الشيخ محمد جميل زينو


 


لا يتوفر وصف للصورة.
 

 

أسماء القرآن (1)
الفرقان
د. محمود بن أحمد الدوسري


 

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:


 

♦ معنى «الفرقان» في اللغة:

 

جاءت لفظة: «الفرقان» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود:

الفرقان: يقوم على ثلاثة حروفٍ أصول، هي الفاء والراء والقاف، وهو كما يقول ابن فارس: «أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على تمييزٍ وتنزيلٍ بين شيئين. مِنْ ذلك الفَرْق: فَرْقُ الشَّعَر، يُقال: فَرَقْتُه فَرْقًا... والفُرْقان: الصُّبْح، سُمِّي بذلك؛ لأنه به يُفْرق بين اللَّيل والنَّهار، ويُقال: لأَنَّ الظُّلْمة تتفرَّق عنه» [1]. و«فَارَقَ فلان امرأَته مُفَارقةً وفِراقًا: بَايَنَها»[2].

والفَرْقُ يُقارب الفَلْقَ في المعنى، لكن الفَلْقُ يقالُ اعتبارًا بالانْشقاق، بينما الفرقُ يقالُ اعتبارًا بالانفصال، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمْ الْبَحْرَ ﴾ [البقرة: 50].

والفُرقان أبلغ من الفَرْقِ؛ لأنه يُستعمل في الفرق بين الحق والباطل فَرْقًا جليًا بغير شبهة، بينما الفَرْقُ يستعمل في هذا المعنى وفي غيره [3].

«والفرقان في الأصل مصدر فرَق؛ كالشُكران والكُفران والبُهتان، ثم أُطلق على ما يُفرق به بين الحق والباطل، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ ﴾ [الأنفال: 41]. وهو يوم بدر»[4].


 

♦ معنى «الفرقان» اسمًا للقرآن:

 

سمَّى الله تعالى القرآنَ فرقانًا في أربع آيات من كتابه المبارك، وهي:

1- قوله تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

2- قوله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [آل عمران: 4].

3- قوله تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

4- قوله تعالى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106].

قال الشَّوكاني رحمه الله: «قرأ عليٌّ وابن عباس وابن مسعود وأُبيُّ بن كعب وقتادة والشَّعبي ﴿ فَرَّقْنَاهُ ﴾ بالتَّشديد؛ أي: أنزلناه شيئًا بعد شيء لا جملةً واحدة.

وقرأ الجمهور ﴿ فَرَقْنَاهُ ﴾ بالتخفيف؛ أي: بَيَّناه وأوضحناه، وفَرَقْنا فيه بين الحق والباطل»[5].


 

واختلف المفسِّرون في سبب تسمية القرآن بالفرقان على أقوال [6]:

 

1- سُمِّي بذلك؛ لأن نزوله كان مُتَفَرِّقًا أنزله تعالى في نَيِّفٍ وعشرين سنة، في حِين أَنَّ سائر الكتب نزلت جملة واحدة [7]. وتَشْهَدُ له قِراءةُ التَّشديد: ﴿ فَرَّقْنَاهُ ﴾.

2- سُمِّي بذلك؛ لأنه يَفْرُقُ بين الحق والباطل، والحلال والحرام، والمجمل والمبين، والخير والشَّر، والهدى والضَّلال، والغي والرَّشاد، والسَّعادة والشَّقاوة، والمؤمنين والكافرين، والصَّادقين والكاذبين، والعادلين والظَّالمين، وبه سُمِّي عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفاروق. وتشهد له قراءة الجمهور: ﴿ فَرَقْنَاهُ ﴾ بالتَّخفيف.

وقد بَيَّن ابن عاشور رحمه الله سبب تسمية القرآن بالفرقان بقوله: «ووجه تسميته الفرقان أنه امتاز عن بقية الكتب السَّماوية بكثرة ما فيه من بيان التفرقة بين الحق والباطل، فإنَّ القرآن يعضد هديه بالدلائل والأمثال ونحوها، وَحَسْبُك ما اشتمل عليه من بيان التوحيد وصفات الله مما لا تجد مِثْلَه في التوراة والإنجيل كقوله تعالى: ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾ [الشورى: 11]» [8].

والقرآن العظيم فارِقٌ بين نهجٍ في الحياة ونهج، وبين عهدٍ للبشرية وعهد، فهو يُقرر منهجًا واضحًا لا يختلط بأي منهج آخر مما عرفته البشرية قبله. فهو فرقان بهذا المعنى الواسع الكبير. فرقان ينتهي به عهد الخوارق المادية ويبدأ به عهد المعجزات العقلية، وينتهي به عهد الرِّسالات المحلِّية الموقوتة ويبدأ به عهد الرسالة العامة ﴿ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1].

3- قيل: الفرقان هو النَّجاة، وهو قول عكرمة والسُّدِّي، سُمِّي بذلك؛ لأن الخلق في ظلمات الضلالات، وبالقرآن وَجَدوا النَّجاة. وعليه حَمَلَ المفسِّرون قولَه تعالى: ﴿ وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 53] [9].

وسواءٌ كانت سببُ تسمية القرآن العظيم بالفرقان؛ لأنَّ نزوله كان متفرِّقًا في نَيِّفٍ وعشرين سنة، بينما سائر كتب الله تعالى نزلت جملةً واحدة، أم سُمِّي بذلك؛ لأنه يَفْرُقُ بين الحقِّ والباطل؛ أو لأنَّ فيه نجاةً من ظلمات الضَّلالات. فهذا الاختلاف في التَّنوُّع يدلُّ دلالةً صريحة على عظمة القرآن، ورفعة منزلته عند الله تعالى، وعلوِّ شأنه.

 


[1] معجم مقاييس اللغة (2/ 350)، مادة: «فرق». وانظر: مختار الصحاح (ص209)، مادة: «ف ر ق».

[2] لسان العرب (10/ 300)، مادة: «فرق».

[3] انظر: المفردات في غريب القرآن، للأصفهاني (ص379، 380)، مادة: «فرق».

[4] التحرير والتنوير (3/ 11).

[5] فتح القدير (3/ 377).

[6] انظر: التفسير الكبير، للرازي (24/ 40)، تفسير ابن كثير (3/ 309)، تفسير السمعاني (4/ 5)، معاني القرآن، للنحاس (5/ 8)، فتح القدير (1/ 312)، كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في التفسير (13/ 7-10)، أضواء البيان، للشنقيطي (6/ 5، 6)، تفسير السعدي (1/ 577)، البرهان في علوم القرآن، للزركشي (1/ 279)، الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (1/ 145)، الهدى والبيان في أسماء القرآن، للبليهي (2/ 37-40).

[7] وقد ذَكَرَ الرازي في: «التفسير الكبير» (24/ 69)، أَوْجُهَ الحكمة في نزول القرآن مُنجَّمًا ومُفرَّقًا خلافًا للكتب السابقة التي نزلت جملة واحدة، ذَكَرَ ذلك عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [الفرقان: 32]. فَلْيُراجَعْ، فهو كلامٌ نَفِيس ومن الأهمية بمكان.

[8] التحرير والتنوير (1/ 71).

[9] انظر: التفسير الكبير، للرازي (2/ 14).

 


لا يتوفر وصف للصورة.

 


أسماء القرآن (2)

البرهان
د. محمود بن أحمد الدوسري


 

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:


 

معنى «البرهان» في اللغة:

 

جاءت لفظة: «البرهان» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا وهي: «البُرْهان: الحُجَّةُ الفاصلة البيِّنة، يقال: بَرْهَنَ يُبَرْهِنُ بَرْهَنَةً، إِذا جاء بِحُجَّةٍ قاطعةٍ لِلَدَدَ الخَصم، فهو مُبَرْهِنٌ» [1].

والبرهان: مصْدَرُ بَرَهَ يَبْرَهُ إذا ابْيَضَّ، وَرَجُلٌ أَبْرَهُ، وامْرأَةٌ بَرْهَاءُ، وَقَوْمٌ بُرْهٌ، وبَرَهْرَهَةٌ: شابَّةٌ بَيْضَاءُ[2]. ومن هنا جاء التشبيه ببياض الحجة وإشراقها كبياض الحق وإشراقه.

«وقد بَرْهَنَ عليه: أَقَامَ الحُجَّة» [3]. و«البُرْهَانُ أَوْكَدُ الأدِلَّةِ، وهو الذي يَقْتَضِي الصِّدْقَ أبداً، لا مَحَالَةَ» [4].


 

معنى «البرهان» اسماً للقرآن:

 

سمَّى اللهُ القرآنَ برهاناً في آية واحدة من كتابه العزيز، وهي قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [النساء: 174].

فهذا خطابٌ لكلِّ أصحاب الملل؛ اليهودِ والنصارى والمشركين وغيرهم أن الله تعالى أقام بهذا القرآن الحُجَّةَ عليهم تُبرهن لهم بطلان ما هم عليه من الدِّين المنسوخ، وهذه الحُجَّة تشمل الأدلة العقلية والنَّقلية والآيات الآفاقيَّة كما قال تعالى: ﴿ سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ﴾ [فصلت: 53]. بل كفى بالقرآن العظيم - وحده - برهاناً على صِدْقِ الرسول صلّى الله عليه وسلّم في دعوى الرِّسالة [5].

فالقرآن العظيم برهان من الله تعالى لعباده، أقام به الحُجَّة عليهم، وأظهر من خلاله أوضح الدَّلالات وأقواها، على موضوعاته ومعانيه وحقائقه في العقيدة والحياة، وكلُّ مَنْ تعامل مع أدلة القرآن في يُسرها ووضوحها وتَأثَّرَ قلبُه وعقلُه بها، وقارَنَها بالأدلة والبراهين والأقيسة التي أوجدتها العقول البشرية وقررتها وبيَّنتها، كل مَنْ فعل ذلك يُدركُ طرفاً من البرهان القرآني ويُسْره ووضوحه.

ولمَّا كان البرهان هو أوكد الأدلَّة، ويقتضي الصِّدق لا محالة، فلم يحتج إلى أن يتكرَّر ذكره في القرآن؛ بل ورد مرَّة واحدة فقط؛ لتكون فصل الخطاب الموجَّه من الله تعالى إلى البشر على أنَّ هذا الكتاب دليل كافٍ على صدق النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم وصدق نبوَّته.

وتتجلَّى عظمةُ القرآن الكريم ومنزلتُه العالية من خلال تسميته بالبرهان؛ ذلك لأنَّ الله تعالى أقام به الحُجَّة على عباده، تُبرهن لهم بطلان ما هم فيه من الدِّين المنسوخ، وهي حُجَّة متنوِّعة في الاستدلال؛ لتستوعِبَها عقولُ البشر على اختلاف فهومهم وثقافاتهم، وهذا من رحمة الله تعالى وحكمته.

 


[1] لسان العرب (13/ 51)، مادة: «برهن».

[2] انظر: المفردات في غريب القرآن، للأصفهاني (ص55)، مادة: «بره».

[3] لسان العرب (13/ 51)، مادة: «برهن».

[4] لسان العرب (13/ 51)، مادة: «برهن».

[5] انظر: فتح القدير (1/ 542)، أضواء البيان (7/ 79، 80)، تفسير السعدي (1/ 217).

 

لا يتوفر وصف للصورة.

 


أسماء القرآن (3)
الـحـقّ
 د. محمود بن أحمد الدوسري

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:



 

معنى «الحق» في اللغة:


 

جاءت لفظة: «الحق» في اللُّغة بمعانٍ عدة نأخذ منها ما يدل على المقصود: عَرَّفها ابن فارس بقوله: «الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على إحكام الشيءِ وصحَّته» [1].

 

و«أصلُ الحقِّ: المطابقةُ والموافقة» [2]. و«الحقُّ ضِدُّ الباطل» [3]. والحقُّ من أسماءِ الله عزّ وجل، وقيل: من صفاته.

 

قال ابن الأثير: هو الموجود حقيقةً المُتَحَقِّقُ وُجودُه وإِلهِيَّتُه. قال تعالى: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمْ الْحَقِّ ﴾ [الأنعام: 62]. وقال تعالى: ﴿ وَلَوْ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ﴾ [المؤمنون: 71]. قال ثعلب: الحقُّ – هنا - اللهُ عزّ وجل، وقال الزَّجاج: ويجوز أن يكون الحقُّ – هنا - التنزيلُ؛ أي: لو كان القرآن بما يُحِبُّونه لفَسَدَتِ السماواتُ والأرضُ.

 

وقال صلّى الله عليه وسلّم لِمُعاذٍ: «هَلْ تَدْرِي ما حَقُّ العِبَادِ على اللهِ» [4]؛ أي: ثوابُهم الذي وَعَدَهم به فهو واجبُ الإِنجازِ ثابتٌ بوعدِه الحقِّ [5].

 

«والأَحَقُّ من الخيل: الذي لا يَعْرَقُ، وهو من الباب؛ لأنَّ ذلك يكون لصلابَتِه وقُوَّتِه وإحكامِه» [6].



 

معنى «الحق» اسمًا للقرآن:


 

سَمَّى اللهُ تعالى القرآنَ حقًّا في مواضع عِدَّة من كتابه، نأخذ منها ما له صلة بموضوعنا وهي:

1- قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ ﴾ [الحاقة: 51]. «أي: وإنَّ القرآن - لكونه من عند الله - حقٌّ، فلا يحولُ حوله ريب ولا يتطرَّقُ إليه شك» [7]. وهذا القرآن العظيم عميقٌ في الحق، عميقٌ في اليقين، وإنه لَيَكْشِف عن الحقِّ الخالص في كلِّ آية من آياته ما ينبئ بأن مصدره هو الحقُّ الأوحد والأصيل.

 

2- قوله تعالى: ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ﴾ [الأنبياء: 18]. قال الواحدي رحمه الله: «نُلقي بالقرآن على باطلهم» [8]. و« القذف: الرَّمي؛ أي: نرمي بالحقِّ على الباطل. ﴿ فَيَدْمَغُهُ ﴾؛ أي: يقهره ويهلكه.

 

وأصل الدَّمغ: شَجُّ الرأس حتى يبلغ الدِّماغ، ومنه الدَّامِغَةُ [9]. والحقُّ - هنا - القرآن، والباطل الشيطان - في قول مجاهد» [10].

 

3- قوله تعالى: ﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾ [الأنعام: 66]. قال الثَّعالبي رحمه الله: «الضَّمير في ﴿ بِهِ ﴾ عائد على القرآن الذي فيه جاء تصريف الآيات، قاله السُّدِّي، وهذا هو الظاهر» [11].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾ جملة اعتراضية تتضمن شهادة الله بأن هذا القرآن المنزل على هذا النبيِّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم هو الحقُّ من الله [12].

 

والمعنى: «﴿ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ ﴾؛ أي: بالقرآن الذي جئتهم به، والهدى والبيان. ﴿ قَوْمُكَ ﴾، يعني: قريشًا. ﴿ وَهُوَ الْحَقُّ ﴾؛ أي: الذي ليس وراءه حق. ﴿ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ ﴾؛ أي: لَسْتُ عليكم بحفيظ، ولست بموكل بكم» [13].

 

4- قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود: 17].

 

قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ ﴾؛ أي: بالقرآن ولم يُصَدِّقْ بتلك الشَّواهد الحقَّة. وقوله: ﴿ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ ﴾؛ أي: في شكٍّ من أمر القرآن وكونه من عند الله عزّ وجل [14]. «وفيه تعريضٌ بغيره صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه معصومٌ عن الشَّك في القرآن» [15].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ﴾؛ أي: القرآن حَقٌّ من الله تعالى لا مرية ولا شكَّ فيه، كما قال تعالى: ﴿ الم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [السجدة: 1، 2]. وقال تعالى: ﴿ الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ ﴾ [البقرة: 1، 2] [16].

 

«وتعريف ﴿ الْحَقّ ﴾؛ لإفادة قَصْرِ جنسِ الحقِّ على القرآن. وهو قَصْرُ مبالغةٍ لكمال جنس الحقِّ فيه حتى كأنه لا يوجد حق غيره، مثل قولك: حاتم الجواد»[17].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ «إمَّا جَهْلًا منهم وضَلالًا، وإِمَّا ظُلمًا وعِنادًا وبغيًا. وإلاَّ فَمَنْ كان قَصْدُه حَسَنًا، وفهمُه مستقيمًا، فلا بد أن يؤمن به؛ لأنه يرى ما يدعوه إلى الإيمان مِنْ كلِّ وَجْه» [18].

 

5- قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴾ [سبأ: 48، 49]. والقذف: الرَّمي بالسَّهم والحصى والكلام، ومعناه: أتى بالحقِّ وبالوحي ينزله من السَّماء فيقذفه إلى الأنبياء [19]. وقوله تعالى: ﴿ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ ﴾ «وهو الإسلام والقرآن» [20].

 

فهذا القرآن العظيم الذي جاء به النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم هو الحق: الحقُّ القويُّ الذي يقذف به الله تعالى. وكأنَّما الحقُّ قذيفةٌ تصدع وتخرق وتنفذ ولا يقف لها أحد في طريق، يقذف بها الله تعالى علاَّمُ الغيوب، فهو تعالى يقذف بها عن عِلم، ويوجهها علاَّم الغيوب، فلا يخفى عليه هدف، ولا تغيب عنه غاية، فالطريق أمامه تعالى مكشوف ليس فيه ستور، فمَنْ ذا يقف للحقِّ الذي يقذف به الله تعالى؟

 

ومن خلال تسمية القرآن الكريم باسم (الحقِّ) تبرز عظمتُه ومنزلتُه العالية، فلا بدَّ أن يؤمن النَّاس بهذا الحقِّ الأوحد ويستجيبوا له؛ لأنَّ مصدره هو الإله الأوحد جلَّ جلالُه، ولا يوجد حقٌّ غيره، ففيه تعريضٌ بغيره من الكتب المُحَرَّفة؛ لاختلاط الحقِّ بالباطل فيها.



[1] معجم مقاييس اللغة (1/ 269)، مادة: «حقَّ».

[2] المفردات في غريب القرآن (ص132)، مادة: «حق».

[3] مختار الصحاح (1/ 62)، مادة: «حقق».

[4] رواه البخاري، (4/ 1973)، (ح6267)؛ ومسلم، (1/ 58)، (ح30).

[5] انظر: لسان العرب (10/ 50)، مادة: «حقق».

[6] معجم مقاييس اللغة (1/ 270).

[7] فتح القدير، للشوكاني (15/ 401).

[8] تفسير الواحدي (2/ 713).

[9] «الدَّامِغَةُ منَ الشِّجَاج: إِحْدَى الشِّجاجِ العَشْرِ، وهي التي تَبْلُغُ الدِّماغَ، فَتَقْتُلُ لِوَقْتِهَا». انظر: المعجم الوسيط (ص297)، مادة: «دمغ».

[10] تفسير القرطبي (11/ 295).

[11] تفسير الثعالبي (1/ 529).

[12] انظر: أضواء البيان (7/ 246).

[13] تفسير ابن كثير (3/ 315).

[14] انظر: تفسير أبي السعود (4/ 195).

[15] فتح القدير، للشوكاني (2/ 488).

[16] انظر: تفسير ابن كثير (2/ 441).

[17] التحرير والتنوير (11/ 227).

[18] تفسير السعدي (2/ 359).

[19] انظر: تفسير البغوي (3/ 562، 563).

[20] زاد المسير (6/ 466).

 



لا يتوفر وصف للصورة.
 

 

أسماء القرآن (4)
النبأ العظيم
د. محمود بن أحمد الدوسري


 

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ, نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ, وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا, وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا, مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ, وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد:

 


معنى «النَّبأ» في اللغة:

 

جاءت لفظة: «النَّبأ» في اللُّغة بمعانٍ عِدَّة نأخذ منها ما يدلُّ على المقصود:

فقد عرَّفها ابن فارس بقوله: «النون والباء والهمزة قياسه الإتيانُ من مكانٍ إلى مكان. يقال للذي يَنْبأ من أرضٍ إلى أرضٍ: نابئٌ، وسَيلٌ نابئ: أَتَى من بلدٍ إلى بلد، ورجل نابئ مثله، ومن هذا القياس النبأ: الخبر؛ لأنَّه يأتي من مكانٍ إلى مكان، والمُنبئ: المُخْبِر» [1]. وَجَمْعُ النَّبَأ: أَنْباءٌ، وَإِنَّ لفلان نَبَأً؛ أي: خَبَراً. واسْتَنْبَأَ النَّبأَ: بَحَثَ عنه [2].

و«النَّبَأُ: خَبَرٌ ذُو فائِدةٍ عظيمة يَحْصُلُ به عِلْمٌ أو غَلَبَةُ ظَنٍّ، ولا يقالُ للخَبرِ في الأصلِ نَبَأٌ حتى يَتَضَمَّنَ هذه الأَشْيَاء الثَّلاثة، وحَقُّ الخَبَرِ الذي يُقالُ فيه: نَبَأ أنْ يَتَعَرَّى عن الكَذِب؛ كالتَّواتُرِ وخَبَرِ اللهِ تعالى وخَبَرِ النبيِّ عليه الصَّلاة والسَّلام» [3].

 


معنى «النبأ» اسماً للقرآن:

 

سَمَّى اللهُ تعالى القرآنَ نبأ عظيماً في موضعين: في سورة «ص»، وفي سورة «النبأ»، ولا شكَّ بأن القرآن نبأ عظيم، فمنذ إيجاد البشرية وتكوينها، ما رأت ولا سمعت بمثل هذا القرآن العظيم، فهو عظيم في أسلوبه، وعظيم في روعته، وعظيم في معناه، وعظيم في جمال تركيبه، وعظيم في وعده ووعيده، وعظيم في أحكامه، وعظيم في أمره ونهيه، وعظيم في أخباره وقصصه وأمثاله.

وَحِكْمَةُ الله تعالى تقتضي ذلك؛ لأنه الكتاب الذي جاء مُصدِّقاً ومهيمناً على كل كتاب قبله؛ ولأنه آخر الكتب السَّماوية. ولأنه نزل تشريعاً عاماً لكل أمة ولكل جيل من أجيال العالم، وناسخاً لكل ما خالفه من الكتب قبله، فاقتضت حكمة الله أن يكون نبأً عظيماً، جاء بالصَّلاح والإصلاح، وبالخير والسَّعادة.

يُنبئ القرآن عن الله وعظمته وكبريائه، ينبئ القرآن عن وجوب توحيد الله وإفراده بالعبادة، ينبئ عن أحكام العبادات، وعن أحكام المعاملات، ينبئ عن كل ما يحتاجه البشر في الدِّين والدنيا.

يُنبئ القرآن عن الأمم التي تقادم عهدها وما جرى عليها من عذاب ونكال، بسبب تكذيبها وفسقها وطغيانها، ينبئ عن البعث والنشور، والحساب والعقاب، والنعيم والعذاب.

ينبئ النَّبأ العظيم عن كل شيء، من البداية إلى النهاية، من بداية خلق هذا الكون، حتى يستقر أهل الجنة في النعيم، وأهل النار في الجحيم [4].

فالقرآن الكريم سُمِّي نبأ؛ حيث إنَّه من ناحية المعنى اللُّغوي لمادَّة نبأ، يتجاوز حدود المكان والزَّمان، فينتقل من مكانٍ إلى مكان، ومن زمانٍ إلى زمان، ومن ناحيةٍ إلى أخرى، فإنَّ ما أخبر به لا يحتمل الشَّك فضلاً عن التَّكذيب؛ لأنَّ جميع ما أخبر به هو الصِّدق، وهو اليقين المحض، والنَّبأ لا يُطلق إلاَّ على الأخبار الثَّابتة الصَّادقة.

قال الله تعالى - عن القرآن العظيم: ﴿ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾ [ص: 67، 68]. «أي: خبر عظيم وشأن بليغ، وهو إرسال الله إيَّايَ إليكم، ﴿ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾؛ أي: غافلون. قال مجاهد، وشريح القاضي، والسُّدِّي - في قوله عزّ وجل: ﴿ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴾، يعني: القرآن» [5].

قال السَّمرقندي رحمه الله: «قوله عزّ وجل: ﴿ قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ ﴾ يقول القرآن: حديث عظيم؛ لأنه كلام ربِّ العالمين ﴿ أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ﴾، يعني: تاركون فلا تُؤمنون به» [6].

وقال ابن الجوزي رحمه الله: «وفي المُشَار إليه قولان: أحدهما: أنه القرآن. قاله ابن عباس ومجاهد والجمهور. والثاني: أنه البعث بعد الموت» [7].

ولقد جاء هذا النَّبأ العظيم ليتجاوز قريشاً في مكة، والعربَ في الجزيرة؛ ليتجاوز هذا المدى المحدود من المكان والزمان، ويؤثِّر في مستقبل أهل الأرض كلهم, ويُكَيِّفَ مصائرَهم منذ نزوله إلى الأرض إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها.

ولقد حَوَّلَ هذا النبأ العظيم خَطَّ سير الناس إلى الطَّريق الأقوم, ولم يمر بالتاريخ كلِّه حادِثٌ أو نبأٌ تَرَكَ من الآثار ما تركه هذا النَّبأ العظيم، وفيه إبرازٌ لعظمته، وعلوِّ شأنه، ومنزلته وتأثيره.

ولقد أنشأ من القِيَمِ والتَّصورات، وأرسى من القواعد والنُّظُم في هذه الأرض كلِّها، وفي الأجيال جميعها، ما لم يخطر للعرب على بال, وما كانوا يُدركون في ذلك الزمان أن هذا النبأ العظيم إنما جاء لِيُغَيِّر وجهَ الأرض من شركٍ إلى توحيد، ومن ظلمٍ إلى عدل.



[1] معجم مقاييس اللغة (2/ 539)، مادة: «نبأ».

[2] انظر: لسان العرب (1/ 162)، مادة: «نبأ».

[3] المفردات في غريب القرآن (ص482)، مادة: «نبأ».

[4]انظر: الهدى والبيان في أسماء القرآن (2/ 34 ـ 36).

[5] تفسير ابن كثير (4/ 43).

[6] تفسير السمرقندي (3/ 165).

[7] زاد المسير (7/ 154).

 

 

شبكة الالوكة
 
 
 

 

Image result for أسماء القرآن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×