اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

تفسير سورة نوح كاملة بأسلوب بسيط جدًّا

المشاركات التي تم ترشيحها

 
 
 
ملف:البسملة 2.png - ويكيبيديا
 

من الآية 1 إلى الآية 4: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} ليدعوهم إلى توحيد الله وطاعته، وأوحينا إليه ﴿ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ أي حَذِّرهم عاقبة الشِرك والعِصيان ﴿ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، فـ﴿ قَالَ لهم نوح: ﴿ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ أي مُخَوِّفٌ لكم من عذاب الله تعالى إن لم تؤمنوا وتطيعوا، ﴿ مُبِينٌ أي أُوَضِّح لكم ما أُرسِلتُ به إليكم:﴿ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وحده، ﴿ وَاتَّقُوهُ أي خافوا عقابه (بفِعل ما يُرضيه واجتناب ما يُغضبه)، ﴿ وَأَطِيعُونِ ﴾.

 
 
 

يعني: وأطيعوني فيما آمركم به، وأنهاكم عنه، فإنْ فعلتم ذلك ﴿ يَغْفِرْ اللهُ ﴿ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ (وهي كل الذنوب التي بينكم وبين ربكم، وأمّا مَظالم الناس: فرُدُّوها إليهم تُغفَر لكم)، ﴿ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى أي لا يُعَجِّل سبحانه بهَلاككم (إنْ آمَنتم)، بل يؤَخّر بقاءكم في الدنيا إلى نهاية آجالكم، ﴿ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ - وهو الموت - ﴿ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ أبدًا، ﴿ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (يعني لو كنتم تعلمون ذلك لَسارعتم إلى الإيمان والطاعة).

 
 

من الآية 5 إلى الآية 12: ﴿ قَالَ نوحٌ - شاكياً لربه ما صَنَعَ قومه -: ﴿ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي إلى توحيدك وطاعتك ﴿ لَيْلًا وَنَهَارًا أي دائماً باستمرار،﴿ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا: يعني فلم تَزِدهم دَعْوتي لهم إلا هربًا وإعراضًا عن دينك،﴿ وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ إلى الإيمان ﴿ لِتَغْفِرَ لَهُمْ ذنوبهم (بعد أن يؤمنوا): ﴿ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ (لكي لا يسمعوا دعوة الحق) ﴿ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ: أي تغَطَّوا بثيابهم حتى لا يروني ﴿ وَأَصَرُّوا على باطلهم ﴿ وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا أي استكبروا عن قَبول الإيمان استكبارًا شديدًا وعجيباً (إذ قالوا له: (أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)؟! يعني: كيف نُصَدِّقك وقد اتَّبعك أسافل الناس؟!، وقد قالوا ذلك عندما رأوا أنّ أتْباعه من الفقراء وأصحاب المِهَن الحِرَفيّة البسيطة)،﴿ ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا أي أبلَغتهم الدعوة بصوت مرتفع ليسمعوها جميعاً،﴿ ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ أي دَعَوتُ بعضهم إلى الإيمان ظاهرًا (عَلنًا في غير خفاء)،﴿ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا: يعني: وكذلك أسررتُ لبعضهم بصوتٍ خفيٍّ (وذلك بحسب الظروف والأوقات واجتماع الناس، بما يتناسب مع مصلحة الدعوة)، ﴿ فَقُلْتُ لهم: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ أي اطلبوا من ربكم أن يغفر ذنوبكم (بعد أن تتوبوا إليه مِن شِرككم ومَعاصيكم) ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه، فإنْ تتوبوا إلى ربكم، وتستغفروه نادمينَ على ما فعلتم:﴿ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا: أي يُنَزِّل عليكم المطر غزيرًا متتابعًا (كلما احتَجتم إليه)،﴿ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ يعني: ويُكثِر أموالكم وأولادكم ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ أي حدائق تتنعمون بثمارها وجمالها ﴿ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا تشربون منها، وتسقون منها زرعكم ومواشيكم.

 
 
 

من الآية 13 إلى الآية 20: ﴿ مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا؟! يعني ما لكم لا توَقِّرون اللهَ تعالى، وتتفكرون في عظمته وجلاله، وتخافون قدرته وانتقامه، وهو القاهر فوق عباده؟! ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا يعني: وهو الذي خلقكم في أطوار - أي مراحل - متدرجة: (نطفة ثم علقة ثم مُضغة ثم عظامًا ولحمًا)، ثم ذَكَّرهم نوح عليه السلام ببعض مَظاهر قدرة الله تعالى وعنايته بمصالح خَلْقه، للاستدلال بذلك على استحقاقه وحده لعبادتهم، فقال:﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا؟ أي خَلَقَ سبع سماوات متناسقة، بعضها فوق بعض، ﴿ وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا: أي جعل القمر نورًا يُنير ما فوقه من السماوات وما تحته من الأرض، ﴿ وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا أي: وجعل الشمس مِصباحًا مُضيئًا يَستضيئ به أهل الأرض ويستفيدون من حرارته في التدفئة والزراعة، (والفرقبين الضياء والنور: أن الضياء هو الضوء الصادر مِن مصدره مُباشرَةً، فيكون الجسم مُضِيئاً بذاته، وأما النور: فهو الضوء المنعكس عن مصدر معين)، فالقمر ليس مُنيراً بذاته، بل بانعكاس ضوء الشمس عليه، وقد قيل أيضاً إن الجسم المُضِيئ يُشِعّ حرارة، وأما المُنير فلا يُشِعّ حرارة، واللهُ أعلم).

 
 

 

﴿ وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا يعني أنشأ أصلكم - وهو آدم عليه السلام - مِن تراب الأرض إنشاءً بديعاً،﴿ ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا أي: ثم يعيدكم في الأرض بعد موتكم، ﴿ وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا أي: ويُخرِجكم منها يوم القيامة إخراجًا مُحَققًا للحساب والجزاء (إذ الذي ابتدأ خَلْقكم، قادرٌ على إعادتكم أحياءً بعد موتكم، بل إنّ إعادة الشيء كما كان، أسهل مِن إيجاده أول مرة)،﴿ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا أي جَعَلها لكم مُمَهّدة كالبِساط﴿ لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا: أي لتسلكوا فيها طرقًا واسعة (تهتدونَ بها في الوصول إلى الأماكن التي تقصدونها).

 
 
 

من الآية 21 إلى الآية 25: ﴿ قَالَ نُوحٌ: ﴿ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي أي بالَغوا في عِصياني وتكذيبي ﴿ وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا: أي اتّبَعَ الضعفاءُ منهم رؤساءَهم الضالين (الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالاً في الدنيا وعقابًا في الآخرة)﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا أي: وقد مَكَرَ رؤساءُ الضلال بأتْباعهم الضعفاء مكرًا عظيمًا(ليَصدوهم عن دينك) ﴿ وَقَالُوا لهم: ﴿ لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ: أي لا تتركوا عبادة آلهتكم، ولا تطيعوا نوحاً في دعوته إلى التوحيد، ﴿ وَلَا تَذَرُنَّ يعني: ولا تتركوا - بصفة خاصة - الأصنام الكِبار: ﴿ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا(وهذه هي أسماء أكبر أصنامهم)، وقد كانت أسماء رجال صالحين (يعبدون اللهَ وحده)، فلمّا ماتوا: أوحى الشيطان إلى قومهم أنْ يُقيموا لهم التماثيل والصور; ليُذَكِّروهم بالله تعالى وطاعته، فيَنشطوا على الطاعة إذا رأوا تماثيلهم، فلمّا مات هؤلاء القوم وطالَ الزمن وجاء غيرهم: وسوس لهم الشيطان بأنّ آباءهم كانوا يعبدون هذه التماثيل، ويتوسلون بها إلى الله تعالى، فاقتدوا بهم في ذلك واعبُدوهم، فعَبدوهم من دون الله تعالى، زاعمينَ أنهم يُقَرِّبونهم إلى ربهم ويشفعونَ لهم عنده.

 
 

وهذه هي الحكمة من تحريم التماثيل، وتحريم بناء القِباب - جَمْع قُبّة - على القبور، والأضرحة في المساجد; لأنها تصير مع تطاول الزمن مَعبودةً للجُهّال (يَدعونهم، ويَذبحون عندهم، ويطوفونَ بهم).

 
 

وقال نوحٌ عليه السلام - شاكياً لربه - ﴿ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا يعني: وقد أضلَّ هؤلاء الرؤساء كثيرًا من الناس، بما زيَّنوهُ لهم من طُرُق الضلال، ثم قال نوحٌ - داعياً ربه -: ﴿ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا: أي لا تزد هؤلاء الظالمينَ المُعانِدين إلا بُعْدا عن الحق (وهذا بعد أن يئس من استجابتهم لدعوته)، ثم قال تعالى:﴿ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا أي: فبسبب ذنوبهم وإصرارهم على الكفر والطغيان: أُغرِقوا بالطوفان ﴿ فَأُدْخِلُوا نَارًا: أي فأُدخِلوا - بعد الإغراق - نارًا عظيمة اللهب والإحراق، ﴿ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا يُنقذونهم من عذابه.

 
 

واعلم أن قوله تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ) أصْله: (ومِن خطيئاتهم)، و (مِن) هنا تُسَمَّى: (مِن التعليلية) يعني بسبب خطيئاتهم، و(ما) تُسَمَّى: (ما الزائدة) لتقوية الكلام وتأكيد المعنى.

 
 

الآية 26، والآية 27، والآية 28: ﴿ وَقَالَ نُوحٌ - قبل أن يُغرِق اللهُ قومه -: ﴿ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا: أي لا تترك على الأرض إنساناً كافراً يدور ويتحرك (والمعنى: لا تُبقِ منهم أحداً حياً)، فـ﴿ إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يعني إنْ تتركهم دونَ إهلاك:﴿ يُضِلُّوا عِبَادَكَ المؤمنين، فيُبعِدوهم عن طريق الحق ﴿ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا يعني: ولا يأتِ مِن ظهورهم وأرحامهم إلا مائلٌ عن الحق، شديد الكفر والعصيان ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴿ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴿ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴿ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا: أي لا تزد الكافرينَ إلا هَلاكًا وخُسرانًا في الدنيا والآخرة.

 
 

 
 

من سلسلة تفسير لآيات القرآن الكريم، وذلك بأسلوب بسيط جدًّا، وهي مُختصَرة من (كتاب: "التفسير المُيَسَّر" (بإشراف التركي)، وأيضًا من "تفسير السّعدي"، وكذلك من كتاب: " أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري) (بتصرف)، عِلمًا بأنّ ما تحته خط هو نص الآية الكريمة، وأما الكلام الذي ليس تحته خط فهو التفسير.

 

واعلم أن القرآن قد نزلَ مُتحدياً لقومٍ يَعشقون الحَذفَ في كلامهم، ولا يُحبون كثرة الكلام، فجاءهم القرآن بهذا الأسلوب، فكانت الجُملة الواحدة في القرآن تتضمن أكثر مِن مَعنى: (مَعنى واضح، ومعنى يُفهَم من سِيَاق الآية)، وإننا أحياناً نوضح بعض الكلمات التي لم يذكرها الله في كتابه (بَلاغةً)، حتى نفهم لغة القرآن.

 
 
 
 

رامى حنفى محمود

شبكة الالوكة


في أمان الله وحفظه
تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×