اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

من أقوال السلف في أعمال القلوب

المشاركات التي تم ترشيحها

 

هذه مجموعة من الفوائد الثلاثية من أقوال السلف، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد لقيت الله عز وجل:

أن أضع جبهتي لله عز وجل.

أو أجلس في مجالس ينتقى فيها طيب الكلام كما ينتقى فيها طيب الثمر.

أو أن أسير في سبيل الله عز وجل؛ [عمر رضي الله عنه].

 

من كانت له عند الناس ثلاث، وجبت له عليهم ثلاث:

من إذا حدَّثهم صدقهم.

وإذا ائتمنوه لم يخنهم.

وإذا وعد لهم وفى لهم.

وجب له عليهم: أن تحبه قلوبهم، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم، وتظهر له معونتهم؛ [علي رضي الله عنه].

 

ثلاث مَن كُنَّ فيه ملأ الله قلبه إيمانًا:

صحبة الفقيه.

وتلاوة القرآن.

والصيام؛ [عبدالله بن مسعود، رضي الله عنه].

 

ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان:

ترك المراء في الحق.

والكذب في المزاحة.

وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه؛ [عبدالله بن مسعود رضي الله عنه].

 

اطلب قلبك في ثلاثة مواطن:

عند سماع القرآن.

وفي مجالس الذكر.

وفي أوقات الخلوة.

فإن لم تجده في هذه المواطن فسَلِ الله أن يمنَّ عليك بقلبٍ فإنه لا قلب لك؛ [عبدالله بن مسعود رضي الله عنه].

 

لولا ثلاث صلح الناس:

شح مطاع.

وهوى مُتَّبع.

وإعجاب كل ذي رأي برأيه؛ [أبو الدرداء رضي الله عنه].

 

ثلاث من ملاك أمر ابن آدم:

لا تشكِ مصيبتك.

ولا تُحدث بوجعك.

ولا تزكِ نفسك بلسانك؛ [أبو الدرداء رضي الله عنه].

 

ثلاث من فعلهن تعرض للمقت:

الضحك من غير عجب.

والنوم من غير سهر.

والأكل من غير جوع؛ [معاذ بن جبل رضي الله عنه].

 

ثلاث من جمعهن جمع الإيمان:

الإنصاف من نفسه.

والإنفاق من الإقتار.

وبذل السلام للعالم؛ [عمار بن ياسر رضي الله عنه].

 

المؤمن لا تلقاه إلا في ثلاث خلال:

مسجد يعمره.

أو بيت يستره.

أو حاجة من أمر دنياه لا بأس بها؛ [خليد بن عبدالله العصري].

 

image.png.bddd560519ec4d04349bdc7e84d568ae.png

 

ثلاثة لا يُعرَفُون إلا في ثلاثة مواطن:

لا يُعرَف الحليم إلا عند الغضب.

ولا الشجاع إلا في الحرب.

ولا الأخ إلا عند الحاجة؛ [الإمام ابن قتيبة].

 

ولي الله إذا زاد ثلاثة أشياء زاد منه ثلاثة أشياء:

إذا زاد جاهه زاد تواضعه.

وإذا زاد ماله زاد سخاؤه.

وإذا زاد عمره زاد اجتهاده؛ [محمد بن محمد بن أبي الورد].

 

ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة:

حليم من جاهل.

وبرٌّ من فاجر.

وشريف من دنيء؛ [سليمان الأشدق].

 

ثلاث من كن فيه أصاب البرَّ:

سخاوة النفس.

والصبر على الأذى.

وطيب الكلام؛ [أبو تراب النخشبي].

 

للحاسد ثلاث علامات:

يتملق إذا حضر.

ويغتاب إذا غاب.

ويشمت بالمصيبة؛ [أبو تراب النخشبي].

 

المصيب من عمل ثلاثة أشياء:

من ترك الدنيا قبل أن تتركه.

وبنى قبره قبل أن يدخله.

وأرضى ربَّه قبل أن يقدم عليه؛ [يحيى بن معاذ].

 

الخيرات الثلاث:

اللسان الصدوق.

والقلب التقي.

والمرأة الصالحة؛ [تبيع].

 

الشرات الثلاث:

لسان كذوب.

وقلب فاجر.

وامرأة سوء؛ [تبيع].

 

لا يتم المعروف إلا بثلاث:

بتعجليه.

وتصغيره.

وستره؛ [الإمام جعفر بن محمد الصادق].

image.png.98fb4cc92d4f15a5d3eadbee0cb66034.png

 

ما على الرجل إذا كان فيه ثلاث خصال:

إذا لم يكن صاحب هوى.

ولا يشتم السلف.

ولا يخالط السلطان؛ [الفضيل بن عياض].

 

ثلاث إذا كن في الرجل لم يشك في عقله وفضله:

إذا حمده جاره.

وقرابته.

ورفيقه؛ [الإمام ابن عبدالبر].

 

أعزُّ الأشياء ثلاثة:

الجود من قلةٍ.

والورع في خلوةٍ.

وكلمةُ الحق عند من يُرجَى ويُخاف؛ [الإمام الشافعي].

 

لولا ثلاث ما باليت أن أكون يعسوبًا:

ظمأ الهواجر.

وطول ليلة الشتاء.

والتهجُّد بكتاب الله عز وجل؛ [إبراهيم بن أدهم].

 

إذا أراد الله تعالى بعبد خيرًا جعل فيه ثلاث خلال:

فقهًا في الدين.

وزهادةً في الدنيا.

وبصرًا بعيوبه؛ [محمد بن كعب القرظي].

 

أصل الطاعة ثلاثة أشياء:

الخوف.

والرجاء.

والحب؛[حاتم الأصم].

image.png.ecc0cfa523c7589979987e8edbc7dae6.png

 

ثلاثة لا أقل منهن، ولا يزددن إلا قلة:

درهم حلال تنفقه في حلال.

وأخ في الله تسكن إليه.

وأمين تستريح إلى الثقة به؛ [ابن عجلان].

 

ثلاثة من أعلام الحياء:

وزن الكلام قبل التفوُّه به.

ومجانبة ما يحتاج إلى الاعتذار منه.

وترك إجابة السفيه حلمًا عنه؛ [ذو النون].

 

ثلاث لا تبلون نفسك بهن:

لا تدخل على السلطان وإن قلتَ آمره بطاعة الله.

ولا تصغين سمعك لذي هوى؛ فإنك لا تدري ما يعلق بقلبك منه

ولا تدخل على امرأة وإن قلت أُعلِّمُها القرآن؛ [ميمون بن مهران].

 

حق على العاقل ألا يستخفَّ بثلاثة:

العلماء.

والسلاطين.

والإخوان.

فإنه مَن استخفَّ بالعلماء ذهبت آخرتُه، ومن استخفَّ بالسلطان ذهبت دنياه، ومَن استخفَّ بالإخوان ذهبت مروءتُه؛ [ابن المبارك].

 

الزهد ثلاثة أصناف:

زهد فرض.

زهد فضل.

زهد سلامة.

فالفرض: الزهد في الحرام، والفضل: الزهد في الحلال، والسلامة: الزهد في الشبهات؛ [إبراهيم بن أدهم].

 

 

أصول الشر ثلاثة:

الحرص.

والحسد.

والكِبْر.

فالكبر منع إبليس من السجود لآدم، والحرص أخرج آدم من الجنة، والحسد حمل ابن آدم على قتل أخيه؛ [الحسن].

 

ثلاثة من المجانين، وإن كانوا عقلاء:

الغضبان.

والعريان.

والسكران؛ [سهل بن مروان].

image.png.5c96f37ad5f9f90d280ad6f6d4cfe904.png

 

من بخل بالعلم ابتُلي بثلاث:

إمَّا أن يموت فيذهب علمه.

وإمَّا أن ينسى حديثه.

وإمَّا أن يُبْتلى بالسلطان؛ [الإمام عبدالله بن المبارك].

 

أشد الأعمال ثلاثة:

ذكر الله على كل حال.

وإنصافك من نفسك.

ومواساة الأخ في المال؛ [أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين].

 

غضُّ البصر يُورِث ثلاث فوائد جليلة القدر:

حلاوة الإيمان ولذَّته التي هي أحلى وأطيب مما تركه لله فإن من ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.

يورث نور القلب والفراسة.

قوة القلب وثباته وشجاعته؛ [شيخ الإسلام ابن تيمية].

 

يحصل اليقين بـثلاثة أشياء:

تدبُّر القرآن.

تدبُّر الآيات التي يحدثها الله في الأنفس والآفاق التي تبين أنه حق.

العمل بموجب العلم؛ [شيخ الإسلام ابن تيمية].

 
 
شبكة الالوكة
 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

 

 

فرسولُنا نبي الله عليه الصلاة والسلام كان يضحك في المواضع التي يُضحَك منها، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: كان جُلُّ ضحكه التبسُّم؛ بل كلُّه التبسُّم... وكان يضحك مما يُضحَك منه، وقال العلامة السعدي رحمه الله: حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الأدب الكامل والتعجب في موضعه، وألَّا يبلغ بهم الضحك إلا التبسُّم، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جُلُّ ضحكه التبسُّم، وقال الإمام الغزالي رحمه الله: وكان أكثر الناس تبسُّمًا وضحكًا في وجوه أصحابه.

 

 

 

 

 

ولهذا فإن أولياء الله يضحكون مما يضحك منه، متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم، ولا يكثرون من ذلك، قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أولياء الله في قلوبهم من إجلال الله وخشيته والرغبة فيما عنده ما يجعلهم لا يُكثرون من هذا؛ وإنما إنْ فعلوا فيكون على جهة الانبساط الوارد عنه صلى الله عليه وسلم، وهذا أصل في أن الأولياء فيما يفعلون من فضول المباحات يتابعون النبي صلى الله عليه وسلم في أصول ما فعل، فيضحكون بعضًا من الوقت؛ لأنه ضحك صلى الله عليه وسلم وتبسَّم، ويفعلون بعض الأشياء التي فيها ترويح بما لا يكون قادحًا -وأشباه ذلك- بنيَّة الاقتداء ونية العمل، وهذا في بعض المباحات لا في كل المباحات، فالوليُّ لا بُدَّ أن يكون منزهًا عن فضول المباحات.

 

 

 

 

 

للسلف أقوال في الضحك، يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

 

 

 

 

من آداب طلاب العلم وحملة القرآن وأولياء الله: قلة الضحك:

 

 

قال علي رضي الله عنه: إذا تعلمتُم العلم فاكظموا عليه، ولا تخلطوه بضحك فتمجُّه القلوب.

 

 

 

 

 

قال الإمام الآجري رحمه الله في كتابه "أخلاق حملة القرآن": قليل الضحك فيما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك.

 

 

 

 

 

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: يجب على طالب الحديث أن يتجنب اللعب والعبث والتبذُّل في المجالس بالسخف والضحك والقهقهة وكثرة التنادر.

 

 

 

 

 

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أولياء الله يتنزهون عن فضول المباحات وليس كل مباح يأتونه؛ بل هناك مباحات لا تُناسبهم وإن كانت مباحة من الشرع؛ ولكن تناسب غيرهم من المسلمين، فالأولياء يتنزهون عن كثير من المباحات إمَّا من جهة الورع، وإمَّا من جهة ترك خوارم المروءة، وإمَّا من جهة أشياء قد يراها الوليُّ لا تناسبه، مثاله: كثرة المُزاح والضحك بأن يغلب هذا على المرء وإن كان مباحًا.

 

 

 

 

 

الضحك في محله وممَّا يضحك منه:

 

 

قال الله سبحانه وتعالى عن نبيِّه سليمان عليه السلام، عندما سمِعَ كلام النملة: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا [النمل: 19].

 

 

 

 

 

قال الإمام البغوي رحمه الله: قال مقاتل: كان ضحك سليمان من قول النملة تعجُّبًا؛ لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجَّب وضحك.

 

 

 

 

 

قال العلامة السعدي رحمه الله: الضحك في محله محمود، وهو دليل على حُسْن الخُلُق، ولين الجانب.

 

 

 

 

 

عدم التبسُّم في محله يدلُّ على شراسة الخلق:

 

 

قال العلامة السعدي رحمه الله: عدم التبسُّم والعجب ممَّا يتعجب منه يدل على شراسة الخُلُق والجبروت.

 

 

 

 

 

الضحك في غير محله دليل على الجهل، وقلة العقل:

 

 

قال علي رضي الله عنه: من الجهل.... الضحك من غير عجب.

 

 

 

 

 

قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ثلاث من فعلهن تعرَّض للمقت: الضحك من غير عجب.

 

 

 

 

 

قال العلَّامة السعدي رحمه: الضحك.... في غير محله دليل على قلة العقل.

 

 

 

 

 

أضرار كثرة الضحك:

 

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: مَنْ كثُرَ ضحكُهُ استخف به.

 

 

 

 

 

قال عامر بن قيس: رأيت نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتهم، فحدَّثوني: أن أكثر الناس ضحكًا في الدنيا أكثرهم بكاءً يوم القيامة.

 

 

 

 

 

قال الحسن البصري رحمه الله: كثرة الضحك تُميتُ القلب.

 

 

 

 

 

قال الإمام ابنُ حِبَّان البُسْتي رحمه الله: من علامات الحمق: سرعة الجواب، وترك التثبُّت، والإفراط في الضحك.

 

 

 

 

 

قال الخطيب البغدادي رحمه الله: الضحك يضع من القَدْر، ويُزيل المروءة.

 

 

 

 

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: كثرة الضحك من خِفَّة الرُّوح، ونُقْصان العقل.

 

 

 

 

 

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الذنوب والمعاصي، والغفلة عن ذكر الله، وأكل الحرام،... والضحك والمزاح، كل هذه الأمور من شأنها أن تُقسِّي القلوب.

 

 

 

 

 

الحذر من الضحك في مواطن لا ينبغي أن يُضحَك فيها:

 

 

أبصر ابن مسعود رضي الله عنه رجلًا يضحك في جنازة، فقال: تضحك في جنازة؟! لا أُكلِّمُك أبدًا.

 

 

 

 

 

عن قتادة رحمه الله قال: بلغنا أن أبا الدرداء رضي الله عنه، نظر إلى رجل يضحكُ في جنازةٍ، فقال: أما كان فيما رأيت من هول الموت ما يشغلك عن الضحك؟!

 

 

 

 

 

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ويُستحبُّ لِمُتَّبع الجنازة أن يكون مُتخشِّعًا مُتفكِّرًا في مآله، مُتَّعِظًا بالموت، وبما يصير إليه الميت، ولا يتحدَّث بأمور الدنيا، ولا يضحكُ.

 

 

 

 

 

الضحك في المقابر من قسوة القلوب:

 

 

قال الإمام الغزالي رحمه الله: اعلم أن الجنائز عبرة للبصير، وفيها تنبيه وتذكير، قال أسيد بن حضير: ما شهدت جنازة فحدَّثَتْنِي نفسي بشيء سوى ما هو مفعول به، وما هو صائر إليه، وقال الأعمش: كنا نشهد الجنائز، فلا ندري مَنْ نُعزِّي لحزن الجميع.

 

 

 

 

 

هكذا كان خوفهم عند الموت، والآن لا ننظر إلى جماعة يحضرون جنازة، إلا وأكثرهم يضحكون، ويلهون، ولا يتفكَّر واحد منهم إلا ما شاء الله في جنازة نفسه، وفي حاله إذا حمل عليها، ولا سبب لهذه الغفلة إلا قسوة القلب، بكثرة المعاصي والذنوب، حتى نسينا الله تعالى واليوم الآخر، والأهوال التي بين أيدينا.

 

 

 

 

 

إضحاك المهموم وتسليته:

 

 

قال الإمام النووي رحمه الله: الإنسان إذا رأى صاحبه مهمومًا حزينًا، يستحبُّ له أن يُحدِّثه بما يضحكه، أو يُشغِله، ويُطيِّب نفسه.

 

 

 

 

 

لا تضحك على الناس فقد تُبْتلى:

 

 

قال العلَّامة ابن القيم رحمه الله: مَنْ ضحِكَ من الناس ضُحِك منه.

 

 

 

 

 

التبسُّم، والضحك بلا قهقهة:

 

 

قال وهيب بن الورد رحمه الله: الضحك الذي لا إسراف فيه: التبسُّم ولا يُسْمَعَنَّ لك صوت.

 

 

 

 

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: التبسُّم...من حُسْن الخُلُق، وكمال الإدراك.

 

 

 

 

 

قال العلامة السعدي رحمه الله: القهقهة تدل على خِفَّة العقل، وسوء الأدب.

 

 

 

 

 

قال العلامة محمد العثيمين رحمه الله: الضحك ثلاثة أنواع: ابتدائي ووسط وانتهائي؛ الابتدائي التبسُّم، والوسط الضَّحِك، والمنتهى القهقهة.

 

 

 

 

 

والقهقهة لا تليق بالإنسان العاقل الرزين، والتبسُّم هو أكثر ضحك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والضحك يكون من الأنبياء أحيانًا.

 

 

 

 

 

الحذر من الضَّحِك والاستهزاء بأولياء الله، فعاقبة ذلك وخيمة:

 

 

قال الله جل جلاله عن الكافرين طالبين الخروج من النار: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ [المؤمنون: 106، 107]، فيأتيهم الجواب من الله العزيز الحكيم بأنهم ماكثون في النار بسبب أعمالهم في الدنيا التي منها الضحك والسخرية بالمؤمنين ﴿ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ * إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ [المؤمنون: 108 - 110].

 

 

 

 

 

قال الإمام ابن الجوزي: قال مقاتل: كان رؤوس كفار قريش - كأبي جهل، وعقبة، والوليد - قد اتخذوا فقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كعمار، وبلال، وخباب، وصهيب، سخريًّا يستهزئون بهم ويضحكون منهم.

 

 

 

 

 

الضحك لعبًا ولهوًا قد يعقبه البكاء:

 

 

قال ابن سيرين رحمه الله: ما كان ضحك قط إلا كان بعده بكاء، وقد شاهد الناس مِنْ تَغيُّر الدنيا بأهلها في أسرع ما يكون العجائب.

 

 

 

 

 

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: إن الدنيا لغرور حائل، وسرور آيل، بينما طالبها يضحك أبكته، ويفرح بسلامته أهلكته، فندم على زللـه إذ قدم على عمله، وبقي رهين خوفه ووجله، وود أن لو زيد ساعة في أجله، فما هو أسير في حفرته، وحسير في سفرته.

 

 

 

 

 

الحذر من الكذب من أجل إضحاك الناس:

 

 

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: العجيب أن بعض الناس يقول: الكذب ينقسم إلى قسمين: أبيض وأسود.

 

 

 

 

 

ونحن نقول: الكذب ينقسم إلى قسمٍ واحدٍ، وهُو الأسود، لا يوجد كذب أبيض إطلاقًا، هذا الذي قسمه إلى قسمين، قال: الأبيضُ هو الذي ليس به أكلُ مال لأحدٍ، ولا اعتداء على أحدٍ، كذب من أجل أن يضحك الناس، فعند هذا الرجل أنه أبيض، أمَّا إذا كذب ليأكل أموال الناس بالباطل، مثل رجل عنده حق لفلان، وطلبه صاحب الحق؛ لكن قال: ليس لك عندي شيء، يقول: هذا هو الكذب المحرم، أما الكذب الذي من أجل أن يضحك الناس فهذا ليس بمُحرَّم؛ لأنه أبيض.

 

 

 

 

 

سبحان الله أين البياض؟! والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((ويل لمن حدَّث فكذب لِيُضحك به القوم، ويل له، ثُم ويل له))؛ ولهذا نجد أولئك القوم الذين يأتون بالتمثيليات وغيرها من الأشياء الكذب واقعين في هذا، وهم لا يعلمون.

 

 

 

 

 

لا يضحك منك الشيطان:

 

 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومن كيده [الشيطان] للإنسان: أنه يُورده الموارد التي يُخيل إليه أن فيها منفعته، ثم يُصدرُهُ المصادر التي فيها عطبه، ويتخلَّى عنه، ويُسلمه، ويقف يشمت به، ويضحك منه، فيأمره بالسرقة والزِّنا والقتل، ويدل عليه ويفضحه قال تعالى: ﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 48]، فإنه تراءى للمشركين عند خروجهم إلى بدر في صورة سراقة بن مالك، وقال: إني جار لكم من بني كنانة أن يقصدوا أهلكم وذراريكم بسوء، فلما رأى عدوَّ الله جنود الله من الملائكة نزلت لنصر رسوله فرَّ عنهم وأسلمهم، كما قال حسان:

 

 

دلاهم بغرور ثُم أسلمهم space.gif
إن الخبيث لمن والاه غرَّار space.gif

 

space.gif
space.gif

 

 

وكذلك فعل بالراهب الذي قتل المرأة وولدها، أمره بالزِّنا بها ثم بقتلها، ثم دل أهلها عليها، وكشف أمره لهم، ثم أمره بالسجود، فلما فعل فرَّ عنه وتركه.

 

 

 

 

 

من ضحك وفرح إذا ظفر بالذنب فيخشى عليه أن يحال بينه وبين التوبة:

 

 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: من بنى أمره على ألَّا يعف عن ذنب، ولا يقدم خوفًا، ولا يدع لله شهوةً وهو فرح مسرور يضحك ظهرًا لبطن إذا ظفر بالذنب، فهذا الذي يُخافُ عليه أن يحال بينه وبين التوبة، ولا يُوفَّق لها.

 

 

 

 

 

قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: ضحكك وأنت لا تدري ما الله صانع بك أعظم من الذنب.

 

 

 

 

 

السخرية بالغير من أجل الضحك:

 

 

قال الإمام الغزالي رحمه الله: ومعنى السخرية: الاستهانة والتحقير، والتنبيه على العيوب والنقائض على وجه يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء.

 

 

 

 

 

لا تُضحك الذين يأكلون الطعام خوفًا عليهم من الشرق:

 

 

قال الشيخ عبدالقادر: من الأدب ألَّا يتكلم على الطعام بما يستقذر من الكلام، ولا بما يضحكهم خوفًا عليهم من الشرق.

 

 

 

 

 

وختامًا: فعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لو تعلمونَ ما أعلمُ لبكيْتُم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا))، قال الإمام النووي رحمه الله: معناه: لو تعلمون من عظم انتقام الله تعالى من أهل الجرائم، وشدة عقابه، وأهوال القيامة، وما بعدها، كما علمت، وترون النار كما رأيت في مقامي هذا، وفي غيره، لبكيتم كثيرًا، ولقلَّ ضحككم لفكركم فيما علمتموه.

 

 

 

 

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: في حديث عائشة من الفوائد: الزجر عن كثرة الضحك، والحث على كثرة البكاء، والتحقُّق بما سيصير إليه المرء من الموت والفناء".

 

 

 

 

 

فأقِلَّ من الضحك في الدنيا، وأكثِرْ من ذكر الله لتدخُل الجنة وأنت تضحك، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن الذين ألسنتهم رطبة بذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك.

 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فالله جل جلاله له الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ومن صفاته سبحانه وتعالى: صفة الإرادة، قال عز وجل: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125]، قال العلَّامة صالح بن فوزان الفوزان: الشاهد من الآية الكريمة: أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه، وأنها شاملة للهداية والإضلال؛ أي: يريد الهداية، ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمةٍ بالغةٍ.

 

وللإيمان بصفة الإرادة فوائد مسلكية، منها: أن يحرص المسلم على أن يكون ممَّن أراد الله بهم الهداية، فينشرح صدره لجميع أحكام الإسلام ويقبلها، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إثبات إرادة الله عز وجل...فيها من السلوك والعبادة أنه يجب على الإنسان أن يتقبَّل الإسلام كله، أصله وفرعه، وما يتعلق بحق الله وما يتعلق بحق العباد، وأنه يجب عليه أن يشرح صدره لذلك، فإن لم يكن كذلك، فإنه من القسم الثاني الذين أراد الله إضلالهم.

 

للسلف أقوال فيمن أراد الله بهم خيرًا جمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها.

 

الابتلاء:

قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: من أراد الله به خيرًا... ابتلاه بمرض في جسمه، أو بموت ولد يحزنه، أو بذهاب مال يشق عليه، فيأجره على ذلك كله، ويكتب له إذا صبر واحتسب بكل شيء منه، حسنات يجدها في ميزانه لم يعملها، أو يجدها كفَّارةً لذنوب قد عملها...والله أعلم.

 

أن يكون بصيرًا بعيوبه:

قال محمد بن كعب، رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا....بصَّرَه بعيوبه.

 

أن يشهد منة الله وتوفيقه وإعانته له في كل ما يقوم به:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيرًا أشهده منته وتوفيقه وإعانته له في كل ما يقوله ويفعله، فلا يُعجب به، ثم أشهده تقصيره فيه، وأنه لا يرضى لربِّه به، فيتوب إليه منه ويستغفره ويستحيي أن يطلب عليه أجرًا، وإذا لم يُشهده ذلك، وغيَّبهُ عنه، فرأى نفسه في العمل، ورآه بعين الكمال والرِّضا، لم يقع ذلك العمل منه موقع القَبول والرِّضا والمحبَّة.

 

أن يزهد في الدنيا، وينافس غيره في الآخرة:

قال محمد بن كعب، رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا زهَّده في الدنيا.

 

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: القرآن مملوءٌ مِن التزهيد في الدنيا، والإخبار بخِسَّتِها وقلَّتها، وانقطاعها وسرعة فنائها، والترغيب في الآخرة، والإخبار بشرفها ودوامها، فإذا أراد الله بعبده خيرًا أقام في قلبِه شاهدًا يُعاين به حقيقةَ الدنيا والآخرة، ويُؤثِر منهما ما هو أَوْلى بالإيثار.

 

أن يوفق لكثرة الإنابة والتوبة والاستغفار:

قال العلَّامة ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيرًا فتح له بابًا من أبواب التوبة والندم.

 

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: إذا أراد الله عز وجل بعبده الخير، وفَّقَه لكثرة الإنابة والاستغفار وللتوبة من الذنوب، ولعمل الحسنات التي تذهب السيئات: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود: 114].

 

أن ينشرح صدْرُه لفعل شعائر الإسلام بفرح وسرور:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام: 125].

 

قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: قوله: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ المراد بالإرادةِ هنا الإرادة الكونية، والمراد بالهداية هدايةُ التوفيق، فتجده منشرحَ الصدر في شرائع الإسلام وشعائره، يفعلها بفرح وسرور وانطلاق، فإذا عرَفْتَ مِن نفسك هذا، فاعلم أن الله أراد بك خيرًا، وأراد لك هدايةً، أما مَن ضاق به ذرعًا - والعياذ بالله - فإن هذا علامةٌ على أن الله لم يُرِدْ له هداية، وإلا لانشَرَح صدرُه".

 

أن يكون معترفًا بذنبه:

قال العلَّامة ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيرًا جعله معترفًا بذنبه ممسكًا عن ذنب غيره، جوادًا بما عنده، زاهدًا فيما عند غيره، محتملًا لأذى غيره، وإن أراد به شرًّا عكس ذلك عليه.

 

أن يفقه في الدين:

قال محمد بن كعب، رحمه الله: إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا...فقَّهه في الدين.

عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهْهُ في الدين))؛ [متفق عليه].

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "مفهوم الحديث أن مَن لم يتفقَّه في الدين – أي: يتعلَّم قواعد الإسلام وما يتصل بها من الفروع - فقد حُرِم الخير".

 

الصمت، وأن يترك الخوض والكلام فيما لا يَعْنيه:

قال الإمام العكبري رحمه الله: علامة من أراد الله به خيرًا...أن يهب له الصمت إلا بما فيه رضا، ولدينه فيه صلاح، وأن يكون حافظًا للسانه، عارفًا بأهل زمانه، مُقْبِلًا على شأنه، قد ترك الخوض والكلام فيما لا يَعْنيه.

 

أن يفتح له باب الدعاء باللجوء والافتقار إلى الله عز وجل:

قال الإمام العكبري رحمه الله: علامة من أراد الله به خيرًا، وكان ممَّن سبقت له من مولاه الكريم عناية، أن يفتح له باب الدعاء باللجاء والافتقار إلى الله عز وجل بالسلامة والنجاء.

 

أن يُعلِّمه ما ينفعه:

قال العلَّامة ابن القيم رحمه الله: الإنسان خُلِق في الأصل ظلومًا وجهولًا، ولا ينفك عن الجهل والظلم إلا بأن يعلمه الله ما ينفعه ويُلهمه رُشْده فمتى أراد به الخير علَّمَه ما ينفعه فخرج به من الجهل، ونفعه بما علَّمه، فخرج من الظلم، ومتى لم يُرِدْ به خيرًا أبقاه على أصْلِ الخِلْقة.

 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كُن من خمسة على حذر:

 

من لئيم إذا أكرمته.

 

وكريم إذا أهنته.

 

وعاقل إذا أحرجته.

 

وأحمق إذا مازجته.

 

وفاجر إذا مازحته

[علي بن أبي طالب، رضي الله عنه].

 

 

 

 

خمسة تجب على الناس مداراتهم:

 

الملك المسلط.

 

والقاضي المتأول.

 

والمريض.

 

والمرأة.

 

والعالم ليقتبس من علمه

[أبو يوسف القاضي].

 

 

 

صلاح خمسة أصناف في خمسة مواطن:

 

صلاح الصبيان في الكُتَّاب.

 

وصلاح الفتيان في العلم.

 

وصلاح الكهول في المساجد.

 

وصلاح النساء في البيوت.

 

وصلاح القطاع في السجن؛[الحكيم الترمذي].

 

 

 

 

خمسة قبيحة:

 

الفتوة في الشيخ.

 

الحرص في الزهاد.

 

قلة الحياء في ذوي الحسب.

 

البخل في ذوي المال.

 

الحدة في السلطان

[الحكم بن هشام الثقفي العقيلي].

 

 

 

 

خمس كان عليها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 

لزوم الجماعة.

 

اتِّباع السنة.

 

عمارة المساجد.

 

تلاوة القرآن.

 

الجهاد في سبيل الله

[الإمام الأوزاعي].

 

 

 

 

العجلة من الشيطان إلا في خمس:

 

إطعام الطعام إذا حضر الضيف.

 

تجهيز الميت إذا مات.

 

تزويج البكر إذا أدركت.

 

قضاء الدَّيْن إذا وجب.

 

التوبة من الذنب إذا أذنب

[حاتم الأصم].

 

 

 

 

من وقي خمسًا وقي شر الدنيا والآخرة:

 

العُجْب.

 

الرياء.

 

الكِبْر.

 

الإزراء.

 

الشهوة

[الفضيل بن عياض].

 

 

 

 

آلات الرئاسة خمس:

 

صدق اللهجة.

 

كتمان السرِّ.

 

الوفاء بالعهد.

 

ابتداء النصيحة.

 

أداء الأمانة

[الإمام الشافعي].

 

 

 

 

خمس من السعادة:

 

اليقين في القلب.

 

الورع في الدِّين.

 

الزهد في الدنيا.

 

الحياء.

 

العلم

[محمد بن منصور الطوسي].

 

 

 

 

لا تصحب خمسة:

 

الماجن.

 

والكذاب.

 

والأحمق.

 

والبخيل.

 

والجبان.

 

فأمَّا الماجن فعيب إن دخل عليك، وعيب إن خرج من عندك، لا يعين على معاد، ويتمنَّى أنك مثله.

 

وأما الكذَّاب فإنه ينقل أحاديث هؤلاء إلى هؤلاء، ويُلقي الشحنة في الصدور.

 

وأمَّا الأحمق فإنه لا يرشد لسوء يصرفه عندك، وربما أراد أن ينفعك فيضرك، فبُعْدُه خيرٌ من قُرْبه، وموتُه خيرٌ من حياته.

 

وأمَّا البخيل فأحوجُ ما تكون إليه، أبعدُ ما تكون منه، ففي أشدِّ حالاته يهرب ويدعك

[ابن الحسين].

 

 

 

 

ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته خمس خصال:

 

أن يكون عاقلًا.

 

حسن الخلق.

 

غير فاسق

 

ولا مبتدع.

 

ولا حريص على الدنيا

[الإمام الغزالي].

 

 

 

 

المدح يدخله ست آفات:

 

أربع في المادح، واثنتان في الممدوح؛ فأما المادح:

 

أنه قد يفرط فينتهي به إلى الكذب.

 

أنه قد يدخله الرياء، فإنه بالمدح مُظهِر للحب.

 

أنه قد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل له إلى الاطلاع عليه.

 

أنه قد يُفرِح الممدوح، وهو ظالم أو فاسق، وذلك غير جائز.

 

وأما الممدوح فيضره من وجهين:

 

أنه يحدث فيه كِبْرًا وإعجابًا وهما مهلكان.

 

أنه إذا أثنى عليه الخير فرح به، وفتر ورضي عن نفسه، وقلَّ تشميره؛ [الإمام الغزالي].

 

 

 

علامة المحبِّ على صدق الحب ستُّ خصالٍ:

 

دوام الذكر بقلبه بالسرور لمولاه.

 

إيثارُهُ محبة سيده على محبة نفسه ومحبة الخلائق، يبدأ بمحبة مولاه قبل محبة نفسه ومحبة الخلائق.

 

الأنسُ به والاستثقال لكل قاطع يقطعُ عنه، أو شاغل يشغلُهُ عنه.

 

الشوق إلى لقائه والنظر إلى وجهه.

 

الرضا عنه في كل شديد وضرٍّ ينزلُ به.

 

اتِّباع رسوله صلى الله عليه وسلم

[إبراهيم بن الجنيد].

 

 

 

 

المروءة في ست خصال:

 

ثلاث في الحضر:

 

تلاوة القرآن.

 

عمارة المساجد.

 

اتخاذ الإخوان في الله.

 

وثلاث في السفر:

 

بذل الزاد.

 

حسن الخلق.

 

المزاح في غير معصية

[ربيعة الرائي].

 

 

 

 

ستة أشياء أدخلت الفساد على الخلق:

 

ضعف النية بعمل الآخرة.

 

صارت أبدانهم مُهيَّأة لشهواتهم.

 

غلبهم طول الأمل مع قصر الأجل.

 

آثروا رضاء المخلوقين على رضاء الله.

 

اتبعوا أهواءهم ونبذوا سنة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم.

 

جعلوا زلَّات السلف حجةً لأنفسهم، ودفنوا أكثر مناقبهم

[ذو النون المصري].

 

 

 

 

في كثرة الأكل ست خصال مذمومة:

 

يذهب خوف الله من قلبه.

 

يذهب رحمة الخلق من قلبه؛ لأنه يظن أنهم كلهم شباع.

 

يثقل عن الطاعة.

 

إذا سمع كلام الحكمة لا يجد له رِقَّة.

 

إذا تكلَّم بالموعظة والحكمة لا يقع في قلوب الناس.

 

أنه يهيج الأمراض

[الإمام الغزالي].

 

 

 

 

ست خصال يُعرَفُ بها الجاهل:

 

الغضب في غير شيء.

 

الكلام في غير نفع.

 

العظة في غير موضعها.

 

إفشاء السرِّ.

 

الثقة بكل أحد.

 

لا يعرف صديقه من عدوِّه

[محمد منصور الطوسي، ومحمد بن الفضل البلخي].

 
 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

 

فالإنسان بحاجة إلى معرفة نفسه، ومَن وفَّقه الله عز وجل عرَف عيوبها، قال الإمام ابن حزم رحمه الله: طوبى لمن علم من عيوب نفسه أكثرَ ممَّا يعلم الناس منها.

 

 

 

ولن يعرف الإنسان عيوب نفسه ما دام أنه يحسن الظنَّ بها، قال الإمام الماوردي رحمه الله: ربما حَسُن ظنُّ الإنسان بنفسه فأغفل مراعاة أخلاقه، فدعاهُ حُسْنُ الظنِّ بها إلى الرِّضا عنها، فكان الرِّضا عنها داعيًا إلى الانقياد لها؛ ففسد منه ما كان صالحًا، ولم يصلُحْ منها ما كان فاسدًا؛ لأن الهوى أغلبُ من الآراء، والنفس أجورُ من الأعداء؛ لأنها بالسوء أمَّارة، وإلى الشهوات مائلة.

 

 

 

ومن أقوى أسباب حسن الظن بالنفس كما قال الإمام الماوردي رحمه الله: "الكِبْر والإعجاب، وهو بكل أحد قبيح؛ لأنه دالٌّ على صغر الهِمَّة، مخبرٌ بعلوِّ المنزلة، وكفى بالمرء ذمًّا أن تكون هِمَّتُه دون منزلته".

 

 

 

وإذا عرَف الإنسان عيوب نفسه وآفاتها دفعَه ذلك إلى محاسبتها، ومجاهدتها ليصل بها إلى تزكيتها من تلك العيوب، فإن تمَّ له ذلك فقد فاز وأفلح، قال الله عز وجل: ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس: 7 - 9] قال العلامة السعدي رحمه الله: أي: طهَّر نفسه من الذنوب، ونقَّاها من العيوب، ورقَّاها بطاعة الله، وعلَّاها بالعلم النافع، والعمل الصالح.

 

 

 

للسلف أقوال في مجاهدة النفس ومحاسبتها، يسَّرَ اللهُ الكريمُ فجمعتُ بعضًا منها، الله أسأل أن ينفع بها الجميع.

 

 

 

فوائد محاسبة النفس:

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنُوا أنفسكم قبل أن تُوزنوا.

 

 

 

عن ميمون بن مهران: لا يكون العبد من المتقين، حتى يحاسب نفسَه أشدَّ من محاسبة شريكه.

 

 

 

قال الحسن: ابن آدم، إنك لن تجد حقيقة الإيمان ما كنت تعيبُ الناس بعيب هو فيك، حتى تبرأ بذلك العيب من نفسك فتُصلحه، فلا تصلح عيبًا إلا ترى عيبًا آخر، فيكون شغلك خاصة نفسك، وذلك أحبُّ ما يكون إلى الله إذا كنت كذلك.

 

 

 

قال الإمام الغزالي: رأس مال العبد في دينه: الفرائض، وربحه النوافل والفضائل، وخسرانه المعاصي، فيحاسب نفسه على الفرائض أولًا، فإن أدَّاها على وجهها شكر الله تعالى عليها، ورغبها في مثلها، وإن فوَّتها من أصلها طالبها القضاء، وإن أدَّاها ناقصة كمَّلها الجبران بالنوافل، وإن ارتكب معصية اشتغل بمعاتبتها، ليستوفي منها ما يتدارك به ما فرَّط، كما يصنع التاجر بشريكه.

 

 

 

ومهما حاسب نفسَه فلن تسلم عن مقارفة معصية، وارتكاب تقصير في حقِّ الله تعالى، فلا ينبغي أن يهملها، فإنه إن أهملها سهل عليه مقارفة المعاصي، وأنست بها نفسُه، وعسر عليه فطامها، وكان ذلك سببَ هلاكِها.

 

 

 

ومن أنفع العلاج أن تطلب صحبة عبد من عباد الله مجتهد في العبادة فتقتدي به.

 

 

 

أو تعدل إلى سماع أحوالهم، ومطالعة أخبارهم، وما كانوا فيه من الجهد، قال أبو الدرداء: لولا ثلاث ما أحببتُ العيشَ يومًا واحدًا، الظمأ لله بالهواجر، والسجود لله في جوف الليل، ومجالس أقوام ينتقون أطايب الكلام كما يُنتقَى أطايب الثمر.

 

 

 

اعلم أن أعْدَى عدوِّك نفسُك التي بين جنبيك، وقد خُلقت أمَّارة بالسوء، ميَّالة إلى الشرِّ، فرَّارة من الخير، وأُمِرت بتزكيتها، وتقويمها، وقودها بسلاسل القهر إلى عبادة ربِّها وخالقها، ومنعها من شهواتها، وفطامها عن لذَّاتها، فإن أهملتها جمحت وشردت، ولم تظفر بها بعد ذلك، وإن لازمتها بالتوبيخ والمعاتبة، كانت نفسك اللوَّامة التي أقسم الله بها، ورجوت أن تصير النفس المطمئنة، المدعوة إلى أن تدخل في زمرة عباد الله راضية مرضية، فلا تغفلن ساعتها عن تذكيرها، فتقول لها: يا نفس، أما تعرفين ما بين يديك من الجنة والنار، وأنك صائرة إلى إحداهما على القرب؟ فمالك تشتغلين باللهو، وأنت مطلوبة لهذا الخطب الجسيم! وعساك اليوم تختطفين أو غدًا، فأراك ترين الموت بعيدًا! أما تعلمين أن كل ما هو آتٍ قريبٌ؟ أما تعلمين أن الموت يأتي بغتة؟ وأن كل نفس من الأنفاس يمكن أن يكون فيه الموت فجأة؟ فمالك لا تستعدين للموت وهو أقرب إليك من كل قريب؟ أما تتدبرين قوله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ [الأنبياء: 1 - 3] ويحك يا نفس لو واجهك عبدٌ من عبيدك أو أخٌ من إخوانك بما تكرهينه، كيف كان غضبك عليه ومقتك له؟! فبأي جسارة تتعرضين لمقت الله وغضبه، وشديد عقابه، أفتظنين أنك تطيقين عذابه؟! هيهات، هيهات! فمالك تسوفين العمل، والموت لك بالمرصاد، ولعله يختطفك من غير مهلة، فما المانع من المبادرة؟! وما الباعث لك على التسويف؟! هل له سبب إلا عجزك عن مخالفة شهواتك؟! وليت شعري، ألم الصبر عن الشهوات أعظم شدة وأطول مدة، أو ألم النار في دركات جهنم؟

 

 

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله: الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضى لذلك، ليسعى في إزالته.

 

 

 

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر: 18]، هذه الآية الكريمة أصل في محاسبة العبد نفسه، وأنه لا ينبغي له أن يتفقدها، فإن رأى زللًا تداركه بالإقلاع عنه، والتوبة النصوح، والإعراض عن الأسباب الموصلة إليه، وإن رأى نفسه مقصرًا في أمر من أوامر الله، بذل جهده، واستعان بربِّه في تتميمه، وتكميله، وإتقانه، ويقايس بين مِنَن الله عليه وإحسانه، وبين تقصيره، فإن ذلك يوجب له الحياة لا محالة.

 

 

 

والحرمان كل الحرمان، أن يغفل العبد عن هذا الأمر، ويشابه قومًا نسوا الله وغفلوا عن ذكره، والقيام بحقِّه، وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها، فلم ينجحوا، ولم يحصلوا على طائل؛ بل أنساهم الله مصالح أنفسهم وأغفلهم عن منافعها وفوائدها، فصار أمرهم فرطًا، فرجعوا بخسارة الدارين، وغبنوا غبنًا لا يمكن تداركه، ولا يجبر كسره؛ لأنهم هم الفاسقون، الذين خرجوا عن طاعة ربِّهم، وأوضعوا في معاصيه.

 

 

 

فهل يستوي من حافظ على تقوى الله، ونظر لما قدم لغده، فاستحقَّ جنات النعيم، والعيش السليم، مع الذين أنعم الله عليهم، من النبيِّين، والصدِّيقين، والشهداء، والصالحين، ومن غفل عن ذكره ونسي حقوقه فشقي في الدنيا، واستحق العذاب في الآخرة، فالأولون هم الفائزون، والآخرون هم الخاسرون.

 

 

 

مجاهدة النفس وفوائد ذلك:

 

قال مورق العجلي رحمه الله: أمرٌ أنا في طلبه منذ عشرين سنة، فلم أقدر عليه، ولست بتاركٍ طلبه، قالوا: وما هو يا أبا المعتمر؟ قال: الصمت عمَّا لا يعنيني.

 

 

 

قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنةً حتى استقامت.

 

 

 

قال الإمام الماوردي: اعلم أن الإنسان مطبوعٌ على أخلاق قلَّ ما حُمد جميعها، أو ذُمَّ سائرُها؛ وإنما الغالب أن بعضها محمودٌ، وبعضها مذمومٌ.

 

 

 

وليس يُمكن صلاح مذمومها بالتسليم إلى الطبيعة،... إلا أن يرتاض لها رياضة تأديب، وتدرُّج، فيستقيم له الجميع.

 

 

 

وإذا بدأ الإنسان بسياسة نفسه كان على سياسة غيره أقدر، وإذا أهمل مراعاة نفسه كان بإهمال غيره أجدرَ، قال بعض الحكماء: مَن بدأ بسياسة نفسه أدرك سياسة الناس.

 

 

 

وقد قيل في منثور الحكم: لا ينبغي للعاقل أن يطلب غيره، وطاعة نفسه ممتنعة.

 

 

 

قال الإمام ابن عقيل: لو لم يكن من بركات مجاهدة النفس في حقوق الله والانتهاء عن محارم الله، إلَّا أنَّه يعطف عليك، فيسخرها لك، ويطوِّعها لأمرك حتى تنقاد لك، ويُسقط عنك مؤونة النزاع لها، والمجاهدة حتى تصير طوع يدك وأمرك، تعاف المستطاب عندها إذا كان عند الله خبيثًا، وتؤثر العمل لله وإن كان عندها بالأمس كريهًا، وتستخفه وإن كان عليها ثقيلًا، حتى تصير رقًّا لك بعد أن كانت تسترقك.

 

 

 

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: كانت في عيوب، فلم أزل بالرياضة واطِّلاعي على ما قالت الأنبياء صلوات الله عليهم والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدِّمين في الأخلاق، وفي آداب النفس أُعاني مُداواتها، حتى أعان الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومَنِّه.

 

 

 

فمنها: حقد مفرط، قدرت بعون الله تعالى على طيِّه وستره، وغلَّبتُهُ على إظهار جميع نتائجه، وأما قطعه البتة فلم أقدر عليه، وأعجزني معه أن أصادق من عاداني عداوة صحيحة أبدًا.

 

 

 

ومنها: كلف في الرِّضا، وإفراط في الغضب، فلم أزل أُداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملةً بالكلام والفعل والتخبُّط، وامتنعت ممَّا يحلُّ من الانتصار، وتحمَّلت من ذلك ثقلًا شديدًا، وصبرت على مضض مؤلمٍ كان ربما أمرضني، وأعجزني ذلك في الرِّضا.

 

 

 

ومنها: دعابة غالبة، فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عما يغضب الممازح، وسامحتُ نفسي فيها، إذا رأيت تركها من الانغلاق ومضاهيًا للكِبْر.

 

 

 

ومنها: عُجب شديد، فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب كلُّه، ولم يبق له- والحمد لله- أثر؛ بل كلفتُ نفسي احتقار قدرها جملةً، واستعمال التواضُع.

 

 

 

ومنها: حركات كانت تولِّدها غرارة الصبا، وضعفُ الأعضاء، فقسرت نفسي على تركها، فذهبت.

 

 

 

ومنها: محبة في بُعد الصيت والغلبة، فالذي وقفتُ عليه من معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحلُّ في الديانة، والله المستعان على الباقي.

 

 

 

قال الإمام ابن الجوزي: تأملت جهاد النفس فرأيتُه أعظم الجهاد.

 

 

 

فإن رآها تتكبر، قال لها: هل أنت إلا قطرة من ماء مهين، تقتلك شرقة، وتؤلمك بقَّة.

 

 

 

وإن رأى تقصيرها عرفها حق الموالي على العبيد، وإن ونت عن العمل حدَّثها بجزيل الأجر، وإن مالت إلى الهوى خوَّفها عظيم الوِزْر، ثم يُحذِّرها عظيم العقوبة الحسية؛ كقوله تعالى: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ [الأنعام: 46]، والمعنوية كقوله تعالى: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف: 146]، والجهاد لها كجهاد المريض العاقل يحملها على مكروهها في تناول ما ترجو به العافية، ويذوب في المرارة قليلًا من الحلاوة.

 

 

 

فإن قال قائل: فكيف يتخلَّص من هذا مَن قد نشب فيه؟ قيل له: بالعزم القوي في هجران ما يؤذي، والتدرُّج في ترك ما لا يؤمن أذاه، وهذا يفتقر إلى صبر ومجاهدة.

 

 

 

فالنفس مجبولة على حبِّ الهوى، وقد سبق بيان أذاه، فافتقرت لذلك إلى المجاهدة والمخالفة، ومتى لم تُزجر عن الهوى هجم عليها الفكر في طلب ما شغفت به، فاستأنست بالآراء الفاسدة، والأطماع الكاذبة، والأماني العجيبة، خصوصًا إن ساعد الشباب الذي هو شعبة من الجنون، وامتد ساعد القدرة إلى نيل المطلوب.

 

 

 

صُنْ نفسَك عن الذُّل والضَّرَع للخلق:

 

قال الإمام ابن عقيل: يا مصنوعًا في أحسن تقويم، يا مخصوصًا بالاطلاع والتعليم....افتح عينك وانظر مَن أنت، وعبد مَن أنت. فصُنْ نفسَك عن الذلِّ والضَّرَع للخلق، واحملها على الإجمال في الطلب، فما زاد الحرصُ رزقًا، والثقةُ بالله حصنٌ منيعٌ من الضراعة، وذخر يوفي على الطاعة، والتوسُّل في الرزق شناعة، وملاك الأمر مع الله الاستجابة والطاعة.

 

 

 

فقر النفس:

 

قال الحافظ ابن حجر: المتصف بفقر النفس...لا يقنع بما أعطي؛ بل هو أبدًا في طلب الازدياد من أي وجه، ثم إذا فاته المطلوب حزن وأسف، فكأنه فقير من المال.

 

 

 

غِنى النفس:

 

قال الحافظ ابن حجر: قال ابن بطال: ليس حقيقة الغِنى كثرةُ المال؛ لأن كثيرًا ممَّن وسَّع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي فهو يجتهد في الازدياد ولا يُبالي من أين يأتيه، فكأنَّه فقير لشدة حرصه، ومن استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد فكأنه غني.

 

 

 

تزكية النفس:

 

قال العلَّامة العثيمين رحمه الله: الزكاة نوعان:

 

زكاة النفوس، وهي الأهم، وزكاة المال، وهي من أركان الإسلام العظام.

 

 

 

وزكاة النفس هي زكاتها من الإشراك بالله، بأن يكون الإنسان في جميع عباداته مُخلصًا لله عز وجل، وما أحقنا بالإخلاص لله! لأن العباد لا ينفعوننا ولا يضرُّوننا إلا بما كتبه الله علينا، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما في وصيته المشهورة: ((واعْلَمْ أنَّ الأُمَّةَ لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلَّا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ لكَ، ولو اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ لم يضرُّوك إلا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ عليكَ)).

 

 

 

ومن زكاة النفس: اتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن ما جاء به عليه الصلاة والسلام هو الزكاء، وهو الحق، وهو الخير، كلُّ الخير.

 

 

 

ومن زكاة النفس: حسن الأخلاق والمعاملة مع الناس، كما قال الله تعالى في وصف نبيِّه صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم: 4]، فخُلُقُه عليه الصلاة والسلام عظيم، أحسن أخلاق بني آدم، إن جئت في الحلم وجدت أنه أوسع الناس حلمًا، وإن جئت في الكرم وجدته أكرم الناس، كان عليه الصلاة والسلام يبيتُ الليالي ذوات العدد لا يوقد في بيته نار، ويُعطي عطاء من لا يخشي الفاقة- أي: الفقر- إن بحثت في الشجاعة، وجدته أشجع الناس.

 

 

 

ومن تزكية النفس: الإحسان إلى الخلق، أحسن إلى الناس يُحِبَّك الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195] أحْسِن يُحسِن الله إليك، وليس جزاء الإحسان جزاء أُخرويًّا فقط، بل جزاءٌ أُخرويٌّ ودُنيويٌّ.

 

 

 

متفرقات:

 

قال أبو سليمان الداراني: من اشتغل بنفسه شُغِل عن الناس.

 

قال بكر بن عبدالله المزني البصري: إذا رأيتم الرجل موكلًا بعيوب الناس ناسيًا لعيب نفسه، فاعلموا أنه قد مُكِر به.

 

قال جيلان بن فروة: من أنصف الناس من نفسه، زاده الله بذلك عِزًّا.

 

قال الإمام ابن الجوزي: أقوى القوة غلبتك نفسك.

 

 

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

 

التوفيق ألَّا يَكِلَك الله تعالى إلى نفسك.

 

الخذلان أن يكلك الله تعالى إلى نفسك.

 

نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.

 

النفوس لا تترك شيئًا إلا بشيءٍ.

 

من أذلَّ نفسَه لله فقد أعزَّها.

 

الإنسان إذا فسدت نفسُه أو مزاجه يشتهي ما يضرُّه، ويلتذُّ به؛ بل يعشق ذلك عشقًا يُفسِد عقله ودينه وخلقه وماله وبدنه.

 

النفوس الخبيثة قد تلتذُّ بالإساءة والعدوان وإن لم يحصل لها بذلك منفعة ولا دفع مضرة.

 

تألم النفس بما يحدث في الجسد من الآلام، ويتألم الجسد الذي هو القلب الصنوبري، بما يحدث في النفس من الآلام.

 

 

 

قال محب الدين الخطيب رحمه الله:

 

مَن عرَف نفسه لم يغترَّ بثناء الناس عليه.

 

من كثر رضاه عن نفسه كثر الساخطون عليه.

 

 

 

قال العلَّامة السعدي: الإنسان بطبعه ظالمٌ جاهلٌ، فلا تأمره نفسُه إلا بالشرِّ، فإذا لجأ إلى ربِّه واعتصم به، واجتهد في ذلك، لطف به ربُّه، ووفَّقَه لكل خير، وعصمه من الشيطان الرجيم.

 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

 

فهذه مجموعة من الفوائد الرباعية من أقوال السلف، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

 

 

 

في الخمر أربع خصال:

 

السُّكر.

 

الصداع.

 

القيء.

 

البول.

 

وقد ذكر الله تعالى خمر الجنة فنزَّهها عن هذه الخصال؛ [ابن عباس رضي الله عنه].

 

 

 

 

أربعة أمور ينبغي أن يُراعيها الزوج في الطلاق:

 

أن يُطلِّقها في طُهْر لم يُجامِعها فيه.

 

أن يقتصر على طلقة واحدة فلا يجمع بين الثلاث.

 

أن يتلطَّف في التعلُّل بتطليقها من غير تعنيف واستخفاف.

 

ألَّا يُفشي سِرَّها لا في الطلاق ولا في النكاح.

 

 

 

فائدة: يُروى عن بعض الصالحين أنه أراد طلاق امرأة، فقيل له: ما الذي يُريبك منها؟ فقال: العاقل لا يهتك سترَ امرأتِه، فلمَّا طلقها، قيل له: لم طلقتها؟ فقال: ما لي ولامرأةِ غيري؛ [الإمام الغزالي].

 

 

 

 

البكاء من أربعة:

 

بكاء من الخوف.

 

بكاء من الجزع.

 

بكاء من الفرح.

 

بكاء رياء؛ [ابن عباس رضي الله عنه].

 

 

 

 

أربع مَنْ كُنَّ فيه كان كاملًا:

 

أربع مَنْ كُنَّ فيه كان كاملًا، ومَن تعلَّق بواحدةٍ منهن كان من صالحي قومه:

 

دِين يُرشِده.

 

عقل يُسدِّده.

 

حسب يصونه.

 

حياء يقوده؛ [الحسن].

 

 

 

 

الكلام يكون في أربعة أشياء:

 

الكلام أربعة:

 

أن تذكر الله.

 

أو تقرأ القرآن.

 

أو تُسأل عن علم فتُخبِر به.

 

أو تتكلم فيما يعينك من أمر دنياك؛ [محمد بن عجلان].

 

 

 

 

لا يُؤخَذ العِلْم من أربعة:

 

لا يُؤخَذ من سفيه.

 

ولا يُؤخَذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه.

 

ولا من كذَّاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا يتهم على أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ولا من شيخ له فضل وصلاح وعبادة، إذا كان لا يعرف ما يحدث؛ [الإمام مالك].

 

 

 

 

طلبتُ أربعة فوجدتها في أربعة:

 

طلبتُ الكُفْر فوجدته عند الجهمية.

 

وطلبتُ الكلام والشغب فوجدته مع المعتزلة.

 

وطلبتُ الكذب فوجدته عند الرافضة.

 

وطلبتُ الحق فوجدتهُ مع أصحاب الحديث؛ [هارون الرشيد].

 

 

 

 

أربعة تزيد في العقل:

 

ترك الفضول من الكلام.

 

والسواك.

 

ومجالسة الصالحين.

 

ومجالسة العلماء؛ [الإمام الشافعي].

 

 

 

 

علاج الغرور:

 

أن يعرف أربعة أمور:

 

يعرف نفسه.

 

ويعرف ربَّه.

 

ويعرف الدنيا.

 

ويعرف الآخرة؛ [الإمام الغزالي].

 

 

 

 

أربع مَنْ كُنَّ فيه كُنَّ له:

 

الشكر.

 

الإيمان.

 

الدعاء.

 

الاستغفار؛ [مكحول].

 

 

 

 

ما من عبد إلا وله أربع أعين:

 

عينان في وجهه يُبصِر بهما أمر دنياه.

 

وعينان في قلبه يُبصِر بهما أمر آخرته.

 

 

 

فإذا أراد الله بالعبد خيرًا فتح عينيه اللتين في قلبه فأبصر بهما أمر آخرته وهما غيب، فأمن الغيب بالغيب، وإذا أراد الله بالعبد خلاف ذلك ترك العبد القلب على ما هو عليه، فتراه ينظر فلا ينتفع، فإذا نظر بقلبه انتفع؛ [خالد بن سعدان الكلاعي].

 

 

 

 

الأذلاء أربعة:

 

النمَّام.

 

الكذاب.

 

المديون.

 

اليتيم؛ [أكتم بن صيفي].

 

 

 

 

احفظ أربعًا:

 

لا تقل في القرآن برأيك.

 

وإياك والقَدَر.

 

وإذا ذُكِر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك.

 

ولا تُمكِّن أصحاب الأهواء مِن سَمْعِك فينفذوا فيه ما شاءوا؛ [أبو قلابة].

 

 

 

 

على التائب فعل أربعة أشياء:

 

أن يحفظ اللسان من الغيبة والكذب والحسد واللغو.

 

أن يفارق أصحاب السوء.

 

إذا ذكر الذنب استحيا من الله.

 

أن يستعدَّ للموت، وعلامة الاستعداد ألَّا تكون في حال من الأحوال غير راضٍ من الله؛ [حاتم الأصم].

 

 

 

 

الناس في الخير أربعة:

 

منهم: من يفعله ابتداءً.

 

ومنهم: من يفعله اقتداءً.

 

ومنهم: من يتركه حرمانًا.

 

ومنهم: من يتركه استحسانًا.

 

فمن يفعله ابتداءً فهو كريم.

 

ومن يفعله اقتداءً فهو حكيم.

 

ومن يتركه حرمانًا فهو شقي.

 

ومن يتركه استحسانًا فهو رديء؛ [الإمام الماوردي].

 

 

 

 

جماع آداب الخير يتفرَّع من أربعة أحاديث:

 

قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مِن حُسْن إسلامِ المَرْء تركُه ما لا يعنيه)).

 

قوله: ((لا تغضب))

 

قوله: ((لا يُؤمِن أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه)).

 

وقوله: (( مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليَقُلْ خيرًا أو ليصمت))؛ [الإمام النووي].

 

 

 

 

الابتلاء بأربع:

 

إنِّي بُليتُ بأربعٍ يرمينني space.gif
بالنبل قد نصبوا عليَّ شراكهم space.gif
إبليسُ والدنيا ونفسي والهوى space.gif
من أين أرجو بينهن فكاكا space.gif
يا ربِّ ساعدني بعَفْوٍ إنني space.gif
أصبحتُ لا أرجو لهنَّ سِواكا space.gif

 

[الإمام القرطبي].

 

 

 

التوبة النصوح يجمعها أربعة أشياء:

 

الاستغفار باللسان.

 

الإقلاع بالأبدان.

 

إضمار ترك العود بالجنان.

 

مهاجرة سيِّئ الخلان؛ [الإمام القرطبي].

 

 

 

 

كل بلدة فيها أربعة فأهلها معصومون من البلاء:

 

إمام عادل لا يظلم.

 

عالم على سبيل الهدى.

 

مشايخ يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويُحرِّضون على طلب العلم والقرآن.

 

نساؤهم مستورات لا يتبرجن تبرُّج الجاهلية الأولى؛ [الإمام القرطبي].

 

 

 

 

الإبل تجمع أربع خصال:

 

حلوبة.

 

ركوبة.

 

أكُولة.

 

حمولة؛ [الإمام القرطبي].

 

 

 

أصول أمهات الأخلاق أربعة:

 

الحكمة.

 

والشجاعة.

 

والعِفَّة.

 

والعدل؛ [الإمام الغزالي].

 

 

 

 

الراسخ في العلم من وجد في علمه أربعة أشياء:

 

التقوى بينه وبين الله.

 

التواضُع بينه وبين الخَلْق.

 

الزهد بينه وبين الدنيا.

 

المجاهدة بينه وبين نفسه؛ [الإمام البغوي].

 

 

 

 

أسباب الوصول إلى السعادة: عناصر أربعة:

 

الإيمان.

 

العمل الصالح.

 

التواصي بالحق.

 

التواصي بالصبر.

 

هذه العناصر الأربعة هي أسباب الوصول إلى السعادة؛ [العلَّامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز].

 

 

 

 

أصول الاقتصاد الكبار أربعة:

 

معرفة حكم الله في الوجه الذي يكتسب به المال، واجتناب الاكتساب به إن كان مُحرَّمًا شرعًا.

 

حسن النظر في اكتساب المال بعد معرفة ما يُبيحه خالق السماوات والأرض، وما لا يُبيحه.

 

معرفة حكم الله في الأوجه التي يصرف فيها المال، واجتناب المحرم منها.

 

حسن النظر في أوجه الصرف، واجتناب ما لا يفيد منها.

 

فكل من بنى اقتصاده على هذه الأسس الأربعة كان اقتصاده كفيلًا بمصلحته؛ [العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي].

 

 

 

 

الناس في الابتلاء أربعة أقسام:

 

مؤمنون ممتعون في الدنيا بالخير وبالرزق، ولا ينقص ذلك من مرتبتهم بالآخرة.

 

مؤمنون مبتلون في الدنيا بالمصائب والفقر، وذلك من إرادة الله تعالى بهم خيرًا.

 

 

 

كافرون ممتعون في الدنيا، قد قدر لهم العيش الهنيء، والسعة، والأمن، وكثره المال، فهؤلاء مما عجلت لهم طيِّباتهم، ولا يدل ذلك على كرامتهم.

 

 

 

كُفَّار جمع الله لهم بين الأمرين، بين ضيق الدنيا، وعذاب الآخرة.

 

والكل فيها تحت أمر الله تعالى، والله تعالى أعلم؛ [العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين].

 

 

 

 

طُرُق القرآن في تقرير إمكانية البعث:

 

الاستدلال بخلق السماوات والأرض.

 

الاستدلال بإحياء الأرض بعد موتها.

 

الاستدلال بالنشأة الأولى.

 

الاستدلال بما وقع من إحياء الموتى فيما سبق.

 

تجد هذه الأربع تثنَّى في القرآن في آيات كثيرة؛ [العلَّامة عبدالرحمن بن ناصر البراك].

 

 

 

 

الموقف الشرعي عند وجود أذيَّة من الآخرين على المسلم:

 

مقابلة الإساءة بالإساءة، فتعامل من أساء إليك بمثل فعله، بشرط ألا يكون فعلك معصية في ذاته.

 

 

 

الصبر على تلك الأذيَّة.

 

العفو، فتتجاوز عمن آذاك وظلمك، تتقرَّب بذلك إلى الله عز وجل.

 

 

 

الإحسان إلى مَنْ أساء إليك، وهذه لا يصلها إلا نوادر من الناس؛ [الشيخ سعد بن ناصر الشثري].

 
 
 
شبكة الالوكة
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

 

فقد خلق الله جل جلاله الناس على كثرتهم مختلفين في ألسنتهم وألوانهم، قال الله عز وجل: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ [الروم: 22]، وكما أنهم مختلفون في الألوان واللغات، فهم مختلفون في المراتب والطِّباع والأخلاق.

 

 

 

للسلف أقوال في الناس، يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها، اللهَ أسألُ أن ينفع بها الجميع.

 

 

 

الناس ثلاثة أصناف:

 

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: الناس ثلاثة: عالم، ومتعلِّم، والثالث: همج لا خير فيه.

 

 

 

قال مسلم بن ميمون الخواص: الناس ثلاثة أصناف: صنف شبه الملائكة، وصنف شبه البهائم، وصنف شبه الشياطين.

 

 

 

قال المأمون: الناس ثلاثة: رجل منهم مثل الغذاء لا بُدَّ منه، ومنهم كالدواء يُحتاج إليه في حال المرض، ومنهم كالداء مكروه على كل حالٍ.

 

 

 

قال الإمام القرطبي: قال شميط العجلان: الناس ثلاثة: رجل ابتكر للخير في حداثة سِنِّه، وداوم عليه حتى خرج من الدنيا، فهذا هو السابق المقرَّب، ورجل ابتكر عمره بالذنوب، ثم طول الغفلة، ثم رجع بتوبته حتى ختم له بها، فهذا من أصحاب اليمين، ورجل ابتكر عمره بالذنوب، ثم لم يزل عليها حتى خُتِم له بها، فهذا من أصحاب الشِّمال.

 

 

 

الناس في الخير أربعة:

 

قال الإمام الماوردي: الناس في الخير أربعة: منهم من يفعله ابتداءً، ومنهم من يفعله اقتداءً، ومنهم من يتركه حرمانًا، ومنهم من يتركه استحسانًا.

 

فمن يفعله ابتداءً فهو كريم، ومن يفعله اقتداءً فهو حكيم، ومن يتركه حرمانًا فهو شقي، ومن يتركه استحسانًا فهو رديء.

 

 

 

الناس فيهم شبه بالبهائم في الطباع:

 

قال الإمام الخطابي: قال سفيان بن عيينة: ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم، فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد، ومنهم من يعدو عَدْوَ الذئب، ومنهم مَن ينبح نباح الكلب، ومنهم من يتطوَّس كفعل الطاووس، ومنهم من يشبه الخنازير التي لو أُلقي لها الطعام الطيب عافته، فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه، فكذلك تجد من الآدميين مَن لو سمِعَ خمسين حكمةً لم يحفظ إلا واحدةً منها، وإن أخطأ رجل عن نفسه، أو حكى خطأ غيره تروَّاه وحفظه.

 

 

 

الناس أسراب طير يتبع بعضُها بعضًا:

 

قال الإمام ابن قتيبة: الناس أسراب طير يتبع بعضُها بعضًا، ولو ظهر لهم مَن يدَّعي النبوَّة مع معرفتهم بأن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خاتمُ الأنبياء، أو مَن يدَّعي الربوبية؛ لوجد على ذلك أتباعًا وأشياعًا.

 

 

 

تفاوُت الناس في الطِّباع والأخلاق:

 

قال الإمام الخطابي: عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ تعالى خلَقَ آدَمَ عليه السلام من قبضةٍ قَبَضَها من جميعِ الأرضِ، فجاء بنو آدَمَ على قدر الأرضِ، منهم الأحمرُ، والأسودُ والأبيضُ، والسَّهْلُ والحزنُ، وبين ذلك الخبيثُ والطيبُ)) بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا القول أنَّ الناسَ أصنافٌ وطبقاتٌ، وأنهم إلى تفاوُت في الطباع والأخلاق، فمنهم الخيِّرُ الفاضِلُ الذي يُنتفَع بصحبته، ومنهم الرديء الناقص الذي يُتضرَّر بقربه وعِشْرتِه، كما أنَّ الأرض مختلفة الأجزاء، والتراب، فمنها العَذَاةُ الطيِّبةُ التي يطيب نباتُها ويزكو ريعُها، ومنها السِّباخُ الخبيثة التي يضيع بَذْرُها، ويَبيدُ زرعُها، وما بين ذلك على حسب ما يوجد منها حِسًّا، ويُشاهَد عيانًا.

 

 

 

مراتب الناس في الذمِّ والمدح:

 

قال الإمام ابن حزم: الناس في بعض أخلاقهم على..مراتب: فطائفة تمدح في الوجه والمغيب، وهذه صفة أهل الملق والطمع، وطائفة تذمُّ في المشهد والمغيب، وهذه صفة أهل السلاطة والوقاحة من العيَّابين، وطائفة تمدح في الوجه، وتذمُّ في المغيب، وهذه صفة أهل النفاق والعيَّابين، وطائفة تذم في المشهد، وتمدح في المغيب، وهذه صفة أهل السخف.

 

 

 

وأما أهل الفضل فيمسكون عن المدح والذمِّ في المشاهدة، ويثنون بالخير في المغيب أو يمسكون عن الذمِّ، وأما أهل السلامة، فيمسكون عن المدح والذمِّ في المشهد والمغيب.

 

 

 

في غرائب أخلاق النفس:

 

قال الإمام ابن حزم: ينبغي للعاقل ألَّا يحكم بما يبدو له من استرحام الباكي المتظلِّم وتشكِّيه، وكثرة تلوُّمه، وتقلُّبه وبكائه، فقد وقفت من بعض مَن يفعلُ هذا، على يقين أنه الظالم المتعدِّي المُفرطُ في الظلم، ورأيتُ بعض المظلومين ساكن الكلام، معدوم التشكِّي، مُظهِر لقلَّة المبالاة، فيسبق إلى نفس مَن لا يُحقِّق النظر أنه ظالم، وهذا مكان ينبغي التثبُّت فيه، ومغالبة النفس جملة، وألَّا يميل المرء مع الصفة التي ذكرنا ولا عليها؛ ولكن يقصد الإنصاف بما يوجب الحق على السواء.

 

 

 

الناس معادن فمنهم مَن معدنه أصيل، ومنهم مَن معدنه خبيث:

 

قال الشيخ عبدالله بن عبدالغني خياط رحمه الله: ((الناس معادن)) قطعة من حديث نبوي شريف تكملتُه ((كمعادن الذهب والفضة....)) هذا الحديث نُورِده مقدمة للمقارنة بين الناس، فمنهم مَن معدنُه أصيل كالذهب والفضة، لا يزيده طول المكث إلا صقلًا، ومنهم من معدنُه كالحديد لا يزيده مرورُ الأيام إلا صدأً وخُبْثًا.

 

 

 

الناس في الليل على ثلاث منازل:

 

عن طارق بن شهاب، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال: إذا كان الليل، كان الناس منه على ثلاث منازل: فمنهم مَن له ولا عليه، ومنهم مَن عليه ولا له، ومنهم مَن لا عليه ولا له، فقلت: وكيف ذاك؟ قال: أما مَن له ولا عليه، فرجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فتوضَّأ وصلَّى، فذاك له ولا عليه، ورجل اغتنم غفلة الناس وظلمة الليل، فمشى في معاصي الله، فذاك عليه ولا له، ورجل نام حتى أصبح، فذاك لا له ولا عليه.

 

 

 

أشرف الناس نفسًا:

 

قال العلامة ابن القيم: أشرف الناس نفسًا، وأعلاهم هِمَّةً، وأرفعهم قدرًا، مَنْ لذَّتُهُ في معرفة الله ومحبَّته والشوق إلى لقائه والتودُّد إليه بما يحبُّه ويرضاه، فلذَّتُه في إقباله عليه وعكوف هِمَّتِه عليه، ودون ذلك مراتب لا يُحصيها إلا الله، حتى تنتهي إلى مَن لذَّتُه في أخسِّ الأشياء من القاذورات والفواحش في كل شيء من الكلام والفِعال والأشغال، فلو عرض عليه ما يلتذُّ به الأول لم تسمح نفسُه بقبوله ولا الالتفات إليه، ورُبَّما تألَّمت من ذلك، كما أن الأول إذا عرض عليه ما يلتذُّ به هذا لم تسمح نفسه به، ولم تلتفت إليه، ونفرت نفسُه منه.

 

 

 

وأكمل الناس لذةً مَنْ جُمِع له بين لذَّة القلب والرُّوح ولذَّة البدن، فهو يتناول لذاته المباحة على وجهٍ لا ينقص حظه من الدار الآخرة، ولا يقطع عليه لذة المعرفة والمحبة والأنس بربِّه.

 

 

 

الشرِّير من الناس:

 

قال العلَّامة ابن القيم: يجد الشرير من الناس راحةً...في إيصال شرِّه إلى مَن يوصله إليه، وكثيرٌ من الناس لا يهنأ له عيش في يوم لا يُؤذي فيه أحدًا من بني جنسه، ويجد في نفسه تأذيًا بحمل تلك السمِّية والشرِّ الذي فيه حتى يُفرغه في غيره فيبرد عند ذلك أنينُه، وتسكُن نفسُه.

 

 

 

أنفع الناس لك:

 

قال العلامة ابن القيم: أنفع الناس لك رجل مكَّنك من نفسه حتى تزرع فيه خيرًا أو تصنع إليه معروفًا، فإنه نِعْم العونُ لك على منفعتك وكمالك، فانتفاعك به في الحقيقة مثل انتفاعه بك أو أكثر.

 

 

 

أضرُّ الناس لك:

 

قال العلامة ابن القيم: أضرُّ الناس عليك مَن مكَّن نفسه منك حتى تعصي الله فيه، فإنه عونٌ لك على مضرَّتِك ونقصِك.

 

 

 

الهمج من الناس:

 

قال العلامة ابن القيم: الهمج من الناس: حمقاهُم وجَهلتُهم.... هؤلاء من أضرِّ الخَلْق على الأديان، فإنهم الأكثرون عددًا الأقلون عند الله قدرًا، وهم حطب كل فتنة، بهم تُوقدُ ويشبُّ ضِرامها، فإنها يعتزلها أولو الدين، ويتولَّاها الهمجُ الرعاع.

 

 

 

ذهب الناس وبقي النسناس:

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما: ذهب الناس وبقي النسناس، قيل: وما النسناس؟ قال: الذين يتشبَّهون بالناس وليسوا من الناس.

 

 

 

أنعم الناس:

 

قال صفوان بن عمرو: أنعم الناس أجسادًا في التراب، قد أمنت العذاب، تنتظر الثواب.

 

 

 

قال العلامة ابن القيم: الزاهد...مِن أنْعَم الناسِ عيشًا، وأقرِّهم عينًا، وأطيبهم نَفْسًا، وأفرحهم قلبًا.

 

 

 

خير الناس:

 

قال الشيخ مُحِبُّ الدين الخطيب رحمه الله: خيرُ الناس من فَرِحَ بالخير للناس.

 

 

 

شر الناس:

 

قال ابن عيينة: قيل للقمان: أيُّ الناس شر؟ قال: الذي لا يُبالي أن يراه الناس مسيئًا.

 

 

 

سُئِل جعفر بن محمد عن السفلة، قال: مَنْ لا يُبالي ما قال، ولا ما قيل فيه.

 

 

 

أكيس الناس:

 

قال سلمة بن دينار: أكيسُ الناسِ رَجُلٌ ظفر بطاعة الله تعالى فعمِلَ بها، ثم دلَّ الناس عليها.

 

 

 

أحمق الناس:

 

قال عمر بن عبدالعزيز لجُلَسائه: أخبروني بأحمق الناس، قالوا: رجلٌ باع آخِرتَه بدُنْياه، فقال عمر: ألا أُنْبِئكم بأحمق منه؟ قالوا: بلى، قال: رجلٌ باعَ آخِرتَه بدُنْيا غيره.

 

 

 

أجهل الناس:

 

قال الفضيل بن عياض: أجهل الناس المُدِلُّ بحسناته.

 

 

 

اجتماع القوة في الناس قليل:

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اجتماع القوة في الناس قليل؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: اللهم إني أشكو إليك جَلَدِ الفاجر وعجز الثقة.

 

 

 

أشد الناس فرحًا وحزنًا وضحكًا وبكاءً:

 

قال عامر بن قيس: رأيت نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وصحبتهم، فحدَّثوني: أن أشد الناس فرحًا في الدنيا أشدُّهم حزنًا يوم القيامة، وأن أكثر الناس ضحكًا في الدنيا أكثرُهم بكاءً يوم القيامة.

 

 

 

الناس أعداء ما جهلوا:

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الناس أعداء ما جهلوا، ومن جهل شيئًا عاداه.

 

 

 

الناس هم العلماء:

 

عن سنيد بن داود قال: سألت عبدالله بن المبارك: مَن الناس؟ قال: العلماء.

 

 

 

رِضا الناس غايةٌ لا تُدرَك:

 

قال بشر بن الحارث الحافي: إرضاءُ الخَلْق غايةٌ لا تُدرَك.

 

 

 

قال الشافعي: رِضا الناس غايةٌ لا تُدرَك،...ليس إلى السلامة من الناس سبيل.

 

 

 

قال سفيان الثوري: رِضا الناسِ غايةٌ لا تُدرَك.

 
 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

 

فهذه طائفة من أقوال السلف في فوائد مُتفرِّقة، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

 

 

فائدة الإيمان بمعية الله سبحانه تعالى:

 

قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: إذا آمَن بأنَّ الله معه؛ أي: عالمٌ به ومطَّلِع عليه، ورقيب على أعماله، فإنَّ ذلك يحمله على مراقبة الله، وعلى خوفِه، وعدم الخروج عن طاعته، وعدم ارتكاب شيء من معاصيه، ويحمله هذا على إصلاح الأعمال وعدم إفسادها، وعلى الإكثار من الحسنات والبُعْد عن السيئات، هذه فائدةُ الإيمان بالمعيَّة.

 

 

 

فائدة الإيمان بعظمة الله وقدرته وعلوِّه وفوقيته:

 

قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: والعبد إذا آمن بعظمة الله وقدرته وعلوِّه وفوقيته...أورثه ذلك فائدة عظيمة، وهي تعظيمه، والخوف منه، فإنه متى عظم قدْرَ ربِّه في قلبه خافه أشد الخوف، وراقبه واستحضر أنه يراه في كل وقت، فحمى نفسَه عن أن يقدم على معصيته؛ لأنه يراه، فيقول: كيف أُقْدِم على معصيته وهو يراني؟ كيف أفعل ما نهاني عنه؟ كيف أترك ما أمرني به؟ هذا من ثمرات الإيمان بهذه الصفات.

 

 

 

فوائد إفشاء السلام:

 

قال النووي رحمه الله: السلام أول أسباب التآلف، ومِفْتاح استجلاب المودَّة، وفي إفشائه تكمن أُلْفةُ المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميَّز لهم من غيرهم من أهل المِلَل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضُع، وإعظام حرمات المسلمين.

 

 

 

فوائد محبة المساكين:

 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: اعلم أن محبة المساكين لها فوائد كثيرة:

 

منها: أنها تُوجِب إخلاص العمل لله عز وجل؛ لأن الإحسان إليهم لمحبَّتِهم لا يكون إلا لله عز وجل؛ لأن نفعهم لا يُرجى غالبًا، فأمَّا من أحسن إليهم ليمدح بذلك، فما أحسن إليهم حبًّا لهم؛ بل حبًّا للدنيا، وطلبًا لمدحهم له بحب المساكين.

 

 

 

ومنها: أنها تزيل الكِبْر، فإن المستكبر لا يرضى مجالسة المساكين...ويمتنع بسبب هذا الكبر خير كثير جدًّا، فإن مجالس الذكر والعلم يقع فيها كثيرًا مجالسة المساكين، فإنهم أكثر هذه المجالس، فيمتنع المتكبِّر من هذه المجالس بتكبُّره.

 

 

 

ومنها: أن مجالسة المساكين تُوجِب رضا مَن يُجالسهم برزق الله عز وجل -وتعظم عنده نعمة الله عز وجل- عليه بنظره في الدنيا إلى مَن دونه، ومجالسة الأغنياء تُوجِب التسخُّط بالرِّزْق، ومدة العين إلى زينتهم وما هم فيه، وقد نهى الله عز وجل نبيَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [طه: 131]، وكان عون بن عبدالله بن عتبة بن مسعود يُجالِس الأغنياء فلا يزال في غمٍّ؛ لأنه يرى مَن هو أحسن منه لباسًا ومركبًا ومسكنًا ومطعمًا، فتركهم وجالَسَ المساكين فاستراح من ذلك.

 

 

 

ومنها: أنه يوجب صلاح القلب وخشوعه.

 

 

 

فوائد العبادات:

 

قال العلَّامة السعدي رحمه الله: مما أمر الله به الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج التي من فوائدها: انشراح الصدر ونوره، وزوال همومه وغمومه، ونشاط البدن وخِفَّته، ونور الوجه، وسعة الرزق، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفي الزكاة والصدقة ووجوه الإحسان: زكاة النفس، وتطهيرها، وزوال الوسخ والدرن عنها، ودفع حاجة أخيه المسلم، وزيادة بركة ماله ونماؤه، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي لا يمكن وصفه، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ، وزوال سخطه.

 

 

 

فوائد أداء النوافل في البيوت:

 

قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: النوافل: الأفضل أن تكون في البيت، وذلك فيه فوائد:

 

أولًا:أن يعمر البيت بذكر الله، ولا يخلو البيت من ذكر الله.

 

ثانيًا: أنه متى عمَّر البيت بالذكر فإنه يكون مطردة للشياطين ومأوًى للملائكة والخير.

 

ثالثًا:أنه يكون قدوةً حسنةً للزوجة، والصغار، ولأهله إذا رأوه يُكثِر من النوافل، اقتدوا به في هذه النوافل فأكثروا منها.

 

رابعًا:تعليم الأهل كيفية الصلاة، فقد يكون بعض الأولاد أو بعض النساء لا يحسن الصلاة...فإذا صلَّى وليُّ أمْرِهم أمامهم في البيت اقتدوا به، وتعلَّموا صفة الصلاة.

 

خامسًا: أن يكون أقرب إلى الإخلاص، وأبعد من الرياء.

 

 

 

فوائد العزلة:

 

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: العزلة راحة من خلطاء السوء.

 

 

 

قال طلحة بن عبيدالله: أقل عيب الرجل لزوم بيته.

 

 

 

قال إسماعيل بن محمد: سمعت ابن إبراهيم يقول: "لو لم يكن في العزلة أكثر من أنك لا تجد أعوانًا على الغيبة لكفى.

 

 

 

قال الفضيل بن عياض: مَن خالَطَ الناس لم يسلم من أحد اثنين: إمَّا أن يخوض معهم إذا خاضوا في الباطل، أو يسكت إن رأى منكرًا؛ فيأثم، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوعيد وسوَّى في العقوبة بين مَنْ أتى المنكر، وبين مَنْ رآه، فلا يُغيِّره ولا يَأْباهُ.

 

 

 

قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: الناس...مَن نأى عنهم سلموا منه، وسلم منهم؛ لما في مجالستهم من الخوض في الغيبة واللغو وأنواع اللغط.

 

 

 

قال الإمام الخطابي رحمه الله:

 

من مناقب العزلة: أنها خالعة عنك ربقة ذل الآمال، وقاطعة رق الأطماع، ومعيدة عز اليأس من الناس، فإن من صحبهم وكان فيهم ومعهم، لم يكد يخلو من أن يُحدِّث نفسَه بنوع من الطمع فيهم، إمَّا في مال، أو جاه، والطمع فقر حاضر، وذل صاغر.

 

 

 

في العزلة السلامة من المأثم في المنكر يراه الإنسان فلا يُغيِّره، والأمان من غوائل أهله ومن عاديتهم إذا غيَّره، فقد أبى أكثر هذا الزمان قبول النصائح، ونصبوا العداوة لمن دعاهم إلى هدى، أو نهاهم عن ردى، فلو لم يكن في الوحدة والتباعُد منهم إلَّا السلامة من إثم المداهنة وخطر المكافحة، لكان في ذلك الربح الرابح والغنيمة الباردة.

 

 

 

فوائد المخالطة:

 

قال الإمام الغزالي رحمه الله:

 

الفائدة الأولى: التعليم والتعلُّم وهما أعظم العبادات في الدنيا، ولا يُتصوَّر ذلك إلا بالمخالطة.

 

 

 

الفائدة الثانية: النفع والانتفاع، أما الانتفاع بالناس فبالكسب والمعاملة، وذلك لا يتأتَّى إلا بالمخالطة، وأما النفع فهو أن ينفع الناس إمَّا بماله، أو ببدنه فيقوم بحاجتهم على سبيل الحسبة، ففي النهوض بحوائج المسلمين ثواب، وذلك لا ينال إلا بالمخالطة.

 

 

 

الفائدة الثالثة: التأديب والتأدُّب، ونعني به الارتياض بمقاساة الناس، والمجاهدة في تحمُّل أذاهم كسرًا للنفس، وقهرًا للشهوات، وهي من الفوائد التي تستفاد بالمخالطة، وهي أفضل من العزلة في حق من لم تتهذَّب أخلاقه، ولم تذعن لحدود الشرع شهواته.

 

 

 

الفائدة الرابعة: الاستئناس والإيناس، وهو غرض من يحضر الولائم والدعوات ومواضع العشرة والإنس، وقد يكون ذلك على وجه حرام...أو على وجه مباح.

 

 

 

ويُستحَبُّ ذلك إذا كان الغرض منه ترويح القلب لتهيُّج دواعي النشاط في العبادة.

 

 

 

الفائدة الخامسة: في نيل الثواب وإنالته، أما النيل فبحضور الجنائز وعيادة المريض وحضور العيدين، وأما إنالته فهو أن يفتح الباب لتعوده الناس، أو ليُعزُّوه في المصائب، أو يُهنِّئوه على النِّعَم، فإنهم ينالون بذلك ثوابًا.

 

 

 

الفائدة السادسة: التواضُع، من أفضل المقامات، ولا يقدر عليه في الوحدة، وقد يكون الكبر سببًا في اختيار العزلة.

 

 

 

الفائدة السابعة: التجارب، فإنها تستفاد من المخالطة للخلق ومجاراة أحوالهم، والعقل الغريزي ليس كافيًا في تفهُّم مصالح الدين والدنيا، وإنما تفيدها التجربة والممارسة، ولا خير في عزلة من لم تُحنِّكْه التجارب.

 

 

 

 

 

فوائد تغطية الإناء:

 

قال الإمام النووي رحمه الله: ذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد، منها: صيانته من الشيطان؛ فإن الشيطان لا يكشف غطاء.

 

الثانية: صيانته من الوباء الذي ينزل ليلة من السنة.

 

الثالثة: صيانته من النجاسة، والمقذرات.

 

الرابعة: صيانته من الحشرات، والهوامِّ.

 

 

 

فوائد التشميت:

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن دقيق العيد: ومن فوائد التشميت: تحصيل المودَّة والتأليف بين المسلمين، وتأديب العاطس بكسر النفس عن الكِبْر، والحمل على التواضُع؛ لما في ذكر الرحمة من الإشعار بالذنب الذي لا يعرى عنه أكثر المكلَّفين.

 

 

 

فائدة إيهام ساعة الاستجابة يوم الجمعة، وليلة القدر:

 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ليلة القدر،... وساعة الجمعة،...اشتركا في إخفاء كل منهما، ليقع الجد في طلبهما؛ قال ابن المنير في الحاشية: إذا علم أن فائدة الإيهام لهذه الساعة، ولليلة القدر، بعث الداعي على الإكثار من الصلاة، والدعاء، ولو بيَّن لاتَّكَل الناس على ذلك، وتركوا ما عداها، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلبها.

 

 

 

فائدة الاستعاذة بالله تعالى:

 

قال العلَّامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الحاصل أن الاستعاذة بالله تعالى فيها الخير، وفيها الفائدة العظيمة؛ وذلك لأن الله تعالى إذا علم من عبده صدق اللجوء إليه، وعلم أنه ما استعاذ به إلا وقد عظم قدر ربِّه في قلبه، فعند ذلك يُعيذه، ويحميه، وينصره من المخاوف، وهذه فائدة كبيرة يحصلها العبد من آثار هذه الاستعاذة، فإذا أكثر من الاستعاذة من كل الشرور، سواء: أخلاق، أو أعمال، أو شرور المخلوقات المستقلة، فإن الله تعالى يُنجينا منها.

 

 

 

فضائل للصف الأول:

 

قال ابن حجر في الحضِّ على الصف الأول: المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق إلى دخول المسجد والقُرْب من الإمام واستماع قراءته والتعلُّم منه، والفتح عليه، والتبليغ عنه، والسلامة من اختراق المارَّة بين يديه، وسلامة البال من رؤية من يكون قدامه.

 

 

 

منافع المرض:

 

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: المرض يصاب به العبد ليس شرًّا محضًا؛ بل فيه مصالح ومنافع أعظم، ومن تلك المنافع:

 

الأمر الأول: تكفير الذنوب والسيئات: قال صلى الله عليه وسلم: ((ما يُصيبُ المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍّ ولا هَمٍّ ولا حزنٍ ولا أذًى ولا غَمٍّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّرَ اللهُ بها من خطاياه)).

 

 

 

الأمر الثاني: ظهور عبادة الصبر، وعبادة الصبر عبادة عظيمة الشأن، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر: 10].

 

 

 

الأمر الثالث: ظهور عبودية الرِّضا بالله ربًّا، فنرضى عن الله أن قدَّر لنا المرض، ونعلم أنه لم يقدره علينا إلا لمصلحتنا، وأنه لا يريد بنا إعناتًا ولا سوءًا، ولا شرًّا، وإنما يريد بنا الخير والإحسان.

 

 

 

الأمر الرابع: أن تظهر عبودية فعل الأسباب لجلب التداوي بإذن الله إلى غير ذلك من العبادات في هذا.

 

 

 

منافع السِّواك:

 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: في السواك عدة منافع...يُطيبُ الفم، ويشدُّ اللثة، ويقطع البلغم، ويجلو البصر، ويصح المعدة، ويُصفي الصوت، ويُعين على هضم الطعام، ويُسهِّل مجاري الكلام، ويُنشِّطُ للقراءة والذكر والصلاة، ويطرد النوم، ويُرضي الربَّ، ويُعجبُ الملائكة، ويُكثِر الحسنات.

 
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فطوبى لمن طابت قلوبهم بمعرفة الله، ومحبته، والخوف منه، والتوكل عليه، والافتقار إليه، والرضا بقضائه، والشوق إليه، والخضوع له، والرجاء، والصدق، والتسليم، والخشوع، وإخلاص أعمالهم له، وتعظيمه، وغيرها من أعمال القلوب، فحقَّقُوا العبودية لله، فسعدوا في الدنيا والآخرة، قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: أسعد الخلق أعظمهم عبودية لله.

 

لأعمال القلوب أهمية كبرى في العبادات، فكل عبادة لها ظاهر وباطن، فعبودية الظاهر: القول باللسان، والعمل بالجوارح، وعبودية الباطن أعمال القلوب.

 

وأعمال القلوب أولى من أعمال الجوارح في الدخول في مُسمَّى الإيمان، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: دخول أعمال القلوب في الإيمان أولى من دخول أعمال الجوارح باتفاق الطوائف كلها.

 

فينبغي الاهتمام والحرص على أعمال القلوب، فهي أشدُّ وجوبًا من واجبات الأبدان، يقول العلامة ابن القيم رحمه الله: فواجبات القلوب أشدُّ وجوبًا من واجبات الأبدان وآكد منها.

 

والأعمال تتفاضل بما في القلوب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الأعمال تتفاضل بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص، وإن الرجلين ليكون مقامهما في الصفِّ واحدًا وبين صلاتهما كما بين السماء والأرض.

 

لذا ينبغي الحرص على إصلاح القلب وغسله بالتوبة والاستغفار، والعنايةُ بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح.

 

يقول العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: يجب علينا- يا إخوان- العنايةُ بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح، فعملُ الجوارح علامةٌ ظاهرة لكنَّ عملَ القلب هو الذي عليه المدار؛ ولهذا أخبَرَ النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج وهو يخاطب الصحابة، فيقول: ((يَحقِر أحدُكم صلاته مع صلاتهم، وصيامَه مع صيامهم))؛ أي: إنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية- والعياذ بالله - لا يتجاوز الإسلامُ حناجرَهم، ((يَمرُقون من الإسلام كما يَمرُقُ السهمُ مِن الرَّميَّة))، فعلينا أيها الإخوة أن نعتني بالقلوب وإصلاحها، وأعمالها، وعقائدها، واتِّجاهاتها؛ قال بكر بن عبدالله المزني: ما فضَلهم أبو بكر بفضل صومٍ، ولا صلاةٍ، ولكن بشيءٍ وقَر في قلبه، والإيمان إذا وقَر في القلب، حمَل الإنسانَ على العمل؛ لكن العمل الظاهر قد لا يَحمِل الإنسان على إصلاح قلبِه، فعلينا أن نعتني بقلوبنا وإصلاحها، وتخليصها مِن شوائب الشِّرك والبدع، والحقد والبغضاء، وكراهة ما أنزَل الله على رسوله، وكراهة الصحابة رضي الله عنهم، وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه، فنسأل الله تعالى أن يُصلحَ قلوبنا وقلوبكم، وأعمالنا وأعمالَكم، وأن يَهَبَ لنا منه رحمةً إنه هو الوهاب، وقال: أنا أُحذِّر نفسي أولًا، وأستغفر الله وأتوب إليه مما أنا عليه وأُحذِّركم أيضًا من أن تكونوا دائمًا على صِلة بقلوبكم...يجب علينا دائمًا أن نكون على صلة بهذا القلب نَغسله بالتوبة والاستغفار وسؤالِ الله عز وجل الثباتَ وأن يَقِيَك شرورَ نفسك.

 

للسلف أقوال في أعمال القلوب، يسَّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 

اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام وخواص أصحابه بأعمال القلوب:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لم يكن أكثر تطوُّع النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه بكثرة الصوم والصلاة؛ بل ببرِّ القلوب وطهارتها وسلامتها وقوة تعلُّقها بالله، خشية له ومحبة وإجلالًا وتعظيمًا، ورغبة فيما عنده، وزهدًا فيما يفنى. قال ابن مسعود رضي الله عنه لأصحابه: أنتم أكثر صلاة وصيامًا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وهم كانوا خير منكم. قالوا: ولِمَ؟ قال: كانوا أزهد منكم في الدنيا، وأرغب في الآخرة.

 

وقال بكر المزني: ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة؛ ولكن بشيء وقر في صدره.

 

قال بعض العلماء المتقدمين: الذي وقر في صدره هو حب الله، والنصيحة لخلقه. وسئلت فاطمة بنت عبدالملك زوجة عمر بن عبدالعزيز بعد وفاته عن عمله، فقالت: والله ما كان بأكثر الناس صلاة ولا بأكثرهم صيامًا؛ ولكن ما رأيت أحدًا أخوف لله من عمر، لقد كان يذكر الله في فراشه فينتفض انتفاض العصفور من شدة الخوف حتى نقول: ليصبحن الناس ولا خليفة لهم.

 

قال بعض السلف: ما بلغ من بلغ عندنا بكثرة صلاة ولا صيام؛ ولكن بسخاوة النفوس، وسلامة الصدور، والنصح للأمة، وزاد بعضهم: واحتقار أنفسهم.

 

فمن كان بالله أعرف، وله أخوف، وفيما عنده أرغب، فهو أفضل ممن دونه في ذلك، وإن كثر صومُه وصلاتُه.

 

أهمية أعمال القلوب وحكمها:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أعمال القلوب...من أصول الإيمان، وقواعد الدين؛ مثل: محبة الله ورسوله، والتوكُّل على الله، وإخلاص الدين له، والشكر له، والصبر على حكمه، والرجاء له،... وهذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخلق...باتفاق أئمة الدين.

 

درجات الناس في أعمال القلوب:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الناس فيها على "ثلاث درجات"، كما هم في أعمال الأبدان على "ثلاث درجات": ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات؛ فالظالم لنفسه: العاصي بترك مأمور، أو فعل محظور، والمقتصد: المؤدي الواجبات والتارك المحرمات، والسابق بالخيرات: المتقرب بما يقدر عليه من فعل واجب، ومستحب، والتارك للمحرم، والمكروه.

 

وكل من الصنفين: المقتصدين، والسابقين من أولياء الله، الذين ذكرهم الله في كتابه بقوله: ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس: 62، 63] فحد أولياء الله: هم المؤمنون المتقون؛ ولكن ذلك ينقسم إلى عام وهم المقتصدون، وخاص وهم السابقون، وإن كان السابقون هم أعلى درجات كالأنبياء والصدِّيقين.

 

وأما الظالم لنفسه من أهل الإيمان فمعه من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، كما معه ضد ذلك بقدر فجوره؛ إذ الشخص الواحد قد يجتمع فيه الحسنات المقتضية للثواب، والسيئات المقتضية للعقاب.

 

صلاح القلب بمعرفة الله وتعظيمه ومحبَّته وخشيته:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، إلا وهي القلب)) فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات، واتقائه للشبهات، بحسب صلاح حركة قلبه...فإن كان قلبه سليمًا، ليس فيه إلا محبة الله، محبة ما يحبه الله، وخشية الله، وخشية الوقوع فيما يكرهه، صلحت حركات الجوارح كلِّها، ونشأ عن ذلك اجتنابُ المحرمات كلها، وتوقي الشُّبهات، حذرًا من الوقوع في المحرمات، وإن كان القلب فاسدًا قد استولى عليه اتِّباع هواه، وطلبُ ما يحبُّه ولو كَرِههُ الله، فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعث إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب هوى القلب،فلا صلاح للقلوب حتى تستقر فيها معرفة الله وعظمته ومحبته وخشيته ومهابته والتوكل عليه، وتمتلئُ من ذلك، وهذا هو حقيقة التوحيد وهو معنى "لا إله إلا الله"، فلا صلاح للقلوب حتى يكون إلهها الذي تألههُ، وتعرفُه، وتحبُّه، وتخشاهُ، هو الله، وحده لا شريك له.

 

الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من الاستكثار من النوافل مع غش القلوب:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: نصَّ كثيرٌ من الأئمة على أن طلب العلم أفضل من صلاة النافلة، وكذلك الاشتغال بتطهير القلوب أفضل من الاستكثار من الصوم والصلاة مع غش القلوب ودغلها، ومثل من يستكثر من الصوم والصلاة مع دغل القلب وغشه، كمثل من بذر بذرًا في أرض دغلة كثيرة الشوك، فلا يزكو ما ينبت فيها من الزرع؛ بل يمحقه دغل الأرض ويفسده، فإذا نظفت الأرض من دغلها زكا ما ينبت فيها ونما.

 

معرفة الله عز وجل:

قال مالك بن دينار، وعبدالله المبارك: خرج أهل الدنيا من الدنيا ولم يذيقوا أطيب شيء فيها، قيل له: وما هو؟ قال: معرفة الله تعالى.

 

قال عتبة الغلام: من عرف الله أحبَّه، ومَنْ أحبَّه أطاعه.

 

قال الحسن رحمه الله: مَن عرَف ربَّه تبارك وتعالى أحبَّه.

 

قال الفضيل بن عياض: أعلمُ الناس بالله أخوفُهم له.

 

قال أحمد بن أبي الحوراني: مَن عرَف الله آثرَ رضاه.

 

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: الله جل جلاله، ما عرَفه إلَّا مَن خاف منه، فأمَّا المطمئن فليس من أهل المعرفة.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

أطيب ما في الدنيا معرفة الله جل جلاله، وأطيب ما في الآخرة النظر إليه.

اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه وتعالى وتوحيده والإيمان به.

 

من كان بالله أعرف كان منه أخوف:

قال العلَّامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من آمن بالله حقًّا خاف منه، فكُلُّ من كان بالله أعرف كان منه أخوف؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ الناس مخافة لله تبارك وتعالى، حتى إنه إذا رأى سحابًا، أو ريحًا، صار يدخل ويخرجُ، ويتغير وجههُ عليه الصلاة والسلام، فيُقال له في ذلك؟ يعني: إن هذا الشيء معتاد، أو ما أشبه هذا فيقول: ((وما يُؤمنني أن يكون فيه عذاب، قد عُذِّب قوم بالريح)) يُشير إلى قوم عاد الذين أرسل الله عليهم الريح العقيم.

 

معرفة الله والأنس به جنة معجلة في الدنيا:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: في الدنيا جنة معجلة؛ وهي معرفة الله ومحبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه، وخشيته وطاعته، والعلم النافع يدل على ذلك، فمن دلَّه علمُه على دخول هذه الجنة المعجلة في الدنيا دخل الجنة في الآخرة، ومن لم يشم رائحتها لم يشم رائحة الجنة في الآخرة؛ ولهذا كان أشدَّ الناس عذابًا في الآخرة عالمٌ لم ينفعه الله بعلمه، وهو من أشد الناس حسرة يوم القيامة؛ حيث كان معه آلة يتوصل بها إلى أعلى الدرجات، وأرفع المقامات، فلم يستعملها إلا في التوصل إلى أخسِّ الأمور وأدناها وأحقرها، فهو كمن كان معه جواهر نفيسة لها قيمة فباعها ببعرةٍ أو شيءٍ مستقذر لا ينتفع به، فهذا حال من يطلب الدنيا بعلمه؛ بل أقبح وأقبح من ذلك من يطلبها بإظهار الزهد فيها، فإن ذلك خداع قبيح جدًّا.

 

معرفة الله عز وجل لذة الروح وفرحها وسرورها:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الجسد عيشه: الأكل والشرب والنكاح واللباس والطيب وغير ذلك من اللذات الحسية...وأمَّا الروح...فقوتها ولذتها وفرحها وسرورها في معرفة خالقها وبارئها وفاطرها وفيما يقرب منه من طاعته وذكره ومحبته، والأنس به، والشوق إلى لقائه.

 

الاستغناء بالله:

قال ابن عيينة: من استغنى بالله، أحوج الله إليه الناس.

 

قال سعيد بن المسيب: من استغنى بالله، افتقر الناس إليه.

 

حسن الظن بالله:

قال أبو سليمان الداراني: من حسن ظنه بالله ثم لم يخفه ويطعه فهو مخدوع.

 

قال العلامة العثيمين رحمه الله:

حسن الظن بالله إذا عمل الإنسان عملًا صالحًا يحسن الظن بربِّه أنه سيقبل منه.

 

إذا دعا الله عز وجل يحسن الظن بالله أنه سيقبل منه دعاءه ويستجيب له.

 

إذا أذنب ذنبًا ثم تاب إلى الله ورجع من ذلك الذنب يحسن الظن بالله أنه سيقبل توبته.

 

إذا أجرى الله تعالى في هذا الكون مصائب يحسن الظن بالله، وأنه جل وعلا إنما أحدث هذه المصائب لحكم عظيمة بالغة.

 

يحسن الظن بالله في كل ما يقدره الله عز وجل في هذا الكون، وفي كل ما شرعه الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأنه خير ومصلحة للخلق، وإن كان بعض الناس لا يدرك هذه المصلحة، ولا يدرك تلك الحكمة مما شرع؛ ولكن علينا جميعًا التسليم بقضاء الله تعالى شرعًا وقدرًا، وأن نحسن به الظن؛ لأنه سبحانه وتعالى أهل الثناء والمجد.

 

الإقبال على الله:

قال محمد بن واسع: إذا أقبل العبد بقلبه إلى الله أقبل الله بقلوب المؤمنين عليه.

 

قال هرم بن حيان: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه، حتى يرزقه مودَّتهم ورحمتهم.

 

قال الإمام القرطبي رحمه الله: ما أقبل أحد بقلبه على الله تعالى إلا أقبل الله تعالى بقلوب أهل الإيمان إليه، حتى يرزقه مودَّتهم ورحمتهم.

 

رضا الله عز وجل أكبر نعيم الجنات:

قال العلامة السعدي رحمه الله: أهل الجنة...نعيمهم لم يطب، إلا برؤية ربهم، ورضوانه عليهم، ولأنه الغاية التي أمَّها العابدون، والنهاية التي سعى نحوها المحبون، فرِضا ربِّ الأرض والسموات، أكبر نعيم الجنات.

 

أسباب تجلب رضا الله سبحانه وتعالى:

قال الشيخ ناصر بن سعد الشثري: من الأمور المستحسنة أن يحرص العبد على استجلاب رضا الله جل وعلا، ومن الأسباب الجالبة لرضا الله سبحانه وتعالى عن العبد ما يلي:

أولًا: الشكر، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر: 7].

 

ثانيًا: الإيمان والعمل الصالح، قال الله: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة: 7، 8].

 

ثالثًا: الصدق، قال تعالى: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [المائدة: 119].

 

رابعًا: اتباع منهج السلف، قال تعالى: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة: 100].

 

الاستكانة والخضوع والذل والافتقار إلى الله:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أولياؤه المتقون إذا شاهدوا أحوال أعدائه ومقته لهم، وغضبه عليهم، وخذلانه لهم، ازدادوا له خضوعًا وذُلًّا وافتقارًا وانكسارًا وبه استعانةً، وإليه إنابةً، وعليه توكلًا، وفيه رغبةً، ومنه رهبةً، وعلموا أنه لا ملجأ لهم منه إلا إليه، وأنه لا يعيذهم من بأسه إلا هو.

 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قد يطلق اسم المسكين، ويُراد به من استكان قلبه لله عز وجل، وانكسر له، وتواضَع لجلاله، وكبريائه، وعظمته، خشيته، ومحبته ومهابته...فمن انكسر قلبه لله عز وجل، واستكان وخشع وتواضَعَ، جبره الله عز وجل، ورفعه بقدر ذلك.

 

فالمسكين في الحقيقة من استكان قلبه لربِّه، وخشع من خشيته ومحبَّته، ولا يكون المسكين ممدوحًا بدون هذه الصفة، فإن لم يخشع قلبه مع فقره وحاجته فهو جبَّار.

 

فالمؤمن يستكين قلبه لربِّه ويخشع له، ويتواضع، ويظهر مسكنته وفاقته إليه في الشدة والرخاء، أما في حال الرخاء فإظهار الشكر، وأما في حال الشدة فإظهار الذُّلِّ والعبودية والفاقة والحاجة إلى كشف الضر.

 

قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله سبحانه: ﴿ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ [هود: 23]؛ أي: خضعوا له، واستكانوا لعظمته، وذلوا لسلطانه، وأنابوا إليه بمحبته، وخوفه، ورجائه، والتضرع إليه.

 

تعلُّق القلب بالله عز وجل:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: سعادة العبد وعِظَم صلاح قلبه، وعِظَم صلاح روحه، بأن يكون تعلقه بالله جل وعلا وحده.

 

من تعلق قلبه بالله إنزالًا لحوائجه بالله، ورغبًا فيما عند الله، ورهبًا مما يخافه ويؤذيه، يعني: يؤذي العبد، فإن الله جل وعلا كافية، كما قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 3].

 

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: القلب لا ينبغي به أن يتعلَّق بشيء من أمور الدنيا، إنما يتعلق بالله، فلا تعجب بما عندك من مال، فإنه قد يضيع في لحظات، ولا يعجب الإنسان بقوته ولا بذهنه بأنه يحفظ، أو غير ذلك، فإن الله جل وعلا قادر على صرف ذهنك عن الخير والطاعة إلى ما يضاده، ولا يعجب الإنسان بالأسباب الدنيوية، وإنما يتعلق قلبه بالله عز وجل، فإذا تعلق المرء بالله، وتوكل على الله، كفاه الله كل شيء، ومتى نظر إلى الأسباب واعتمد عليها وكل إليها، ووكل إلى عجز وهزيمة، ولم تنفعه بشيء، وهذا مشاهد، فإن حسبك الله هو الذي أيَّدك بنصره وبالمؤمنين، متى كان الإنسان معتصمًا بالله معتمد القلب على ربِّه، وقاه الله كل سوء، ومكَّنه من كل خير.

 

القلوب إذا ارتبطت بالله، وكانت مع الله، كان الله مع العبد، وأمَّا إذا تفلتت القلوب من ارتباطها بالله فقد أسلمت نفسها إلى الضعف والعجز والخور.

 

الثقة بالله والاعتماد عليه:

قال أبو سليمان الداراني: من وثق بالله في رزقه، زاد الله في حسن خلقه، وأعقبه الحلم، وسخت نفسه في نفقته، وقلت وساوسه في صلاته.

 

قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: الاعتماد على نصر الله، لا على قوة، ولا سلاح، ولا كثرة، ولا عتاد، ولا شجاعة، ولا مرونة، ولا فراسة، إنما هو الثقة بالله وحده.

 

ونحن لا نقول: إن هذه الأشياء لا ينبغي استعمالها بل الله أمرنا بأن نستعمل من القوة ما نقدر عليه ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال: 60] وثبت في الحديث تفسير القوة بالرمي، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن القوة الرمي))؛ لكن لا تتخذ هي السبب، ولا يعتقد العبد أنها هي الوسيلة للنصر، فالذين مثلًا يقولون: إن أعداء المسلمين يملكون قنابل، ويملكون الطائرات القاذفة، ويملكون من القوة ما لا يملكه المسلمون، وعندهم وعندهم، ويخافون أولئك الأعداء ويعظمونهم في نفوسهم، إنما هذا من الشيطان ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾ [آل عمران: 175]؛ لكن لو كانوا صادقين في إيمانهم ومضوا مقبلين على ربِّهم، واثقين بنصره، فإنهم لن يخذلوا، ولن ينهزم لهم جيش إذا كانوا صادقين مستعملين ما معهم من القوة، ومع ذلك واثقين بأن النصر بالله تعالى لا بالقوة؛ بل بالله ثم بقوة الإيمان، ثم الأسلحة، والعتاد، والقوة، فهذه مكملة لا أنها أساس في القوة، أو في الصبر.

 

تعظيم الله عز وجل:

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: لا بُدَّ للعبد من التفكُّر في عظمة الله عز وجل وعظمة صفاته، وكيف أنك إذا تأمَّلت تركيب السماوات بعضها على بعض، وعظم السماوات وعظم الأرض بالنسبة لك أنت، ثم عظم السماوات بالنسبة للأرض، ثم عظم الكرسي بالنسبة للسماوات، ثم عظم العرش، تتصاغر وتتصاغر حتى توجب على نفسك تعظيم الله عز وجل حق تعظيمه، وتوجب على نفسك الذُّلَّ؛ لأن العبد لا ينفك إذا آمن بهذا حقيقة أن يكون أذَلَّ، وألَّا يترفَّع ولا يتكبَّر؛ لأنه يعلم حقيقة نفسه وحقيقة خلقه ومقداره، ثم هو يُعظِّم الله حقَّ تعظيمه.

 

وأصل الإيمان التذلُّل لله بعد الإيمان بربوبيته سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته وألوهيته، فكلما كان العبد أكثر ذلًّا وتعظيمًا لله عز وجل وخشوعًا في القلب كان أكثر إيمانًا وأعظم مقامًا عند الله عز وجل: ﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13].

 

الواجب على العباد جميعًا، أن يعظموا الله، وأن يخبتوا إليه، وأن يظنوا أنهم أسوأ الخلق، حتى يقوم في قلوبهم أنهم أعظم حاجة لله عز وجل، وأنهم لم يوفوا الله حقه.

 

الافتقار إلى الله:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

أقرب طريق إلى الله الافتقار إليه.

 

الرب سبحانه أكرم ما تكون عليه أحوج ما تكون إليه.

 

إذا افتقر العبد إلى الله ودعاه، وأدمن النظر في كلام الله، وكلام رسوله، وكلام الصحابة، والتابعين، وأئمة المسلمين، انفتح له طريق الهدى.

 

العبد كلما كان أذَلَّ لله، وأعظم افتقارًا وخضوعًا له: كان أقرب إليه، وأعزَّ له، وأعظم لقدره.

 

الاستعانة بالله جل وعلا في جميع الأمور:

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: ((وإذا استعنت فاستعن بالله))وفي استعانة الله وحده فائدتان:

إحداهما: أن العبد عاجز عن الاستقلال بنفسه في عمل الطاعات.

 

والثانية: أنه لا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول.

 

فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، وفي الصبر على المقدورات كما قال يعقوب عليه السلام لبنيه: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [يوسف: 18]؛ ولهذا قالت عائشة هذه الكلمة لما قال أهل الإفك ما قالوا فبرَّأها الله مما قالوا، وقال موسى لقومه: ﴿ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا [الأعراف: 128]، وقال الله لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ [الأنبياء: 112]، ولما بشَّر صلى الله عليه وسلم عثمان بالجنة على بلوى تصيبه، قال: الله المستعان.

 

فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في مصالح دينه وفي مصالح دنياه، كما قال الزبير في وصيته لابنه عبدالله بقضاء دينه: إن عجزت فاستعِنْ بمولاي، فقال له: يا أبتِ، مَنْ مولاك؟ قال: الله، قال: فما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير، اقضِ عنه دينه فيقضيه.

 

وكذلك يحتاج العبد إلى الاستعانة بالله على أهوال ما بين يديه من الموت وما بعده.

 

كتب الحسن إلى عمر بن عبدالعزيز: لا تستعن بغير الله فيَكِلك الله إليه.

 
 
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×