اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

أقسام الناس عند نزول البلاء بهم

المشاركات التي تم ترشيحها

عندما ينزل البلاء على أقوام أيًّا كان ذلك البلاء في صحة، أو في مال، أو في ولد، أو في ضيق عيش - فإن الناس ينقسمون أمام البلاء إلى ثلاثة أقسام، تأملوها معي جيدًا، ثم أنزلوا أنفسكم على هذه الثلاثة: أي واحد منها أنت ذلك الرجل؟

 

 

 

القسم الأول: أصحاب التسخط، الذين يعترضون ويتسخطون ويتألمون، تراهم في أقوالهم وأفعالهم يتأففون ينزعجون، كل كلماتهم تدل على أنهم غير راضين بقضاء الله عليهم، أولئك جمعوا الشرين، ووقعوا في الإثمين، فلا بلاء الدنيا صفا لهم، ولا أجر الآخرة كُتب لهم.

 

 

 

أما القسم الثاني: الذين يصبرون فلا يتأففون ولا يتسخطون، لكنهم ربما لا يحتسبون الأجر عند الله، لا يتسخطون فيسكتون، لكن الواحد فيهم لا يستشعر أن هذا رفعُ منزلةٍ عند المولى جل في علاه، فلا يحتسب وإنما يصبر، فحال أولئك أنه تكفر خطاياهم، وأما ثبوت أجر إضافي لهم فمحلُّ نظر عند العلماء؛ لأن الأصل أن الإنسان يحتسب، وهذه هي المرتبة الثالثة العليا والعظمى، نزل البلاء - أيًّا كان البلاء - فصبرٌ بلا تأفف ولا تسخط ولا جَزَع، وأيضًا احتساب أن كل شيء نزل عليَّ هو أجر عند الله أحتسبه عند الله، فيستشعر معنى الاحتساب؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل عنده بأجل مسمًّى، فلتصبر، ولتحتسب))؛ [متفق عليه].

 

 

 

حتى هذه المرتبة الثالثة التي هي أعلى المراتب ينقسم فيها الناس إلى ثلاثة أقسام:

 

الأول: صابر، محتسب، كاره للبلاء، وهذه الطبيعية، وكل الناس ربما يعيشون هذه المرحلة، وهذا طبيعي أن يكون الإنسان كارهًا للبلاء، فيؤجرون وتكفر سيئاتهم، لكن المرتبة الأعظم: صابر، محتسب، راضٍ، وحال أولئك مثل الذي يتناول الدواء المرَّ ويرضى عن تناوله؛ لأنه يعلم ما بعده من الشفاء، فهناك رضًا مع المرارة، رضًا قلبي، فهذه مرتبة أعلى وأعظم؛ قال عنها عليه الصلاة والسلام: ((فمن رضي فله الرضا، ومن سخِط فله السخط))؛ [حسنه الألباني].

 

 

 

أما المرتبة الأخيرة العليا العظمى التي نسعى إليها، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم جميعًا منها: أن يكون الإنسان صابرًا محتسبًا فرِحًا بالبلاء، فرحًا بالبلاء! أمر عجيب! كيف أفرح بالبلاء؟! لو أصيب أحد أفراد أسرتي بداءٍ مثل مرض عصرنا اليوم، أو نزلت عليه كارثة مالية أو وظيفية أو أسرية، أيُفرَح بالبلاء؟! ثمة أقوامٌ يفرحون بالبلاء، ويعتبرون البلاء منزلةً عليا عندما يتذكرون أن منزلة الحب مع الله ارتبطت بالبلاء، تأمل معي هذه الآية، فأولئك الذين يعرفون حب البلاء قالوا: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾ [التوبة: 51]، لم يقولوا: علينا، قالوا: لنا، كأنها ميزة أُهديت إليهم: ﴿ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا ﴾، ولم يقولوا: علينا؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((ولأحدهم كان أشد فرحًا بالبلاء من أحدكم بالعطاء))؛ [صححه الألباني]، والذي يوصلنا إلى هذه المنزلة نية صادقة، ثم صبر ومصابرة ومثابرة، ثم دعاء واستمرار، فإذا وصلت إليها، هانت كل الدنيا بين يديك، أسأل الله أن يمنَّ عليَّ وعليكم ببلوغ هذه المنزلة.

 

د. فؤاد صدقة مرداد

شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×