اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم.. فوائد وتأملات

المشاركات التي تم ترشيحها

أخرج البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أن رجلًا على عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان اسمُه عبدَ اللهِ، وكانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا، وكان يُضحِكُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وكان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قدْ جلَدَه في الشَّرابِ، فأُتيَ بهِ يومًا فأمَرَ بِهِ فجُلِدَ، فقال رجلٌ مِنَ القَومِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، ما أكثَرَ ما يُؤتَى بهِ؟ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تَلْعَنُوه، فواللهِ ما عَلِمْتُ، إنه يُحِبُّ اللهَ ورسولَه).

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَكرانَ، فأمَرَ بضَربِهِ. فمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بيَدِهِ ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بنَعلِهِ ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بثَوبِهِ، فلما انصرف قال رجلٌ: ما لَه أخْزاهُ اللهُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيطانِ علَى أخيكُم). أخرجه البخاري.

* * *

فتعالوا عباد الرحمن إلى بعض الوقفات مع هذين الحديثين:

الوقفة الأولى: النظر للمذنب نظر إشفاق ورحمة ومحبة لهدايته، و الملائكة الكرام لما مجدت ربنا سبحانه ودعته ابتدأت بمدحه بالرحمة ﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ غافر 7. وامتدح الله الخضر بصفتين أولاهما الرحمة ﴿ فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً ﴾ الكهف 65.

 

ومن الوقفات أن العبد يذنب وفي قلبه محبة لله، ولكن المحبة تتفاوت، نسأل الله أن يملأ قلوبنا بمحبته جل جلاله.

ومن الفوائد: عدم المجاملة في الباطل.

ومن الوقفات: أن عقوبات الشرع للتطهير من الذنب والردع، وليست للتشفي والانتقام.

ومن الفوائد: الإنصاف، والإنصاف ابن العدل، ولو لم يكن من ثمراته إلا السلامة من الظلم لكانت كافية. فمع أنه اقترف كبيرة وجلد ألا أنه أثبت له لما لُعن وسُب محبتَه لله ورسوله، وما أكرمها من شهادة!

ومن الوقفات: خطورة الخمر فهو كما قال الله سبحانه ﴿ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾المائدة 90. وقد لعن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخمر عشرة، فالسُكْر يوجب في الدنيا الحد ومتوعد بطينة الخبال يوم القيامة إن لم يتب، وغير ذلك من الوعيد.

ومن الوقفات: عظمة أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق الله القائل ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ الأنبياء 107.

 

 من الوقفات مع الحديثين: الحذر من اقتحام سياج الذنب، فإن الذنب إذا فعله العبد خف في نفسه هيبته واستعظامه، فقد تجد قاطع رحم أو شارب خمر لو عُرض عليه رشوة لم يقبلها! لأنه يأخذ مالا حراما في حياته، وقد تجد كثير غيبة أو كذب لو تعرّضت له بغي لأعرض عنها لأن سياج عفته لم يُكسر! فعلى المسلم أن يحافظ على هذا السياج وأن يحذر خطوة الشيطان بالتجربة أو الاستكشاف!

ومن الوقفات: أن المحبةَ والرحمةَ لا تعني ترك الحزم والعقاب إن استحقه المخطئ، فقد كان هذا الشارب مزاحا يُضحك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومع ذلك لما شرب الخمر أمر بجلده وتوبيخه ؛ ففي رواية قال عليه الصلاة والسلام: " بَكِّتوهُ ( أي وبِّخوه ) فأقبَلوا عليْهِ يقولونَ: ما اتَّقيتَ اللَّهَ ما خَشيتَ اللَّهَ وما استَحييتَ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ فقالَ بعضُ القومِ: أخزاكَ اللَّهُ. قالَ: لا تَقولوا هَكذا لا تُعينوا عليْهِ الشَّيطانَ ولَكن قولوا: اللَّهمَّ اغفِر لَهُ اللَّهمَّ ارحمْهُ".

 

وقد كان مِن عادةِ رسولِ اللهِ أنَّه لا يَدْعو على مَنْ أُقِيمَ عليه الحَدُّ؛ لأنَّ الحَدَّ قد طَهَّرَه من ذَنْبِه، كما نَهى عن مِثْلِ ذلك في حديثِ رَجْمِ الغامديَّةِ وغيرِها.

ومن الدروس: تجنب تعيير المذنب أو الشماتة به.

ومن الفوائد: اتحاد المسلمين جميعا ضد عدوهم من شيطان الجن والإنس.

ومن الوقفات: أن المعاصي لا تزيل الأخوة الإسلامية، وللأخوّة في الإسلام حقوق.

وأختم بهذه الفائدة: تعزيز الجانب الإيجابي وبالذات عند الانكسار من المخطئ أو المذنب.

"ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله" وما أعظمها من شهادة لذلك المبتلى!

ثم صلوا وسلموا...

 

 

شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×