اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

الكفارات الثلاث

المشاركات التي تم ترشيحها

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

 

﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

عباد الله، إن من عظيم الكفَّارات التي تُكفِّر الذنوب وتغطيها وتسترها أعمالًا صالحةً يحبها الله عز وجل، ويرضاها من العبد.

 

والأعمال الصالحة تُكفِّر الذنوب الصغائر، أما الكبائر فلا تُكَفَّر إلا بتوبة نصوح ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾ [النساء: 31]، ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الفرقان: 68 - 70].

 

فإذا أتى العبد كبيرةً من كبائر الذنوب، فالواجب عليه أن يبادر إلى التوبة النصوح، فإن التوبة تجُبُّ ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، والله عز وجل هو التوَّاب الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

 

وقد نصَّ النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أعمال صالحة تُكفِّر الذنوب، وذلك لعظيم أجرها وفضلها عند الله عز وجل:

1- انتظار الصلاة بعد الصلاة.

2- إسباغ الوضوء في السبرات.

3- نقل الأقدام إلى الجماعات.

 

عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ثلاث كفَّارات، وثلاث درجات، وثلاث منجيات، وثلاث مهلكات؛ فأما الكَفَّارات: فإسباغ الوضوء في السبرات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام إلى الجماعات"[1].

 

فهذه ثلاثة أعمال عظيمة كلها تتعلق بالصلاة، وذلك لعظيم شأن الصلاة عند الله عز وجل.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط"[2].

 

أما الكَفَّارة الأولى فهي انتظار الصلاة بعد الصلاة:

فانتظار الصلاة دلالة على تعَلُّق العبد بالصلاة وحبه وشوقه لها، وإن انشراح صدره وقرة عينه وانبساط نفسه بالصلاة، يشغل نفسه بذكر الله عز وجل وبقراءة القرآن، ويتلذَّذ بمناجاة الله عز وجل، ويأنس باستغفار الملائكة له، ودعائهم له بانتظار الصلاة.

 

ولا يزال الرجل في صلاة ما انتظر الصلاة، بل تحصل مُباهاة الملائكة لمن انتظر الصلاة وقد قضى فريضة قبلها:

عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "صلينا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب فرجع من رجع، وعقب من عقب، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرعًا قد حفزه النفس، قد حسر عن ركبته، فقال: أبشروا! هذا ربُّكم قد فتح بابًا من أبواب السماء يُباهي بكم، يقول: انظروا إلى عبادي قد صلوا فريضة وهم ينتظرون أخرى"[3].

 

فتعلق العبد بالصلاة وانتظاره لها أن تكون الصلاة في قلبه ولو لم يكن في المسجد ويتهيَّأ لها ويستعد لها.

 

أما الكفَّارة الثانية: فهي إسباغ الوضوء على المكاره (أي في شدة البرد) وهو ما تكرهه النفس ولكن طاعة لله تعالى وعبودية لله عز وجل.

يحمل نفسه على إتقان الوضوء وإسباغه وإتمامه على الصفة المرضية كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

فإن مَنْ توضَّأ نحو وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه؛ غفر الله عز وجل له ما تقدَّم من ذنبه.

 

وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في فضل الوضوء وأثره في العبد:

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يتوضّأ فيحسن الوضوء، ويصلي ركعتين، يقبل بقلبه ووجهه عليهما، إلا وجبت له الجنة"[4].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء"[5].

 

اللهم إنا نسألك الجنة ونعوذ بك من النار.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه من كل ذنب يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.

 

أمَّا الكَفَّارة الثالثة من مُكَفِّرات الذنوب فهي نقل الأقدام إلى الجماعات (أي: المشي إلى المساجد لأداء الصلاة المفروضة).

 

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تطَهَّر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضةً من فرائض الله كان خطوتاه: إحداهما تحط خطيئة، والأخرى ترفع درجة"[6].

 

يا له من فضل كبير وأجر عظيم!

كم من الخطى الكثيرة تحُطُّ الخطايا وترفع الدرجات!

عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من راح إلى مسجد الجماعة؛ فخطوة تمحو سيئةً، وخطوة تكتب له حسنةً، ذاهبًا وراجعًا"[7].

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من غدا إلى المسجد أو راح، أعَدَّ اللهُ له في الجنة نُزُلًا كلما غدا أو راح"[8].

 

ويكتب الله عز وجل النور التام يوم القيامة لمن مشى في ظلمات الليل إلى المساجد:

عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»[9].

 

وكذلك المشي لصلاة الجمعة والتبكير لها والاغتسال لها:

عن أوس بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة وغسل وبكر وابتكر (أي: بالغ في التبكير) ودنا (أي: اقترب من الإمام) واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها"[10].

 

عباد الله، هذه المساجد هي مواضع النور الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، يعمرها العبد بطاعة الله تعالى، وبذكر الله عز وجل، وبقراءة القرآن، وبتعَلُّم العلم، يلتمس نور الله عز وجل فيها حتى ينشرح صدره، ويطمئن قلبه، ويكون من الذاكرين الله عز وجل كثيرًا والذاكرات، فحريٌّ بنا أن نلتمس هذه الأجور العظيمة، وأن نتحرَّى هذه الفضائل

 

حتى نكتب عند الله من عباده الصالحين المخبتين.

 

نسأل الله عز وجل أن يشرح صدورنا، وأن ييسر أمورنا، وأن يغفر ذنوبنا، وأن يستر عيوبنا، إنه سبحانه رحيم عفو كريم حليم غفور.

 

 

[1] قال الألباني: رواه البزار -واللفظ له-، والبيهقي وغيرهما. وهو مروي عن جماعة من الصحابة، وأسانيده وإن كان لا يسلم شيء منها من مقال، فهو بمجموعها حسن إن شاء الله تعالى.

[2] رواه مسلم: (251).

[3] رواه ابن ماجه: (801) [تعليق محمد فؤاد عبدالباقي]. في الزوائد: هذا إسناد صحيح. ورجاله ثقات.

[4] رواه أبو داود: (169). [حكم الألباني]: صحيح.

[5] أخرجه مسلم (250).

[6] ابن ماجه: (1412). تعليق الألباني: صحيح.

[7] قال الألباني: رواه أحمد بإسناد حسن، والطبراني، وابن حبان في "صحيحه".

[8] أخرجه البخاري (662)، ومسلم (669).

[9] تحقيق الألباني: صحيح، ابن ماجه (779 - 781).

[10] رواه الترمذي (456)، وصحَّحه الشيخ الألباني رحمه الله في صحيح الترمذي.

 
 
 
 
شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×