اذهبي الى المحتوى
القابضة على دينها

حوار مع سجادة (صلاة)

المشاركات التي تم ترشيحها

حوار مع سجادة

 

بقلم الشيخ جاسم المطوع

 

 

كنت نائما في ليلة من ليالي الشتاء الباردة من بعد نصب وتعب من مشاغل الدنيا ، وما أكثرها .

وقد استلقيت على فراشي ، وغرقت في نوم عميق جدا فاستيقظت قبيل الفجر من عطش شديد ألم بي ، فقمت لأشرب الماء فسمعت أنينا يخرج من الأرض ، تلفت حولي فذهب الأنين ، ثم ذهبت وشربت الماء فعدت إلى الفراش ، وإذا بالأنين يعود مرة أخرى ، وفى هذه المرة كان الأنين قويا وكأنه صوت بكاء ، فتحسست الأرض بيدي ، حتى أمسكت " سجادتي " فسكتت قلت مستغربا : أأنت التي تأنين يا سجادتي ؟!

 

قالت : نعم

 

قلت : ولماذا ؟!

 

قالت : لقد أيقظك عطشك ، وشربت من الماء حتى ارتويت ،

وأنا بحاجة إلى الماء ولا أجد من يثبتني الماء ؟!

 

قلت : وهل تريدين أن أحضر لك كأسا من الماء ؟

 

قالت :لا ليس هذا الماء الذي يثبتني ، إنما يثبتني دموع العابدين التائبين .

 

قلت : ومن أين لي آتى لك بهذا النوع من الماء ؟

 

قالت : وهذا هو سبب بكائي فقم يا عبد الله وصل ركعتين في ظلمة الليل ، حتى تنير لك ظلمة القبر ، والجزاء من جنس العمل ، ولم يبق من الوقت إلا القليل وبعدها يؤذن المؤذن لصلاة الفجر .

 

قلت : دعيني وشأني يا سجادتي .

 

قالت : يا عبد الله قم لصلاة الفجر ، فإنها حياه للقلب والروح ، وقد حان موعد الأذان ليردد :

" الصلاة خير من النوم " ، " الصلاة خير من النوم "

وأنت تستجيب لنداء الدنيا كل يوم في الليل والنهار ، ولا تستجيب لنداء العزيز القهار ؟!!

 

قلت متضايقا : دعيني أنام يا سجادتي . فأنت تشاهدينني كل يوم ، لا أعود إلى المنزل إلا وأنا مرهق متعب . ثم أخذ اللحاف ووضعه على صدره فشعر بالدفء واستسلم لسلطان النوم .

 

قالت السجادة : يا عبد الله . وهل تعطى للدنيا أكثر مما تعطيه لدينك ؟.

 

قلت بلهجة تهكمية : أسكتي يا سجادتي .

أرجوكى لا تتكلمي . فإنني متعب ومرهق . أريد أن أنام .

 

فسكتت السجادة برهة متأثرة بما قال عبد الله ،

وقالت بصوت حزين :

 

 

آه لرجال الفجر !!

آه لرجال الفجر !!

 

 

ألم تسمع قول النبي صلى الله عليه وسلم :" لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها – يعنى الفجر والعصر – "( صحيح : م (634) )

وقال عليه الصلاة والسلام :" ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيهما ، لأتوهما ولو حبوا " (صحيح : خ (657) )

وقال عليه الصلاة والسلام :" من صلى البردين دخل الجنة " ( صحيح : خ ( 574) )

وقال عليه الصلاة والسلام :" بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة "(صحيح : د (561))

 

فانتبه عبد الله من غفلته وقال : فعلا صلاة الفجر مهمة .

 

السجادة : قم يا عبد الله قم

 

قال : غدا أبدأ إن شاء الله ., ولكن اتركيني اليوم لأنام فإنني مرهق .

 

السجادة : وهى متحسرة " من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال "

 

ثم قالت : ستنام غدا في قبرك كثيرا يا عبد الله ، وستذكر كلامي ونصحي .

 

ثم تركته السجادة ، ونام عبد الله ،

 

ولكن ! كانت أطول نومة ينامها في حياته ، فقد قبض من تلك الساعة .

 

فأنشدت السجادة حين علمت بوفاته قائلة :

يا من يعد غدا لتوبته . . . أعلى يقين من بلوغ غد . . . المرء في عيشه على أمل .

ومنية الإنسان بالرصد . . . أيام عمرك كلها عدد . . . ولعل يومك آخر العدد .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×