اذهبي الى المحتوى
المشرفة

"جوشوا كي" الجندي الهارب من العراق في كتابه "حكاية هارب"

المشاركات التي تم ترشيحها

0871139545.01._SS500_SCLZZZZZZZ_.jpg

 

 

soldier.jpg

صورة الجندي مع أولاده ( يسكن حاليا في سيارة فان ويطلب حق اللجوء السياسي لكندا )

 

 

هذا المقال من كتابة الجندي جوشوا كي والذي صدر له كتاب بعنوان حكاية هارب من الجيش الأمريكي:

 

نرعبهم . نضربهم. ندمر منازلهم. نغتصبهم . من لا نقتله نخلق له كل الأسباب في العالم ليتحول إلى إرهابي . وبما نفعله بهم ، من يلومهم على رغبتهم بقتلنا ؟ حكاية جندي صحا ضميره لدى حضوره "حفل اغتصاب" ارتكبه ضباطه !!

 

جوشوا كي (28 سنة) كان فتى ريفيا أميا من أوكلاهوما رأى في الجيش الأمريكي ومنافعه الموعودة - من الرعاية الصحية إلى التدريب المهني - بطاقة مرور إلى حياة أفضل . في عام 2002 ولما يبلغ من العمر 24 سنة بعد ولكنه كان متزوجا وأبا لطفلين ، انضم كي إلى الجيش . ويقول إن ضابط تجنيده وعده بأنه لن يرسل إلى الخارج ولكن بعد سنة واحدة كان في العراق.

 

وبعد 24 ساعة من وصوله كما يروي كي في حكاية هارب من الجيش ، انتابته شكوكه الأولى حول سبب وجوده ورفاقه هناك .. في كانون الأول/ ديسمبر 2003 عاد كي إلى الوطن في إجازة لمدة أسبوعين ولم يعد إلى العراق . استمر في الاختباء. وفي مارس التالي عبر وعائلته الحدود الكندية عند شلالات نياغارا.

 

أصابني ذعر شديد في يومي الأول في الرمادي.

 

كانت قواتنا الجوية قد انتهت لتوها من قصف هؤلاء الناس ، ولكن حالما خرجنا من مركباتنا بدأنا نمشط شوارعهم على الإقدام . وبسبب الأثقال التي تقترب من 100 رطل من الأسلحة والمعدات والملابس ينوء بها ظهري، كنت أتحرك بسرعة البقرة .

 

كان فصيلنا يتكون من 20 رجلا يسيرون بمفردهم في شوارع مليئة بالعراقيين . لم استطع منع نفسي من التفكير بأنه في أي لحظة قد يرديني ميتا أي قناص على أي سطح من هذه البيوت . كان الأطفال العراقيون يحيطونني مثل أسراب النحل يمدون أيديهم يطلبون الماء والطعام .

 

وكانت ترن في أذني كلمات زوجتي الأخيرة قبل أن اركب الطائرة :" لا تدع أولئك الإرهابيين يقتربون منك . حتى لو كانوا أطفالا ، اقتلهم قبل أن يقتلوك "

 

في تلك الليلة الأولى ، اوقظت في الساعة الثالثة فجرا وأمرت أن أغادر السرير بسرعة لأننا في خلال ساعة سوف نداهم منزلا مليئا بالإرهابيين .

 

وقد عرض الكابتن كوند وبعض الضباط من رتبة سارجنت علي وعلى رفاقي صورة ملتقطة بالستلايت لمنزل ورسما تخطيطيا للمنزل من الداخل . كانت مهمتنا أن نفجر الباب ونندفع إلى داخل المنزل بسرعة ونفتش فيه جديا عن أسلحة وعلامات وجود أنشطة إرهابية ثم نعتقل الرجال بأسرع وقت ممكن . كلما طال وقت بقائنا في أي مكان كلما ازداد احتمال تعرضنا للصواريخ والهاونات.

 

لم تكن لدي أية فكرة عما يمكن توقعه .

 

هل اندفع عبر الباب حتى يفجرونني أشلاء بقنبلة يدوية ؟ هل سيكون هناك شخص ما لديه كلاشينكوف يفجر به مؤخرتي لدى أول خطوة داخل المنزل ؟

 

هل سيكون في انتظاري طفل في السادسة وقد تلقى تعليما في يومين على استخدام السلاح ليرديني به وهو جالس في مقعده ؟

 

مرت الدقائق وتمنيت أن تمضي الساعة سريعا حتى ننتهي مما ينتظرنا. وقد أدى جندي أو اثنان تمارين تقوية الصدر قبل الخروج. اقترضت مشغل السي دي المحمول من ماسون وفجرت طبلتي أذني بإيقاع اوزي ازبورن . وقد ساعدتني الموسيقى.

 

كنت جاهزا ومرتفع المعنويات ، نظرت إلى ساعتي وتمنيت أن تسرع ووضعت تبغا بطعم البوربون بين شفتي . فأنت لاتستطيع أن تعالج سيجارة جيدا حين يكون بين يديك سلاح إلي من نوع M249. ولهذا التبغ أفضل . يجعل فمك اسودا مثل الخطيئة ويعفن الجذور في لثتك ولكن التبغ كان هو جرعة النيكوتين التي اخترتها في تلك المداهمة.

 

كنت قد حفظت التعليمات . اعرف زوايا المنزل وأي باب سوف نفجرها وكم من الطوابق في ذلك المنزل وماهي مهمة كل واحد منا ساعة دخولنا .

 

سوف أكون الثالث في الباب مما يعني أني سأكون ثاني واحد أتلقى الرصاص إذا كان هناك من سيواجهنا في المنزل وكان علي أن اندفع إلى اليسار . دائما وفي كل مداهمة كان ترتيبي الثالث في الدخول وكان علي دائما أن اتجه إلى اليسار.

 

قبضت على سلاحي . نعم .. انه يستطيع إطلاق 2000 جولة في الدقيقة ولكن نظريا فقط . فأنت لا تستطيع في الواقع أن تحتفظ بأصبعك على الزناد طوال ذلك الوقت . فأنت حين تطلق تلك الصليات ، يحول الرصاص الخزانة إلى جمرة متقدة . وإذا استمريت في وضع أصبعك على الزناد لمدة طويلة فقد تدمر الحرارة السلاح .

 

استغرق قيامي وجونز بوضع شحنة التفجير البلاستيكية على الباب ثلاثين ثانية . ثم هرعنا إلى جانبي الباب حتى لا نفجر أنفسنا معه . قد تتحول إلى لحم مقلي إذا كنت قرب الانفجار. أطلقت شرارة التفجير ثم اندفعنا نحن الستة إلى الداخل . كان جونز الأول .. كان ذلك الولد النحيل ذو الشعر الأحمر من ولاية أوهايو شديد الحماس دائما . واندفعنا وراء جونز إلى داخل المنزل مدججين بالسلاح والخوذ والستر الواقية والمدافع الآلية وبساطيل القتال .. لم ادخل من قبل بيتا عراقيا .

 

دخلنا في المطبخ أولا . كان قائد الفريق باديلا قد أمر أن نفتش كل شيء ولهذا فقد فتحت الثلاجة على أمل أن أجد أسلحة أو قنابل يدوية . ولكني لم أجد شيئا .

 

كل مارأيته في الثلاجة كان قليلا من الطعام وفي المجمدة وجدت الواحا كبيرة من اللحم غير المغطاة أو الملفوفة . لا أكياس بلاستك . وإنما لحوما مكشوفة مجمدة . ركضنا إلى غرفة المعيشة تحيطها أرائك طويلة .. واحدة عند كل جدار .

 

في هذه الغرفة وجدنا مع الأرائك طفلين ومراهقة وامرأة . كما وجدنا شابين في المنزل .. كان احدهما يبدو مراهقا والآخر ربما في أوائل العشرينات .. كانا اخوين .

 

صرخنا و شتمنا ، وقد بصقت التبغ على الأرض واختلط صراخي مع صراخ الجنود الآخرين . كنت اعرف أن أهل المنزل لن يفهموا ولكني مع ذلك كنت اصرخ:" انبطحوا. انبطحوا يا أولاد .. . اخرسوا أفواهكم اللعينة " لم يعرفوا ماذا تعني "get down"ولهذا ضربنا الأخوين حتى وقعا على الأرض وضعنا ركبنا على ظهريهما وسحبنا أياديهما خلفهما وفي اقل من رمشة عين كنا قد اوثقناهما . الوثاق البلاستيكي يضيق الخناق على اليدين وقد ينغرس في الجلد وليس له مفتاح . الطريقة الوحيدة لفكه هو قطعه بالسكين .

 

دفعنا الأخوين إلى الخارج حيث كان ينتظر 12 من فصيلنا وقد اخذ الشقيقان إلى مركز احتجاز أمريكي للاستجواب . لا اعرف ماذا يسمى أو أين مقره . كل ما اعرفه هو أننا نرسل هناك كل رجل - أو بالأحرى كل ذكر طوله أكثر من خمسة أقدام - نجده في المنازل التي نداهمها ولم أر أيا منهم يعود في المناطق التي كنا نمشطها بانتظام . في الداخل استمرينا في بعثرة المنزل . وكلما فشلنا في العثور على أسلحة أو أدلة مريبة كلما زدنا من بعثرة وقلب المنزل.

 

قلبنا الدواليب وقطعنا المفارش والمراتب بالسكاكين واطحنا بالأبواب وقد داهمنا ثلاث غرف نوم في الطابق الثاني ثم أسرعنا إلى الطابق الثالث . قلبنا كل شيء وكسرنا الأثاث بشكل عشوائي ونحن نفتش عن الأسلحة والذخائر وأي دلائل على أنشطة إرهابية أو علامات أسلحة دمار شامل .

 

لم نجد سوى سي دي واحد . قال الجنود أول الأمر انه دليل على نشاط ارهابي ولكن اتضح انه يحوي خطبا لصدام حسين . وحالما قلبنا كل أحشاء البيت وفتشنا كل شيء ، حل محلنا فريق آخر لزيادة التكسير وإشاعة الفوضى بحثا عن أسلحة ربما تكون قد أفلتت من انتباهنا .

 

في الخارج ، عهد إلي أن أراقب النساء والأطفال . لم نحتجزهم ولكن لم نكن نسمح لهم بالذهاب إلى أي مكان . أفراد العائلة لايستطيعون الدخول إلى المنزل كما لا يستطيعون الذهاب إلى الجيران . عليهم أن يبقوا في أماكنهم في حين نمزق منزلهم أشلاء . في هذه الإثناء بدأت الفتاة المراهقة تحدق بي . وحاولت أ ن أتجاهلها .

 

ثم بدأت تكلمني . في الداخل ، حين كنا نصرخ فيها وفي الآخرين ، كنت افترض أن لا احد منهم يفهم كلمة من الانجليزية . ولكن هذه الفتاة الصغيرة بدأت تكلمني بالانجليزية وعيناها تحفران ثقوبا في جسدي .

 

كانت جلدا على عظم ربما لا تزن أكثر من 100 رطل . ولم تكن حتى امرأة كاملة ولكن شيئا فيها كان قويا و مثيرا للقلق .

 

شعرت بالخوف من الفتاة وتمنيت أن أسرع بالابتعاد عنها ولكن عملي كان أن ابقي لضمان عدم تحركها . كان سلاحي جاهزا . وكانت ترتدي قميص نوم ازرق وتربط شعرها بوشاح ابيض . لم تكن تغطي وجهها بحجاب وهكذا كنت استطيع أن أرى وجهها . كانت عيناها بلون الفحم ومليئتين بالكراهية.

 

وبلغةانجليزية سألتني "أين تأخذون اخوي ؟" قلت :" لا اعرف يا آنسة ." "لماذا تأخذونهما ؟" " لا استطيع أن أصرح " "متى تعيدونهما ؟" "لا استطيع أن أجيبك على ذلك أيضا " "لماذا تفعلون بنا هذا ؟" ولم استطع أن أجيب عليها .

 

لم أكن ارغب أن تثير ضجة . لم ارغب أن تبدأ في الصياح مما قد يثير انتباه رفاقي الجنود وبعضهم قد يشتهي أن يستخدم عقب سلاحه لكسر أسنانها.

 

لم يكن قد مضى على وجودي في العراق أكثر من 24 ساعة وكنت قد بدأت في الإحساس بشعور غامض. أولا .. كنت عرضة للخطر ولم أكن أحب ذلك .

 

حتى مع كل هؤلاء الجنود وكل هذه المعدات كنت اعرف انه في أي وقت وفي أي مكان .. أي عراقي مع بندقية وحائط يختبئ خلفه وعين صحيحة يستطيع أن يلتقطني أسرع مما ينقض صقر على جرذ.

 

ثانيا - في أول خطوة داخل الحرب كنت أحس بعدم الارتياح حول سبب وجودنا هناك . شيء ما كان خاطئا . لم نجد شيئا في منزل الفتاة ولكننا قلبناه في 30 دقيقة واعتقلنا أخويها. وفي الداخل مازال بعض الجنود يقلبون المنزل . لم اشعر بالراحة لاضطراري لحراسة تلك الفتاة في كراج بيتهم في هواء نيسان البارد قبل الفجر في الرمادي .

 

أما أسئلتها فقد نالت مني ولم أحب أن أكون في موضع من لا يستطيع الإجابة.. حتى بيني وبين نفسي. مداهمة البيوت وبعثرتها كانت هي معظم المهام التي كلفت فيها بالعراق وقبل أن تنتهي دورتي كنت قد ساهمت في 200 مداهمة تقريبا . ولم نجد في أي منها أسلحة أو دلائل إرهاب.

 

لم أجد شيئا يبرر الرعب الذي نسببه كلما فجرنا باب منزل مدني وكسرنا كل ما يملكه و ضربنا وقيدنا الرجال واعتقلناهم . ولكن الأسوأ كان مافعلناه في إحدى المداهمات .. كان منزلا جميلا من طابقين في منطقة منعزلة . وكالعادة ، وضعت شحنة المتفجرات على الباب . وفجرناه وبينما اندفعنا داخل المنزل كانت النساء يتعثرن وهن يخرجن من غرفهن . وصرخت ثلاث فتيات مراهقات حين رأيننا .

 

بعض رفاقي الجنود مسكوا بهن موجهين أسلحتهم إليهن والبقية ركضنا نفتش المنزل . لم نجد رجالا على الإطلاق . بل وجدنا ست نساء أخريات مابين سن العشرين والثلاثين . لم يجد الرجال في فرقتي أي شيء حتى ولا أي سلاح وكالعادة كلما فشلوا في العثور على شيء ازدادوا في المنزل تخريبا وكسرا للأثاث وتهشيما للمقتنيات وتقطيعا للمفارش وللمراتب ورميا للأرفف على الأرض.

 

في الخارج وجدت الجندي هيز مع امرأة في كراج المنزل وكان يوجه سلاحه إلى رأسها ولكنها لم تتوقف عن الصياح.

 

كانت تقول "لماذا تفعلون هذا ؟"

 

وأمرها هيز أن تخرس

 

صرخت "لم نفعل لكم شيئا "

 

رأيت هيز وقد جن جنونه. قلت لها بأننا ننفذ أوامر ولا نستطيع أن نتحدث إليها ولكنها استمرت في الصراخ بي وبهيز :

 

" انتم الأمريكان حقراء ! من تظنون أنفسكم لتفعلوا هذا بنا ؟"

 

ضربها هيز على وجهها ببندقيته فسقطت على التراب صامتة وهي تنزف . لم تحرك ساكنا . دفعت هيز جانبا وأنا أقول له "ماذا تفعل يا رجل ؟ عندك زوجة وطفلان ! لا تضربها هكذا "

 

نظر إلي بعينين يملأهما الحقد كأنه على وشك قتلي لقولي تلك الكلمات ولكنه لم يلمس المرأة مرة أخرى .

 

وجدت هذه الواقعة مع هيز على الخصوص مثيرة للقلق لأني خلال عملي معه في العراق لم أره يوما يفقد هدوءه وقد تولد لدي إحساس انه إذا فقد صوابه وضرب المرأة فكلنا معرضون لمثل هذا السلوك.

 

ثم حدث شيء مازلت أراه في كوابيسي حتى اليوم .

 

اقتيدت النساء إلى داخل المنزل وطلب منا جميعا أن نقف حراسا في الخارج . دخل أربعة عسكريون أمريكان مع النساء وأغلقوا الأبواب . لم نر أي شيء من خلال الشبابيك . لم اعرف من هم الرجال العسكريون أو من أي وحدة كانوا ولكني كنت اعرف أنهم أعلى رتبا منا أو على الأقل في مستوى ملازم أول فما فوق .

 

وهذا لأن جويس وهي ملازم ثان من فرقتنا كانت هناك ووجودها لم يعقهم .

 

عادة حين نقوم بمداهمة كنا نستغرق 30 دقيقة أو اقل في الدخول والخروج . فنحن لا نرغب في البقاء في مكان واحد مدة أطول خوفا من التعرض لهجمات بالهاون .

 

ولكن فريقنا أمروا بالبقاء خارج المنزل لمدة ساعة . بدأت النساء يصرخن والرجال معهم خلف الأبواب المغلقة. واستمر هذا طويلا .

 

أخيرا . خرج الرجال وأمرونا بالانصراف .

 

طرأ على ذهني حينها أن الإرهابيين هم نحن الجنود الأمريكان

 

أننا نرهب العراقيين .

 

نرعبهم

 

نضربهم

 

ندمر منازلهم

 

ربما نغتصبهم

 

من لا نقتله نخلق له كل الأسباب في العالم ليتحول إلى ارهابي

 

وبما نفعله بهم ، من يلومهم على رغبتهم بقتلنا ؟ وقتل كل الأمريكيين ؟

 

هذا الإدراك المثير للغثيان تحول في أحشائي إلى ما يشبه ورما سرطانيا نما وكبر وسبب لي معاناة هائلة مع كل يوم يمر علي هناك .

 

الإرهابيون في العراق.. هم نحن الأمريكان.

 

 

 

ترجم هذا المقال بثينة الناصري خصيصا لدورية العراق

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جريدة الوطن

 

بعد أن قضى بضعة أشهر فقط في العراق، قرر جوشوا كي الفرار من الجيش الأمريكي وعدم العودة إلى العراق، وتعتبر "حكاية الهارب" من أدبيات حرب العراق الإنسانية التي تعكس المشاعر المتناقضة التي تنتاب بعض الجنود الأمريكيين الموجودين في العراق حالياً.

 

ومع أن الكتاب يفتقر إلى العبارات الأدبية الطنانة وأساليب البلاغة والاستعارة المنمقة، إلا أن أسلوب جوشوا كي يبدو واضحاً ومباشراً من الصفحات الأولى، ويحمل في طياته مشاعر الألم والصراحة التي تضفي على أسلوب الكاتب نوعاً من "البلاغة الهادئة" إذا صح التعبير. يقول جوشوا كي: "لم أعتقد مطلقاً أنني سأخسر بلدي يوماً، ولم أحلم مطلقاً أن بلدتي ستخسرني. لقد ترعرعت كمواطن أمريكي وطني، وتعلمت احترام حكومتي وأن أثق برئيسي. منذ عقد من الزمان فقط كنت ألعب كرة القدم في المدرسة الثانوية، وأعيش في مقطورة مع والدتي وزوج والدتي، وكنت أعمل في مطاعم (كنتاكي فرايد تشكن)، آملاً أن أستطيع الحصول على عائلة خاصة بي في البلدة الوحيدة التي عرفتها... في تلك الفترة، كان يمكن أن أضحك عالياً لو أن أحداً ما تنبأ أنني سأصبح يوماً مجرماً مطلوباً من العدالة، وأن أعيش مثل المطلوبين في بلدي، وأن أحول زوجتي وأطفالي إلى لاجئين وأنا أعبر حدود كندا".

 

ويصف جوشوا كي نفسه بأنه شاب خشن ومستعد دائماً لأي شيء، وأنه يحب البنادق منذ أن كان صغيراً، وكان غالباً ما يتورط في عراك مع الآخرين.

 

ويقدم جوشوا كي وصفاً جيداً لحياته مع والدته وزوجها الذي كان كثيراً ما يسيء إليه، ثم ينتقل للحديث عن زواجه المبكر ومحاولته لإيجاد عمل جيد يعيش منه هو وزوجته. وتنقل جوشوا في عدة أعمال في المطاعم السريعة وفي لحام الكهرباء وكان دخله المادي قليلاً وبالكاد يكفي أساسيات حياته وحياة أسرته الصغيرة، ولم يستطع تغطية أسرته بتأمين صحي الأمر الذي جعله يعاني كثيراً، خاصة بعد أن تعرض للإصابة ببعض الحروق أثناء عمله وعندما أصيب بحصى في الكلية أيضاً. وكان من الفقر بحيث لم يستطع حتى زيارة طبيب الأسنان في يوم من الأيام.

 

وهكذا اجتمع حسه الوطني مع ظروفه الاقتصادية الصعبة ليدفعاه للتطوع في الجيش الأمريكي، حيث كان يأمل أن يتعلم وهو في الخدمة مهنة تؤمن له ولعائلته حياة كريمة فيما بعد. ويدعي جوشوا كي أنه قبل أن يوقع الأوراق الخاصة بالانتساب إلى الجيش أكد له العسكريون الذين كانوا يتابعون إجراءات المتطوعين الجدد في أبريل 2002 أنه لن يتم إرساله إلى القتال وأنه سيتمكن من العيش مع أسرته والعمل في وحدة هندسية عسكرية داخل أراضي الولايات المتحدة.

 

ويؤكد جوشوا كي أنه رغم خلفيته القاسية والخشنة، إلا أنه كان يستطيع التمييز بين الخطأ والصواب. ويقول إنه خلال فترة التدريب الأساسي، طلب منه أحد المدربين أن يشترك مع آخرين من زملائه في ضرب أحد المتطوعين الجدد بحجة أنه تأخر في إنجاز بعض المهام أو أنه لم ينفذ أوامر عسكرية، ومع أن جوشوا كي وزملاءه نفذوا ذلك الأمر، إلا أنه يقول إنه يشعر بالخجل الآن لأنه قام بضرب زميل له. ويتابع جوشوا كي:" لقد استخدموني لأقوم بأداء أعمالهم القذرة، وأنا، بغباء، شعرت بالفخر بأن أفعل تماماً ما طلبوه مني". لكن أحد أهم الأسباب التي يقول جوشوا إنها تسببت بالفظائع والجرائم التي يرتكبها بعض الجنود الأمريكيين في العراق، والتي حفزته على الفرار من الجيش فيما بعد ـ هو أن المدربين العسكريين كانوا يقولون للجنود الجدد أن يتخيلوا أن الدمى التي كانوا يتدربون على طعنها بالحراب هي مسلمون، وكانوا يعلمون المتدربين الجدد على إطلاق صيحات حماسية تقول كلمات إحداها"طلقة واحد/ قتل واحد/ عربي واحد/ آسيوي واحد". مثل هذه الأهازيج العسكرية كانت سائدة بكثرة في معسكرات التدريب، كما يقول جوشوا.

 

ولذلك، يقول جوشوا، ما إن وصل إلى العراق حتى لاحظ انتشار ثقافة الكراهية بشكل مخيف بين الجنود الأمريكيين الموجودين في العراق، ويتحدث جوشوا كي عن كثير من الأحداث التي قام خلالها جنود أمريكيون بضرب مدنيين عراقيين بوحشية وبإطلاق النار عليهم لمجرد أنهم جعلوهم يتوترون. ويختم جوشوا كي كتابه قائلاً:" بعض الناس قد يقولون إن الأشياء الفظيعة التي وصفت رؤيتها في العراق كانت الاستثناء للقاعدة. قد يكون ذلك مريحاً، لكنه ساذج. لأنني رأيت انتهاكات أساسية لحقوق الإنسان كل يوم أو يومين.. وحيث إنني لم أر جندياً واحداً أو ضابطاً واحداً يتعرض للانتقاد أو العقوبة بسبب قيامه بهذه الانتهاكات فإنني أخشى أن العكس هو الصحيح. أخشى، وأعتقد أن ما رأيته كان مجرد رأس جبل الجليد في العراق". ولعل من النقاط الجميلة في الكتاب ملاحظة تطور الكاتب من شخص عنيف وخشن إلى آخر يبتسم بقدر أكبر من الإنسانية. ويقول جوشوا إنه يؤمن بضرورة أن يلتزم الجندي بميثاق جنيف وألا يشارك في ارتكاب أي فظائع خلال الحرب. لقد دفع ثمناً باهظاً بسبب فراره من الجيش: فقد اضطر للعبور إلى كندا، وقطع كثير من أفراد أسرته علاقتهم به. ويؤكد جوشوا في آخر حكايته أنه "ليس جباناً ولا خائناً". وربما تؤكد خلفيته صدق هذا الادعاء.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذا بإعترافهم و ما خفي كان أعظم

اللهم أفضحهم و كشف سرائرهم و إنتقم منهم

اللهم إضرب بعضهم ببعض

اللهم إخزهم في الدنيا و الآخرة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

لا اله الا الله

حسبنا الله و نعم الوكيل

 

و الله ان بدني اقشعر لدى قراءة هده الكلمات , التي لا اظنها كتبت بحبر عادي بل ممزوج بالاسى و الندم و الارتباك.

اشعر بالنصر كلما قرات او سمعت عن احد الجنود الامريكان و قد اعترته التساؤلات و الشكوك عن مهمته في العراق و ماهية عمله و اهدافه , اكثر مما اشعر به عند وفاة احدهم. علهم يسمعون صوت عذاباتهم الداخلية مادامو قد تجاهلو صرخات اليتامى و النساء المغتصبة و الرجال المضطهدة.

 

ثم بدأت تكلمني . في الداخل ، حين كنا نصرخ فيها وفي الآخرين ، كنت افترض أن لا احد منهم يفهم كلمة من الانجليزية . ولكن هذه الفتاة الصغيرة بدأت تكلمني بالانجليزية وعيناها تحفران ثقوبا في جسدي .

 

كانت جلدا على عظم ربما لا تزن أكثر من 100 رطل . ولم تكن حتى امرأة كاملة ولكن شيئا فيها كان قويا و مثيرا للقلق .

 

شعرت بالخوف من الفتاة وتمنيت أن أسرع بالابتعاد عنها ولكن عملي كان أن ابقي لضمان عدم تحركها . كان سلاحي جاهزا . وكانت ترتدي قميص نوم ازرق وتربط شعرها بوشاح ابيض . لم تكن تغطي وجهها بحجاب وهكذا كنت استطيع أن أرى وجهها . كانت عيناها بلون الفحم ومليئتين بالكراهية.

 

آآآه لو نظر كل جندي امريكي نظرة واحدة في عيوون احد الاطفال او النساء لبكى دما و لخر جاثيا على ركبتية نادما على فعلته و لربما استدار ليرى من امره بالذهاب الى ارض العراق .

 

بارك الله فيك مشرفتي الغالية و جزاك عنا كل خير

اعتذر عن كلماتي البسيطة لكن لساني يعجز عن التعبير عما هو اقوى.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذا بإعترافهم و ما خفي كان أعظم

اللهم أفضحهم و كشف سرائرهم و إنتقم منهم

اللهم إضرب بعضهم ببعض

اللهم إخزهم في الدنيا و الآخرة

 

بارك الله فيك مشرفتي الغالية و جزاك عنا كل خير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم

اللهم افضحهم على رؤوس الأشهاد

جزاك الله خير مشرفتي الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذا بإعترافهم و ما خفي كان أعظم

اللهم أفضحهم و كشف سرائرهم و إنتقم منهم

اللهم إضرب بعضهم ببعض

اللهم إخزهم في الدنيا و الآخرة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم

اللهم افضحهم على رؤوس الأشهاد

جزاك الله خير مشرفتي الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم

اللهم افضحهم على رؤوس الأشهاد

جزاك الله خير مشرفتي الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×