اذهبي الى المحتوى
وأشرقت السماء

_حَدِيث الرُؤيَا _

المشاركات التي تم ترشيحها

حديث الرؤيا

حسام بن عبد العزيز الجبرين

 

أما بعد معاشر الكرام: فكل المسلمين يعرف قصة نبي الله إبراهيم حين أمره الله بذبح ابنه، وطريقة أمر الله له، وأن ذلك كان برؤيا رآها في المنام،"يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " [الصافات: 102]

 

ورؤيا الأنبياء حق، وإليكم حديثا عظيما قص فيه النبي صلى الله عليه وسلم قصةَ رحلةٍ له وقعت في المنام، أخبر فيها عن مشاهدته للمعذبين في البرزخ والمنعمين فيه.

 

أخرج البخاري عن سَمُرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني - مما يكثر أن يقول لأصحابه: (هل رأى أحدٌ منكم من رُؤيا). قال: فيَقصُّ عليه ما شاء الله أن يَقصَّ. وإنه قال لنا ذات غداة: (إنه أتاني الليلةَ آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي انطلق، وإني انطلقتُ معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخرُ قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيَثْلغ رأسَهُ (أي يكسره) فيتدَهدَه الحجر ها هنا، (أي يتدحرج) فيتبعُ الحجرَ فيأخُذُه، فلا يَرجعُ إليه، حتى يصحَّ رأسُه كما كان، ثم يعودُ عليه فيفعل به مثلَ ما فَعَلَ به المرّةَ الأولى.

 

قال: قلتُ لهما: سبحان الله ما هذانِ؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا، فأتينا على رجل مستَلْقٍ لقَفاهُ، وإذا آخرُ قائمٌ عليه بكَلُّوبٍ من حديد، وإذا هو يأتي أحدَ شِقّي وجهه فيُشرشِر شِدْقه إلى قَفاه (أي يشق جانب فمه) ومِنْخَره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه -

 

قال: وربما قال أبو رجاء أحد رواة الحديث: فيشُقُّ - قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يَفرُغ من ذلك الجانب حتى يصحَّ ذلك الجانب كما كان، ثم يعودُ عليه فيفعل مثلَ ما فعل المرّة الأولى. قال: قلت: سبحانَ الله ما هذان؟

 

قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على مثل التنُّور - قال: وأحسِبُ أنه كان يقول - فإذا فيه لَغَطٌ وأصواتٌ، قال: فاطلعْنا فيه، فإذا فيه رجالٌ ونساءٌ عراة، وإذا هم يأتيهم لَهَبٌ من أسفلَ منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضَوْضَوْا. قال: قلتُ لهما: ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا، فأتينا على نهر - حسِبتُ أنه كان يقول - أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجلٌ سابحٌ يَسبَح، وإذا على شَط النهر رجلٌ قد جَمَعَ عندَه حجارةً كثيرةً، وإذا ذلك السابحُ يسبحُ ما يسبحَ، ثم َّ يأتي ذلك الذي قد جمعَ عندَه الحجارةَ، فيفغَر له فاهُ (أي يفتحه) فيلقمُهُ حجراً فينطلقُ يسبَح، ثم يرجعُ إليه، كلما رَجَعَ إليه فغَرَ له فاهُ فألقمه حجراً، قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا، فأتينا على رجل كريهِ المرآةِ، كأكرهِ ما أنتَ راءٍ رجلا مرآةً، فإذا عندَهُ نار يحُشُّها (أي يوقدها) ويسعى حولها، قال: قلت لهما: ما هذا؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، فانطلقنا، فأتينا على روضةٍ معْتمة (أي شديدة الخضرة) فيها من كل لون الربيع، وإذا بينَ ظهري الروضة رجلٌ طويلٌ، لا أكادُ أرى رأسَه طولاً في السماء، وإذا حَولَ الرجل من أكثرِ ولدانٍ رأيتهم قط، قال: قلت لهما: ما هذا ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق، قال: فانطلقنا فانتهينا إلى روضةٍ عظيمة، لم أرَ روضةً قط أعظمَ منها ولا أحسن، قال: قالا لي: ارْقَ فيها، قال: فارتقينا فيها، فانتهينا إلى مدينة مبنيّة بلبنِ ذهبٍ ولبنِ فضةٍ، فأتينا بابَ المدينةِ فاستفَتحنا ففتحَ لنا فدخلناها، فتلقانا فيها رجالٌ شطرٌ من خَلْقِهم كأحسنِ ما أنتَ راءٍ، وشطرٌ كأقبحِ ما أنت راءٍ، قال: قالا لهم (أي الملكين) اذهبوا فقَعوا في ذلك النهر، قال: وإذا نهرٌ معترِض يجري كأنَّ ماءه المحضُ من البياض (أي صاف شديد البياض) فذهَبوا فوقعوا فيه، ثمَّ رجعوا إلينا قد ذَهبَ ذلك السوءُ عنهم، فصاروا في أحسَنِ صورة.

 

قال: قالا لي: هذه جنة عدنٍ وهذاك منزلك، قال: فسمَا بصري صُعُداً (أي ارتفع) فإذا قصرٌ مثل الرَّبابةِ البيضاء (أي السحابة البيضاء المنفردة) قال: قالا لي: هذاك منزِلك، قال: قلت لهما: بارك الله فيكما ذراني فأدخُله، قالا: أما الآن فلا، وأنتَ داخِله.

 

قال: قلتُ لهما: فإني قد رأيتُ منذ الليلةِ عَجبا، فما هذا الذي رأيت؟ قال: قالا لي: أما إنا سنُخبرُك، أما الرجلُ الأولُ الذي أتيتَ عليه يُثلَغ رأسه بالحجر، فإنه الرجلُ يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة،

 

وأما الرجلُ الذي أتيتَ عليه، يُشرشَرُ شِدقُهُ إلى قفاه، ومنخَرُه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجلُ يغدو من بيته، فيكذب الكِذبَةَ تبلغُ الآفاق،

 

وأما الرجالُ والنساءُ العراةُ الذين في مثل بناءِ التنور، فإنهم الزُّناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيتَ عليه يَسبح في النهر ويُلقم الحجارة، فإنه آكِلُ الرِّبا،

 

وأما الرجلُ الكريه المرآةِ، الذي عند النار يحشُّها ويسعى حولها، فإنه مالكٌ خازن جهنم، وأما الرجلُ الطويلُ الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام،

 

وأما الولدانُ الذين حَوله فكلُّ مولودٍ ماتَ على الفطرة. قال: فقال بعضُ المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأولاد المشركين.

 

وأما القوم الذين كانوا شَطرٌ منهم حسناً وشطرٌ قبيحا، فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحا وآخرَ سيئا، تجاوز الله عنهم) والحديث كما مرّ معنا أخرجه البخاري في صحيحه.. اللهم انفعنا بكتابك الكريم وبسنة نبيك الأمين، واغفر لنا ولجميع المسلمين يا غفور يا رحيم.

 

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه أما بعد إخوة الإيمان:

فرسولنا عليه الصلاة والسلام أسري به ليلة الإسراء والمعراج بروحه وجسده، أما في هذا الحديث فكان بروحه فقط، وقد وقع ذلك للرسول صلى الله عليه وسلم مرارا.

 

ومما يستفاد من الحديث:

 

• أن رؤيا الرسول - صلى الله عليه وسلم - حق وصدق، وكذلك رؤى جميع الأنبياء، بخلاف غيرهم من الناس إذ يكون منها الرؤى الصادقة والرؤى الكاذبة، وأحاديث النفس، كما ورد في بعض الأحاديث.

 

• أن الجزاء من جنس العمل، فالذي يصل كذبه الآفاق، يشرشر فمه وأنفه وعينه، والذي يأكل أموال الناس بالربا، يُلقم الحجارة، والذي يرفض القرآن وينام عن الصلاة المكتوبة يثلغ رأسه، كما أن الجزاء من جنس العمل يكون في الخير أيضا. " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ "

 

وفي الصحيح " ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة".

 

• أن الجنة والنار موجودتان الآن، وجاء في القرآن عن الجنة " أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" [آل عمران: 133]

 

وجاء عن النار " أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ " [البقرة: 24] ومعنى أعدت أي هيئت، وقد جاء بلفظ الماضي.

 

• وجوب الحذر من ترك العمل بالقرآن والحذر من النوم عن الصلوات المكتوبة.

 

• وجوب الحذر من الكذب، والتثبت قبل نشر الخبر، لاسيما وأن ثورة التقنية ساعدت كثيرا فالخبر يصل أقصى الدنيا في ثوانٍ.

 

• الترهيب لكبيرة الزنا التي قرنها الله عز شأنه بالشرك والقتل في غير ما آية.

 

• أن الأولاد الصغار في الجنة في رعاية إبراهيم عليه السلام إلى يوم الدين. ومما يستفاد من الحديث: قرْب النبي - صلى الله عليه وسلم - من صحابته، إذ كان يسألهم عن رؤآهم، وكان يجيد تفسير الرؤيا عليه الصلاة والسلام.

 

• سعة رحمة الله وفضله أنْ تجاوز عن أناس خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا وختاما يجب علينا الحذر من هذه المحرمات، إذ هي سبب للعذاب والعقوبات والمبادرة إلى التوبة عند كل ذنب. اللهم تجاوز عنا وعن المسلمين بفضلك ورحمتك.. اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها...

 

الخطبة مستفادة من كتاب: قصص الغيب في صحيح الحديث النبوي أ د. عمر بن سليمان الأشقر

 

post-25975-1291789633.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

###

 

 

 

 

 

###

 

 

( تؤدي إلى روابط لليوتيوب)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا حبيبتي على الانتقاء الجيّد

وبارك الله فيكنّ

 

. اللهم انفعنا بكتابك الكريم وبسنة نبيك الأمين، واغفر لنا ولجميع المسلمين يا غفور يا رحيم.

 

اللهم تجاوز عنا وعن المسلمين بفضلك ورحمتك.. اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها...

 

اللهم آمين، اللهم آمين، اللهم آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا أختي الكريمة

هذا الحديث مخيف جدًا لمن يتدبره

خصوصا هذا الجزء:

وأما الرجلُ الذي أتيتَ عليه، يُشرشَرُ شِدقُهُ إلى قفاه، ومنخَرُه إلى قفاه، وعينه إلى قفاه، فإنه الرجلُ يغدو من بيته، فيكذب الكِذبَةَ تبلغُ الآفاق

سبحان الله العظيم

نسأل الله أن يحفظنا ويقينا من شر الكذب

ونعوذ بالله من الخزي وعذاب النار

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×