اذهبي الى المحتوى
~ أم العبادلة ~

حديثي لأخواتي طالباتِ العلم المُستجدّات في الزّواج (تجربتي أرويها لكُن)

المشاركات التي تم ترشيحها

حديثي لأخواتي طالباتِ العلم المُستجدّات في الزّواج (تجربتي أرويها لكُن)

 

بقلم: طويلبة علم حنبلية

 

بسم الله .. والحمدُ لله .. والصّلاةُ والسّلامُ على سيّدِ الخلقِ محمّدٍ بن عبدِ الله ، وعلى آله والتّابعين ، ومن تبعهم واقتفى أثرهم واستنّ بسُنّتهم إلى يومِ الدِّين ،ثمَّ

 

أمّا بعد ..

فقد قرأت موضوعاً ، لأخيّتِنا الفاضلة / أم مصعب السّلفيّة ، كانت تطلبُ فيه من أخواتِها أن يُشرنَ عليها ما تصنعُ حيالَ:

" تراجُعها بعدَ زواجها في أكثرِ شئونِها التي كانت عليها من ذي قبل " ..

أردتُ أن أشيرَ على أخيّتِنا في الموضوعِ ذاتِه ، لكنّني ارتأيتُ أن أفردَ لهذا موضوعاً مُستقلًا ؛

علَّ الله سبحانه ينفع به أخيّاتِنا جميعاً :

-المستجدّات .

-والمقبلات ,

- ومن لم تتزوّج بعد ,

- بل ومن مضى على زواجِها أكثرَ من حول ،..

لن أطيل ، وسأمضي بسردِ مسيري في هذا المِضمار ، واللهُ الموفِّقُ والهادي .

تم تعديل بواسطة ღ أمـ الرحمن ـة ღ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وأبدأُ مستعينةً بالله ، متوكّلةً عليهِ سُبحانه :

من عظيمِ فضلِ الله تعالى عليَّ أنّني أثناءَ دراستي الأكاديميّة وبعدَ انتهائي منها،

علت همّتي بصورةٍ- لا يعلمها إلّا الله ، وأُشْبِعَ قلبي بحُبِّ العلمِ والأُنس به ..

 

ولشدَّةِ ما كنتُ أجد في نفسي من إجلالٍ له ؛ كنتُ لا أسأل إلّا عنه ، وإن تحدّثت ؛ تحدّثتُ فيه!

حتّى أنّي فعلتُ هذا عندَ خِطبتي ، ولم أكن لأجدَ مناصاً من التّعبيرِ عن شغفي وحُبّي لهذا العلم ، وما في نفسي من تطلُّعٍ حيالَ تعلُّمي ، وبذلي للوقتِ والجُهد لتلقّي العلمِ والثّباتِ عليه .

 

لكلٍ إلى شأو العلا حركاتُ ... ولكن عزيز في الرجال الثباتُ .

 

وقتَ خِطبتي ، وبعدَ عقد القرآن ، كنتُ أجتهدُ بالبحثِ عن كُتبٍ علميّةٍ مُناسبة نقرأ منها معاً ... كان منها : كتاب (مختصر منهاج القاصدي) للإمام ابن قُدامة المقدسيّ ، وكتاب (صحيح وصايا الرّسول) للشّيخ سعد أبو غريز ، وكتاب (صور من حياة التّابعين) للدّكتور عبد الرّحمن رأفت باشا .

وكتب أخرى تختصّ بالحياة الزوجيّة -وهذا ما أحضُّ أخواتي المتزوّجات على الاطّلاعِ عليه ، مع الحرص على مشاركة الزّوج لهنّ ، منها - على سبيلِ الذِكرِ لا الحصر :

كتاب الزّوجين في خيمة السّعادة للشّيخ عبد الرّحمن القرعاوي ، وكتاب ( تحفة العروس ) للشّيخ الاستانبولي .. وكتب أخرى يمكن الاستفادة منها ..

 

مضى الحالُ على ذلك - بفضل من الله .. إلى أن انتقلت لبيت الزوجيّة ..

 

أوّل زواجي صارَ قيدُ المشاغلِ يُلجمُني شيئاً فشيئاً ، إلى أن أحاطتْ بيَ المشاغلُ من كلِّ ناحية ، وثقُلَت المسئوليّةُ ، ويكأنَّ مسئوليّات الدُّنيا كلّها ألقيت على عاتقي!

لا أخفيكُن ، فلم أكن لأتحمّل أيّةَ مسئوليّةٍ تُذكر حين كنتُ فتاةً .

وهذه نقطة أرجو أن تتنبّهَ لها أخواتُنا اللائي لم يلتحقنَ ببيتِ الزّوجيّة بعد!

 

وهي نصيحةٌ من أختكُنَّ الطّويلبة :

" لتجتهدنَ في مهاراتِ وفنونِ ترتيبِ البيت ، وإعدادِ الطّعامِ وو ... من شئون تُجيدُها أمّهاتُنا الكريمات " .

 

ولكن مع ما اعترضني من مشقّةٍ في أوّلِ الطّريق ..

 

كانَ لديَّ يقينٌ أنَّ حالي هذا لن يدومَ -بإذن الله ، وأنّها البدايات هكذا ... كثيراً ما تكونُ مُحرِقةً ، وإن لم تكُن ؛ فلن تكونَ النّهايةُ مُشرقة ، وأنّ شرط النّهايات تصحيح البدايات!

 

=صِرتُ أتعلّمُ تلكَ الفنونَ شيئاً فشيئا .

= هذهِ طريقتُها في الطّبخِ جميلة ، وأكلاتُها لذيذة ؛ أسارع للتعلُّمِ منها .

= وأخرى بيتُها مرتّبٌ منمّق ، أرعي بصري لطريقةِ ترتيبِها ، وأسألها عن طريقتها في تدبير بيتِها .

= وتلكَ معتنيةٌ بزوجِها أيّما عناية ، أقلِّدها في اعتنائها بزوجِها ... وهكذا .

 

-حتّى بدأتُ أضبطُ أكثرَ الأكَلات الرّئيسة .

-ووضعتُ لي جدولاً خاصّاً لترتيبِ أعمالي ، وهو جدولٌ يوميّ ، أكتب فيه ما سأصنعُ -إن شاءَ ربّي- من لحظةِ استيقاظي إلى منامي.

 

-وصرتُ مع الوقت أعرفُ ما الذي يحبُّ زوجي ؛ فآتيه ، وما يُبغضُ ؛ فأجتنبه ..

 

بدأتُ أشعرُ باستقرارٍ ملموسٍ في هذا الأمر ، إلّا أنّني في الشّأن الآخر ( طلبي للعلم ، وتفرُّغي للقراءة ) كنتُ أدري أنِّي مُقصِّرة وأنّ همّتي خبُتَت ، وأن نشاطي ضعُف ؛ لكنّني لا أقنِع نفسي بذلك ألبتّة - إلّا أن يكونَ في أمرٍ ، يدفعُني شعوري فيه بالقصور إلى صلاحِ حالي .

فأجعل علوَّ الهمّة أمامَ عينيّ ، وأقول : سأعودُ كما كنت -بمشيئة الله ، بل خيراً مما كنت .

لا أقول : أنَّـى لي أن أعود ، أو كيف لي أن أعود؟

بل كنتُ أردِّد : ستعودينَ يانفسي إلى ما كُنتِ بل إلى أفضلَ مما كنتِ -إن شاء الله .

وإن سألتْني-تيكَ النّفس : كيف أعود!؟ قلتُ لها : عودي شئتِ أم أبيتِ!

فلا وقتَ لسؤالٍ أو استفصال ، فالحقُّ واضح جليّ ، ومن عرفَ الحق ، سعى إليه سعيَه مُقبلاً دونَ تردُّد!

وبهذا الصّدد تذكّرتُ موضوعاً كنتُ قد كتبتُه -بعدَ مُضيِّ شهرين على زواجي -بعد استيائي الشّديد من حالي الذي أنا عليه:

كتبت :

عودي يا نفسي ؛ فقد أسرفتِ أسرفتِ ، ولم تُحسني التّصرُّف .!

 

فلا تأذني لها بسؤالٍ أو استفصال ؛ بل اجعليها تُقبلُ على الحقِّ - لا تخشى أحداً إلّا الله ..

 

عوّديها على الإقبالِ لا الإدبار ، عوّديها على علوِّ الهمّةِ ، و فتحِ أبوابِ الخيرِ دونَ قرعٍ أو استئذان!

 

وإن تمرّدت بقولِها : اسألي واستفصلي ، استعيني بفلانٍ وفلانة ، اسأليهم عن السُّبل لرفعِ الهمّة!؟

 

أجيبُها : لن أفعل ، ولن أسأل ؛ فـ(كَثرَة السُّؤالِ وَالاسْتفصَالِ تُمِيتُ الهِمَم والعَزَائِم)!!

لن أحولَ بإضاعةِ وقتي بالسّؤالِ والاستفصال ، بيني وبينَ ما يسّرهُ الله لعباده من خير!

 

فسبُلُ تعلُّمِ العلمِ بيِّنة .

وطرُقُ تنظيمِ الوقتِ معروفة .

ووسائلُ التّوفيقِ بينَ بيتِ الزوجيّةِ وحقوقِ الأرحامِ والإخوان معلومة .

 

فلمَ يا نفسي تهْوَينَ تِكرارَ السّؤالِ ذاتِهِ دونَ شروعٍ وإقبال

 

لم تعيدينَه عشراتِ المرّات ، وقد علمت إجابته من المئات

 

أمّا عن السُّبُل:

فمناهجُ أهلِ العلمِ معروضةٌ في كُلِّ مكان ، ويعرفُها القاصي والدّاني ..

ابدأي بعدَ الاستعانةِ بالله بحفظِ كتابِه ، اختاري رفيقةً تحفظينَ معها ، وتُراجعا القرآنَ معاً ؛ فإن لم يكُن ؛ فالتحقي بإحدى أكاديميّاتِ حفظِ القرآن ، سواء في بلدتك أو هنا على الشّبكة ، فإن لم يكُن فحاولي أن تجعلي لكِ برنامَجاً يوميّا للحفظ ( في اليوم وجهاً أو وجهين ) لا تفرّطي فيها أبدا ..

 

الحلُّ كُلُّ الحلِّ في تلك ، هي ثلاثةٌ لا رابعَ لها! فعمَّ تسألين بعدَها ، وأيُّ إجابةٍ تُريدين!!؟

 

وأمّا عن طلب العلم ؛ ليكن إلى جانب حفظِك لكتاب الله ؛ إن كانَ حفظك جديداً ؛ فاجعلي القسطَ الأكبرَ من الوقتِ للحفظ والأقل لطلب العلم ، وإن كان قديماً ويحتاجُ تثبيتاً ، فعلى عكسِ المنوالِ السّابق.

وأمّا عن طلبِ العلم :

فاختاري لنفسكِ فنّاً مُعيّنا وأتقنيهِ جيّداً سواء كان ( عقيدة ، تفسير، حديث ، فقه ، سيرة ، أو نحو ) .

إلى جانبِ ذاك ابدأي بدارسةِ مواد من باقي الفنون ..

وهي موجودةُ في جداولَ خاصّة تضمُّ عدداً من كتُبِ أهلِ العلم وتأتي على مراحل بحسبِ المرحلة التي وصلَ لها الطّالب ، وهذه المنهجيّات متوفّرة على الشّبكة .

وقد قمتُ برفعِ إحداها بملف في هذه المُشاركة .. وهي منهجيّة للتدرُّج في طلب العلم ، منتقاة من كتب العلماء ونصائحهم ، وتحتاج فقط تخصيصَ ساعتين ونصف يوميّا من وقت طالب العلم ؛ ليجني ثمرَتَها - بمشيئة اللهِ تعالى .

 

وطبعاً عليكِ أن تُدركي أنَّ توفيقَ اللهِ سبحانَهُ لك ، هوَ سرُّ رشادِك وهدايتك لهذا العلم ، وكم راقت لي مقلوةٌ ، كنتُ قرأتُها عن الشّيخ بكر أبو زيد -رحمه الله ، قال : "طلاب العلم - سبحان الله - دائما يسألون عن الكتب والمتون التي تصلح للحفظ والدراسة؛ العلم هو توفيق من الله، فاسئل الله أن يوفقك للعلم، إذا وفقت للعلم عرفت مالذي يصلح وما الذي لا يصلح" ا.هـ بلفظ المقدم .

 

طبعاً وسائل العلم متوفّرة في زماننا هذا - بفضل الله تعالى :

فهذه الأكاديميّة الإسلاميّة قد فتحت أبوابها على مصراعيها لكلِّ مُريدٍ للعلمِ ، ساعٍ لنيله .

وهذا : معهد افاق التيسير الإلكتروني .

وهذه : شبكة تعليم طموح العالمية .

وهذا : معهد الكتاب والسنة .

وهذا : معهد بن تيمية الشرعي بإشراف الشيخ العلامة المحدث أبو إسحاق الحويني -حفظه الله.

وهذه : مدرسة بصائر .

وهذا : معهد الصراط للعلوم الشرعية .

وهذه : مدرسةُ ورثةِ الأنبياء .

وهذا : معهد النصرة الشرعيّ .

وهذه : أكاديمية إمام الدعوة العلمية العالمية .

 

وكلُّها معاهد سليمةُ المُعتقدِ والمنهج -بفضل الله تبارك وتعالى . كما أنّها مجّانيّةً أيضا .

 

 

وأّما عن طُرُقِ تنظيم الوقت ؛ فقد أشارت عليّ إحدى الأخوات ، وكنتُ- ولا زلتُ- آخذُ بنصيحتِها في أغلبِ الأحيان ؛ لما أرى بها من موافقةٍ للصّواب ، وحُسنِ فَهمٍ لطبائعِ المرءِ ، ونُصحِهِ وفقاً لذلك ، معَ عدم إغفالها لجانبِ الاستقامةِ الدّينيّة ، وما يرقى بالمُسلم إلى صلاحِ الحالِ في الدّينِ والدّنيا ، هذا أكثر ما جعلني أستمسك بنصائحها وأعَض عليها بالنّواجذ ..

ولا أقول غيرَ : أسأل الله أن يجزيها عنّي كلَّ خير وأن يبارك فيها ، وأن يجعلها من عبادِ الله الصالحينَ المُصلحين ، وأن يرزقها من كلَّ ما تمنّت نفسُها من خيري الدُّنيا والآخرة ..

كانَ مما أشارت عليَّ الأستاذةُ ، :

- تخصيص ورقة لكتابة المهامّ في كلِّ يوم ، وترتيبها ضمنَ هذه الورقة ، معَ الأخذ بعين الاعتبار وجود التكامل والتّوازن بينَ المهام في الورقة .

معَ تطبيق قاعدة : " شيئين في وقتٍ واحد " -

فتطبخي الطّعام ، وفي تلك الأثناء تقومي بجليِ الصّحون ..

أو تغسلي الملابس ، وفي الأثناء ذاتِها تقومينَ بكنسِ البيت .

 

وأثناءَ ما سبقَ من مهام ؛ تسمعينَ محاضرةً لأحد المشايخ الأفاضل ..

وأنا حقيقة تروقُ لي كثيراً دروسُ الشّيخ الشّنقيطي ؛ فهي تجمعُ بينَ الفقهِ والوعظ ، وهذا من أكثر -ما أراهُ- يُحدث في النّفسِ أثراً ..

 

هناك سلسلة تتكوّن من ستّة أشرطة - إن لم يخب ظنّي- وهي للشّيخ محمّد المختار الشّنقطيّ -حفظه الله ، عنونَ لها بـ ( سلسلة فقه الأسرة ) ، وهي سلسلة نافعةٌ ماتعة كثيرا .

 

وأنصحُ طالبات العلم بسماعِها كاملة ؛ لما فيها من نفعٍ وفائدة .

 

وأمّا عن وسائل التّوفيق بين بيت الزّوجيّة وحقوق الأقارب ؛ فمردُّه للصّدق مع الله ، وسؤاله التّوفيقَ لهذا ..

 

فتبقى الفتاةُ بعدَ زواجِها :

-على علاقةٍ طيّبةٍ معَ والدتِها ؛ تكلّمها وتلاطفها وتمازحها .

 

وتحرص على أن تظلَّ علاقتها سويّةٍ طيّبة مع إخوتِها جميعاً وكذا مع أقاربها ؛ فتطمئن على أحوالهم بينَ حينٍ وآخر ، وتزورهم -بصحبة زوجها- ، كذا تلحّ عليهم بالزّيارة ، وتكرمهم أيّما إكرام ..

[*] وكذا لا تنسَ أخيّتُنا أخيّاتِها ورفقياتِ دربِها بعدَ زواجِها .. بل تستمسك بالخيِّراتِ منهنّ أشدَّ استمساك ، وتتواصل معهنّ كلّما سنحت الفرصةُ لهذا ..

ولا تقطع عنهنّ رسائلَها الدّعويةّ والعلميّة بين كلِّ أسبوعينِ ثلاثة ..

 

 

نعودُ إلى حيثُ كُنّا ، حيثُ النّفس!

 

فنفسي التي بينَ جنبيّ خُلِقت ضعيفة ، فلمَ أزيدُها بِحيْرتي وتخبُّطي ضعفاً على ضعفِها

وسوءاً على سوءِها!؟

لا أرى هذا إلّا سبيلاً للحيلولةِ دوني وبلوغ مقصدي ؛ فلن أفعل ..

 

كانت تيكَ المبادئ راسخةً عندي رسوخَ الصّخرةِ في عُرضِ البحر .

وهذا-بفضل الله تبارك وتعالى- من بركةِ مرافقتي لأهلِ العلم ،

والنّهلِ من فيضِهم ،الذي لا ينضبُ معينه ولا ينقطعُ سلسبيلُه عن العارفينَ بالله ..

 

وذاكَ الرّسوخ-أحسبهُ- حجرَ العثرة في طريقِ إبليس ، ينكسُ رأسَهُ في الثّرى كلّما أرادَ لعبادِه التّقهقُرَ والانتكاس!

 

يأتيني إبليس : ألا ترينَكِ قد غدوتِ كسولةً خاليةً منَ الجدِّ والنّشاطِ بعد زواجك

 

فأجيبُه - بنفسٍ أبيّةٍ : بل سأزدادُ همّةً ونشاطاً بعدَ زواجي .

وسيكونُ زواجي خيرَ مُعينٍ لي بعد اللهِ عزّ وجلّ في طريقي - .

وسأكونُ زوجةً لا تعرفُ الاستسلامَ للشواغلِ ، ولا تجيدُ صُنعَ المبرّرات لترفعَ عن نفسِها التّهمَ لما هيَ فيهِ من تراجعٍ وتخاذُل ..

 

كلُّ ذاكَ بمشيئةِ الله تعالى ..

 

وبذا أطردُ وساوسَه -عليه لعائنُ الله ما دامت السّماوات والأرض ، وأحولُ دونَهُ ودونَ الوفاءِ بوعده الذي أخذَه على نفسه ؛

ليحزُنَ الذين ءامنوا ، ويزعزعَ توكّلهم على ربّهم وثقتهم به - جلّ وعلا .

 

 

وانتظرنني في الفصل القادم لأروي لكنَّ الخطوةَ التي تلي تمسُّكي بمُعتقداتي السّالفة وعضّي عليها بالنّواجِذ .

 

إن شاء الله تعالى ..

  • معجبة 4

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليك ورحمة الله وبركاته

من أجمل المواضيع التي قرأتها في هذا الشأن

علو همة وتصميم وعزم أكيد على تصحيح الأوضاع

وهو حجة لكل من تقول بعد زواجي يقل إلتزامي وتمسكي بديني

خطتها رائعة .. متزنة وواقعية ...والحمد لله أتبع أكثر الخطوات التي ذكرتها

.

أتابع معك

بارك الله فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا اجد ما اقول

غير اننا نوهم انفسنا بحجج واهيه

الهم اغفر لنا تقصيرنا في امرنا

متابعين معك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(1) طالبة العلم وسماع نظريّات بعض النّساء .

 

أوّلى زلات طالبة العلم أوّل زواجِها ، وأقول طالبة العلم ؛ لكونِها أدرى بما يوافقُ الشّرعَ من غيرها ؛ إذ هيَ تتحرّى مجانبةَ الحقِّ في سائرِ شئونِها ..

 

- سماعُ النّظريّات والأمثال التي تتناقلُها بعضُ النِّساء حولَ جبلّة الرّجال وطبائعهم وووو من أمثالٍ ونظريّات ما أنزلَ اللهُ بها من سلطان ، وقد تتناقلُها النّساء (المتعلِّمات) عن (العاميات)!

 

وبعضُ النّساء تعتبر الأخت المستجدّة في الزّواج زُجاجةً خاوية ، وتريدُ أن تملأها بما تراهُ هيَ صواباً وعدْلاً! ولكن تخطئ أكثرُهنَ ؛ فتسيء من حيث أرادت الإحسان.

 

وقد تعينُ إحداهنَّ الشّيطانَ على أختها ، بدلاً من أنْ تُعينَها على نفسِها بالسّير في تيكَ الحياة ببساطةٍ وأناةٍ ؛ فتبدأ بإطلاقِ نظريّاتٍ غيرِ سويَّة ، تجعل أختها تتخبَّط في بحرٍ منَ الحيرة ، وسوءِ الفَهمِ للزّوج وللحياةِ الزّوجيّة .

 

و قد تكون الأخت عرفت هذه الأقوال والأمثال قبلَ زواجِها ؛ ويبدأ عقلُها يهجس بها بعدَ زواجها ، أو أنّها عاينت مواقفَ سيّئة وحكاياتٍ مؤلمة!

 

حينَها ، يحصُل الزّلل ، ويكمُن الخلل ؛ إذ يُلبِّس الشّيطان على هذه الأخت المُستقيمة ، ليقنعَها أنَّ هاتِه النّساء أو هاتِه النظريّات ما أتت إلا من واقعِ تجربة من سبقها من زوجات ، ومن خلالِ أمورٍ رأينها واعتدنَها!

 

وأنَّ هذه المشاهدات تعكسُ واقعَ الرِّجالِ ، وتحكي تصرُّفاتهم ، وما هم عليه جميعاً!

 

- ولا أفتئ أذكرُ موقفاً حصل لي في الشّهر الثّالث من زواجي :

 

كنتُ في زيارةٍ لإحدى أخيّاتي المُباركات -ممّن أحسبُهنَّ على خير- ، اتّصلت بها إحدى الرّفيقات ، وأخبرتها أنّها ستذهبُ معَ ثُلّةٍ من النّساء لرحلةٍ خفيفةٍ قريبة ، شاورتني في الذّهاب ، استأذنتُ حينَها زوجي ، ورافقتُهن في رحلتهنّ ..

 

أوّل جلوسِنا -وإن كان المقام مقام بسط ومؤانسة - إلا أنّ الجلسة صارَ يتخلّلها شيء من الاستهزاء والغيبة!

حينَها بادرت إحدى أخواتِنا التقيّات، ممّن أحسبهنَّ على خيرٍ ، ولا أزكّيها على الله ، بالتذكير ببعض الأمور المهمة في حياة المرأة المُسلمة ؛ ككثرة الذِكر ، وقيام الليل ، وصلاة الضّحى .. وغير ذلك .

 

ثمَّ غمزتني تيكَ الأخت لأتحدّث ؛ حينها كانَ قد عنَّ ببالي حديثُ أمِّ زرع .

سردتُ الحديث ، مع الوقوفِ على معاني بعض مفرداته ، ثم ولما انتهيتُ من سردِ الحديث ، عجبتُ لأوّل مقولة كانت من إحداهُنّ؟!

 

قالت: إذن غيبة الزّوج جائزة!

 

أجبتها ، بقولي: بل هذه لم تكُن في حقّهم غيبة ، فهؤلاءِ الرّجال مجاهيل ولا يُعرفون ، والغيبة لا تكونُ لمجهول أي لا تُعتبر غيبة في حقّه.

 

ثمَّ عرّجتُ على ذكرِ بعضِ الفوائد في الحديث من مثل :

- إيناسِ عائشة -رضي الله عنها- للنّبيّ ، وذكرِها للمُستظرفاتِ اللطيفة لتدُخلَ على قلبِه البهجةَ والسّرور .

- وفيه هديُ النبيّ مع أهله ، وكيف أنّه كانَ ينصتُ لكلامِ أهله ، وكيف أنّهُ علَّقَ بقوله : " كنتُ لكِ كأبي زرعٍ لأمِّ زرع " هذا دليلٌ على انتباهِ حواسِّه-صلّى اللهُ عليهِ وسلّم- جميعِها للقصّة التي حكتها لهُ زوجتُه عائشة-رضي الله عنها وأرضاها .

 

في ذاتِ الوقت : وإذ بتعليق من إحدى الأخوات ...

استبشرتُ خيراً ..

 

ولكنّني عدتُ خائبة!

 

قالت: والله هذه القصّة لو قلناها لأزواجنا ؛ لناموا في وسط القصّة!

وبعدَها (ضحكٌ وقهقة)!

 

فقلت : الله المُستعان ، مثلُ أولئكِ كيفَ يُرجى منهنَّ خيراً لمن تُجالسهنَّ -وهي ما زالت في الطّورِ الأوّل من حياتِها- ؟؟!

 

فأخذتُ من حينِها على نفسي عهداً بأنْ :

لا ألقي لتيكَ المجالسِ أهميّةً كبيرة ، بل صرت أنئى عنها جانباً قدرَ استطاعتي..

 

وإن جاءتني إحداهُنَّ بلباسِ الواعظينَ ، وبدأت بطرحِ النّصائحِ والوصايا بينَ يديَّ ؛ كنتُ لا أظهرُ لها خيراً ولا شرّاً إلا أن يكونَ في كلامِها :

معارضةً صريحةً لنصِّ الكتابِ والسنّة .

 

"وكم كلمة أهوت بصاحبها وختمت على قفاه : والله لا يُفلح! "

 

ولستُ أريدُ بما قلتُ إعراضَ أخيّتِنا عن كُلِّ مجلسٍ ومجمَع! لا أبدا!

 

بل كثيراً ما يكونُ كلام أخيّاتنا مُفيداً ، ويُنتفعُ به ، وبالأخص ممّن قطعنَ شوطاً طويلاً في هذه الحياة ، ومن جرّبنَ ؛ فعرفن أمورَ كثيرة قد تخفى على أفهامِ أكثرِ النِّساء!

 

والمُخبر دونَ تجربة قد يُخالفُ المجرِّب؛ ومصداقُ هذا ما جاء عنِ الصحابيِّ الجليل : عليِّ بن أبي طالب حين قال:

" واستدِل على ما لم يكنْ بما كان فإنّ الأمورَ اشتباه "!

 

ومثله ما سمعتُ من الشّيخ الحويني في ج1 من (سلسلة مدرسة الحياة) ، حيث ذكر -حفظه الله : " أنَّ التّجربة من أعون ما يعين العبد على تأمّل الأحداث الجارية ، وما من حدثٍ مضى إلا والّذي يأتي شبيه به ، مع اختلافِ الشّخوص ، إنّما يحتاج المرء إلى تأمّل ؛ ليدرك العظة والعبرة فيما مضى ؛ ليستعينَ عليه في حياته الحاضرة "..

 

وليسَ ذاكَ يعني أنَّ كُلَّ من خاضت غمارَ تجربه " فكلامها مجانبٌ للصّواب "!

 

بل .. الضّابطُ الذي أبني عليهِ كلامي هوَ :

موافقةُ ما تقولُ للشّرعِ و عدمه ..

 

 

 

فبعضهنُّ تتكلَّمُ بكلامٍ ، وتأتي بنظريّاتٍ لا تبتٌّ للشّرع بأيِّ صلة لا من قريب ، ولا من بعيد!

وأخريات تتكلّمُ بكلامٍ موافقٍ لما جاءَ في شرعِنا ، من حيثُ تدري أو من حيث لا تدري!

 

العُمدة : أنْ لا تأخذي من عاميّةٍ أو حتّى طالبةٍ للعلمِ كلاماً لا تجدينَ فيهِ متابعةً للحقِّ ، ومجانبةً للصّواب ..

 

وأن لا تأذني لكلمةٍ باختراقِ عقلِك قبلَ تمحيصٍ وتثبُّتِ وبحثٍ في صوابِها من عدمه ..

 

- كلّمتني إحداهُنّ أوّلَ زواجي -وهيَ من طالبات العلم ، آثرت أن تدخلَ على قلبِ أخيّتها شيئاً من الانبساطِ والسُّرور ، وأنا أدركُ قصدَها جيّدا .

لكنّني رأيتُ أنَّ إيثارَها ذاكَ ربّما لنْ يكونَ في محلِّه ؛ إن كانَ لمن لا تُدرك أنّ كونَ هذه القصّة تُقال على وجه الدُّعابة ليسَ إلا ..

 

يُقال : أنَّ أحدهم أخبرَ جمعاً من النّاس أنَّ الحياة الزّوجية في أوّلها تكونُ حُلوةً طيّبة ، ولكن سرعانَ ما تصيرُ مريرةً نكدة!

ومثّل لهم على هذا بكون الحياة الزوجية ، كبرميل في أعلاه طبقة عسل ولكن بعد هذه الطبقة هناك طبقة من (الزفتة)! -وهي مادّة تُعبَّد بها الطرُق!

 

وإذ بأحدهم ينهض قائلاً : ولكن أنا مُذ دخلتُ مضمارَ الحياة الزّوجية ، وأنا أعيشُ كدراً وهمّا!

فأجابه ذاك: أنتَ يبدو أنَّك قد دخلتَ البِرميلَ من العكس!!!

 

وأخرى سمعتُها : في رجلٍ اصطحبَ زوجتَهُ في أوّلِ سنة من زواجهما لإحدى الفنادق ، ولما أن أرادت أن تنزلَ عن الدَّرج ؛ كادت أن تسقط ، فأمسكَ بيدها ، وقال : ( باسم الله عليك ) ..

وفي السنة التي بعدَها ، حلّوا بالفُندقِ ذاته ، فسقطت زوجته في نفس المكان ؛ فقال لها : ( أعُميتِ ، أما تَرَيْن؟ )!!

 

هي طريفة ، إلا أنّ كثرة ترديد مثل هذه الطّرائف ، قد لا تُناسبُ أكثرَ الأخوات المُستجدّات ، اللائي دخلنَ هذه الحياة بأملٍ وفألٍ ، وقد تُحدث شؤماً في نظرتهن لهذه الحياة ؛ فيعشنَ أوّلَها وآخرَها في توجُّسٍ وخوف!!

 

- كلّمتني إحداهنّ عبرَ الهاتف ، سألتني عن حالي معَ زوجي؟

-حمدتُ اللهَ وأثنيتُ عليه .

إلا أنّها مُباشرة ، عقّبت بقولها : " لا تخافي بكرة بتشوفي الحياة مزبوط! " تقصد أن حال الأزواج أوّلها يكون حلواً نضراً ثمَّ لا يلبث إلا أن ينقلبَ مريراً كدِراً!!

وكأنّي بها تردَّد ما تردِّدُه بعضُ النّساء :

( الزواج أوله تدليل وآخره تذليل )!!!

 

ولم ألُمْها كثيراً -حقيقة ، لكونِي أدري بخلافها معَ زوجِها في ذاكَ الوقت ، وما قاست وعانت في حياتِها الزّوجيّة ، وإلا فهي أختٌ فيها من الخيرِ الشّيء الكثير ..

 

وهنا لفتة :

لتحذر أخيّتي كلَّ الحذر ، من:

النّظر لبعض النّماذج السيّئة لأزواج وزوجات عاشوا حياتهم الزوجيّة في مشاكل ومشاجرات وووو !

فإنَّ كثرةَ التأمُّل في أحوالِ أولئك من أكثرِ ما يجعل لإبليسَ على عباد الله سلطاناً.

فتغدو الفتاة وقد حملت في عقلِها أكواماً من الخواطر السيئة عن الزواج ، وعن الحياة الزوجية بالمُجمل ..

وحينما تخوض غمارَ هذه الحياة ؛ تبدأ تقيس ما في عقلها من تصوُّرات على زوجها وعلى حياتِها ، وتسقط ما يحصل هنا وهناك على حياتها الزوجية ؛ فتخسر بصنيعها هذا خُسراناً مُبينا ، وتندم - ولات حين مندم !!..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بالنسبة لحديث أم زرع ؛ فقد سألت إحدى الأخوات عن مصدر الكلام المُتعلِّق بغيبة المجاهيل ؛ وهذا الكلام أنقلُه عن الإمام ابن حجر -رحمه الله- في كتابه فتح الباري ، :

وفيه أن ذكر المرء بما فيه من العيب جائز إذا قصد التنفير عن ذلك الفعل ولا يكون ذلك غيبة أشار إلى ذلك الخطابي وتعقبه أبو عبد الله التميمي شيخ عياض بأن الاستدلال بذلك إنما يتم أن لو كان النبي صلى الله عليه وسلم سمع المرأة تغتاب زوجها فأقرها وأما الحكاية عمن ليس بحاضر فليس كذلك وإنما هو نظير من قال في الناس شخص يسيء ولعل هذا هو الذي أراده الخطابي فلا تعقب عليه وقال المازري قال بعضهم ذكر بعض هؤلاء النسوة أزواجهن بما يكرهون ولم يكن ذلك غيبة لكونهم لا يعرفون بأعيانهم وأسمائهم قال المازري وإنما يحتاج إلى هذا الاعتذار لو كان من تحدث عنده بهذا الحديث سمع كلامهن في اغتياب أزواجهن فأقرهن على ذلك فأما والواقع خلاف ذلك وهو أن عائشة حكت قصة عن نساء مجهولات غائبات فلا ولو أن امرأة وصفت زوجها بما يكرهه لكان غيبة مجرمة على من يقوله ويسمعه إلا إن كانت في مقام الشكوى منه عند الحاكم وهذا في حق المعين فأما المجهول الذي لا يعرف فلا حرج في سماع الكلام فيه لأنه لا يتأذى إلا إذا عرف أن من ذكر عنده يعرفه ثم إن هؤلاء الرجال مجهولون لا تعرف أسماؤهم ولا أعيانهم فضلا عن أسمائهم ولم يثبت النسوة إسلامهن حتى يجري عليهم حكم الغيبة فبطل الاستدلال به لما ذكر اهـ

فتح الباري للإمام ابن حجر -رحمه الله - ج9 ، ص 275-276 .

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

استمتعت جدا بهذا الكلام المتزن الواقعي

رزقنا الله هذا العقل وهذه الحكمه

لا تقولي لي ان الموضوع انتهى على كدا؟؟؟؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تكملة المشاركة قبل السابقة

 

--------------

 

ولعلّي أذكُر لأخيّاتي بعض تلك النّظريّات ، والأقاويل التي يكثًر ترديدُها في بعضِ المجالسِ ، أكتبُها على سبيلِ الذِكرِ لا الحصر :

 

1- الرِّجل ، إذا لم تحكمي قبضتك عليه من البداية ؛ تمرَّدَ عليكِ وسلبَكِ حقّك طوالَ عمرك!

بالعامية : ( من أوّلها ، فرجيه العين الحمرا ، و قصقصيلُه جنحانُه )!!!

 

2- الرّجال ما عليهم أمان!

بالعاميّة : ( يا مأمِّن الرجال ؛ يامأمن الميّة في الغربال )!!!

 

3-وكذا قولهم : الرِّجال غير صادقيين ، أنانيين!! ويتبعْنَها بقولهن (كل الرّجال مثل بعضهم)!

 

4- ( أهل زوجك ما تعطيهم عين )!!

 

وغيرِ ذلكَ كثير من العبارات ، التي ما تأتي بها إلا صاحباتُ القلبِ السَّقيم والجهلِ المُقيم!

 

وعليه : فوصيّتي لمن تُجالسُ أمثالَ أولئك :

 

1- ألا تُرخي العنانَ لمقولاتهنَّ هذه ألبتّة!

 

2- وألا تفتحَ لهنَّ مجالاً لحديثٍ كهذا ألبتّة!

 

3 -وألا تتوانَ عن إسقاطِ نظريّاتِهنِّ -الخربةِ- تلكَ بأدلّةِ الكتابِ والسّنة ؛ علّهنَّ ينتهينَ عمّا عندهن!

 

وليكُن ردُّك على كلِّ نظريّةٍ من تيكَ النّظريّات ، بنظريّةٍ اجعليها عقيدًة عندَك:

 

الأولى: الرّجُل إذا أحكمتِ قبضتكِ عليه من البداية ؛ عافَكِ في النّهاية .

 

الثّانية : في حين سمعت أخيّتُنا مقولة : " الرِّجال غير صادقين ، أنانيين ، ما عليهم أمان " وغيرها من المقولات التحريضيّة ، التي تفسد العقولَ والقلوب ؛ فتقابلها بقاعدة كثيراً ما تتناقلها النّساء كذلك -إلا أنّي أراها سليمةً إن لم يُصاحبها سوءُ فهم واستهانة بقدر الزوج - وهي قاعدة :

 

(ولدك على ما ربيتيه وزوجك على ما عودتيه)!!

 

فلمَ لا تعوِّد صاحبةُ هذه النظريّة زوجَها على الصّدقِ والإخلاص وعدمِ الأنانيّة ، وهذا لا يتأتّي إلا حينَ تتحلّى أخيّتُنا بمحاسنِ الخلالِ أمامه ؛ لتصلَ بذلك لأرقى وسائلِ الدّعوةِ وهي الدّعوة بالقُدوة ، وليحسُنَ فيها بعدَها قولُ القائل:

 

" وراء كلِّ رجلٍ عظيم امرأة " !!

 

 

الثّالثة: بما أنَّ المرأةَ مدرسة ، ومن أعدّها أعدَّ أمّة ؛ فلعلّي أوافقُ الشّاعرَ إن قلت:

إنّما المرأةُ الأخلاقُ ما بقيت ... فإن هيَ ذهبت أخلاقها ؛ ذهبت!!

 

فالمرأةُ إن ذهبَ إحسانُها ، وذهبت أخلاقُها ؛ فستذهبُ محبّتُها ، وسيذهبُ احترامُها وإجلالُها من عينِ زوجها ، وستغدو حينَها ضحيّةً لنظريّاتٍ ومقولاتٍ بالية ، دارَ عليها الزّمنُ وبارت!

 

فلا ترجو زوجةٌ ذميمةُ الأخلاقِ سيّئةُ المعاملة ؛ صلاحاً أو سداداً!

وليس بعامر بنيان قوم = إذا أخلاقهم كانت خرابا!

 

ولتعلم أنَّ جُلَّ تيكَ النّظريات لا تُسمنُ ولا تغني من جوع ، وليست تصلحُ بيتاً ، ولا تصلحُ زوجاً ، بل كلُّ ما تسببه فسادُ الخلق ، وشتاتُ الأهلِ والقرابة !

 

ولي لفتةٌ أرى ضرورةَ تسليطِ الضّوءٍِ عليها ، ولفتِ الأنظارِ إليها :

 

" وهيَ أنَّه ليسَ كلُّ ما يٌقال يصلح لي ولغيري ؛ فقد يصلحُ لغيري ما لا يصلح لي وضدُّ الأمر صواب ، والعرب قديماً ضربوا مثلا بمثابة قاعدة تسقطُ على كُلِّ الأمثال ، وهو : ( ما يصلح لزيد قد لا يصلح لعمرو ، والعكس ) !!

 

فلتتأنَّ أخيّتُنا بعدَ كُلِّ ما تقرأ وتسمع ، ولتعلم أنّها حينَ تدخُل ذاكَ المِضمار أنّها ستسمع كلاماً كثيراً ، وستقرأ ، وهيَ مضطرّةٌ لأن تقرأ ، لكن لتكُن راشدةً عاقلة ، تُحسِن فَهمَ ما تسمع وتقرأ ، ولتتحرَّى الحقَّ والصّوابَ في سائرِ أحوالِها وشؤونِها ، ولتعلم أنَّ الحقَّ لا يكونُ إلا بموافقةِ الكتاب والسنّة ، فهما الذانِ أنصفا المرأة ، واختارا لها الطّريقَ الرّاشدَ السويّ ، بعكس أهواءِ البشر وأحكامهم!

 

ولتنظُر أخيّتُنا لحياتها على أنّها حياة خاصّة ، لها قدسيّتُها وكيانُها المُستقل ، ولا تلتفت لما حولَها من نماذجَ سيّئة وحيواةٍ كدِرة ، بل تجعل النّظرةَ الحسنة تلازمها كلّما نظرت في حالِ مَنِ حولَها .. و العاقلُ من يعرف حدَّه فيقف عندَه .

 

هذا الذي تحتاجُه طالبةُ العلم ؛ أن تُفكِّرَ تفكيراً حكيماً راشداً ؛ يتلاشى ويندحرُ معه الفكرُ الفاسد أمامَ الفكرِ الصّالحِ السويِّ ..

 

آخذةً بنظريّة الإمامِ العلَم ( ابن القيّم -رحمه الله ) وهي قاعدةٌ جليلة القدرِ عظيمة الشّأن ، منطوقُها أنَّ:

" أصل الْخَيْر وَالشَّر من قبل التفكّر فَإِن الْفِكر مبدأ الإِرَادَة " ..

 

والطلب فِي الزّهْد وَالتّرْك وَالْحب والبغض وأنفع الْفِكر الْفِكر فِي مصَالح الْمعَاد وَفِي طرق اجتلابها وَفِي دفع مفاسد الْمعَاد وَفِي طرق اجتنابها فَهَذِهِ أَرْبَعَة أفكار هِيَ أجلّ الأفكار ويليها أَرْبَعَة فكّر فِي مصَالح الدُّنْيَا وطرق تَحْصِيلهَا وفكّر فِي مفاسد الدُّنْيَا وطرق الاحْتِرَاز مِنْهَا فعلى هَذِه الأَقْسَام الثَّمَانِية دارت أفكار الْعُقَلاء ، اهـ

من كتاب الفوائد للإمام ابن القيم -رحمه الله- ج1 ، ص198 .

 

ولا تُبالي أخيّتُنا إن سمعت وصفاً من عبلةَ أو سلوى بـ (غباء) أو (سوءِ تصرُّفٍ) ، أو ، أو ...

 

بل : لتقل لهنّ بملء فيها :

ما أنتنَّ إلا كالراقم على الماء.. ولا يضرُّ السحابَ عتابُكن .. بل تأتي مثقلةً بالمياه .. فتغيث النّاس ، وتغيظ السُّفهاء!

( ولا يحيق المكرُ السيِّء إلا بأهله )!

 

وهاتِه أبيات أهديها لكلِّ أختٍ سئمتْ عتابَ من تبغي لها غيرَ ما يوافقُ شرعَ ربِّها ، ومن تظنُّ أنّها بعتابها هذا تُحسن لأخيّتها ، وتعنها على صلاحِ الحال ، ولكنها ما عرفت أنّها قد تودي بها إلى شفا جرفٍ هار!

 

أنشدي لها يا فاضلة:

 

أقلِّي عليَّ اللومَ يا ابنةَ مُنذِرٍ ... ونامي وإن لم تشتهِ النّومَ ؛ فاسهري!

 

 

وانتظرنني في الفصلِ القادم .. بمشيئة الله تعالى ، مع حِصنٍ آخر من حصونِ طالبةِ العلمِ حالَ زواجِها ..

 

وأسألُ اللهَ أن يصرف عنّا كلَّ خللٍ وزلل ، وأن يجعلَنا وقّافينَ عندَ الحقِّ ، عارفينَ له ..

 

وكتبتها : محبّتُكن / الطّويلبة ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا أمة الحبيبة علي النقل القيم

ورزقنا جميعا التوفيق والسداد.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خير الجزاء.. كلام قيم ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لم اكمل قراءة الموضوع حتى اليوم

بوركت امومة على هذا الكلام الجميل

فلتجعليه حملة لتغيير المفاهيم الخاطئة عند الناس

بارك الله فيك و زادك من خيره

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نأتي إلى ثاني حِصنٍ من حُصونِ طالبةِ العِلم ، حالَ زواجِها:

 

(2) طالبة العِلم والوقايةُ من الانتكاس!

لتعلم أختُنا الطّالبة عندَ زواجِها أنّها قد دخلت مِضماراً جديداً ، وأقبلت على حياةٍ جديدة ، وسترى أموراً ، وستعترضُها أشياء لم تكن لتخض غمارَها وهي في ظلِّ أهلِها!

نعم ، قد تمرُّ بأخيّتِنا ظروفٌ وقد تحيطُ بها المِحَنُ والفتَن وهي فتاة ، لكن لمحنِ الزّواج شكلٌ آخر ، وطبيعةٌ ثانية.

كانت في فتّوَّتِها في بيتِ أهلِها ، تجلسُ متى شاءت ، وترقدُ متى شاءت ، اهتماماتُها ليست بتيكَ الدّائرةِ الواسعة ؛ فهي منحصرةٌ على دراسةٍ وأهلٍ ورفاق!

لكنّها حين حوّلتْ رحلَها لبيتِ الزوجيّة ، فقد حوّلت مسارَ حياتِها ، واختارت مسلكاً آخرَ مغايرٌ لسابقه".

لذا فانتقالُها لبيت الزوجيّة ، إن لم يُقرَن بحمايةٍ وحصانة ؛ فستغدو ضيّقةَ الصّدرِ ، كدِرَةَ الحال ، وستتعرَّضُ لأمور فيها من الهمِّ والغمِّ ما فيها!

ولستُ أقولُ ذاك ؛ إرباكاً لأختِنا ، وقلقلةً لفكرِها!فإنّي أدركُ أنَّ الفِكرَ في الخيرِ أنفع وأنجع منه في الشرّ! لكننّي اخترتُ اللفتةَ هذه ؛ لكوني قد رأيتُ صرفَ الشّرِّ عن الحُسبان وعدمَ التحرِّي فيه ؛ يوقعُ في الشرِّ ، ويسببُ لمن أمنهُ الهلَكةَ والسُّقوطَ - والعياذُ بالله..

وما منهج الصَّحابيِّ الجليل حذيفة بن اليمان عن أخيّاتي ببعيد ؛ إذْ يقول:

"كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ ؛ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي" . رواه البخاري ومسلم .

فقد كان-رضي اللهُ عنه- يسأل عن الشر لا حبًّا فيه ، وإنما رغبةً في التّحذيرِ منه ، حتى لا يقعَ هو فيه أو يُبتَلى فيه أحدُ أفراد أمَّتِه .

ولستُ أظنَّ قول القائل –بخافٍ- حينَ قال:

عرفتُ الشرَّ لا للشرِّ لكن لتوقّيه ... ومن لا يعرفِ الخيرَ من الشرِّ يقع فيه!

فلتعلم أخيّتُنا أنَّها حينَ تتغيَّر ظروفُ معيشتِها ؛ فقد يتغيّرُ حالُها عن سابِقه ، ينمُّ عنهَ ضيقُ في داخلِها ، وكدرٌ وهمّ ..

 

بعض أخواتِنا قد تكون ممّن يُحسنُ محاسبةَ النّفس من حينٍ لآخر ؛ فتجلس معَ نفسِها جلسةً هادئةً متأنّية ، وتحاور نفسَها ، وتسألْها عن سببِ ما هيَ فيه ، وعن الباعث الذي جعلَ حالَها ينقلبُ إلى هذا الحال!

ولكنّ المرء لا يضمنُ لنفسِه الدّوامَ على التفكُّرِ والمُحاسبة ، فقد تغفلُ النّفسُ وقتاً طويلاً ، ثمَّ تستقيظ في حينٍ لا ينفعُ فيه استيقاظٌ أو حسرة!

لذا : ولكي لا يحلَّ البلاء ، وينزلَ على قلبِ أخيّتِنا العناءُ والشّقاء ، فلتحذرَ الانتكاسَ في الدِّين ، ولتعرف طرُقَ الوقايةِ منه ؛ لتلزمها ، وتستمسك بها!

ولتثق ثقةً تامّة أنَّ الوقايةَ والتَّحصين أفضلَ من العِلاج ؛ كما أنَّ دوامَ الذِّكرِ والاستعاذة من شرِّ إبليس أفضل من السَّعيِ لطردِه بعدَ أن استقرَّ في قلبِ المرء!

ولتعلمْ أن لا معصومَ من الانتكاس إلّا من عصمهُ الله!

و لتهَبْ أخيّتي : بيتاً محاطاً من جوانبه جميعِها بالإسمنتِ المُسلَّح ، وآخرَ محاطٌ بسورٍ طينيِّ .

لو أنَّ لصوصاً أرادوا اقتحامَ البيتين ؛ فأيّهما يسهلُ عليهم دخوله ؟

بالتّأكيد : ستجيبينَ أخيّتَك ، أنّهُ : ذاكَ البيت المُحاط بسورٍ طينيٍّ رخو!

وكذا – لن تخالفيني في كونِه سيصعبُ على من يقاومهم كفَّهُم عن سطوَه والعبثِ فيه ، بعدَ أنْ استقرُّوا في وسطه!؟

فالحاصل : ألّا تظنَّ أخيّتُنا بنفسِها خيراً ، وأنْ تعِ ضرورةَ الوقايةِ من الدّاءِ قبلَ وقوعِه ؛ حتّى لا تدَعَ لسمومُ (الأبالسة) أيَّ منفذٍ إلى قلبِها!

فكم من أختٍ ، ظنّت بنفسِها خيراً ، ولم تعِ ضرورةَ الوقايةِ ؛ حتّى تمكّنت سمومُ (الأبالسة) من قلبها ، واستشرت فيه ، وأتتْ على مجامعِه ؛ فطفحَ الرّانُ على قلبِها ، وما درت إلّا وهيَ قابعةٌ في وادٍ سحيق اسمهُ وادي "الانتكاس" -عافانا اللهُ وإيّاكُنَّ من ورودِه-.

 

إذن:

في هذا الشّأن ، وفي شتّى شئونِك ؛ اعلمي طرُقَ الوقاية ، واسلُكي سبُلَ الحماية ؛ تسلمي شرَّ الغواية

 

أطيلي النّظرَ في كلامِ أطبّاءِ القلوب ، أمثالَ:

الإمام ابن تيميّة وابن القيّم ، وابن الجوزي ، وابن أبي الدُّنيا ، وغيرهم كثير من الأئمّة الأخيار الأطهار ، الذينَ عكفوا على مداواة القلوبِ والأنفُس ، واعلمي أنَّ مداواةِ القلوب من أهمِّ ما ينبغي علينا معاشرَ العباد الالتفات إليه ؛ فالأجساد تبلى في الآخِر ، ولكنَّ القلوب تحيى غداً في يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون ، إلّا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم!

 

يقول طبيب القلوب ابن القيّم -رحمه الله- في كتابه الطبّ النبويّ (7/1) - مُحذِّراً ومُذكِّراً"

"وَمَنْ لَمْ يُمَيِّزْ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا - طبّ القلوب ، وطب الأبدان ؛ فَلْيَبْكِ عَلَى حَيَاةِ قَلْبِهِ ، فَإِنَّهُمِنَ الْأَمْوَاتِ ، وَعَلَى نُورِهِ ، فَإِنَّهُ مُنْغَمِسٌ فِي بِحَارِالظُّلُمَاتِ! " .

وكي لا يكُون ما سبقَ كلاماً تنظيريًّا بحتاً ؛ فسأسوقُ لأخيّاتي بعضاً من أقوالِ أهل العلم والدِّراية ، في سبُلِ الوقايةِ من الانتكاس، ولعلِّي أعرضها بطريقةٍ -كما لو أنّي أعرض منشوراً صحيّاً- لطبيبٍ حاذقٍ فهيم!

 

فإليكنَّ التّقارير ، أسوقُها واحداً تلوَ الآخر:

أما التقرير الأوَّل:

فهو لطبيبِ القلوب ابن القيم -رحمه الله تعالى- من كتابه مدارج السالكين يقولُ فيه:

" إنَّ العبدَ لو اعتصمَ بالله لما خرَجَ عن هِدايَةِ الطَّاعة " !

قال تعالى: {وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.

فلو كملت عصمته بالله ؛ لم يخذله الله أبدا.

قال تعالى: { وَاعْتَصِمُواْ بِاللّهِ هُوَ مَوْلاَكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَىَ وَنِعْمَ النّصِيرُ}.

أي متى اعتصمتم به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان ، وهما العدوان اللذان لا يفارقانِ العبد!

كمال النُّصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله ، ونقض هذا الاعتصام يؤدي إلى الانخلاع من عصمة الله، وهو حقيقة الخذلان ... فما خلّا الله بينك وبين الذنب إلاّ بعد أن خذلك وخلا بينك وبين نفسك.

ولو عصمك ووفقّك ، لما وجدَ الذنبُ إليك سبيلا..!

 

أما التقرير الثاني:

فهو للشيخ ابن سعدي-رحمه الله - في ظلال بعض الآيات في تفسيره لقوله تعالى:

{وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يتبين لهم ما يتقون}.

قال الشيخ السعدي: "إنَّ الله إذا منَّ على قومٍ بالهداية ، وأمرهم بسلوك الصراط المستقيم ؛ فإنّه يتمِّمُ عليهم إحسانه ، ويبيِّن لهم جميع ما يحتاجونَ إليه ، وتدعو إليه ضرورتهم ، فلا يتركهم ضالين جاهلين بأمور دينهم ودنياهم ، وهذا دليل على كمال رحمته".

ويُحتمل أنَّ المراد بهذه الآية:

أنّه إذا بيّن لهم ما يتّقون فلم ينقادو له عاقبهم بالإضلال جزاءا لهم على ردِّهم الحق المبين .. !

 

ويقول أيضا في قوله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين}..

إنَّ هذا يدل على أن أحرى الناس بموافقة الصواب هم أهل المجاهدة ، وأنَّ من أحسن فيما أمر به أعانه الله عز وجل ، ويسَّر له أسباب الهداية ..

 

وقال في قوله تعالى: {ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشدتثبيتا .. وإذا لأتيناهم من لدناّ أجرا عظيما ولهديناهم صراطاً مستقيما}.

يقول: "وأشد تثبيتا":

أي أنّ الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان الذي هو القيام بما وعظوا به ..

 

أما التقرير الثالث:

فهو لطبيب القلوب ابن تيمية-رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى يقول:

إنَّ إخلاص الدين لله يمنع من تسلّط الشيطان ومن ولايته التي توجب العداوة ، كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام:

{كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين}..

فإذا أخلصَ العبدُ لربه كان هذا مانعا له من فعل ضدّ ذلك ومن إيقاع الشيطان له في ضدّ ذلك..

وإذا لم يُخلص له الدين، ولم يفعل ما خُلِق له ، وفُطِرَ عليه عوقِبَ على ذلك ، وكانَ من عقابه تسلُّط الشيطانِ عليه ؛ حتى يزيّن له فعل السيئات، وكان إلهامه لفجوره عقوبة على كونه لم يتق الله ، فاشتغاله بالسيئات هو عقوبة عدم عمله بالحسنات كما قال الله عزّ وجل:

{فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم..}.

 

أما التقرير الأخير:

فينقله ابن حجر الحافظ -رحمه الله- في كتابه فتح الباري معلقا على قول الرسول صلى الله عليه وسلم:

"وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها"..

 

يقول: إنّ سوءَ الخاتمة لا يقع لمن استقام باطنه وصلح ظاهره ولكن يقع لمن في طويته فساد وارتياب ...

إذن ؛ حتّى تسلك أخيّتُنا البَرَّ الآمنَ ، وتعبُر ممرَّ دُنياها بسلام ، عليها أن تُدركَ:

1. أن اعتصامها بالله هو سبيلُها للثّباتِ على الدِّين ، وانصرافِ إبليسَ عنها في سائرِ أحوالِها .

ولتبحث بنفسِها عن سبُلِ اعتصامِها بالله ، كيف يكون الاعتصام بالله؟

2. أن مجاهدتها لنفسها ، و عدَم استسلامها لهواها ، هو سبيلُها للثّباتِ على الدِّين ، وانصرافِ إبليسَ عن قلبها .

ولتبحث بنفسِها عن طرُقِ مُجاهدةِ النّفس ، وكيف تكونُ مجاهدةُ النّفس؟

3. أنَّ قوّةَ تقواها ، وملازمتها لشرعِ الله ، هو سبيلُها للثّباتِ على الدِّين ، وانصرافِ إبليسَ عن قلبها .

فتبحث عن تقوى القلوب، ما يكون؟ وكيف يكون؟

4. أنَّ كثرةَ أعمالها ، وتطبيقها لما تسمع من مواعظٍ ولما بلغها منَ العِلم ؛ هو سبيلُها للثّباتِ على الدِّين ، وانصرافِ إبليسَ عن قلبها .

 

5. أنَّ تجديدَ نيتها من وقتٍ لآخر ، واحتسابَ الأجرِ في كُلِّ قولٍ أو عمل تقومُ به ؛ هو سبيلُها للثّباتِ على الدِّين ، وانصرافِ إبليسَ عن قلبها .

كيف يكونُ تجديدُ النيَّة ؟

ولا شكَّ أنَّ لمُحاسبةِ النّفسِ بالغَ الأثرِ في وقايةِ النّفس من العثراتِ والزلات ؛ فالنّفس بحاجة لتخويفٍ وترهيب وتذكير ؛ لتصرفَ عن القلب ما علِقَ فيه من زللٍ وبُعدٍ عن اللهِ سُبحانَه ..

 

فمن هنا:

وما دامت أخيَّتُنا قد عرفت مكامنَ الخلل ، وأدركت مزالقَ السّوء ؛ فلتسعَ لسلوكِ سبُلِ الوقاية ، ولتستمسك بدعائمِ الثّبات على دِينِ الله سُبحانَه ؛ ولا تجعَل من زواجِها سبباً في تقهقُرِها وتراجُعها ؛ بتعلُّقها –الشَّديدِ- بغيرِ اللهِ سُبحانَه! ، وانشغالِها عنهُ –جلَّ وعلا- بدُنيا رخيصة ، أو لجوئها لغيره –كلّما ألمّت بها الخطوب!-، بل تلزم كلَّ ما يصقلُ قلبَها ، ويقوِّي إيمانها وصلتَها بالخالقِ سُبحانه ، وما أجلَّها من لحظات تيكَ التي تسقط فيها أخيّتُنا دموعَ الخشيةِ والإنابة لله سُبحانه ، وتسألهُ الإعانةَ والرِّعاية .

وتسألهُ سُبحانَه الثّباتَ والسّداد إلى أن يواريها الثَّرى ..

 

ولا تفتُر أخيّتُنا عن ملئِ وقتِها أثناءَ شغلِها في بيتِها بسماعِ سورةٍ مُحكمة ، أو محاضرةٍ قيِّمة تهذِّبُ بها نفسَها ، وتحيي بها قلبَها ؛ ولا تتوانَ عن إرخاءِ سمعِها لتيكَ المُحاضرات ، علَّها تطرُق قلبَها بعدَ أن تلامس سمعَها ؛ فتنالَ بحُسنِ إنصاتِها خشيةً وإنابةً للمولى سُبحانَه ، وعزيمةً في نفسِها صادقةً راشدة!

 

ومن المُحاضرات ، التي أحضُّ أخيّاتي على سماعِها ، وبشدّة سواء المتزوّجات منهنّ أو العزباوات :

-محاضرة الإلتزام الأجوف / للشيخ عبد الرحمن العايد -حفظه الله .

-محاضرة الحوَرْ بعد الكوَرْ/ للشيخ إبراهيم الدويش –حفظه الله .

- محاضرة ثلاثون سببا للانتكاسة / للشيخ عبد الرحمن بن عايد العايد -حفظه الله.

-مُحاضرة دمعة منتكس / للشّيخ خالد الرّاشد -حفظه الله .

-مُحاضرة حوار مع منتكس / للشيخ : سعيد بن مسفر-حفظه الله .

-محاضرة : لماذا انتكس فلان ؟ أكثر من 45 سبب للإنتكاسة ، للشيخ : سلطان العمري - حفظه الله .

وكذا لا تفتر أخيّتُنا عن ترطيبِ لسانها بذِكرِه سُبحانَه ، بل تجعلهُ عامراً بالتّسبيحِ والتّحميدِ والتّهليل في سائرِ صولاتِها وجولاتِها داخل بيتها وخارجَه ..

 

وفي الأخير:

أأكُّد لأخيَّتِنا أنَّ الوقاية من دواعي الشرّ والفساد ، أيسر وأكثر خيراً من العلاج ، فالعلاج قد ينفع وقد لا ينفع ، ولكن الوقاية حصانة ، ومن يحفظ الله يحفظه الله ..

وانتظرنَ الفصلَ القادم ، مع حصنٍ ثالثٍ من حُصونِ أختِنا المُتزوِّجة ، يأتي تِباعاً – بمشيئةِ اللهِ تعالى ..

واللهَ أسألهُ الهدايةَ والرَّشادَ لخيرِ النَّفسِ والعباد ..

واللهُ الموفِّقُ والهادي وحدَه ..

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك أمومة على الموضوع المتميز ... فعلا نحن نوهم أنفسنا بكثرة الإنشغلات و نهمل طلب العلم

وفقنا الله للخير و لكل ما يحب و يرضى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

<p> </p>

<div>

<p>جزاكي الله خيرا </p>

<p>لامست كلماتها قلبي </p>

<p>وووضعت يدها على الجرح </p>

<p>لا حرمكي الله الاجر</p>

</div>

<div> </div>

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(3) طالبة العِلم والتغلَّب على المعاناة!

 

لا أفتئُ أذكرُ تيكَ المجالسَ النيِّرة ، التي عجّت بالنّفعِ والخيرِ والمؤانسةِ معها!

فرفقتُنا ما كانتْ -ذاتَ حظوظٍ في الأنفُس- حتّى يَسهُلَ هدمُها وهزُّ كيانِها , ولا زالت!

بل كانت رفقةً طيّبةً مُباركة , أخويّة ، دعويّةً علميّة!

فيها من المواقف والخطَرات والمحاورِ واللفتات ما يسرُّ القلبَ ويطربُ الوِجدان!

 

لا يذكرُها سوايَ وسواها ....... ؟

 

ولولا خشيةَ الإطالة ، وخشيةَ تسلُّطِ الشّيطانِ ؛ لكنتُ كتبتُ شيئاً من تيكَ المواقفِ الجميلة والمشاهدِ النّبيلة! وأنّي أدَعُها ليومٍ تسألُ فيه كلُّ نفسٍ عمّا كسبت ، وتُجزى كلُّ نفسٍ بما كسبت.

 

[ انقطعتُ عنها بعدَ زواجي أشهراً خلت إلى أن عُدتُ إليها , وإذ بها بحالٍ غيرَ الذي تركتُها عليه , ودِدْتُ تلكَ السّاعة أن أقفزَ من شاشة الحاسِب ؛ لأجلسَ إلى جانِبِها ؛ وأربِّت على كتفِها ، إلّا أنَّ بُعدَ البلاد ؛ حالَ دوني ودونَها ]!

ولكن ............

ما ذا حدثَ لرفيقتي!؟

ما بها تُحادثُني بهذه الرّسميّة وتيكَ القسوة!؟

ما بها !؟ أيُّ شيءٍ حوّلَ قلبَها ؟ وحالَ دوني وعهدِي القديمِ بها!؟

 

جلستُ بُرهة! أتأمَّلُ عباراتِها الموجِعة! أتأمُّلُ وصفَها لما لاقت و عانت!

ثمَّ أتأمَّلُ تعقيباتِها بعدَ كُلِّ عبارةٍ ، وإيماءاتِها المؤنّبةِ التي تقول فيها :

أينَ أنتِ عنّي من زمن

أدركُ أنِّي مخطئةٌ بانقطاعي المفاجئِ عنها وتغيُّبي الطّويلِ عن مرافقتِها، أدركُ أنَّ هذا الأمرَ عليها شديد ؛ وصنيعي هذا أقسى عليها من طرقِ الحديد!

 

ولكنّي ما فتئتُ أقرأُ وأقرأُ ما تبوحُ به رفيقتي إليَّ ، وكذا ما توجِّههُ إليَّ من لومٍ وعتابٍ وتثريبٍ!

تألّمتُ وتألّمت ، لكّني بدأتُ أشعرُ أنَّ كلامَها بدأ يأخُذُ منحىً أخرَ غيرَ الذي عهدتُه منها!

قلتُ لها: أن يا أخيّة / تريّثي وتأنّي ... اهدئي ثمَّ تكلّمي!

لكنّها أصرَّت ، وما لبثت إلّا أن أعادت عليَّ ما قالت ، وعادت للعتابِ واللوم!

 

فكان جوابي: " أن يا أخيّة / ألا تعلمينَ أنّ مثلي كمثلِ عبادِ اللهِ أجمع! أخطئُ وأزِل ، وأحيدُ عن الحقِّ وأضِل!؟ ألا تعلمينَ أنّ لي أعذار لا يعرفُها إلّاي"!؟

 

واصلت تثريبَها ولومَها!؟

حينَها خرجت منّي كلمةُ تمّنيتُ حينَها أن لو لدغتني حيّةٌ ، أو لسعتني عقربٌ ولم أقلها! وأسألُ اللهَ أن يغفرَ لي وأن يتجاوزَ عن زللي .

 

بعدَ هذه المُحادثة ، أخذتُ على نفسي أن أكتبَ لرفيقتي كلماتٍ أخويّةٍ سويّة ؛ تسليةً وتعزيةً لها في مُصابِها ، وتكفيراً عن خطئي الذي ارتكبتُه في حقِّها!

 

قلتُ:

أي أخيّة إنّه وربّي راعني الذي قرأت –على قلَّةِ ما قرأت- وأعلمُ أنَّ خلجاتِ قلبِك تُخفي أكثرَ مما أبدت بكثير!

ولكنّني سأمضي بحديثي هذا آخذةً بما سمعتُ وما لم أسمع! ؛ فالبلايا كثيرة ، والشّدائدُ عسيرة .. وإن لم نعرفها . لكن حسبُنا الذي ذُقنا ؛ ومن عاينَ عرفَ!

 

أي أخيّة / تعالَي معي ففي قلبي كلامٌ كثير أحبُّ أن أقدِّمهُ لك! كلامٌ علمّتني إيّاهُ دُنيايَ على قلِّةِ ما أمضيتُ من عُمري فيها!

لكنّها وربّي علّمتني ، وما زالت تُعلِّمُني ، وهذا تفضُّلٌ من ربِّ البرايا عليَّ؛ ولولايَ لم أومِن بأنّها مدرسة ؛ ما أدركتُ أنِّي في مِراسٍ لما هوَ آت!

أشهدُ اللهَ أنِّي أزدادُ معَ كُلِّ ثقلٍ يُلقى على كاهلي خفّةً وراحة! ومعَ كُلِّ رزيّةٍ وبليّة ؛ رِفعةً وعُلوا!

 

ولستُ أقولُ ذاكَ حُباً ورغبة ، وإنّما اعترافاً ، وذِكراً للنِّعمة التي قد يظنُّها البعضُ نقمة!

 

أتدرينَ لمَ وكيف يا حبيبة

لأنّ الذي يسقطُ مرّةً تلوَ المرّة ؛ يستحيلُ أن يسقطَ بعدَها! والمؤمن لا يُلدغُ من جحرٍ مرّتين!

والمؤمنُ كيِّسٌ فطِن! يعلمُ ما جرحَت يمينُه وما كسبت بالأمس. وينهاها عن غيِّها بعدَ علمِها ووعيها اليومَ وبعدَه ؛ لأنّهُ علِمَ وعرفَ الحقَّ؛ فوجبَ أن يعمل!

 

إذن أخيّة :

هذا أوُّلً ما يتوجَّبُ عليكِ معرفتَه : أنَّ الحياةَ مدرسة ، وأنَّ ما يصيبُكِ منها ؛ هو دليلُكِ ومُرشدُك لصنيعِتك فيما بعد!

 

ثانيها: أنَّ الحياة فيها من البلاءِ والشّقاءِ ما فيها منَ الرّغَدِ والهناء ، وفيها من الضّنك ما فيها من طيِّبِ العيش ، وفيها من الرّخاء ما فيها من الشدّة .

 

فالحياةُ مجبولةٌ على كدر .. واللهُ سُبحانَه وتعالى خلقنا بني الإنسان في كَبَد!

 

يقولُ علماؤنا : "أول ما يكابد قطعَ سرته , ثم إذا قُمِّط قماطا , وشدَّ رباطا , يُكابد الضيقَ والتّعب , ثم يكابد الارتضاعَ , ولو فاته لضاع , ثم يكابد نبت أسنانه , وتحرك لسانه , ثم يكابد الفطام , الذي هو أشد من اللطام , ثم يكابد الختان , والأوجاع والأحزان , ثم يكابد المعلم وصولته , والمؤدب وسياسته , والأستاذ وهيبته , ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه , ثم يكابد شغل الأولاد , والخدم والأجناد , ثم يكابد شغل الدور , وبناء القصور , ثم الكبر والهرم , وضعف الركبة والقدم , في مصائب يكثر تعدادها , ونوائب يطول إيرادها , من صداع الرأس , ووجع الأضراس , ورمد العين , وغم الدين , ووجع السن , وألم الأذن . ويكابد محنا في المال والنفس , مثل الضرب والحبس , ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة , ولا يكابد إلا مشقة , ثم الموت بعد ذلك كله , ثم مساءلة الملك , وضغطة القبر وظلمته ثم البعث والعرض على الله , إلى أن يستقر به القرار , إما في الجنة وإما في النار" .

إنّه –لعمري- حالُ هذه الدُّنيا .. وما بينَ غمضةِ عينٍ والتفاتتِها .... يبدِّلُ اللهُ من حالٍ إلى حالِ!

اجتماعٌ ، يعقبُه فُراق! وغِنى يعقبُه فقر! ومحبّةٌ تعقبُها عداوة!

يانائمَ الليلِ مسروراً بأوّله ... إنَّ الحوادثَ قد يطرقنَ أسحارا .

فلا تظنّنَّ أخيّة أن تسلمَ من عداوةِ أهلها!؟ لا واللهِ لن تسلمي!

ليسَ يخلو المرءُ من ضدٍّ ولو ... حاولَ العُزلةَ في رأسِ الجبَل .

وإن كانوا أهلك ، ممّن يشركوكِ صُلبكِ ودمَك! وحسبُنا في هذا ما حلَّ برسولِ اللهِ صلّى اللهِ وسلّم سواءَ من بني قومِه أو غيرِهم!

عانى من صغره ؛ ولد يتيما لم ير أباه ، وأمه لم تلبث أن ماتت ، ونشء فقيرا يرعى الغنم!

ولما أوتي الرسالة ؛ كذبوه شتموه سبُّوه ، سخروا منه ، اتّهموه بالجّنون والكهانة والشِّعر والسِّحر ؛ حتّى بلغَ الأذى في بناته ؛ فطلُّقت بناتُه لما جهر بالدّعوة ، ووضع سلى الجزور على رأسه ، وحاولوا قتله حتّى ربّما ببلغت اثنا عشر محاولة! وخنقه عُقبة بن مُعيط! وأرادوا قتلّهُ عند الهجرة! وحاصروا بيتَه! ووضع له اليهود السُّمَّ في الطّعام! وسلَّ الأعرابي عليه السّيف فوقَ رأسِه وهو نائم! وأراد المنافقون أن يزحموا دابته -في العقبة- في الهاوية فوقَ الجبل! حاول بنو النضير قتله غدراً! في أحُد سقط في حُفرة!

حوصر في الشِّعب ثلاث سنين عانى أهل بيته ، وأصحابه يُعذَّبون أمامه! صبراً آل ياسر صبرا!ومات كلُّ أولاده في حياته إلا فاطمة!

 

فلا تعجبي أختاه ؛ فهذا حالُ النّاس ، ولا تعجبي ؛

فالليالي منَ الزّمانِ حُبالى ... مُثقلاتٍ يلدنَ كُلَّ عجيبا! والنّاسُ يتراوحونَ ما بينَ منتقدٍ ومُجرِّحٍ أو حاقدٍ أو حاسدٍ أو ممّن ينالُ في عرضِ أخيه أقلَّ من ذلكَ أو أكثر!

و ... إنًّ نصفَ النّاس أعداءٌ لمن ... ولي الأحكامَ هذا إن عدَل!

 

فيا أختاه : لا يضيرُكِ حقدُهم وعداوتهم وكيدُهم!

دعيهم يكيدونَ لك ، ويحثونَ في وجهكِ التُّراب ، في تيكَ الأثناء واستعيني بالله ، تسلَّحي بالعزيمةِ والصّلابةِ أمامهم ؛ تلقميهم حينها كومةً منَ الحجارةِ! بل وربَّما أثّرت فيهم تيكَ الحجارة! وأثّرت فيهم صلابتُك هاتِه ؛ ليتعلّموا حينَها درساً عظيماً من دروسِ الحياة! فحواهُ :

"أنَّ الصَّبرَ سلاحُ المؤمن ، ورأسُ مالِه . وأنًّ اللهَ يُدافعُ عن الذينَ ءامنوا وليسِ بضارّهم شيئا"!

 

فاجعلي يا أختاه: من الصِّعابِ سُلَّماً عظيماً أشمّاً ؛ يرقى بكِ إلى ذُرى السَّحاب!

ذاكَ السُلَّم هو يقينُك بأنَّ دنياك هذه هي دارُ ممر لا دارُ مقر! تأمّلي في هذه! وقولي آمنتُ!

وبعدَها أقولُ لكِ : أيْ أخيّة أنتِ أنتِ!

 

لستُ أطيقُ التّنظير ، ولن أقولَ لك: اصبري ، ثابري ، اثبتي ، فقط!

ولكنّي سأترجمُ لكِ عباراتِي تيكَ بواقعٍ عمليّ :

 

تعرّضتِ لإساءة أوذيتِ وضيِّقَ عليكِ في عيشِك ، ضاقت عليكِ الأرضُ بما رحبت!؟

ما سببُ كُلِّ هذا في ظنِّك!؟

 

أظنّك توفقينني؟ ليبلوكم أيّكم أحسنُ عملا!

 

إذن : متى ما ألمَّ بكِ بلاء أو اعترضتكِ خطوبُ الدَّنيا ومُنغِّصاتُها ، اعلمي أنَّ هذا حالُها :

جُبِلَتْ على كدَرٍ و أنت تُريدُها ... صفواً من التّنغيصِ و الأكدارِ

و مكلف الأيام فوق طباعها ... متطلبٌ في الماء جذوة نار!

 

ثمَّ : أحسِني العملَ ، لتُحسني الإجابةَ في ذاكَ اليوم ، فتفلحي وتفوزي!

 

ثمَّ : انظري إلى حالِ أهلِها ، بل وتذكَّري مُصابَ من حولِك ، ممّن قد يكونُون أقربَ الأقربينَ إليكِ!

 

تيكَ عُدِمت الزّواجَ لإعاقةٍ في إحدى أعضائها!

وتيكَ تزوّجت وذاقتْ الويلَ من أهلِ زوجِها ، بل وقد يكونُ من زوجِها!

 

وتيكَ لم تُنجِب سنينَ خلت لعُقمٍ في رحمها!

وتيكَ ابتلاها اللهُ بأبناءَ عاصينَ قلبوا عليها حياتَها!

 

وذاكَ تمنّى الغنى ؛ فأماتهُ اللهُ لمّا اغتنى!

فقد جاءَ عن أحدِ الولاة أنّهُ ولي قضاءَ مِصر ، وحسنُ حالُه بعدَ ضيقِ حالٍ ؛ لكنّه ماتَ في أكلةٍ اشتهاها! فحكي أنّه قالَ لمّا نزلَ به الموت: لا إله إلّا الله ، "لمّا عِشنا مِتنا"!

 

سُبحانَ الله! ما حلَت هذه الدُّنيا إلّا أوحلت!

 

مصائبُ ونوائبُ تحلُّ على المرءِ بعدَ أن كان يسعى لمُسببّاتِها سعياً ، ويرجو اللهَ أن يُنلهُ إيّاها!

ولمّا أن وقعت به البليّة ، وأتتهُ الرزيّة ؛ أدرك حكمةَ الله جلَّ وعلا ، وعلِم أنَّه لا يَختارُ لعبيدِه سوى الخير!

 

واعلمي : أنَّ الدُّنيا لولاها دارُ ابتلاء ؛ لم يُضيَّق العيشُ على الأنبياء والأخيار ، ولم يلصق بهم البلاء ، حتّى عدِموا الرّاحة!

 

وأنصعُ برهانٍ :

نبيُّ الله أيوب عليه السّلام! لم يبقى في جسده مغرِز إبرة سليمًا سوى قلبه!

حتى قال أحدهم يوما : ما أصاب أيوب هذا إلا بذنبٍ اقترفه!!

تأمَّلي .......... !!!

فلما علم أيوب -عليه السّلام- بذلك ، جأر إلى الله ؛ فأزال الله بلاواه ، وإلّا فقد كان صابرا على البلاء ثمانية عشرَ عاما -كما جاء في الحديث الصّحيح- وماصدر منه لم يكن شكوى وإنما كان دعاءا والإنسان يشكو إلى ربه ولا يشكو إلى النّاس إذا عظُم الإيمانُ عندَه!

 

وقد دام مرُضُ أيّوب؛ وأيوب إذ نادى ربّه أنّي مسّنيَ الضُرّ ، ولم يكُن متسخِّطا ولا جزعا ؛ لأنَّ الله سُبحانه يقول: إنّا وجدناهُ صابراً ؛ والصّبر ليسَ فيهِ جزع ..

 

(قال أبو الفرج بن الجوزي:

" أما بعد ، فإني رأيت عموم الناس ، ينزعجون لنزول البلاء ، انزعاجاً يزيد عن الحد ، كأنهم ما علموا أن الدنيا على ذا وضعت!

وهل ينتظر الصحيح إلا السقم؟ والكبير إلا الهرم؟ والموجود سوى العدم؟! كما قيل:

على ذا مضى الناس، اجتماع وفرقة ...... وميت ومولود وبشر وأحزان!

 

وما أحسن ما روي عن بعض السلف ، أن رجلاً جاءه وهو يأكل طعاماً ، فقال له: لقد مات أخوك ، أعظم الله أجرك فيه ، فقال: اقعد وكل ، فقد علمتُ ذلك ، فقال: من أعلمك ، وما سبقني إليك أحد!؟ قال: قولُه تعالى: {كل نفس ذائقة الموت}! ).

تسلية أهل المصائب للمنبجي ص52 .

 

فالدُّنيا مشوبة بالكدر .. مشوبةٌ بالمنغِّصات ..

 

ولكنَّ.. الحاذقَ الفطٍن ، من يُحسِن في دقائق أيّامِه ؛ ويُدرك حقارةَ الدُّنيا وصغارها ؛ لينالَ راحةَ الآخرة ..

 

وقد سئلِ الإمام أحمد -رحمه الله- : متى الرّاحة يا إمام؟ قال: إذا وضعتَ قدمك في الجنّة ؛ ارتحت!

 

فيا حبيبة يا من هيَ بطيبِ قلبِها ، وسعيها لرضى ربِّها ؛ لقلبي قريبة :

 

- إيّاكِ وأن تخرجي من هذه الدُّنيا ومن مدرسةِ الحياة خاويةَ اليدينِ صِفراً ، بل اجعلي المِراسَ سبيلَكِ لإدراكِ حقيقتِها ، ومعرفةِ قيمتِها .

 

- حينَ يصيبُ أحدَهم مُصيبة! أو تسمعيهم يخبرون: مصيبةٌ حلَّت بفُلانٍ أو فلانة ؛ فاعلمي أنّها هيّنة ما لم تكُن في دينِه!

 

ولستُ أدعوكِ لعدمِ التؤثُّرِ لمصائبِ الغيرِ ، والوقوفِ عندَ شدائدهم -لا-!

ولكنّكِ ...

مع تؤثُّرك اعلمي: أنَّ الأمرَ يسيرٌ ما دام لا يمسُّ دينَهم الذي هو سبيلُهم لملاقاةِ ربِّهم بوجوهٍ مُسفرة ضاحكةٍ مُستبشرة!

 

وإلّا فما يفيدُ أن نبتهجَ ونسعدَ في دُنيانا هذه ، ثمَّ نفارق سعادةَ الآخرة -عافانا الله وإيّاك- !

 

ما يفيدُنا إن رافقنا النّعيمَ والرّخاءَ والسّعادة في دُنيانا ، ثمُّ هُناك يومَ العرضِ الأكبر ؛ فارقنا النّعيم!

 

وفي أيَّ بليّةٍ تحلُّ عليكِ في دُنياك ؛ تذكّري من هم دونَك!

 

من أناسٍ ذاقوا الويلات من أهليهم أو أزواجهم أو أولادهم أو منهم جميعا!

ربطوا على بطونهم الحجارةَ من الجوع ، وذاوقوا مرارةَ الحربِ والقتلِ والخوف!

ومن مرضى قيّدَهُم المرضُ في أسرّتهم ، ولم يُبقِ على عضوٍ منهم! أو أصحّاءَ الأبدانِ أضنتهم الأمراضُ النّفسيّةُ والعقليّة!

 

هم فارقوا الرّاحةَ في الدُّنيا ، لكنّ اللهَ وعدَهُم أن يرافقوها في الجنان!

 

إذن:

" من رافقَ الرّاحة ؛ فارقَ الرّاحة! و النّعيمُ لا يُدركُ بالنّعيم!

لا تنسي القاعدةَ المُقرَّرة! واجعلي الشُّكرَ ذِكرَك ، والصَّبرَ حليفَك ، وكتابَ اللهِ دليلَك! تجدي راحةَ الدِّينِ والدُّنيا!

 

ولا تظنّي أنَّ الحياة لم تسلم لأحد أو أنّها جُعلت لأحدٍ دونَ أيِّ سوءٍ يُصيبُه!

لم يكُن هذا ولن يكون!

 

هذا وأجدُني أطلتُ كثيراً ؛ لكن قريحتي أبت إلّا أن تكتُبَ لرفيقتِها ، وسمعي أبى إلّا أن يستمعَ لمحاضرةِ طيّبةٍ عُنوانَها "التغلُّب على المُعاناة" كتبتُ منها ما وجدتُه يُناسبُ الحالَ ، علِّي آخذ بيد أخيّتي المُباركة للطّريقِ الذي اخترناهُ أنا وهيَ لأنفُسِنا ، وأبينَا إلّا أن نعبُرَه ، لنرقى بهِ سُلَّم الجنّة إن شاء الله .

 

هذا وأسألُ اللهَ أن يوفّقَني وأخيّتي الحبيبة الغالية لكُلِّ خيرِ وأن يرزقَني وإيّاها راحةً في أخرانا لا تعدلُها أيّةُ راحة ... وأن يجمعني بها وبأخيّاتي على سُررٍ مُتقابلينَ ... متؤانسينَ متضاحكين ..

اللهمّ آمين ..

 

ولن أدعو لكِ بأنْ لا تريْ السُّوءَ أبدا !!! .............. ؛

روي أنَّ أحدَهم دعى لأخيه ألّا يصيبَهُ سوءٌ أبداً ، فقالَ لهُ أحدُ الصّالحين: دعوتَ عليهِ بالهلاك!

 

smile.png

 

وُدمتِ لمُحبّتِك الطّويلبة أيّتُها الجزائريّةُ الأصيلة ..

 

وقد وجدتُ أن أنقلَ رسالتي لأخيّاتي هُنا علّهنّ يستفدنَ منها إن كانت ذاتَ فائدة ..

 

وكتبتها : مُحبّتُكُن من أرضِ الشّام / الطُّويلبة الحنبلية ..

 

ليلةَ الحادي عشر من ربيع الثّاني من السّنة الهجريّة . الثالِث من شهرِ مارس من السنةِ الإفرنجِيّة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

(4) طالبة العِلم وكمالُ الحمد على الانصرافِ عن: [ فتنِ هذا الزّمان ] !

 

لستُ أذكرُ شيئاً دفعني للذّهابِ معَها غيرَ ما وجدتُ فيها من رغبةٍ شديدةٍ لأصطحبَها لأكاديميّتِها!

 

ولمّا أن استأذنتُ وليَّ الأمرِ -أبى عليَّ- إلى أن ألحَّت هيَ عليهِ بشدّة ، وبعدَ طويلِ نقاشٍ وأخذٍ ورد بينَها وبينَه!

 

تمّت الموافقة!

 

- اصطحبَنا لمكانٍ لا يبعدُ عن ذاكَ المكان إلّا النزرَ اليسير!

 

لم أكن لأتصوَّرَ يوماً أن أعاينَ ما سمعتُ وعرفتُ وبهاتِه الصُّورة الجليّة!

 

إنّها المخالفات التي أُسمعتُها تلوحُ أمامَ ناظريَّ واحدةً تلوَ الأخرى!

 

توجّهنا مُباشرةً لكُليَّةِ الشّريعة! كانت محطّتُنا الأولى في إحدى المُصليَّات!

 

 

 

حيثُ أولى المشاهد :

وقفتُ لأصلِّي الضُّحى ، فأبصرتُ عن جنبٍ وطرف أخواتٍ بشتّى الأشكالِ والهيئاتِ!

 

كلٌّ منهنَّ تدندنُ بما حباها الله ، ويجلو لسانُها عمّا حوى قلبها!

 

تيك حديثُها في المنهاجِ المدرسيّ!

وتيكَ في مشوارٍ لها مع رفيقاتها اليوم!

وتيكَ في مهارتها في الطّبخِ والنّفخ رُغمَ عدم تفرُّغها لهذا!

وتيكَ تمسكُ في يدِها مصحفاً تتلو منهُ آيَ كتابِ الله ، وما رأيتها من غيرِ الأعجميّات!

 

كلماتٌ متفرّقات، بعضُها ألفتُها وأخرى رأيتُها تردُ أذني كصواعقٍ مُرسلة!

 

عزمتُ على أن أبدأ صلاتي ، وكبُّرتُ تكبيرةَ الإحرام!

 

 

 

 

المشهد الثّاني :

بعد الفراغ ، انضممتُ لرفيقتي ، حيثُ حلقة رفيقاتِها ، لا أخفيكن فما عهدتُ في قولهنَّ ما يُخالفُ الشّرعَ أو يعارضُ العُرف!

وما رأيتُ منهنَّ إلّا طيبَ الفِعال ، وحُسنَ الخِصال!

 

سألتني غيرَ واحدةٍ منهنّ عن عدمِ التحاقي بهذه الجامعات ، والدِّراسةِ فيها!

 

فكنتُ أجيبهنّ ، أن : قراري في البيت خيرٌ لي وأحب ، كما أنّي أطلبُ العلمَ بوسائلَ أخَرَ غيرَ هذه ، وأراني منتفعةً مستفيدة!

وقد تبيّنَ لهُنَّ صدقُ ذلك ، حينَ يردُ من إحداهُنَّ استفسارٌ أو سؤال ؛ فيجدنني أجيبُ عنهُ وأوضحُ ما فيهِ من استشكال!

 

ولستُ أغفِل أنَّ هؤلاء الأخوات رُغمَ التحاقهنّ بجامعةٍ كهذه للدِّراسة ، فهُنَّ يعترفنَ اعترافًا جازماً أنّهنَّ على خطأٍ في ذلك ، وأن صنيعَهُنَّ هذا فيه مخالفةٌ جليّة ، لكن .... لعلَّ الذي يغفرُ لهُن زلّتهن هي الضّرورةُ أو الحاجة!

على حدِّ قولهن!

 

 

 

 

المشهد الثّالث :

اقتربَ موعدُ أولى المُحاضرات ، وكانت في مادّة التّلاوة ، اصطحبتني أخيّتي حيثُ قاعةُ الدِّراسة ، حتّى إذا ما دخلتِ المُدرِّسة ؛ ألقت السّلام ، ثمَّ حمدتِ اللهَ وأثنت عليه ، عقّبت بطرحِ علاماتِ تعجُّبٍ كثيرة ، واستهجاناتٍ كثيرة لما ترى وتعاين في هذه الجامعة!

 

سألتها الطّالبات عن الخبر! ؟؟

 

قالت: أتصدِّقُ إحداكُنَّ أن تُلصقَ الدّكتورة على بابِ مكتبها شيئاً من العبارات الهادفةِ النّافعة ؛ فتجيءَ في اليومِ التّالي ؛ لتراها قد مُزّقت ، وألقيتْ أرضا ... بل ونشرت في إحدى المجال لجهةٍ أخرى!؟

 

أتصدّقُ إحداكُن أن تدخُلَ المدرِّسة القاعة ، فتأبى بعضُ الطّالبات أن تخرجَ كُرّاسَها أو محبرتَها!

بل تكتفي بالتّحديقِ في وجهِ أستاذتِها تحديقاً لا حيدةَ فيه عنها!

وحينَ تستقصي المدرِّسة عن العِلّة والسّبب ؛ يظهرُ لها أنَّ أولئك الطّالبات ينقمنَ منها لكونِها زوجة الدّكتور الفلانيّ!؟

 

واحرَّ كبدي ، من قلوبٍ مريضةٍ كهذه!؟

أتراني بينَ أناسٍ متعلِّمين أم بينَ مرضى فارغين!؟

 

ولستُ أنفي عن ذاكَ المجلس الفائدةَ والانتفاع ؛ فقد انتفعتُ أيّما انتفاع بفضل الله تعالى!

ولعلَّي أسوقُ لكُنَّ الفائدةَ التي انتفعتُها حينَ ذاك في مشاركةٍ قادمة بمشيئة الله ..

 

 

 

 

المشهد الرّابع :

خرجنا من القّاعة متوجّهين إلى المُصلَّى ؛ فرأيتُ عجبًا!

 

فتيات متوزّعات هُنا وهُناك في يدِ كُلِّ واحدةٍ منهنّ مرقبة (مرآة) تتأكّد من خلالِها من :

حجمِ عينِها!

ولونِ وجهِها!

وشكلِ أنفِها!

وطولِ رِمشِها!

وصبغِ فمِها!

 

كلُّ ذلك في المُتوضّأ ... وفي ممارِّ المُصلَّى!

 

إنّا لله!

 

ليتني في قسمٍ ثانٍ غيرَ قسم الشّريعة!

كنتُ حينَها سأقول: " لا عجَب ؛ فعلى نوعيّةِ الاختيار ؛ تكونُ الفِعال "!

 

لكنّني رأيتُ هذا حيثُ القسم ، الذي :

 

- تُدرَّسُ فيهِ أحكامُ الشّرع!

- وتُعَلَّمُ في كنفِه الآدابُ العامّة!

- ويُهذِّبُ النُّفوسَ على الطّاعةِ والاستجابة!

 

واحسرتآه!

 

 

 

 

المشهد الخامس :

ما لبثت أستريحُ في مكاني ، لأهيّئ نفسي لصلاةِ الظّهر إلّا وأقبلت عليَّ طالبةٌ من الطّالبات!

مدّت إليَّ ساقَيها! لا أقولُ يدَها بل ساقَيها!

وكانا مكشوفين!

قلت: ما أفعَل!؟

قالت: من فضلك أنزليلي كُمَّ العباءة!

قلت: حسن .

أمسكتُ بطرف الكُم لأنزلَه! ولكن ...... ما هذا!؟

 

نظرتُ إليها! ما به هكذا !

 

قالت: هذا أوّلُ يوم لي ألبس فيه العباءة!

قلت: بارك الله لك يا حبيبة!

 

ولكن لو كانَ واسعاً قليلاً!

 

توكّلتُ على الله ، وعدّلتُ من جلستي! وبدأت أشدُّه لأسفَل!

 

أشهدُ الله أنّ جُلًّ ما على الكُم من إكسسوارٍ و(خرز) تفتت وسقطَ على الأرض!

 

يا لعجبي!

ضاقت عليها الأرض إلّا من هذه العباءة!

 

تذكّرتُ في خلَدي ؛ قولَه -صلّى الله عليه وسلّم : " لو دخلوا جحرَ ضبِّ لدخلتموه "!

 

تمّ الأمرُ بنجاح ، وتمّت العمليّة وأحسبُها جراحيّة إلّا قليلا! لكون الأخت كانت تحتاج لبترٍ لولا لم أعصر يديها ؛ لأنزلَ كُمَّها!

 

نظرت إليَّ تيكَ الأخت ، وهي تصطنعُ الابتسامةَ -اصطناعاً- من الألم!

 

- شُكراً جزيلاً ..

 

- لا داعي أخيّة!! : )

 

 

 

 

 

المشهد السّادس :

حانَ وقتُ المحاضرة الثّانية والأخيرة ، وكانَ مُلقيها دُكتوراً في الفقه .

قلتُ لرفيقتي : سأظل في المُصلّى إلى أن تتمّي محاضرتك! أبت عليَّ وقالت: لن أدعك ، لا بُدَّ وأن تذهبي معي!

اصطحبتُها .. !

 

جلسنا في آخرِ كُرسيّ .. إذ نظامُ المحاضرات في كليّات الشّريعة أن يجلسَ الرّجال في الأمام ، والنّساء في الخلف!

 

جلستُ في المحاضرة ، وياليتَني لم أجلس!

 

رأيتُ عجباً عُجاباً!

 

وانقدحت برأسي استفهاماتٌ كثيرة!

 

- أينَ هيبةُ مجالسِ العلم!؟

- أينَ رزانةُ طالبةِ العلمِ ووقارُها !؟

- أين أين!؟

 

هاتِه نائمةُ تضعُ رأسها على الدُّرج! وددتُ حينَها أن أعرفَ ما ذا تحلُم!؟

وتلكَ تُمسكُ جوّالها في إحدى يديها ، وتعبثُ بحجابِها!

وتلكَ تتنقَّلُ كيفما شاءت من مكانٍ لآخر!

وأخرى تغضبُ لأنَّ الدّكتور قال لها اقرأي ، ثمَّ اختارَ أخرى غيرَها!

 

-عنّت ببالي أسئلةٌ كثيرة متعلِّقةٌ بمادّتهم المُقرَّرة ، لم أكن لأرى أحداً ينتهز الفرصةَ ويستفهم عنها -على أهميّتِها!

كنتُ أخبرُ أخيّتي عنها ، حتّى إذا ما حانَ وقتُ المغادرة ؛ سألت أستاذَها عن إحداها!

 

فكانَ جوابُه ركيكاً ، متخبِّطاً ، لا قرارَ فيهِ ولا وضوح!

 

بل ولمّا أن راجعتُ الأمرَ وجدتُه يخالفُ الصّواب!

 

حينها : ترحّمتُ على مشايخي الذي لم أعرفهم إلّا بعلمهم وورعهم عن التقوُّلِ على اللهِ بغيرِ علم!

 

ترحّمتُ على شيخي ابن العُثيمين ، وابن باز ، والألبانيّ ، والسّعدي ، والشّنقيطيّ .. وغيرهم كثير من الأئمّةِ الأطهارِ الأبرار ، الذين لم يحُل بينهم وبينَ : " لا أدري " أيُّ حائل!

 

وسألتُ اللهَ لأخيّتي عِلماً نافعاً وعملاً مُتقبّلا صالحا ..

 

 

 

 

المشهد السّابع :

انتقلنا إلى المُصلَّى ثانية .. كانت تجلسُ إلى المقرُبةِ منّي أختٌ بدى لي من هيئتها أنّها من بلاد الخليج!

 

نظرتُ إليها ؛ فتبسّمت! حينها تجرّئتُ على الحديثِ معها ؛ فقلت : أنتِ تتدُرسينَ هُنا؟

قالت: نعم أنا أحضِّر الدُّكتوراه في هذه الجامعة!

 

قلت: وما تدرسين؟

قالت: أدرس تربية إسلاميّة!

 

قلت -في نفسي : سُبحانَ الله! انتقلت من أرضٍ حواها العلمُ ورواها حتّى أينعت وزهت!

إلى هُنا حيثُ الجهلُ المُحقّق والعقائدُ التي لا يميز الخبيثُ فيها من الطّيب إلّا من رسخَ في العلمِ على يدِ أصفياءِ العقيدة وأنقياءِها!

 

ولا أخفيكن ففي جامعاتنا الأشعريُّ والخارجيّ والمرجئ وووو من أصحابِ العقائدِ الفاسدةِ الخربة!

وكانَ ممّاا صفعني صفعاتٍ متتالية ، قولُ رفيقتي : أنّ عندهم أخت قدِمت من أرضِ النّبي صلّى الله عليهِ وسلّم - المنوّرة!

لمَ؟

- لتدرسَ فقهَ الجِهاد!

 

اللهُ أكبر! وهل عُدِمَ تعلُّم الجهادِ في أطهرِ البلاد! حيثُ العلمُ والدِّينُ والصّفااءُ والنّقاء!

وهل عُدِمَ تعلُّمُ الجهاد إلّا في جامعةٍ فيها من الفسادِ ما فيها!

 

إنّها لعمري حيدةٌ من حيداتِ زماننا ، في حينٍ يسألُ فيه الواحدُ منّا ربّه أن يمُنَّ عليهِ بعيشةِ في المدينة المنوّرة ويُلحَّ عليهِ في ذلك!

 

ليجدَ في الوقتِ ذاته من هجرَها من أهلِها! وازدرى نعمةَ الله التي حباهُ فيها!

 

يا لعجبي ، لن ينتهي!؟

 

 

 

 

المشهدُ الثّامن :

في طريقِ العودة : سرتُ مع رفيقتي وصويحباتِها بأمانِ الله!

 

ولكن أبت تلكَ (الصّواعقُ المرسلة) إلّا أن تخترقَ مسمعي!

 

ولكَم ضحكتُ أنا وأخيّاتي حينَها!

 

مرّت فتاتان ، وإذ بإحداهما تقولُ للأخرى : ( بتعرفي بس أنا بحسُّه متكبِّر )! من هو؟ اللهُ أعلم!

 

ثمَّ مرَّ رجالٌ ، وإذ بأحدهم يقول: ( خنتيني! ) من هي هذه!؟ اللهُ أعلم!

 

ثمَّ مررنا وإذ بشابٍّ وفتاة ، يقفانِ في مكانٍ لا يتصوّرُه عاقل!

أين؟

أمامَ حاويةِ قُمامة مباشرة! أعزّكُنَّ الله وزادكُنَّ عزّا!

 

قلتُ لمن إلى جانبي : "سُبحانَ الله من الحُبِّ ما قتل"!

 

ولعلِّهُ كانّ حريٌّ بي أن أقول:

" من الحُبِّ ما سطَل "!

 

 

 

 

المشهد التّاسع والأخير :

في أثناءِ تلكَ المشاهد كُلِّها ... تذكّرتُ مشهدي الذي أراهُ كُلَّ يوم!

ذاكَ المشهد الذي أرى فيه الطُّمأنينةَ والرّاحةَ والسّكينة!

ذاكَ المشهد الذي أرى فيهِ الجمالَ والعّزَّ والدّلال!

 

إنّهُ .....

مشهدُ بيتي!

تذكّرتُ كتُبي في حُجرتي الصّغيرة!

تذكّرتُ تعبي في بيتي الذي لا يعدُل مِعشارَ تعبي وأنا أسيرُ من قاعةٍ لأخرى!

تذكّرتُ حجمَ صيانتي وحفظي في مملكتي!

تذكّرتُ استحياءي من رفعِ صوتي أمامَ زوجي عوَضاً عن أن يكونَ في وجهِ أستاذٍ أو شيخٍ يدرِّسُني العلم!

تذكّرتُ نقاءَ وصفاءَ المشاهدَ التي أراها في أيّامي العاديّة ؛ إذ لا تجاوزَ فيها ولا مُخالفة!

 

تذكّرتُ وتأمّلتُ أموراً كثيراً لستُ أذكرُها على كثرتِها!

 

حينَها ؛ نطقَ قلبي قبلَ أن ينطق لساني : أن يا ربُّ لكَ الحمدُ على نعمائك!

 

ياربِّ أحمدُك على ما حبيتني به من حفظٍ ورفعةٍ وصيانة!

 

أيُّ نعمٍ هاتِه التي أرفُلُ بها!؟

 

"فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ" النّساء 34 .

 

- ما أسعدَني وأبهاني حينَ أُسأل : ما عملُك؟

 

 

 

فأجيبُ ورأسي يناطحُ الجبالَ الشمّ :

 

ملكةٌ في بيتي!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

هذه الجملة وضعتها الأخت منذ قليل

 

وقد نسيتُ أن أذكر : أنني بعدَ تلك الرّحلة ؛ عدتُ إلى البيت عصراً ، فنمت لفجرِ اليوم التّالي!

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×