اذهبي الى المحتوى
عفيفة البيضاء

مسألة الحجاب وستر المرأة وجهها

المشاركات التي تم ترشيحها

مسألة الحجاب وستر المرأة وجهها

 

بقلم » الشيخ سليم بن عيد الهلالي

 

 

 

 

 

كان اختيار شيخنا الإمام الألباني –رحمه الله- في مسألة الحجاب وستر المرأة وجهها قولاً وسطاً، حيث أن البعض زعموا أن ستر الوجه بدعة تنطع. وقد رد شيخنا عليهم وأورد ثمانية نصوص تبين أن ستر المرأة وجهها كان معروفاً في زمنه صلى الله عليه وسلم.

 

وذهب البعض الآخر إلى القول بوجوب ستر الوجه وشددوا في ذلك وألزموا تعصباً وتقليداً، وردّ كذلك عليهم شيخنا –رحمه الله- بالحجة والبرهان، وبين أن الحكم الراجح في مسألة ستر المرأة وجهها هو الاستحباب. ولذا تعرض شيخنا –رحمه الله- لسخط هؤلاء وهؤلاء؛ إلا أن النصيب الأكبر كان ممن أوجب وألزم.

 

ولله درُّهم فإنه إن كان الباعث على الإنكار على شيخنا الإمام الألباني –رحمه الله- اختياره عدم وجوب ستر المرأة المسلمة وجهها؛ هو:

 

1- «فتح باب التبرُّج على مصراعيه» زعموا.

 

2- وتشجيع النساء على ارتكاب الأفعال الذميمة، التي تفعلها السافرات»([1]).

 

فإن هذا التخوف لا محل له في الواقع، كما أنه ليس عليه دليلٌ شرعي صحيح صريح.

 

* تحرير المسألة:

 

وضَّح شيخنا الإمام الألباني اجتهاده في هذه المسألة، وبين أنه قائم على:

 

1- تحديد معنى الإدناء الوارد في سورة الأحزاب.

 

حيث بين –رحمه الله- أنه لا يدل على ستر الوجه.

 

2- تحديد مفهوم الزينة الورادة في سورة النور، مفسِّراً إياه:

 

أ- بآية الجلباب في سورة الأحزاب مراعياً السياق في النص، حيث لا مفهوم له إلا مع الاستثناء الوارد في نفس الآية: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها...}.

 

ب- بالحديث الوراد عن أسماء بن ابي بكر؛ حيث صححه وحشد له من الطرق والشواهد ما يجعله حجة يستدل به على نقييد الآية وتفسيرها به.

 

ت- ذكر آثار عن التابعين في تفسير هذه الآية كابن عباس وبيان أنه راجح على قول ابن مسعود –رضي الله عنهما-.

 

ث- ذكر أقوال المفسرين والمحققين فمن ذهبوا إلى ما اختاره –رحمه الله- كابن كثير، والقرطبي، وأبي بكر الجصاص في «أحكام القرآن» (3/316).

 

إن الخلاف في معنى الإدناء؛ هو: الفيصل بين ما اختاره الامام الالباني ، وبين الذين اختاروا حكم الوجوب في ستر وجه المراة، فبينما بيَّن الامام الالباني أن معنى الإدناء لغة هو: "التقريب"، وأنه لا نص صريح يفيد وجوب تغطية الوجه للمرأة، طالبه المخالفون له: أن يأتي بما يرجِّح ما ذهب إليه. ورغم تأكيد الإمام الألباني لما اختاره في ذلك؛ بالأدلة الشرعية الناصعة القوية؛ فإن المتشددين أوجبوا على المراة ستر الوجه دون رد علمي متزن على كلام شيخنا الإمام الألباني –رحمه الله-.

 

أولاً: الإمام الالباني وآية الجلباب في سورة الأحزاب.

 

قال تعالى: { يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الأحزاب: 59].

 

الإدناء في اللغة:

 

(دنا)، الدنو : القرب… ويقال: دانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما من الآخر …" قاله الإمام الراغب الأصبهاني في "المفردات"، وقال أيضاً:

 

فسرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس فيما صح عنه: "تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به".

 

-وإدناء الجلباب أن تقنّع وتشده على جبينها؛ كما ورد في أثر ابن عباس؛ وهو: ضعيف السند.

 

قال شيخنا الإمام الالباني –رحمه الله-: وهذا نص قولنا: إنه لا يشمل الوجه. ولذلك كتمه كل المخالفين، ولم يتعرضوا له بذكر.

 

ثانياً: الإمام الألباني وأقواله الرزينة في مفهوم الزينة.

 

قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ابَائِهِنَّ أَوْ ابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

 

أورد الإمام الألباني –رحمه الله- أقوال السلف في هذه المسألة فذكر أنَّ:

 

1- منهم من فسرها بالثياب الظاهرة كابن مسعود.

 

2- ومنهم من فسرها بالكحل والخاتم والسوار والوجه وغيرها.

 

3- ومنهم من فسرها بالوجه والكفين كابن عباس. وبين أنه الراجح في ذلك.

 

قال شيخنا -رحمه الله-: جاء في الأثر عن ابن عباس رضي الله عنه، في قوله تعالى: «{ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ } أنه: قال: الكف ورقعة الوجه}([2])

 

إن اختلاف أهل العلم في ترجيع قول ابن عباس (الكف ورقعة الوجه) إلى الزينة أو إلى ما جاء بعدها في الآية الكريمة المذكورة آنفاً؛ وهي: {إلا ما ظهر منها}، ومن سياق الآية يفهم أنه: راجع إلى ما ظهر منها؛ لأنه إذا كان الكلام راجع إلى الزينة معنى ذلك: أن الوجه والكفين هما الزينة الواجب عدم إبدائهما، وأن سائر الجسم ليس بزينة، يمكن إبداؤه؛ وطبعاً هذا لا يصح. ولا حق لهم أن يقولوا أن ابن عباس ذكر ذلك بعد زينتهن ولم يذكره بعد (إلا ما ظهر منها)، وذلك أن منطوق الآية يستوجب فهم المبهم منها، وتفسيره للسائل، خاصة إذا علمنا أن المجيب والمفتي هو ترجمان القرآن ابن عباس ، فلا يعقل أن يفسر {زينة} إلا بتفسير ما بعد أداة الاستثناء، فهو مقصود به: ما تبديه المرأة أمام الأجانب؛ لأنه:

 

(1) ذكر بعده حكم المحارم، فبيَّن هذا: أن مقصوده هنا: ما يبدو أمام الأجانب قال هذا الإمام أبو بكر الجصاص في «تفسيره».

 

وبالنظر في الآية الأخرى{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ابَائِهِنَّ أَوْ ابَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

 

نجد أن الزينة الاولى هي عين الزينة الثانية، كما هو معروف في الأسلوب العربي: أنهم إذا ذكروا اسماً معرفاً ذكر ثم كرروه، فهو هو فإذا كان الأمر كذلك فهل الآباء ومن ذكروا معهم في الآية؛ لا يجوز لهم أن ينظروا إلا إلى ثيابهنّ الباطنة؟! ولذلك يكون قول ابن مسعود في أن {ما ظهر منها} هو الثياب، لا معنى له؛ لأنه معلوم أنه الزينة، والمراد العضو الذي عليه الزينة، ألا ترى أن سائر ما تتزين به من الحلي والقُلب والخلخال والقلادة يجوز أن تظهرها الرجال إذا لم تكن هي لابستها، فعلمنا أن المراد مواضع الزينة([3]).

 

(2) ولو حمل تفسير ابن عباس على الزينة المنهي عن إبدائها؛ فلا فائدة له؛ إذ لا فائدة من تفصيل الزينة المنهي عن إبدائها ما دام النهي فيها عاماً، والذي يتبادر إلى الذهن هو تفسير المستثنى المبهم. وسيصبح ظاهر القول إباحة إبداء ما عداهما، وهذا قول فاحش غير مقبول شرعاً.

 

من الأدلة النبوية والآثار السلفية في ذلك:

 

1- نهيه صلى الله عليه وسلم المحرمة عن لبس القفازين ([4])

 

قال الإمام الألباني : لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما

 

2- حديث أسماء بنت أبي بكر الصديق. «إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا، وأشار إلى وجهه وكفيه».

 

3- حديث فاطمة بنت قيس (ص 149) «الرد المفحم».

 

4- حديث سهل بن سعد (ص 150) «الرد المفحم».

 

5- حديث أنس بن مالك وهو قوله أنه رأى عائشة وأم سليم مشمرتان بدا خُدم سوقهما (ص125) «ارد المفحم».

 

6- حديث الربيع بنت معوذ (ص 152).

 

 

من سلف الإمام الألباني في اختياره الفقهي هذا:

 

1- سعيد بن جبير (ت 95هـ).

 

2- أبو حنيفة (ت 150 هـ).

 

3- القاضي أبو يوسف (ت 183 هـ).

 

4- محمد بن الحسن الشيباني (ت 189 هـ).

 

5- مالك بن أنس (ت 179 هـ).

 

6- أبو جعفر الطحاوي (321هـ).

 

7- ابن عبد البر (ت 463 هـ).

 

8- البغوي (ت 516 هـ).

 

9- الزمخشري (ت 538 هـ).

 

10- القاضي عياض (ت 544 هـ).

 

11- ابن القطان (ت 628 هــ).

 

12- ابن مفلح الحنبلي (ت 763هـ).

 

13- ابن رسلان (508 هـ).

 

14- الشوكاني (ت 1255 هـ).

 

15- جماعة من علماء المذاهب الأربعة المعاصرين.

 

16- الشيخ علاء الدين المرداوي([5]).

 

17- ابن قدامة المقدسي([6])

 

 

الفرق بين الجلباب والحجاب

 

قد يختلط الأمر على المسلم فيطنَّ أن (الجلباب) المأمور به في سورة الأحزاب؛ هو نفسه (الحجاب) المذكور في الآية الأخرى.

 

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الاحزاب: 53]، مع أن هناك فرقاً بينهما من القائلين بذلك الأولى لا دليل فيها على أن الوجه والكفين عورة، بخلاف الأخرى، فإنها في المرأة وهي في دارها، إذ : إنها لا تكون عادة متجلببة ولا مختمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافاً لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن .([7])

 

* تعريف الجلباب والحجاب:

 

1. الجلباب : هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها- وليس على وجهها ، هذا ما عليه كتب اللغة قاطبة، ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة .

 

وقد صح عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها: " تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به" . أخرجه أبو داود في " مسائله" ([8]) ، وقد أكد الامام الألباني في كتابه (جلباب المراة ) أن كل ما خالف تفسير ابن عباس: إما شاذ أو ضعيف.

 

2. الحجاب؛ هو: الستر التي تتخذه المراة وهي في بيتها من ستارة أو باب تتكلم من خلفه مع السائل .

 

 

الكشف عن العينين

 

جوَّز بعض من أوجب على المرأة ستر وجهها أن تكشف المرأة عن عينيها.

 

قال شيخنا الألباني –رحمه الله-: ومن تناقضهم، أنهم- في الوقت الذي يوجبون على المرأة أن تستر وجهها- يجيزون لها أن تكشف عن عينها اليسرى، وتسامح بعضهم، فقال: يجوز بالعينين كلتيهما.

 

وذلك بناء على:

 

1- بعض الآثار الواهية

 

2- استعمال الرأي، ولغة العواطف- أو ما يشبه الفلسفة- فيقولون: إن أجمل ما في المرأة وجهها، فمن غير المعقول أن يجوز لها أن تكشف عنه! فقيل لهم: وأجمل ما في الوجه العينان، فعمّوها إذن، ومروها أن تسترهما بجلبابها .

 

الخمار والاعتجار

 

قال الله –تعالى-: ( ...وليضربن بخمرهن على جيوبهم )

 

تعريف الخمار:

 

الخمار: غطاء الرأس –فقط- دون الوجه، كل ما ستر ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك . ([9])

 

واستشهد شيخنا الإمام الألباني –رحمه الله- على ذلك؛ بكلام بعض العلماء: كابن الأثير وابن كثير. وأورد ما جاء في قصة جوع النبي صلى الله عليه وسلم أن أنساً رضي الله عنه قال عن أم سُلَيم: " فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه…".([10]).

 

والشاهد منه واضح؛ وهو: أن الخمار الذي تغطي المرأة به رأسها قد استعملته في لف الخبز وتغطيته، فهل يقول أحد : إن من معاني الخمار إذا أطلق أنه غطاء الخبز.

 

وأورد قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" . ([11]) ،

 

قال شيخنا : فهل يجب على المرأة البالغة أن تستر وجهها في الصلاة ؟ فالجواب : لا.

 

وأتبع ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة التي نذرت أن تحج حاسرة: " ومروها فلتركب، ولتختمر، ولتحج". وفي الرواية:" وتغطي شعرها".([12])

 

قال شيخنا : فهل يجيز للمحرمة أن تضرب بخمارها على وجهها ؟ الجواب : لا

 

والشاهد : قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تتنقب المرأة المحرمة …

 

وأورد قول العلامة الزبيدي ([13]) : في قول أم سلمة رضي الله عنهما: " إنها كانت تمسح على الخمار ".([14])

 

وقال شيخنا –رحمه الله-: وأرادت بـ ( الخمار) : العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه، كما أن المرأة تغطيه بخمارها".

 

ممن رأى أن الخمار لا يستر وجهاً:

 

1) سعيد بن جبير: قال: فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره بعد أن يكون عليها خمار صفيق

 

2) أبو يعلى- يعني: القاضي الحنبلي- قال: " وفي هذه دلالة على أنه يباح للعجوز كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال".([15])

 

3) شيخ الإسلام ابن تيمية في " تفسير سورة النور"

 

4) الحافظ ابن حجر العسقلاني : ونص كلامه: " والخمار للمرأة كالعمامة للرجل"

 

قال شيخنا الامام الألباني : فهذه نصوص صريحة من هؤلاء العلماء على أن الخمار بالنسبة للمرأة؛ كالعمامة بالنسبة للرجل ، فكما أن العمامة عند إطلاقها لا تعني تغطية وجه الرجل، فكذلك الخمار عند إطلاقه لا يعني تغطية وجه المرأة به. وقد أجمعت كتب العلماء كلها على ذكر الرأس دون الوجه عند تعريفهم الخمار.

 

 

5) فمن المفسرين: الإمام ابن جرير الطبري ( ت310) والبغوي أبو محمد (169)والزمخشري ( 538) وابن العربي( 553) وابن تيمية ( 728) وابن حيان الأندلسي( 754) وغيرهم كثير كثير ممن ذكرنا هناك.

 

6) ومن المحدثين: ابن حزم(ت456) والباجي الأندلسي( 474) وابن الأثير( ت606).

 

تعريف الاعتجار

 

لغة : لي الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك

 

وفي بعض العبارات: هو " لف العمامة دون التلحِّي" .

 

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه دخل مكة يوم الفتح معتجراً بعمامة سوداء".

 

المعنى: أنه لفها على رأسه ولم يتلح بها.

 

فالاعتجار مطابق للاختمار في المعنى". قال الإمام : نعم؛ هو كذلك بالمعنى الصحيح المتقدم للاختمار، وأما بمعنى تغطية الوجه عند الإطلاق؛ فهو باطل لغة ولا أريد أن أطيل في نقل الشواهد على ذلك من كلام العلماء.

 

وخلاصة الكلام وزبدته أن: (الاعتجار): والمعجر (كمنبر: ثوب تعتجر به) المرأة أصغر من الرداء، وأكبر من المقنعة؛ وهو: ثوب تلفّه المرأة على استدارة رأسها؛ ثم تجلبب فوقه بجلبابها، كالعجار ومنه أخذ الاعتجار بالمعنى السابق" .

 

 

والله تعالى أعلم واحكم

 

 

منقوووووووووووووول: أسألكم الدعاء

post-62511-1227048735.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

أختي جزاكِ الله خيرا

 

لكن ممكن ان تذكري المصدر الذي نقلتيه منه!!

 

بارك الله بكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

http://saaid.net/female/h54.htm

 

هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه وبعد:

لا يخفى على كل مسلم -درس شيئا من الكتاب والسنة- ما يطرأ على هذه الأمة زمن الفتن، ومن ذلك الخوض في المسائل الشرعية بلا حجة علمية ولا أمانة دينية، مصداقاً للحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

 

وإنه في زماننا تعدى الأمر ذلك، فأصبح العلم -أعني الشرعي- كلأً مباحاً لكل مدعٍ للكتابة، محسن لصف العبارة، غير مبال بالمراقبة الإلهية، ولا النصرة للسنة النبوية، من كتبة زادهم التصفح والنقل المبتور والادعاء المثبور، روَّجت لكتاباتهم صحافة الباطل التي تنصر المنكر وتخذل المعروف، فالله طليبهم وهو حسيبهم، ولن نحزن؛ فالله يقول: ( بلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ )

 

أما ما يتعلَّق بعنواني، وهو: هل وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور ؟ فالذي دعاني أليه هو ما كثر اللغط حوله في تلك الصحافة السيارة، والمنتديات العامة، والقنوات الفضائية من أناس تصدَّروا فيها، فأعلنوا عقيرتهم ورددوا أن وجه المرأة ليس بعورة هو قول الجمهور، فأثَّر ذلك في نفسي، ودعاني للبحث المتجرد والبعيد عن التعصب لأي من الفريقين، لا سيما من يعرفني يعرف قدر العلم الشامخ والإمام الفذ محمد ناصر الدين الألباني في قلبي، ومكانته العلمية والعملية والدعوية عندي -رحمه الله رحمة واسعة- وهو الذي استفدنا منه أن الحق أحب ألينا من الرجال، وذكره هنا لأن كل من خاض في هذه المسألة تعلَّق بكلام الشيخ -رحمه الله- ثم بعد ذلك يزيد من عنده ما شاء أن يزيد وهنا أذكر أن جمعي يدور حول قول الجمهور في المسألة ،وأي النسبتين أولى أن تنسب له، فلك -أيها القارئ- الاطلاع الآن على أقوال أهل العلم، لتحكم بعد ذلك أيه قول الجمهور:

 

أولاً: قول أئمتنا من الأحناف رحمهم الله تعالى:

يرى فقهاء الحنفية –رحمهم الله- أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك ذكروا أنَّ المسلمين متفقون على منع النِّساء من الخروج سافرات عن وجوههنَّ، وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:

قال أبو بكر الجصاص، رحمه الله: المرأة الشابَّة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الرِّيب فيها (أحكام القرآن 3/458 )، وقال شمس الأئمة السرخسي، رحمه الله: حرمة النَّظر لخوف الفتنة، وخوف الفتنة في النَّظر إلى وجهها، وعامة محاسنها في وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء (المبسوط 10/152)، وقال علاء الدين الحنفيُّ، رحمه الله: وتُمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين الرجال.

قال ابن عابدين، رحمه الله: المعنى: تُمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنَّه مع الكشف قد يقع النَّظر إليها بشهوة.

وفسَّر الشهوة بقوله: أن يتحرك قلب الإنسان، ويميل بطبعه إلى اللَّذة. ونصَّ على أنَّ الزوج يعزر زوجته على كشف وجهها لغير محرم (حاشية ابن عابدين 3/261) وقال في كتاب الحجّ: وتستر وجهها عن الأجانب بإسدال شيءٍ متجافٍ لا يمسُّ الوجه، وحكى الإجماع عليه. (حاشية ابن عابدين 2/488).

ونقل عن علماء الحنفيّة وجوب ستر المرأة وجهها، وهي محرمة، إذا كانت بحضرة رجـال أجانب (حاشية ابن عابدين 2/528)، وقال الطحطاويُّ، رحمه الله: تمنع المرأة الشابَّة من كشف الوجه بين رجال. (رد المحتار 1/272)، ونصَّ الإسبيجانيُّ والمرغينانيُّ والموصليُّ على أنَّ وجه المرأة داخل الصلاة ليس بعورة، وأنَّه عورة خارجها، ورجَّح في (شرح المنية ) أنَّ الوجه عورة مطلقاً.

وقال: أمَّا عند وجود الأجانب فالإرخاء واجب على المحرمة عند الإمكان

(حاشية إعلاء السنن للتهانوي 2/141).

ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء الحنفية يُنظر حاشية ابن عابدين (1/406-408)، والبحر الرائق لابن نجيم (1/284 و2/381)، وفيض الباري للكشميري (4/24و308).

وقال سماحة مفتي باكستان الشيخ محمَّد شفيع الحنفيُّ: وبالجملة فقد اتفقت مذاهب الفقهاء، وجمهور الأمَّة على أنَّه لا يجوز للنِّساء الشوابّ كشف الوجوه والأكفّ بين الأجانب، ويُستثنى منه العجائز؛ لقوله تعالى :[وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَآءِ ] (المرأة المسلمة ص 202).

وقال السهارنفوريُّ الحنفيُّ، رحمه الله: ويدلُّ على تقييد كشف الوجه بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النِّساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لاسيما عند كثرة الفساد وظهوره (بذل المجهود شرح سنن أبي داود 16/431).

 

ثانيا: أقوال أئمتنا من المالكيّة:

يرى فقهاء المالكيّة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لا لكونه عورة، بل لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يراه عورة مطلقاً، لذلك فإنَّ النِّساء -في مذهبهم- ممنوعات من الخروج سافرات عن وجوههنَّ أمام الرجال الأجانب.

وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:

قال القاضي أبو بكر بن العربيِّ، والقرطبيُّ رحمهما الله: المرأة كلُّها عورة، بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة، كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عمَّا يعنّ ويعرض عندها. ( أحكام القرآن 3/1578)، والجامع لأحكام القرآن (14/277).

وقال الشيخ أبو عليٍّ المشداليُّ، رحمه الله: إنَّ من كانت له زوجة تخرج وتتصرف في حوائجها بادية الوجه والأطراف -كما جرت بذلك عادة البوادي- لا تجوز إمامته، ولا تقبل شـهادته.

وسئل أحمد بن يحيى الونشريسيُّ -رحمه الله- عمن له زوجة تخرج بادية الوجـه، وترعى، وتحضـر الأعراس والولائم مع الرِّجال، والنِّسـاء يرقصن والرِّجال يكفون، هل يجرح من له زوجة تفعل هذا الفعل ؟

فأورد الفتوى السابقة، ثم قال: وقال أبو عبد الله الزواوي: إن كان قادراً على منعها ولم يفعل فما ذكر أبو عليٍّ ( المشداليّ ) صحيح.

وقال سيدي عبد الله بن محمد بن مرزوق: إن قدر على حجبها ممن يرى منها ما لا يحلّ ولم يفعل فهي جرحة في حقه، وإن لم يقدر على ذلك بوجه فلا. ومسألة هؤلاء القوم أخفض رتبة مما سألتم عنه، فإنَّه ليس فيها أزيد من خروجها وتصرفها بادية الوجه والأطراف، فإذا أفتوا فيها بجرحة الزوج، فجرحته في هذه المسؤول عنها أولى وأحرى، لضميمة ما ذُكر في السؤال من الشطح والرقص بين يدي الرجال الأجانب، ولا يخفى ما يُنْتِجُ الاختلاط في هذه المواطن الرذلة من المفاسد (المعيار المعرب للونشريسي 11/193).

وذكر الآبِّيُّ: أنَّ ابن مرزوق نصَّ على: أنَّ مشهور المذهب وجوب سـتر الوجـه والكفين إن خشـيت فتنة من نظر أجنبي إليها (جواهر الإكليل 1/41). ولمطالعة مزيد من أقول الفقهاء المالكية في وجوب تغطية المرأة وجهها، يُنظر: المعيار المعرب للونشريسي (10/165و11/226 و229)، ومواهب الجليل للحطّاب (3/141)، والذّخيرة للقرافي (3/307)، والتسهيل لمبارك (3/932)، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير (2/55)، وكلام محمد الكافي التونسي كما في الصارم المشهور (ص 103)، وجواهر الإكليل للآبي (1/186).

 

ثالثًا: أقوال أئمتنا من الشافعيَّة:

يرى فقهاء الشافعية أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، سواء خُشيت الفتنة أم لا؛ لأنَّ الكشف مظنَّة الفتنة، وبعضهم يرى أنَّ الوجه عورة مطلقاً.

وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:

قال إمام الحرمين الجوينيُّ، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء من الخروج سافرات الوجوه؛ لأنَّ النَّظر مظنَّة الفتنة، وهو محرك للشهوة، فاللائق بمحاسن الشرع سدُّ الباب فيه، والإعراض عن تفاصيل الأحوال، كالخلوة بالأجنبية.

(روضة الطالبين 7/24)، و بجيرمي على الخطيب (3/315).

ونقل ابن حجر -رحمه الله- عن الزياديّ، وأقرَّه عليه: أنَّ عورة المرأة أمام الأجنبي جميع بدنها، حتى الوجه والكفين على المعتمد.

وقال: قال صاحب النِّهاية: تَعَيَّنَ سترُ المرأة وجهها، وهي مُحْرِمَة، حيث كان طريقاً لدفع نظرٍ مُحَرَّم (تحفة المحتاج 2/112و4/165).

وقال ابن رسلان، رحمه الله: اتفق المسلمون على منع النِّساء أن يخرجن سافرات عن الوجوه، لاسيما عند كثرة الفسَّاق (عون المعبود 11/162).

وقال الشرقاويُّ، رحمه الله: وعورة الحرَّة خارج الصلاة بالنِّسبة لنظر الأجنبيِّ إليها فجميع بدنها حتَّى الوجه والكفين، ولو عند أمن الفتنة.

(حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 1/174).

وقال النَّوويُّ، رحمه الله: لا يجوز للمسلمة أن تكشف وجهها ونحوه من بدنها ليهوديَّة أو نصرانيَّة وغيرهما من الكافرات، إلاَّ أن تكون الكافرة مملوكة لها، هذا هو الصحيح في مذهب الشافعيِّ رضي الله عنه (الفتاوى ص 192).

وقال ابن حجر، رحمه الله: استمر العمل على جواز خروج النِّساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات؛ لئلا يراهنَّ الرِّجال.

وقال الغزَّاليُّ، رحمه الله: لم يزل الرجال على مرِّ الزمان مكشوفي الوجوه، والنِّساء يخرجن منتقبات (فتح الباري 9/337).

ولمطالعة مزيد من أقوال الفقهاء الشافعية، يُنظر إحياء علوم الدين (2/49)، وروضة الطالبين (7/24)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (1/411)، وحاشية القليوبي على المنهاج (1/177)، وفتح العلام (2/178) للجرداني، وحاشية السقاف ( ص 297)، وشرح السنة للبغوي ( 7/240).

وقال الموزعيُّ الشافعيُّ، رحمه الله: لم يزل عمل النَّاس على هذا، قديماً وحديثاً، في جميع الأمصار والأقطار، فيتسامحون للعجوز في كشف وجهها، ولا يتسامحون للشابَّة، ويرونه عورة ومنكراً، وقد تبين لك وجه الجمع بين الآيتين، ووجه الغلط لمن أباح النَّظر إلى وجه المرأة لغير حاجة.

والسلف والأئمة كمالك والشافعيِّ وأبي حنيفة وغيرهم لم يتكلموا إلا في عورة الصلاة، فقال الشافعيُّ ومالك: ما عدا الوجه والكفين، وزاد أبو حنيفة:

القدمين، وما أظنُّ أحداً منهم يُبيح للشابَّة أن تكشف وجهها لغير حاجة، ولا يبيح للشابِّ أن ينظر إليها لغير حاجة (تيسير البيان لأحكام القرآن 2/1001).

 

رابعا: أقوال أئمتنا من الحنابلة:

يرى فقهاء الحنابلة أنَّ المرأة لا يجوز لها كشف وجهها أمام الرِّجال الأجانب، لكونه عورة مطلقاً.

وفيما يلي بعض نصوصهم في ذلك:

قال الإمام أحمد، رحمه الله: ظفر المرأة عورة، فإذا خرجت من بيتها فلا تُبِن منها شيئاً ولا خفها، فإنَّ الخفَّ يصف القدم، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكمها زراً عند يدها حتَّى لا يبن منها شيء (انظر الفروع 1/601).

وقال ابن تيميّة، رحمه الله: وقبل أن تنزل آية الحجاب كان النِّساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرِّجال وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين ... ثم لما أنزل الله -عز وجل- آية الحجاب بقوله: [يَـأَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ]حجب النِّساء عن الرِّجال.

وقال: وكشف النِّساء وجوههنَّ بحيث يراهنَّ الأجانب غير جائز، وعلى ولي الأمرِ الأمرُ بالمعروف والنهي عن هذا المنكر وغيره، ومن لم يرتدع فإنَّه يعاقب على ذلك بما يزجره.

وقال ابن القيِّم، رحمه الله: الشارع شرع للحرائر أن يسترن وجوههنَّ عن الأجانب، وأمَّا الإماء فلم يوجب عليهنَّ ذلك ...

والعورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النَّظر، فالحرَّة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع النَّاس كذلك.

 

خامسا: أقوال أئمتنا من المحققين:

قال الشوكاني رحمه الله في السيل الجرار (2/180) :"وأما تغطية وجه المرأة – يعني في الإحرام – فلما روي أن إحرام المرأة في وجهها ولكنه لم يثبت ذلك من وجه يصلح للاحتجاج به، وأما ما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة من حديث عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله -صلى الله عليه وآله سلم- محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه "، وليس فيه ما يدل على أن الكشف لوجوههنَّ كان لأجل الإحرام، بل كنّ يكشفن وجوههن عند عدم وجوب من يجب سترها منه، ويسترنها عند وجود من يجب سترها منه.

قال العلامة بكر أبو زيد: معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة -رضي الله عنهم- فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها، وتلقيها بالقبول، وقد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت، فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه، ولا حاسرات عن شيء من الأبدان، ولا متبرجات بزينة، واتفق المسلمون على هذا العمل المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة، فمنعوا النساء من الخروج سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.

فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة، منهم الحافظ ابن عبد البر، والإمام النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم رحمهم الله تعالى، واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول.

 

الأدلة من النظر:

• قال الشنقيطيُّ، رحمه الله: إنَّ المنصف يعلم أنَّه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنِّساء في الكشف عن الوجه أمام الرِّجال الأجانب، مع أنَّ الوجه هو أصل الجمال والنَّظر إليه من الشابَّة الجميلة هو أعظم مثير للغرائز البشريَّة، وداع إلى الفتنة، والوقوع فيما لا ينبغي. (أضواء البيان تفسير القرآن بالقرآن 6/602).

ويتَّضح مما سبق جلياً ظاهراً أن قول الجمهور هو القول بعورة وجه المرأة، بل حكى الإجماع على ذلك أئمة يعتمد نقلهم للإجماع وهم:

• ابن عبد البر من المالكية المغاربة.

• والنووي من الشافعية المشارقة .

• وابن تيمية من الحنابلة.

• وحكى الاتفاق السهارنفوري، والشيخ محمد شفيع الحنفي من الحنفية.

فهل يبقى بعد ذلك حجة لمدعٍ أن قول الجمهور خلاف ذلك ؟.

• تنبيهان مهمان:

• الأول: أنه لا يجوز إطلاق كلام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني بجواز كشف الوجه دون تقييده بأن المستحب هو تغطية الوجه.

• ثانيًا: على كل باحث في هذه المسألة أن يتجرد في البحث، جاعلاً مراقبة الله نصب عينيه، ثم معرفة مفاتح العلم، فالبعض يلتقط أقوالاً من كتاب الصلاة، ولا يراجع كتاب الحج والنظر للمخطوبة، فيقع في الخلط والخطأ في نسبة الأقوال دون تحقيق وتمحيص.

وبعد فهذا ما تيسَّر جمعه نصرة لأئمتنا أن ينسب لهم ما لم يصح عنهم، وحماية لجناب المرجعية العلمية الأصيلة، وعدم الخلط والتشويه للعلم وأهله.

 

أسأل الله –تعالى- أن ينفع بما كتبت، وأن يجعله لوجهه خالصًا، ولسنة نبيه متبعاً، والحمد لله رب العالمين.

ملحوظة: اعتمدت كثيراً على الكتاب الماتع النافع الأدلة المطمئنة على أن الحجاب طهر وعز للمؤمنة، لفضيلة الشيخ أحمد بن عبد العزيز الحمدان حفظه الله تعالى.

 

الدكتور / وليد بن عثمان الرشودي (*)

 

--------------------------

(*) رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية المعلمين بالرياض

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

http://saaid.net/female/h31.htm

 

موقف الشيخ الألباني من تغطية الوجه

 

 

فرح المخلفون بكتاب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى:

" الرد المفحم، على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب"

وكرهوا أن يروا المرأة المسلمة مغطية وجهها وسائر زينتها..

وقالوا: الحجاب يجلب الضيق والكآبة والضجر والحر..

{قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون * فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون}.

ولست بصدد مناقشة موقف الشيخ الألباني رحمه الله تعالى من تغطية الوجه، حيث إنه من المعلوم لكل طالب علم منذ القديم أن الشيخ يرى جواز كشف الوجه، ذكر ذلك في كتابه:

"جلباب المرأة المسلمة"..... الذي ألفه سنة 1370هـ..

ثم أكده في المؤلف الجديد المذكور آنفا، والذي كتبه سنة 1411هـ أي من قبل عشرة أعوام..

وليس هو في هذا القول بدعة من الأمر، بل سبقه إلى ذلك طائفة من أهل العلم منذ القديم، فهو أحد القولين المشهورين بين علماء الأمة:

 

جواز التغطية، ووجوب التغطية.

إنما الغرض بيان كيف عبث المستغربون المحبون لكشف ستر المرأة بقول الشيخ، حتى وصل بهم الأمر إلى التقول والكذب عليه، فقد زعموا أن الشيخ يرى أن الكشف أفضل من التغطية، هكذا، لمجرد أنه كتب كتابا يقول فيه بجواز التغطية، يرد فيه على من أوجب...

ولعمري إن هذا لعين الافتراء على الشيخ رحمه الله، لم يقل به، ولا يعرف عن عالم مسلم تفضيله الكشف على التغطية، إذ الأمة مجمعة من غير خلاف، من قال منها بجواز الكشف، على أن التغطية أفضل، ودليل ذلك:

إجماع الأمة على وجوب تغطية الوجه على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى:

{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}..

وهذه الآية نص في وجوب تغطية الوجه بغير خلاف بين أحد من العلماء، فمنهم من يقصره على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يعمه على جميع النساء، وهو الصواب، لأن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب.

أما الشيخ فلا ريب أنه يقول بأفضلية التغطية، يعلم هذا كل من قرأ له، وعرف حاله، لكن المفترين لا يريدون هكذا، فكما أعجبهم أن الشيخ قال بجواز الكشف، ليكون وسيلة لهم لإفساد الأمة، بالتسلق على أقوال هذا العالم، كما يفعلون ذلك دائما، كلما كانت لهم حاجة، وكما فعل أسلافهم الذين قال الله تعالى فيهم:

{ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون}..

فكما أعجبهم قول من يقول بجواز كشف الوجه فأتوا إليه مذعنين، لا لحبهم للدليل واتباع ما أنزل الله، بل لهوى في نفوسهم، كذلك أعجبهم أن يفتروا على الشيخ فادعوا أنه يفضل الكشف على التغطية، ليكشفوا للجميع حقيقة أمرهم، وأنهم ما هم إلا متبعين للهوى، يريدون كيدا، وأنى لهم ذلك؟!..

 

ومع أن رأي الشيخ معلوم في قوله بأفضلية التغطية، إلا أننا سنذكر ما يدل على ذلك:

1 - لننظر في عنوانه كتابه:

" الرد المفحم، على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة أن تستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب"

قوله: "ولم يقنع بقولهم: إنه سنة ومستحب" دليل بين صريح على موقف الشيخ، فما هي السنة، وما المستحب؟.

السنة: ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه، والمستحب كذلك؛ إذن الشيخ يرى أن التغطية سنة مستحبة، لم يقل:

مباح، جائز، بل قال: سنة، مستحب؛ وهذا ألفاظ شرعية تدل على الأفضلية، لا يجادل في ذلك إلا جاهل أو مفتر، ولما كان هؤلاء يعلمون ذلك أخفوا هذه الجملة لما نشروا كتابه، فلم يذكروها…؟؟؟؟!!!!!!!!.

2 - قال في كتابه هذا "الرد المفحم" ص1:

"كما أنهم يعلمون أني لا أنكر مشروعيته"، والمشروع هنا هو تغطية الوجه، وأما الكشف فهو جائز، ومعلوم المشروع وهو ما شرعه الله تعالى أفضل من الجائز، وهو ما أباحه الله تعالى.

3 - وقال عند كلامه عن حديث أسماء:

قد قررنا مرارا أن تغطية المرأة وجهها هو الأفضل، خلافا لما افتراه الأفاكون علينا..

4 - قال رحمه في كتابه جلباب المرأة المسلمة ص105: " مشروعية ستر الوجه:

هذا؛ ثم إن كثيرا من المشايخ اليوم يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة، لا يجوز لها كشفه، بل يحرم، وفيما تقدم في هذا المبحث كفاية في الرد عليهم، ويقابل هؤلاء طائفة أخرى، يرون ستره بدعة وتنطع في الدين، كما قد بلغنا عن بعض من يتمسك بما ثبت في السنة في بعض البلاد اللبنانية، فإلى هؤلاء الإخوان وغيرهم نسوق الكلمة التالية:

ليعلم أن ستر الوجه والكفين له أصل في السنة، وقد كان ذلك معهودا في زمنه صلى الله عليه وسلم كما يشير إليه صلى الله عليه وسلم بقوله: ( لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تفسير سورة النور ص56:[وهذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن].

والنصوص متضافرة على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يحتجبن حتى في وجوههن"..

5 - الشيخ يقول بوجوب التغطية إذا خشيت المرأة على نفسها الفتنة، يقول:

"ولو أنهم قالوا: يجب على المرأة المتسترة بالجلباب الواجب عليه إذا خشيت أن تصاب بأذى من الفساق لإسفارها عن وجهها: أنه يجب عليها في هذه الحالة أن تستره دفعا للأذى والفتنة، لكان له وجه في فقه الكتاب والسنة..

بل قد يقال: إنه يجب عليها أن لا تخرج من دارها إذا خشيت أن يخلع من الجلباب من رأسها من قبل بعض المتسلطين الأشرار المدعمين، من رئيس لا يحكم بما أنزل الله، كما وقع في بعض البلاد العربية منذ بضع سنين مع الأسف الشديد..

أما أن يجعل هذا الواجب شرعا لازما على النساء في كل زمان ومكان، وإن لم يكن هناك من يؤذي المتجلببات فكلا ثم كلا". جلباب المرأة المسلمة ص17

فهو بالرغم من قوله بجواز كشف الوجه على وجه الإباحة ـ مع كونه يرى الأفضل هو التغطية ـ إلا أنه يرى، لا أقول وجوب التغطية فحسب، بل وجوب القرار في البيت، ألا تخرج أصلا، إذا خافت على نفسها أذى السفهاء.

وما كنت أظن أنا بحاجة إلى إيراد هذه الأدلة على موقف الشيخ من أفضلية التغطية، لأنه معروف لكل طلاب العلم ذلك، ولا يظن به غير ذلك، لكن تلاعب المتلاعبين بكلام الشيخ هو الذي أوجب هذا التفصيل لبيان الحقيقة.

إن معركة الحجاب ليست بين الموجبين للتغطية والمبيحين للكشف من العلماء، بل هي بين كافة علماء الأمة من أوجب ومن أجاز، وبين المستغربين رسل الشيطان لهتك ستر الأمة، وإبراز عورات نسائها، وهاكم الدليل:

- من أجاز الكشف من العلماء، أجازه مستندا إلى الدليل الشرعي، بغض النظر عن صوابه أو خطئه، أما دعاة السفور فلا يؤمنون بالدليل أصلا، بل يكرهون ما أنزل الله، ويتبعون أهواءهم وشهواتهم، فمصدر التلقي عند الفريقين مختلف اختلافا جذريا وكليا، هذا يتلقى من الكتاب والسنة، وذاك يتلقى عن الهوى والفكر الغربي.

- من أجاز الكشف يرى التغطية أفضل، ولا يجادل في هذا أحد، بينما دعاة السفور يرون الكشف أفضل بإطلاق، ليس كشف الوجه فحسب، بل كشف سائر البدن، حتى تغدو المرأة بلا ستر ولا حياء، وما افتراءهم وتقولهم على الشيخ أنه قال بأفضلية الكشف إلا دليل من الأدلة على ما قلنا.

- من أجاز الكشف يرى وجوب التغطية حال الفتنة، بينما دعاة السفور يرومون الفتنة ويبحثون عنها، ويشجعون على الكشف لأجل إثارة الفتنة والفساد، والدليل قولهم أن الكشف أفضل من التغطية، مخالفين بذلك إجماع المسلمين.

نقول هذا لأن المستغربين، دعاة السفور، يسعون جاهدين للالتصاق والانتساب إلى العلماء القائلين بكشف الوجه، ليوهموا الناس أنهم منهم، وما هم منهم، وغرضهم من ذلك حماية أنفسهم من اكتشاف حقيقة دعوتهم في نشر الرذيلة ونزع الحجاب وهتك ستر المرأة، وأيضا من أجل السلامة من سخط الناس ونبذهم. إن الأمة منذ القديم مجمعة على أن الفتنة داعية للتغطية..

 

والفتنة هنا هي:

أن تكون المرأة شابة، أو جميلة، أو أن يكثر الفساق والمتهاونون بالأعراض..

ذهب إلى ذلك الحنفية الحنابلة والمالكية والشافعية ( أورد أقوالهم الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في كتابه "عودة الحجاب" )..

بل ذهب بعض العلماء إلى إيجاب التغطية حتى على الأمة، إذا صارت فاتنة، وكل ذلك مفهوم في ظل حرص العلماء على عفاف وستر نساء المؤمنين، وتأمل في قول عائشة رضي الله عنها:

(لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء، لمنعهن المسجد، كما منعه نساء بني إسرائيل)0..

تدرك هذا، حيث رأت منع النساء من الخروج من البيت، إذا تغير الحال، والقرار في البيت أكبر من تغطية الوجه.

ونحن نقول:

ألا ترون قدر الفتنة التي تكون اليوم جراء خروج الفتاة من بيتها؟..

الخروج لوحده يستفز السفهاء ليحوموا حول الحمى، فما بالكم حينما تكشف عن وجهها، وكلكم سمع ورأى من مثل هذا، ما صار مشهورا..

بالإضافة إلى الكيد الكبير الذي يخطط له أعداء الحجاب، وهو معلوم لا يخفى..

إذن، نحن نعيش حالة حرب حقيقة مع أعداء الحجاب، وكل متبصر، أو لديه نصف تبصر يدرك هذا، وعلى هذا:

فكل العلماء يجمعون أنه في زمان كهذا يجب التغطية، حتى من أجاز؟…

والحكمة والعقل يأمران بالحجاب والتغطية، وأن ندعوا إلى هذه الفضيلة درءا لهذه الفتنة العمياء؟.

ثم إن التغطية دين وشريعة ماضية، ليست ترسبات اجتماعية قائمة على التقاليد، فكل ما دلت عليه النصوص فهو دين وليس تقليدا أو عادة، وإن ترسخه في المجتمع وعمل الناس به لا يخرجه عن كونه دينا، وهاكم أدلة الحجاب مختصرة مبينة: قال تعالى: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.

هذا نص صريح في وجوب تغطية الوجه، ولما كان كذلك ادعى المخالفون أنه خاص بأمهات المؤمنين!. وهو زعم لا دليل عليه، بل هو دليل من الأدلة على وجوب التغطية، فكيف يؤمر الطاهرات المطهرات أمهات المؤمنين بتغطية الوجه ثم يؤذن لسواهن؟!!..

بل القياس يقول: إذا كان أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن قد أمرن بالحجاب، مع براءتهن وانتفاء الريب عنهن، فسواهن من باب أولى، هذا وقد علل هذا الحكم بقوله: {ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.. ولايقدر أن يزعم زاعم أن سائر النساء لسن في حاجة إلى طهارة القلب.

وقال: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}.

وقد فسر ابن عباس رضي الله عنه الآية بقوله: " أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة"، ومثله عن عبيدة السلماني.

وقال: { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، قال ابن مسعود: " الثياب"، أي العباءة أو الجلباب، فلا يمكن ستره، فمعفو عنه، وكذا إذا ما حرك الريح العباءة فظهر منها شيء دون قصد.

وقال: { والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن}، قال الجصاص: " أباح لها كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى"، أما غير القواعد فمحرم.

وقال صلى الله عليه وسلم: ( إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) رواه الترمذي وهذا نص صريح في وجوب ستر سائر البدن من غير استثناء.

فهذا النصوص وغيرها تدل بوضوح على أن ستر الوجه والكفين من الدين لا من العادات أو التقاليد الاجتماعية.

أيهما أعظم فتنة:

آلوجه أم القدم؟..

فهل يعقل أن يأمر الشارع بحجب القدم ويأذن بكشف الوجه؟!!.

ثم إن الأصل في تاريخ الأمة الحجاب، كان النساء في عهد الصحابة يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن،

- قالت عائشة رضي الله عنها:

" يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، شققن مروطهن فاختمرن بها" البخاري في التفسير، قوله: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ..

قال ابن حجر: " قوله: [فاختمرن] أي غطين وجوههن" الفتح 8/490، ويقال: خمر الإناء إذا غطى وجهه.

- وقالت عائشة: " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" أبو داود في الحج، باب: في المحرمة تغطي وجهها

وهذا عام، فقد كانت عائشة تحج مع سائر النساء، وهي تحكي ما كانت تفعله هي وسائر النساء إذا مر الرجال.

- يؤكد هذا أثر قالت فاطمة بنت المنذر قالت : " كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات، ونحن مع أسماء بنت أبي الصديق فلا تنكره علينا" الموطأ، في الحج، باب: تخمير المحرم وجهه.

- وعن المغيرة بن شعبة قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها فقال:

( اذهب فانظر إليها، فإنه أجدر أن يؤدم بينكما).

قال: فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها إلى أبويها، وأخبرتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهما كرها ذلك، قال: فسمعت ذلك المرأة وهي في خدرها..

فقالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر، وإلا فأنشدك، كأنها عظمت ذلك، قال: فنظرت إليها فتزوجتها"رواه الترمذي في النكاح، باب: ما جاء في النظر إلى المخطوبة

فهذا الأثر صريح في تغطية الوجه، فالمغيرة جاء لينظر إلى وجهها، وأبواها كرها ذلك، وهي قبلت امتثالا للأمر النبوي مع التحريج على الخاطب أن يكون له غرضا آخر بقوله: " إلا فأنشدك"، أي أن تترك النظر إلى وجهي.

وعلى هذا مضى الناس قرنا بعد قرن..

- قال الغزالي وقد عاش في القرن الخامس:

"لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات"..

- وحكى الإمام النووي في روضة الطالبين (5/366 ) وقد عاش في القرن السابع اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات..

- وقال ابن حجر وقد عاش في القرن التاسع:

"العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال"..

وعلى ذلك كان النساء ثلاثة عشر قرنا، حتى بدايات القرن الرابع عشر الهجري، حيث بدأت دول الغرب تتكالب على دولة الخلافة حتى إذا سقطت تقاسمتها، وكان أول شيء قامت به تعطيل الشريعة ونزع الحجاب ابتداء بغطاء الوجه، فغطاء الوجه هو بداية نزع الحجاب..

فليتنبه لمثل هذا.

فلم تعد القضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك، إنها قضية مصير لأمة محافظة على حجابها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة، والدليل على هذا:

أنه لا يعرف في تاريخ الأمة وقوع معارك حول قضية الكشف، فلم يحدث في تاريخ الأمة أن اجتمع العلماء المجيزون لكشف الوجه ليخرجوا على الأمة مجتمعين يدعون النساء إلى إزالة غطاء الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، كانوا يذكرون ذلك في كتبهم من باب التفقيه فحسب..

أما أن يرتقوا المنابر ويتصدروا المجالس والمنتديات ليقرروا ما ترجح لديهم بإصرار وإلحاح لاينقطع ليحملوا نساء الأمة على كشف الوجه فذلك لم يفعلوه ولم يحصل في تاريخ الأمة، مع أنهم هم الأحق بذلك إن كان في ذلك خير، لأنهم مجتهدون ينطلقون من الشرع وقصدهم نصرته، وهم الذين توصلوا إلى هذا الحكم، لكن ما فعلوا..

لماذا؟..

لأنهم كانوا وهم المجيزون للكشف يعلمون أن التغطية أفضل، ولذا كانوا يدعون الأمة إلى الأفضل، فهذا هو حال العالم الصالح الذي يحب أمته ويريد لها الخير..

أما ما يفعله هؤلاء المستغربون من الدعوة بإلحاح وعلى كافة المستويات مع التلفيق والتلاعب بأقوال العلماء فليس له إلا تفسير واحد هو:

أنهم قد كرهوا هذا الحجاب!..

كرهوا ما أنزل الله!..

كرهوا استتار المرأة وعفتها!..

وضاقت صدورهم ببعدها عن الرجال، فلجؤوا إلى محاربته من خلال الدعوة إلى كشف الوجه بدعوى أن المسألة خلافية، فنرجوا من علمائنا وطلاب العلم القائلين بالكشف أن ينتبهوا لمثل هذا.

 

 

المصدر : http://saaid.net/Doat/abu_sarah/index.htm

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

http://saaid.net/female/h32.htm

 

رسالة إلى من أجاز كشف الوجه

 

هنا مسألة لابد من التنبه لها، وهي:

 

أنك لو سألت هؤلاء المجيزين: "هل تجوزون كشف الوجه في زمن الفتنة أو إذا كانت المرأة فاتنة"؟.

لقالوا: "لا، بل يحرم الكشف في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة شابة أو فاتنة"..

بل ذهبوا إلى أكبر من ذلك فقالوا:

"يجب على الأمة إذا كانت فاتنة تغطية وجهها" ..

مع أن الأمة غير مأمورة بتغطية الوجه.

إذن، فجميع العلماء متفقون من غير استثناء على:

وجوب تغطية الوجه في زمن الفتنة، أو إذا كانت المرأة فاتنة، أو شابة..

 

ونحن نسأل:

أليس اليوم زمن فتنة؟..

وإذا كان العلماء جميعهم حرموا الكشف إذا كان ثمة فتنة، فكيف سيكون قولهم إذا علموا أن الكشف بداية سقوط الحجاب؟..

فلم تعد القضية قضية فقهية تبحث في كتب الفقه فحسب، بل القضية أكبر من ذلك إنها قضية مصير لأمة محافظة على أخلاقها، يراد هتك حجابها، وكشف الوجه هو البداية، قد اتخذ من اختلاف العلماء فيه وسيلة لتدنيس طهارة الأمة المتمثلة في الحجاب، ويعظم الخطر في ظل اتساع نطاق عمل المرأة وازدياد خروجها من البيت، مع نظرة بعض الناس للحجاب على أنه إلف وعادة لادين وعبادة.

فهي مؤامرة على المرأة المسلمة..

 

ومما يبين هذا:

تلك الصور والإعلانات التي تصور المرأة لابسة عباءة سوداء، كاشفة عن وجهها، لإقناع الناس بأن تغطية الوجه ليس من الحجاب، وترسيخ هذا المفهوم فيهم.

ومما يبين أن القضية ليست قضية اختلاف بين العلماء أن كثيرا من هؤلاء النساء اللاتي يكشفن الوجه لايكشفنه لترجح أدلة الكشف عندهن، بل هن متبعات للهوى، قد وجدن الفرصة اليوم سانحة لكشف الوجه، ولو سنحت في الغد فرصة أخرى أكبر لما ترددن في اغتنامها، والدليل على هذا:

أنهن إذا سافرن إلى الخارج نزعن الحجاب بالكلية وصرن متبرجات لافرق بينهن وبين الكافرات..

ولو كان كشفهن عن قناعة بالأدلة المجيزة للكشف للزمن ستر جميع الجسد بالعباءة إلا الوجه في كل مكان سواء في المقام أو في السفر إلا البلاد الأخرى..

ولو كان هذا الكشف ناتجا عن اتباع أقوال العلماء المجيزين لغطين وجوههن، لأن العلماء المجيزين يحرمون الكشف في زمن الفتنة، والزمان زمان فتنة ومع ذلك هن يكشفن وجوههن، والعلماء المجيزون حرموا الكشف على الفاتنة والشابة، وهن يكشفن بغير فرق بين الفاتنة وغير الفاتنة..

فالحقيقة أن هذا الفعل من هؤلاء النساء لم يكن عن اتباع لكلام أهل العلم، بل هو اتباع للهوى وتقليد للسافرات من الكافرات والمتبرجات، وتبرم وضجر من الانصياع لأمر الله تعالى في قوله:

{ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}..

{ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}..

{وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن}.

وإذا سألنا المجيزين سؤالا آخر فقلنا لهم: " أيهما أفضل التغطية أو الكشف"؟..

لقالوا بلا تردد: " التغطية أفضل من كشف الوجه، اقتداء بأمهات المؤمنين"..

ونحن نعلم أن استبدال الأدنى بالذي هو خير فساد في الرأي وحرمان من التوفيق، فإذا كانت التغطية هي الفضلى فلا معنى لترك هذا الأفضل إلى الأدنى إلا الجهل بحقيقة الخير والشر والربح والخسارة، والغفلة عن مكيدة الشيطان..

فإن الشيطان لايزال بالأمة الصالحة يرغبها في الأدنى ويزهدها في الأعلى حتى تستجيب له، فما يزال بها حتى يوقعها في الشر والوبال، كما فعل بالرهبان والعباد، وكما فعل ببني إسرائيل حتى استحقوا سخط الجبار وانتقامه..

أنزل الله لهم المن والسلوى يأكلون منهما، فأبوا إلا الأدنى وسألوا موسى عليه السلام البصل والعدس والقثاء والفوم، فأنكر عليهم هذا الرأي الفاسد، كيف تستبدلون الذي هو أدنى باللذي هو خير؟، قال تعالى:

{وإذ قلتم ياموسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مماتنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}.

فما مثلنا ونحن نفضل كشف الوجه الذي هو أدنى على غطائه الذي هو خير إلا كمثل بني إسرائيل، وقد علمنا ما أصابهم من الخزي والذلة والمسكنة لأمم الأرض جميعها، فكانوا منبوذين مكروهين، ونخشى أن يصيبنا ما أصابهم..

هذا إذا فرضنا جدلا أن كشف الوجه جائز والأفضل تغطيته، أما الذي ندين الله به لا بسواه، أنا نرى حرمة كشف الوجه من حيث الأصل، وكل من كشفت وجهها بغير إذن الشارع فهي آثمة عليها التوبة إلى الله، وإذن الشارع إنما يكون في أحوال معينة كإذنه بالكشف للقواعد من النساء والمراد خطبتها ونحوها..

إذن بالرغم من هذا الخلاف إلا أنه لم يوجد في تاريخ الأمة من العلماء من يدعوا إلى كشف النساء وجوههن، فمن لم يقل منهم بوجوب التغطية جعل ذلك هو الأفضل..

وعلى ذلك فلا يدعوا إلى السفور إلا أحد رجلين، إما أنه غير مطلع على مذاهب العلماء، فاهم لمقاصدهم، وإما أنه مفسد يتخذ من اختلاف العلماء ذريعة لتحقيق مآرب خبيثة في نفسه.

 

أخيرا نقول لمن أجاز كشف الوجه:

إن كنت قد اقتنعت بهذا الرأي تماما عن دين ويقين دون اتباع لهوى، فيجب عليك إذا أفتيت بهذا القول أن تقيده بما قيده العلماء المجيزون من قبلك، بأن تجعل كشف الوجه مشروطا بما يلي:

 

1- ألا يكون في زمن فتنة، يكثر فيه الفساق.

2- ألا تكون المرأة شابة.

3- ألا تكون المرأة فاتنة جميلة.

 

فهذه الشروط واجبة، لا بد من ذكرها، إذا ما أفتيت بجواز الكشف..

أما أن تقول بكشف الوجه، هكذا بإطلاق، وتنسب ذلك لأهل العلم القائلين بكشف الوجه، فهذا تدليس، فإنهم ما قالوا بجواز الكشف، هكذا بإطلاق، كما يفعل من يفتي هذا اليوم، بل قيدوه بالشروط السابقة..

ثم كذلك يجب عليك أن تدل الناس إلى الأفضل، وهو التغطية بإجماع العلماء..

حينذاك تكون معذورا مجتهدا، لك أجر اجتهادك..

أما أن تخفي عن الناس حقيقة قول العلماء المجيزين، بعدم ذكر الشروط والأفضل، فإني أخاف عليك الإثم..

 

 

المصدر : http://saaid.net/Doat/abu_sarah/index.htm

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اسفة اختي لم ار موضوعك الا الساعة ..ماشاء الله اختي بارك الله في جهدك وجعل مانقلته في ميزان حسناتك والشيخ سليم بن عيد الهلالي هو من تلامذة الشيخ الالباني رحمه الله تعالى ..وجزاك الله خيرا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خير اختي الحبيبةعفيفة البيضاء

على الموضوع القيم والمفيد

لا حرمكِ الله الاجر وبأنتظار باقي مشاركاتكِ

الحبيبة مسلمة مجاهدة

بوركت يا غالية على الفتاوي والادلة المفيدة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وأنهي الكلام بالتالي:

 

مشروعية النقاب في المذاهب الفقهية الأربعة

أشرف عبد المقصود

 

 

في حوار شهير له مع صحيفة الأخبار الحكومية ، نشرته بتاريخ 1/ 4 / 1994م , أبدى العلامة الراحل الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي غضبه وسخطه على من يهاجمون النقاب والحجاب ، وقال ما نصه :

(( وعجيب أيضا وغريب أمر هؤلاء ، وهم في رفضهم للحجاب والنقاب يرفعون شعار الحرية الشخصية !! ونحن نسألهم أهناك حرية بلا ضوابط تمنع الجنوح بها إلى غير الطريق الصحيح ؟ وأية حرية تلك التي يعارضون بها تشريعات السماء ؟ هذه الحرية التي تضيق الخناق على المحجبات ، وتترك الحبل على الغارب للسافرات فَيُحرضن على الجريمة بعد الافتتان ! وحسبنا من سوابق الخطف للفتيات ، واغتصاب المائلات المميلات ، حسبنا من ذلك دليلا على حكمة الله البالغة فيما شرع من ستر !! إن هؤلاء يحاولون التدخل في صميم عمل الله ، ويريدون أن تُشَرِّع الأرض للسماء وخسئوا وخاب سعيهم )) اهـ

 

وكان عجبا أن بعض المنتسبين إلى الأزهر يتحدثون عن "بدعة" ستر وجه المرأة ، وكأنهم لأول مرة يعرفونها في دين الإسلام وأقوال أئمته ، بينما شيخ الأزهر الحالي نفسه الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره المسمى (( التفسير الوسيط للقرآن الكريم طبعة دار المعارف جـ 11 ص 245 ) ينتصر لستر البدن كله بما فيه الوجه ، ففي تفسيره لقول الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً } (الأحزاب:59) يقول : (( والجلابيب جمع جلباب ، وهو ثوب يستر جميع البدن ، تلبسه المرأة فوق ثيابها . والمعنى : يا أيها النبي قل لأزواجك اللائي في عصمتك ، وقل لبناتك اللائي هن من نَسْلك ، وقل لنساء المؤمنين كافة ، قل لهن : إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن ، فعليهن أن يَسدلن الجلاليب عليهن ، حتى يسترن أجسامهن سترًا تامًّا من رؤوسهن إلى أقدامهن ؛ زيادة في التستر والاحتشام ، وبعدًا عن مكان التهمة والريبة . قالت أم سلمة رضي الله عنها : لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سُود يلبسنها )) اهـ .

فهذا هو رأي شيخ الأزهر من تفسيره فماذا يقولون ؟

 

* * * *

 

 

إننا بادئ ذي بدء نريد أن ننبه على أمرين مهمين ونجيب عن شبهة مغرضة :

أما الأمر الأول : فيخطىء من يظن أن النقاب قَيْدٌ وُضع على المرأة ليمنعها من ممارسة حقوقها ، أو غُلٌّ ترسُف فيه يحول بينها وبين أداء مهامها . ولكنه في الحقيقة شعار الحياء والخَفَر ، وعنوان الطهارة والعفاف ، تلتزمه ـ منذ قديم الزمان ـ نساء عِلْيَة القوم ، من ذوي الرياسة ، والجاه ، والعلم ، والثراء .

 

وأما الأمر الثاني : فهو أننا هنا لسنا بصدد الدفاع عن أخطاء بعض المنتقبات أو سلوكهن ـ وهي موجودة ـ أو أننا نريد أن نجبر النساء على ارتدائه . بل إننا نريد أن يفرق الناس بين النقاب وبين أخطاء وسلوكيات بعض المنتقبات . فالنقاب لايعطي للمرأة العصمة من الذنوب وتظل المنتقبة شأنها شأن بقية المسلمات يجوز عليها الخطأ والصواب ، وبالتالي فالذين يتحدثون عن هذا الجانب يريدون سحب القضية إلى "أزقة" الكلام بعيدا عن جوهرها وصلبها .

 

وأما الشبهة المغرضة

 

وهي تلك التي يدندن بها أصحاب النفوس الضعيفة هذه الأيام ويملئون بها الصحف والمجلات صياحا وعويلا : يقولون : إن النقاب قد يرتديه المحتالون والسُّرَّاق والإرهابيون والداعرات فيتخفون وراءه ؟ ثم يروحون يستعرضون القصص المغرضة في هذا الباب .

 

وللرد على هذه الشبهة نقول :

 

أولا : المنافقون في الدرك الأسفل من النار ومع ذلك كانوا يتظاهرون بالإسلام فيصلُّون ويُخفون في قلوبهم الزندقة والكفر ويخادعون الله ، فهل نترك الصلاة لأن المنافقين يصلون ؟

 

ثانيا : هناك من المجرمين واللصوص من يرتدي زي رجل الشرطة ورجل الأمن ، فنرى هذا المجرم ينتحل صفة ضابط الشرطة الأمين فيُغرر بالناس ويحتال عليهم ويسرق أموالهم بل قد يقتلهم ، فهل نقوم بإلغاء زي رجل الشرطة من أجل هؤلاء المحتالين والمجرمين ؟

نحن نعلم أن هناك ظروفا تقتضي أن يُتَحَقَّق من شخصية المنتقبة في المطارات والامتحانات .. وحين يُرتاب أو يشك في أمر يحتاج فيه لذلك . فما المانع أن يتحقق من شخصيتهن ضابطات للأمن أو غيرهن من الموظفات دون أي حساسية ، وباحترام ومعاملة مهذبة ؟

 

ثالثا : لا شك أن من يريد أن يتخفى وراء شيء ما ليداري جريمة ما فإنه لا يختار شيئا قبيحا ، وإنما يختار شيئا مستحسنا . لنفرض أن هناك امرأة سيئة السير والسلوك تتخفى وراء النقاب فما من شك أنها تتخفى وراءه لأنه مستحسن لا لأنه قبيح !!

لقد وصل الأمر ببعضهم لكي يمنع النقاب إلى التآمر والاحتيال والنصب والدجل . يقول الأستاذ محمد جلال كشك في كتابه ( قراءة في فكر التبعية ) ص ( 421 ) : أن عميد إحدى الكليات اعترف : أنه لكي يمنع الحجاب أو النقاب في كليته استأجر طالبا من كلية أخرى واتفقوا معه على أن يحاول دخول الكلية منقبا ويقبض عليه الحرس وتصبح فضيحة . وتم ذلك فعلا واستغلها العميد فأصدر قرارا بمنع الحجاب أو النقاب ودفعوا للطالب أُجرته مع بعض الأقلام والشلاليت ! وكان العميد يروي هذه القصة مفتخرًا قائلا : بعشرة جنيه حلِّيت مشكلة الحجاب في كُلِّيتي ! ترى كم يتكلف تلميع خائب وترويج بائر ) اهـ

 

* * * *

 

 

والذي دعاني للحديث في هذا الموضوع هو هذه الحملة الموتورة على النقاب وجرأة البعض على الفتوى والزعم بأن المذاهب الأربعة تُحَرِّم أو تُبَدّع النقاب أو تجعله من المكروهات !! ، وبدا أن هناك حملة لإشاعة الجهل بين الناس أو استغلال بعد الناس عن مواطن العلم ، لترويج أباطيل ليست من دين الله في شيئ ، بل هي اعتداء على الدين والعلم وافتراء على فقهاء المسلمين .

فمسألة الحجاب والنقاب من المسائل التي قتلت بحثا وهي تدور بين الوجوب والاستحباب ولكن من العجب العجاب أن ينتقل بنا أقوام يزعمون الاجتهاد ـ وهو منهم براء ـ إلى دائرة التحريم والكراهة ؛ دون أي دليل بل باستخدام الكذب والتزوير . ولو كان لهؤلاء القائلين بكراهة أو تحريم النقاب سلف من هذه الأمة ، أو مستند يعتمدون عليه ولو كان واهيًا ، أو حكوا مذاهب العلماء في وجوب ستر الوجه وعدمه بأمانة ، ونقلوا أدلتهم بنزاهة ، ثم اختاروا القول بعدم الوجوب ، لقلنا : جنحوا لمذهب مرجوح لهم فيه سلف . ولكن العجب العجاب ، قول من يقول أن النقاب بدعة ويدعو لتحريمه أو كراهته . وللأسف الشديد يتم هذا التَّبَجُّح باسم علوم الدين !! وعلومُ الإسلام كلها بريئة إلى اللَّه تعالى من انتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين ، ولذلك أحببت أن أضع بين يدي القراء بعض معالم الحقيقة في هذا الموضوع ، والعمدة في ذلك كتاب شيخنا العلامة الفقيه الدكتور محمد فؤاد البرازي الرائع ( حجاب المسلمة بين انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ) ، على أن نتبع هذا المقال بآخر يعرض كلام المفسرين في هذه المسألة ، وكلام أعلام الفقه قديما وحديثا .

 

ستر الوجه في المذاهب الأربعة :

من المفيد أن نشير إلى أن القائلين بجواز كشفه ، قد اتجهت مذاهبهم إلى وجوب ستره لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن . وبناءً على ذلك فقد استقر الكثير من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم على وجوب ستر الوجه .ويحسن بنا في هذا المقام أن نذكر شذرات قليلة من أقوال علماء كل مذهب من هذه المذاهب ، منقولة من كتب أصحابها ـ ومعظم هذه الكتب تدرس بالأزهر منذ مئات السنين وإلى اليوم ـ ، إبراءً للذمة ، وإقامة للحجة ، وحتى لا يصدق الناس ما يروجه المزورون من أن النقاب لا وجود له في المذاهب الفقهية الكبرى الأربعة !!

 

أولا : مذهب الحنفية :

 

1 ـ قال الشرنبلالي في ( متن نور الإيضاح ) : « وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها باطنهما وظاهرهما في الأصح ، وهو المختار » . وقد كتب العلامة الطحطاوي في ( حاشيته الشهيرة على مراقي الفلاح شرح متن نور الإيضاح ص 161) عند هذه العبارة ما يلي : « ومَنْعُ الشابة من كشفه ـ أي الوجه ـ لخوف الفتنة ، لا لأنه عورة » اهـ .

 

2 ـ وقال الشيخ داماد افندي (مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر ـ 1 / 81) : « وفي المنتقى : تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة . وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد وعن عائشة : جميع بدن الحرة عورة إلا إحدى عينيها فحسب ، لاندفاع الضرورة » اهـ .

 

3 ـ وقال الشيخ محمد علاء الدين الإمام (الدر المنتقى في شرح الملتقى ـ 1 / 81 ( المطبوع بهامش مجمع الأنهر ) : « وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وقدميها في رواية ، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه ، وإنما يؤدي إلى الفتنة ، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة » اهـ .والراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت فإنه محرم .

 

4 ـ وقال الشيخ الحصكفي (الدر المختار بهامش حاشية ابن عابدين ـ 3 / 188 ـ 189) : « يعزر المولى عبده ، والزوج زوجته على تركها الزينة الشرعية مع قدرتها عليها ، وتركها غسل الجنابة ، أو على الخروج من المنزل لو بغير حق ، أو كَشفت وجهها لغير محرم » اهـ باختصار .

 

5 ـ وقال في موطن آخر : « وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال ، لا لأنه عورة ، بل لخوف الفتنة ، كمسّهِ وإن أَمِنَ الشهوة ، لأنه أغلظ ، ولذا ثبتت به حرمة المصاهرة ». قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة عند هذه العبارة : « والمعنى : تُمنَعُ من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة ، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة .وقوله : « كمسِّهِ » أي : كما يمنع الرجل من مسِّ وجهها وكفِّها وإنْ أَمِنَ الشهوة » اهـ ( انظر : الدر المختار ، مع حاشية رد المحتار ( 1 / 272) .

 

6 ـ وقال العلامة ابن نجيم ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 1 / 284) : « قال مشايخنا : تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة » اهـ .

 

7 ـ وقال أيضًا في موضع آخر ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق ـ 2 / 381) : « وفي فتاوى قاضيخان : ودلَّت المسألة على أنها لا تكشف وجهها للأجانب من غير ضرورة . اهـ وهو يدل على أن هذا الإرخاء عند الإمكان ووجود الأجانب واجبٌ عليها » اهـ .

 

8 ـ وقال الشيخ علاء الدين عابدين (الهدية العلائية ( ص / 244) : « وتُمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة »

اهـ .

وقد أوجب فقهاء الحنفية على المرأة الْمُحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .

 

9ـ قال العلامة المرغيناني (فتح القدير ( 2 / 405) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج : « وتكشف وجهها لقوله عليه السلام : إحرام المرأة في وجهها ». قال العلامة المحقق الكمال بن الهمام تعليقًا على هذه العبارة : « ولا شك في ثبوته موقوفًا . وحديث عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن ماجه ، قالت : كان الركبان يمرون ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات ، فإذا حاذَونا سَدَلَت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه . قالوا : والمستحب أن تسدل على وجهها شيئًا وتجافيه ، وقد جعلوا لذلك أعوادًا كالقُبة توضع على الوجه يسدل فوقها الثوب . ودلت المسألة على أن المرأة منهية عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة وكذا دلَّ الحديث عليه » اهـ .

 

10 ـ وقال العلامة الحصكفي (الدر المختار ورد المحتار ( 2 / 189 ) عند كلامه عن إحرام المرأة في الحج : « والمرأة كالرجل ، لكنها تكشف وجهها لا رأسها ، ولو سَدَلَت شيئًا عليه وَجَافَتهُ جاز ، بل يندب » .قال خاتمة المحققين ، العلامة ابن عابدين في حاشيته على « الدر المختار » عند قوله : « بل يُندب » ، قال : « أي خوفًا من رؤية الأجانب ، وعبَّر في الفتح بالاستحباب ؛ لكنْ صرَّحَ في « النهاية » بالوجوب . وفي « المحيط » : ودلَّت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة ، لأنها منهية عن تغطيته لحقِّ النُّسك لولا ذلك ، وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة » . اهـ

ونحوه في الخانية . ووفق في البحر بما حاصله : أنَّ مَحْمَلَ الاستحباب عند عدم الأجانب ، وأما عند وجودهم فالإرخاء واجب عليها عند الإمكان ، وعند عدمه يجب على الأجانب غض البصر ... » اهـ باختصار .

فأنت ترى من النصّين التاسع والعاشر تصريح فقهاء الحنفية بنهي المرأة أثناء الإحرام بالحج عن إبداء وجهها للأجانب بلا ضرورة ، وقولهم بوجوب ستره رغم أنها في أقدس الأمكنة مستدلين على ذلك بحديث عائشة السابق ذكره . فإذا كان الأمر كذلك وهي محرمة في أقدس البقاع ، فوجوب ستره في غيرها أَوْلى وأحرى بالاتِّباع .

 

ثانيا : مذهب المالكية :

 

1 ـ روى الإمام مالك ( الموطأ ـ 2 / 234 بشرح الزرقاني ، وانظر نحوه في : أوجز المسالك ـ 6 / 196) ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت : « كنا نُخمّر وجوهنا ونحن محرمات ، ونحن مع أسماء بنت أبي بكر الصديق » .قال الشيخ الزرقاني « زاد في رواية : فلا تنكره علينا ، لأنه يجوز للمرأة المحرمة ستر وجهها بقصد الستر عن أعين الناس ، بل يجب إن علمت أو ظنت الفتنة بها ، أو يُنظر لها بقصد لذة . قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله ، والخفاف ، وأن لها أَنْ تغطي رأسها ، وتستر شعرها ، إلا وجهها ، فَتُسدل عليه الثوب سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال ، ولا تُخَمِّر ، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر ، فذكر ما هنا ، ثم قال : ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلًا ، كما جاء عن عائشة قالت : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مُرَّ بنا سَدَلْنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات ، فإذا جاوزْنا رفعناه » اهـ .

 

2 ـ وقال الشيخ الحطَّاب (مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ـ 1 / 499) : « واعلم أنه إن خُشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين . قاله القاضي عبد الوهاب ، ونقله عنه الشيخ أحمد زرّوق في شرح الرسالة ، وهو ظاهر التوضيح . هذا ما يجب عليها »اهـ .

 

3 ـ وقال الشيخ الزرقاني في شرحه لمختصر خليل : (( وعورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم غير الوجه والكفين من جميع جسدها ، حتى دلاليها وقصَّتها .وأما الوجه والكفان ظاهرهما وباطنهما ، فله رؤيتهما مكشوفين ولو شابة بلا عذر من شهادة أو طب ، إلا لخوف فتنة أو قصد لذة فيحرم ، كنظر لأمرد ، كما للفاكهاني والقلشاني . وفي المواق الكبير ما يفيده . وقال ابن الفاكهاني : مقتضى مذهبنا أن ذلك لا يحرم إلا بما يتضمنه ، فإن غلبت السلامة ولم يكن للقبح مدخل فلا تحريم )) . وهذا كله ـ كما ترى ـ في حكم نظر الرجل الأجنبي المسلم إليها . أما حكم كشف وجهها فلم يتعرض الشارح له في هذا الموضع ، وستجده في الفقرة الرابعة المنقولة من حاشية الشيخ البناني عند كلامه على هذه العبارة نفسها ، فانتظره فإنه بيت القصيد . (( ومذهب الشافعيّ أَمَسُّ بسدِّ الذرائع ، وأقرب للاحتياط ، لا سيَّما في هذا الزمان الذي اتّسع فيه البلاء ، واتسع فيه الخرق على الراقع » . اهـ باختصار يسير ( شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 1 / 176) .

 

4ـ وقد كتب العلامة البنَّاني في حاشيته على شرح الزرقاني لمختصر خليل على كلام الزرقاني السابق (1 / 176 ، ونحوه في حاشية الصاوي على الشرح الصغير 1 / 289) . ) ما يلي » قول الزرقاني : إلا لخوف فتنة ، أو قصد لذة فيحرم ، أي النظر إليها ، وهل يجب عليها حينئذٍ ستر وجهها ؟ وهو الذي لابن مرزوق في اغتنام الفرصة قائلًا : إنه مشهور المذهب ، ونقل الحطاب أيضًا الوجوب عن القاضي عبد الوهاب ، أو لا يجب عليها ذلك ، وإنما على الرجل غض بصره ، وهو مقتضى نقل مَوَّاق عن عياض . وفصَّل الشيخ زروق في شرح الوغليسية بين الجميلة فيجب عليها ، وغيرها فيُستحب »اهـ .

 

5 ـ وقال ابن العربي : « والمرأة كلها عورة ، بدنها ، وصوتها ، فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة ، أو لحاجة ، كالشهادة عليها ، أو داء يكون ببدنها ، أو سؤالها عما يَعنُّ ويعرض عندها » أحكام القرآن ( 3 / 1579) . قال محمد فؤاد البرازي :

 

الراجح أن صوت المرأة ليس بعورة ، أما إذا كان هناك خضوع في القول ، وترخيم في الصوت ، فإنه محرم كما سبق تقريره .

 

6 ـ وقال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسيره ( 12 / 229) : « قال ابن خُويز منداد ــ وهو من كبار علماء المالكية ـ : إن المرأة اذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة ، فعليها ستر ذلك ؛ وإن كانت عجوزًا أو مقبحة جاز أن تكشف وجهها وكفيها »

اهـ .

 

7 ــ وقال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري (جواهر الإكليل ـ 1 / 41 ) : « عورة الحرة مع رجل أجنبي مسلم جميع جسدها غير الوجه والكفين ظهرًا وبطنًا ، فالوجه والكفان ليسا عورة ، فيجوز كشفهما للأجنبي ، وله نظرهما إن لم تُخشَ الفتنة . فإن خيفت الفتنة فقال ابن مرزوق : مشهور المذهب وجوب سترهما . وقال عياض : لا يجب سترهما ويجب غضُّ البصر عند الرؤية . وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له » اهـ .

 

8 ـ وقال الشيخ الدردير (جواهر الإكليل ـ 1 / 41 ) : « عورة الحرة مع رجل أجنبي منها ، أي ليس بِمَحْرَمٍ لَهَا ،جميع البدن غير الوجه والكفين ؛ وأما هما فليسا بعورة وإن وجب سترهما لخوف فتنة» اهـ .

ـ وقد أوجب فقهاء المالكية على المرأة المُـحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب .

 

9ـ قال الشيخ صالح عبد السميع الآبي الأزهري ( جواهر الإكليل ـ 1 / 41) في أبواب الحج : « حَرُمَ بسبب الإحرام بحج أو عمرة على المرأة لبس محيط بيدها كقُفَّاز ، وستر وجهٍ بأي ساتر ، وكذا بعضه على أحد القولين الآتيين ، إلا ما يتوقف عليه ستر رأسها ومقاصيصها الواجب ، إلا لقصد ستر عن أعين الرجال فلا يحرم ولو التصق الساتر بوجهها ، وحينئذٍ يجب عليها الستر إن علمت أو ظنت الافتتان بكشف وجهها ، لصيرورته عورة . فلا يقال : كيف تترك الواجب وهو كشف وجهها وتفعل المحَرّم وهو ستره لأجل أمر لا يُطلب منها ، إذ وجهها ليس عورة ؟ وقد علمتَ الجواب بأنه صار عورة بعلمِ أو ظنِّ الافتتان بكشفه »اهـ باختصار .

 

10ـ وقال الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي المالكي الأزهري ) الفواكه الدواني على رسالة أبي زيد القيرواني ـ 1 / 431) في باب الحج والعمرة : « واعلم أن إحرام المرأة حرة أو أَمَةً في وجهها وكفيها . قال خليل : وحَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز ، وستر وجه إلا لستر بلا غرز ولا ربط ، فلا تلبس نحو القفاز ، وأما الخاتم فيجوز لها لبسه كسائر أنواع الحلي ، ولا تلبس نحو البرقع ، ولا اللثام إلا أن تكون ممن يخشى منها الفتنة ، فيجب عليها الستر بأن تسدل شيئًا على وجهها من غير غرز ولا ربط » . اهـ باختصار يسير .

 

11ـ وقال الشيخ الدردير (الشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي ـ 2 / 54، 55) : « حَرُمَ بالإحرام بحج أو عمرة على المرأة ولو أَمَة ، أو صغيرة ، ستر وجه ، إلا لستر عن أعين الناس ، فلا يحرم ، بل يجب إن ظنت الفتنة ... » اهـ .

 

12ـ وقال الشيخ عبد الباقي الزرقاني ( شرح الزرقاني على مختصر خليل ـ 2 / 290 ـ 291) في أبواب الحج : « حَرُمَ بالإحرام على المرأة لبس قُفَّاز ، وستر وجه ، إلا لستر عن الناس ، فلا يحرم عليها ستره ولو لاصقته له ، بل يجب إن علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة ، وحينئذٍ فلا يقال : كيف تترك واجبًا وهو ترك الستر في الإحرام وتفعل محرمًا وهو الستر لأجل أمر لا يطلب منها ، إذ وجهها ليس بعورة ؟ فالجواب : أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت ، إلى آخر ما مر » اهـ وتمام العبارة :

« أنه عورة يجب ستره فيما إذا علمت أو ظنت أنه يخشى منها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة » اهـ .

 

* ونستخلص من النصوص السابقة المأخوذة من المراجع المعتمدة عند المالكية أنه :

 

ـ يُسَنُّ للمرأة أن تستر وجهها عند تحقق السلامة والأمن من الفتنة ، وعند عدم النظر إليها بقصد اللذة .

ـ أما إذا علمت أو ظنت أنه يُخشى من كشف وجهها الفتنة ، أو ينظر لها بقصد لذة ، فيصير عورة يجب عليها ـ حينئذٍ ـ ستره ، حتى ولو كانت محرمة بحج أو عمرة . هذا هو مشهور المذهب كما حكاه ابن مرزوق . ولا شك أننا في زمن تحققت فيه الفتنة ، وانتشرت في أطرافه الرذيلة ، وامتلأت الطرقات بالمتسكعين الذين يتلذذون بالنظر إلى النساء ، فلا يجوز ـ والحال على هذا ـ عند المالكية أنفسهم ، ولا عند المذاهب الثلاثة الأخرى خروج المرأة كاشفة عن وجهها ، بل يجب عليها ستره .

 

* * * *

 

ثالثًا : مذهب الشافعية

 

1 ـ قال الإمام النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في المنهج : « وعورة حُرَّة غير وجه وكفين« ... . قال الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الكتاب السابق عند قوله : « غير وجه وكفين : وهذه عورتها في الصلاة . وأما عورتها عند النساء المسلمات مطلقًا وعند الرجال المحارم ، فما بين السرة والركبة . وأما عند الرجال الأجانب فجميع البدن . وأما عند النساء الكافرات ، فقيل : جميع بدنها ، وقيل : ما عدا ما يبدو عند المهنة » اهـ ( حاشية الجمل على شرح المنهج ـ 1 / 411) .

 

2ـ وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ( تحفة المحتاج بشرح المنهاج ـ 3 / 113 ـ 115 ، المطبوع بهامش حاشيتي الشرواني والعبادي ) في « فصل تكفين الميت وحمله وتوابعهما » : « يُكفن الميت بعد غسله بما لَهُ لُبْسُهُ حيًا ... ثم قال : وأقله ثوب يستر العورة المختلفة بالذكورة والأنوثة »اهـ .وقد كتب الشيخ الشرواني ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) في حاشيته على تلك العبارة : « فيجب على المرأة ما يستر بدنها إلا وجهها وكفيها ، حرَّة كانت أو أمة . ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبًا . شرح : م ر ــ أي شرح شمس الدين بن الرملي رحمهما الله تعالى .

 

3 ـ وذكر ابن قاسم العبادي في ( حاشيته على تحفة المحتاج ـ 3 / 115) نحو ذلك على العبارة نفسها ، فقال : « فيجب ما ستر من الأنثى ولو رقيقة ما عدا الوجه والكفين . ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة ، بل لخوف الفتنة غالبًا . شرح : م ر » اهـ .

 

4ـ وقال الشيخ الشرواني : « قال الزيادي في شرح المحرر : إن لها ثلاث عورات : عورة في الصلاة ، وهو ما تقدم ـ أي كل بدنها ما سوى الوجه والكفين . وعورة بالنسبة لنظر الأجانب إليها : جميع بدنها حتى الوجه والكفين على المعتمد .وعورة في الخلوة وعند المحارم : كعورة الرجل »اهـ ـ أي ما بين السرة والركبة ـ ( حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 2 / 112) .

 

5 ـ وقال أيضًا : « من تحققت من نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه ، وإلا كانت معينة له على حرام ، فتأثم » اهـ (حاشية الشرواني على تحفة المحتاج ـ 6 / 193) .

 

6 ــ وقال الشيخ زكريا الأنصاري : « وعورة الحرة ما سوى الوجه والكفين » فكتب الشيخ الشرقاوي في حاشيته على هذه العبارة : « وعورة الحرة .. أي : في الصلاة . أما عورتها خارجها بالنسبة لنظر الأجنبي إليها فجميع بدنها حتى الوجه والكفين ولو عند أَمنِ الفتنة » اهـ (تحفة الطلاب بشرح تحرير تنقيح اللباب ـ 1 / 174) .

 

7 ــ وقال الشيخ محمد الزهري الغمراوي (أنوار المسالك شرح عمدة السالك وعدة الناسك ص 217 ) : (( ويحرم أن ينظر الرجل إلى شيء من الأجنبية ، سواء كان وجهها ، أو شعرها ، أو ظفرها ، حرة كانت أو أمة ...)) ثم قال بعد أربعة أسطر

: (( فالأجنبية الحرة يحرم النظر إلى أي جزء منها ولو بلا شهوة ، وكذا اللمس والخلوة ؛ والأَمة على المعتمد مثلها ، ولا فرق فيها بين الجميلة وغيرها ...)) . ثم قال في الصفحة التي تليها : ويحرم عليها ـ أي المرأة ـ كشف شيء من بدنها ، ولو وجهها وكفيها لمراهق أو لامرأة كافرة »اهـ .

 

8 ــ وقال الشيخ محمد بن عبد الله الجرداني (فتح العلام بشرح مرشد الأنام ( 1 / 34 ـ 35 ) : « واعلم أن العورة قسمان : عورة في الصلاة . وعورة خارجها ، وكل منهما يجب ستره » اهـ .وبعد تفصيل طويل نافع قال تحت عنوان : « عورة المرأة بالنسبة للرجال الأجانب ، وما فيه من كلام الأئمة ، وحكم كشف الوجه :« وبالنسبة لنظر الأجنبي إليها جميع بدنها بدون استثناء شيء منه أصلًا ..ثم قال : ويجب عليها أن تستتر عنه ، هذا هو المعتمد ، ونقل القاضي عياض المالكي عن العلماء : أنه لا يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة ، وعلى الرجال غض البصر عنها . وقيل : وهذا لا ينافي ما حكاه الإمام من اتفاق المسلمين على منع النساء بأن يخرجن سافرات الوجوه ، أي كاشفاتها ، لأن منعهن من ذلك ليس لوجوب الستر عليهن ، بل لأن فيه مصلحة عامة بسدِّ باب الفتنة . نعم : الوجه وجوبه عليها إذا علمت نظر أجنبي إليها ، لأن في بقاء الكشف إعانة على الحرام . أفاد ذلك السيد أبو بكر في حاشيته على فتح المعين نقلًا عن فتح الجواد . وضعَّفَ الرملي كلام القاضي ، وذكر أن الستر واجب لذاته . ثم قال : وحيث قيل بالجواز كره ، وقيل : خلاف الأَولى .وحيث قيل بالتحريم ــ وهو الراجح ــ حرم النظر إلى المُنَقَّبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، أي ما دار بهما ، كما بحثه الأذرعي ، لا سيَّما إذا كانت جميلة » اهـ ( فتح العلام بشرح مرشد الأنام ـ 1 / 41 ـ 42 ) ، ونحوه في مغني المحتاج ( 3 / 129) .

 

9ـ وقال الشيخ تقي الدين الحصني (كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار ( 1 / 181 ) : « ويُكره أن يصلي في ثوب فيه صورة وتمثيل ، والمرأة متنقّبة إلا أن تكون في مسجد وهناك أجانب لا يحترزون عن النظر ، فإن خيف من النظر إليها ما يجر إلى الفساد حرم عليها رفع النقاب . وهذا كثير في مواضع الزيارة كبيت المقدس ، زاده الله شرفًا ، فليُجتنَب ذلك »اهـ .

 

10ـ وقال الشيخ محمد بن قاسم الغزي : « وجميع بدن المرأة الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وهذه عورتها في الصلاة ، أما خارج الصلاة فعورتها جميع بدنها »اهـ (فتح القريب في شرح ألفاظ التقريب ( ص 19) .

 

11ـ وقد أجاز فقهاء الشافعية للمرأة المُـحْرِمة بالحج أو العمرة ستر وجهها عند وجود الرجال الأجانب ؛ بل أوجبه بعضهم . قال العلامة الرملي الشهير بالشافعي الصغير : « وللمرأة أن ترخي على وجهها ثوبًا متجافيًا عنه بنحو خشبة وإن لم يُحتَج لذلك لحرٍّ وفتنة .. ولا يبعد جواز الستر مع الفدية حيث تعيَّن طريقًا لدفع نظر مُحرَّم .وقد كتب الشبراملسي في حاشيته عليه : « قوله :

ولا يبعد جواز الستر أي : بل ينبغي وجوبه ، ولا ينافيه التعبير بالجواز ، لأنه جوازٌ بعد مَنع ، فيَصدُق بالواجب » اهـ (نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ، ومعه حاشية الشبراملسي ( 3 / 333) .

 

12ـ وقال الخطيب الشربيني : « وإذا أرادت المرأة ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو ثوب متجافٍ عنه بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . « وقد كتب البجيرمي في حاشيته على هذا القول : « فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ولو بحضرة الأجانب ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم . والمتجه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه » اهـ (حاشية البجيرمي على الخطيب ( 2 / 391) .

 

13 ــ ونقل الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي ( أوجز المسالك إلى موطأ مالك ـ 6 / 197 ) نقلًا عن : شرح الإقناع .

في « باب تخمير المحرم وجهه » عن « شرح الإقناع » قوله : « وإذا أرادت » ستر وجهها عن الناس أَرْخَت عليه ما يستره بنحو خشبة ، بحيث لا يقع على البشرة . وفي حاشيةِ قوله : « إذا أرادت » ، فيه إشارة إلى وجوب كشف وجهها ــ أي في حالة الإحرام ــ ولو بحضرة الأجانب ، ومع خوف الفتنة ، ويجب عليهم غض البصر ، وبه قال بعضهم . والمتجه في هذه وجوب الستر عليها بما لا يمسُّه »

اهـ .

 

* * * *

 

رابعًا : مذهب الحنابلة

 

1ـ قال الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ : « كل شيء منها ــ أي من المرأة الحرة ــ عورة حتى الظفر » اهـ (زاد المسير في علم التفسير ـ 6 / 31 ) .

 

2ـ وقال الشيخ يوسف بن عبد الهادي المقدسي الحنبلي في ( مغني ذوي الأفهام عن الكتب الكثيرة في الأحكام ـ ص 120 ) :

« ولا يجوز للرجل النظر إلى أجنبية ، إلا العجوز الكبيرة التي لا تشتهى مثلها ، والصغيرة التي ليست محلًا للشهوة ، ويجب عليه صرف نظره عنها . ويجب عليها ستر وجهها إذا برزت » اهـ .

 

3ـ وقال الشيخ منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (كشاف القناع عن متن الإقناع ـ 1 / 309) ) : « والحرة البالغة كلها عورة في الصلاة حتى ظفرها وشعرها » لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « المرأة عورة » رواه الترمذي ، وقال : حسن صحيح . وعن أم سلمة أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم : « أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار ؟ قال : إذا كان الدرع سابغًا يغطي ظهور قدميها » رواه أبو داود ، وصحح عبد الحق وغيره أنه موقوف على أم سلمة . « إلا وجهها » : لا خلاف في المذهب أنه يجوز للمرأة الحرة كشف وجهها في الصلاة . ذكره في المغني وغيره . « قال جمع : وكفيها » واختاره المجد ، وجزم به في العمدة والوجيز لقوله تعالى : ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾

 

[ النور : 31 ] قال ابن عباس وعائشة : وجهها وكفيها . رواه البيهقي ، وفيه ضعف ، وخالفهما ابن مسعود . « وهما » أي : الكفان . « والوجه » من الحرة البالغة « عورة خارجها » أي الصلاة « باعتبار النظر كبقية بدنها » كما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم : « المرأة عورة » اهـ .

 

4ـ وقال الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري (الروض المربع شرح زاد المستقنع للبهوتي ، مع حاشية العنقري ـ 1 / 140 ) :

« وكل الحرة البالغة عورة حتى ذوائبها ، صرح به في الرعاية . اهـ إلا وجهها فليس عورة في الصلاة . وأما خارجها فكلها عورة حتى وجهها بالنسبة إلى الرجل والخنثى وبالنسبة إلى مثلها عورتها ما بين السرة إلى الركبة » اهـ .

 

5ـ وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي ـ رحمه الله تعالى ـ ( الفروع ( 1 / 601 ـ 602): « قال أحمد : ولا تبدي زينتها إلا لمن في الآية. ونقل أبو طالب : « ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها ، فإنه يصف القدم ، وأحبُّ إليَّ أن تجعل لكـمّها زرًا عند يدها » . اختار القاضي قول من قال : المراد بــ ﴿ مَا ظَهَرَ ﴾ من الزينة : الثياب ، لقول ابن مسعود وغيره ، لا قول من فسَّرها ببعض الحلي ، أو ببعضها ، فإنها الخفية ، قال : وقد نصَّ عليه أحمد فقال : الزينة الظاهرة : الثياب ، وكل شيء منها عورة حتى الظفر » اهـ .

 

6ـ وقال الشيخ يوسف مرعي (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى ـ 3 / 7 ) : « وحرم في غير ما مرَّ ــ أي من نظر الخاطب إلى مخطوبته ، ونظر الزوج إلى زوجته ، وغير ذلك ــ قصدُ نظرِ أجنبية ، حتى شعر متصل لا بائن . قال أحمد : ظفرها عورة ، فإذا خرجت فلا تبين شيئًا ، ولا خُفَّها فإنه يصف القدم . وأُحبّ أن تجعل لكمّها زرًا عند يدها » اهـ .

 

7ـ وقد أجاز فقهاء الحنابلة للمرأة المُـحْرِمة بحج أو عمرة ستر وجهها عند مرور الرجال الأجانب قريبًا منها . قال الشيخ ابن مفلح الحنبلي (المبدع في شرح المقنع ـ 3 / 168 ) ، وانظر أيضا : الروض المربع ( 1 / 484) :« والمرأة إحرامها في وجهها فيحرم عليها تغطيته ببرقع ، أو نقاب ، أو غيره ، لما روى ابن عمر مرفوعًا : « لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القُفَّازين »

رواه البخاري . وقال ابن عمر : إحرام المرأة في وجهها ، وإحرام الرجل في رأسه . رواه الدارقطني بــإسناد جيد .. فإن احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبًا منها جاز أن تُسدل الثوب فوق رأسها على وجهها ، لفعل عائشة . رواه أحمد وأبو داود وغيرهما . وشَرَط القاضي في الساتر أن لا يصيب بشرتها ، فإن أصابها ثم ارتفع بسرعة فلا شيء عليها ، وإلَّا فَدَت لاستدامة الستر ، وردَّه المؤلف بأن هذا الشرط ليس عند أحمد ، ولا هو من الخبر ، بل الظاهر منه خلافه ، فإنه لا يكاد يسلم المسدول من إصابة البشرة ، فلو كان شرطًا لبُيِّن »

اهـ باختصار .

 

8ـ وقال الشيخ إبراهيم ضويان (منار السبيل ( 1 / 246 ـ 247 ) أثناء كلامه عن محظورات الإحرام : « ... وتغطية الوجه من الأنثى ، لكن تُسدل على وجهها لحاجة ، لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تنتقب المرأة المحرمة ، ولا تلبس القفازين » رواه أحمد والبخاري قال في الشرح : فيحرم تغطيته . لا نعلم فيه خلافًا إلا ماروي عن أسماء أنها تغطيه ، فيُحمَلُ على السدل ، فلا يكون فيه اختلاف . فإن احتاجت لتغطيته لمرور الرجال قريبًا منها سدلت الثوب من فوق رأسها ، لا نعلم فيه خلافًا . اهـ لحديث عائشة :

« كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا حاذَونا سدلت إحدانا جلبابها على وجهها ، فإذا جاوزونا كشفناه » . رواه أبو داود والأثرم » اهـ .

 

* * * *

 

الخُــــلاصـــة :

 

يستنتج من تلك النصوص التي سقناها من المصادر المعتمدة عند كل مذهب من تلك المذاهب الأربعة ما يلي :

1. ـ وجوب ستر المرأة جميع بدنها ، بما في ذلك وجهها وكفيها عن الرجال الأجانب عنها وقد رأى بعض أهل العلم أن الوجه والكفين عورة لا يجوز إظهارهما لغير النساء المسلمات والمحارم ، استنادًا إلى الحديث الصحيح : « المرأة عورة . « ورأى البعض الآخر أنهما غير عورة ، لكنهم قالوا بوجوب سترهما لخوف الفتنة نظرًا لفساد الزمن . فانعقدت خناصر المذاهب الأربعة على وجوب سترهما ، وحرمة كشفهما . لذا نقل « الإمام النووي » ، و« التقي الحصني » ، و« الخطيب الشربيني » ، وغيرهم عن « الإمام الجويني » إمام الحرمين اتفاقَ المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجوه . انظر : روضة الطالبين ( 7 / 21 ) ، وكفاية الأخيار ( 2 / 75 ) ، ومغني المحتاج ( 3 / 128 ـ 129) .

 

2 ـ دَلَّت النصوص التي سقناها عن المذاهب الأربعة على وجوب ستر المحرمة وجهها بغير البرقع والنقاب عند البعض ، وعلى جواز ستره بغيرهما عند مرور الرجال الأجانب بها عند البعض الآخر . وما ذلك إلا لصيانتها من نظراتهم رغم كونها محرمة .لهذا قال الحافظ ابن عبد البر (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ـ 15 / 108 ) : « أجمعوا أنَّ لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال إليها ، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها ـ أي وهي محرمة بنحو خمار ـ إلا ما ذكرنا عن أسماء » اهـ .

وفي الوقفات المقبلة نوضح مشروعية النقاب عند أهل العلم من غير المذاهب الأربعة وعند المفسرين كذلك

 

أشرف بن عبد المقصود

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×