اذهبي الى المحتوى
سُندس واستبرق

ܔ ✿ المحاضرة الثانيّـة : مقدمات هامّة في فضل العلم وثمرته ✿ܔ

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

post-36649-0-01494200-1352267305.png

 

 

في هذا اللقاء بمشيئة الله سنتحدث عن أربعة مواضيع أو أربعة عناصر: أولًا سنتحدث عن مقارنات بين العلم الشرعيّ وبين ما يُظن أنّه أفضل من العلم ثمّ نتحدث عن حكم طلب العلم الشّرعيّ والعنصر الثّالث نتحدث عن ثمرات العلم النّافع وأخيرًا نتحدث عن أدب الطّلب.

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

أول المقارنه بين العلم وبين ما يُظنّ أنّه أفضل من العلم:

 

لقد آثر السّلف الصّالح على أنّ العلم الشّرعيّ والاشتغال به أفضل من الاشتغال بنوافل الطّاعات والعبادات بل إنّ النّووي -رحمه الله تعالى- ذكر اتفاق السّلف على أن طلب العلم الشّرعيّ أحبُّ إليه من نوافل العبادات لماذا؟

 

لماذا العلم الشّرعيّ والاشتغال به أحبُّ إليه من الاشتغال بنوافل العبادات؟

 

 

هذا يعود إلى ستة أمور:

 

الأمر الأول: أن نفع العلم عامٌّ، ونفع العبادة خاصٌّ بصاحبها، وإن كنتم تذكرون حينما تحدثنا عن قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث أبي الدّرداء في سنن أبي داود وقال: "وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب"، وفي هذا المعنى إذًا نفع العلم عامٌّ ونفع العباده قاصرٌ على صاحبه.

 

السّبب الثّاني:أنّ العباده تفتقر إلى العلم فلا يستطيع أحدٌ أن يقوم ليصلِّي إلا بعد أن يتعلم صفة صلاة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولا يستطيع أن يخرج زكاة ماله إلا بأن يتعلم أحكام الزّكاة، ولايستطيع أن يحجّ بيت الله -سبحانه وتعالى- إلا بعد يتعلم أحكام الحجّ، إذًا العباده مفتقرةٌ إلى العلم الشّرعيّ والعلم لايفتقر إليها.

 

الأمر الثّالث أو السّبب الثالث: الآيات والأحاديث الكثيرة الّتي تبين فضل العلم ومكانة أهله.

 

السّبب الرّابع: أن نفع العلم مستمرٌ لصاحبه حتى بعد موته بينما العباده تنقطع بانقطاع صاحبها من هذه الحياة.

 

السّبب الخامس: أنّ في العناية بالعلم الشّرعيّ والمحافظه عليه وطلبه فيه بقاءٌ وحفظٌ لشريعة محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولاشك أنّ الّذي يقوم بحفظ هذه الشّريعة يعتبر من المجاهدين في سبيل الله -عزّ وجلّ- كما سيأتي معنا بإذن الله -سبحانه وتعالى-.

 

السّبب السّادس: أنّ بعض العلماء عد فروض الكفايه أفضل من فروض الأعيان فرض الكفاية عده بعض العلماء أفضل من فرض العين والسّبب أنّ الّذي يقوم بفرض الكفايه فإنّه يثبت الإثم عن أمّة محمد -صلّى الله عليه وسلّم- فكذلك الّذي يقوم بتعلم العلم الشّرعيّ فإنّه يسقط الإثم أيضًا عن أمّة محمد -صلّى الله عليه وسلّم-، ولاشك أن من يقوم بهذا له من الأجر العظيم -نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل العلم-، إذًا تبين لنا من هذا أنّ العلم أفضل من نوافل الطّاعات.

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

شيخ الإسلام ابن تيميه -رحمه الله- له رأيٌ خاصٌ في هذه المسأله يقول -رحمه الله تعالى-: "أن العلماء، تنوعت آرائهم في بيان أيّهما أفضل الإشتغال بالعلم أم الإشتغال بنوافل العبادات فمنهم من يقول -والكلام لشيخ الإسلام بن تيميه رحمه الله يقول- إنّ الاشتغال بالعلم أفضل ومنهم من يقول: لأن أصلى ركعتين في جوف الليل لايراني فيه أحدٌ أحبّ إلى من أن أنسخ مائة حديث، وبعض العلماء يقول الأفضل فعل هذا وهذا" لكن -رحمه الله- قال بعد هذا الحديث-: "لكن الأمر يختلف ويتنوع بتنوع الأحوال فمن العبادات من يكون جنسها أفضل ثم تكون مرجوحه أو منهيًّا عنها فالصّلاه أفضل من قراءة القرآن وقراءة القرآن أفضل من الذّكر، والذّكر أفضل من الدّعاء ثمّ إنّ الصّلاة يأتي وقتٌ يكون منهيًّا عن الصّلاة فيه فإذا سألني قراءة القرآن أم الصّلاة نقول ماذا؟؟ قراءة القرآن مع أنّ الصلاه هي أفضل" إذًا القضيه تتنوع كما قال -رحمه الله- فمن العبادات مايكون جنسها أفضل ثم تكون مرجوحة أومنهيًّا عنها لكن لاشك أن طلب العلم الشرعيّ أفضل من نوافل العبادات والطّاعات، لكن ليس معنى هذا أن يكون طالب العلم عريًّا عن العباده فتجده صاحب بحث وإطلاع لكن لا تجد له في العبادة حظ، فلا تجده من أهل الصّلاة، من أهل القيام، ولامن أهل الصّيام، ولامن أهل الذّكر، إذاً أين أثر العلم الّذي تعلمه، ولهذا لما سأل الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- كما في الآداب الشّرعيّة لابن المفلح عن رجلٍ لا يصلي صلاة الوتر قال -رحمه الله-: صلاة الوتر واجبه أم نافله، صحيح أنّها نافلةٌ قال -رحمه الله-: "ذاك رجلٌ سوءٌ"؛ لأنّه لم يصلّ صلاة الوتر، إذًا طالب العلم بحاجة أن يكون له زادٌ من نوافل الطّاعات لكن إذا تزاحمت الأمور لديه نقول ما أنت فيه من العلم ليس بأقل من نوافل العبادات والطّاعات، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- كان بين يديه أحد تلاميذه فأذن المؤذن لصلاة العصر فأراد أن يقوم ليركع ويسجد سجدتين فقال له الإمام: إلى أين؟ قال: أريد أن أصلّي قبل الصّلاة، قال: "ما أنت فيه ليس بأفضل مما ستذهب إليه"؛ إذًا إذا كان طالب العلم يطلب العلم الشّرعيّ فليستحضر أنّه في عبادةٍ يتقرب بها إلى الله وهي من أفضل أنواع العبادات .

 

يابع بإذن الله ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

المقارنه الثّانية:أيّهما أفضل طلب العلم الشّرعيّ أم الجهاد في سبيل الله -عزّ وجلّ-؟

 

الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام وقد أمر الله -سبحانه- به وأعدّ لأهله من الأجور العظيمه ما لم يعده لغيره، وذكر للشّهداء من الأجر ما ليس لغيرهم، لكن أيهما أفضل أن يذهب الإنسان إلى الثّغور ليجاهد في سبيل الله أم الأفضل له أن يطلب العلم الشّرعيّ، نقول أنّ الأفضل إذا وجد من يكفي أن يتعلم علم الشّريعة؛ لأنّ المجاهد في سبيل الله لايستطيع أن يجاهد وهي عبادةٌ إلا إذا تعلم أحكام الشّريعة ولهذا يقول الله -سبحانه وتعالى-: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التّوبة: 122]، ولكن بعض العلماء يرى أنّه لا مجال للبحث في هذا الأمر؛ لأن طلب العلم من الجهاد في سبيل الله، يقول أبو الدّرداء -رضي الله عنه وأرضاه-: "من لم يعد طلب العلم من الجهاد في سبيل الله فقد نقص في رأيه وفي عقله".

 

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

المقارنة الثّالثة: أيهما أفضل جمع العلم الشّرعيّ أم جمع المال؟

المال لاشكّ أنّه عصب الحياة وكما قال -صلّى الله عليه وسلّم-: "نعم المال الصّالح للرجل الصّالح" لكن حينما يتزاحم لدى الإنسان أيهما أفضل أن يكون تاجرًا يجمع الأموال أو يكون طالبَ علمٍ يجمع أحاديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فلا شكّ أنّ الأفضل أن يجمع أحاديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأن يبثّها إلى النّاس: "نضر لله أمرئ سمع مقالّتي فوعاها فأداها كم سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه غير فقيه" ، علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- له كلمةٌ نفيسةٌ في هذا الباب يقول -رضي الله عنه-: "العلم خير من المال المال تحرسه والعلم يحرسك والمال تفنيه النّفقه والعلم يزكوا بالإنفاق، والعلم حكم والمال محكوم عليه، مات خُزان المال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدّهر، أعيانه مفقودة وآثارهم في القلوب موجودة".

 

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

ننتقل إلى المسألة الثّالثة: ثمرات العلم النّافع:

 

 

ابن تيميه -رحمه الله- يقول: "وجماع الخير أن يستعين بالله في تلقي العلم الموروث عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- فإنّه هو الّذي يستحق أن يسمى علمًا" العلم الشّرعيّ له ثمراتٌ عديدةٌ لكن سنذكر بعضًا منها وطرفًا منها.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

أول هذه الثّمرات أنّ العلم فيه رفعةٌ لصاحبه في الدّنيا وفيه رفعةٌ لصاحبه في الآخرة. {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزّمر: 9]، ليس المراد في الدّنيا فحسب وإنّما هو في الدّنيا والآخرة،ويقول الله -عزّ وجلّ-: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]، ابن عباس -رضي الله عنهما- حبر الأمّة وبحرها وحبرها-رضي الله عنه وأرضاه- يقول: "العلماء فوق المؤمنين مائةَ درجةٍ،ما بين الدّرجة والأخرى مائة عام" ولاشك أنّ هذا يدل على رفعة العلم لأهله.

 

إنّما العلم منحةٌ ليس فيها منازع***هو للنّفس لذّةٌ وهو للقدر راكع

 

ولهذا يقول الله -عزّ وجلّ-:{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: 55]، منها يقول: "العلماء قد فضلهم الله -عزّ وجلّ- في العلم"، هناك مواقفٌ كثيرةٌ تدلُّ على رفعة العلم لأصحابه حتى في الدّنيا؛ في صحيح مسلم أن نافعة بن عبد الحارث خرج في استقبال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- إلى عسفان فالتقاه عمر فقال: من استخلفت على أهل مكة وكان نافعة والي مكة، قال: استخلفت عليه ابن أفزى، قال ومن ابن أفزى؟ قال: هذا مولًا من موالينا، قال تستخلف عليهم مولًا، قال: يا أمير المؤمنين إنه حافظٌ لكتاب الله عالمٌ بالقرءان عالمٌ بالفرائض يقضي بين النّاس، هذه المؤهلات الّتي جعلته يستخلفه على أهل مكة، فقال عمر-رضى الله عنه وأرضاه-: "أمّا إنّ نبيّكم -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين" ".

 

النّاس من جهة التّمثيل أكفاءُ***أبوهم آدم والأم حواءُ

ما الفخر إلا لأهل العلم إنّهمُ***والجاهلون لأهل العلم أعداءُ

ففز بعلم تعش حيًّا به أبدًا***فالنّاس موتى وأهل العلم أحياءُ

 

الثمرة الثّانية:

 

العلم حياةٌ للرّوح، النّاس يبحثون عن السّعادة، السّعادة الّتي هي الرّاحة النّفسية، باختصار يبحثون عن ما يجلب طمئنية القلب من أعظم ما يجلب لك هذه الطمأنينة أن تتعلم علم الشّريعة، ولهذا نادرًا ما نرى أحد العلماء قد أصابه وسواس أو نحو ذلك أو يشكو من همٍ أوقلقٍ؛ لأنّه مع العلم الشّرعيّ وقبل ذلك فإن الله يحفظه -سبحانه وتعالى- الله -عزّ وجلّ- في كتابه {أَوَ مَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام: 122]، ما هو هذا النّور؟ قيل هو الإسلام وقيل هو القرآن، وقيل متابعة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يجمعها لك أن تتعلم العلم الشّرعيّ {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122]، لا يستون عند الله -سبحانه وتعالى-، الله -سبحانه وتعالى- يقول {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [النّحل: 97]، والّذي يدلُّ على أنّ العلم فيه حياة القلوب الحديث العظيم عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قوله -عليه الصّلاة والسّلام: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها نقية أمسكت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها النّاس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت الكلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" .

 

ولهذا يقول الأندلسيّ -رحمه الله- في قصيدته الماتعة النّافعة الّتي أرسلها إلى ابنه:

 

فقوت الرّوح أروح المعاني***وليس بأن طعمتَ ولا شربتَ

جعلت المال فوق العلم جهلًا***لعمرك في القضيةِ ما عدلتَ

وبينهما بنص الوحي بيّنٌ***ستعلمه إذا طه قرأت

 

أنّ طلب العلم الشّرعيّ طريقٌ لنيل الإمامة في الدّين الّتي قال الله -عزّ وجلّ-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون} [السّجدة: 24]، طلب أن يكون الإنسان من أهل العلم وأن يستفيد منه النّاس فهذا مطلبٌ ممدوحٌ وكما قال الله: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، ممّا يحقق لك هذه الدّعوة هو أنّ تتعلم علم الشّريعة؛ لأنّ هذه الإمامة تنال بالصّبر واليقين كما قال الله -عزّ وجلّ-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون} [السّجدة: 24].

 

الفضيلة الرّابعة:

 

والثّمرة الرّابعة للعلم الشّرعيّ أنّه طريقٌ إلى تقوى الله -سبحانه وتعالى-، يقول أحد السّلف يقول: "والله لو أعلم أن الله -سبحانه وتعالى- تقبل منّي حسنةً واحدهً لتمنيت بعدها الموت"، قالوا: لم؟ لماذا تتمنى هذا التّمنى؟ قال: لأنّ الله قال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة: 27]، فإذا تقبل الله منّي فهذا دليل على أنّي من المتقين ومعنى ذلك {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا * حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا * وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا * وَكَأْسًا دِهَاقًا * لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا * جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا} [النّبأ: 31-36]، إذًا من أراد هذا الخير فعليه بسلوك طريق العلم الشّرعيّ.

 

الثّمرة الخامسة:

 

أنّ العلم الشّرعيّ يكشف لك الشّبهات الصّحابة -رضي الله عنهم- حينما ذهبوا إلى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وقالوا: يا رسول الله -حسوا بشبهةٍ تأتيهم- فذهبوا إلى النّبيّ وقالوا: يارسول الله إنّه ليأتى في ذهن أحدنا من الكلام ما إن لو تحدّث به لخشي على نفسه، هذه شّبهة يأتي الشّيطان أحدكم فيقول من خلق الأرض؟ الله من خلق الجبال؟ الله من خلق السّماء؟ الله من خلق الخلق؟ الله هذا الله خلق الخلق إذًا فمن خلق الله؟؟ فيبدأ الشيطان يوسوس له فيأتي العلم الشّرعي فينجيه من هذا الوسواس ولهذا قال النّبيّ: "أو قد وجتموه، قالوا: نعم، قال: فذلك صريح الإيمان" فبما أنكم تحدثتم به وخشيتم به إذًا فهذا دليلُ على أنّكم من أهل العلم ومن أهل الإيمان، ابن دقيق العيد -رحمه الله- العالم المعروف أصابني وسواس المعتقد في بداية حياتي فشكوت ذلك إلى أهل العلم فقالوا: "عليك بطلب العلم"، فيقول: "فطلبت العلم فأذهبه الله -عزّ وجلّ- من نفسي"، أذهب الله هذا الوسواس من نفسه.

 

الثّمرة السّادسة:

 

أنّ هذا العلم الشّرعيّ مَخرجٌ للإنسان من الفتن والشّهوات، في هذا الزّمان كثرت فيه الفتن وأطلت الفتن برأسها وكلما أطفأت فتنه خرجت أخرى، ما الّذي ينجى الإنسان من هذه الفتن؟؟ هو أن يتعلم علم الشّريعة؛ لأنّ إذا تعلم علم الشّريعة رُبط بكتاب الله وبسنة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، وأيضًا سبيل لنجاة الإنسان من الشّهوات وهذه تأتينا الأسئلة كثيراً من بعض طلبة العلم يكون يسير إلى طريق الله -سبحانه وتعالى- لكن يُبتلى بشهوةٍ معينةٍ تفسد عليه حياته، الّتي ينجيه من هذه الشّهوه هو أن يستمر على طلب العلم الشّرعيّ، ولذلك لما قام قارون بمظهريته الجوفاء وبأمواله الّتي تنوء العصبة بحِملها قال النّاس: {يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ} [القصص: 79]، لا لم يكتفوا بهذا وحسدوه قالوا: {إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [القصص: 79]، ماذا قال أهل العلم قال: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} [القصص: 80]، إذاً العلم الشّرعيّ هو الّذي ينجى الإنسان من الفتن ومن الشّهوات.

 

 

الثّمره السّابعة:

 

أنّه طريق إلى الخشيه من الله -عزّ وجلّ-، الله -سبحانه وتعالى- يقول: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [فاطر: 28]، ابن مسعود يا إخوة وهذه فائدة في غاية الأهمية يقول: "ليس العلم بكثرة الرّواية ولكن العلم ما وقر في القلب" العلم الشّرعيّ إذا لم يفد الإنسان الخشيه من الله فلا يتأنى.

 

أحد العلماء وهو طفلٌ صغيرٌ في التّاسعة من عمره تدفع به أمّه إلى بيوت الله فتقول: "يا بنيّ اذهب فتعلم من ربيعة، وانظر إلى نفسك فإنّ وجدت أثرًا في نفسك وإلا فلا تتعنى فإنّ العلم يكون وبالًا عليك"، ولهذا أذكر من الأمثله أنّ أحد الشّباب ذهب إلى سماحة الشّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- هذا الشّابّ في بداية طلبه للعلم فأخذ أحد الكتب فقرأ الكتاب من الجلدة إلى الجلدة وحفظ هذا الكتاب من أجل أن يتنمر بهذا العلم أمام الشّيخ عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- فقال: ياشيخ ابن قدامه -رحمه الله تعالى- يقول في كتابه كذا وكذا فما تقول أحسن الله إليك؟، قال: يابنيّ لم أقرء هذا الكتاب، فصدم الشّابّ وقال: أنت الشّيخ عبدالعزيز بن باز لم تقرأ هذا الكتاب فقال: والله ياشيخ قرأته ثلاث مرّات، فقال: يا بنيّ العلم هو علم الكتاب والسّنّة، فإذا أخذت علم الكتاب والسّنّة فجميع الأمور المتبقيه يهبها الله -عزّ وجلّ- لمن يشاء وهذا المعنى الّذي ذكرناه لكم سابقاً في فقه قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" قلنا إنّ الفقه ليس فقط بنصب الإنسان وبتعبه وإنّما هي هبةٌ يهبها الله -عزّ وجلّ- لمن خاف من الله وأتته هذه الخشية، نسأل الله أن يجعلنا وإيّاكم من أهل الخشية.

 

أيضًا من ثمرات تعلم العلم وهي الثّمرة الثّامنة:

أنّه طريق إلى الجنّة وهذا نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإيّاكم من أهلها وكما تقدم "ومن سلك طريقًا يلمتس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنّة"

 

أيضًا من ثمراته أنّه في حد ذاته، هناك بعض الشّباب يقول يا شيخ والله أنا تعلمت وقرأت وقرأت لكن أحيانًا إذا جالست بعض العلماء وناقشتهم أحس أنّني ليس لديّ من العلم شيءٌ، فيكون هذا الأمر صارفًا له عن طلب العلم، نقول له العلم هو في حد ذاته عباده. حتى لو لم تصل إلى شيءٍ فأنت كنت تتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- وتتعبد إليه بهذا العلم، فإذا أتى إليك الشّيطان ويقول لك أنت لا تنفع في العلم واترك وانصرف عن العلم قل: لا كنت في عبادة واستفدت وسأستفيد في مستقبل أيامي بإذن الله.

 

 

الفائدة العاشرة:

 

أنّ العلم الشّرعيّ حلٌ عظيمٌ للمأزق الّذي يقع فيه النّاس: مآزق سياسيّة والاقتصاديّة ومشاكل النّاس الاجتماعيه كلّها هذه يحلها للنّاس هو طلب العلم الشّرعيّ.

 

الفائدة الحادية عشر:

 

أنّه طريقٌ صحيحٌ للتّعبد إذا أرت أن تقيم العبادة كما أمرك الله -عزّ وجلّ- فعليك بطلب العلم.

 

الفائدة الثانية عشر:

 

أنّه علامةٌ على إرادة الله بعبده الخير وقد مرت معنا.

 

الفائدة الأخيرة:

 

ثماره كثيرةٌ لكن نقتصر على بعضها الفائده الأخيره: أنّه طريقٌ لكسب الأخلاق الحميدة.

طالب العلم مأمورٌ أن يتميز عن عامّة النّاس، يتميز عنهم في ألفاظه، ويتميز عنهم في أخلاقه، ويتميز عنهم في سمْته في وقاره في هيبته في صلاته في خشوعه في حضور قلبه مع الله في بكائه من خشية الله، يجب أن يتميز عن النّاس؛ لأنّ هذا العلم لابد أن يكون له أثرٌ وأثره تظهر بهذه الأخلاق الحميده الّتي يتصف بها طالب العلم.

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

 

 

يتبع بإذنه تعالى ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

 

 

وهو الّذي يقودنا إلى المسأله الأخيرة معنا في هذا اللقاء وهي أدب الطّلب:

 

الأدب في اللغه: هو حسن الأخلاق وفعل المكارم هذا هو معنى الأدب، له منزلةٌ عظيمةٌ في هذا الدّين.

 

يقول ابن القيم -رحمه الله-: "الأدب هو الدّين كلّه".

وإن تأملت في سيرة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- تجد أنّه كثيرًا ما يحثُّ على مكارم الأخلاق وعلى حسن الآداب، والنّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- لخص دعوته ورسالته بقوله: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ويقول -صلّى الله عليه وسلّم-: "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة" ويقول -صلّى الله عليه وسلّم-: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم أخلاقًا ولهذا فإنّ أعظم النّاس خلقًا هو إمام العلماء محمّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- الّذي زكاه الله -عزّ وجلّ- في كتابه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، عائشة -رضي الله عنها- سئلت عن خلق النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "كان خلقه القرآن"، الإمام الشّاطبيّ-رحمه الله- في كتابه"الإعتصام" بين ما معنى "كان خلقه القرآن" قال: "وإنّما كان -صلّى الله عليه وسلّم- خُلُقه القرآن لأنّه حَكّم الوحي على نفسه، حتى صار في علمه وعمله وقوله على وفق الوحي الّذي أتى من الله -سبحانه وتعالى-".

لعلنا نكتفي بهذه النّبذة في أدب الطّلب ونستكمل هذا العنصر بمشيئة الله -سبحانه وتعالى- في لقاء آخر .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لمن تحب الاستماع للمحاضرة الصوتية فلتتفضل من هنا :

 

https://ar.islamway.net/lesson/62180

 

المحاضرة مختصرة ومن تُحب قرائتها كلها فلتتفضل من هنا :

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أم جومانا وجنى

وأشرقت السماء

 

أسعدني مروركما ومتابعتكما أسعدكن الإله ()

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×