اذهبي الى المحتوى
سُندس واستبرق

✿ܔ المحاضرة العاشرة : تلقي العلم عن الشيوخ 2 ✿ܔ

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكن ورحمة الله وبركاته ~|

 

 

القاعدة السَّابعة من قواعد الطَّلب: تلقى العلم عن الشُّيوخ.

يقولون: "من دخل في العلم وحده خرج منه وحده، ومن كان شيخه كتابه كان خطؤه أكبر أو أكثر من صوابه"،

 

إذا تأملت الشَّريعة تجد أن النَّبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- تلقى القرآن عن جبريل؛ والصَّحابة -رضي الله عنهم- تلقوا القرآن عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ والتَّابعون تلقوا القرآن عن الصَّحابة -رضي الله عنهم وأرضاهم-، فهناك اهتمامٌ وعنايةٌ فائقةٌ بأن يكون طلب العلم عل يد العلماء والمشايخ. ولم يخالف في هذا إلا من شذ وهو علي بن رضوان المصري الطَّبيب من علماء القرن الخامس متوفي سنة أربعمائة وثلاثة وخمسين للهجرة، كان يرى أنّه ليس شرطًا أن يلتزم الإنسان في طلبه للعلم على يد العلماء وإنّما يكفيه أن يقرأه من بطون الكتب فردَّ عليه العلماء وكان من بين هؤلاء العلماء الّذين ردوا عليه الإمام الذّهبي: "لم يكن له شيخ أصبحت سبة للإنسان" لم يكن له شيخ بل اشتغل بالأخذ من الكتب وصنف كتابًا في تحصيل الصِّناعة من الكتب، قال: "وهذا غلط" كما ذكر -رحمه الله تعالى-"وهكذا كانوا يعيبون على الإنسان أنّه لم يتلق العلم على يد العلماء

 

من هو العالم الّذي تأخذ عنه العلم؟ لابد أن يتوفر في هذا العالم شرطان:

 

الشّرط الأول أن يكون متقناً للعلم الّذي يعلمه؛ ومعنى ذلك أنَّ العلماء يختلفون فمنهم من يكون متميزًا في جانبًا دون جانب فخذ عنه العلم الّذي يتقنه.

الأمر الثّاني أن يكون لدى هذا العالم أمانةٌ ودِيانةٌ؛ أمانةٌ من خلالها يوصل العلم إليك بطريقٍ سليمٍ صحيح؛ لأنّه إذا لم يكن لديه أمانةٌ فقد يضرك وأنت لا تشعر، وأن يكون لديه دِيانةٌ وورعٌ؛ لأن من خشي الله -سبحانه وتعالى- أورث الله -عزّ وجلّ- في لسانه وفي قلبه نورٌ يتأثر به الطّالب. حتَّى تتلقى العلم على يد هذا العالم إمَّا أن يشهد له علماء عصره أو أن تشهد له دروسه وعلومه الّتي يقدمها للنَّاس.

 

كيف نستفيد من المشايخ والعلماء:

  • أول هذه الأمور: أن نعلم كيف نتأدب معهم وقد مرّ معنا من خلال الحديث عن أدب الطّالب مع شيخه.
  • الأمر الثّاني: أن نتعلم كيف نستفيد من دروسهم وقد تقدمت معنا في أدب الطّالب في الدّرس.
  • الثالثة: أن يكون لدى الطّالب ثقةٌ بالعالم وثقةٌ بمن يأخذ عنه العلم؛
  • الأمر الرابع: مراعاة التَّخصص؛ .
  • خامسًا: الحرص على التَّلقي عن العلماء،

  • أيضاً تستفيد إذا أخذت العلم عن الأكابر عن كبار العلماء، النبّيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: "إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرِّجال ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتَّى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتو بغير علمٍ فضلوا وأضلوا".

ومن هنا حذر العلماء من طلب العلم على الأصاغر؛ من هم الأصاغر؟ ورد في حديث أنَّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنَّ من أشراط السَّاعة أن يُلتمس العلم عند الأصاغر"، ليس المراد بالأصاغر صغار السِّنّ، قال بعض العلماء: "المراد بالأصاغر هنا أهل البدع"، وقال بعض العلماء: "المراد من بعد الصَّحابة -رضي الله عنهم-"، وقالوا وهو القول الثّالث: "هم الّذين لا علم عندهم".

 

ماذا يستفيد الطّالب إذا تلقى العلم عن المشايخ؟

  • يستفيد التّالي... أولًا: يستفيد اختصار الطّريق في طلب العلم الشّرعيّ فبدلاً من أن يتنقل من هنا ومن هنا يرشده العالم إلى أحسن الطّرق وأيسرها.
  • الأمر الثّاني: أنَّ العالم كوَّن خلال سنواته في الطَّلب خبرة بمعرفة المصطلحات ومعرفة العلم ومداخله ومخارجه فيفيدك العالم في هذا فائدةً كبيرةً.
  • الأمر الثّالث: أنّ العالم يقرأ أحسن ما يجد، ويحفظ أحسن ما يقرأ، ويقدم للطلاب أحسن ما يحفظ، فهو يعطيك خلاصة العلم لبنًا خالصًا سائغًا للشَّاربين.
  • أيضًا من الفوائد التّأثر بالعالم، تجد أنّ الّذين يخالطون العلماء بالسّنتين والثّلاث والأربع والخمس والعشرين والثّلاثين، تجد أنّهم يتاثرون حتَّى بطريقة الإمام والعالم في الحديث بحركات يده، بتعابير وجهه، وهذا واضحٌ وبيّنٌ.
  • أيضاً من الفوائد القراءة على النّفس أقل فهمًا من القراءة على الشَّيخ، رحمه الله-:
  • وأيضاً وهو الأمر الأخير أنّ قراءة الإنسان على نفسه غير مأمونة وخاصة في الكتب التّجاريّة الحالية؛

 

القاعدة الثَّامنة: حفظ العلم

 

العلماء يقولون في الفقه: "إنّه معرفة الأحكام الشّرعيّة بالفعل أو بالقوة القريبة"، الفعل هو أن يسئل الإنسان عن مسألةٍ شرعيةٍ فيجيب عنها في الحال ويستدل على إجابته بالكتاب والسُّنَّة وأقوال علماء الأمة، الّثاني قال "أو بالقوة القريبة"؛ القوة القريبة المراد أن يراجع العالم الكتب ويعرف مضان العلوم فيها فيعود إليها عن قرب فيجد الإجابة على المسائل الّتي يتحدث عنها أو المسائل الّتي يريدها.

 

العلماء كان لهم عنايةٌ فائقةٌ بالحفظ، فبعض العلماء يقولون العلم هو الحفظ، وتعلمون قول النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: "يقال لقارئ القرآن يوم القيامة ارقى ورتل كما كنت ترتل في الدّنيا فإنَّ منزلتك عند آخر آية تقرؤها" ولهذا يقول العلماء إن من يحفظ القرآن ويكثر من تلاوته ليس كمن لم يحفظ كتاب الله -عزّ وجلّ-، ولهذا يقول أحد الأعراب: "حرفٌ في تامورك خيرٌ من عشرة في كتبك" يقول ابن عبد البرّ: "التَّامور هو علقة القلب فحرفٌ يحفظه الإنسان في قلبه خيرٌ من عشرةٍ ينقلها من كتب الأئمَّة والعلماء".

ويقول بعضهم: "لاخير في علمٍ لا يعبر بك الوادي ولا يعمر بك النّادي"، إذا لم تكن في مجلس ويكون العلم حاضرًا معك تقوله وتردده وتحفظه وإلا فإن من يحفظ لاشك أنه أعلى مرتبة".

ليس بعلمٍ ما حوى القِمَطرُ***ما العلم إلا ما حواه الصَّدر

 

والحفظ على قسمين:

  • القسم الأول: موهبة من الله -سبحانه وتعالى
  • الطّريقة الثّانية: اكتساب يقول الزّهري: "يبدأ الطالب، إذا ابتدأ الطالب بالحفظ يقول لا يزال حتّى يكون يحفظ كلّ شيءٍ يسمعه

 

الحفظ أيُّها الأخوة على ثلاثة أقسام أشرفها وأفضلها الحفظ مع الفهم، يليها الحفظ بدون فهم، والثّالثة لا يحفظ ولا يفهم وهذا أشر الأنواع.

 

 

 

حتّى يحكم الطّالب المحفوظ فعليه بالأمور التّالية:

  • أولًا النِّيَّة: أن يكون نيّته وجه الله -سبحانه وتعالى-؛ لأنَّ الطّالب إذا نوى بحفظه نيّةً صالحةً وفقه الله -عزّ وجلّ-: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمَّد: 17] ويقول بعض العلماء: "يحفظ الرّجل على قدر نيَّته".
  • الوسيلة الثّانية: لإحكام المحفوظ: إعادة الدّرس، إعادة الحفظ مرّة واثنتين وثلاث وأربع.
  • الطّريقة الثّالثة: المذاكرة، مذاكرة العلم مع الزُّملاء والأقران والمشايخ والعلماء؛
  • رابعًا: تعليم النّاس العلم فإنّ ما يلقيه الإنسان على النّاس يستقر في ذهنه؛
  • خامسًا: تحديد القدر المراد حفظه
  • الأمر السّادس: رفع الصّوت،
  • الطريقة السابعة: العمل بالعلم
  • الطّريقة الثّامنة: التَّقليل من المحفوظ،
  • الأمر التّاسع: ترك المعاصي، يقول بعض السّلف: "إنّي لأحسب الرّجل ينسى العلم بالخطيئة يصيبها أو يقع فيها"،
  • الطريقة العاشرة: لا تثتثقل الحفظ، أحد السَّلف كان يستثقل الحفظ فكان إذا حفظ أصيب بصداعٍ في رأسه
  • الأمر الحادى عشر: الفهم قبل الحفظ، وقد أفردناه هنا لأهميته أيضًا.
  • الأمر الثّاني عشر: تصحيح المحفوظ، لا تحفظ شيئًا إلا بعد أن تتأكد وتتيقن من صحة ما تقرؤه
  • الأمر الثّالث عشر: أكل نوع معين من الطعّام، بعض أنواع الأطعمة تساعد على الحفظ فمن ذلك العسل،
  • الأمر الرّابع عشر: اجتناب المنغصات والهموم والغموم
  • الأمر الخامس عشر: أن يتخير أحسن أوقات الحفظ،
  • الأمر الأخير -الأمر السّادس عشر-: أفضل الأماكن للحفظ،

 

القاعدة التّاسعة : الصّبر

 

من لزم الصّبر تيسرت أموره، والله -عزّ وجلّ- أمر به فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200].

 

تغرب إلى الأوطان في طلب العلا***وسافر ففي الأسفار خمس فوائدٍ

تَفرُجُ همٍ واكتسابُ معيشةٍ***وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدِ

 

كانوا يسيرون ويقطعون الفيافي والقفار؛ ليتعلموا علم حديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.

هذا الإمام المحدث الجليل إسماعيل البخاري -رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً- يحدث عن نفسه فيقول: "كتبت عن ألف شيخٍ من العلماء وزيادة وليس عندي حديثٍ من أحاديث النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- إلا وهو مسند".

 

دببت للمجد والسَّاعون قد بلغوا***جهد النُّفوس وألقوا دونه الأُزرا

وكابدوا المجد حتَّى ملّ أكثرهم***وعانق المجد من أوفى ومن صبرا

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله***لن تبلغ المجد حتى تلعق الصَّبرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

المحاضرة مختصرة لمن أرادت قرائتها كاملة فلتضغط هنا :

 

 

ولمن أحبت سماعها فلتتفضل هنا :

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×