اذهبي الى المحتوى
*محبة الرحمن*

Oo شــرح الحديث الســابع والثلاثون oO

المشاركات التي تم ترشيحها

12-4.gif

 

 

( دورة حفظ الأربعين النوويّة )

 

الحـــديث " السـابع والثلاثون "

 

12-69.gif

 

(عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم

فِيْمَا يَرْوِيْهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى أَنَّهُ قَالَ: (إِنَّ الله كَتَبَ الحَسَنَاتِ وَالسَّيئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ؛ فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ

فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمائَةِ

ضِعْفٍ إِلىَ أَضْعَاف كَثِيْرَةٍ.

وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً،وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً )

 

رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ في صَحِيْحَيْهِمَا بِهَذِهِ الحُرُوْفِ.

 

للاستماع إلى الحديث صوتيّاً :

 

لتحميل الحديث ( نصّه وشرحه) على هيئة ملف وورد :

 

12-69.gif

 

مـعنى الحـــديــث :

 

 

قوله"فيمَا يَرويهِ عَنْ رَبِّهِ" يسمى هذا الحديث عند العلماء حديثاً قدسياً.

 

 

وقوله "كَتَبَ" أي كتب وقوعها وكتب ثوابها، فهي واقعة بقضاء الله وقدره

المكتوب في اللوح المحفوظ، وهي أيضاً مكتوب ثوابها كما سيبين في الحديث.

 

أما وقوعها: ففي اللوح المحفوظ.

 

وأما ثوابها: فبما دل عليه الشرع.

 

 

"ثُمَ بَيَّنَ ذَلِك"أي فصله

 

"فَمَن هم بِحَسَنةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً"والمهم هنا ليس مجرد

حديث النفس، لأن حديث النفس لا يكتب للإنسان ولا عليه، ولكن المراد عزم على

أن يفعل ولكن تكاسل ولم يفعل، فيكتبها الله حسنة كاملة.

 

فإن قيل: كيف يثاب وهو لم يعمل؟

 

فالجواب: يثاب على العزم ومع النية الصادقة تكتب حسنة كاملة.

 

واعلم أن من هم بالحسنة فلم يعملها على وجوه:

 

الوجه الأول:أن يسعى بأسبابها ولكن لم يدركها، فهذا يكتب له الأجر كاملاً، لقول الله تعالى:

( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )(النساء: الآية100)

 

وكذلك الإنسان يسعى إلى المسجد ذاهباً يريد أن يصلي صلاة الفريضة قائماً ثم يعجز

أن يصلي قائماً فهذا يكتب له أجر الصلاة قائماً، لأنه سعى بالعمل ولكنه لم يدركه.

 

الوجه الثاني:أن يهم بالحسنة ويعزم عليها ولكن يتركها لحسنة أفضل منها،

فهذا يثاب ثواب الحسنة العليا التي هي أكمل، ويثاب على همه الأول للحسنة الدنيا،

ودليل ذلك أن رجلاً أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة،وقال:

يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس؟

فقال: "صَلِِّ هَاهُنَا" فكرر عليه، فقال له "شَأنُكَ إذاً" فهذا انتقل من أدنى إلى أعلى.

 

الوجه الثالث:أن يتركها تكاسلاً، مثل أن ينوي أن يصلي ركعتي الضحى،فقرع عليه

الباب أحد أصحابه وقال له:هيا بنا نتمشى،فترك الصلاة وذهب معه يتمشى،فهذا يثاب

على الهم الأول والعزم الأول، ولكن لا يثاب على الفعل لأنه لم يفعله بدون عذر،

وبدون انتقال إلى ما هو أفضل.

 

"وَإِن هَمَّ بِهَا فَعمَلَهَا" تكتب عشر حسنات - والحمد لله - ودليل هذا من القرآن

قول الله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (الأنعام:160)

 

 

" كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ عَشرَ حَسَنَاتٍ" هذه العشر حسنات كتبها الله على نفسه ووعد به وهو لا يخلف الميعاد

 

"إلى سَبعمَائةِ ضِعف" وهذا تحت مشيئة الله تعالى، فإن شاء ضاعف إلى هذا، وإن شاء لم يضاعف.

 

"إلى أَضعَافٍ كَثيرةٍ" يعني أكثر من سبعمائة ضعف.

 

"وَإِن هَمَّ بِسَيئةٍ فَلَم يَعمَلهَا كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنةً كَامِلَةً"ولهذا قال الله عزّ وجل:

( كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ)(الأنعام: الآية54) وقال الله تعالى في الحديث القدسي:

"إِنَّ رَحْمَتِيْ سَبَقَتْ غَضَبِيْ" وهذا ظاهر من الثواب على الأعمال، والجزاء على الأعمال السيئة.

 

قال النووي - رحمه الله - :

 

فانظر يا أخي وفقنا الله وإياك إلى عظيم لطف الله تعالى، وتأمل هذه الألفاظ

 

"عِندَهُ" إشارة إلى الاعتناء بها.

 

 

 

"كَامِلَةً" إشارة إلى الاعتناء بها.

 

وقوله: "كَامِلَةً" للتأكيد وشدة الاعتناء بها.

 

وقال في السيئة التي هم بها ثم تركها كَتَبَهَا اللهُ عِندَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً فأكدها بكاملة

وإن عملها كتبها سيئة واحدة، فأكد تقليلها بواحدة، ولم يؤكدها بكاملة، فلله الحمد والمنة،

سبحانه لا نحصي ثناءً عليه ، وبالله التوفيق.

 

هذا تعليق طيب من المؤلف - رحمه الله - .

 

 

12-69.gif

 

من فــوائــــد هذا الحـديــث:

 

 

1- رواية النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه،وما رواه عن ربه في الأحاديث القدسية:

هل هو من كلام الله عزّ وجل لفظاً ومعنى، أو هو كلام الله معنى واللفظ من الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

 

اختلف المحدثون في هذا على قولين، والسلامة في هذا أن لا تتعمق في البحث في هذا،

وأن تقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزّ وجل وكفى .

 

2 - اثبات كتابة الحسنات والسيئات وقوعاً وثواباً وعقاباً، لقوله إن الله كتب الحسنات والسيئات.

 

3 - أن الحسنات الواقعة والسيئات الواقعة قد فرِغ منها وكتبت واستقرت.

 

ولكن ليس في هذا حجة للعاصي على معاصي الله، لأن الله تعالى أعطاه سمعاً وبصراً

وفهماً وأرسل إليه الرسل، وبيّن له الحق وهو لا يدري ماذا كُتِبَ له في الأصل،

فكيف يقحم نفسه في المعاصي،ثم يقول: قد كتبت عليَّ، لماذا لم يعمل بالطاعات ويقول: قد كتبت لي؟‍‍ ‍!!

 

فليس في هذا حجة للعاصي على معصيته:

 

أولاً: للدليل الأثري، وثانياً: للدليل النظري.

 

أما الأثري: فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال للصحابة: "مَا مِنكُم مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ كُتِبَ مَقعَدهُ مِنَ الجَنةِ وَالنَّار"

قَالوا:يَا رَسُول الله أَفَلا نَدع العَمَلَ وَنَتَّكِلَ عَلَى الكِتَابِ الأَولِ ؟ قَالَ: "لاَ، اعمَلوا فَكل ميسر لِمَا خُلِقَ لَهُ"

هذا دليل، يعني لا تعتمد على شيء مكتوب وأنت لا تدري عنه "اعمَلوا فَكل ميسرٍ لِمَا خُلِقَ لَهُ،

أَمَّا أَهلُ السعَادَةِ فَيُيَسّرونَ لِعَمَلِ أَهلِ السَّعَادَةِ،وَأَمَا أَهَلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرونَ لِعَمَلِ أَهلِ الشَّقَاوَةِ،

ثُمَ تَلاَ قَولَهُ تَعالَى:

(فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى* وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*

وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)" [الليل:5-10].

 

فهذا دليل أثري، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع الاتكال على ما كتب وأن نعمل.

 

أما الدليل النظري العقلي فيقال لهذا الرجل: ما الذي أعلمك أن الله كتبك مسيئاً؟

هل تعلم قبل أن تعمل الإساءة؟

 

الجواب:لا،كلنا لا نعلم المقدور إلا إذا وقع، فلا حجة عقلية ولا حجة أثرية.

 

4 - إثبات أفعال الله عزّ وجل لقوله: "كَتَبَ" وسواء قلنا إنه أمر بأن يكتب، أو كتب بنفسه عزّ وجل.

 

وهذه المسألة اختلف فيها الناس،وليس هذا موضع ذكر الاختلاف،لأن كلامنا على شرح الحديث.

 

والذي عليه أهل السنة والجماعة: أن صفات الله عزّ وجل: فعلية متعلقة بمشيئته، وذاتية لازمة لله.

 

5 - عناية الله عزّ وجل بالخلق حيث كتب حسناتهم وسيئاتهم قدراً وشرعاً.

 

6 - أن التفصيل بعد الإجمال من البلاغة، يعني أن تأتي بقول مجمل ثم تفصله،

لأنه إذا أتى القول مجملاً تطلعت النفس إلى بيان هذا المجمل،فيأتي التفصيل والبيان

وارداً على نفس مشرئبة مستعدة، فيقع منها موقعاً يكون فيه ثبات الحكم.

 

7 - فضل الله عزّ وجل ولطفه وإحسانه أن من هم بالحسنة ولم يعملها كتبها الله حسنة،

والمراد بالهم: العزم، لا مجرد حديث النفس، لأن الله تعالى عفا عن حديث النفس لا للإنسان ولا عليه.

 

وسبق شرح أحوال من هم بالحسنة ولم يعملها فليرجع إليه.

 

8 - مضاعفة الحسنات، وأن الأصل أن الحسنة بعشر أمثالها، ولكن قد تزيد إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة.

 

ومضاعفة ثواب الحسنات تكون بأمور ، منها:

 

الأول: الزمان، مثاله: قول النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من ذي الحجة

"مَا مِنْ أَيَّام العَمَلُ الصَّالِحُ فِيْهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشر قَالوا:

ولاَ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ، قَالَ: وَلا الجِهَادُ في سَبيلِ الله" هذا عظم ثواب العمل بالزمن.

 

ومن ذلك قوله تعالى: (لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:3)

 

الثاني: باعتبار المكان، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:

"صَلاَةٌّ في مَسجِدي هَذا أَفضَلُ مِنْ أَلفِ صَلاَة فيمَا سِواهُ إِلاَّ مَسجِدِ الكَعبَة"

 

الثالث: باعتبار العمل فقد قال الله تعالى في الحديث القدسي

"مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِيْ بِشَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مَمَّا افتَرَضْتُ عَلَيْهِ" فالعمل الواجب أفضل من التطوع.

 

الرابع: باعتبار العامل قال النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وقد وقع بينه وبين

عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما- ما وقع "لاَ تَسِبوا أَصحَابي،فوالذي نَفسي بيَدِهِ

لَو أَنفَقَ أَحَدُكُم مِثلَ أُحُدٍ ذَهَباً مَا بَلَغَ مَد أَحَدِكُم ولاَ نصيفَهُ" .

 

وهناك وجوه أخرى في المفاضلة تظهر للمتأمل و متدبر الأدلة.

 

أيضاً يتفاضل العمل بالإخلاص، فلدينا ثلاثة رجال: رجل نوى بالعمل امتثال أمر الله عزّ وجل

والتقرب إليه،وآخر نوى بالعمل أنه يؤدي واجباً، وقد يكون كالعادة،

والثالث نوى شيئاً من الرياء أو شيئاً من الدنيا.

 

فالأكمل فيهم: الأول، ولهذا ينبغي لنا ونحن نقوم بالعبادة أن نستحضر أمر الله بها،

ثم نستحضر متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها،حتى يتحقق لنا الإخلاص والمتابعة.

 

9 - أن من هم بالسيئة ولم يعملها كتبها الله حسنة كاملة، وقد مر التفصيل في ذلك أثناء الشرح،

فإن هم بها وعملها كتبها الله سيئة واحدة.

 

ولكن السيئات منها الكبائر والصغائر،كما أن الحسنات منها واجبات وتطوعات

ولكلٍ منهما الحكم والثواب المناسب، والله الموفق.

 

 

12-69.gif

9-107.gif

 

 

أخواتي الحبيبات ، تمّ بحمد الله شرح الحديث السـابع الثلاثون ..

أتمنّى من المُتابعات تسجيل حضورهنّ على هذه الصفحة ،

وكل أخت لديها استفسار يخصّ الحديث تسجّله هنا أيضاً ..

وأذكّركنّ بُحسن المُتابعة والجديّة في حفظ وفهم الأربعون النوويّة ،

 

أعانكنّ الله ووفقكنّ لما يحبّ ويرضى :wub:

 

12-4.gif

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

باركَ الله في جهودكنّ

 

متابعة معكنّ بإذن الرحمن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

بارك الله فيك اختى الكريمة

واعانكم ربى .. وسدد خطاكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ أختي في الله وجزاك الله خيرًا

 

أعانكنّ الله ووفقكنّ لما يحبّ ويرضى

 

اللهمّ آميـــــــن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×