اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

مُدارسة كتاب : •°o.O تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قل يا محمد صلى الله عليه وسلم للذين يثبتون توحيد الربوبية وينفون توحيد الألوهية, من الذي يرزقهم سواه سبحانه , ومن يملك السمع والبصر سواه تعالى ,ومن يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي سوى رب العالمين , ومن يدبر الأمر في السماء والأرض فسيعترفون أنه الله تعالى , فقل لهم يا محمد صلى الله عليهم وسلم ,إلزاما بالحجة , فلم لا تخلصون له سبحانه بالعبادة , وتتقونه ولا تشركون معه أحدا , فذلكم ربكم , الذي لا معبود بحق سواه , وماذا بعد الحق إلا الضلال , فأنى تصرفون

ويبين القدير سبحانه , عجز آلهتم , التي عبدوها من دونه تعالى عن أن تبدأ الخلق وتعيده ,وتبين وترشد للحق وتوفق إليه ,لكن هو سبحانه من يستطيع ذلك كله , ومن يهدي للحق بالأدلة الدامغة والحجج الساطعة ,أما آلهتهم فلا تهدي إلا أن تهدى , فثبت بفضل منه تعالى أنها ناقصة وأنها أضعف وأعجز ,فلأي شيئ إذن جعلت ندا لباري الكامل الأوصاف,ولكن أدعياء الشرك يتبعون الظن الذي لا يغني من الحق شيئا , وسيجازون عن فعلهم الشنيع هذا

والقرآن لا يتصور بأي حال أن يكون مختلقا أو مفترى عنه سبحانه , ذلك أن آثار قدرته سبحانه وحكمته ومعجزاته ظاهرة جلية فيه,فهو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , وهو الكتاب الذي أعجز الإنس والجن على أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا,وهو الكتاب الذي حوى الحلال والحرام على وجه التفصيل ,وهو الكتاب الذي صدق الكتب السماوية ,ولكن المكذبين يقولون عنه بأن محمدا صلى الله عليه وسلم افتراه , فليأتوا إذن بمثله إن كانوا صادقين ,وليستعينوا بمن شاؤوا على ذلك ,ولكنهم عجزوا , فعلم أن تكذيبهم نابع من جهلهم وعدم الإحاطة بعلم الكتاب ,لأنهم لو أحاطوا به علما ,وفهموه لصدقوا به وفي الحال

ومن الناس من يؤمن بالكتاب ومنهم من يكفر به , فاستمر يا محمد صلى الله عليه وسلم على دعوتك ولو كذبت فلكل عمله وكل محاسب عليه

يخبر تعالى عن بعض المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم , الذين يستمعون إليه عند قراءة الوحي,يريدون ثغرة , ويطلبون هفوة وعثرة ,فاستماعهم غير نافع لهم ,كما ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمع الصم الذينلا يستمعون ولو جهر بالقول ,ومنهم من ينظر إلى حال النبي صلى الله عليه وسلم , وعقولهم معدومة , فكما أنك لا تهدي العخمي ولو كانوا لا يبصرون , فكذلك لا تهدي هؤلاء, فالطريق عليهم مسدودة, لفساد عقولهم وأسماعهم وأبصارهم , والله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلموا,إذ يجيئهم الحق, فلا يأتوا إليه مذعنين, فيطبع على قلوبهم ويختم على أسماعهم وأبصارهم

والدنيا سرعان ما تنقضي وكأن الإنسان ما لبث فيها غير ساعة من النهار ,وكأنه ما مر على الناس نعيم ولا بؤس

ويسلي الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم , ويدعوه سبحانه ألا يحزن على مكذبيه ولا يستعجل لهم العذاب,فالعذاب مصيبهم مصيبهم لا محالة إن في الدنيا فتقر به عينك صلى الله عليه وسلم ,وإن في الآخرة, حيث المرجع إلى الواحد القهار

ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم كذبه بعضهم وضدقه بعضهم , والله تعالى يقضي بينهم , فيهلك المكذبين , وينجي المؤمنين,وأبدا لا يعذبهم الحق سبحانه حتى تقام عليهم الحجة, وأبدا لا يعذبون بغير جرمهم , ويحذر سبحانه المكذبين لرسوله صلى الله عليه وسلم ,أن يصيبهم ما أصابق سابقيهم , كما ويحذرهم سبحانه من استبطاء العقوبة , والنبي صلى الله عليه وسلم ليس له من الأمر شيئ , وإنما عليه البلاغ,ولكنهم ظلموا حين سألوه صلى الله عليه وسلم إنزال العذاب عليهم , فالله سبحانه من ينزله , وكل شيئ عنده لأجل مسمى, وإذا جاء لايستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرا

 

امة الحبيبة على المتابعة والتلخيص

 

نفع الله به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (50) أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آَمَنْتُمْ بِهِ آَلْآَنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (51) ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (52) ﴾

 

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ * ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ }

 

يقول تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا } وقت نومكم بالليل { أَوْ نَهَارًا } في وقت غفلتكم { مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ } أي: أي بشارة استعجلوا بها؟ وأي عقاب ابتدروه؟.

{ أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ } فإنه لا ينفع الإيمان حين حلول عذاب الله، ويقال لهم توبيخًا وعتابًا في تلك الحال التي زعموا أنهم يؤمنون، { آلآنَ } تؤمنون في حال الشدة والمشقة؟ { وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } فإن سنة الله في عباده أنه يعتبهم إذا استعتبوه قبل وقوع العذاب، فإذا وقع العذاب لا ينفع نفسًا إيمانها، كما قال تعالى عن فرعون، لما أدركه الغرق { قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ } وأنه يقال له: { الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين } .

وقال تعالى: { فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } وقال هنا: { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلآنَ } تدعون الإيمان (1) { وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } فهذا ما عملت أيديكم، وهذا ما استعجلتم به.

{ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } حين يوفون أعمالهم يوم القيامة: { ذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ } أي: العذاب الذي تخلدون فيه، ولا يفتر عنكم ساعة. { هَلْ تُجْزَوْنَ إِلا بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ } من الكفر والتكذيب والمعاصي.

 

__________

(1) كذا في ب، وفي أ: للإيمان.

(1/366)

________________________________________

 

﴿ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (53) ﴾

 

 

{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } .

 

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ } أي: يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد، لا على وجه التبين والرشاد (1)

{ أَحَقٌّ هُوَ } أى: أصحيح حشر العباد، وبعثهم بعد موتهم ليوم المعاد، وجزاء العباد بأعمالهم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر؟

{ قُلْ } لهم مقسمًا على صحته، مستدلا عليه بالدليل الواضح والبرهان: { إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ } لا مرية فيه ولا شبهة تعتريه.

{ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ } لله أن يبعثكم، فكما ابتدأ خلقكم ولم تكونوا شيئًا، كذلك يعيدكم مرة أخرى ليجازيكم بأعمالكم.

__________

 

(1) في ب: الاسترشاد.

(1/366)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَلَا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (55) هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) ﴾

 

{ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ * أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ * هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } .

 

 

{ و } إذا كانت القيامة فـ { لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ } بالكفر والمعاصي جميع { مَا فِي الأرْضِ } من ذهب وفضة وغيرهما، لتفتدي به من عذاب الله { لافْتَدَتْ بِهِ } ولما نفعها ذلك، وإنما النفع والضر والثواب والعقاب، على الأعمال الصالحة والسيئة.

 

{ وَأَسَرُّوا } [أي] الذين ظلموا { النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } ندموا على ما قدموا، ولات حين مناص، { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ } أي: العدل التام الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه.

 

{ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } يحكم فيهم بحكمه الديني والقدري، وسيحكم فيهم بحكمه الجزائي. ولهذا قال: { أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ } فلذلك لا يستعدون للقاء الله، بل ربما لم يؤمنوا به، وقد تواترت عليه الأدلة القطعية والبراهين النقلية والعقلية.

{ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ } أي: هو المتصرف بالإحياء والإماتة، وسائر أنواع التدبير (1) ، لا شريك له في ذلك.

{ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يوم القيامة، فيجازيكم بأعمالكم خيرها وشرها.

 

__________

(1) في ب: التدابير.

(1/366)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58) ﴾

 

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } .

 

 

يقول تعالى - مرغبًا للخلق في الإقبال على هذا الكتاب الكريم، بذكر أوصافه الحسنة الضرورية للعباد فقال: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ } أي: تعظكم، وتنذركم عن الأعمال الموجبة [ ص 367 ] لسخط الله، المقتضية لعقابه وتحذركم عنها ببيان آثارها ومفاسدها.

{ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ } وهو هذا القرآن، شفاء لما في الصدور من أمراض الشهوات الصادة عن الانقياد للشرع وأمراض الشبهات، القادحة في العلم اليقيني، فإن ما فيه من المواعظ والترغيب والترهيب، والوعد والوعيد، مما يوجب للعبد الرغبة والرهبة.

 

وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير، والرهبة من الشر، ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن، أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس، وصار ما يرضي الله أحب إلى العبد من شهوة نفسه.

وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها الله غاية التصريف، وبينها أحسن بيان، مما يزيل الشبه القادحة في الحق، ويصل به القلب إلى أعلى درجات اليقين.

وإذا صح القلب من مرضه، ورفل بأثواب العافية، تبعته الجوارح كلها، فإنها تصلح بصلاحه، وتفسد بفساده. { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ } فالهدى هو العلم بالحق والعمل به.

والرحمة هي ما يحصل من الخير والإحسان، والثواب العاجل والآجل، لمن اهتدى به، فالهدى أجل الوسائل، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب، ولكن لا يهتدي به، ولا يكون رحمة إلا في حق المؤمنين.

وإذا حصل الهدى، وحلت الرحمة الناشئة عنه، حصلت السعادة والفلاح، والربح والنجاح، والفرح والسرور.

ولذلك أمر تعالى بالفرح بذلك فقال: { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ } الذي هو القرآن، الذي هو أعظم نعمة ومنة، وفضل تفضل الله به على عباده { وَبِرَحْمَتِهِ } الدين والإيمان، وعبادة الله ومحبته ومعرفته. { فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } من متاع الدنيا ولذاتها.

 

فنعمة الدين المتصلة بسعادة الدارين، لا نسبة بينها، وبين جميع ما في الدنيا، مما هو مضمحل زائل عن قريب.

وإنما أمر الله تعالى بالفرح بفضله ورحمته، لأن ذلك مما يوجب انبساط النفس ونشاطها، وشكرها لله تعالى، وقوتها، وشدة الرغبة في العلم والإيمان الداعي للازدياد منهما، وهذا فرح محمود، بخلاف الفرح بشهوات الدنيا ولذاتها، أو الفرح بالباطل، فإن هذا مذموم كما قال [تعالى عن] قوم قارون له: { لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ } .

وكما قال تعالى في الذين فرحوا بما عندهم من الباطل المناقض لما جاءت به الرسل: { فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ }.

(1/366)

________________________________________

 

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آَللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ (59) وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ (60) ﴾

 

 

{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ * وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ } .

 

 

يقول تعالى - منكرًا على المشركين، الذين ابتدعوا تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرم (1) -: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ } يعني أنواع الحيوانات المحللة، التي جعلها الله رزقا لهم ورحمة في حقهم. { فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالا } قل لهم - موبخا على هذا القول الفاسد-: { آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } ومن المعلوم أن الله لم يأذن لهم، فعلم أنهم مفترون.

{ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أن يفعل الله بهم من النكال، ويحل بهم من العقاب، قال تعالى: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ } .

{ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ } كثير، وذو إحسان جزيل، وَلَكِنَّ أكثر الناس لا يشكرون، إما أن لا يقوموا بشكرها، وإما أن يستعينوا بها على معاصيه، وإما أن يحرموا منها، ويردوا ما منَّ الله به على عباده، وقليل منهم الشاكر الذي يعترف بالنعمة، ويثني بها على الله، ويستعين بها على طاعته.

ويستدل بهذه الآية على أن الأصل في جميع الأطعمة الحل، إلا ما ورد الشرع بتحريمه، لأن الله أنكر على من حرم الرزق الذي أنزله لعباده.

__________

(1) في ب: ما حرمه.

(1/367)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (61) ﴾

 

{ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } .

 

يخبر تعالى، عن عموم مشاهدته، واطلاعه على جميع أحوال العباد في حركاتهم، وسكناتهم، وفي ضمن هذا، الدعوة لمراقبته على الدوام فقال: { وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ } أي: حال من أحوالك الدينية والدنيوية. { وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ } أي: وما تتلو من القرآن الذي أوحاه الله إليك.

{ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ } صغير أو كبير { إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ } أي: وقت شروعكم فيه، واستمراركم على العمل به.

[ ص 368 ]

فراقبوا الله في أعمالكم، وأدوها على وجه النصيحة، والاجتهاد فيها، وإياكم، وما يكره الله تعالى، فإنه مطلع عليكم، عالم بظواهركم وبواطنكم.

{ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ } أي: ما يغيب (1) عن علمه، وسمعه، وبصره ومشاهدته { مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } أي: قد أحاط به علمه، وجرى به قلمه.

وهاتان المرتبتان من مراتب القضاء والقدر، كثيرًا ما يقرن الله بينهما، وهما: العلم المحيط بجميع الأشياء، وكتابته المحيطة بجميع الحوادث، كقوله تعالى: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }.

__________

(1) في النسختين: ما يغاب.

(1/367)

________________________________________

 

﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) ﴾

 

 

{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } .

 

 

يخبر تعالى عن أوليائه وأحبائه، ويذكر أعمالهم وأوصافهم، وثوابهم فقال: { أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلونه مما أمامهم من المخاوف والأهوال.

{ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما أسلفوا، لأنهم لم يسلفوا إلا صالح الأعمال، وإذا كانوا لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ثبت لهم الأمن والسعادة، والخير الكثير الذي لا يعلمه إلا الله تعالى.

ثم ذكر وصفهم فقال: { الَّذِينَ آمَنُوا } بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وصدقوا إيمانهم، باستعمال التقوى، بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي.

فكل من كان مؤمنًا تقيًا كان لله [تعالى] وليًا، و { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ }

أما البشارة في الدنيا، فهي: الثناء الحسن، والمودة في قلوب المؤمنين، والرؤيا الصالحة، وما يراه العبد من لطف الله به وتيسيره لأحسن الأعمال والأخلاق، وصرفه عن مساوئ الأخلاق.

وأما في الآخرة، فأولها البشارة عند قبض أرواحهم، كما قال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }

 

وفي القبر ما يبشر به من رضا الله تعالى والنعيم المقيم.

وفي الآخرة تمام البشرى بدخول جنات النعيم، والنجاة من العذاب الأليم.

{ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ } بل ما وعد الله فهو حق، لا يمكن تغييره ولا تبديله، لأنه الصادق في قيله، الذي لا يقدر أحد أن يخالفه فيما قدره وقضاه.

{ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } لأنه اشتمل على النجاة من كل محذور، والظفر بكل مطلوب محبوب، وحصر الفوز فيه، لأنه لا فوز لغير أهل الإيمان والتقوى.

والحاصل أن البشرى شاملة لكل خير وثواب، رتبه الله في الدنيا والآخرة، على الإيمان والتقوى، ولهذا أطلق ذلك، فلم يقيده.(1/368)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

 

يقول تعالى قل إن جاءكم عذابه ليلا حين نومكم , أو نهارا عند غفلتكم , فأي بشارة استعجلتم بها؟,ثم إذا وقع العذاب فيكم ءامنتم, بعد رؤيتكم له,وقد كنتم من قبل تستعجلون به,وسنة رب العالمين أن يعتب على من يستعتبه قبل وقوع العذاب ,لكن إذا وقع العذاب , فلايقبل إيمان من ءامن ولا ينفعه ,ثم يقول لهم ربهم , حين يوفون أعمالهم يوم القيامة , ذوقوا العذاب الذي تخلدون فيه , ولا يفتر عنكم أبدا ,ولو ساعة , إنما تذوقون ما عملته أيديكم وما كسبته من الكفر والتكذيب والعصيان

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم , يستخبرك المكذبون على وجه التعنت والعناد , لا على وجه التبين , أصحيح أن العباد ستحشر , وتبعث يوم القيامة , وتجزى بأعمالها , إن خيرا فخير , أو شرا فشر , فأجبهم يا محمد صلى الله عليه وسلم , مقسما لهم على صحة ذلك ,مستدلا عليه بالبراهين الظاهرة والحجج الدامغة , مما يزيل الشك والريبة , وما أنتم بمعجزين رب العباد من أن يعيد الخلق وهو الذي بدأه أول مرة , ليجازيكم على أعمالكم , وإذا جاء يوم القيامة , فلوأن لكل نفس ما تفتديه من عذاب الله تعالى من كنوز الأرض لافتدت به , ولكن هيهات هيهات أن تجد له نفعا,وإنما النافع حينها العمل الصالح,ولما رأوا العذاب اعتلاهم الندم على ما فرطوا في جنب الله,وقضى لهم الله تعالى بالعدل والقسط الذي لا عدل بعده ولا قسط,ولله مقاليد حكم ما في السماوات والأرض, ولكن أكثر الناس لا يعلمون , ولذلك لم يستعدوا للقاء الله تعالى بل لم يؤمنوا به,والدلائل عليه واضحات,وهو سبحانه المتصرف بالإحياء والإماتة, وإليه المآل فيجازي كلا بحسب عمله

يرغب الله تعالى في الإقبال على كتابه الكريم لما فيه من مواعظ قيمة , وتحذير لكل ما فيه سخط الله عزوجل ,ببيان آثار الأعمال المؤدية إلى السخط ومفاسدها,وهو شفاء لأمراض الشهوات التي تعتري القلب فتصرفه عن الإنقياذ لله تعالى وشرعه , وأمراض الشبهات التي تحجب العلم اليقيني, فهو كتاب للترغيب والترهيب والمواعظ والوعظ والوعيد ولكل ما يحتاجه المرء ليرغب في الخير ,ويرهب في الشر,وكلما كانت الروح تشرب من هذا المعين وتستقي , وتكرر ألفاظه ومعانيه,كلما حذا بالنفس أن تتحرر من هواها وتجعل الله تعالى أحب إليها من هوى نفسها , حتى إذا صلح القلب من كل الأدران , عادى الجوارح فتبعته,وسلمت , فالقلب إذا صلح صلح سائر الجسد وإذا فسد فسد سائر الجسد,فكان الهدى وهو العلم بالحق والعمل به ,وكانت الرحمة وهي ما يحصل من الخير والإحسان ولا يكونهما: هدى ورحمة إلا للمؤمنين ثم تسعد النفس وتفرح وتبتهج , وهو أحق ما يفرح به , لا متاع الحياة الزائل

ينكر سبحانه على المشركين الذين حرموا ما أحل الله تعالى وأحلوا ما حرم الله سبحانه,فجعلوا ما أحل لهم من أنواع الحيوانات-والتي هي رزق لهم ورحمة في حقهم-جعلوا منها الحلال والحرام, وهو مما لم يأذن به الله تعالى , ولكنهم مفترون على رب العباد

علمه سبحانه محيط بجميع الأشياء , فليراقب العبد ربه , في سكناته وخلواته وحركاته وأعماله كلها , صغيرها وكبيرها , عظيمها وحقيرها ,فالله سبحانه وتعالى مطلع عليها كلها , ولا يغيب عنه سبحانه شيئ

أولياؤه سبحانه وأحباؤه لهم السعادة الأبدية -واللهم اجعلنا منهم-ولهم الأمن عند الفزع الأكبر لما قدموه من الأعمال الصالحات, فهم الذين ءامنوا بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره وصدقوا إيمانهم بالعمل المتمثل في اجتناب النواهي وفعل الأوامر, فكل مؤمن تقي وليّ,

والبشارة لهم هي بشارة شاملة لكل خير وهي لهم في الدنيا , الثناء الحسن والمودة في قلوب المؤمنين, والرؤيا الصالحة, وما يرى من تيسير للأعمال الصالحات والأخلاق الفاضلة , وصرف ضدها عنهم

والبشارة لهم في الآخرة , وأولاها البشارة عند قبض الروح, وفي القبر, وفي الآخرة تمامها حين يدخلون جنات النعيم , وينجون من عذاب أليم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أين أنت الهام أكملي لنا التفسير صحيح أنني متقدمة عنكن في تفسير القرآن لكني أحيانا أحب مدارسة الكتاب معكن لأستفيد أكثر مما أكون وحدي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أين أنت الهام أكملي لنا التفسير صحيح أنني متقدمة عنكن في تفسير القرآن لكني أحيانا أحب مدارسة الكتاب معكن لأستفيد أكثر مما أكون وحدي

 

حياكِ الله

 

المقتدية

 

موجودة غاليتي وسنكمل بإذن الله

 

نضع جزء كل يوم بداية من السبت الى الاربعاء ونترك الخميس والجمعة لمن تحب ان تلخص او تراجع

 

يسعدنا تواجدك ومتابعتك

 

بارك الله فيكِ ورزقك حفظ كتابه وتدبره والعمل به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (65) ﴾

 

{ وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

 

أي: ولا يحزنك قول المكذبين فيك من الأقوال التي يتوصلون بها إلى القدح فيك، وفي دينك فإن أقوالهم لا تعزهم، ولا تضرك شيئًا. { إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا } يؤتيها من يشاء، ويمنعها ممن يشاء.

قال تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا } أي: فليطلبها بطاعته، بدليل قوله بعده: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ }

ومن المعلوم، أنك على طاعة الله، وأن العزة لك ولأتباعك من الله { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }

وقوله: { هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } أي: سمعه قد أحاط بجميع الأصوات، فلا يخفى عليه شيء منها.

وعلمه قد أحاط بجميع الظواهر والبواطن، فلا يعزب عنه مثقال ذرة، في السماوات والأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر.

وهو تعالى يسمع قولك، وقول أعدائك فيك، ويعلم ذلك تفصيلا فاكتف بعلم الله وكفايته، فمن يتق الله، فهو حسبه.(1/368)

________________________________________

 

﴿ أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (66) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (67) ﴾

 

 

{ أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ * هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } .

 

يخبر تعالى: أن له ما في السماوات والأرض، خلقًا وملكًا وعبيدًا، يتصرف فيهم بما شاء (1) من أحكامه، فالجميع مماليك لله، مسخرون، مدبرون، لا يستحقون شيئًا من العبادة، وليسوا شركاء لله بوجه الوجوه، ولهذا قال: { وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ } الذي لا يغني من الحق شيئًا { وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ } في ذلك، خرص كذب [ ص 369 ] وإفك وبهتان.

فإن كانوا صادقين في أنها شركاء لله، فليظهروا من أوصافها ما تستحق به مثقال ذرة من العبادة، فلن يستطيعوا، فهل منهم أحد يخلق شيئًا أو يرزق، أو يملك شيئًا من المخلوقات، أو يدبر الليل والنهار، الذي جعله الله قياما للناس؟.

و { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ } في النوم والراحة بسبب الظلمة، التي تغشى وجه الأرض، فلو استمر الضياء، لما قروا، ولما سكنوا.

{ وَ } جعل الله { النَّهَارَ مُبْصِرًا } أي: مضيئًا، يبصر به الخلق، فيتصرفون في معايشهم، ومصالح دينهم ودنياهم.

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } عن الله، سمع فهم، وقبول، واسترشاد، لا سمع تعنت وعناد، فإن في ذلك لآيات، لقوم يسمعون، يستدلون بها على أنه وحده المعبود وأنه الإله الحق، وأن إلهية ما سواه باطلة، وأنه الرءوف الرحيم العليم الحكيم.

 

__________

(1) في ب: بما يشاء.

(1/368)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بـــــــــــــــــارك الله فيك الــــــــــــــهــــــــــــام

 

وبارك فيكِ غاليتي

 

ورزقك تدبر كتابه والعمل به :icon15:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (68) قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (69) مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ (70) ﴾

 

 

{ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ * قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ } .

 

 

يقول تعالى مخبرًا عن بهت المشركين لرب العالمين { قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا } فنزه نفسه عن ذلك بقوله: { سُبْحَانَهُ } أي: تنزه عما يقول الظالمون في نسبة النقائص إليه علوًا كبيرًا، ثم برهن على ذلك، بعدة براهين:

 

أحدها: قوله: { هُوَ الْغَنِيُّ } أي: الغنى منحصر فيه، وأنواع الغنى مستغرقة فيه، فهو الغني الذي له الغنى التام بكل وجه واعتبار من جميع الوجوه، فإذا كان غنيًا من كل وجه، فلأي شيء يتخذ الولد؟

 

ألحاجة منه إلى الولد، فهذا مناف لغناه فلا يتخذ أحد ولدًا إلا لنقص في غناه.

 

البرهان الثاني، قوله: { لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ } وهذه كلمة جامعة عامة لا يخرج عنها موجود من أهل السماوات والأرض، الجميع مخلوقون عبيد مماليك.

 

ومن المعلوم أن هذا الوصف العام ينافي أن يكون له منهم ولد، فإن الولد من جنس والده، لا يكون مخلوقًا ولا مملوكًا. فملكيته لما في السماوات والأرض عمومًا، تنافي الولادة.

 

البرهان الثالث، قوله: { إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا } أي: هل عندكم من حجة وبرهان يدل على أن لله ولدًا، فلو كان لهم دليل لأبدوه، فلما تحداهم وعجزهم عن إقامة الدليل، علم بطلان ما قالوه. وأن ذلك قول بلا علم، ولهذا قال: { أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } فإن هذا من أعظم المحرمات.

 

{ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ } أي: لا ينالون مطلوبهم، ولا يحصل لهم مقصودهم، وإنما يتمتعون في كفرهم وكذبهم، في الدنيا، قليلا ثم ينتقلون إلى الله، ويرجعون إليه، فيذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون. { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .(1/369)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــه الغالية الهـــــــــــــام جزاك الله كل خير أنصح كل أخت بالمتابعة لأنها ستستفيد منه الكثير أنتظرك غدا ان شاء الله لكن أعلمك أنا في تفسير سورة مريم ومع هذا أتابعك لأستفيد أكثر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أهلا بك أختنا الحبيبة المقتدية بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم, سرنا أنك معنا

جزاك الله خيرا إلهام الحبيبة

من المتابعات بإذن منه تعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآَيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (72) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) ﴾

 

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ * فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } .

 

 

يقول تعالى لنبيه: واتل على قومك { نَبَأَ نُوحٍ } في دعوته لقومه، حين دعاهم إلى الله مدة طويلة، فمكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا، فلم يزدهم دعاؤه إياهم إلا طغيانًا، فتمللوا منه وسئموا، وهو عليه الصلاة والسلام غير متكاسل، ولا متوان في دعوتهم، فقال لهم: { يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ } أي: إن كان مقامي عندكم، وتذكيري إياكم ما ينفعكم (1) { بِآيَاتِ اللَّهِ } الأدلة الواضحة البينة، قد شق عليكم وعظم لديكم، وأردتم أن تنالوني بسوء أو تردوا الحق. { فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ } أي: اعتمدت على الله، في دفع كل شر يراد بي، وبما أدعو إليه، فهذا جندي، وعدتي. وأنتم، فأتوا بما قدرتم عليه، من أنواع العَدَدَ والعُددَ.

{ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ } كلكم، بحيث لا يتخلف منكم أحد، ولا تدخروا (2) من مجهودكم شيئًا.

{ وَ } أحضروا { شُرَكَاءَكُمْ } الذي كنتم تعبدونهم وتوالونهم من دون الله رب العالمين.

 

{ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً } أي: مشتبهًا خفيًا، بل ليكن ذلك ظاهرًا علانية.

{ ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ } أي: اقضوا علي بالعقوبة والسوء، الذي في إمكانكم، { وَلا تُنْظِرُونِ } أي: لا تمهلوني ساعة [ ص 370 ] من نهار. فهذا برهان قاطع، وآية عظيمة على صحة رسالته، وصدق ما جاء به، حيث كان وحده لا عشيرة تحميه، ولا جنود تؤويه.

 

وقد بادأ (3) قومه بتسفيه آرائهم، وفساد دينهم، وعيب آلهتهم. وقد حملوا من بغضه، وعداوته ما هو أعظم من الجبال الرواسي، وهم أهل القدرة والسطوة، وهو يقول لهم: اجتمعوا أنتم وشركاؤكم ومن استطعتم، وأبدوا كل ما تقدرون عليه من الكيد، فأوقعوا بي إن قدرتم على ذلك، فلم يقدروا على شيء من ذلك.

فعلم أنه الصادق حقًا، وهم الكاذبون فيما يدعون، ولهذا قال: { فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ } عن ما دعوتكم إليه، فلا موجب لتوليكم، لأنه تبين أنكم لا تولون عن باطل إلى حق، وإنما تولون عن حق قامت الأدلة على صحته، إلى باطل قامت الأدلة على فساده.

 

ومع هذا { فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ } على دعوتي، وعلى إجابتكم، فتقولوا: هذا جاءنا ليأخذ أموالنا، فتمتنعون لأجل ذلك.

{ إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ } أي: لا أريد الثواب والجزاء إلا منه، { وَ } أيضا فإني ما أمرتكم بأمر وأخالفكم إلى ضده، بل { أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } فأنا أول داخل، وأول فاعل لما أمرتكم به.

{ فَكَذَّبُوهُ } بعد ما دعاهم ليلا ونهارًا، سرًا وجهارًا، فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارًا، { فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ } الذي أمرناه أن يصنعه بأعيننا، وقلنا له إذا فار التنور: فـ { احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ } ففعل ذلك.

 

فأمر الله السماء أن تمطر بماء منهمر وفجر الأرض عيونًا، فالتقى الماء على أمر قد قدر: { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ } تجري بأعيننا، { وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ } في الأرض بعد إهلاك المكذبين.

ثم بارك الله في ذريته، وجعل ذريته، هم الباقين، ونشرهم في أقطار الأرض، { وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا } بعد ذلك البيان، وإقامة البرهان، { فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ } وهو: الهلاك المخزي، واللعنة المتتابعة عليهم في كل قرن يأتي بعدهم، لا تسمع فيهم إلا لوما، ولا ترى إلا قدحًا وذمًا.

فليحذر هؤلاء المكذبون، أن يحل بهم ما حل بأولئك الأقوام المكذبين من الهلاك، والخزي، والنكال.

 

__________

(1) في النسختين: ما ينفعهم.

(2) في النسختين: ولا تذخرون.

(3) في النسختين: بادئ.

(1/369)

________________________________________

 

 

﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ (74) ﴾

 

{ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ } .

 

 

أي: { ثُمَّ بَعَثْنَا } من بعد نوح عليه السلام { رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ } المكذبين، يدعونهم إلى الهدى، ويحذرونهم من أسباب الردى.

{ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } أي: كل نبي أيد دعوته، بالآيات الدالة على صحة ما جاء به.

{ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ } يعني: أن الله تعالى عاقبهم حيث جاءهم الرسول، فبادروا بتكذيبه، طبع الله على قلوبهم، وحال بينهم وبين الإيمان بعد أن كانوا متمكنين منه، كما قال تعالى: { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ }.

ولهذا قال هنا: { كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ } أي: نختم عليها، فلا يدخلها خير، وما ظلمهم [الله]، ولكنهم ظلموا أنفسهم بردهم الحق لما جاءهم، وتكذيبهم الأول.

(1/370)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
﴿ ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآَيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (75) ﴾

 

{ 75 } { ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ } .

 

إلى آخر القصة (1)

أي: { ثُمَّ بَعَثْنَا } من بعد هؤلاء الرسل، الذين أرسلهم الله إلى القوم المكذبين المهلكين.

{ مُوسَى } بن عمران، كليم الرحمن، أحد أولي العزم من المرسلين، وأحد الكبار المقتدى بهم، المنزل عليهم الشرائع المعظمة الواسعة.

{ وَ } جعلنا معه أخاه { هَارُونَ } وزيرًا بعثناهما { إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } أي: كبار دولته ورؤسائهم، لأن عامتهم، تبع للرؤساء.

{ بِآيَاتِنَا } الدالة على صدق ما جاءا به من توحيد الله، والنهي عن عبادة ما سوى الله تعالى، { فَاسْتَكْبَرُوا } عنها ظلمًا وعلوًا، بعد ما استيقنوها.

{ وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ } أي: وصفهم الإجرام والتكذيب.

 

__________

(1) في ب أكمل الآيات إلى قوله تعالى:"إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون".

(1/370)

________________________________________

 

﴿ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76) قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) ﴾

 

{ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا } الذي هو أكبر أنواع الحق وأعظمها، وهو من عند الله الذي خضعت لعظمته الرقاب، وهو رب العالمين، المربي جميع خلقه بالنعم.

فلما جاءهم الحق من عند الله على يد موسى، ردوه فلم يقبلوه، و { قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ } لم يكفهم - قبحهم الله - إعراضهم ولا ردهم إياه، حتى جعلوه أبطل الباطل، وهو السحر: الذي حقيقته التمويه، بل جعلوه سحرًا مبينًا، ظاهرًا، وهو الحق [ ص 371 ] المبين. ولهذا { قَالَ } لهم { مُوسَى } - موبخا لهم عن ردهم الحق، الذي لا يرده إلا أظلم الناس:{ أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ } أي: أتقولون إنه سحر مبين.

{ أَسِحْرٌ هَذَا } أي: فانظروا وصفه وما اشتمل عليه، فبمجرد ذلك يجزم بأنه الحق. { وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ } لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فانظروا لمن تكون له العاقبة، ولمن له الفلاح، وعلى يديه النجاح. وقد علموا بعد ذلك وظهر لكل أحد أن موسى عليه السلام هو الذي أفلح، وفاز بظفر الدنيا والآخرة.

(1/370)

________________________________________

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،، شكرا لكم على هذه الاشياء الرئعه ارجوا من الله ان يعطيكم الاجر ويدخلنا واياكم فسيح جناته

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جعله الله في ميزان حسناتك الهام

 

آمين واياكِ

 

غاليتي المقتدية

 

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،، شكرا لكم على هذه الاشياء الرئعه ارجوا من الله ان يعطيكم الاجر ويدخلنا واياكم فسيح جناته

 

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

آمين واياكِ

 

الطير الجريح

 

بارك الله فيكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

لا يحزنك يا محمد-صلى الله عليه وسلم-قول معاديك فيك , فهي لا تضرك ,والعزة لله تعالى , وهي لك ولمتبعيك , وهو سبحانه سميع لكل ما يقال عنك وما تقول على وجه التفصيل , وهو العليم سبحانه الذي أحاط علمه كل شيئ

يخبر سبحانه وتعالى أن له مقاليد السماوات والأرض فهو مالكها , وهو سبحانه خالقها وكل ما فيها ومن فيها تابع لأمره , مملوك له سبحانه, لا يستحق أن يعبد من دونه سبحانه,فالذين يدعون من دون الله تعالى شركاء يتبعون إلا الظن, الذي لا يغني من الحق شيئا , وإلا فليأتوالشركائهم بأوصاف وأفعال تنبي عن أنها تستحق بها أن تعبد , فلن يستطيعواذلك أبدا,فليس من أدعيائهم من يرزق سوى الله تعالى , أو يخلق سواه سبحانه,وهو تعالى من يدبر الليل والنهار وحده ,فهو -تعالى - من جعل الليل للسكن والراحة , ولو استمر ضياؤه لما سكنوا , وهو سبحانه من جعل النهار يمشي فيه الناس لمصالحهم , وجعله سبحانه مضيئا , وهي كلها آيات لمن سمع وفهم, وأراد الحق لا التعنت والعناد, ليعلم أن الله تعالى هو وحده المعبود بحق وأنه الإله الحق وما سواه باطل

كذب المشركون حين زعموا أن الله رب العالمين له ولد , فهو سبحانه منزه عن هذا القول وعن مثله وعن كل نقص,فهو تعالى غني , له الغنى التام , فكيف يكون له ولد؟؟؟!!, إنما الولد يكون لنقص في غنى الوالد,وله سبحانه ما في السماوات وما في الأرض , وكل من فيها هم عبيد له سبحانه , والمعلوم أن الولد يكون من جنس أبيه فكيف إذن له ولد؟؟؟!!, ولقد تحدى سبحانه وتعالى أصحاب هذا الزعم أن يأتوا على زعمهم هذا بدليل , لكنهم أظهروا عجزهم وافتقارهم للدليل , فعلم بطلان قولهم والحمد لله رب العالمين , وإنما قولهم قول بلا علم , والذي يفترون على الله الكذب, يتمتعون في الدنيا قليلا , ثم يرجعون إلى باريهم ,فيذيقهم العذاب الأليم

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم , اتل على قومك قصة نوح عليه السلام وقومه , حيث مكث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما , يدعوهم فيها لرب العالمين , ليلا ونهارا وسرا وجهارا , فلم يزدهم دعاؤه لهم إلا فرارا ,فعادوه وأبغضوه , لتسفيهه آراءهم ,وتعيير آلهتهم , ولنيله من دينهم المبتدع ,فقال لهم إن كان تذكيري بآيات الله تعالى الواضحات غير نافع لكم ,وتريدون رد الحق , وأن تمسوني بسوء,فعلى الله توكلت , فأحضروا شركاءكم , ولا يتخلف منكم أحد واجتهدوا في قصدكم ,ولا يكن أمركم خفية بل ظاهرا عيانا ,ثم أوقعوا بي إن استطعتم , فلما لم يقدروا على شيئ منه,قال لهم نبيهم فإن توليتهم عن دعوتي لكم فقد خالفتم الصواب ,بعد أن تبين لكم بطلان ما أنتم فيه ,وما سألتكم في دعوتي هذه أجرا إنما أجري على الله تعالى , وما أمرتكم بشيئ خالفتكم فيه ,بل أنا أول فاعل له , فما كان من قومه بعد هذا البيان إلا أن كذبوه, فنجاه سبحانه ومن معه في الفلك وجعلهم خلائف في الأرض وأغرق مكذبيه,فتلك النتيجة الحتمية لكل مكذب له سبحانه, عبر الأزمنة والعصور, فليحذر هؤلاء المكذبين أن يحل بهم الهلاك والخزي والوبال كما حل بسابقيهم

ثم بعث سبحانه من بعد نوح رسلا إلى قومهم المكذبين يدعونهم إلى الحق وجاؤوهم بالبينات ولكن الله تعالى طبع على قلوبهم فهم لا يؤمنون , عقابا لهم على رد الحق

ثم بعث سبحانه من بعدهم موسى عليه السلام أحد أولي العزم من الرسل, وأرسل معه أخاه هارون وزيرا ,إلى فرعون وملأيه,بالآيات الدالات على صدق ما جاءا به , فاستكبروا تولوا وكانوا قوما مجرمين , فموسى أتاهم بالحق المبين , ولم يكتفوا برده بل نعتوه بأفظع النعوت وقالوا عنه سحر بيّن ظاهر , فوبخهم موسى عليه السلام لقولهم هذا , وقال لهم انظروا وصفه فوالله إنه الحق البين الذي لا حق غيره, وإنما الخسارة وعدم الفلاح في الدنيا والآخرة للسحرة , فانظروا لمن الغلبة, فكانت الغلبة لموسى وللذي جاء به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،، شكرا لكم على هذه الاشياء الرئعه ارجوا من الله ان يعطيكم الاجر ويدخلنا واياكم فسيح جناته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم آمين أختي الطير الجريح

بوركت

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكن الله خيرا

 

المقتدية

 

الطير الجريح

 

امة من اماء الله

 

ونفع بكن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×