اذهبي الى المحتوى
ام خديجه وبلال

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا

المشاركات التي تم ترشيحها

كتبه/دكتور ياسر برهامي

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

 

عليم حكيم:

المتأمل في مجريات الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام وملل الكفر وقوى الطغيان في العالم عبر التاريخ يجد عجباً. يرى به آثار اسم الله العليم واسمه -تعالى- الحكيم أوضح رؤية وأعظم بيان، فرغم محاولات الباطل المستمرة للصد عن سبيل الله، وتنفير الناس عن الدين تنقلب نتائج هذه المحاولات نصرة للإسلام، وإقبالاً من الناس عليه، والتزاماً به كما قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)(الفرقان:31).

 

فهم يريدون إضلال الناس وكفى بالله هادياً يأخذ بنواصيهم إلى الحق، ويدخلهم في دينه أفراداً ثم أفواجاً، وهم يريدون هزيمة الإسلام بكل ما أوتوا من قوة بالكذب عليه والافتراء تارة، وبالسخرية والاستهزاء تارة، وبالبطش والتنكيل والقتل والتدمير والسجن والتعذيب للمسلمين عموماً، وللمجاهدين والدعاة خصوصاً تارات.

 

وكفى بالله نصيراً يعز الحق وأهله، ويذل الباطل وحزبه، ويجعل مكرهم سبباً في قوة الحق وزيادته، كما قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ . لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)(الأنفال:36-37).

 

فيجعل الله الأهوال والمخاطر التي يتعرض لها أهل الحق بعينها ريحاً ذلولاً تحملهم أسرع من سير أنفسهم، فإذا بهم يسيرون بها في غدوة أو روحة ما كانوا يسيرونه بأنفسهم دونها في شهر أو شهرين، ورغم الألم الذي يكون في هذه المخاطر والقلق إلا أنه لابد منه لتحصل قوة الانطلاق.

 

ثم هل يخلو أحد في هذه الدنيا من ألم أو خوف؟ (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً)(النساء:104).

 

إن الناظر إلى بلاد المسلمين في شهر رمضان، لو كان أدرك الحال منذ نحو ثلاثين سنة يجد أثر ما ذكرنا، فالناس -بفضل الله- كانت تملأ المساجد في صلاة المغرب، التي أدركت زمناً كانت معظم المساجد فيها تغلق إلا مساجد الإخوة المعدودة على الأصابع يصلي فيها الخمسة والعشرة.

 

أمجنون أنت؟

حكى لي أحد الإخوة أنه منذ عشر سنوات فقط نزل لصلاة المغرب ساعة الإفطار، فأرسلت أمه خلفه من يجذبه من ثيابه، وتقول له: أمجنون أنت تترك طعام الإفطار وتذهب للمسجد؟! وهذا العام كان مدعواً عندها فتأخر قليلاً، فذهب على المنزل بعد المغرب فلم يجد أحداً، وقالت له أمه: كيف أتيت إلى المنزل قبل أن تصلي المغرب؟! اذهب بسرعة حتى لا تفوتك الصلاة.

 

أدركت زمناًًًًًً كان من يطول في صلاة التراويح هو الذي يزيد عن نصف ساعة على ثلاثة أرباع الساعة، واليوم رغم كل محاولات الصد عن سبيل الله، وإلهاء الناس في الشهوات والشبهات والفوازير والمسلسلات، يحضر صلاة القيام والتهجد في أحد مساجد الإسكندرية ومثلها غيرها من البلدان ما يزيد على مائة ألف عامتهم من الشباب -بفضل الله ورحمته- حتى الثالثة صباحاً.

 

ألم وإقبال:

لو تأملنا ما وقع في العراق وفلسطين، فرغم الألم الذي يغيظ قلب كل مؤمن ومؤمنة على دماء المسلمين التي تراق، وحرماتهم التي تنتهك، إلا أن الالتزام بالدين، والإقبال عليه، واستمرار المقاومة والجهاد رغم كل العقبات قد تضاعف بما يفوق خيال الإنسان، حتى يقول أحد خبراء الأمن القومي الأمريكي البعيد عن السلطة هناك: إن الوضع في العراق الآن بالنسبة إلى أمريكا يقترب من أن يكون كارثة.

 

نتأمل في قول الله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب . وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ)(الرعد:41-42).

 

قال ابن عباس: "أولم يروا أنا نفتح لمحمد -صلى الله عليه وسلم- الأرض بعد الأرض"، وقال الحسن والضحاك: "هو ظهور المسلمين على المشركين". وهذا اختيار ابن جرير وابن كثير.

 

والآية مكية نزلت والإسلام محاصر والرسول محارب.

 

وقارن بين الهجمات الشرسة على الإسلام فكرية وإعلامية وحربية وبين نتائجها، تجد نور الحق قد سطع، وبيان القرآن ينبئك عن ما تراه بعد حين (إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ)(ص:87-88).

 

www.salafvoice.com

موقع صوت السلفprint.gifاطبعsendfriend.gifأرسل لصديقsendfriend.gifأبلغ المشرف عن خطأ

 

مواد ذات صلة:

article-bullet.gifاستعينوا بالله واصبروا

اقرأ أيضاً:

article-bullet.gifنحب كل المسلمين ولو اختلفنا معهمarticle-bullet.gifالبالون ... وأكياس الرمل.... والأعمدة الخرسانيةarticle-bullet.gif9-أنس الطائعين ووحشة الغاوينarticle-bullet.gifمَن يضمد لنا جراح السيف والقلم؟!article-bullet.gifبشرى الله للمؤمنين بالنصر وظهور الدين

تم تعديل بواسطة ام خديجه وبلال

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرا أختي الحبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بســم الله الـرحمــن الرحيــم

جزاكِ الله خيرا أختى وجعله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×