اذهبي الى المحتوى
~~أم أسيل~~

العلاقة الخاصة والسعادة الزوجية

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

العلاقة الخاصة والسعادة الزوجية

 

أم عبد الرحمن محمد يوسف

إن ميل الزوجين إلى المعاشرة الزوجية حاجة بشرية نفسية، وعبادة ربانية، نود أن تُؤدَّى بإحسان يُرضي الرب، ويُشبِع النفس والطرف الآخر، (وعلى الرغم من أن المعاشرة بين الزوجين تشكِّل نسبة قليلة من وقت الزوجين في حياتهما، فهي جزء من الحياة الزوجية وليست كل الحياة الزوجية، إلا أنها أمر أساسي وجوهري في هذه الحياة) [حتى يبقى الحب، محمد محمد البدري، ص(359)]، (فالوفاق الذي يتم في الليل؛ تستمر سعادته في وضح النهار) [فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت، ص(126)].

 

وإذا كانت العلاقة الخاصة بين الزوجين ناجحة ومشبِعة، وتحقق الزوجة لزوجها الاكتفاء العاطفي والجسدي، ولا يوجد عندها مشاكل قاصمة في هذه المنطقة؛ فإن الاستقرار والاستمرار في الحياة الزوجية مضمون بأمر الله.

 

وأُحب أن أقف عند صورتين من صور اللقاء الجسدي في القرآن في الآيتين التاليتين:

 

الآية الأولى: هي قول الله عز وجل: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} [البقرة: 187].

ماذا نفهم من هذا التعبير القرآني الرائع؟ وما معنى اللباس بالنسبة للزوجين؟ وما معنى الآية ومدى دلالتها في العلاقة بين الزوجين؟

(التعبير القرآني: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ}، تصوير رائع لعلاقة الجسد وعلاقة الروح في آن واحد؛ فاللباس ألصق شيء ببدن الإنسان، وهو الستر الذي يستتر به، وهو في الوقت نفسه مفصَّل على مقاسه، لا ينقص ولا يزيد، والرجل والمرأة ألصق شيء بعضهما ببعض؛ يلتقيان فإذا هما جسد واحد، وروح واحدة، وفي لحظة يذوب كلٌّ منهما في الآخر، فلا تعرف لهما حدودًا) [حتى يبقى الحب، د.محمد محمد بدري، ص(360)]، و(اللباس ساتر وواقٍ، وكذلك هذه الصلة بين الزوجين تستر كلًّا منهما وتقيه) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/148)].

 

أما الآية الثانية: فهي قول الله جل في علاه: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} [النساء: 21].

لقد عرض القرآن العلاقة بين الزوجين في كلمة {أَفْضَى}(هكذا بلا مفعول محدد، يدع اللفظ مطلقًا، يشع كل معانيه، ويُلقي كل ظلاله، ويسكب كل إيحاءاته، ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانيات والتصورات، والأسرار والهموم، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب.

يدع اللفظ يرسم عشرات الصور لتلك الحياة المشتركة آناء الليل وأطراف النهار، وعشرات الذكريات لتلك المؤسسة التي ضمَّتهما فترة من الزمان، وفي كل اختلاجة حب إفضاء، وفي كل نظرة ود إفضاء، وفي كل تفكر في حاضر أو مستقبل إفضاء، وفي كل التقاء في وليد إفضاء) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (1/606-607)].

 

إيجابية تصنع السعادة:

 

إن المرأة شريكة للرجل في التمتع باللذة الحلال؛ لذلك فعلى المرأة أن تتعلم فن ممارسة الحب، وتكون أكثر فاعلية وإيجابية في الحوار الجنسي؛ لتحقق المتعة والسعادة التي ترجوها لها ولزوجها.

 

وإليكِ تلك الروائع من الآثار، والتي تُشير بصورة أو بأخرى إلى مدى أهمية أن تكون الزوجة إيجابية في اللقاء الزوجي:

 

تلاعبها وتلاعبك:

 

يروي جابر بن عبد الله فيقول: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة، فلما قفلنا كنا قريبًا من المدينة ... فقلتُ: يا رسول الله، إني حديث عهد بعرس، قال: (أتزوجت؟)، قال: نعم، قال: (أبكرًا أم ثيبًا؟)، قلتُ: بل ثيبًا، قال: (فهلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك؟!)[ متفق عليه]، وفي رواية لمسلم، (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك؟!) [رواه مسلم]، أو قال: (تضاحكها وتضاحك) [رواه مسلم].

فكلما كانت الزوجة متحببة إلى زوجها، وتتقن فن الضحك والمزاح والملاعبة في اللقاء الزوجي؛ كلما كانت قريبة لزوجها محببة إلى نفسه فتقر عينه وتحفظ نفسه.

 

{عُرُبًا أَتْرَابًا}:

 

قال تعالى في سورة الواقعة: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا} [الواقعة: 35-37]، وعربت المرأة: إذا تحببت إلى زوجها، والمقصود من لفظة العروب: هي فاعلية المرأة في الاستجابة لزوجها بالتدلل والتلطف والمداعبة.

 

دع لي، دع لي:

 

وللمرأة أسوة حسنة في السيدة عائشة رضي الله عنها، التي كانت تشارك النبي صلى الله عليه وسلم متعه وملذاته وأفراحه، حتى إنها لتحدثنا عن ذلك فيما يرويه البخاري ومسلم في صحيحيهما فتقول: (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه واحد، فيبادرني حتى أقول: دع لي، دع لي) [رواه مسلم].

 

(هذا التفاعل يكون له أكبر الأثر في نفس الزوجين، وتوثيق العلاقة العاطفية بينهما؛ فيسود الحب والود والدفء والحنان والعاطفة في الحياة الزوجية والأسرية) [فن العلاقات الزوجية، محمد الخشت، ص(128-131)، بتصرف].

 

مما سبق فهمنا المقصود بإيجابية المرأة ودورها في العلاقة الخاصة، وإضفاء روح المرح واللعب والضحك في التعامل مع الزوج، وأن هذا لاشك له أثره النفسي الإيجابي على الزوج والزوجة والأولاد، ويحقق للزوج الإعفاف والإحصان والإشباع العاطفي والجسدي.

 

لغة الحواس:

 

في المراحل الأولى من الزواج يكون الاهتمام بالتزين والنظافة واضحًا، ولكن مع مرور الوقت يقل هذا الاهتمام، وأيضًا يقل الاهتمام بالعلاقة الخاصة بين الزوجين، وليس بالضرورة أن يكون التواصل الحسي هو الهدف، ولكن شعور المتعة بوجه عام هو الهدف، إن تمام اللذة والمتعة الزوجية لا تكون حتى يأخذ كل عضو حظه من اللذة؛ البصر، واللمس، والسمع، والشم، والتذوق.

 

ولله در ابن القيم رحمه الله حين وصف ذلك بقوله: (... فإن صادف ذلك وجهًا حسنًا، وخُلقًا دمثًا، وعشقًا وافرًا، ورغبة تامة، واحتسابًا للثواب؛ فذلك اللذة التي لا يعادلها شيء.

 

ولاسيما إذا وافقت كمالها، فإنها لا تكمل حتى يأخذ كل جزء من البدن بقسطه من اللذة، فتلتذ العين بالنظر إلى المحبوب، والأذن بسماع كلامه، والأنف بشم رائحته، والفم بتقبيله، واليد بلمسه، وتعتكف كل جارحة على ما تطلبه من لذتها، وتقابله من المحبوب، فإن فُقد من ذلك شيء؛ لم تزل النفس متطلعة إليه متقاضية له، فلا تسكن كل السكون) [روضة المحبين، ابن القيم، ص(1/217)].

 

والحواس هي بريد المشاعر، فإذا كانت تلك الحواس تعبِّر عن المشاعر؛ فهي مقدمة السعادة والألفة والمحبة والتفاعل الوجداني.

 

وعلى العكس من ذلك؛ فإذا كانت الحواس هي بريد السوء وكراهة المنظر والرائحة السيئة والأصوات النشاز، فهذا سيولد النفرة لا محالة، التي ستولد الكراهية وانعدام الحب؛ فالحواس لا ريب لها تأثيرها الكبير على إقبال النفوس وإدبارها؛ ومن هنا كان لابد لنا من وقفات مع الزوجة المسلمة لنعرفها كيف تستغل حواسها البشرية أفضل استغلال لإضفاء المزيد من المتعة على العلاقة الخاصة بين الزوجين.

 

الروائح روابط الذكريات:

 

هل حدث لكِ أن وجدتِ رائحة معينة، وتذكَّرتِ موقفًا أو شخصًا أو مكانًا؟

إن هناك ارتباط وثيق بين الرائحة والذاكرة؛ فالإنسان كما يتذكر المواقف والصور والكلمات يتذكر أيضًا الرائحة، وهي من الروابط التي تربط الإنسان بالخبرات والمواقف.

 

والرائحة الجميلة تمثِّل روابط إيجابية للزوج، ويفوح أريج الذكريات الجميلة مع الروائح عبر الزمان، أما الرائحة السيئة، فهي تمثل روابط سلبية وتوحي بذكريات أيضًا سلبية؛ ومن هنا تأتي خطورة وأهمية الروائح وحاسة الشم في العلاقة الزوجية، فقد تكون الرائحة عامل جذب وتقارب، وقد تكون عامل فرقة ونفور بين الزوجين.

 

إن رأس مال المرأة النظافة والرائحة الجميلة والاهتمام بأنوثتها، فإذا تهاونت في ذلك؛ فقد فقدت رأس مالها وهنا يكون الخطر، ولا تلومي بعد ذلك إلا نفسك، وكما قيل في المثل: (يداك أوكتا وفوك نفخ).

 

والزوجة المسلمة عليها أن تعتني برائحتها باستخدام العطور المختلفة بلا إفراط أو تفريط؛ لأن العلاقة الزوجية فيها قرب شديد في كثير من الأحيان بين الأجساد والأنفاس.

 

فلا تظن الزوجة أن أنف الرجل (لا تشم إلا الوجه، فإن أنفه قد يصل إلى أي مكان في جسم المرأة، ونفهم ذلك من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أمر المرأة بعدما اغتسلت من المحيض، أن تأخذ (فرصة من مسك) [متفق عليه] أي قطعة قطن مبللة بالمسك ـ وهو أجود أنواع الطيب ـ ثم تتبع به أثر الدم، وما أحسب النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهذا إلا تحسبًا لأن تصل أنف الزوج إلى هذا الموضع) [إبهاج الأزواج، د.توكل محمد مسعود، ص(107)].

 

وفي هذا اهتمام للشرع بالرائحة الطيبة، وتنبيه الزوجات إلى أثر الرائحة الطيبة في نفس الزوج.

وقد دلَّت الأبحاث على أن الشم ذا أثر محوري في العلاقة الجنسية بين الزوجين، فالرائحة الطيبة تقوِّي الجاذبية الأنثوية؛ (فالروائح الأنثوية الرقيقة الحاملة بعبق الأنوثة الشفافة ومشاعرها المتلألئة تنسجم مع وداعة المرأة ورقتها، وتتفق مع أريجها الفواح الذكي، الذي يجذب الزوج ويثير فيه أحلى الآمال الرقيقة، والأحلام الساحرة الأنيقة، والحيوية الدافعة ...) [الزواج المثالي، فان دفلد، ص(107)، بتصرف].

وانظري أختي المسلمة إلى أهمية الطيب عند الرجال، وارتباطه أيضًا بالمرأة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (حُبب إليَّ النساء والطيب، وجُعلت قرة عيني في الصلاة) [صححه الألباني في صحيح سنن النسائي، (3940)].

 

فالمرأة لا أظنها تتنازل عن رائحتها الذكية ونظافتها البهية، بعدما يصلها خبر أن الرجل قد يتجاوز عن بعض جمال المرأة إذا عوَّضته بالنظافة والرائحة الجميلة.

 

ومن حق المرأة أن تستخدم العطور داخل البيت كيف شاءت، أما خارج البيت فقد نُهيت عن الخروج متطيبة في مجامع الرجال الأجانب، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها؛ فهي زانية) [حسنه الألباني في صحيح سنن النسائي، (5126)].

 

الذكرى تنفع المؤمنين:

 

1- (لقطع رائحة الفم استخدمي السواك أو معجون الأسنان والفرشاة، وأقراص النعناع.

2- الاغتسال لقطع رائحة الجسم والعرق على فترات متقاربة، مع استخدام مزيل العرق.

3- استخدام العطور المختلفة، خصوصًا في لحظات القرب وقبل الجماع.

4- بعد الحيض خذي قطعة مبللة بالمسك أو نحوه وتتبعي بها مكان الدماء.

5- إزالة الشعر الزائد تحت الإبط والعانة من الأمور الهامة لرائحة الجسم، وهي من سنن الفطرة.

6- اهتمي برائحة الفرش والوسائد وغرفة النوم، بتعطيرها بأنواع العطر المختلفة.

7- لا تقع عين زوجك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح) [إبهاج الأزواج، د.توكل محمد مسعود، ص(105)، بتصرف].

 

المصادر:

حتى يبقى الحب محمد محمد بدري.

فن العلاقات الزوجية محمد الخشت.

في ظلال القرآن سيد قطب.

روضة المحبين ابن القيم.

إبهاج الأزواج د.توكل محمد مسعود.

الزواج المثالي فان دفلد.

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك حبيبتي في الله وجزاك الجنة. إختيار موفق للموضوع, يختلف تصورالنساء للعلاقة الجنسية. فهناك من تعتبرها مجرد وسيلة للحصول على الولد، وهناك من تقبل بها حتى لا يبحث زوجها عن أخرى، وثالثة تتصورها واجبا ضمن واجبات عدة، بل إن هناك من تعتبرها شرا لا بد منه في الحياة الزوجية وليست بأي حال من الأحوال لقاءا يجمع روحين قبل جسدين لينعما بالاستقرار فيتحابا ويسكن بعضهما إلى بعض ليستقيم بذلك العبور من هذه الدنيا إلى الدار الآخرة.

post-121126-1266967998.gif

تم تعديل بواسطة روضة الجنة2

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكى حبيبتى

وجزاكى الله خير الجزاء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×