اذهبي الى المحتوى
سُندس واستبرق

ܔ ✿المحاضرة الثالثة: آداب طَالب العِلم ✿ܔ

المشاركات التي تم ترشيحها

في هذا اللقاء بمشيئة الله سنتحدث أدب طلب العلم .

post-36649-0-01494200-1352267305.png

 

يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى- له كلمةٌ نفيسةٌ يقول: "الأدب هو الدّين كله"

الآداب الّتي يجب على طالب العلم أن يتحلى بها كثيرة لكن تتميز بميزةٍ جليلةٍ يقول ابن القيم: "من فضيلة الأدب أنّه ممدوحٌ بكلّ لسانٍ، محمودٌ في كلّ مكانٍ، يُتزين به في كلّ مجلسٍ"، وهذا من الأمور العظيمه للأدب، النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- كان من أعظم النّاس أدبًا ومن أعظم النّاس خلقًا، زكاه الله وأثنى عليه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، وأمر -صلّى الله عليه وسلّم- بمحاسن الأمور وبمكارم الأخلاق فقال -عليه الصّلاة والسّلام-: "ما من شيءٍ يوضع في ميزان العبد يوم القيامه أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصّوم والصّلاة") وفي الحديث الآخر: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقًا" عائشة -رضى الله عنها- أمّ المؤمنين سُئلت عن خلق المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم- فلخصت أخلاقه الكريمة في معانٍ وعباراتٍ قليلةٍ فقالت: "كان خلقه القرآن".

post-36649-0-31413400-1352267307.png

وهذا العلم يحتاج من الطّالب إلى استعدادٍ وإلى تهيؤٍ حتى تكون نفسه تقبل هذا العلم وتشرب هذا العلم وتستفيد من هذا العلم الشّرعيّ، فكان للسّلف الصّالح -رحمهم الله- عدة طرق يتهيئون بها للعلم قبل أن ينالوا العلم.

post-36649-0-31413400-1352267307.png

أول هذه الطّرق أنّهم -رحمهم الله- كانوا يهيئون أنفسهم للعلم الشّرعيّ يقول بعض السّلف: "إذا أراد الرّجل أن يكتب الحديث تعبد قبل ذلك"؛ من أجل أن يكون في قلبه ذاك النّور الّذي يكون نورًا على نور العلم" فيستفيد من هذا العلم الشّرعيّ؛ إذاً أولاً كانوا يستعدون لطلب العلم بكثرة العبادة وبكثرة الصّلاة وبالإقبال على الله -سبحانه وتعالى-.

 

الأمر الثّاني: أنّهم كانوا يختبرون العلماء الّذين يأخذون عنهم العلم يختبرون سلوكهم ويختبرون أخلاقهم؛ لأنهم يعلمون أن هذا العلم دينٌ كما يقول بعض السّلف: "إنّ هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذوا دينكم".

 

 

 

الأمر الثّالث: أنّهم كانوا أحيانا يحضرون إلى حلق الذّكر وإلى مجالس العلم ليس من أجل أن يكتبوا الحديث أو يستفيدوا من علم العالم ولكن من أجل أن يستفيدوا من أدبه ومن سمّته ومن هيأته، يقول أحد تلامذة الإمام أحمد -رحمه الله-: "اختلفت إلى أبي عبد الله ثنتي عشرة سنّة وهو يقرأ المسند على أولاده، ما كتبت معه حديثًا واحدًا ولكن كنت أنظرُ إلى هديه وسمته -رحمه الله تعالى-" وأين مثل الإمام أحمد -رحمه الله-؟ كان رجلٌ خاف من الله فأحبّه الخلق، ومن خاف من الله أخاف الله -عزّ وجلّ- منه خلقه، ومن أحبّه الله حبب الله -عزّ وجلّ- فيه خلقه، فكانوا يكتبون حركاته وسكناته وأقواله وألفاظه، واقرئوا في سيرته؛ لأنهم يعلمون الإمام أحمد-رحمه الله- لا يعمل عملًا ولايقول قولاً إلا وهو يتحرى فيه سنّة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، أيضاً يقول ابن الجوزي -رحمه الله-: "كان الّذين يحضرون في حلقة الإمام أحمد ما يقارب خمسة آلاف وخمسمائة شخص منهم من يكتب الحديث والبقية يتعلمون من هديه وسمته" رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً.

post-36649-0-31413400-1352267307.png

ولهذا فإن طالب العلم يعلم أن العلم الّذي يأخذه ومن ثمّ سوف يبلغه للنّاس أنّها مسئولةٌ عظمى أمام الله -عزّ وجلّ-، فإن طلبة العلم يكتبون عن العالم كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، ونرجو من الله أن تكونوا في مستقبل الأيام من العلماء فسترون كيف يتعامل معكم الطّلاب وعند ذلك يجب أن تتقيدوا بسنّة المختار -عليه أفضل الصّلاة والسّلام-.

 

 

يقول مسلم بن جنادة-رحمه الله-: "اختلفت إلى وكيع بن الجراح سبع سنين فما رأيته بزق ولا مس حصاةً ولا جلس مجلسًا فتحرك ولا رأيته إلا مستقبل القبلة" أي أثناء إلقاء الدّرس، هذا هو الأدب الّذي يجب أن يكون عليه طالب العلم.

post-36649-0-31413400-1352267307.png

ولهذا يقول الجرجانيّ -رحمه الله- وأهل زمانه يعيبون عليه:

يقولون لي فيك انقباض وإنّما ***رأوا رجلًا عن موقف الذّل أحجمَ

أرى النّاس من داناهم هان عندهم***من أكرمته عزة النّفس أكرما

ولم أقض حق العلم إن كان كلمّا***بدا لي مطمع صيرته لي سلّمَ

ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي***لأخدم من لاقيت ولكن لأُخدمَ

أأشقى به غرسا وأجنيه ذلّةً***إذا فاتباع الجهل قد كان أحزمَ

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم***ولو أنّهم عظموه في النّفوس لعظمَ

ولكن أهانوه فهان ودنسوا***محيّاه بالأطماع حتى تجهمَ

إذًا أدب الطّالب كما يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله- هو عنوان سعادة المرء وعنوان فلاحه، وفي المقابل فإنّ سوء أدبه علامةٌ على شقاوته وعلى حرمانه -والعياذ بالله عزّ وجلّ-، ولهذا من الجمل النّفيسة والجميله الّتي ذكرها الزّرنوجيّ -رحمه الله تعالى- قال: "ينبغي لطالب العلم أن يتحرز عن الأخلاق الذّميمة فإنّها كلابٌٍ معنويةٌ، وكما أن البيت الّذي فيه كلابٌ لا تدخل فيه الملائكة فكذلك القلب الّذي فيه معصية لله وفيه سوء أدب فإنّ العلم لا يلج إليه ولا يدخله" أو كما ذكر -رحمه الله - في كتابه النّفيس (تعليم المتعلم طرق التّعلم).

post-36649-0-31413400-1352267307.png

الأدب الّذي نريد من طالب العلم أن يسلكه أنواعٌ:

أولًا: الأدب مع الله -سبحانه-.

ثانيًا: الأدب من النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.

ثالثًا: الأدب مع العلماء.

رابعًا: الأدب مع الخلق بشكلٍّ عامٍّ.

خامسًا: أدب طالب العلم في نفسه.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

 

 

أول هذه الأداب الأدب مع الله -سبحانه وتعالى-

 

يجب على طالب العلم أن يعظم الله -تعالى- وأن يجلّه، فإذا تُليت عنده آيات الجنّة ونعيمها فإنّه يسأل الله من خيرها، وإذا تُلي وسمع آيات الوعيد والتّهديد فإنّه يستعيذ

بالله من النّار وهولها، وتجده أيضًا إذا قيل له قال الله -سبحانه- فإنّه ينصت ويستمع ويستجيب؛ لأن الخير في اتباع كلام الله -تعالى-، والأدب مع الله أيضًا يقتضي من طالب العلم أن يكون مطيعًا في أمر الله ونهيه ووأيضًا أن يكون متأدبًا مع الله حتى في لفظه، وأضرب لكم هذه الأمثلة في القرآن العظيم في سورة المائده في آخرها يقول الله -عزّ وجلّ- واستمعوا إلى هذا الخطاب العظيم من الله -عزّ وجلّ-: {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 116]، ولهذا يذكر العلماء أنّ طالب العلم إذا ذكر اسم الله -جلّ جلاله- أن يختمها ب(جلّ جلاله) أو قال (سبحانه وتعالى) ولا يتركها هكذا يعطيها ما تستحق من التبّجيل والتّعظيم والاحترام، أيضًا يقول الله -سبحانه وتعالى- عن خليله إبراهيم قال: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشّعراء: 78]، ولا يقول إذا أمرضتني وإنّما نسب المرض إلى نفسه تأدبًا وتعظيمًا للربّ -سبحانه وتعالى-، حتّى يكون طالب العلم متأدبًا مع الله -تعالى- فعليه كما يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله - في كتابه "مدارج السالكين" بثلاثِ أمورٍ:

 

أولًا: صيانة معاملته أن يشوبها نقيصةٌ.

ثانيًا: صيانة قلبه أن يلتفت إلى غيره.

ثالثًا: صيانة الإراده أن تتعلق بما يمقُتُك عليه.

 

هذه ثلاث أمورٌ يزن بها طالب العلم نفسه وهل هو متأدب مع الله تعالى أم لا؟

صيانة معاملته أن يشوبها بنقيصةٍ، الله -سبحانه وتعالى- حدّ لنا ضابط الاستجابة له -عزّ وجلّ- في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُم} [الأنفال: ].

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

ما ضابط الاستجابة؟

الاستجابة لله -عزّ وجلّ- تكون في ثلاثة أشياء ذكرت في حديث أبي رافع الخُشني أنّ النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: "إنّ الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم حرمات فلا تنتهكوها، وحدّ حدودًا فلا تعتدوها" فهناك فرائض يجب على العبد أن يقوم بها كما أمر الله فلا يَنقُص منها شيئًا، ونواهي حرمها الله فلا يقربوها، وحدودٌ أمر بها الله -تعالى- فيقيمها كما أمر الله -سبحانه وتعالى-.

 

ثانيًا: أن يصون قلبه أن يلتفت لغيره، إذا حلت بالإنسان المعضلات والهموم والآلام والأحزان فليعلق قلبه بالله -تعالى- وليرجو ما عند الله -عزّ وجلّ- فليعلق قلبه لله، وليتوكل إلا ما عند الله -سبحانه وتعالى- فإنّه نعم الوكيل -سبحانه وتعالى-.

تأمل في ما حدث للنّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مع صحابته في غزوة أحد في آخر المعركة أوى النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وصحابته إلى أعلى الجبل فقام أبي سفيان وقال: أفيكم محمد قال -صلّى الله عليه وسلم-: لاتجيبوه، أفيكم ابن أبى قحافة؟ أي أبي بكر، قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: لاتجيبوه، قال: أفيكم عمر، قال -عليه الصّلاة والسّلام-: لاتجيبوه، فقال أبي سفيان: أمّا هؤلاء فقد قتلوا، فاستأذن عمر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أجل أن يرد عليه فرد عليه فقال: قد أبقى الله مايسوؤك يا عدوَّ الله، فقال أبو سفيان وهو يعتز بألهته قال: أعلوا هُبل فقال النّبيّ: أجيبوه، قالوا: ماذا نقول يارسول الله؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا العٌزى ولاعُزى لكم، قال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: أجيبوه، قالوا: ماذا نقول يارسول الله؟ قال: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم .

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

حينما يتعلق الأمر بتعلق القلب بالله -عزّ وجلّ- فيجب أن يحقق تحقيقًا كليًّا وعمليًّا حتى يكون القلب متعلقًا بالله -سبحانه وتعالى-، ولذا فإن الّذي يتعلق قلبه بغير الله يتعلق بالجنّ أو يتعلق بالإنس أو يتعلق بالسّحرة أو يتعلق حتى بالقراء الّذين يقرئون القرآن، فإنّ الله -سبحانه وتعالى- يخذل هذا القلب، إذاً فإن مع الأدب مع الله صيانة القلب أن يلتفت إلى غيره.

 

والثّالثة: صيانة إرادة العبد أن يتعلق بما يمقُتُك الله عليه فلا تتعلق إرادتك بدنيا، ولاتتعلق إرادتك بمعاصي، ولا تتعلق إرادتك بماحرّم الله -سبحانه وتعالى- بل تتعلق بما يرضي ربّك -سبحانه وتعالى- عنه.

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

 

الأدب الثّاني: الأدب مع النّبيّ -صلى الله عليه وسلم-،

 

 

الله -عزّ وجلّ- أمرنا أن نعظم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأن نقدره -عليه أفضل الصّلاة والسّلام- ولهذا يقول الله -عزّ وجلّ-: {إنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} [الفتح: 8-9]، كيف يكون الأدب مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؟ الأدب مع النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- هو بتحقيق شهادة أنّ محمد-رسول الله- وذلك بأمورٍ ثلاثة:

 

1- طاعته فيما أمر.

2- اجتنابه فيما عنه نهى وزجر.

3- وألا يُعبد الله إلا بما شرعه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

بهذا يتحقق لطالب العلم الأدب مع النّبيّ -عليه أفضل الصّلاة وأتمّ التّسليم-، وهكذا كان الأدب الصّالح في أدبهم العظيم مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، قيل للعباس من أكبر أنت أم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؟ فقال: "هو أكبر منّي وأنا ولدت قبله"، وهذا كثيرٌ في تراجم السّلف -رحمهم الله-. الإمام مالك -رحمه الله- كان في مجلسه إذا ذكر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يبكي بكاءً عظيمًا وشديدًا حتى يرحمه تلاميذه، فقالوا له: يا إمام؟ -يريدون أن يرحموه- إنّك لتجد شيئًا عظيمًا في بكائك؟ فقال: "لورأيتم ما رأيت لما أنكرتم"، تأمل هذا الموقف ثمّ تأمل بعض طلاب العلم إذا نُوقش في بعض أقواله وأفعاله وقيل له قال النّبيّ-صلّى الله عليه وسلّم- فيستدل لك بقول فلان وفلان وصدق ابن عباس: "أقول لكم قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتقولون قال أبوبكرٍ وعمرٌ"، مالك-رحمه الله تعالى- كان إذا أراد أن يذهب إلى مسجد النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ليعلم النّاس حديثه -عليه الصّلاة والسّلام- توضأ وتطيب وتهيأ لذلك فإذا سمع أحًدا يرفع صوته قال: "اخفض صوتك" فقد قال الله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2]، ونحن في مجلس حديثه -صلّى الله عليه وسلّم-"، فينهى -رحمه الله- على أن يرفع أحدٌ صوته فوق حديث النّبيّ -عليه الصّلاة والسّلام-، إذًا الّذي يريد أن يدخل في طلب العلم لابد أن يدخل بهذه النّفسية العظيمة وهو أن يعظم النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وتعظيم النّبيّ في زماننا هو أن نصلّي ونسلّم عليه إذا ذكر -عليه أفضل الصّلاة والسّلام-، وأن نّطيعه فيما أمر وأن نجتنبه فيما عنه نهى وزجر، وألا نَعبد الله -سبحانه وتعالى- ولانتقرب إلى الله إلا بما شرعه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

ولهذا فإن من الأدب الّذي يذكره العلماء في كتب الحديث أنّه يُنهى أن يكتب طالب العلم بعد قوله محمّد أن يكتب (حرف الصّاد) اختصارًا لقوله-صلّى الله عليه وسلّم-، وبعض النّاس يكتب (ع) اختصارًا لقوله -عزّ وجلّ- نقول ليس هناك داعٍ لهذا الإختصار ولا يجوز ومنهيٌّ عنه؛ لأنّه ليس فيه أدبٌ مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وأنت إذا كتبتها تلفظت بها أجرت عليها عندالله -سبحانه وتعالى-.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكن ورحمة الله وبركاته

 

أخسن الله إليكِ

وجعله ربي في ميزان حسناتكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الأدب الثّالث: الأدب مع العلماء:

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

 

يجب على طالب العلم أن يعرف لأهل العلم ولأهل الفضل مكانتهم وأن يعرف لهم سابقتهم وأن يجلّهم وأن يوقرهم، ولهذا يقول -صلّى الله عليه وسلّم-: "ليس منّا من لم يجلّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقّه" ، يجب علينا أن نحترم العلماء وأن نجلّهم وأن نقدرهم وأن نعرف لهم مكانتهم وفضلهم وسابقتهم في الإسلام، ولهذا لو تأملنا في سير السّلف الصالح وتأملنا للأسف واقعنا المعاصر وكيف كانوا يتعاملون مع علمائهم وكيف نتعامل نحن مع علمائنا لوجدنا البوْن شاسعٌ.

 

من علامات أن طالب العلم يطلب بعلمه وجه الله عزّوجلّ: أن يوقر العلماء وأن يجلّهم وأن يحترمهم وأن يعرف لهم فضلهم ومانتهم وسابقتهم في دين الله -عزّ وجلّ-عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا تحدث عن مناقب أبي بكر -رضي الله عنه وأرضاه- يقول: "هذا سيدنا بلال حسنةٌ من حسناتِ أبي بكرٍ -رضي الله عنه وأرضاه-"، وهذه بعض النّماذج الّتي يجب أن نعلمها حتى نعرف كيف كانوا يتعاملون مع علمائهم.

 

يحيى بن سعيد-رحمه الله تعالى-كان يجالس ربيعة فإذا غاب ربيعة حدثهم يحيى بن سعيد لأحسن الحديث وبأجمله وأجلّه وكثيرٍ من الأحاديث، فإذا حضر ربيعة امتنع يحيى بن سعيدٍ عن التّدريس وكفّ عن ذلك؛ إجلالًا وتقديرًا وتعظيمًا لربيعة -رحمه الله تعالى-.

 

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

الإمام الشّافعيّ يقول: "قدمت المدينه فرأيت من مالك ما يجعلني أحبّه وأوقره وأعظمه وأقدره وأجله وأهابه -رحمه الله- حتّى إنّي إذا أخذت الكتاب أريد أن أتصفحه وهو أمامي كنت أتصفحه تصفحًا رقيقًا حتّى لا يسمعني" رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً.

 

ولأنّه تأدب مع إمامه بهذا الأدب أتى الرّبيع -رحمه الله تعالى- ربيع بن السّليمان وهو من طلاب الشّافعيّ يقول: "والله ما اجترأت أن أشرب الماء وأنا بحضرة الشّافعي -رحمه الله-" هيبة أن ينظر إلي" رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً. الإمام أحمد والإمام الشّافعيّ لهم أخبارٌ كثيرةٌ وعديدةٌ، من هذه الأخبار أنّ عبدالله بن الإمام أحمد قال: يا والدي إنّي أراك تكثر الثّناء على محمّد بن إدريس الشّافعيّ فلماذا؟؟ فقال: "يا بني كان الشّافعيّ كالشّمس للدّنيا" الآن إمام أهل زمانه يثني على إمامٍ وعَلَمٍ آخر، يقول بعض الناس أخاف أن أثني عليه فينصرف عنّي النّاس إليه، لا القضيه هي من يبلغ دين الله -عزّ وجلّ- قال: "يا بني كان الإمام الشّافعي كالشمس للدّنيا وكالعافية للبدن فانظر هل لهذين من خلف؟" فقيل للإمام الشّافعي: إنّني نرى أنّ الإمام أحمد يتردد على منزلك؟ فقال -رحمه الله- وما أحسن الكلمات، قالوا يزروك أحمد وتزوره، قلت:

الفضائل ما تعددت منزله***إن زارني فلفضله

أو زرته فلفضله***فالفضل في الحالين له

post-36649-0-31413400-1352267307.png

إذًا يجب علينا أن نعرف هذه الأداب وهذه الأخلاق بين العلماء بعضهم مع بعض وبين طالب العلم ورؤيته للعلماء الّذين هم أكبر منه سنًّا وأكبر منه علمًا وأقربُ إلى الله -سبحانه وتعالى-، ولهذا يجب على طالب العلم أن يحرص كل الحرص على أن يجلّ العلماء ويحترمهم؛ لأن هذا طريقٌ من طرق أخذ العلم عنهم، هذا حال السّلف فما بال حالنا نحن؟ إن جلسنا في مجالسنا فتجد البعض يترنم بالعلم ويستأسد به فإذا قرأ حرفًا أوحرفين نصَّب نفسه كالذّهب -رحمه الله- يجرح هذا ويقدح في هذا ويشتم في هذا وأحيانًا يلعن هذا فيخرج عن هدي المصطفي -عليه أفضل الصّلاة وأتمّ السّلام-، ولهذا فوالله ماطعن أحدٌ في العلماء واشتغل فيهم إلا أذاقهم الله الحرمان في الدّنيا والبعد عن العلم الشّرعيّ،

الواجب على طالب العلم أن يحفظ للعلماء أعراضهم وأن يعرف لهم فضلهم ومكانتهم.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الأدب الرّابع: الأدب مع الخلق،

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

الخلق فيهم: الأب وفيهم الأمّ وفيهم الزّوجة وفيهم الأبناء والبنات والأخ والأخت والأقارب وذوي الرّحم وأهل الإسلام بشكلٍّ عام وأيضًا يدخل في الخلق حتى غير المسلمين فيجب على طالب العلم أن يكون متقيّدًا بالأدب مع هؤلاء جميعًا.

 

النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في حديث معاويه بن الحكم السّلميّ يقول دخلت مع النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو يصلّي مع النّاس في المسجد فعطس رجل يقول وأنا في الصّلاة –أتى من الاعراب- فقلت: يرحمك الله، والنّاس يصلّون يقول فأخذ النّاس يضربون على أفخاذهم ثم ابتدروني ينظرون إليه بأبصارهم، يقول: ففزعت وقلت: وا ثكل أُمياه وهو يصلّي، فقلت: وا ثكل أمياه لماذا تنظرون إلى هكذا؟ يقول: فأخذوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم حتى سكت، يقول: فلم انصرف النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-عن صلاته، والله ما رأيت معلمًا قط أحسن منه والله ما نهرني ولاكهرني وإنّما قال لي: "إنّ هذه الصّلاة لايصلح فيها شيءٌ من كلام النّاس إنّما هى للذّكرولقراءة القرآن"

post-36649-0-31413400-1352267307.png

وأيضًا ذاك الأعرابيّ الّذي دخل وجد النّاس يصلّون فدخل في آخر المسجد يقضى حاجته على عادته يظنّ أن الأمر بسيطٌ فابتدره الصّحابة، فقال النّبيّ: "دعوه لاتزرموه" أي لاتخيفوه، فلمّا قضى حاجته قال عليّ بدلوٍ من الماء فأراقها على بوله، وقال له: "إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيءٌ من هذا" ، ففرح الأعرابيّ برحمة النّبيّ به وبلطف النّبيّ به فقال: "اللهمّ ارحمني ومحمّدُا ولاترحم معنى أحدًا"؛ لأنّه رأى اللين والرّفق والرّحمه في قلب النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، فيجب على طالب العلم أن يحفظ للنّاس قدرهم وأن يعرف لهم منزلتهم اللائقة بهم.

 

post-36649-0-31413400-1352267307.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

::

المحاضرة مختصرة لمن تحب قرائتها كاملة فلتتفضل هنا :

 

 

 

 

 

وللاستماع من هنا :

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أم جومانا وجنى ()

وأنت من أل الجزاء يا غالية ، أسعدتني متابعتك

بارك الله فيك وجزاك كل خير .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×