اذهبي الى المحتوى
ام جومانا وجنى

الواو في القرآن الكريم وفي النقوش القديمة

المشاركات التي تم ترشيحها

post-25272-1290801674.gif

الواو في القرآن الكريم وفي النقوش القديمة

 

 

قال الله - تعالى - في سورة البقرة: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 258-259].

 

قيل في (أو) في قوله - تعالى -: ﴿ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى ﴾: "الجمهورُ على سكون واو (أوْ)، وهي هنا للتفصيل، وقيل: للتخيير بين التعجب من شأنهما، وقرأ أبو سفيان بن حسين "أوَ" بفتحِها، على أنها واوُ العطفِ، والهمزةُ قبلها للاستفهام"

 

ولكن إذا نظرنا إلى السياق، فهي إن أفادتِ العطف، فسيكونُ معها تقدير محذوف، وهو: "وَأَلَمْ تَرَ إلى كالذي مرَّ على قرية"، والكاف في (كالذي) لن نجد لها معنى، ولقد فسَّرها الأخفش على أنها زائدة وسيكون معطوفًا على أمرٍ لا يشاكله، فالأول رجلٌ كافر لا يؤمن بالله، والثاني نَبِي يؤمن بالله؛ ولكنه تعجب من كيفية إحياء هذا الخراب، والمعنى من السياق - في رأيي - هو: ﴿ أَلَمْ تَرَ إلى الذي حاجَّ إبراهيم في ربه ﴾... أهو كالذي مرَّ على قرية وهي خاوية...؟ أو: أَيكُون كالذي مرَّ...؟ وتكون الواو بمعنى (هو) أو (يكون)، ولقد جاءتْ (هو) بمعنى (يكون) في اللغة السريانية، وفي شعر عربي قديم؛ حيث قال لَبِيد- من الطويل -:

 

 

وَمَا الْمَرْءُ إِلَّا كَالشِّهَابِ وَضَوْئِهِ space.gif

يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ space.gif

 

وسياق الآية السابقة مثل قوله - تعالى -: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [النحل: 76].

 

وتكون (الواو) بمعنى هو، والدليل الأول على صحة هذا الكلام قولُ ألفرد بيستون: "الفعل لا يَرِدُ في مستهلِّ النقوش في أول الجملة ألبتة؛ إذ يغلب أن يسبقه فاعله، وربما تقدمه عنصر إشاري... هذا ما أمر به فلان، أو تقدمته الواو الإشارية"

 

وقال أيضًا:

"ثَمَّة نص أو اثنان وَرَدَا تامَّينِ، ومن المؤكد أنه لا يوجد نقص في بداية أي منهما، وبالرغم من ذلك فإن كلاًّ منهما يستهلُّ بالواو، فينبغي أن تكون للواو هنا دلالة إشارة"

 

وقال أيضًا:

"صيغ ضمائر الغَيبة هي نفسُها صيغ أدوات الإشارة للبعيد"

 

وأعتقد أن الدليل السابق يكفي، ولكن سأورد بعض الأدلة الأخرى - وإن كانت أقل في القوة - منها: قول الدكتور رمضان عبدالتواب: "وضمائر الغائب... تشارك أسماء الإشارة في أنه يكنى بها عن الأسماء... والكناية قريبة من الإشارة ومشتقة منها، ومما يدل على ذلك أن hu العبرية المطابقة لـ(هو) العربية، معناها (ذلك) في كثير من الحالات"

 

وإن كانت (هو) اسم إشارة في اللغة العبرية، فإنها مع أخواتها (هاذا، وهاذه، وهاؤلاء) تكون مركَّبة من (ها) مع الكلمة الثانية منها، وتكون هو وهي مركَّبة من (ها) و(الواو) في (هو)، و(ها) و(الياء) في هي، والكلمة المركَّبة من كلمتين ربما كانتْ تستخدم إحداها فقط في مرحلة قديمة، "وفي الحبشية ضمير الغائب (ويتو) والغائبة (ويتي)... وفي الحبشية والفينيقية أكد الضمير بأحد عناصر الإشارة وهو (التاء)، وقد اختفتِ الهاء في الحبشية"

 

يقول د. رمضان عبدالتواب:

"الأصل في ضمير الغائب (وا)؛ لأنه هو الجزء المساوي للضمير (هوا) في اللغة العبرية بعد سقوط الهاء منه، أما التاء فهي إضافة حديثة".

 

ولقد قُرِئت (أيُّه) بضم الهاء في قراءة لابن عامر في سورة المؤمنون ، وقال السمين الحلبي: "(ها) زائدةٌللتنبيه لازمةٌ لها، والمشهورُ فتحُ هائِها، ويجوزُ ضَمُّها إتباعًا للياء، وقد قرأ عامر بذلك في بعض المواضع نحو: ﴿ أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور: 31]، والمرسُوم يساعده.

فإن كانت (ها) وَرَدتْ في قراءةٍ بالضمِّ، فما المانع أنها كانتْ لهجة قديمة؛ أي: إن (هو)مع (وا) معًا نشأ عنهما (هوَ) بفتح الواو، ولقد استخدم العربُ (هذا) اسم إشارة للغائب؛ كما جاء في الدر المصون:

"وقال المبردُ: "العربُ تُشير بـ (هذا) إلى الغائب، وأنشد لجَرِيرٍ - منالكامل:

 

 

هَذَا ابْنُ عَمِّي فِي دِمَشْقَ خَلِيفَةً space.gif

لَوْ شِئْتُ سَاقَكُمُ إِلَيَّ قَطِينَا" space.gif

post-25272-1290801690.gif

 

أمثلة من الشعر الجاهلي:

ذكر المرادي مثالين للواو الزائدة؛ وهما:

 

 

فَإِذَا وَذَلِكَ يَا كُبَيْشَةُ لَمْ يَكُنْ space.gif

إِلَّا كَلَمَّةِ بَارِقٍ بِخَيَالِ space.gif

وقول أبي كبير:

 

 

فَإِذَا وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا ذِكْرُهُ space.gif

وَإِذَا مَضَى شَيْءٌ كَأَنْ لَمْ يُفْعَلِspace.gif

 

وفي أول القصيدة كان الشاعر يتحسَّر على الشباب، فقال:

 

 

أَزُهَيْرُ هَلْ عَنْ شَيْبَةٍ مِنْ مَعْدِلِ space.gif

أَمْ لَا سَبِيلَ إِلَى الشَّبَابِ الْأَوَّلِ space.gif

 

أَمْ لَا سَبِيلَ إِلَى الشَّبَابِ، وَذِكْرُهُ space.gif

أَشْهَى إِلَيَّ مِنَ الرَّحِيقِ السَّلْسَلِ space.gif

 

وأتى البيت الآخرُ آخرَ القصيدة بعدما تذكر مقابلتَه لامرأة جليلة النسب، ووصف مجلسه معها، والمعنى كان هذا وقت الشباب، والواو تعود على الذكرى؛ أي: فإذا هو التذكر ليس إلا الذكرى

 

أما بيت ابن مقبل، فكان من قصيدةٍ أولُها يسأل الأطلال عن كَبْشَة، قال:

 

 

سَائِلْ بِكَبْشَةَ دَارِسَ الْأَطْلَالِ space.gif

قَدْ هَيَّجَتْكَ رُسُومُهَا لِسُؤَالِ space.gif

 

بعد ذلك تحسَّر عليها وتذكر ليلة معها، ثم قال البيت:

 

 

فَإِذَا وَذَلِكَ يَاكُبَيْشَةُ لَمْ يَكُنْ space.gif

إِلَّا كَلَمَّةِ بَارِقٍ بِخَيَالِ space.gif

 

أي: فإذا هو الطلل، ولم يكن الأمر إلا خيالاً، وما سبق فسرته قياسًا على قول المرقش الأصغر - (الطويل) -:

 

 

أَمِنْ بِنْتِ عَجْلاَنَ الخَيالُ المُطَرَّحُ space.gif

أَلَمَّ وَرَحْلِي سَاقِطٌ مُتَزَحْزَحُ space.gif

 

فَلَمَّا انْتَبَهْتُ بِالْخَيَالِ وَرَاعَنِي space.gif

إِذَا هُوَ رَحْلِي وَالْبِلَادُ تَوَضَّحُ space.gif

 

الشاعر كان يتخيل محبوبته، فلما انتبه لم يجد أمامه إلا رَحْله.

 

وأما قول ربيعة بن مقروم الضبي من قصيدة - الكامل -:

 

 

فَإِذَا وَذَاكَ كَأَنَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ space.gif

إِلَّا تَذَكُّرَهُ لِمَنْ لَمْ يَجْهَلِ space.gif

 

وقبل هذا البيت يصف بَعِيره المُجهَد بعد أن كان مكتنزًا وقويًّا، ثم قال: فَإِذَا وَذَلِكَ؛ أي: فإذا هو ذلك من الكلال، وكذلك نفس اللفظ (فإذا وذلك) جاء في قصيدة للأسود بن يعفر بعدما تحسَّر على شبابه

 

ويلاحظ أن سياق كل الأبيات السابقة واحد، خيال ثم إفاقة على الواقع الذي أمامه، ويلاحظ أيضًا أن الشعراء السابقين من قبائل عاشتْ في نَجْد، وكلهم مخضرمون إلا المرقش الأصغر والأسود بن يعفر توفِّيا في الجاهلي.

 

ومما سبق يكون شرح الآية الآتية على تقدير (أهو) على أن الواو بمعنى ضمير شأن: ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128]؛ أي: أهو يتوب عليهم أو يعذبهم.

 

 

post-25975-1291789633.png

 

 

post-25272-1290853735.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرا أم جومانة الحبيبة ونفع بكِ.

وأنتِ من أهل الجزاء أشروقه:)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك يا حبيبة

وفيكِ بارك الرحمن مشرفتي الغالية

أسعدني مروركِ العطر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

 

أكرمكِ الله ونفع بكِ يا حبيبة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،،

 

أكرمكِ الله ونفع بكِ يا حبيبة .

جزاكِ الله خيرا يا غالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ الحب الحقيقي للنبي ﷺ ليس في إقامة مولدٍ لم يشرعه، وإنما في اتباع سنته، وإحياء ما أحياه، واجتناب ما نهى عنه، قال ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم]

×