اذهبي الى المحتوى
أم جهاد ومريم

هل تعرفى على ماذا صبر نبى الله أيوب عليه السلام ...

المشاركات التي تم ترشيحها


  •  
     

    هل تعرف على ماذا صبر نبي الله أيوب عليه السلام؟؟
     
     
    دائما نردد عبارة صبر أيوب
     
    فهل تعرف على ماذا صبر نبي الله أيوب عليه السلام؟؟
     
    إليكم الجواب بإختصار: أيوب عليه السلام هو من أنبياء الله الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم..
    يعرفه العام والخاص، حيث يضرب بإسمه المثل في صبر الصابرين فيقال "صبر أيوب"!
     
    فيا تُرى ما هي قصةُ أيوب عليه السلام..
     
    أيوب عليه السلام من ذرية يوسف عليه السلام، تزوج سيدة عفيفة..
     
    وكان أيوب عليه السلام وزوجته الكريمة يعيشان في منطقة "حوران"..
     
    وقد أنعم الله على أيوب عليه السلام بنعم كثيرة فرزقه بنينًا وبنات، ورزقه أراضى كثيرة
    يزرعها فيخرج منها أطيب الثمار.. .. كما رزقه قطعان الماشية بأنواعها المختلفة..
    آلاف من رؤوس الأبقار، و من الأغنام،ومن الماعز وأخرى من الجمال.
     
    وفوق ذلك كله أعلى الله مكانته واختاره للنبوة.
     
    وكان أيوب عليه السلام ملاذًا وملجئًا للناس جميعًا وبيته قبلة للفقراء لما علموا عنه
    كونه يجود بما لديه ولا يمنعهم من ماله شيئًا.ولا يطيق أن يرى فقيرًا بائسًا،
    وبلغ من كرمه عليه السلام أنه لا يتناول طعامًا حتى يكون لديه ضيفًا فقيرًا.
     
    هكذا عاش أيوب عليه السلام..
     
    يتفقد العمل في الحقول والمزارع، ويباشر على الغلمان والعبيد والعمال، وزوجته
    تطحن وبناته يشاركن الأم..وأبناء أيوب عليه السلام يحملون الطعام ويبحثون عن الفقراء
    والمحتاجين من أهل القرية، والخدم والعمال يعملون في المزارع والأراضي والحقول.
    و أيوب عليه السلام يشكر الله.. ويدعو الناس إلى كل خير وينهاهم عن كل شر.
     
    أحب الناسُ أيوب عليه السلام.. لأنه مؤمن بالله يشكر الله على نعمه.. ويساعد الناس جميعاً..
    ولم يتكبر بسبب ما لديه من مزارع وحقول وماشية وأولاد.. كان يمكنه أن يعيش في راحة،
    ولكنه كان يعمل بيده، وزوجته هي الأخرى كانت تعمل في بيتها.. ...
     
    بدأت المحنة والابتلاء من الله تعالى..
     
    فبينما كان كل شيء يمضي هادئاً. . فأيوب عليه السلام حامدًا شاكرًا ساجدًا لله تعالى على
    نعمه الكثيرة.. وأولاده ينعمون ويشكرون الله.. والعمال والعبيد يعملون في الأراضي والمزارع..
    زوجة أيوب عليه السلام كانت تطحن في الرحى..
     
    وبينما الجميع في عافية من أمره مغتبطًا مسرورًا، إذ وقعت الابتلاءات والمحن..
     
    فجاء أحد العمال يجرى ويصيح:
     
    ـ يا سيدي.. يا نبي الله؟!!
     
    ـ ماذا حصل؟! تكلم.
     
    ـ لقد قتلوهم.. قتلوا جميع رفاقي.. الرعاة والفلاحين.. جميعهم قتلوا وجرت دماؤهم فوق الأرض..
     
    ـ كيف حدث ذلك؟!
     
    ـ هاجمنا اللصوص.. وقتلوا من قتلوا وأخذوا ما معنا من ماشية.
     
    أيوب عليه السلام أخذ يردد: إنا لله وإنا إليه راجعون.
     
     
    إن الله سبحانه شاء أن يمتحن أيوب..
     
    في اليوم التالي نزلت الصواعق من السماء على أحد الحقول التابعة لما يملكه أيوب عليه السلام..
    وجاء أحد الفلاحين.. كانت ثيابه محترقة وحاله يُرثى له..
     
    هتف أيوب عليه السلام:
     
    ـ ماذا حصل؟!
     
    ـ النار! يا نبي الله النار!!
     
    ـ ماذا حدث؟
     
    ـ احترق كل شيء.. لقد نزل البلاء.. الصواعق أحرقت الحقول والمزارع.. أصبحت أرضنا
    رمادًا يا نبي الله.. كل رفاقي ماتوا احترقوا.
     
    قالت زوجة أيوب عليه السلام:
     
    ـ ما هذه المصائب المتتالية؟!
     
    ـ اصبري يا امرأة.. هذه مشيئة الله.
     
    ـ مشيئة الله!!
     
    أجل.. لقد حان وقت الامتحان.. ما من نبي إلاّ وامتحن الله قلبه.
     
    نظر أيوب عليه السلام إلى السماء وقال بضراعة:
     
    ـ الهي امنحني الصبر.
     
    في ذلك اليوم أمر أيوب عليه السلام الخدم والعبيد بمغادرة منزله.. والرجوع إلى أهاليهم والبحث عن عمل آخر.
     
    وفى اليوم التالي حدثت مصيبة تتكسر أمامها قلوب الرجال..
     
    لقد مات جميع أولاده البنين والبنات، حيث اجتمعوا في دار لهم لتناول الطعام فسقطت عليهم الدار فماتوا جميعا..
     
    وازدادت محنة أيوب عليه السلام أكثر وأكثر..
     
    فلقد اُبتلى في صحته..
     
    وانتشرت الدمامل في جسمه..
     
    وتحول من الرجل الحسن الصورة والهيئة إلى رجل يفر منه الجميع.
     
    ولم يبق معه سوى زوجته الطيّبة..
     
    أصبح منزله خالياً لا مال له، لا ولد، ولا صحة..
     
    عَلَّمَ أيوبُ عليه السلام زوجته أن هذه مشيئة الله، وعلينا أن نسلّم لأمره..
     
    حاول الشيطان اللعين أن ينال من قلب أيوب عليه السلام، فأخذ يوسوس إليه من كل جانب قائلا:
     
    ماذا فعلت يا أيوب حتى يموت أولادك وتصاب في أموالك، ثم تصاب في صحتك.
     
    فاستعاذ أيوب عليه السلام بالله من الشيطان الرجيم.. وتفل على الشيطان الرجيم ففر من أمامه.
     
    وكذلك فعلت زوجته وطردت وساوس الشيطان.
     
    وكان أيوب عليه السلام لا يزداد مع زيادة البلاء إلا صبرًا وطمأنينة.
     
    ضاقت الأحوالُ فمات الولدُ وجفَّ الخيرُ وتكاثفت الأمراض والبلايا على جسمه، فقعد لا يستطيع
     
    أن يكسب قوت يومه.
     
    وخرجت زوجته تعمل في بيوت حوران، تخدم وتكدح في المنازل لقاء قوت يومهما..
     
    وكانت زوجة أيوب عليه السلام تستمدّ صبرها من صبر زوجها وتحمّله. وقد أعدت لأيوب
     
    عليه السلام عريشًا في الصحراء يجلس فيه وكانت تخاف عليه من الوحوش والحيوانات الضالة،
     
    لكن لا حيلة لهما غير ذلك. وظل الحال على ذلك أعواما عديدة وهما صابرين محتسبين.
     
    أما زوجته الصالحة فقد بحثت عمّن يستخدمها في العمل، ولكن الأبواب قد أُغلقت في وجهها..
     
    ومع ذلك لم تمدّ يدها لأحد. وتحت ضغط الحاجة والفقر، اضطرت أن تقص ضفيرتيها لتبيعهما
     
    مقابل رغيفين من الخبز. ثم عادت إلى زوجها وقدّمت له رغيف الخبز وعندما رأى أيوب عليه السلام
     
    ما فعلت زوجته بنفسها شعر بالغضب.. وحلف أن يضربها على ذلك مائة ضربة، ولم يأكل رغيفه..
     
    كان غاضباً من تصرّفها.. ما كان ينبغي لها أن تفعل ذلك.
     
    ورغم أن زوجة أيوب عليه السلام كانت تطلب منه كثيرا أن يدعو الله لكي يزيح عنه هذا البلاء الذي
     
    استمر سنوات عديدة إلا أنه كان يرفض أن يشكو.
     
    تحمل المرض والبلايا.. وتحمل اتهامات الناس.
     
    لكن بيع زوجته لضفيرتيها هزه من الداخل..
     
    فنظر إلى السماء وقال:
     
    يا رب إنّي مسّني الشيطان بنصبٍ وعذاب.
     
    يا رب بيدك الخير كله والفضل كله وإليك يرجع الأمر كله..
     
    ولكن رحمتك سبقت كل شئ..
     
    فلا أشقى وأنا عبدك الضعيف بين يدك..
     
    يا رب.. مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين..
     
    وهنا.. أضاء المكان بنور شفاف جميل وامتلأ الفضاء برائحة طيّبة، ورأى أيوب ملاكاً يهبط من
     
    السماء يسلم عليه ويقول :
     
    نعم العبد أنت يا أيوب.. إن الله يقرئك السلام ويقول: لقد أُجيبت دعوتك وأن الله يعطيك أجر الصابرين..
     
    اضرب برجلك الأرض يا أيوب.. واغتسل في النبع البارد واشرب منه تبرأ بإذن الله.
     
    غاب الملاك، وشعر أيوب بالنور يضيء في قلبه فضرب بقدمه الأرض، فانبثق نبع بارد عذب المذاق..
     
    إرتوى أيوب عليه السلام من الماء الطاهر وتدفقت دماء العافية في وجهه، وغادره الضعف تماماً.
     
    خلع أيوبُ عليه السلام ثوب المرض والضعف وارتدى ثياباً تليق به ، يملؤها العافية والسؤدد.
     
    وشيئاً فشيئاً.. ازدهرت الأرض من حوله وأينعت.
     
    عادت الصحة والعافية.. عاد المال.. ودبت الحياة من جديد.
     
    عادت الزوجة تبحث عن زوجها فلم تجده ووجدت رجلاً يفيض وجهه نعمة وصحته وعافية، فقالت له باستعطاف:
     
    ـ ألم ترَ أيوب.. أيوب نبي الله؟!
     
    ـ أنا أيوب.
     
    ـ أنت؟! إن زوجي شيخ ضعيف.. ومريض أيضاً!
     
    ـ المرض من الله والصحة أيضاً.. وهو سبحانه بيده كل شيء. نعم.. لقد شاء الله أن يمنّ عليّ بالعافية وأن تنتهي محنتنا !
     
    وأمرها أن تغتسل في النبع، لكي تعود إليها نضارتها وشبابها.
     
    فاغتسلت في مياه النبع فألبسها الله ثوب الشباب والعافية..
     
    ورزقهما الله بنينا وبنات من جديد..
     
    ووفاء بنذر أيوب عليه السلام أن يضرب زوجته مائة ضربة أمره الله تعالى أن يأخذ ضغثا وهو ملء اليد من
     
    حشيش البهائم، ثم يضربها به فيوفى يمينه ولا يؤلمها، لأنها امرأة صالحة لا تستحق إلا الخير.
     
    كان أيوب عليه السلام واحدًا من عباد الله الشاكرين في الرخاء، الصابرين في البلاء، الأوَّابين إلى الله تعالى في كل حال.
     
    وعَرِفَ الناسُ جميعًا قصةَ أيوب عليه السلام وأيقنوا أن المرض والصحة من الله وأن الفقر والثراء من الله..
     
    ((فأقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) سورة الأعراف آية 176
     
    وسجّل الله قصته في القرآن الكريم ليعتبر بها كل مؤمن:
     
    {{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ
     
    وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}} سورة الأنبياء: 83ـ84
     
     
    وقال تعالى:
     
    {{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ *
     
    وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ
     
    صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ *}} سورة ص: 41ـ44
     
    قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ((عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ.. إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ.. وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ..
     
    إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.. وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.)) صدق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى.
     
     
    إذا أعجبك الموضوع فلا تقل شكـراً.. بل ردد قوله تعالى:
     
    {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم41
     
     
     
     
    Syria.png


     

     
     

    clear.gif


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تشرفت بمرورك أختى مودة ورحمة

 

بارك الله فيكِ ونفع بكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

<p style="text-align: center;"><span style="font-family: Tahoma, Arial; font-size: 16px; line-height: 25px; text-align: right; background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51);"><span style="font-size: 14px;"><span style="color: rgb(0, 100, 0);">{رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} إبراهيم41</span> </span></span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="font-family: Tahoma, Arial; font-size: 16px; line-height: 25px; text-align: right; background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51);"><span style="font-size: 14px;">جزاك الله كل خير والله استفدت من الموضوع كتير</span></span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">شو هي الدماميل إذا بتقصدي بها الدود</span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">فأنا سبق وسمعت الشيخ يقول أن هذا كلام خاطىء</span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">قال أن الأنبياء لا تاكلهم الديدان في القبر فكيف تأكلهم في الحياة</span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">هذا إذا كنت تقصدين الديدان</span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">وبوركت على العبرة الجميلة</span></p>

<p style="text-align: center;"> </p>

<p style="text-align: center;"><span style="background-color: rgb(254, 246, 235); color: rgb(51, 51, 51); font-family: Tahoma, Arial; line-height: 25px; text-align: right;">وكما العادة اللهم ارزقنا صبر أيوب عليه السلام</span></p>

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

يا رب.. مسّني الضر وأنت أرحم الراحمين..

 

اللهم ارزقنى صبر ايوب

جزاكى الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكِ الله خيرًأ ونفع بكِ .

هل أنت صاحبة هذا التجميع ؟

هذا للإستزادة :

 

 

 

 

 

ينتهي نسب نبي الله أيوب عليه السلام إلى إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام. وكانت بعثته على الراجح بين موسى ويوسف عليهما السلام. وقد وردت قصته في القرآن الكريم باختصار في سورة الأنبياء، وسورة (ص).

حاصل القصة

كان أيوب عليه السلام صاحب أموال كثيرة، وله ذرية كبيرة، فابتلاه الله في ماله وولده وجسده، فصبر على ذلك صبراً جميلاً، فأثابه الله على صبره، بأن أجاب دعاءه، وأعاد إليه أهله، ورزقه من حيث لا يحتسب.

تفاصل القصة

قصة النبي أيوب عليه السلام جاءت في سورة الأنبياء على النحو التالي: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين} (الأنبياء:83-84).

وجاءت في سورة (ص) وفق التالي: {واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب *اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب *ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب} (ص:41-43).

يخبرنا تعالى عن عبده ورسوله أيوب عليه السلام، وما كان ابتلاه به من الضر في جسده، وماله، وولده، حتى لم يبق من جسده مغرز إبرة سليماً سوى قلبه، ولم يبق له من حال الدنيا شيء يستعين به على مرضه وما هو فيه، غير أن زوجته حفظت ودَّه؛ لإيمانها بالله ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجرة، وتطعمه، وتخدمه نحواً من ثماني عشرة سنة. وقد كان رفضه القريب والبعيد، سوى زوجته رضي الله عنها، فإنها كانت لا تفارقه صباحاً ولا مساء إلا لخدمة الناس ثم ما تلبث أن تعود لخدمته ورعايته والقيام على شأنه. ولما طال عليه الأمر، واشتد به الحال، وانتهى القدر المقدور، وتم الأجل المحدد تضرع أيوب إلى ربه قائلاً: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}، وفي الآية الأخرى، قال: {رب إني مسني الشيطان بنصب وعذاب}، فعند ذلك استجاب له أرحم الراحمين، وأمره أن يقوم من مقامه، وأن يضرب الأرض برجله، ففعل، فأنبع الله عيناً، وأمره أن يغتسل منها، فأذهب جميع ما كان في بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض في مكان آخر، فأنبع له عيناً أخرى، وأمره أن يشرب منها، فأذهبت ما كان في باطنه من السوء، وتكاملت العافية ظاهراً وباطناً؛ ولهذا قال تعالى: {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب}.

وقد روى البزار وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن نبي الله أيوب عليه السلام لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين، كانا من أخص إخوانه به، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال: أحدهما لصاحبه: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين. قال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: من ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله، فيكشف ما به، فلما راحا إليه، لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له. فقال أيوب: لا أدري ما تقول، غير أن الله يعلم أني كنت أمُرُّ على الرجلين يتنازعان، فيذكران الله عز وجل، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكرا الله إلا في حق. قال: وكان يخرج إلى حاجته، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها، وأوحى الله تعالى إلى أيوب عليه السلام، أن {اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب} فاستبطأته، فتلقته تنظر، فأقبل عليها، قد أذهب الله ما به من البلاء، وهو على أحسن ما كان. فلما رأته قالت: أي بارك الله فيك! هل رأيت نبي الله هذا المبتلى. فوالله على ذلك ما رأيت رجلاً أشبه به منك، إذ كان صحيحاً. قال: فإني أنا هو. قال: وكان له أندران: أندر للقمح، وأندر للشعير - الأندر: البيدر - فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أندر القمح، أفرغت فيه الذهب حتى فاض، وأفرغت الأخرى في أندر الشعير حتى فاض). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجال البزار رجال الصحيح.

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما أيوب يغتسل عرياناً، خرَّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثو في ثوبه، فناداه ربه، يا أيوب! ألم أكن أغنيتك عما ترى؟ قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى بي عن بركتك). ولهذا قال تعالى: {ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا وذكرى لأولي الألباب}، قال الحسن وقتادة: أحياهم الله تعالى له بأعيانهم، وزادهم مثلهم معهم. قال أبو حيان: "والجمهور على أنه تعالى أحيا له من مات من أهله، وعافى المرضى، وجمع عليه من شُتِّت منهم".

وروى ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: {وآتيناه أهله ومثلهم معهم}، قال: (ردَّ الله تعالى امرأته إليه، وزاد في شبابها، حتى ولدت له ستاً وعشرين ذكراً).

وقوله سبحانه: {رحمة منا} أي: رحمة به على صبره، وثباته، وإنابته، وتواضعه، واستكانته، {وذكرى لأولي الألباب} أي: عبرة لذوي العقول؛ ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والمخرج والراحة.

وفي سورة الأنبياء: {رحمة من عندنا وذكرى للعابدين}، أي: أجبنا دعاءه، وفعلنا معه ما فعلنا من ألوان الخيرات، من أجل رحمتنا به، ومن أجل أن يكون ما فعلناه معه عبرة وعظة وذكرى لغيره من العابدين، حتى يقتدوا به في صبره على البلاء، وفي المداومة على شكرنا في السراء والضراء.

وقوله تعالى: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث}، ذكروا أن أيوب عليه السلام كان قد غضب على زوجته، ونقم عليها في أمر فعلته. قيل: إنها باعت ضفيرتها بخبز فأطعمته إياه، فلامها على ذلك، وحلف إن شفاه الله ليضربنها مائة جلدة. وقيل: لغير ذلك من الأسباب. فلما شفاه الله وعافاه، ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والإحسان أن تُقَابَل بالضرب، فأفتاه الله عز وجل أن يأخذ ضغثاً - أي: حزمة أغصان كثيرة - فيه مائة قضيب، فيضربها بها ضربة واحدة، وقد برت يمينه، وخرج من حنثه، ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله وأناب إليه؛ ولهذا قال تعالى: {إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب}، أثنى الله تعالى عليه ومدحه بقوله: {إنه أواب} أي: رجَّاع منيب للحق.

غرائب حول القصة

ذكر بعض المفسرين عند قوله تعالى: {وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر} قصصاً وأقوالاً لا يصح التعويل عليها، ولا الالتفات إليها، فقد ذكروا أن أيوب مرض زمناً طويلاً، وأن الديدان تناثرت من جسده، وأن لحمه قد تمزق. وكل هذا ونحوه لا يؤبه به؛ لأن الله تعالى عصم أنبياءه من الأمراض المنفرة، التي تؤدي إلى ابتعاد الناس عنهم، سواء أكانت أمراضاً جسدية، أم عصبية، أم نفسية.

والذي يجب اعتقاده أن الله تعالى قد ابتلى عبده أيوب ببعض الأمراض التي لا تتنافي مع صفات النبوة، وقد صبر أيوب عليه السلام على ما ابتلاه الله به، حتى ضُرب به المثل في الصبر، فكانت عاقبة صبره، أن عافه الله من مرضه، ورفع عنه ما نزل به من البلاء والضر، وأعطاه من سابع نعمه.

وذكروا أيضاً عند قوله سبحانه: {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} روايات حول من وقع عليه الضرب، وسبب الضرب، والأقرب إلى الصواب أن أيوب أرسل امرأته في حاجة له، فأبطأت عليه، فأقسم أنه إذا برئ من مرضه ليضربنها مائة ضربة، وبعد شفائه، رخص له سبحانه، أن يأخذ حزمة صغيرة بها مائة عود، ثم يضربها بها مرة واحدة، وبذلك يكون قد جمع بين الوفاء بيمنه، وبين الرحمة بزوجته التي أحسنت إليه أيام مرضه.

العبر المستفادة من القصة

الدرس الأهم المستفاد من هذه القصة، أن العبد عليه دائماً وأبداً في السراء والضراء، وفي العسر واليسر، وفي المنشط والمكره أن يلجأ إلى الله، وأن يملأ قلبه اعتقاداً، أن لا مجيب له إلا الله سبحانه، وأن لا كاشف لما نزل به من البلاء إلا رب الأرباب، وخالق الأسباب، فهو المعين، وهو المجيب، وهو الذي بيده مقاليد كل شيء. وهذا الاعتقاد يُدْخِلُ الراحة والطمأنينة في قلب المؤمن، ويجعل حياته هادئة مستقرة لا اضطراب فيها ولا قلق، ونفسه راضية مطمئنة، ترضى بما كتبه الله عليها، وتقبل بما قسمه الله لها.

ومن أهم الدروس المستفادة من قصة أيوب عليه السلام درس الصبر، فالصبر على البلاء، والصبر على المرض، والصبر على مفاتن الدنيا، والصبر على ذهاب المال والولد، كل ذلك من أنواع الصبر ونحوها مما يبتلي الله بها عباده؛ ليعلم من يصبر منهم ممن لا يصبر، وليعلم المؤمن الحق من المنافق، وقد قال تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم} (محمد:31). وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (واعلم أن في الصبر على ما تكره خيراً كثيراً، وأن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)، رواه الإمام أحمد.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أختى أم عبدالله جزاكِ الله خيراً

 

على الأستزادة المفيدة

 

والموضوع منقول حبيبتى

 

نفع الله بكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاك الله خيرًا أختنا الكريمة على النقل الطيب

لا حرمكِ الله الأجر

 

وبارك في الحبيبة أم عبد الله على الإضافة القيمة

وهنا أيضًا

https://akhawat.islamway.net/forum/index.php?showtopic=291265

تعرفي على الحكمة من وراء ابتلاء نبي الله أيوب عليه السلام

 

وجزاك الله الفردوس الأعلى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×