اذهبي الى المحتوى
~ أم العبادلة ~

دمعة في بحر سرنديب ... قصة حقيقية لطالب علم

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

هذه قصة حقيقية لطالب أنقلها لتعتبر بها الأخوات وقد كتبها بنفسه

 

---------

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها الإخوة الكرام

 

هذه قصتي الحقيقية من المهد إلى هذا العهد كتبتها تدريبا لأكسب الملكة اللغوية فترددت كثيرا هل أضعها هنا أم لا ثم وضعتها وأنا غير مرتاح.

 

دمعة في بحر سرنديب

 

عندما يتذكر الإنسان ماضيه الذي قضاه والأحداث التي مر بها

تختنقه العبرات ولا يستطيع تغافله ولن يستطاع

جهود وملل وأمنيات وجهالات وإعراض

كم من أحلام أتعبته ..لكن بدون جدوى

فأبقت طللا في قلبه

كم من نصيحة ذهبية أعرض عنها فدفع لها ثمنها

ولكن عدم تقدير مشاعره وعدم التألم لدموعه

وعدم التشجيع لما يحتوي قلبه من أهداف غالية

من قبل الكبار

جعله يرسم طريقا يمشي عليها ما دام في النفس حياة

وهذا خطأ سجل في تاريخ الكبار في تعاملهم مع الصغار

ولكن.....قد يشاء الله لهذا المسكين أن يشرح صدره للإسلام ويريد به خيرا

ويؤتيه حكمة ويعلمه علما ويجعل له نورا

فتراه يطوي كل شيئ مدته حياته التي أفناها

في أحزان وآلام ويكظم صيحات شكواه

ويتناسى كل مر .....

 

ويقوم ويمشي ويكلم الناس وهو طلق الوجه

يهدي من يتبلد

يستمع إلى من يتألم

يريح من يسأل

يعزي من يحزن

فيظهر للناس رجلا لم يتذوق في حياته

بلاء ولم يكمده حزن في ماضيه ولا يعرف عناء

وهو مع كل ذلك ....

 

يلجأ إلى الله في لياليه وأسحاره

وسجوده ويشكو بثه وحزنه إليه

وعيناه تدمع وقلبه يغلي

ويرجو لقاء ربه

وينام فوق قطرات من الدموع

وقعت على وسادته

وربه يصبره

واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون

 

ما أحلاها لرجل مثله

إنها تجارب مر مما مر إلى ما يمر

و عبر لمن يحبو من ورائه ليصل إلى ما وصل

لقد كان فضل الله علي كثيرا

والحمد لله الذي فضلني على كثيرا ممن خلق تفضيلا

 

أنا سرنديبي

أرض غريب للعالم العربي

بقعة شبه جنة في الأدب العربي

منذ عصر قديم

أرض خضرة وجبال وأعشاب عجيبة

مناظر خلابة

لؤلؤة في المحيط الهندي

ولكن.......

 

يحكمها البوذيون الكفرة والمسلمون عشرة في المائة

وعم الشرك والخرافات والبدع بين المسلمين

أكثر العلماء كانوا أئمة الكفر.

 

بما كانت العلاقة وتيدة بينهم وبين العرب المسلمين

فقد أكسبتهم علما وخلقا وشجاعة

وكانت سببا لانتشار دعوة التوحيد

وكان حامل لوائها الشيخ عبد الحميد البكري السريلنكي رحمه الله

توفاه الله بمكة قبل أن تلدني أمي

كان من أقران الشيخ عبد العزيز عبد الله بن باز رحمه الله

وأخذ الشيخ معه كثيرا من التلاميذ السريلنكين

إلى السعودية ليعلموهم دينهم فيكونوا من بعده دعاة

 

منهم الشيخ محمد ريال ( اسمه المشهور بيننا صادق) السيلاني

وكيل المعهد الحرم المكي حاليا ومنهم الشيخ أبو بكر الصديق حفظهما الله

هو الوحيد من تلاميذ الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله

رئيس جمعية أنصار السنة المحمدية التي أسسها الشيخ البكري رحمه الله

ومدير معهد دار التوحيد السلفية

 

المهد الذي قضيت فيه أكثر أيامي في طلب العلم

وابتددت منه كل رضاعي والحديث عنه ذو شجون

وسأقف عليه في مروري به

 

وشيخه أبو بكر صديق فلي معه مواقف رائعة ذات عبر

الأب الثاني الذي رباني كان أبا لي في التعليم والتوجيه

وما أكثر تعاطفه علي و تراحمه لي

ولكن وشايات المغرضين والتفاسير الظالمة لكلامي بما هو غير مراد بها

أسخنت عينه

فترك حبلي على غاربي ولكني لست بعيرا

الله يغفرلي وله

(سأرجع إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تبدو شيقة ، أتابع معك بمشيئة الرحمن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرا في الدارين وبارك الله فيكن

نكمل بعون الله

-----------

 

ولكنهم أحرزوا قصب السبق في خدمة هذا الدين

إذ كنت يومها في الرابع عشر من عمري

وقد تربيت تحت رعاية أبي

ما أجمل رعايته و أنعم به أبا

علمني القرآن وأتممته قراءة عند أبي حفظه الله ولي ست سنوات

وكان معلم القرآن للصبيان من شبابه إلى اليوم

إلا ما تخلل من سنوات

كان فيها سكرتيا في هيئة الإغاثة العالمية فرع سريلنكا

وعمره الآن ثلاث وستون

أجهد نفسه ليتعلم اللغة العربية وهو يكابد الفقر الذي سيطر على أهله بعدة كتب

مثل النحو الواضح والعربية بالراديو واللغة العربية الميسرة ودروس اللغة العربية

فلم ينجح ممتازا لقلة المرشدين وتخويف السالكين وقد كان شغوفا بها

وأذكر يوما وله خمسون سنة تقريبا ولي عشر سنوات أو قريب منها

خرج من بيتي وهو يأخذ معه كتاب الشيخ علي حسن حفظه الله "علم أصول البدع"

وكان وعده الأخ يحى سلمي -وهو كهل أصلحه الله- بتعليمه أسبوعيا

مضى الأسبوعان وانتهى الفصل كما هو دأبه وديدنه

وانتظر أبي في الأسبوع الثالث ثم الرابع بباب بيته فلم يفتح

رجع إلى البيت كئيبا

يا ترى انظر سوء الاختيار وسوء التربية

كيف يختار علم أصول البدع لتعليم اللغة العربية عجبا لأمر الرجل

وحدثني أبي أنه لما كان سكرتيا في هيئة الإغاثة

كان يعلم نفسه اللغة العربية بنفسه

بكتاب كان على مكتب فجاء الشيخ العالم صاحب الكتاب

فقال شبه عاذل "أبحث عن هذا الكتيب أياما" ثم نزعه من يده فجلس أبي حائرا مرتبكا

وإلى اليوم حين أرى أبي يقرأ أجزاء صغيرة باللغة العربية رافعا صوته

يشتد حزني ويعتصرني ويغلبني الغضب على قوم بدل جده بخطل وأثل فقد عاناهما أيما معاناة

وقد أكسبه هذا الجهد والتعب ملكة في تدريس اللغة العربية للصغار

وعلمني الجزء الأول من دروس اللغة العربية وأنا صغير

وأبي يعلم الإنجليزية جيدا فدرست عنده Active English (خمسة أجزاء)

وعلمني اللغة السنهالية لغة البوذيين وكان مدرسا لهذه اللغة في المدرسة الحكومية في قريتي

ولكن هذه اللغة لم تعجبني مع شدة الحاجة إليه في سريلنكا للتعايش والدعوة

من جميل ما أذكره مما سطر في قلبي

أنه كان للشيخ الطبيب نوبار فاروق رئيس هيئة الإغاثة سابقا حفظه الله

دروس أسبوعية في بيت أحد الإخوان من كتاب "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم" للألباني رحمه الله

ثم من سلسلة الأحاديث الضعيفة

كان له أكثر نصيب في دعوة الناس إلى تمييز الحديث الصحيح من سقيمة

وكان قد أمضى أيامه في عقد دروس أسبوعية مع ما له من الأشغال.

وكان أبي يُحضرني ويَحضر إلى هذه الدروس

وقد سمعت من فيه كل أبواب صفة صلاة النبي والجزء الأول من السلسلة الضعيفة وعمري لم يتجاوز عشرا ومثل هذا الموقف نادر في سريلنكا

أسأل الله أن يجزيه بما يجزي به الصالحين في الدنيا والآخرة

أنا وأخي مرشد

نغسل وجوهنا ونلبس أجمل ما لدينا

وأمنا تدهننا وتمشطنا

نمشي آخذين بمشيرتي أبينا

وأبي ينصحنا "لا ينبغي لكم أن ترفعوا أصواتكم"

الدرس يبدأ بعد صلاة المغرب

غالبا نكون حاضرين بعد أذان المغرب

صاحب البيت يضيف الشيخ ومن يجيئ معه مبكرا

وأبي يجتنبها غالبا خوفا لتطفلنا عند الطعام

والصغار لديهم طمع في أكل الحلويات

كثيرا كنت أنا المؤذن والمقيم فالحمد لله الذي شرفني

وفي يوم فجأة سألني الشيخ "ما هو اسم هذا الكتاب ؟"

قلت "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"

ما أحلاه أشرف بالمجلس كرامة لي ولأبي

يقرب إلينا صاحب البيت قبيل العشاء عصيرا حلوا

وأخي ينام كثيرا في الدرس فيكون شغلي في عدم إيقاظه

بالتصادم طمعا في كوبه الذي يوضع أمامه ولكني لم أنجح مرة (ابتسامة)

أفضل القراءة فكان أبي يشتري لي مجلات شهرية وكتب الرواية رسائل قصص

مثل "كُوْكُلَمْ " ,"رانِيْ كامِكْسْ " ,"مُتُّ كامِكْسْ" ,"أَمْبُلِ ماما" , "جُوْنِيَرْ وِهَدَنْ" , "آنَنْدَ وِهَدَنْ" كلها باللغة التاملية وقرأت على أبي روايتين لـ EnidBlyton و .... و .......و للترقي في اللغة الإنجليزية

قرأت كثيرا من كتب الشعر باللغة التاملية للشاعر الملحد "وَيْرَمُتُّ"

مثل "أنحتك أيها النحات" , "دولة المياه" , "قاصدا إلى القمم" , "خلال شباكي" , "لذا للكل" , " ’أنا‘ إلى هذه اللحظة" , "إن للتامل لونا أيضا" , "في كل نهر سنبوقي" , "مسودتي القديمة"

وللشاعر اللبيب عبد الرحمان مثل "نسج العنكبوت" , "رجال البيضة"

كنت أتابع شعر الشاعر مَامَنْ كَوِيْ (يإمالة الفتحة) في "تِنَمُرَشُ" المجلة الأسبوعية التاملية

وكنت أكتب الشعر الحديث وكان لي به هم غير قليل

وتعودت على كراتيه قليلا وكنت محبا للَّعب ككريكيت وترئست لفئة مستقلة أياما

وأحب جمع المعلومات العامة فآخذ من هنا ومن هنا وأسجل وأرتب كلا في ملفه

كنت أتابع برنامجا أسبوعيا للصغار في التليفزيون

وهذا التليفزيون سيطر على حياتي حتى الرابع عشر من عمري إنه لعدو مبين

هذا البرنامج كان يعجبني كثيرا فلا يفوتني

يكشف هذا البرنامج جهد الصغار وشهامتهم في الابتكار والاكتشاف

وكيف يستعملون التكنولوجية

أرجع إلى البيت أتفكر في اكتشاف أمر ثم أرجع إلى الخلف

أنى لي الاكتشاف!!!!!!!

أعرف كثيرا من الأحداث المتعلقة بهذا الشغف ولكن قلمي لا يحرص على كتابته لأنه بزَلٌ في أموره (ابتسامة)

 

(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كنت أحب هذا الدين كثيرا بعلم أو بغير علم دع الحكم

وأذكر جيدا

ولعلكم لا تصدقونني فيه وأبي وأمي وإخوتي الكبار أعرف به

يوما دخلت البيت فجأة بحثت هنا وهنا وجررت هذا ودفعت هذا

فوقعت عيني على أثواب بالية ولكنها سالمة وأمي تعرف أني إذا حرصت على شيئ ما وعزمت عليه

فلا أتركه حتى آتيه ولو مرة واحدة

فكان أبي وأمي لا يحولان بيني وبين قلبي إلا إذا كان فيه معصية لله أو خطر علي.

خرجت من ناحية المطبخ إلى الوراء

فجلت بعيني فرأيت بعض الأغصان تناسب حاجتي

فغصنتني عن غيرها فوثبت إلى واحد منها فأخذته أخذ عزيز مقتدر فتغدن

وكانت منها بعض الإعليط فقطعتها

فأخذت المجرفة والمطرقة وبعض مسامير وتلك الأثواب والأغصان المقطوعة

فجئت بها عن يمين البيت

حفرت أربع حفرات صغيرة

أدخلت فيها الغصون فعمقتها

غطيت جوانبه الثلاثة بالأثواب وجانب يسده سور بيتي

وأما السمك فلا أدري أ عملته بيدي أم كانت أغصان الأشجار تكفيها

ولكن السقف كان ينقع.

شاركني في بنائه أخي مرشد أيضا. فكان هذا ماذا؟ فانتظروا

 

 

قرب وقت الظهر فدخلته فأذنت

نعم يا إخوتي إنه بيت الله

بنيته بما عندي

صنعته يدي

كنت أحبه

إنه مسجدي أنا الإمام فيه

أصلي فيه أنا وصديقي الذي هو جاري

صليت فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء

استيقظت للفجر مبكرا (أظنه).غسلت وجهي

دخلت مسجدي وأذنت وتسننت

وانتظرت صاحبي على يأس فصدقني فلم يأت

 

 

ما كنت في صغري مواظبا على الصلاة

ولعلي كنت من المتساهلين-أعوذ بالله منهم-

إلا أنها همة أخذتني

ولا أدري ما الذي حل بمسجدي بعد هذا

والذي أدري أنه ما أهمني بعده وتدمر

 

وأذكر جيدا ولا حاجة لي أن أتذكر لأنه مشهد كأنه يعيش في عيني إلى الآن

لي خمسة إخوة مرشد ومحمد ومصعب وعبد الرحمن ومسعود وأخت واحدة اسمها مفيدة اللهم اجعلهم كأسمائهم

أنا أكبرهم

صاحب المشهد أخي مصعب

كان جميلا في طفولته

كان عمره عندما وقعت تلك الصاعقة ثلاثا أو أربعا

كان يلعب بالبلية وكنت أغتسل ولعل عمري حينذاك تسع سنين

إذ سمعت صراخ أخي مرشد الله!!!!! الله!!!!! الله!!!!

وبكاء أختي!!!!

أرعبني صوتهم

رميت الدلو

جريت إلى البهو وأنا في إزار مبتلا

فإذا هؤلاء وأناس من قريب وبعيد بحملون أخي مصعبا في أيديهم

وقد فقد وعيه ولعابه يسيل من فيه كالرغاوة

وهم يحملونه كالميت

عرفت من عويلهم

أن أخي ابتلع بلية فاختنق في حلقه فلم يلج ولم يخرج

واجتهد القوم لإخراج البلية من الحلق فجرح حلقه ولم يخرج

فامتزج الدم بالرغاوة

لم أستطع أن أصرخ فبكيت ورميت بنفسي إلى البيت

ودخلت غرفة أبي وقمت في ناحية الباب مستقبلا إلى القبلة

كبرت وركعت وخررت إلى السجود

وخدي صار مجرى للدموع القالصة

دعوت الله لا أتذكر تلك الكلمات التي دعوت بها

ولكن الدعاء كان بخشوع وخضوع

ولا أزكي نفسي أيها الإخوة والله أعلم بمن اتقى

إنها ذكريات ليطت بخاطري

ولعلها عبر لمن يحبو من ورائي ولإخواني

ولأبنائي إن شاء الله

رفعت رأسي من السجود فدخل علي أخي مرشد فجأة

قال بفرح خرجت البلية!!!!!!!

الله أكبر ربي ما أنعمك ما أحلمك ما أرحمك

سجدت لله مرة أخرى شاكرا له

كل هذا وأنا في إزاري المبتل وليس علي رداء

وكان هذا الأثر في قلبي كبيرا

ولكن الشيطان يتربص بنا الدوائر

فسرعان ما نسيته

ما أكفر الإنسان وإنه لكنود وإنه عليه لشهيد

وأخي بعد عوده إلى عافيته ما عاد إلى مبدئه

وقد أثر هذا الجرح فيه تأثيرا بالغا

نحل جسمه وهزل وذهب حلاوة صوته

ولكنه نشيط له حذق في الأمور

وهو الآن طالب علم في معهد التوحيد بكلومبو

أسأل الله أن يصلح له باله ويحفظه في الدنيا ويرحمه فيها وفي الآخرة

 

كنت أتعب نفسي في لعب كريكيت

أصبح فيه وأمسي فيه

وهبت في حياتي عاصفة ذهبت بكل فرح كنت أتمتع به في صغري

ولكنه كان لي نعمة كبرى

فسبحان الله الذي كل يوم هو في شأن

 

Pneumonia

مرض ذات الرئة

لم أدر وما درى أبي و أمي أنه هو

كانت حرارة بدني عاليا كالنار

ولكنهم ظنوا في أول أمره

مجرد حمى

سرعان ما تغيرت وجوههم حينما رآني هذيانا أقف أمام المرآة

أدركوا أن الأمر ليس بسهل

وجاءهم جنود إبليس

وقالو إن عند فلان جنا لو ذهبتم إليه بمجاهد

أف لهم ولما يعبدون وكان أبي متمسكا بتوحيده

فأخذني إلى المستشفى ومكثت هناك سبعة أيام

ما أقساها من أيام قضيتها

أكثر من خمس وثلاثين حقنة حقنتها

لما سمحتُ بالمكوث في المستشفى أخذ أبي عاطفية الأبوة

إنه ابنه الكبير مجاهد ها هو ذا طريحا في فراشه

الدموع ترقرقت في عيونه وتكلم مع الممرضة وهو خافت صوته

وأنا أنظر إليه فصاحت الممرضة في وجه أبي

رجع أبي وهو كئيبا يجتهد أن يستره بابتسامته

سألته عما حدث قال قلت "أرجوكم أن تراعي ابني حق رعايتها أعطيكم أجرها" ففجرتها رشوة فتلك صيحتها

إنه الوالد ذو لحية مطوع شجاع كيف صار طفلا ومسكينا

إي والله إنه الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم

"إن أبر البر أن تصل أهل ود أبي" رواه مسلم

ولكن حينما يرى ولده في مرضه

يتقلب بغير نوم

وحينما يكشف الطب عن مرضه لم يملك نفسه

ربنا رب ارحمهما كما ربياني صغيرا

شفاني الله من هذا المرض وقد عاد لي هذا المرض

في العام المقبل و مكثت في المستشفى ثلاثة أيام

ورجعت مع أبي إلى البيت

نصحني أبي أن الطبيب أوصاك أن تنتهي من اللعب

ولا تتعب نفسك في أي عمل ولا تحمل أي شيئ لا تطيقه

أحزنتني هذه الوصية ولكن أبي قال لما كبرت

"إن الطبيب لم يقل لي أن أنصح لك ألا تلعب

ولكني لما رأيتك تتعب نفسك كثيرا بكريكيت

رأيتها أن أقول"

وأظن أنه قالها في المرة الثانية من مرضي

فاجتنبت اللعب فدُفعتُ بنفسي إلى القراءة

فكانت نصيحته نعمة إلى هذا اليوم والحمد لله

 

(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جميلة ، نتابع معك بمشيئة الرحمن .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الأجمل هو مروركن

 

أشرقت ... لو انتظرت اخفا انساها ولا أكملها - ابتسامة -

 

نكمل بعون الله

--------------------

تنبيه:- وقع في الحديث الذي أفصحت به في مجلسي السابق خطأ و صورته التي لم تشوه هكذا "إن أبر البر أن تصل أهل ود أبيك"

 

من روائع ذكريات صبائي

كنت أحب الحيوانات الأليفة

سنجاب وهرة و جرو ومعز ولعله يكثر من إعجابكم

أني سجنت وزغا في قارورة وانتظرته أن يكون دينوصرا !!!!!!

لأني أخبرت أن الدينوصرات كانت من زواحف صغيرة مثل الحرباء والوزغة بالحرارة

لم أطعمه ولم أسقه

ما ذنب تلك الوزغة !!!!!!!!!

ثم تركته ليبقى وزغا ولعله حدث أهله عن جنوني(ابتسامة)

 

كنت أتابع الحشرات التي في فناء الدار كعادة الصغار

ويكثر في فنائنا الجعلان

أمشي وراءه وأتعجب من سعيه في الأرض

والله إنه آية من آيات الله على حقارته

يبحث عن الجعر والروث ويجعله ككرة

يدحرج بأرجله الورائية إلى مكان يريده

ثم يدخل رأسه إلى تحت و يحفر تحت الكرة الروثية

فتصير حفرة وتسقط الكرة فيها

ما أعجبه و ما أجمل سعيه

فسبحان الذي خلق كل شيئ فأحسن خلقه

وسبحان الذي جعل حياته في روثة

وجعل مماته في ريح وردة

ومع ذلك فإنه لا يسرق ولا يبغي

ولا يأكل الحرام ....الله أكبر

ثم إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد

وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعا كل في كتاب مبين

 

ولي قصة طريفة مع سنجاب

كنت أحب السنجاب الصغير كثيرا لنعومة شعره

وسرعة صعوده على الشجرة وصوته الحلو

كان عندي سنجاب أحببته كثيرا

إذا سمع صوتي يرفع رأسه إلى ناحية الصوت

وإذا جاع يخرج من قفصه ويصوت

أسقيه اللبن وأطعمه الموز

يشتاق إلي وأشتاق إليه

أرحمه ويسترحمني

حينما أرجع إلى بيتي مساء . أول شيئ يدور في خلدي سنجابي

فلا أملك نفسي حتى أراه ويروقني اسمه ومسماه

جاء اليوم الذي ثُبِّتَ ذكره المحزن في قلبي بالمسمار

الذي أتعبت فيه نفسي فوق أسبوع لأنساه

 

دخلت حائط بيتي فإذا أخ قريب لي يقف أمام البيت خائفا

وأخي مرشد وفي وجهه قلق

فعرفت أن مأساة حدثت بلعبهم بسنجابي

فصحت على وجوههم "ما الذي حدث؟ ما فعلتم بسنجابي؟ شيطان ....قل ....قل

سؤال أظنه أرعد صدرهم

قال ذاك المحرش- الله يغفر لي وله - بيني وبين سنجابي

"كنت ألعب به وأجريته فوق السور

فقبضه قط فعض عضة ثم تركه"!!!!!!!!!!

تقطع قلبي دمعت عيناي حين انتهى من قوله

"هل مات؟" سألته سؤال مغلوب على أمره

قال "لا ولكن في وشك الموت"

رميت بنفسي إلى البيت

وفتحت باب القفص

فإذا سنجابي عليه أثر الدم

ناديته فإذا هو لا يستطيع فتح عينيها كاملا

كأنها مرحت

كثرت دموعي

أسرعت إلى المطبخ أخذت بعض التوابل فداويته بها

ولكن في المساء أو اليوم التالي مات سنجابي ذلك الحيوان المسكين

أخذته بيدي وذهبت وراء بيتي وحفرت التراب ثم واريته فيه وجعلت له علامة ذهب به الزمن

 

طال تفكيري فيه

كيف كان حرا في غاباته وكيف كان ينعم بعيشه مع أهله

وكم كان أحلى له بيته الذي بناه والداه

وكم كان حذرا من أن يتخطفه الأعداء

ويعلم الله لم يرق لي نوم طيلة هذا الأسبوع بهذا التفكير

أكون في فراشي أردد النظر إلى القفص الذي فوق الرفوف الخرسانية ويتخيل لي أنه فيه

وأبكي وأبكي أتعار في فراشي ألما

وكان شفائي في عبرات أهريقها

وحين أظن أن رسمه سيدرس من خاطري يشتد بكائي

وربي شاهد على كل ما أقول ولم أبالغ

أصفه لكم كما حدث لي

اللهم ارحمني كما رحمته

 

ومن روائعها قصة أمعزنا

كان عندنا ثلاثة أمعز

اشتراها أبونا

سمينا أكبره "راجُوْ"

كان إذا ناديناه باسمه التفت إلينا

كان آلف من كلب

ولكن لما دب في بيتنا الفقر اضطر أبونا لبيعه إلى جزار

فباعه فأحزنني أمره

فلما أصبحنا سمعنا صوت معزنا "راجُوْ" أمام بيتنا

تعجبنا لصوته "أُمَّا , أُمَّا , أُمَّا"

كيف هنا وبيت الجزار بعيد عنا

والله "راجُوْ" مسكين جاء مع ولده

فلما رأيته أمام بيتنا بكيت له في قلبي

إنها الحياة أيها الإخوة

رحمة تذبح لرحمة ورحمة ترجى لرحمة

لا يرحمك من لا حاجة له في أن ترحمه

وترحمه لأنك ترجو رحمته

الله أكبر

جاء الجزار في طلب أمعزه إلى بيتنا فنزع قلوبنا فأخذها

أليس من العجيب نأخذ الفائدة ونحزن على الفائتة

 

تذكرني كل هذه الذكريات الحيوانية-لا أقول إنسانية-

كتاب الإمام أبي بكر محمد بن خلف "فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب"

وقد ذكر الإمام الدميري هذا الكتاب في كتابه "حياة الحيوانات الكبرى"

وقد بلغ حبي بالحيوانات المسكينة أن جمعت من السنن الأربعة كل حديث يتحدث عن الحيوانات

فسميته "الجمع والترتيب لما في صحاح سنن الأربعة من الأحاديث في البغال والضفادع والدجاج والأرانيب"

(يشتمل على 192 حديث في الدواب1)

 

ولما زرت مكة شهر ماي في هذه السنة الجارية للعمرة

طلبت من الشيخ زياد السريلنكي المضياف حفظه الله- وقد مكثنا في بيته ثلاثة عشر يوما-

أن يأخذنا إلى أعطان الإبل التي في البادية فكانت فيها قصص رائعة سأحدثكم عنها في إبان التحدث عنها إن شاء الله

واشتريت بمكة من مكتبة إسلامية كتابين.

الأول منهما "عالج نفسك بألبان الإبل" لرزق عبد العزيز أبي الفتوح

والآخر "معجزات الشفاء بألبان الإبل" للكتور أيمن الحسيني

أقرأ كثيرا عن الحيوانات

وفي ذلك فوائد كثيرة

أذكر من فوائدها ......

كنت أرجع من المسجد الجامع الكبير بقريتي بعد قضاء صلاة يوم الجمعة إلى البيت

بعد خطوات قليلة رأيت أمام دار بجانب الطريق حشدا من الناس ينظرون إلى شيء معجبين

فالتحقت بهم لأنظر ماذا هو

فإذا هو حيوان من الزواحف الكبيرة أكبر من الضب كثيرا فعرفته

وعرفت أن كثيرا منهم لا يعلمون عن هذا الحيوان المسكين شيئا

ولكنهم خافوا منه لكبر حجمه وهم لا يعلمون أنه مسكين

لا يأكل إلا الذرة والنمال

يقال له نضناض (قنفذ النمل)

كدت أن أطير فرحا بمعرفتي إياه فأردت أن أفشي سره

ولكني سكت!!!!!!!!! (وسأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جميلة جدا ومشوقة اللهم بارك

جزاكِ الله خيرا حبيبتي وبارك فيكِ

 

أكملي وبإذن الله كلما دخلت قرأت قدر المستطاع بإذن الله : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فلنعد إلى حديثنا لنستمر على وتيرة

وكانت دارنا حينها ملتفة بالأشجار الخضرة

من شجر المنجا اثنان ومن شجر الجاكية اثنان ومن شجر الرمان اثنان أمام الدار

واثنان من شجر النارجيل والكثير من شجر القهوة بجانب الدار اليسار

أما النالة التي وراء الدار فكانت فيها شجر الليمون وأشجار الموز

شجر الجوافة (يشبه الكمثرى وليس بالكمثرى)

شجر الكري (من التوابل)

شجر الببو

شجر مُرُنْجَكَّا

الحمد لله هذه الأشجار أنبتها الله على يد أبي

فكانت الدار وسط هذه الجنة

ولكن ما كنا نعده جنة ولا نعمة من الله لمبلغ علمنا وصغر سننا

 

وهناك أحداث طريفة كثيرة غير التي ذكرتها

ولكني آثرت السابقة لشدة تأثري بها

مضت أيام وشهور وسنون

كنت في الثالث عشر من عمري

تخلى أبي عن وظيفته من الهيئة

لبعض مشاكل جرت بين رئيس الهيئة وبينه

أعرف أن أبي مظلوم في بعض أموره

ولكني لا أريد أن أدخل هذا الباب فإنه مغلق إلى يوم يلقون ربهم والله حسيبهم

كان تقيله بداية غيرت مشوارنا إلى بلاء ومحن

ولقد أبلى الرحمن أبي وإيانا بلاء حسنا

حتى اضطر أبي إلى بيع داره وعقاره

وشروناها بثمن بخس دراهم معدودة وكنا مستعجلين

تلك الجنة التي ولدنا فيها وترعرعنا

ويفعنا وبلغنا أشدنا حتى أخذنا رونقنا إلا عبد الرحمن ومسعودا

وقربنا كل أشجار الثمار وما نهينا عنها

وما قاسمنا شيطان

وأخرجنا منها بدون قهر

إذا رأيتمونا يومها

يوم خروجنا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو أحلى لنا

نحمل أوزار دارنا ومحاشها إلى دار اكتريناها

رأيتموني كناقف حنظل

ترقرقت أعيننا ولكن لم يشعر أحد منا آخرَه

ما أحزن ذلك اليوم

كأني أنظر إلى تلك الأشجار لم تتمايل للنسائم

ولعل الأحزان أخذتها لفراقنا

كأنها تقول لنا "وداعا لكم ما أشد الفراق"

" نجزع ....نبكي ...نتصدع حزنا عليكم"

إني أكتب ما أكتب وإني أرى أن أفر إلى داري فأضم شجرة المنجا

إلى نفسي وأهدهدها فتئن أنين الصبي فأسكتها

ولكن تلك نعمة منها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم

حين اتخذ منبرا وترك جذعه الذي كان يخطب عنده فمر به وتعداه فلما أحس الجذع أن النبي تركه حزن وجزع وأخذ يبكي ويصيح حتى كاد أن يتصدع حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ألا تعجبون لحنين هذه الخشبة" فأقبل الناس وارتج المسجد من حنينها حتى كثر البكاء في المسجد فنزل النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده عليها يهدهدها ثم ضمها إليه فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكت حتى سكتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما والذي نفس محمد بيده لولم أحتضنه لحن هكذا إلى يوم القيامة حزنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم به فدفن تحت منبره يقول جابر بكت على ما كانت تسمع من الذكر (رواه البخاري)

الله أكبر

دخلنا الدار التي اكتريناها

فلم نَنْعم بها حتى تمضي أيام

حتى إذا تعرفنا عليها وتعهدناها

فإذا صاحب البيت يستعجلنا للخروج منها لعارض

إنه كان قريب لنا

وكان رجلا دحاسا كثير الأهل

كان في دار اكتراها مع أهله

فاستعجله صاحب الدار

فاستأوانا فآويناهم

فوشى بعض من تولى كبره

إلى صاحب دارنا بسوء

فكان ذلك سببا لاستعجاله إيانا

فزادت همومنا وذلك لقرب عهدنا بالدار الذي فارقناها

فاضطررنا لطلب دار جديدة

فحصلنا عليها بعد شهر فانتقلنا إليها

ولم أكن في قريتي حين انتقل أهلي إلى دار أخرى

كنت في المعهد وستجيئ قصته بأشجانه

والفقر قد بلغ بنا مبلغه

قد خسر أبي دكانه الذي فتح جبرا لما كسر

وزاد حزني لما رأيت أبي يعمل أجيرا عند صاحب دكان لمائة روبية

(ثلاثون روبية تعدل ريالا واحدا)

اللهم أعوذ بك من الهم والحزن

كان معلما زمانا وكان سكرتيا خمس سنوات بهيئة الإغاثة العالمية فرع سريلنكا

يروح مع رئيسها بسيارة ويغدو

ويجلس في كرسيه سكرتيا

ويدفع الرواتب للموظفين والدعاة

وها هو أجير يُدفع له ويسب لتريثه

عجبا لتقلب الزمان

ولا حول ولا قوة إلا بالله

ولكني لم أشعر تلك الآلام التي كان يكتظ بها فؤاد والدي

إلا كما يشعر بها من هو في سني ذلك اليوم

هنا بدأت عواصف تهب في حياتي

كنت شابا في الرابع عشر من عمري

بدأ شيابي يلعب بي

والتف حولي بعض أصدقاء لا أتهم بنياتهم

ولم يريدوا شقائي ولم يقصدوا ضلالي

كان نجاحي في الامتحانات بالدرجة الأولى

فبدأ يتدهور

ففهم أبي ذلك الهبوط ونصحني وحذرني من رفقة السوء

فلا أقبل منه شأن الشباب مع آبائهم

فحدث ما لا يحمد عقباه وقدر الله وما شاء فعل الله يغفر لي وللمسلمين جميعا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فلتكن عبرة لمن يتهاون بنصيحة الوالدين

فلا تقولوا لي "وفعلت فعلتك التي فعلت"

فأقول لكم كما قال موسى لفرعون

"قال فعلتها إذا وأنا من الضالين "

وإني كلما أسمع إلى قراءة سورة

"ألم نشرح لك صدرك...." و"والضحى والليل إذا سجى........وللآخرة خير لك من الأولى....."

أبكي في قلبي إن كنت بين الناس

أبكي بعيني إن كنت وحيدا

ما أحلاها وجل من أوحاها

 

كانت المدرسة الرسمية التي نحن ندرس بها لكلا الجنسين

ولكن المدرسة مسلمة في اسمها

كنت أدرس في الصف التاسع

ولما كانت المدرسة مختلطة

كان لأكثر الطلاب الشباب علاقات بالطالبات

ويحبها أحدهم بقلبه وقد يخبرها وقد لا يخبرها

فإذا أخبرها قد تحبه وقد لا تحبه

ولكن لا يتجاوز هذا العشق الشيطاني عن نظرات ورسالات

وليست هناك لقاءات فإذا كانت ففي وقت الفسحة في المدرسة

وذلك عشر دقائق

وهذا العشق الأعمى يبدأ بنظرات وتنتهي بنظرات

ونزر يسير أوصلهم حبهم إلى الزواج

فأوقع في قلبي هذا العشق الشيطاني بنتا

كنت أحبها كثيرا ولم تحبني

إلا بنظرات ترميها إلي كالشرر

ولكني بجنوني أحسبها من الدرر

وفي يوم وقع في خاطري خطرة التصوير الآلي

فجئت إلى المدرسة مصبحا وفي حقيبتي المصور الآلي (فانظروا يا إخوتي كيف لعب بي الشيطان حتى يضلني فيخزيني)

فأخرجته وأخذته بيدي

وكانت هي في فصلها مع زميلاتها فصورتها من فصلي من حيث لا تدري

فلما وقعت في أذنها صوت التقاط التصوير الآلي التفتت إلي فرأتني

فذهبت إلى مُدرسة فشكتني

فكانت نهاية يومي من الدراسة

طُردْتُ من المدرسة بقرار من إدارة المدرسة

فخرجت منها

ما أقول لوالدي إذا سألني لماذا جئت مبكرا

ما يكون وراء جوابي إذا أصدقته

مع ما هو فيه من أحزان وهموم

جننت

فلما دخلت من باب الدكان مسرعا إلى الدار

فإذا أبي جالس على الكرسي

فارتعدت فرائصي

فسألني وكان صوته عاليا شديدا كالرعد

"ما الذي حدث في المدرسة؟"

ما أسرع ما وصله الخبر

وتيقنت أنه عرف الحادثة

قلت "لا شيئ" فلم أنته من الجواب

إلا وقد وقعت علي بعض الضربات

فقال "أتريد أن تخزيني؟ اخرج من هنا يا خاسئ"

خرجت من عنده

ودخلت البيت ودخلت غرفتي وأغلقت علي الباب

سقطت على سريري ودفنت وجهي في وسادتي فانفجرت عيناي بكاء

إخزاء وطرد وضرب ملأت فؤادي آلاما

بكيت وبكيت وبكيت حتى لم يرقأ لي دمع

ولم يكلمني أبي بعد هذا اليوم إلى حين ولا أواجهه

فانتشر الخبر بين الناس فجعلوا ينهشون لحمي

فاستحييت من الخروج وإن كان ففي الليل أو بكرة

نعم أنا عصيت نعم أنا عصيت

ولكن .........أليست لي فرصة للتوبة ..ألست عبدا لله أعصيه وأتوب إليه فيغفر لي

فهل إن عصيت أهدم كل ما بنيته من أهداف وهمم في قلبي وقيم

تمنيت كل هذه منهم ولكن الله هو الله والإنسان هو إنسان

روي أن أحد الصالحين كان يسير في بعض الطرقات:-

فرأى باباً قد فتح وخرج منه صبي يستغيث ويبكي وأمه خلفه تطرده حتى خرج،فأغلقت الباب في وجهه،ودخلت فذهب الصبي غير بعيد ثم وقف مفكراً فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه ولا من يؤويه غير والدته ، فرجع مكسور القلب حزيناً فوجد الباب مغلقاً فتوسده ووضع خده على عتبة الباب ،ونام ودموعه على خديه ، فخرجت أمه بعد حين ، فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه والتزمته تقبله وتبكي،وتقول:يا ولدي أين ذهبت عني ومن يؤويك سواي ، ألم أقل لك لا تخالفني ولا تحملني على عقوبتك بخلاف ما جبلني الله عليه من الرحمة بك والشفقة عليك ثم أخذته ودخلت !!

ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الله أرحم بعباده من هذه بولدها ) رواه مسلم

وهذا خطأ سجل في تاريخ الكبار في تعاملهم مع الصغار

 

ومضى بعض الأيام

وفي يوم ناداني والدي فجأة وسألني يرفع صوته

"تريد أن تستمر في الدراسة أم تريد العمل؟"

ما أحلاه من سؤال

قلت "أريد الدراسة"

ما كنت أريد أن أفضل أي شيئ على تحصيل العلم في أي لحظة

أخذ الجواب ودخل الدكان

في ذلك اليوم ذهب والدي إلى المدرسة

وطلب من المدير ليعفو عني مرة واحدة

وليعطي لي كرة لأكون من الطلاب المتأدبين

وألح في الطلب ولكنه رد طلبه ردا باتا

ولو رددت إلى المدرسة ما كنت أن أعود إلى ذلك العار مرة أخرى

ولكن هذا ما قدر الله وما شاء فعل

كان رده نعمة كبيرة لي فيما بعد

ولولا هذه النعمة –وله الحمد أولا وآخرا-

ما كنت لأجمع هذه الأحرف باللغة العربية

وما كنت في الملتقى ولا يكون بيننا التقاء

ثم ذهب والدي إلى مدرسة بعيدة عن قريتنا

لإدخالي فيها ولإتمام دراستي

وقد بلغها الخبر عني من قبل أو بُلِّغ

فكانت نفس النتيجة

فغدا والدي إلى البيت غضبان أسفا

لم أعرف شيئا من الخبر مما حصل لوالدي

فقال لي بصوت مرتاح وفي وجهه أمارات الغضب

"انتهى كل شيئ فابتغ عملا حتى لا تضيع فراغك"

ثم انصرف إلى الدكان

وأمي تنظر إلي بحنان

دخلت غرفتي وأغلقت الباب

ثم بدأت أبكي حتى لم يرقأ لي دمع

ونمت على تلك الحال

فسبحان الذي جعل النوم سباتا

تبدلت لي الأرض غير الأرض

فما هي أرضي التي ولدت فيها

تنكرت الوجوه لي

وتغيرت معي كلام أهلي

بدأت تذبل كل الزهور في حديقتي

برد النسيم بدأ يصير حرا لي

كأن ضوء القمر بدأ يغسق لانهماري

تدور في قلبي آلامي

حين أتفكر في آمالي

كأن طفولتي عادت لي

في دموع انهمرت مني في الليالي

أسهر في نومي

وأنام في يومي

أروح إلى شاطئ البحر يوميا

وأمشي على كومات الأحجار وأنقاضها

وأقيل عليها

وكبائن صارت لي سررا

موج يجيئ وموج يذهب

موج يضاحكني وموج يعانقني

موج ينصحني ويصحبني

ولكن ليس أحد منها يزجرني

أمواج تودعني لأن لها نوبة واحدة في حياتها

فتصتخب وتموت فلن ترجع إلي

أقضي يومي كله في شاطئ البحر

أبني من رمال البحر بيتا يعجبني

ويسرع إلي موج ويقبل قدمي ويمسح بي

ويستوهبنيه ويأخذه

فلا ينتظرني لأنه يعرف حبي به

في بعض الأحايين أرى البحر ساكنة

فتأخذني آلامي وأحزاني فأرجع إلى الواراء

فتقلص دموع مني فتقع في الأمواج وتنتحر

أجلس في صخرة أبرشم بنظراتي إلى حشاشة من الشمس حين غروبها

أريد أن أرجع إلى البيت وأقول لوالدي وأقربائي إني لست شقيا

وفي قلبي أهداف وهمم تزول منها الجبال

فاعفوا عني واقبلوني هنيئا كما قبلتموني حين كنت صبيا نقيا

ولكن خبايا القلب حتى تحققها في الواقع ليست لها أية مزية

ولو كانت من أثمن الدرر وأغلاها

كتبت أشعارا كثيرة أسجل فيها أحزاني

أداوي بها جروحي و أعزي آلامي

وأرسم فيها سبلا لمستقبلي

قد تسقط دمعة على حرف ويذهب لقائهما بحياتهما

هل أترك الأيام تذهب هكذا بلا شيئ.........(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فصة جد جميلة متابعة معك بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كلا .......فقررت أن أبتغي عملا أكسب به مالا

فتكون في حياتي منفعة لوالدي ومن تحت رعايته

أصبحت في البيت وكلمت أمي أن تشفع لي فلانة

هي زميلة أمي في المدرسة وكان زوجها تاجرا

ويكتسب بمهنة الخياطة أيضا

فكلمتها أمي أو كلمت زوجها مباشرة نسيت أيهما حدث

فقبلني بروبيات زهيدة ولكني كنت مضطرا إليه

لا أعرف أي مهنة في تلك الأيام

ولكن في بضعة أيام عرفت خياطة زر القميص وعروته وصنع زيقه بالممارسة

استمرت مهنتي خمسة عشر يوما

حصلت على خمسمائة روبية راتبا

رجعت إلى البيت وفي نفسي فرح لأنه أول راتب في حياتي

ونيتي أن أدخل في أنفسهم بهذا المال سرورا مع قلته

فواجهت أبي في الدكان فقلت "أبي" فمددت يدي إليه لأعطيه

فقال معرضا عني" أعطه ماما"

كلمة دمرت كل أحلام بنيتها في جناني منذ خمسة عشر يوما

كدت أن ابكي ولكن أعرف أن للبكاء ثمنا

ماذا عليه لو قبل مني!!!!!!!

نعم هم الكبار يسيرون في واد

ونحن الصغار يسيرون في واد

يرجون منا أثمن وأحسن ولكن ما هو فوق سننا ومبلغ علمنا

ما أحسن أبوة يعقوب إذ قال لبنيه لما جاؤوه بكذب وخيانة وقد فعلوا ما فعلوا

"بل سولت لكم أنفسكم شيئا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون"

الصبر الجميل صبر بلا شكوى إلا إلى الله

ولذا قال يعقوب عليه السلام في موقف آخر "إنما أشكو بثي وحزني إلى الله"

أفاده شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في دقائقه

ولا أتنقص من قدر أبي وهو الأب الحنون

لم يكن والدا لنا فحسب بل كان معلما مرشدا ومربيا

ولكني قلت ما هو عام عند الكبار من خطأ في التربية-الله أعلم-

دخلت البيت وسلمت المال إلى أمي ثم دخلت غرفتي فأغلقت الباب

ثم بكيت .......

لا رد الله علي تلك الأيام

اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن

مضت أيام ببقايا أفراحي

ويوما دخلت الدكان فأوقفني أبي

وسألني "هل تريد الالتحاق بمعهد إسلامي ؟"

ما انتظرت منه هذا الاستفسار

قلت بفرح وسرور "إي وربي " ولم أستفسر عن شيئ

فمد إلي ورقة فأخذتها وقرأتها

فإذا هي تبدأ بـ"معهد دار التوحيد السلفية"

أول مرة أسمع كلمة "المعهد" في حياتي

ثم ملأ أبي ورقة استمارة الطلب وأرسلها إلى عنوان المعهد

فجاء الخبر عن الموعد للمقابلة الشخصية

فكان الموعد شهر شوال عام 1998 ميلاديا

انفجرت مني ثورات سكوني

وتجددت هممي واندرس السناج الذي سيطر على حياتي

أقر الله عيني وأذهب عني أحزاني

وقد عادت مرات ولكن لعلها لتثقل كفة ميزاني

يوم لا ينفع لي مال ولا بنوني

ولكن......

لم أشعر أنه لا طاقة بأبي أن يحمل نفقتي

وحتى للسفر إلى المعهد للمقابلة

ما كان لديه ما يكفي سفره

بما أن معهد دار التوحيد السلفية مشهور أمره كالشمس في رابعة النهار

قد تهيأ للسفر للمقابلة من قريتي فقط 9 طالبا كلهم في الثالث عشر من العمر

إلا أنا وكنت في الرابع عشر.

جهزت لنا سيارة أجرة للسفر جماعة

القرية التي فيها معهدنا بعيد عنا يستغرق السفر ثلاث ساعات

بدأنا الرحلة .

كانت لهم مجرد رحلة للمقابلة

ولكنها كانت لي بداية هداية

كان عزمي يوحي إلي أنك تنجح في المقابلة الشخصية

إذا كان هناك نجاح فلا بد من فراق

لأهلي وبيتي وقريتي........يا سبحان الله

ولكن ليس له بد

وأما الذين جاءوا في السيارة يعلمون قصتي جيدا

وكان سفري في ظنهم مضيعا للوقت

قد فهمته من همساتهم المتكسرة في أذني

وكان والدي ساكتا في أكثر الوقت ولم يكن لديه إلا خمسون روبية

الأجرة المطلوبة من أبي 150 روبية (أظنه هكذا)

ولكني أحيجم نفسي

مخزرا إلى الأشجار التي تسرع إلى الوراء

أفكر مرات مصير أمري

كانت هذه المرة الأولى التي أسافر في هذه الطريق

بعد أن استغرق السفر ثلاث ساعات

وصلنا معهد دار التوحيد السلفية

فإذا حشود من الناس

أكثرهم شباب جاءوا مع آبائهم للمقابلة مثلنا

كانوا تقريبا 250 طالبا كلهم أذكياء إلا نزرا يسيرا

يختار من بينهم أربعون طالبا للدراسة في المعهد فقط

دب في قلبي شيئ من القلق

كانت المقابلة شفويا وكتابيا

والله ربي أن الامتحان كان سهلا جدا

كانت الأسئلة شوبا من كل مجال

أجبت عن الأسئلة كلها مستيقنا بصحة الأجوبة

إلا واحدا وهو "ما يقال للانتخابات باللغة الانجليزية؟"

سؤال في غاية السهولة ولكني نسيته فسبحان الذي لا يضل ولا ينسى

بدأت المقابلة الشفوية

وكانت فيها طرائف (و سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وكان الطلاب يدخلون غرفة المقابلة واحدا بعد واحد (فيما أذكر)

فجاءت نوبتي فدخلت

رأيت هناك بعض الأساتذة وأشاروا إلى كرسي كان أمامي أن أجلس فجلست

فإذا أنا أمام رجل نحيل الجسم متوسط اللون طلق الوجه وعلى رأسه كوفية بيضاء

وكان رجلا لينا في خلقه وخلقه

هو الأستاذ سكرتير جماعة أنصار السنة المحمدية وسكرتير المعهد

خليل الرحمن حفظه الله

سلمت عليهم وكان يعرف أبي جيدا بسابقيته السكرتية في هيئة الإغاثة

وسألني عن أشياء إن تبد لكم لا تسؤكم ولكني نسيتها

وما أذكره أذكره هنا

كنت عزمت على أن أصدقه في كل ما يسألني

فكانت بداية خير

وقد سألني "هل تنظر إلى الروايات السينمائية؟"

قلت نعم ولكن بعد هذا اليوم لا إن شاء الله

كم كان صعبا علي حين قلت ذلك

ولكن الله حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا

وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان

كم هو سهل لي اليوم

فإن السينما أفسد على الشباب من المخدرات القاتلة

–قبح الله المفسدين-

وسألني ما عندك من العلم؟

قلت أكتب الشعر الحديث

قال هات واحدا مما كتبت

فقلت مع خجل شعرا ما كنت كتبته من قبل

ولكني كنت أتفكر في كتابته

لقد كان سهلا علي بلغتي

وصار صعبا علي حين صيرته إلى اللغة العربي

لا لصعوبتها بل لطفولتي بعهدها

والشعر الذي قلته باللغة التاملية معناه قريب

مما يلي:-

وثم لا يشغلنك ما تلقاه غدا

ولا تكن في شغل ما ضاق أبدا

ولا تمزن لما سيجري فيك غدا

ولا تنفس صعداء لماضيك سدى

وحسن كل يوم بما فيهنْ ما بدا

يأتيك سر بسرور ما تيك سرمدا

 

قد ضاق علي أن أسوق كلماته بكل مضمونها لقلة باعي

 

أظن أن الأستاذ خليل الرحمن فرح بي

ودعا أبي إلى الغرفة

فقال إن ابنك سينجح ممتازا ولكنه قد درس في مدرسته الرسمية إلى الصف التاسع

وقد فاز للصف العاشر

ولكن منهجنا التعليمي يبدأ من الصف الثامن

(لأن منهج المعهد حاو لمقررات المدرسة الرسمية والمقررات الدينية)

فانظر ماذا ترى؟

ما يدريه أنا كنا مجبورين لا خيار لنا

فقال أبي لا بأس ليبدأ ابني من الصف الثامن

ثم شكرناهم وسلمنا عليهم وخرجنا

رأيت في وجه أبي إيمانا و سرورا

فداخلني نشاط ونجدة

فكان شبه أول خطة للسلام مع أبي

وصاحبني سرور واختلطت حبرتي بعبرتي طيلة سفري إلى البيت

وانبسط أبي في الكلام إلى أصحاب السفر

حمدت الله و عزمت للمضي في سبيل الله

دعوت الله مرارا أن يزيدني من العلم ويثبتني في دينه

وصلنا إلى البيت وانقضت بعض الأيام بطلوعها وغروبها

ولم يصل إلينا أي خبر من المعهد

حسبناه شبه رفض عن القبول

مضى شهر بأكمله بدون خبر

وفي يوم ذهبت إلى الشيخ أشرف -عافاه الله-سدى

كان له علاقة وتيدة بالمعهد ففاجئني بخبر حزين

أنه لم يسجل قبول لأحد من الطلاب من قريتنا إلا واحدا رقمه 36 (أظنه)

فقلت له لعله رقمي .فقال "أنا متأكد هذا رقمك لأنه لم تصل أي إخبار إلى أحد ممن شارك في المقابلة "

فقلت "حتى لي" فقال "لعله أرسل ولكنه لم يصل إليك"

فقال "هل أنت مستعد للسفر؟ وهل جهزت كل شيئ؟"

قلت "متى يكون تسجيل الدخول؟"

فقال "سبحان الله غدا" قلت "غدا الله أكبر"

أجهشت بالبكاء ولكني ملكت نفسي و تكلفت بالابتسامة له وخرجت منه

 

قصدت بيتي والشمس في وشك الغروب

وفي نفسي تردد لأن أبي قد خرج في حاجته إلى قرية بعيدة عنا

وقد وعدنا بأنه سيرجع مساء الغد إن شاء الله

و لا بد لي من توديع أهلي وأقربائي قبل الفجر لأن أكون في مكتب المعهد قبل الساعة العاشرة صباحا

يا إخواني إنه كان من العادة الواجبة إعداد الطالب الذي سيمكث في السكن أياما

وتوفير ما يحتاجه من أمتعة وألبسة ودفاتر وكتب مدرسية

و وسائد وبطانية وأوراق الشهادات والنفقة ورسم الدخول

صدق أو لا تصدق .

ما كان عندنا شيئ من هذه جاهزة

ولا يملك أبي قوت أهله فكيف يبتغي هذه كلها

ورسم الدخول 3000 روبية(أظنه)

وأنى له هذا المبلغ الذي يكفي قوت أهله لخمسة أيام إلا أن يشاء الله

وحتى ما كان عند أمي روبية ولا فلس

مع كل هذا إذا خرجت فسأخرج بدون استئذان من أبي

لأنه لا يملك الجوالة فعسر علينا الاتصال به

ثم إنه لا بد من والد أو ولي أو مسؤول لتسجيل دخولي.

جلست على الكرسي وأنا حائر مرتبك

ترددت في أمري والدتي التي لا تعرف شيئا عن هذه الحياة الخداعة

التي ملئت طمعا في العيش وتملأ في الكيس

وزادت آلامي حينما أتذكر فراقي لقريتي ومدرستي

وبيتي ووالداي وإخوتي وأختي بل وحياتي بجميع أحلامها وجميل آمالها

إنه كان شبه محال أن أمشي على طريق لم أتعود عليها

و أسير إلى قرية ليس بها أنيس وجليس

نظرت إلى وجه أمي وهي جالسة تنعس واغرورقت عيناي وصرخت في نفسي

يا أماه يا ليتني قد مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا

إنها صرخات موتي وصرخات مشاعري

تبعثرت ذكريات قلبي

أقول يومي هذا وأكتب لكم وأنا أروح آلامي التي ابتلت بموجات من البكاء

"إن الذي يعلم الجهر وما أخفى ويغفر كل ذنب ويرحم من ادعى له صاحبة وولدا ولا يضل ولا ينسى والذي وصف آلام حبييه نبي الله يعقوب الذي اصطفى

فقال "وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ "

وآلام كليمه نبي الله موسى

فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ

لا يترك عبدا في أحزانه يغترق فيه بلا منقذ ويقف حائرا بلا هاد ولا ناد

ولكني ما كنت أفقه حكمة الله حينها

ذهبت إلى بيت خالة لي

طرقت بابها ففتحت واقترضت منهم مائتي روبية (أظنه هكذا) لنفقة رحلتي

لم أنم تلك الليلة كلها خوفا من النوم الغارق ولكن عيني التمستا شيئا من النعاس في الليلة كلها

و لم يكن لدينا ساعة منبه ولم تنم والدتي مرتاحة

استيقظت مبكرا قبل الفجر

وجعلت أستعد لسفري وأنا أمسح النوم عن وجهي

قد نسج السكون قريتي بخيوطه

إلا نهادة النباح كانت تحاول أن تمزقها

بدأ رجوع الحباحب إلى مساكنها

وحكم السواد الطرق

قد بدأت مصابيح سواريها تفقد قوة إنارتها

وقد زادت كل هذه الطبيعة سيطرة الأحزان على قلبي

تنقلت ذكرياتي كالخيتعور

سكبت كل الأفراح المتبقية بدموعي

وجعلت أكتب إلى أمي رسالة بأنفاسي

" لا تبكين يا أمي لفراقي فإنه ليس لي اختيار في أمري

قد غُلبت فإنه أمر لا ينادى وليده

ولتمت هذه الدموع ولتلد العيون خير بناتها"

والله إني أجهد نفسي وأتعبها لأصوغ لكم ذكرياتي صياغة حسنة

ولأكسو كلماتي روحانيتها لتصلكم حرارة دموعي

ولاعتي التي كادت أن تقتلني

ولست أريد المبابغة ولا المغالاة

جاء أخو عمي وقد وعد أمي بمصاحبته في سفري

حتى يوصلني إلى المعهد-جزاه الله خيرا وأعاده الله إلى رشده-

مشيت إلى الباب و وضعت رجلي للخروج

ثم التفت إلى أمي وقد احمرت عيناها من البكاء

جهشت نفسي وكدت أن أصيح يا أميييييييييييييييييييييي

وأرمي بنفسي إلى حجرها

وأتقلب فيه

وقد أصبحت قلوبنا فارغة

ولكني ما يدريني

إن الله لرادي إليها بأحسن ما كان

التفت إليها بحنان و إشفاق

وكانت أمي تمسك بيديها قضيب البواب الداخلي

وتنظر إلينا وقد اغرورقت عيناها

فقلت السلام عليكم يا أمي

فقالت وعليكم السلام وقالت لابن عمي

خذوا حذركم

مشينا نمرخ ظلام السدفة إلى موقف الباصات

ناديت بقلبي كل المخلوقات التي صاحبتني في حياتي بغير خيانة

يا شمس المشرق لن تراني في الغروب

يا قمر المغرب لن تراني في الطلوع

ويا بحير الأمواج لن تراني في الساحل

وداعا لأهلي وقريتي وصبائي

ثم ....وداعا .....لذكرياتي....اهتز قلبي بالبراكين

لا تظنوا بكلماتي إنها مجرد وصف لإثارة المشاعر

والله إني لأحب هذه المخلوقات حبا جما إلى الآن

وودعتها بقلبي حقا....آه......آه.......ثم ......آه

كأني أقول لقريتي لولا أن قومك أخرجوني ما خرجت

 

وصلنا إلى المعهد في الوقت المؤقت

دخلت مكتب الجمعية وكان في الطابق الرابع

فإذا حشد من الطلاب جاءوا مع آبائهم بباب المكتب

فدارت في القلب ألف تساؤل

هل يسجل قبولي وكيف تقول بأن ليس لديك رسم الدخول

لا إله إلا الله وتوكلت على الله (سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

دخلت المكتب وسلمت على الأستاذ خليل الرحمن

فأجابني بوجه باسم فأثلج صدري

أخبرته حالي بكلمات يسيرة ولم ينتظر حتى أنتهي

"قال لا بأس ,عليك بكلها في الأيام الآتية"

شكرته وخرجت من عنده

وجزاه الله خير الجزاء ولا أنساه له أبدا

وودعت ابن عمي وأنا مكتظ بالدموع والآلام

وانتهى كل شيئ فاللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا

وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا

 

دخلت المعهد

كان المعهد في وسط فناء واسع

و المعهد يحوي ثلاثة مباني لاثنين منها طابقان

وهما سكن الطلاب و المدرسة

والمبنى الثالث للمطبخ والمطعم وسقف بخرسانية مسلحة

ليبنى فوقها طابق ثان ولكن لم يبن فوقها إلا علية للأستاذ

وقد بني مبنى رابع ذو طابقين بعد سنوات من التحاقي

الطابق الأرضي للصلاة والطابق العلوي لم يبن وقت دراستي من المدرسة

وقد سمعت أنه بني ونقلت المكتبة إليها

تلك المكتبة التي عشت فيها ولي فيها أحداث طريفة

سأذكرها في قصتي هذه

وقد كتبت فيها مقالة خاصة سميتها

"المجالس العلية من مكتبة دار التوحيد السلفية"

وحول المعهد مناظر خلابة

حقول خضرة وجبال عالية ماشاء الله

 

بعد هذة التوطئة عن المعهد

أسير في مسيري

 

لما دخلت المعهد أخذتني غربة

وجوه لا أعرفها وابتسامات لا أعرف أثمانها ولا خباياها

ما كلمت أحدا إلا سلاما سلاما

ذهبت إلى سريري الذي أعد لي

وضعت بجانبه كل أمتعتي المتواضعة

نظرت إلى حشية السرير وكان حشوه من ليف النارجيل

تلك هي حشية السرير في مدارس إسلامية لفوائد عديدة

ولكن كثير من طلبة العلم لا يدركونها لأسباب كثيرة

ولكن هذه الحشية لا بد لها من ملاءة وإلا فلا يرتاح النائم في سريره

ما كان لدي ملاءة لأرتاح في النوم ولا أثواب جديدة لأتجمل

ولم يكن أنيس لي ولا جليس

ضاقت بي الأرض

تغيرت الأحوال

كان يوما شاقا فلما كانت الليلة لم أستطع النوم

جاءت وجه أمي الباكية في أعيني

ووجوه إخوتي الضاحكة في ذاكرتي

وأخذتني أبابة وحنين إلى قريتي

وما كانت تحتي ملاءة وما كانت فوقي بطانية

وكثير من إخوتي الطلاب غارقون في النوم

كنت أسمع نفخهم إلا من كان حالهم مثل حالي

فجعلت أنظر إليهم وأتخيلهم إخوتي وأبكي

ما أحزن ذلك اليوم

أمواج دجج بلا تموج مكثت معي تحمل أحزاني تظل في بحري

ودرر دموع أولدت بعيني غربا بذكريات سجلت في خواطري

فلا راحة في ليال إذا لم تنوم أطفلا في حجرها عن الدواهي

فسبحان الذي جعل الليل لباسا والنوم سباتا ولم يجعل للنوم أوقاتا

استيقظنا لأذان الفجر وشهدنا قرآنه

ورجعت إلى سريري

دارت في قلبي تساؤلات كثيرة

هل يجيئ أبي اليوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وحينما كنت أتقلب في السرير حزنا

فإذا هو أبي بالباب يدخل مبتسما مهللا

الله أكبر والحمد لله حمدت الله في قلبي

جلس أبي في سريري وسلم علي وانبسط إلي في الكلام

كأنما أتكلم إلى صديق لي ونصحني وحثني على طلب العلم

فأعطاني ما كان في يده من أمتعة استطاع إليها ذلك اليوم

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

ودعت أبي وأنا أبكي في قلبي لأنه آخر عهد به حتى العطلة المقبلة

رجعت إلى سريري وفي تلك الأيام لم يحل لي طعام ولا شراب ولا نوم

مرت بعض الأيام هكذا بلا عنب

فتحت صفحة جديدة في حياتي

جعلت الهمم تعلو في خاطري

انبجست منها شرر في قلبي

وانفجرت مني ثورات قادتني نحو التقدم

فجعلت في الليالي الحالكة أتقلب في سجودي وأقول"رب زدني علما"

"اللهم إني أسألك علما نافعا" هذه هي الأدعية التي أكثرت منها

ولعل ربي قبل مني فجعلت أتقدم

ذهبنا إلى الفصل الأول ونحن غرباء

أول يوم دراسي في معهدي

كأني أصَّعَّد في السماء من قلقي

جلست على كرسيي

وجلس بجانبي غريب لي

ففاجئنا الأستاذ خليل الرحمن بمجيئه

فقال السلام عليكم

قلنا وعليكم السلام ونحن جلوس

هذا غير ما عهدناه في مدارسنا الرسمية

والذي هناك

نقوم لأساتذتنا ونسلم عليهم ثم نجلس

كأن هؤلاء ملائكة الرحمن

تنبجس مني كلمات لأصفهم بها

لما يريدون من تلاميذهم من تبجيل وتوقير بإجبار

ويريدون ما كره النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه

أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا

 

جلس الأستاذ على كرسيه .

بشاشة وجهه فجرت في قلبي ينابيع الإيناس

واستفسرنا عن أحوالنا

ثم سأل عن درجة كل واحد منا في المقابلة الشخصية التي جرت

سأل "من الأخير" فقام طالب فقال "أنا"

ثم سأل من في التاسعة والثلاثين ...هكذا إلى أن يصل إلى الدرجة الثانية

فقام طالب فقال "أنا" ثم جلس

ثم سأل "من في الدرجة الأولى؟" (سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فلم يقم أحد ولم يبق أحد إلا أنا

ولم أقم وتبسم الأستاذ ضاحكا فقال "ما درجتك؟"

قلت "لا أدري" فقال "ألم تحصل على رسالة إخبارنا"

قلت "لا " فتبسم أخرى

ثم تكلم إلينا في أمور للطمأنن

حتى اطمأنا وسكنت خفقات قلوبنا

ثم قال "ستبدأ الدروس –إن شاء الله –من الغد

ويجوز لكم الرجوع إلى السكن والسلام عليكم"

(أو بدأت الدروس من ذلك اليوم)

وحين علمت أني في الدرجة الأولى في المقابلة

طارت ذكريات قلبي فرحا

وكدت أن أصيح يا أمييييييي امسحي دموعك

وابتسمي وقري عينا

وإني حين أقول "طارت ذكريات قلبي"

لا أستطيع أن أقول "طار قلبي"

لأني في أيام معهدي كلما وقعت في قلبي حبور وأنداء

وقعت قطراتها على أحداث راقدة مضت في صبائي وشبابي

فتستيقظ وتقوم وتنض أجنحتها لتطير إلى الماضي وتراه رأي العين

وتجبر ما انكسرت من لحظات خطأ عدت في أيامي ولكنها متكسرة

وأرواحها محتضرة فتسقط وحينها تنظر إلى تلك الحبور والأنداء

التي أيقظتها من نومتها ببلالها نظرة بريئة وتعانقها وترحب بها وهي تحن

وحين تصتخب تلك الحبرات بعبراتي لا أستطيع أن أقول "طار قلبي"

مضت بعض الأيام هكذا

وبدأت الحروب ضد جنود الشياطين في حياتي

وحمي الوطيس وتبدلت الأيام

صرت أتفكر فيـ "ما هو الحزن"

أحزان............

وحين تختلط دماء طفل بدموع أمه

وحين تزول سناعبه من لمع أثدها

وهي تنظر احتضاره في حجرها

وتشنج أصابعه وحشرجة قلبه واقشعرار جلده

وحين تسقط رأسها على طفلها ألما وانكسارا

و تصير تلك البهجة جثة تدفن في التراب

وتتمنى موت بهجتها من قبل هذا وتنادي كل جمل بعد ليت

وتشتاق إلى كل جمل بعد لعل

أحزان من هذه.................؟

إنها أحزان أمهات فلسطين وأمهات أفغان وأمهات كوسوفا

وأمهات كشمير وأمهات بوسنة وأمهات.......وأمهات......

والله يا إخوتي.........إن الأهوال والأحداث أبشع مما وصفتها

ودموعهن أسخن من أحرفي ودمائهن أدمى من أسودي

وحينها.....

انهمرت مني دموع وهطلت من أعيني أمطار

واستحيت مني حيائي أي حزن هذا !!!!!!!

أي حزن ذاك........

 

بدأت أتفكر في حقيقة الحياة وبلاياها فتجمعت في قلبي نيات

ما هو الحزن الذي أنا فيه؟

نبيك محمد صلى الله عليه وسلم

مات أبوه وهو جنين في بطن أمه

وتموت أمه وهو صبي

ويموت جده وهو صبي

وتموت زوجته خديجة رضي الله عنها وهو حي ينظر إليها

ويموت عمه الكريم الذي كان حصنا له في دعوته وهو يدعوه ليشهد ولم يشهد

ويموت له ابن ثم ابن ثم ابن وهو يحمل صبيه في حجره "ونَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِى شَنَّةٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"

وتموت له بنت ثم بنت ثم بنت ويبشر الرابعة بالموت وهو ميت صلى الله عليه وسلم

وسرعة اللحوق به بعد موته فتفرح تلك الزهراء أيما فرح رضي الله عنها

وأخرج من بيته بل من بلدته التي أحبها أيما حب

قد خرج وهو يقول "إنك لأحب البقاع إلى الله ،

ولولا أن قومي أخرجوني منك ما خرجت "

و يمشي في الصحراء ويتسارك مع خليله

ويتكتك على أنقاض الحرة ويصل إلى يثرب

ولا يطيب عيشهم فيها لأبابتهم بمكتهم

فيقول أبو بكر رضي الله عنه إذا أخذته الحمى

" كل امرئ مصبح في أهله * والموت أدنى من شراك نعله "

ويقول بلال رضي الله عنه ويرفع عقيرته

ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بواد وحولي إذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة * وهل يبدون لي شامة وطفيل

وقال اللهم العن شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة وأمية بن خلف

كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء

وينظر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يجد في نفسه ما يجد أصحابه في أنفسهم

فيقول " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد

اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا

وصححها لنا

وانقل حماها إلى الجحفة"

ثم بعد كل هذه البلايا والمصائب والفتن

وبعد كل هذه الأحزان التي اعتصرته ألما

وتركت في قلبه طللا

يصلي في الليالي حتى تتورم قدماه وتتفطر وتنفتخ

فتسأله عائشة رضي الله عنها وتقول

" لم تصنع هذا يا رسول الله

وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم

( أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا )

الله أكبر الله أكبر الله أكبر

إذن أين أحزانه التي يحملها قلبه

وآلمه التي أدمعته وصاحبته إلى ذلك اليوم

فوالذي نفسي بيده

هو الرجل الذي عرف حقيقة الحياة

وحقيقة الأحزان والأفراح

والله ما زلت في مثل هذا التفكير وفي مثل هذه القصص (ليست هي بعينها)

حتى غيرت مشواري

فجمعت كل هممي في تحصيل العلم

فجعلت الورود تزهر في قلبي

وخضت في طلب العلم

فكانت مواقف كثيرة طريفة في سبيل طلبه

أريد أن أسجل منها ما وقر في قلبي لذته إلى هذا اليوم

 

(غدا أرتاح من سفري)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

كان أحب الدروس إلي درس اللغة ودرس النحو والصرف

مقرر اللغة العربية في الصف الأول كتاب الدكتور عبد الرحيم "دروس اللغة العربية 1,2"

الجزء الثالث هو مقرر الصف الثاني

أستاذ اللغة العربية

هو الشيخ مكرم حفظه الله خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية

كان ذا وجه باسم طويل القامة سمين الضواحي

 

ومقرر النحو والصرف في الصف الأول كتاب "مجموعة النحو"

يشتمل على تسعة كتب في موضوع النحو والصرف

1-ميزان الصرف 2-أجناس 3-أجناس الكبرى

إلى هنا ينتهي مقرر الصف الأول

4-وزنجان 5-عوامل مقرر الصف الثاني

وبقيته ليست بمقررة

وهي الكتب 6-تقويم اللسان 7-تحفة 8-قطر الندى 9-شواهد القطر

والكتاب أمره مشهور في جنوب الهند وسريلنكا

وأستاذ النحو والصرف في الصف الأول

هو الشيخ مصطفى خريج الجامعة الاسلامية بالمدينة النبوية

كان الشيخ رقيق القلب حفظه الله

 

أما في الصف الثاني فكان أستاذ النحو فيه

الشيخ أدهم خريج جامعة الملك سعود

كان صبيح الوجه ذا مزاح مع الطلاب

ومع ذلك فهو شديد في الدرس

فإنه إذا دخل الفصل يأخذنا الرعب

ولكنا لا نريد غيابه لجمال كلامه وحسن نظامه حفظه الله

ومقرر الصف الثالث والرابع قطر الندى للإمام ابن هشام الأنصاري رحمه الله

ولعله كان هو المقرر في الصف الخامس أيضا

وكان أستاذه الشيخ أنصار خريج الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية

تخصص القرآن وتفسيره وقراءاته

كان ذا مهارة فائقة في النحو ويدرسنا على ظهر قلب

لا ينظر إلى الكتاب إلا ليعرف مواضيع المسائل

ويوما صلى بنا بقراءة ورش عن نافع حفظه الله

مع ذلك كان الشيخ متواضعا جدا ولي معه مواقف رائعة

سآخذكم معي لنمر بها إن شاء الله

 

ومقرر الصف السادس أظه شرح ابن عقيل

وكان أستاذه الشيخ أنصار نفسه

سبب نسياني بعض المقررات

أنه تدهور إيماني بهذه المقررات في المعهد لأسباب كثيرة ستعرفها إن شاء الله

أما الصف السابع وهو آخر السنوات الدراسية فلم أدخله

وحتى نصف السنة السادسة الأخيرة فلم أكن فيها

وقد عُزلت عن المعهد لأسباب ستعرف تفصيلها

ويعلم الله مقاصدها والله حسيبنا وهو أحكم الحاكمين

 

أول درس صرفي بدأ

بـ فعل ,فعلا ,فعلوا ,فعلت ,فعلتا ,فعلن

فعلت ,فعلتما ,فعلتم ,فعلت ,فعلتما ,فعلتن

فعلت ,فعلنا

 

لماذا نحفظ هذه ؟ لم تسمى هذه ميزانا؟

ما هي المواد التي نزن به؟ سؤال بعد سؤال دار في قلبي

حتى حفظنا أكثر من مائتي وزن من "فعل"

ما أشقها في تلك الأيام

وما أسهلها على لساننا اليوم

جننا في حفظها

فكنا نزن الأسماء التاملية بهذا الميزان ليسهل علينا

"آنْ" اسم لمسمى "الرجل" باللغة التاملية

فمن جنونا نصرفه ونزنه بالميزان الصرفي

مثل:-إذا كان درس ذلك اليوم "فَعَلَ يَفْعُلُ"

نحفظ فعلا على هذا الميزان نحو

نَصَرَ ,يَنْصُرُ ,نَصْراً ,فهو ناصِرٌ

نُصِرَ ,يُنْصَرُ ,نَصْراً فهو مَنْصُوْرٌ........

نخرج من الفصل للفسحة

فترى كل كائن لا نعرف أسماءها باللغة العربية

يفر منا كأن هؤلاء تقول "جاء الإرهابيون فلا يتركنا

حتى يقيدونا ويزنونا بميزانهم السلاحي الذي اخترعوه اليوم

ويغيروا كل معالمنا"

ولكنا نلقي القبض على أحد منهم

ونضع على ميزاننا ونزن

آنَ ,يَؤُوْنُ ,أَوْنا فهو آنٌ (رجل في التامل)

أُوْنَ , يُآنُ ,أَوْناً فهو مِيْنْ (سَمك في التامل)

هذا لا نزها وفق الميزان ولكن لمجرد الوصول إلى الأسماء التاملية

وهذا التطبيق قد جعلنا نعد هذا الدرس من أسهل الدروس

وإنا لنستطيع اليوم أن نؤديها على ظهر قلب بدون أي مذاكرة أو مراجعة

بكل أبوابه من الأصول والمتفرعات منها والشواذ والمطردات والملحقات بها

واللوازم والمتعديات-الحمد لله-

 

كنت أدخل المكتبة كل يوم

وأسرع إلى رف قسم اللغة والنحو

أجلس على الأرض

آخذ كتابا وأضع كتابا

وأنا لا أدري ما أخذت مما وضعت ولكني قرأت

ولا أدري هل أقرأ أم أصرخ

أكتب الألفاظ العربية في ورقة بيضاء بسوداء أو زرقاء

بأحرف عربية مضحكة ولكن...

إذا مشى الرجل مشية الطفل فهو ضُحْكة

وأما إذا مشى الطفل تلك المشية فهي عجب وضُحُكة

كنت أعتاد الذهاب إلى المكتبة

كان يحضنا الأساتذة على حفظ كثير من الألفاظ العربية

صدق أو لا تصدق

أني في يوم ما حفظت أكثر من ستمائة كلمة أديتها على ظهر قلب

ولكن لم أستطع إنقاذها من النسيان الإرهابي

وقد اختطفت أكثرها (ابتسامة)

 

كانت في المكتبة مجموعة "أجزاء قصص صغيرة" للصغار

نسميها "صندوق الدنيا"

وكانت قراءتها شبه واجب علينا

يستعير كل واحد من زملائي جزءا منها

وأنا مثلهم ولكني طماع في أن أفوقهم في كل شيء

وأنتم أيها الإخوة المتابعين تعرفون السبب

لا أقرأ جزئي ولكني أسرع إلى كتابة الكلمات التي تحتويها القصة

ثم أمكث حتى إذا خرج زملائي من الفصل إلى أكلَة الظَّهيرَة (الغداء)

آخذ أجزاءهم (وأكثرهم يعلمون عملي هذا)

وأكتب كلمات قصصها

وكتابتها لا تأخذ وقتا طويلا

لأن صفحات الجزء الواحد لا تتجاوز عشرا

ولكن هذا العمل قد يأخذ أسبوعا

فتجمعت في مذكرتي وذاكرتي ألفاظ كثيرة

أول جزء قرأته هو "تيتي والبطة" ثم"الأرنب والجزرة"

وكنت أستعير دفاتر الكلمات العربية

من طلاب الصف الثاني ثم الثالث ثم الرابع

وأسجلها في دفتري وأحيانا في ورقة منزوعة من الدفتر

كنت دائما في كل صلاة بعد التسنن

آخذ ورقة من جيب القميص وأراجع الكلمات التي فيها

ثم أدخلها فيه وآخذ من جيب البنطلون ورقة وأراجع الكلمات التي فيها

ثم أدخلها فيه وآخذ الدفتر وأراجع الكلمات التي فيها

أغدو بذاك الدفتر وتلك الورقات وأروح بها

ويوما لما كنت عند رف قسم اللغة العربية في المكتبة

وقعت عيناي على كتاب كبير الحجم

أسمر اللون أو بني اللون

اشتقت إليه بدون سبب

اسمه "اللهجة" تصفحته من البداية إلى النهاية سطحيا

ثم أغلقت الكتاب .وحين انتهيت من القراءة

عرفت أنها باللغة العربية !!!!!!!!

حزنت حزنا شديدا .

لماذا لا أستطيع فهم الكتب العربية؟

أين ذهبت الكلمات التي حفظتها؟

تساؤلات دارت في قلبي

وجدت أجوبتها في الأيام التالية

ويوما لما كنت عند رف قسم اللغة العربية في المكتبة

وقعت عيناي على كتاب فضي اللون في وسط الغلاف

ذهبي اللون في حرفه

متوسط الحجم

أخذته وقرأت موضوعه "المنتخب من غريب كلام العرب"

تصفحته ففهمت شيئا

وذلك أن هذا الكتاب يحتوي على كلمات مترادفة

ولكنها غير مستعملة أي غريبة

كدت أن أطير فرحا

كتبت منه كثيرا من الألفاظ الغريبة

مثل "أبو عثمان" كنية حنش –حية عظيمة سوداء

فحدثت طريفة لهذا الاسم

يوما أمرنا أستاذ اللغة بكتابة بعض الجمل باللغة العربية

فكتبت جملة :-

"ضربت أبا عثمان الذي كان تحت سريري"(أو نحوها)

فدعاني الأستاذ كأنها ساءته فقال" ماهذا؟"

فقلت "أبو عثمان كنية الحية"

فضحك الأستاذ حفظه الله وآجره الله أجرا حسنا

وما مثلي ومثله إلا كالذي وقعت بيده لؤلؤة صناعية فظن أنها تعجب الغواص

حفظت من هذا المنتخب أفعالا لنزول المطر مثل هطل, ونزل ,أمطر....

و تركته بعد هذا ولعلي عدت إليه بعد هذه مرات قليلة

ثم عرفت أن هذا الكتاب الذي بعثرته (لا أقول قرأته)

للإمام أبي الحسن علي بن الحسن الهنائي المعروف بكراع النمل (ت 310هـ)

(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وكنت أدرس بنفسي دروس اللغة العربية جزءا جزءا

فدرست كلها قبل الامتحان النهائي للصف الأول (أظن الأمر هكذا)

وكنت شغوفا بأجزاء النحو الواضح الإبتدائية

ولم أجد هذه الكتب في مكتبتي

إنما حصلت عليها من كنز أبي المحتفظة

كانت لي معرفة جيدة باللغة التاملية

فكنت أتعجب من قواعد اللغة العربية وأصولها وطرائقها

مثل قاعدة تنويع "الجملة" اسمية وفعلية

إذا بدأت الجملة بالاسم فهي اسمية تتكون بمبتدأ وخبر

وإذا بدأت بالفعل فهي فعلية تتكون بفعل أو فاعل

لم يكن عجبي منها لمعرفتي بمقاييس علم الألسنة

وهذا لم يكن يخطر في بالي لمبلغ علمي يومها

ولكن الذي أعجبني منها "الجملة الفعلية"

لأن لغتنا التاملية ليست هناك جملة فعلية من حيث "الابتداء "

إلا في الشعر

ولكن نوعها علماؤها من حيث "الانتهاء "وذلك أنه

إذا انتهت الجملة بفعل فهي جملة فعلية تتكون من مبتدأ وخبر فعلي

وإذا انتهت الجملة باسم فهي جملة اسمية تتكون من مبتدأ وخبر اسمي

لهذا الغموض الذي اعترى تنويع الجمل

ما كنا نهتدي إلى التفرقة بين الجمل إلى اسمية وفعلية لغة "التامل"

أعني بالغموض "المبتدأ" لأن الجملة اسمية كانت أو فعلية تبدأ بالاسم

فالذي يتغير ما يليه من الكلمة

إذن كيف نقول هذه اسمية وهذه فعلية لأن الكل تشمله قاعدة الجملة الاسمية في لغة القرآن

هذه النكتة كانت لي واضحة حينها

ولكني أقول صراحة إني لا أتنقص من لغة التامل

ورأيي فيها أنها من أقدم اللغات العالمية

وأقدم عهدا من العائلات اللغوية

إن شئت جئت لك ببراهين

وحجج قوية في إبانهه

وحين قرأت كتاب الأديب العقاد

"أشتات مجتمعات في اللغة والأدب"

طار فكري فوق محاسن لغتي

ومنابعها وكان الأديب عدلا في مقابلته ومقارنته بين اللغات

و عدلا في استدلاله لأقديمة اللغة العربية

هذا هو المعهود منه في أكثر كتاباته

وزدت ثقة في إعجابي حين قرأت موضوع

"من المقارنات بين اللغات الجملة الاسمية"

من ذاك الكتاب فاقرأه إذا شئت

ولعلي استطردت فلي عذري إن شاء الله

 

اشتد حرصي في حفظ الكلمات العربية

حتى والله لم يحل لي طعام ولا شراب

ولا أستحيي أن أقول

حتى إني كنت زاهدا في الذهاب إلى المستحم للاغتسال

لشيء من بعده عن المعهد

وظني حينها أن الإكثار منه مضيع للوقت

وكنا نغتسل من البئر

ندلي الدلاء وننزع الماء ونفرغه

على رؤوسنا ونغسل ثيابنا

وفي فناء المعهد بئران

بئر في الأمام وهو مستخنب الماء

وبئر وراء المطبغ

وهناك ثالث وهو الذي نستخدمه للاغتسال

وهو في حقل وراء المعهد

وفي المعهد صنابير كثيرة

ولكن لا يسمح لنا باستخدامها

إلا للوضوء وغسل الوجه والبدن ما دون الاغتسال

فبعدت علي الشقة لما عرفت من قيمة الوقت

كل الطلبة يعرفون مني هذا جيدا

 

ثم اكتشفت طريقة وسلكتها

أصحو سحرة في الساعة الثالثة والنصف

وذلك بساعة قبل أن يستيقظ أكثر الطلبة

وأغتسل في الصنبور والليل في حلكته.

كانت علي أسهل فاتبعتها

*********************

وحين أذكر ريعان شبابي وأكتب أحداثا جرت في معهدي

كأني مثل الصبي في غدير من شاجن يمتاح من هنا وهنا

ليمسك أسماكا تتراءى له هنا وهناك مرجانا وأنشوجة

أسماك تدوص وتختفي وأسماك تنملص من يديه بعد ما أمسكتها

وأريد أن آتيكم بمتلألئ من طوارق تنام في نواحي السحاب

ومن تلكم اللآلئ التي يكاد يخمد نورها

 

 

(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مؤتمر عقدته جمعية أنصار السنة المحمدية

في ميدان المعهد الواسع عام 1998 وأنا تلميذ الصف الأول

وسمعت أن الشيخ زين العابدين عالم جنوب الهند

داعي الأمة المسلمة التاملية والذي أفنى أكثر عمره

في دعوة التوحيد والتحذير من الشرك والبدع والخزعبلات

ولقي في سبيل الله من أذية وضرب وطرد وسجن وإخراج من البلدان

بالوشايات ...

سمعت أنه يأتي إلى هذا المؤتمر

فرحت كثيرا بهذا الخبر وشكرت الله شكرا كثيرا لهذا الشرف

 

بدأ إصلاح الميدان بإزالة الأشجار والأعشاب

وكان أرجاء الميدان موحلا

فملئ هذا الموحل بالتراب والأحجار

فصارت تلك الأرجاء فاقدة لتاريخها الماضي

كأنها ولدت حينها

كانت تلك الأيام شبه عطلة

جعلت هناك خيمة ضخمة تبلع في بطنها أكثر من عشرة آلاف

ومنبر يسع لأكثر من ثلاثين عالما

أصدرت النشرات ووزعت في معظم أصقاع سريلنكا

قبل موعد المؤتمر كنا نرقى المنبر

ونعقد محاضرات كأنا أمام آلاف من الناس مازحين

ولعل الجن قد انتفعوا بنا

 

سمعنا قدوم الشيخ زين العابدين والشيوخ الآخرين من الهند

وعلماء آخرون من سريلنكا

جاء الموعد بدأ المؤتمر

هالني عدد الحضور لأنهم كانوا أكثر من عشرة آلاف

فاكتظت الخيمة بهم

بدأت المحاضرات وكنت لا أهتم بأية محاضرة تجري

لأني كنت انتظر الشيخ زين العابدين

كان موعد محاضرته بعد المغرب

كنت أعد رؤيتي إليه مباشرة

من الشرف

لأني سمعت محاضراته الكثيرة من الأشرطة

وكان شديدا على المبتدعين

وسمعت عنه أنه رجل متواضع جدا

ويأكل من كسب يده

وكل هذه المسموعات جعلت له في قلبي مكانة عالية

كنت في مقدم الخيمة بعد صلاة العصر

فجأة انصرفت رؤوس الحاضرين إلى اليمين

فقلت للذي كان بجانبي "ما شأنهم؟"

فأجاب قائلا "الشيخ زين العابدين بجيء"

قمت أبحث عنه فلم أره

صرفت وجهي إلى المنبر

فإذا الشيخ جالسا على الكرسي

وعلى وجهه نظارة

أسود اللون ولباسه كان متواضعا جدا

وعلى رأسه كوفية مشبكة بيضاء

خيم السكوت على وجهه

فجأة قام الأستاذ خليل الرحمن من كرسيه

فقال "أين مجاهد؟" ولم أسمع ما قاله فكرر مرات

ثم قام الشيخ أبو بكر صديق فقال "أين مجاهد؟"

وقال صاحبي بجانبي "المدير يدعوك"

أخذتني قشعريرة لماذا يدعونني

فقمت وفي وجهي قلق ظاهر

فقال أين كنت ,ارق على المنبر حان وقت الصلاة أذن لصلاة المغرب"

الله أكبر ألهذا دعيت

الحمد لله

كنت أأذن في مسجد المعهد ومسجد الجمعية

مؤذن المسجد رويد دائما يدعوني للأذان

وكنت أحب التأذين كثيرا

يقولون الناس إن صوتي جميل

ولعله كذلك(ابتسامة) (سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ولما فرغت من الأذان ومشيت بكراسي العلماء

ومشيت بالشيخ زين العابدين

بادرت إلى السلام عليه فرد علي السلام

اعتززت بهذا الرد

نزلت من المنبر وسرت بنؤى المخيم

فدعاني رجل فقال "أذانك جميل ما شاء الله ولكني رأيتك فتحت راء " الله أكبرَ الله أكبر" وهذا لا يجوز"

فقبلت منه وقلت له "جزاك الله خيرا"

ما يدري هذا المسكين أني مسكين

وبضاعتي مزجاة

بعد هنيهة بدأت محاضرة الشيخ زين العابدين

عنوان المحاضرة "الأقلية المسلمة بين الأغلبية المشركة"

ولكن الشيخ حريص على نقد الفرق الخارجة عن الإسلام

فلذا رأيت الشيخ نوع "الأغلبية المشركة"

من حيث أنها مشركة إلى نوعين :-

1-الفرق المارقة عن الإسلام لأن من ينتسب إليها كثرٌ

2-الكفار من البوذيين والهندوسين والنصارى

 

فتعجبت لتنويعه للموضوع وتصويره له

والشيخ أخذته حماسة في محاضرته

فانتقد الشيخ القرضاوي لفتاويه المتساهلة للأقلية المسلمة

وقرضه قرضا

واحمرت عيناه حين انتقد فتواه بشرعية "عيد مولد النبي صلى الله عليه وسلم"

فقال "من أنت حتى تفتي به ثم إنك لم تأت ولو بدليل واحد"

"والإسلام لا يحتاج إليك وإلى أمثالك ولكنك محتاج إليه" (ونحو هذه الكلمات)

ومثل هذه الكلمات توالت من فيه كالشرر

وقد فهمت هذا الموضوع فهما جيدا

لأنه كانت بيني وبين "الجماعة الإسلامية"

بعض العلاقات قبل لحوقي بالمعهد

ولقد أهملت ذكره لأن قلبي لم يرد حمل قلمي على تلك الذكريات

 

انتهت المحاضرة وجلس الشيخ على كرسيه

وألقيت كلمة الشكر وانتهى المؤتمر

التف حول الشيخ بعض محبيه

وكنت أيضا من هؤلاء

جرى هناك شبه برنامج "سؤال وجواب"

ولم أستطع الكلام معه وقام الشيخ مع أصحابه ونزلوا

وكنت قائما أنظر مرورهم وقد أشجاني خروجهم.

 

ومما لم يزل مصورا في قلبي

وصار كمنقوش الحجر في ذكري

دموع الشيخ أبي بكر صديق رئيس الجمعية

مدير المعهد وتلميذ الإمام ابن باز رحمه الله

أمام جمع من الناس بعد محاضرة له أو بعد خطبة جمعة لغيره

قام الشيخ حمد الله وتشهد وأثنى على النبي صلى الله عليه وسلم

وكان صوته القوي قد ضعف ورأيته يتكم وهو يكظم شجونه

لأنه رئيس ولكن للرئيس لا بد من أحزان ودموع

فقال"أمس ......توفي ....."

لم يملك نفسه فلم يكمل الكلمة

فشهق شهقة ونشج فلم يستطع أن يملك

ولم يستطع أن يستره فبكى

وبكت كلماته للخروج من حلقه

فأكمل الشيخ كلامه وهو باك فقال

"وصلنا خبر حزين ....توفي شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله رحمة واسعة" ثم بكى ....

وقال "إني لا أنسى للشيخ نصيحته لي ووصيته.............."ثم بكى ثم قال

"حينما جاءتني فرصة غالية (لا أذكرها ما هي) -قال شيخنا-

"عليك ببلدك اذهب إليه وادع الناس فيه إلى التوحيد

وإن بلد يحتاج إلى أمثالك" (أو نحو هذه الكلمات)

ثم بكى الشيخ

والله دمعت عيناي حين سمعت موت الفرود الذي

استضاءت به الثريا وشهقت نفسي لمست حب التلميذ لشيخه

أظن أن هذه القصة وقعت وأنا تلميذ الصف الثاني

 

خرجت من المسجد وقد أكل دمعي مآقي

ولم تمض أشهر قليلة وقد ارتجت أسماعنا بخبر آخر

 

جاء موظف من المكتب ونحن في الفصل

في درس اللغة العربية مع الشيخ مكرم حفظه الله

فسلم على الأستاذ وتكلم في أذن الشيخ سرا

ثم رجع فتوجه إلينا الأستاذ فقال وعلى وجهه أمارات الحزن

فقال "توفي الإمام الألباني رحمه الله"

والله لم أستطع أن أملك نفسي

وترقرقت الدمعات في عيني

ولكني لم أبك أمامهم لأن للدموع ثمنا

وتذكرت دروس "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"

التي أخذني إليها أبي وأنا صبي وحينها حزنت أيما حزن

والله إني أريد أن أصور كل نواحي قلبي الذي أثرت فيه

أخبار أفول تلك النجوم ولكني تذكرت نصيحة أخي "إسلام" فسكت

( سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تكومت هممي كلها في أن أتم كتابا عربيا قراءة

لا أعني بـ "الكتاب" كتاب "بلوغ المرام" أو "زاد المعاد"

إنما أعني رسالة أو نشرة أو جزءا صغيرا يتكلم عن الآداب وأصول العقيدة

لأني تلميذ الصف الأول ولا أستطيع فوق هذا

وجدت بغيتي يوما .

وقعت عيني على رسالة

استعرت تلك الرسالة

انتظرت انتهاء الفصل

تصفحتها و قرأتها

كما يتصفح عالم تحفة الأشراف ليبحث عن إسناد حديث

قرأت سطرا ...سطرين ...وثلاثة سطور...

بل قرأت صفحة بأكملها ...

حينما قلبت الصفحة الثانية

نظرت كم بقي ؟

ماشاء الله فإن الصفحات الباقية ليس فيها الصفحة التي قرأتها

ففرحت فرحا شديدا

ثم قرأت الثانية

حينما قلبت الصفحة الثالثة

نظرت كم بقي ؟

ماشاء الله فإن الصفحات الباقية ليس فيها الصفحتان التي قرأتهما

ففرحت فرحا شديدا

ثم أحزنتني تلك الصفحات الباقية

لماذا لا تأتي لقراءتي سريعة

أغلقت الكتاب ونمت

هكذا استمر الجهاد بضعة أيام

ويوما عزمت على قراءة الكتاب كله

وأن لا أكتحل غماضا حتى الانتهاء منه

فأكملت الكتاب وتنفست الصعداء

وحمدت الله وشكرته

ثم قرأت عنوان مصدر الكتاب

فكان فيه "مؤسسة الحرمين الخيرية...الدال على الخير كفاعله"

على الفور أخذت القلم وكتبت إليها رسالة هكذا:-

"إني قرأت رسالة الشيخ ابن باز "الدروس المهمة لعامة الأمة" كلها

فأرسلوني بعض الرسائل ......"

نعم يا إخوتي لمثل هذه الرسالة صغيرة الحجم

كان جهادي أكبر

ولعلكم تلومونني لوصفي لقراءتي بالجهاد

عذرا........لأني طفل من ذاك اليوم إلى يومي هذا في هذا الميدان

 

وبعد أيام قليلة

جاء أبي إلى المعهد لزيارة ابنه

وأعطاني رسالة مغلفة تحمل في بطنها شيئا ثقيلا

فلمستها بأناملي وتسربت في عروقي كومات الحرص

قرأت عنوان "المرسل"

فإذا فيه "مؤسسة الحرمين الخيرية"

وفتحت الغلاف

فإذا هي أربعة أجزاء أو خمسة من الكتب

ففرحت بهذه الهدية من المملكة فرحا شديدا

كدت أن أنادي كل زملائي وإخواني

"تعالوا فانظروا كيف تقبل الله دعائي مني"

ولكني أعرف أنهم ليسوا بأبي وأمي وأشقائي

فتجمعت تلك الخفقات في القلب وصارت همما

فالحمد لله (وسأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ومن الأصداء التي لا يزال تردادها في حلاقيمي

جلسة أعدها جمعية أنصار السنة للعلماء

لمناقشة مسألة "اعتبار وحدة المطالع أو اختلافها"

التي أثارت لجة في ساحة الدعوة

لأن المسلمين كلهم إلا من شذ من الطرقيين

الذين يهتدون بالنجوم إلى شهر صيامهم

كانوا يصومون يوم صيام أهل سرنديب

ويفطرون يوم فطر أهل سرنديب

ويضحون يوم نحر سرنديب

ولا يعتبرون إهلالا من خارج بلدهم

كما هو مشاهد في كل البلاد الاسلامية وغيرها اليوم

ولكن المدعو يحيى سلمي يرى اعتبار وحدة المطالع

لا بأس بالرأي

ولكنه طبقه و أذهب ريح أهل التوحيد

ووافقه بعض العلماء وخالفه أكثرهم

فعقد هذه الجلسة ليحصلوا على حل لهذه العاصفة

فرحت بقدوم هؤلاء العلماء

وقعت هذه الجلسة المباركة-إن شاء الله-وأنا تلميذ الصف الأول

كنت أقرب إليهم(أظنه هكذا)-الشاي أو العصيرات-

فرأيت الشيخ نوبار رئيس هيئة الإغاثة سابقا و الذي ذكرت عنه

ما كان لي معه في أيام صبائي و أبو يحيى سلمي

جالسا وابنه المومى إليه

فاجتهدت أن يوقع وجهي في عينيهما

وحين انتهت الجلسة وبدأ خروجهم

رآني يحى ورأيت في وجهه علامات السرور حين رآني

وسلم علي وصافحني ودعا أباه فقال

"هل رأيت مجاهد هو ذا هنا"

وسلم علي نوبار فسلمت عليه ولم يزد

فساءني كفه عن تحريك لسانه لكلامه معي

لأنه دائما في صغري إذا رآني

في سيارة الهيئة يقول لي"يا مجاهد متى تجاهد؟"

وتسرني هذه المواجهة منه

ولكن هذا ما قدر الله

والله هو أعلم بخبايا قلب الإنسان

وحين كانوا يناقشون المسألة

دار في بالي سؤال كدت أن أضعه بينهم

وذاك السؤال

"ماذا لو نزل الإنسان على القمر في شعبان

وأراد صيام رمضان كيف يفعل ؟"

ثم أجبت عنه لنفسي بنفسي

"لا بد من إيصال خبر رؤية الهلال إليه من الأرض"

"ولكن أهل الأرض مختلفون فيما بينهم في اعتبار الأهلة باعتبار اختلاف المطالع"

"رؤية أي بلد نوصل خبره إليه؟"

كنت أعتبر هذا السؤال المؤيد لرأي عدم اعتبار اختلاف المطالع حسما للمادة

لقلة علمي وبضاعتي ومبلغ ميدان فكري في تلك الأيام

ولكن بعد سنوات وجدت جوابا عن هذا السؤال وهو:-

"نوصل خبر رؤية بلد النازل على القمر فلا خلاف إذا"

ولكن هذه الأوجه من مناهج العقلانيين في المناقشة

يتفكرون في العالم قبل أن يبحثوا في العلم

يريدون من العلم ما يوافق العالم المشاهد

أعوذ بالله من هذا المنهج العقلاني

 

ومما زادني فرحا وحفظه قلبي

أني فزت في الامتحان النصفي والنهائي بالدرجة الأولى

كم كنت مسرورا حين دعيت أمام الطلاب بأبي بكر صديق مدير المعهد

لأخذ ورقة تقرير الامتحان حين توزيعه لها

"مجاهد فاز بالدرجة الأولى"

كيف قمت وكيف مشيت وكيف سلمت

وكيف مددت يدي الله أكبر شرف على شرف

فرحت من قلبي كل أحزاني وكادت أن تنفجر مني ذكريات قلبي

فالحمد لله الذي أكرمني إكراما

 

ولكن يا أحبائي بعد كل هذه الأحداث والتجارب والأفراح

كم كان أحلى لي إيابي إلى بيتي للإجازة

أريد أن أصفه لكم من أعماق قلبي إبان إيابي

تقول لي خواطري

يا مجاهد!

 

(سأعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

"تعود إلى بلدك ولكن بثوب جديد

بعلم جديد بوجه جديد

ولو لم تتغير الأحوال فقد تغيرت

وتتعلم لغة القرآن لتعمل به و لتعلم قلوبا قد لغت

قد شرح الله صدرك إلى هذا العلم

فلا تجعله بأعمالك غرضا تقصده رماح الآراء السخيفة"

نعم إن العلم الذي أعطيته يجعل لك نورا

فإن قوما – لجهلهم - أخبثوا نارا وجعلوها إلها

فقد ظلمت النار بالجهل

فإن من كشفها سماها نارا

وإن من خافها سماها إلها

ومن تفكر فيها وانتفع بها سماها نورا

إذن فإن العلم نور من إلهي

وإن نور الله لا يعطى للعاصي

 

ما كان رجوعي إلى بلدي مجرد رجوع

ولكنه رجوع روح فارق جسمه حالة نومه

 

استعددنا للسفر تحايينا بالسلام

ركبت الحافلة

حافلات السيلان لا نحتفل بأكثرها

وكان علي ركوب ثلاث حافلات

واحدة بعد واحدة للوصول إلى مولدي

الأولى تأخذ نصف ساعة من وقتي

يبدأ سفرها من قرية معهدي "بَرَكَهَدَنِيا"

وتقف بـ"كُرُناكَلْ"

وفي طريق السفر إليه قرية "مَلَّوَبِتِيْ"

وفي هذه القرية شاهد كبير على جهالة الطرقيين

يؤمن هؤلاء الطرقيون أن هناك قبرا لولي كان ملكا لـ"كُرُناكَلْ"

والسبب عندهم لولاية هذا الملك مجرد التزوج من امرأة مسلمة حسناء

عجبا من أمر هؤلاء الناس

ثم اسم هذا الملك مشهور بينهم وبين الآخرين إلى هذا اليوم

بـ"كَلَيْ بَنْدارَ " وهذا الاسم من أسماء الكفار البوذيين

وأسماء المسلمين أكثرها عربية وبعضها أردية وبعضها فارسية والقليل منها بلغة "سُوَنَحَمْ"

فالحمد لله على نعمة العقل

 

والحافلة الثانية تسافر إلى "نِكَمْبُوْ" من "كُرُناكَلْ"

و تأخذ من وقتي ساعتين والنصف

 

والحافلة الثالثة تمر بقريتي "بَلَهَتُّرَيْ وتقف بـ"كُوْشِكَدَيْ"

وتأخذ أو تأكل من وقتي عشرين دقيقة

الحافلات مكتظة بالركاب نساء ورجالا في أكثر الأوقات

لا إيمان ولا حياء فإن الاختلاط شديد فيها

إن الأمر سهل إذا كن النساء محتجبات

ولكنهن كافرات مترجلة يلبسن لبسة الرجال

فإذا رأيتهن لا تستطيع أن تعرف هل لبسن الثياب بعد خياطتها

أم خطنها بعد لبسهن أم غبنها

لا حول ولا قوة إلا بالله

والله المستعان على فساد أهل هذا الزمان

ولكن مع كل هذا كرامة المرأة محترمة فيها

فلا يستطيع الاعتداء عليهن أي مريض

فالحمد لله على كل حال

 

ركبت الحافلة الأولى ونزلت منها

وركبت الثانية وأخذت الكتاب من حقيبتي وتصفحتها

تسير الحافلة تحمل بي

وقلبي يجري أسرع منها تحمل أشواقا تركها في قريتي

في تلك الأيام

يذوب قلبي في قصص "إِيْسابْ" حكمية

كتب قصص كانت عالمي

أجري وراء الفراش للقبض عليه

وتستمتع عيني بألوانها

وأصنع السفن بالأوراق وأجريها في سيل تركه مطر

أنداء أعشاب كانت عالمي

وآخذ حبوبا كثيرة من بيت خالتي بدون علمهم

وأدفنها في ناحية من فناء بيتي لتحيا وتنبت

فتخرج فلفلا ونباتات أخرى فيعلمون أين اختفت الحبوب

فأظهر لهم ابتسامة بريئة

هل تعود لي تلك الأيام أو أعود إليها يوما

انتهى كل شيء

ما أثقل الذكريات وما أضعف حاملها

كانت تراودني مثل هذه الذكريات التي صعبت علي

الخلوص منها إلا بعد مضي من الزمان

ثم أقول لنفسي

لا تزدري نعمة أوتيتها فرصة لتعرف دينك

وقد جعل في قلبك مكانا واسعا لسطره

وأقول لنفسي

"وللآخرة خير لك من الأولى ولسوف يعطيك ربك فترضى"

والله إن آخرتي خير من أولاي

وإن من خير ربي أن جعل لي أصدقاء

ولدوا بالضاد وترعرعوا في الدين

فاليوم هم يحزنزن بدموعي ويسرون بسروري

ويشاركون في موضوعي ويستمعون إلى أرشاق قلمي

وثرثرة كلامي

والله إنها نعمة عظيمة فصدق الله "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها"

 

نزلت من الحافلة حاملا للأحلاما

ويدور في خلدي سؤال "لأنظر كيف يواجهني أناس يعرفونني؟"

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سلمت على كل واحد يعرفني

فكانوا يكرمونني بسلامهم

كأنهم نسوا كل ما جرت لي من الأحداث

وكأنهم يستقبلونني لأول مرة في حياتي

فسبحان الله الذي يحول بين المرء وقلبه

رجائي الأول كان على ما يرام

القلب يسبقني والشوق يسبقه وأمشي أحملهما إلى داري

فوقفت بالباب فسلمت عليهم

وحين رأوني أروني ما رجوته منهم

أنار كل ناحية من داري بارتعاص أسنانهم

ارتفعت أصوات إخوتي "أخونا مجاهد قد جاء"

حملت أخوي الزغلولين "عبد الرحمن" و "مسعود" واحدا بعد واحد

والله إني أحبهما كثيرا

وأعطيتهما ما اشتريت لهما

ومن أفرح الأرواح بقدومي روح أمي

وفرحت فرحا وكأنها ولدتني حينها

 

بعد قليل من الأيام تجعم قلبي واشتاق إلى معهدي

مضت أيام العطلة بدأ سفري

ولكن ....

هذا الفراق ما كان يؤلمني كثيرا وما خاط قلبي إلا يسيرا

ولعله طمع الارتواء لأني لم أجد لظمأي في الدار إلا الماء

وصلت إلى المعهد

وتعلمت اللغة العربية والنحو جيدا

ودائما تريد نفسي مني إذا جلست بالمكتبة لتعلم اللغة والنحو

أن أبحث عن تاريخه ومرسي دعائمه

ولكن ما استطعت إلى معرفته إلا بعد انفصالي عن المعهد

ومع هذا فقد عرفت شيئا

عرفت عما جرى بين ثعلب والمبرد من كلام وانتقاد مما اقتضبه المبرد

وهذا "المقتضب" كان بحجم فتح الباري أخضر اللون ولعله يقع في ثلاثة أجزاء.وقرأت رسالة للكسائي (أظن أنها له والله أعلم) عن استعمال "كلا"

وأحب أجزاء كتاب "القراءة" (أظن أن اسمه هكذا)

وأظن أنها من مقررات المملكة

وفي جزء من هذا الكتاب ..

تلميذ صغير ولعله لم يشب إلى اليوم

يستيقظ صباحا

وأذكر أن لباسه كان أزرق اللون ويستاك ويصلي ويفطر ويذهب إلى المدرسة مبكرا

وأظن أنه يذهب للصيد مساء وهو تلميذ نشيط

وقد صورت في الكتاب أعماله اليومية وقد أثرت في نفسي أحواله

وإني أبحث عن زميلي هذا ولا أدري أين ذهب

وهذا الكتاب كان أبي يقرؤنيه في صغري

فلما رأيت هذه الأجزاء في مكتبتنا اشتقت إليها فأخذت منها جزءا

بحثت ذلك التلميذ النشيط فلم أره لأن الجزء الذي أخذته للمرحلة الثانوية

كان فيه هكذا "نصوص أدبية"

وبعض العبارات من هذا الكتاب لم تختف آثارها إلى اليوم

"الأغصان تتمايل .....والأشجار تورق ....والأزهار تزهر"

أظن أن هذه العبارات في الكتاب تصف فصل الربيع

وفيه مسرحية

وحين أسطر هذا كأني أرى كتابي ذاك وأتصفحه وأرى بعض أوراقه

ولكن لا تظهر لي أكثرها إلا بيضاء ولكني أجندره من ذاكرتي

وآخذ كتاب "نهج البلاغة" من الرف مرات ولكني لم أقرأه

ولا أستطيع فهمه حينها إلا يسيرا لأني تلميذ في الصف الثاني

أول سؤال نحوي وجهته إلى أستاذي

هل"ترونها" في الآية التالية نعت لعمد أم هي جملة مستأنفة

" اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا" ؟

 

واستمر هذا الحال إلى أن صرف الله همتي إلى علم الحديث

وقد فزت في الامتحان النصفي والنهائي بالدرجة الأولى

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

ولكن...............

الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر

فالسجين لا يرتاح إلا يسيرا

فكذلك المؤمن

لقد وصل إلي خبر

أن أبي قد فتح دكانا بما بقي من المال الذي كان عنده بعد بيع البيت

ثم بعد شهرين وصل إلي خبر آخر

أنه قد خسر الدكان بمشاجرة وقعت بينه وبين صاحب الدكان

ثم وصل إلي خبر أن صاحب الدر استعجلهم بإخلاء داره

فبحث أبي عن دار تقي أهله من الحر وتمنعهم عن التبلل بالمطر

ولكن فشل كل محاولاته فاستأجل صاحب الدار فأجل استعجاله إلى أسبوع

ولكن بدون جدوى

فجاء اليوم الأخير وكان يجاور دارنا رجل بوذي فقير

وداره كانت قد بنيت بخوص النارجيل ولم يكن في بيته كهرباء

ثم هؤلا ترك هذا الخص ولم يسكنوه فصار خربا

وصاحبه كان مدمن الخمر ولا يضع عصاه عن عاته

ومع ذلك كان لينا في خلقه مع الآخرين

فلما رأى حال أبينا وأهلنا رق قلبه

فقال ابتن دارا في فنائنا فادفع لنا ثلاثمائة شهريا أجرة

ولم يكن لأبي خيار فيما قال هذا الجار البوذي فقبل منه

فابتنى خصا على عجلة بخوص النارجيل وكنباره

بعد أن جمع ..................الحمد لله على كل حال

وهذا البيت الذي ابتناه أبي وإخوتي ومن شاركهم

ليس فيه غرف وإنما كان في موسط البيت سد بخوص النارجيل لستر المطبخ

وكان بلاطنا تربة الأرض وما كان في وسع أبي شراء الإسمنت لتسوية الأرض

ولم يكن في البيت كهرباء

حدثني أهلي حينما ذهبت إلى بيتي للعطلة

عن أول يوم في هذا البيت

لما كان هذا المكان غير مسكون منذ أشهر

كثرت فيه النمال وقراها

وأكثرها كان من الحو

وقد بقيت هناك نمال بعد تسويتها

ولما ذهبوا للنوم بدأت هجومها

ومع هذا كانت الأرض مبتلة بالمطر وكانت شبه موحل

وكان أخواي الصغيران يتقلبان في الفراش بغير نوم ويئنان

فلا تسأل يا أخي عن الآلام والدموع

إني لأتعجب كل العجب كيف سكن النبي بيتا

أصغر من هذا أفقر من هذا أسوأ من هذا

ومع ذلك يقول حين أهدت أنصارية إلى عائشة فراشا

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم حين رآه

" رديه يا عائشة فوالله لو شئت لأجرى الله معي جبال الذهب والفضة"

سبحان الذي جعل قلبه غنيا وجعل قلوب كثير من الأغنياء البخلاء فقيرة

فلما أصبحنا سألت زوجة صاحب الدار التي انتقلنا منها عن أختي

فقالت أمي" هي في بيت خالها لأن البيت مبتل ...." فأحزنتها هذه الحالة

وبعد سويعة جاء إلينا زوجها وسلم إلينا مفتاح بيته فقال

"اسكن في بيتنا حتى تنتهي من تسوية الأرض بالإسمنت"

فجزاه الله خير الجزاء

ولكن بعد أسبوع من الرحمن على أبي بشيء من المال فجعل أرض الدار بالإسمنت

فارتاحوا فشكروا الله

وهذه الدار كانت مأوانا سنتين

وقد ملأ الله هذه الدار بنعمه وأظهر لنا من مننه وسننه

مع ما وقعت من أحداث أليمة عرضها ودموع غزيرة في أرضها

وكانت هذه التجربة أبقت في قلبي عبرا كثيرا

وشعورا بأمم تنتظر بنيسب النمال لتحصل على زبالتها

تسد بها جوعا جعل بطون رجالها ونسائها و أطفالها تقرقر

وعيونهم تذرف وقلوبهم تموت ألما وتشنجا

والله شهيد على كل ما أقول وحسبي الله ونعم الوكيل

 

(لسوف أعود إن شاء الله)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×