اذهبي الى المحتوى
عشاكي زهرة

كتاب: المرأة وطلب العلم هموم وآلام وآمال ــــ للشيخ خالد الصقعبي

المشاركات التي تم ترشيحها

الطبعة الأولى

1424هـ

دار الآصال - الزلفي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المرأة وطلب العلم

همــوم وآلام وأمال

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

 

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا مضل له، ومن يظلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .

 

أما بعد: لسنا نأتي بجديد إذا قلنا أن الإسلام قد أكرم المرأة، ورفع من شأنها، ومكانتها، وليس مجال الحديث هنا هو هذا، لكن مما ينبغي الإشارة إليه أن الإسلام أكرم المرأة حينما أمرها بالتعلم، وحثها على ذلك جنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل، فهي ولا شك مطالبة بالتعبد لله – عز وجل – على بصيرة اقتفاءً لسنة النبي e، وطمعاً في لقاء الله – عز وجل – الذي علق ذلك على شرطين أساسيين هما :

 

1- الإخلاص . 2- وأن يكون العمل صالحاً، كما ٹ ٹ ﭷ ﭸ ﭹ چ چ چ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ چ الكهف: 110، ولا يكون العمل صالحاً إلا أن يكون موافقاً لما جاء النبي e ، ولا يكون كذلك إلا بتعلم واستقصاء سيرته – عليه الصلاة والسلام – في العقائد، والأخلاق، والآداب، والسلوك، فكان لزاماً على المرأة تحصيل مثل ذلك أي مالا تقوم عبادتها إلا به، فهي بحاجة إلى تعلم ما يصحح عقيدتها وتنقيها من أدران الشبهات، وهي بحاجة إلى تعلم أحكام بقية أركان دينها من صلاة وصوم، وحج، وزكاة، وهي بحاجة إلى معرفة مالها وما عليها تجاه زوجها وأولادها، وهذا هو ما استشعرته المرأة في تلك القرون، يتمثل ذلك من خلال تلك المرأة التي جاءت للنبي e ،تنقل له رغبت بنات جنسها في طلبهن للعلم، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه –

قال: (جاءت امرأة إلى رسول الله e فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك فجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله، فقال "اجتمعن في يوم كذا وكذا، في مكان كذا وكذا"، فاجتمعن فأتاهن فعلمهن مما علمه الله)(1).

 

ولذا لا عجب أن يوجد في التاريخ الإسلامي نابغات في العلوم الشرعية في مختلف فنونها، ولعل تلك الكوكبة تقودها الصديقة عائشة – رضي الله عنها – حيث كانت مرجعاً للصحابة بعد وفاة النبي e يسألونها عما أشكل عليهم، وغيرها من نماذج سأفرد لها مبحثاً بعنوان ( صور مضيئة ) في ثنايا هذه الرسالة، بل لقد كانت المرأة في برهة من الزمن لا تزف العروس إلا ومعها بعض الكتب الشرعية، كما ذكر الإمام الذهبي – رحمه الله – في كتابه ( سير أعلام النبلاء )، أن البكر كان في جهازها عند

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - .

زفافها نسخة من كتاب (مختصر المزني)، وبناءاً على هذا السبب وثمعليه.آخر ألا هو أم كثيراً من النساء ظنت أنها في معزل عن ذلك وأن هذا من خصائص الرجال فأصبحت المرأة ألعوبة في أيدي أعداء الله والإسلام حين قذفوا إليها من خلال مطابعهم بالمجلة الماجنة، والرواية الهابطة، فتلقفت هذه الأشياء ثلة من نسائنا وثلة أخرى لا في العير ولا في النفير، فهي ما بين ملبسها وحديثها مع بنات جنسها فيما لا نفع فيه ولا فائدة، فأحست ثلة ثالثة – بحمد الله تعالى – بحاجة النساء إلى طلب العلم الشرعي دفعهن مع ذلك جهل مطبق يعيشه بعض الرجال أردن من خلال طلبهن للعلم أن يرفعن الجهل في أحكام دين الله تعالى عنهن فرأين أنهن بحاجة إلى من يأخذ بأيديهن، فكانت هذه الرسالة اقتراح من ثلة مباركة أحسسن بعظم التبعة والمسؤولية، ومن أجل هذا جاءت هذه الرسالة، سائلاً المولى – عز وجل – أن ينفع بها، وأن يجعلها خالصة

 

لوجهه الكريم، وألا يجعل للناس منها شيئاً إنه ولي ذلك والقادر عليه .

 

 

 

 

وكتبه

خالد بن إبراهيم بن محمد الصقعبي

القصيم – بريده

ص-ب 747

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

 

صور مضيئة

لطالما تبادر من أفواه الخيرات سؤالاً مفاده :

أتكون المرأة عالمة ؟. وهل من صور ونماذج يقتدى بها ؟.

وللإجابة على الشق الأول من السؤال أنقل كلاماً جميلاً أورده أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، في كتابه ( عناية النساء بالحديث )، حيث قال: (( وقفنا من خلال البحث في كتب التراجم، والتاريخ على أن الكريمات من النساء النجيبات منهن لم يكن لهن في درس الحديث النبوي نصيب فحسب، بل تعداه إلى الخوض في عبابه، وتدريسه، فكانت لهن مع الرحلة يد ظافرة وسعي غير قليل، ويظهر ذلك جلياً في أول نظرة لمن تصفح تاريخ علم الحديث أن المئات بل الألوف من النساء لم تتشرف بدراسة علم الحديث فقط؛ بل كان منهن عدد وافر له باع طويل، وصيت ذائع، وشهرة طائرة في تدريسه أيضاً لحذقهن فيه وتضلعهن منه، إن النساء المسلمات كن فيما

خلا من القرون يتحملن مشاق ومتاعب طلب العلم، وتدريسه بعزيمة واضحة، وذهن ثاقب، وهمة عالية، ويحضرن حلق ودروس فطاحل، وينلن شهادات الفضل والثناء من العلماء، بل الحذاق من المحدثين وبعض أمراء المؤمنين، منهم قد حضروا دروسهن وعدوا ذلك لهم فخراً، فهذه الفاضلات النبيلات لا يزال الزمان يردد صدى أعمالهن، وغزارة علمهن الكريم علناً، فإن سكتت ألسن قالهن فقد نطقت ألسن حالهن سراً وجهراً وأصغى العالم إليهن طرا .

تلك آثارنا تدل علينا فانظروا بعدنا إلى الآثار

 

فأي سفر من أسفار الحديث عري من تذكارهن ؟،

وأي مكتبة لم تزين جباهها بسيرتهن؟!

 

رب حي كميت ليس فيـــــــه أمل يرتجـــــى لنفــــع وضر

وعظام تحت التراب وفوق الأرض منها آثار حمد وشكر

 

 

 

 

إن كتب الحديث بما حوت من سماعات، وإجازات، ومنافأقول:اهدة على تضلع كثير من النساء بعلم الحديث، وروايته، وطافحة بشهادة فضلهن في التدريس، حتى من كان له أوفى قراءة وإلمام بـ (الصحيحين) وشروحهما يرى أن لبعضهن ذكراًَ في أسانيدها، بل إن بعضهن من أمثال كريمة(1)، وغيرها ممن حللن فيها حلول العقد من الجيد؛ بل قل إنهن أصبحن فيها بيت القصيد))

انتهى .

 

أما بالنسبة للإجابة على الشق الثاني من السؤال فأقول :

لعلي من خلال هذه العجالة أذكر بعض هذه الصور المضيئة وحينما أقول بعضاً منها؛ فلأن هذه الرسالة أقصر

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية، وسيأتي في الإجابة على الشق الثاني من السؤال شيء من سيرتها .

من أن تحيط بهذه الكوكبة الخالدة من النساء، الصالحات المجاهدات، فمن ذلك:

1- كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية .

فقد كانت ركناً ركيناً للحديث ترجم لها ابن نقطة فقال :

حدثت بصحيح البخاري بمكة، عن أبي الهيثم محمد بن المكي الكشميهني، وسمعت أيضاً من زاهر بن أحمد السرسخي، وكانت عالمة تضبط كتبها فيما بلغنا، سمع منها الحافظ أبو بكر الخطيب صحيح البخاري، وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي . وقد نعتها الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء)، بقوله: ((الشيخة العالمة المسندة)).

2- أم الدرداء الصغرى هُجيمة، ويقال: جهيمة الأوصابية، الحميرية، الدمشقية، فقيهة، كبيرة، وعالمة عاملة، واسعة الاطلاع، كثيرة الرواية، وافرة العقل والذكاء، نعتها الذهبي بقوله: السيدة العالمة الفقيهة، روت

 

علماً جماً زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي، وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة. وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد . حدث جماعة من مشاهير الرواة مثل جبير بن نفير، وأبو قلابة الجرمي، وسالم بن أبي الجعد، ومكحول، وزيد بن أسلم، قال مكحول: كانت أم الدرداء فقيهة . وقال أبو أحمد العسال: يروى عنها الحديث الكثير، ويروى عنها قولها: (أفضل العلم المعرفة)، وقوله: (تعلموا الحكمة صغاراً تعلموا بها كباراً )، (وإن كل زارع حاصد ما زرع من خير أو شر )، وقال لها رجل: إني لأجد في قلبي داء لا أجد له دواء، وأجد قسوة شديدة، وأملاً بعيداً، قالت: (اطلع في القبور، واشهد الموتى).

 

 

 

 

3- عابدة المدينة، راوية من راويات الحديث المكثرات، روت عن مالك بن أنس، وغيره من علماء المدينة فأكثرت، فقد قال بعض الحفاظ: (أنها تروي عشرة آلاف حديث)، وقال أين الأنبار: (إنها تسند حديثاً كثيراً).

 

فهذه ثلاثة نماذج تبين للمرأة بجلاء ما للمرأة من فهم ثاقب، وتبين من ناحية أخرى ما للمرأة من سهم كبير وعظيم في مجال طلب العلم ونشره، ومن أرادت الاستزادة من هذه النماذج فلتراجع الكتب التي تتحدث في هذا المجال(1).

 

وحتى لا تتعلل طالبة العلم بأن نساء السلف يختلف واقعهن عن واقعنا، فإنني أذكر على سبيل الإشارة أنموذجا يحتذى، يبين بجلاء إمكانية إعادة المجد المفقود من قبل

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــالكتب.ـــــــــــــــــــــ

(1) من ذلك كتاب سير أعلام النبلاء، ومن ذلك كتاب أعلام النساء وغيرها من الكتب .

 

فتياتنا، فها هي إحدى الفتيات في التاسعة عشر من عمرها تحفظ بعد حفظها لكتاب الله ما يقرب عن عشرة متون في مختلمنها:وم الشرعية، ولها إسهامات مباركة في جانب طلب العلم – بحمد الله تعالى -.

 

 

 

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

 

 

لماذا تطلب المرأة العلم

نعم هو سؤال الإجابة عليه هو الدافع لإخراج هذه الرسالة، فأقول إجابة على هذا السؤال: المرأة تطلب العلم لأمور منها :-

 

1- رفع الجهل عن النفس ولا شك أن هذا من المطالب الشرعية، فالجهل عدو لنفسه فهو قد يورد نفسه موارد الهلاك بترك بعض العبادات التي هي من قبيل الواجبات، وقد يؤديها على غير وجهها الشرعي، فهي إلى البطلان أقرب، ولعل في هذه الصورة ما يجلي ذلك ويوضحه .

تقول إحدى الفتيات كنت في الثانوية وبالتحديد في السنة الثانية منها فكنت أصلي صلاة المغرب وبجواري فتاة أصغر مني، تقول: فقمت ولم أجلس للتشهد الأول فلما انتهيت من الصلاة، قالت لي تلك الفتاة: لماذا لم تسجدي سجود السهو؟، تقول فنظرت إليها بازدراء فقلت في

 

 

نفسي: ما أجهلها، وكنت أظن أن صلاة المغرب ليس فيها إلا تشهداً واحداً، وإذا بي قد خلفت ورائي سنين عديدة لا أجلس لصلاة المغرب إلا في التشهد الأخير جهلاً مني، وهذه الفتاة إنما أنكرت عليً ظناً منها أنني لا أعرف حكم سجود السهو فكيف لو علمت أنني لا أعلم كيف أصلي المغرب؟، قلت: ولا شك أن هذه صورة من الصور التي تتكرر في أوساط النساء مع بالغ الأسف، والمتأمل في حال النساء في مسائل الحيض مثلاً يدرك حاجتهن إلى العلم الشرعي ورفع الجهل عن أنفسهن .

 

2- ما يلحظ في هذه الآونة من الحملات المستعرة ضد المرأة المسلمة من خلال تلك الهجمات على المسلمات، والثوابت الشرعية من خلال إثارة الشهوات، والشبهات في طريق المرأة المسلمة ألا وإن من المسلمات أن من أعظم الوسائل المعينة على الثبات حتى الممات التعبد لله تعالى على بصيرة وسنة، وهذا لا يكون إلا

بطلب العلم الشرعي؛ ليكون هذا العلم حاجزاً ومانعاً من التأثر بذلك النتن الذي يثيره أعداء الإسلام والملة في كل مناسبة وفي كل حين، وعند هذا المعنى يقول الشيخ: عبد الرحمن السعدي – رحمه الله تعالى – في منظومة القواعد الفقهية:

 

اعلم هديت أن أفضل المنـن علم يزيل الشك عنك والدرن

ويكشف الحق لذي القلوب ويوصل العبـــــد إلى المطلـــــوب

 

فهو ذكر – رحمه الله تعالى – في هذين البيتين أن العلم الشرعي – وهو المراد به هنا، لأن العلم إذا أطلق فإنما يراد به العلم الشرعي، وأما غيره من العلوم فلا يذكر إلا مقيداً فيقال علم الطب مثلاً، وهكذا، أقول: فهو يبين من خلال هذين البيتين أن العلم الشرعي يزيل أدران الشهوات والشبهات، وأنه يوصل العبد إلى المطلوب أي الدار الآخرة، وهذه هي الغاية التي من أجلها خلق الإنسان .

 

 

3- إصلاح الخلل من الفتن والمنكرات التي تعج بها أوساط النساء، وكم يوجد – بحمد الله تعالى – من نسائنا من لا تقر المنكر ولا ترتضيه، لكن بضاعتها في العلم مزجاة، فهي تنكر بعاطفتها ليس إلا، ولذا فهي تقف حائرة في كثير من الأحيان، فقد تطلب منها فلانة – وهي محقة في ذلك – الدليل على حرمة ما ارتكبته مثلاً، وقد تبتلى بمعاندة تورث الشبهات، فما لم تكن الفتاة الخيرة عندها علم بما تدعو إليه، فقد تفسد أكثر مما تصلح، وهذا هو المعني بقوله ٹ ﭷ ﭸ ﭹ چ چ چ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅﮆ ﮇ ڈ ڈ ژ ژڑ ڑ ک ک ک ک گ گ چ يوسف: 108 ، ولا سبيل للدعوة إلى الله على بصيرة إلا بالعلم الشرعي، ولكن مع ذلك أقول : لا يشترط في الآمرة الناهية أن تكون علامة بما أمرت به أو نهت عنه .

 

 

4- موقع المرأة في المجتمع، فهي المجتمع بأسرة، فهي نصفحه وتربي النصف الآخر، فأنظار الأطفال في البيت تتوجه إليها أكثر من أنظارهم إلى والدهم؛ لطول مكثهم معها، وإباحة الأولاد بأسرارهم لأمهاتهم أكثر لحنانهن وعاطفتهن، فقد يتجاسر الأولاد على الأم مالا يتجاسرون مع الأب؛ فلهذا وغيره يظهر أهمية العلم بالنسبة للمرأة؛ لتكون تربيتها لأولادها مستقاة من هذه الشريعة المباركة وهذا لا يتأتى إلا بالعلم الشرعي .

5- مجابهة تلك الدعوات الآثمة من خلال تلك التجمعات النسائية المشبوهة من ثلة تحللن من ربقة الحياء والشرف، فيضعن الخطط والبرامج من أجل قذف المرأة في مهاوي الردى والرذيلة، ولذا كان لزاماً على الثلة الصالحة أن يجتمعن على هدي الكتاب والسنة، ويربين غيرهن على ذلك، ويمسكن بزمام الأمور قبل أن يفلت القيد وتحل الخطيئة فتقع المصيبة، ولا نجاح لرد تلك

الدعوات الآثمة إلا بدعوة النساء إلى الكتاب والسنة، وهذا إنما يكون عن طريق طلب العلم الشرعي قبل التصدر لذلك .

6- إدراك فضيلة العلم الشرعي، والنساء إنما هن شقائق الرجال، لما روى أحمد في مسنده أن النبي e قال : ((النساء شقائق الرجال))(1)، فإدراك فضيلة العلم والحث على ذلك إنما هو للمرأة كما هو للرجل، إن فضل العلم لعظيم، وإن شرفه لعال رفيع فكم من وضيع رفعه العلم إلى مصاف الشرفاء، وكم من حقير نظمه العلم في سلك العظماء، به شرف آدم في الملأ الأعلى، وبه فاز أهله بالدرجات العلى، ٹ ٹ ﭷ ﭸ ﭹ چ چ چ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ چ المجادلة: 11 ، ولو لم يكن العلم أشرف شيء في الحياة لما طلب الله - Y - من رسوله e أن يسأل المزيد منه في ٹ ٹ ﭷ ﭸ ﭹ چ چ چ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ چ طه: 114

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه أحمد في المسند (24999) .

 

 

ألا وإن من فضائل العلم، ما ر واه مسلم في صحيحة أن عمر - t - سأل أحد ولاته قائلاً: من استخلفت على أهل الوادي؟، يريد مكة، قال: استخلفت ابن أبي أبزى، رجل من مواليناوالاتعاظ. استخلفت عليهم مولى؟، فقال: يا أمير المؤمنين إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاص(1)،فقال عمر أما إن نبيكم e قد قال: ((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين))(2)، فلننظر كيف رفع العلم مولى من موالي العرب إلى مقام عليتهم، ومن ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة - t - أن النبي e قال: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له))(3)، ومن ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة t قال: (( من نفس

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) القاص: هو الواعظ والمخبر بالأحداث الماضية للعبرة والاتعاظ .

(2) رواه مسلم (1353).

(2) رواه مسلم (3084).

 

عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كعنه.م القيامة))، وفي الحديث ((ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله به طريقاً إلى الجنة....)) الحديث(1)، والآيات والأحاديث في ذلك أكثر من أن تحصر، وإنما يكتفي من السور ما أحاط بالمعصم، ولهذا تفطن سلف هذه الأمة إلى هذه المنقبة العظيمة، فكانت لهم مآثر وأقوال حول فضل طلب العلم، فمن ذلك ما روي عن مصعب بن الزبير - t - أنه قال لابنه: (يا بني تعلم العلم، فإنه إن يكن لك مال كان لك العمل جمال، وإن لم يكن لك مال كان لك العلم مال) .

ومن ذلك ما رواه الطبراني بإسناد لا بأس به عن عمر - t - قال: قال رسول الله r: ((ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه مسلم (4867)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

 

عن رديء وما استقام دينه حتى يستقيم عمله))(1)، ودلالة هذا الخبر على فضيلة العلم أنه خير ما يكتسب المرء في هذه الحياة، فهو أفضل حتى من نوافل العبادات، ويشهد لهذا قوله r لأبي ذر: يا أبا ذر، لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مئة ركعة، ولأن تغدو فتتعلم باباً من العلم عمل به، أو لم يعمل خير لك من أن تصلي ألف ركعة))(2)، ومن ذلك أن حكيماً قيل له: (لا تنظر، فغمض عينيه، وقيل له: لا تسمع، فسد أذنيه، وقيل له: لا تتكلم، فوضع يده على فيه، وقيل له : لا تعلم، فقال : لا أقدر عليه)، إلى غير ذلك من النصوص والنقولات التي تدل على مكانة العلم وفضلة، ولا شك أن

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه الطبراني في المعجم .

(2) رواه ابن ماجه في سننه (215)، قال المنذري إسناده حسن، لكن في الزوائد أنه ضعف عبد الله بن زياد وعلي ابن زيد ابن جدعان، قال : وله شاهدان أخرجهما الترمذي .

 

 

المرأة المسلمة مطالبة بالسعي إلى إدراك هذا الفضل فنتبهي لذالك يا طالبة العلم .

7- تنوع المصادر العلمية الخسيسة الرخيصة التي توجه من خلالها السهام إلى المرأة المسلمة من خلال المجلة الهابطة، والقصص الغرامية الداعرة، ومجلات الأزياء التي تورث التبعية والتشبه بالكافرات، فما لم يكن للمرأة المسلمة حظاً من الانكباب على قراءة الكتب النافعة، خاصة الفتاة القارئة فإنه حري بها أن تنزلق في مهاوي الردى، حينها لا تعدو ثقافتها إلا بتعلم وسائل الشهوة، وإثارتها بنفسها، وبغيرها من خلال المصادر المتقدمة الآثمة، وكم نرى في واقعنا من فتياتنا من تكتب في الحب والغرام وللحب والغرام، بل وتقتني كل ما يدعو إلى ذلك من أي المصادر المقروءة؛ فعلى الفتاة المسلمة أن تنكب على طلب العلم من مصادره الشرعية

 

 

السليمة الموثوقة؛ لتسلم حينها من الانزلاق في مستنقعات الفكر والثقافة الغربية أو المستغرب الحاقدة .

 

 

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

 

 

 

 

وسائل طلب العلم

وأعني بهذه الوسائل الطرق التي تتوصل من خلالها طالبة العلم إلى تحصيل العلم الشرعي، لكن مما يجب أن يعلم أن هذه الوسائل ليست على حد سواء بالنسبة لتحصيل العلم، فهناك من هذه الوسائل ما هي أعظم أثراً وأنفع وأجدى، وإنما عددت ذكر الوسائل التي هي أقل فائدة إرشاداً لمن لا تسنح لها ظروفها لحضور الأهم فلا تترك المهم، والميسور لا يسقط بالمعسور، وما لا يدرك كله لا يترك جله، فمن هذه الوسائل:

أولاً: أخذ العلم عن المشائخ مشافهة، أو عن شيخة عالمة، ولا شك أن هذه الوسيلة من أهم الوسائل وأنفعها وأنجعها، فمن طريالبيت.لوسيلة تطمئن المتلقية من مصدر المعلومة، وتضمن كذلك من جهة فهم المعلومة على وجهها المراد، وعن طريق هذه الوسيلة تستطيع المناقشة، فهذه الفوائد وغيرها مجتمعة تتيح للفتاة اختصار

 

الوقت في طلب العلم الشرعي، وهي أحوج ما تكون لذلك قبل ارتباطها بزوج؛ وإن كانت ذات زوج فقبل أن تنشغل بالأولاد ومشاغل البيت .

وللأخذ عن العلماء والعالماتبعدها.يأتي ذكرها بمشيئة الله تعالى (1).

ثانياً: تلقي العلم من خلال الدور المسائية، أو المراكز الصيفية الصباحية، وهذه ولا شك قد تتيح للفتاة على أقل الأحوال تهيئة الذهن للانفتاح على طلب العلم، أو مجالسة ممن يعينها على ذلك من خلال الصحبة الصالحة، إلا أنه مما يقلل الاستفادة من مثل هذه المراكز أنها لم تعد في الأصل لتهيئة طالبات ملمات بالعلم وأصوله، وهذا قد يكون بسبب قلة الفترة، كما في الدور الصباحية خلال الإجازة، أو يكون بسبب عدم تأهيل

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر في ذلك ص (32) وما بعدها .

 

 

القائمات تأهيلاً تاماً، كما في الدور المسائية على مدار العام، وليس المجال مجال بيان أو جهة الخلل والقصور في مثل هذه المراكز، لكن الحال أقتضى ذلك لتنبيه طالبة العلم على هذا وعلى كل حال ففيها خير عظيم.

والمؤمل من القائمين على هذه المراكز أن يراعوا هذا الجانب بالدراسة المستفيضة لوضع منهجية ثابتة يتم من خلالها تخريج طالبات علم متمكنات .

ثالثاً: التعليم النظامي في المدارس ففيها بحمد الله علوم شرعية عظيمة، إلا وإن من أهم الأشياء في مثل هذه المحاضن مراعاة التدرج في الطلب، وهذه ميزة قلما توجد في كثير من المراكز التي تقوم على رعاية الفتاة وتعليمها، ولكن ومع بالغ الأسف مما يقلل الاستفادة منها غلبة النظرة المادية، فالبعض يغلب عليه النظرة المادية عن طريق حصولها على الشهادة، ولا شك أنه بغياب النية الصالحة

 

نية طلب العلم لوجه - الله تعالى - تقل بل تُعدم الفائدة من هذه العلوم.

رابعاً: طلب العلم من خلال الكتاب ولعلي سأطيل الكلام حول هذه الوسيلة لسبب وجيه وهو أنه يوجد – بحمد الله تعالى – فئة كثيرة من طالبات العلم هن حريصات على طلب العلم ولكن لا يتسنى لهن حضور دروس المشائخ، وهي تجد في نفسها أنسب طريق لذلك هي طلب العلم من خلال الكتب وهي محقة في ذلك؛ لأسباب ذكرتها عند بعض الوسائل السابقة، وسأذكر شيئاً منها قي الوسائل اللاحقة – إن شاء الله تعالى - ، وعلى هذا فلا بد من الوقوف حول هذه النقطة؛ لأنبه الأخت طالبة العلم على أمور حول هذه الوسيلة، فأقول: مما لا شك فيه أن القراءة وسيلة مهمة لتلقي العلم والاطلاع على كل معرفة، مما يدل ذلك أن أول آية نزلت على نبينا محمد – عليه أفضل الصلاة والتسليم – هي

 

 

ٹ ٹ ﭷ ﭸ ﭹ چ چ چ چ چ چ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ چ العلق: 1 - 5 ، فالقراءة والكتابة رافدان مهمان لتزود من العلم فيجدر بنا أن نوليهما العناية التامة؛ ولأهمية هذا المصدر من مصادر تلقي العلم، أذكر أولاً فوائد القراءة إجمالاًُ وهي كثيرة منها:

1- الأجر والثواب من الله تعالى إذا أبتغى القارئ وجه الله تعالى بقراءتفيه.رآن، وللسنة، وللعلم النافع.

2- عن طريق القراءة يتلقى العلم، ويتزود المسلم في كل تخصص يرغب التوسع فيه .

3- أنها تفيد القارئ بمعرفة تجارب الآخرين وخبراتهم التي توصلوا إليها.

4- أنها سبب لاكتساب الأخلاق الحميدة، والصفات الكريمة.

 

 

 

5- شغلها لوقت الفراغ بما يفيد، إلى غير ذلك من الفوائد التي يطول حصرها.

ولما كان للقراءة تلك الفوائد وغيرها كثير اعتنى بها علماء الإسلام وشغلوا أوقاتهم بها حتى صاروا جهابذة زمانهم وقمم الحضارة في بلادهم، ومن هؤلاء الخطيب البغدادي فإنه كان يمشي وفي يده جزء يطالع فيه، وذكروا عن عبد الرحمن بن أبي حاتم، أنه كان كثير الاستفادة من والده، ولما سئل عن ذلك قال: ( ربما كان يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب الشيء وأقرأ عليه ) . وذكر الإمام السيوطي: أنه قرأ صحيح البخاري في خمسة أيام فقط . وهذا يدل على القراءة واستمرارها حتى فرغ من الكتاب، بل أن الحافظ ابن حجر العسقلاني – رحمه الله – قرأ صحيح مسلم في أربع مجالس كل مجلس نحو أربع ساعات، وقرأ المعجم الصغير للطبراني في جلسة واحدة بين الظهر والعصر وفيه ما يزيد

على ألف حديث، وروى ابن عبد البر عن الحسن اللؤلؤي أنه قال: ( لقد مضت لي أربعون عاماً ما نمت ولا قمت إلا والكتاب على صدري ) . وكان بعض العلماء يحسبون عن تفصيل ثيابهم حساب الكتب، فهذا أبو داوود – رحمه الله – كان له كم واسع وكم ضيق، فقيل له في ذلك، فقال: الواسع للكتب والآخر لا يحتاج إليه .

وغير هذا كثير يتضح من خلاله شغف سلف هذه الأمة بالقراءة واعتبارها مصدراً من مصادر العلم، حتى ولو تيسر لطالبة العلم شيخاً تأخذ عنه العلم، ولكن لابد مع ذلك من مراعاة الضوابط الآتية؛ لتكون القراءة مصدراً من مصادر التعلم لدى طالبة العلم، وحتى تتم الفائدة منه على أحسن وجه فمن هذه الضوابط ما يلي:

1- وقت القراءة وهذا أمر مهم جداً يجب على طالبة العلم أن تحسن اختياره، فلا تقرأ في وقت هي مشغولة فيه، أو لديها ما يعيقها عن الفهم بسبب تردد

 

الذهن، أو كثرة الأعمال، بل لابد من صفاء الذهن وخلوة من المشاغل؛ ليكون محطة لاستقبال الالصواب. ويتعين مراعاة هذا الرابط في الكتب العلمية التي من خلاله تتأهل الفتاة لتصبح طالبة علم وعلى هذا مدار هذه الرسالة.

2- التدرج في الطلب فعلى طالبة العلم إذا كانت مبتدئة أن لا تمتد يدها للمجلدات، والكتب المطولات، والشروح المبسوطات، بل تتأنى وتبدأ بالمختصرات، والكتب الصغيرة؛ لأنها أنسب للفهم، وأسرع للفراغ منه فتشتاق النفس لغيره، ومراعاة هذا الضابط يحتاج للاستشارة، وسيأتي مبحث برنامج طالبة العلم ضمن مباحث هذه الرسالة (1) .

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر في ذلك ص (37) .

 

 

 

3- الاهتمام بقدر الإمكان بمؤلفات الأولين من سلف هذه الأمة، وإنما ذكرت هذا الضابط؛ لأنه من الأهمية بمكان في وقت يسعى فيه بعض السذج للتقليل من كتب هؤلاء، ولذا قيل: (أن مؤلفات الأولين قليلة كثيرة البركة، ومؤلفات المتأخرين كثيرة قليلة البركة). وهذه وإن كانت ليست بقاعدة مطردة في كل العصور والمؤلفين، لكنها في الجملة ليست بعيدة عن الصواب .

أن القراءة في كتب المتقدمين أختي طالبة العلم ذات ميزة في غاية الأهمية، وهي: أن هذه الكتب قد كتبت في عصر قوة أهل الإسلام، ومنعتهم، وهيبتهم، وسيادتهم، فيكتب الكاتب منهم بروح العزة الإسلامية، ومشاعر الانتصار، فيكون أسلوبه مؤثراً، وهذا يختلف كثيراً عن الأسلوب الذي يكتب به كثيراً من الكُتّاب في عصر الذل والهزيمة، ومما يبين ذلك أن بعض المتأخرين ربما يكتب ما يشعر بتراجعه عن عدد من القواعد والأحكام الشرعية

تحت ضغط الحضارة الغربية مثلاً، والهزيمة أمام الأعداء، وقد يعتذر عن بعض الأحكام الشرعية اعتذارات شنيعة تخل بالدين، والاستسلام لشريعة رب العالمين، وأقرب مثال على ذلك: محاولة بعض الكُتًاب تبرير مسائل الرق، والجهاد، ونحوها، بما يتناسب مع زعمه مع طبيعة هذا العصر، فكيف يستقيم حال مثل هذا عند تطرقه للمسائل الشرعية الفرعية ما دامت هذه حاله في الأصول؟، وهي ليست دعوة أختي طالبة العلم للإعراض عن كتب المتأخرين، فعدد غير قليل بحمد الله من علمائنا مازالوا يستقون لنا منهج السلف في محاضراتهم وكتبهم، لكن مع ذلك ينبغي الالتفات إلى كتب المتقدمين والعناية بها .

4- تذليل صعوبة الكلمات الغريبة باستخدام القواميس، والمعاجم المختصرة، مثل: (مختار الصحاح)، وأوسع منه (معجم الوسيط)، ولمن أردت كتاباً مختصاً بالكلمات الغريبة في الأحاديث النبوية فعليها أن تستعمل

كتاب ( النهاية في غريب الحديث والأثر)، وفائدة مثل هذا الضابط معرفة معاني بعض الكلمات التي تعين بمشيئة الله على فهم المعنى المراد كي لا يتسرب الملل إلى النفس فيؤدي ذلك إلى ترك القراءة التي نتفق جميعاً على أنها من أعظم الروافد لطلب العلم .

5- الارتباط بمواعيد ثابتة في القراءة، لأن من شأن ذلك أن يشجع طالبة العلم على المواصلة ويمنعها من الفتور، مع مراعاة ما ورد في الضابط الأول من ضوابط القراءة فليراجع

هناك (1).

6- محاولة القراءة مع مجموعة من الأخوات، فواللاحقة.م إذا لم يتيسر لها شيخ تتلقى العلم عنه مشافهة فلا أقل من محاولة القراءة مع مجموعة، لأن الجماعة ولا شك أبعد عن الخطأ من الفرد، وإن لم يكن ممكناً ذلك فالقراءة

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر في ذلك ص (32) .

 

 

منفردة مع مراعاة غير هذا الضابط من الضوابط السابقة واللاحقة .

 

7- إتباع العلم سواء كان طريق ذلك العلم القراءة أو غيرها بالعمل، وهذا من شأنه ولا شك إحساس القارئة بفائدة قراءتها، وهو أيضاً وسيلة بل من أعظم الوسائل للانجذاب للقراءة، وثمة فائدة أخرى لو لم يكن لمراعاة هذا الضابط إلا هي لكفى ذلك ألا وهي (حفظ العلم)، وعلى ذلك مدار القراءة ولبها وثمرتها، ولذا ذكر شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - : أن من فوائد تطبيق السنن إذا تعددت في العبادة ذكر ذلك أربع فوائد من أهمها (حفظ العلم) .

 

8- تقييد الفوائد المهمة وللآلي الجميلة، وهذا من صنيع سلف هذه الأمة ووجود مصنفات(1) على هذا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من ذلك كتاب الفوائد لابن القيم، وصيد الخاطر لابن الجوزي ونحو ذلك .

النسق يدل على اهتمامهم بهذا، وهذا الضابط

لا يختص بوسيلة القراءة فقط بل وحتى في التلقي عن المشائخ وطلبة العلم، فإن الناس يتحدثون بأحسن ما يكتبون، ويمكن تقييد ذلك بكتابة العنوان ورأس الصفحة ثم يعمل لها فهرس عام بعد ذلك، قال يحي بن معين –رحمه الله- : (حكيم من يطلب الحديث أن لا يفارق محدثه وقلمه، وألا يحقر شيئاً سمعه فيكتبه، فقيدوا العلم بالكتابة). فينبغي لطالب العلم أن يكون بعيد النظر فإن الحفظ خوان، قال أبو هريرة –رضي الله عنه- : ما من أصحاب النبي r أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه كان يكتب ولا أكتب(1).

 

9- إعادة القراءة وإدامة النظر في الكتاب الواحد أكثر من مرة ولعله سبق من ذلك وقد سئل

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه البخاري (110) .

البخاري -رحمه الله تعالى- عن سبب حفظه، فقال: (لا أعلم أنفع للحفظ من نهمة الرجل ومداومة النظر)(1).

ومن فوائد ذلك استفا(488). جديدة لم تكن طالبة العلم عرفتها منة قبل، فإعادة القراءة في كتب العلم تثبت ما سبق حفظه وتكسب حفظاً جديداً، وتفتح مجالات للفهم جديدة، قال بعضهم: (إذا قرأت كتاباً جديداً للمرة الأولى شعرت أنني كسبت صديقاً جديداً، وإذا قرأته ثانية أحسست بأني أقابل صديقاً قديماً).

 

10- أن تتجاوز طالبة العلم ما لم تفهمه وتتعداه إلى ما بعده، حتى لا يضيع الوقت عليها ويحصل الملل من طول التفكير فيما لا يتبين معناه، ولعلها تعود إلى ذلك بعد ذلك، أو تقرأه في موضع آخر أوضح منه، أو يتهيأ لها السؤال؛ ليتضح لها الأمر بعد ذلك، لكن على طالبة العلم أن لا توجه الاتهام إلى نفسها دائماً بعدم

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هدية الساري ص: (488) .

الفهم، حتى لا يحصل عندها ردة فعل تترك منه إثر ذلك طريق طلب العلم؛ لأن بعض الكُتاب أحياناً لا يحسن عرض العبارة مما يصعب على أثر ذلك فهمها.

 

11- ضابط مهم جداً ألا وهو : أنه يجب على طالبة العلم حال طلبها للعلم من بطون الكتب أن تدقق النظر فيما تقرأه، وألا تُسلم بالفهم من أول مرة، لأن القارئ قد يظن فهم المعلومة لأول وهلة، فيتبين الأمر خلاف ذلك، ولذا كان على طالبة العلم واجب التدقيق فيما تقرأ خاصة إذا كانت القراءة هي السبيل الأوحد لطلب العلم.

 

12- على طالبة العلم تدوين ما يشكل عليها أثناء الطلب عن طريق الكتاب، ومن ثم سؤال من تثق بعلمه أو وكاتبته، وقد جُرِّبَت هذه الطريقة كما يذكر أحد الإخوة وقد عاش في بلد لم يجد فيه من يطلب عليه العلم، فوجد

أنها طريقة ناجحة نال من خلال هذه الطريقة علماً كثيراً بحمد الله تعالى ومنه.

 

13- لابد لطالبة العلم من الاعتناء بقراءة مقدمات الكتب العلمية قبل الشروع في القراءة، لأن فيها تبيين لمصطلحات الكاتب في كتابه، فلا بد لطالبة العلم وهي تقرأ مثلاً في كتاب من كتب المذاهب الفقهية، أقول: لابد أن تعرف مصطلحات المؤلف، ومن أمثلة ذلك: ما يوجد في بعض كتب الفقه من كلمة (اتفقوا)،(اتفقا)،(خلافاً)، فلكل مذهب فقهي اصطلاحاته الخاصة به، وهذه الاصطلاحات –وهي في كل فن – بعض العلماء يبينها في مقدمة كتابه، وبعضهم أثناء الكتاب، وبعضهم لا يعرف منه ذلك إلا بالتتبع والاستقراء .

 

14- الانتباه للتصحيف، والتحريف، والأخطاء المطبعية، وكل هذا مما يشوش الفهم ويغير المعنى، وهذه

نتيجة لتحريف الناسخ، أو خطأ الطابع، أو غفلة القارئ، وكم أوهمت هذه التصحيفات من معنى خاطئ، واستغراب، وعماية.

وإليك أختي طالبة العلم أنموذجاً واحداً من نماذج التصحيف وخطره من جهة قراءة العبارة وفهمها، فمن ذلك ما رُوي أن رجلاً جاء إلى الليث بن سعد، فقال: كيف حدثك نافع عن النبي r في الذي نشرت في أبيه القصة؟، فقال الليث: ويحك إنما هو في الذي يشرب في آنية الفضة يجرجر في بطنه نار جهنم. فتحرفت يشرب إلى نشرت، وآنية إلى أبيه، والفضة إلى القأقول:15- تدارك ما يسبق إلى الذهن من المعاني الغريبة والشاذة نتيجة الجهل، وعدم معرفة المراد من العبارة، وهذه مسألة تحتاج إلى حذر وانتباه، وينبغي المسارعة إلى البحث والسؤال عند حصول ذلك، وإليك أختي طالبة العلم مثالاً يدل على أهمية مراعاة هذا الضابط، فمثلاً ماذا

يمكن أن يفهم البعض إذا قرأ حديث النبي r : (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار)(1)، فمهما قيل من الاحتمالات والتأويلات فالمرأة في حال حيضها لا تقبل صلاتها لا بخمار ولا بغيره، وإنما المقصود بالحائض هنا هي البالغة .

 

فهذه أهم الضوابط التي يجب مراعاتها حال القراءة، مع أنه يوجد ضوابط تحسينية لا أخال طالبة العلم إلا وتدرك ذلك كالإضاءة الجيدة، ومراعاة السرعة المناسبة في القراءة، فالكتب العلمية تحتاج إلى التريث، والتأمل أكثر منها في الكتب التربوية، وغير ذلك من الضوابط التحسينية(2).

 

وعلى طالبة العلم مادام الكلام حول القراءة وأهميتها، أقول : عليها أن تكون الكتب التي تقرؤها مرتبطة بالكتاب

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ"بتصرف".ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه أبو داود (641) .

(2) هذه الضوابط من كتاب " كيف تقرأ كتاباً" للشيخ محمد المنجد، "بتصرف" .

 

والسنة؛ لأنهما دستورا الأمة الإسلامية فلا بد لنا من الارتباط بهما؛ لأن كل العلوم الإسلامية ما هي إلا لخدمة الكتاب والسنة، ونحن أمة شعارنا قال الله وقال رسوله قال الصحابة هم أولو العرفان، فلنرتبط بهذين الأصلين، ولننهل منهما فإنهما وصية النبي r، حيث قال: "أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهُدَى هُدَى محمد r، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"(1).

 

خامساً: المصادر السمعية ومنها :

أ- إذاعة القرآن الكريم، وهذا المصدر في الحقيقة غفلت عنه مع بالغ الأسف بعض طالبات العلم، فهذه الإذاعة –بحمد الله تعالى – نفع الله تعالى بها خلقاً كثيراً في مشارق الأرض ومغاربها، بل هي مصدر من مصادر التلقي عند كثير من المستمعين، ومما يعزز جعلها مصدراً من مصادر طلب العلم أن القائمين عليها – جزاهم الله

كل خير – جعلوا من برامج هذه الإذاعة المباركة دروساً علمية مستمرة في كتب معينة، يقوم كبار علمائنا – وفقهم الله لكل خير – بشرحها وإيضاحها، ومثل هذه البرامج تعلمها طالبة العلم بالتتبع، وإنما أعرضت عن تسميت بعض هذه البرامج لأن من شأنها التغيير والتجديد على أنه ينبغي أيضاً لطالبة العلم أن تفقه مسألة مهمة جداً في هذا الباب وهي أن تتأكد طالبة العلم من مناسبة هذا الكتاب المشروح لمرحلتها العلمية، فقد تكون بعض الكتب المشروحة من الكتب المتوسطة، أو المتقدمة، بينما هي لم تقرأ في هذا الفن شيئاً من الكتب المبتدئة، وهذا نداء أو جهة للمسئولين وإلى من يستطيع إيصال ذلك إليهم أن يراعوا هذا الجانب المهم جداً.

ب- ومن المصادر السمعية لطلب العلم الأشرطة الإسلامية، وأعني بذلك الأشرطة العلمية المؤصلة التي تتناول شرح كتاب وما أشبه ذلك، وفي التسجيلات -

بحمد الله تعالى – شيء من ذلك، إلا أنه ومع بالغ الأسف نجد الكثير من طلبة وطالبات العلم أعرضوا عن هذه الأشرطة واستبدلوها بأشرطة تربوية وفيها خير كثير – بحمد الله تعالى -، إلا أنه لا يجدر بطالبة العلم أن تكون هي وسيلتها الوحيدة لتعلم الأحكام الشرعية، ومما يزيد الطين بلة مع الإعراض عن الأشرطة العلمية المؤصلة استبدالها بما يسمى بالنشيد الإسلامي من خلال ذلك الطرح المريض في هذه الأشرطة، وإدخال بعض المحسنات الصوتية والتي من خلالها أربأ بكل عاقل أن يتخذها وسيلة لإحياء الهمة والتعلق بالعبادة، وأخشى ما أخشاه أن تكون بادرة سوء سرت في أوصال الأمة المنهوكة فقضت على بقية جدِّ فيها، و ما مهرجانات ما يسمى بالإنشاد الإسلامي إلا بوادر سوء أرى من خلالها مغبة هذا المزلق، ولقد رأيتهم في بلدان إسلامية يعكفون عند القبور والأضرحة وهم يرددون هذه الأناشيد ويتقربون بها إلى الله، مع أن بعضها

من الحسن، فسألت بعض الصوفية ممن الله عليهم بالهداية عن بداية هؤلاء، فقال: كانوا يترنمون بها في المجالس ويتغنون بالأشعار حتى جاء من بعدهم واستحسنها فكانت هذه النتيجة، وعلى أصحاب التسجيلات الإسلامية أن يتقوا الله – عز وجل – في الأمة الإسلامية، كيف لا ينادون ذلك بذلك وهم يتولون جانباً مهماً من جوانب التربية، فكان لزاماً عليهم أن يربوا الأمة على معالي الأمور من خلال تقديم المفيد النافع وخاصة فيما يتعلق بالجوانب العلمية الشرعية وأخص منه ما كان من فروض الأعيان من المسائل الشرعية .

 

سادساً: المذاكرة، وذلك من خلال تحديد كتاب معين من قبل مجموعة من الطالبات العلم والعكوف على قراءته جماعياً مع البسط، والمناقشة، وهذه الطريقة ولا شك مع كونها مصدراً من مصادر طلب العلم، فهي أيضاً من أعظم المصادر التي تعين طالبة العلم على قضية إجادة

المحاورة والمناقشة، ولهذا من وصية سلف الأمة الاهتمام بهذا الجانب، فعن علي – رضي الله عنه – قال: "تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه يدرس".

وعن ابن عباس – رضي الله عنه – أنه كان يقول لسعيد بن جبير: (يا سعيد أخرج بنا إلى النخل، ويقول: يا سعيد، حدث، قلت: أحدث وأنت شاهد ؟، قال: إن أخطأت فتحت عليك)، وكان سعيد بن عبد العزيز يعاتب أصحاب الأوزاعي، ويقول: (العلم): تجتمعون، مالكم لا تتذاكرون)، وعن علي بن الحسين بن شقيق، أنه قال: (كنت مع عبد الله بن المبارك في المسجد في ليلة شتوية باردة فقمنا لنخرج، فلما كان عند باب المسجد ذاكرني بحديث، أو ذاكرته بحديث، فما زال يذاكرني وأذاكره حتى جاء المؤذن فأذن لصلاة الصبح)، إلى غير ذلك من الآثار التي تدل على عناية السلف بهذا الجانب،

 

وفي هذا يقول الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله تعالى -، كما في كتابه القيم (حلية طالب العلم) :

"تمتع مع البصراء بالمذاكرة والمطارحة، فإنها في مواطن تفوق المطالعة، وتشحذ الذهن، وتقوي الذاكرة ملتزماً الإنصاف والملاطفة، مبتعداً عن الحيف، والشغف، والمجازفة .

وكن على حذر فإنها تكشف عوار من لا يَصْدُقُ .

فإن كانت مع قاصر في العلم، بارد الذهن؛ فهي داء ومنافرة، وأما مذاكرتك مع نفسك في تقليبك لمسائل العلم فهذا ما لا يسوغ أن تنفكَّ عنه، وقد قيل: إحياء العلم مذاكرته" انتهى .

إلا أنه ينبغي التنبيه على بعض الأمور حيال هذه الوسيلة، ومنها:

 

 

 

 

 

(أ) الجد في المذاكرة أثناء الاجتماع، وألا تتفرق السبل بالأخوات المجتمهيبته.وض في أحاديث جانبية لا علاقة لها مظنة مثل ذلك .

(ب) التقليل من المشروب والمأكول بقدر الإمكان لأنها مظنة للانشغال عن الدرس .

(ج) توحيد المكان ففي تنقله مجال للتنافس

بين طالبات العلم فيما يقدم من المطعم والمشرب فتضيع فائدة الدرس وتذهب هيبته .

(د) تعيين مشرفة على الدرس تقوم على تنسيقه من حيث المواعيد وتجلية ما أشكل بسؤال أهل العلم.

(هـ) الحذر من مداخل الشيطان لتففيها:جمع، وذلك من خلال رؤية البعض استحقاقها لتسيد الدرس، والرجوع إليها، والوقوف عند قولها في المسائل، مع أنها لا تبعد عن باقي الأخوات كثيراً في مسألة الطلب .

 

 

 

معوقات في طريق العلم لتحصيل العلم

 

قبل التعرض لشيءٍ من هذه المعوقات التي رصدتها من خلال الواقع، قبل ذلك أحببت أن أقدم للأخت طالبة العلم بهذه المقدمة، فأقول فيها :

لذة العلم في شدة تحصيلكتاب: قال الشيخ ابن عطاء الله الأسكندري: (من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة) . ولذا كان على طالبة العلم أن تعلم علم اليقين أنه لا بد من وجود المعوقات في طريق طلب العلم، ولولا أني أردت من خلال إيراد هذا المبحث أن أشارك الأخت طالبة العلم في ذكر بعض الحلول لبعض المعوقات ما عمدت إلى ذكر هذا المبحث لكونه من المسلمات، ويجدر بالأخت المسلمة أن تعنى بقراءة الكتب التي تبين ما لقيه علماء الأمة من شدة في طلب العلم وتحصيله(1)،

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من أحسن هذه الكتب كتاب : صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل، لعبد الفتاح أبي غدة .

يقول عبد الفتاح أبو غدة في كتابه (صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل):

"إن خير وسيلة لإشعال العزائم، وإثارة الروح الوثّابة، وقدح المواهب، وإذكاء الهمم، وتقويم الأخلاق ).تٍ وهدوء ودون أمر أو نهي، والتسامي إلى معالي الأمور، والترفُّع عن سفسافها، والائتساء بالأسلاف الأجلاء: هو قراءة سير نبغاء العلماء الصلحاء، والوقوف عل أخبار الرجال العظماء والتملَّي من اجتلاء مناقب الصالحين الربانيين، والاقتراب من العلماء النبهاء العاملين المجدين .

فذلك خير مِهْمَاز لرفع الهمم، وشد العزائم، وسمو المقاصد وإنارة القلوب، وإخلاص النيات، وتفجير النبوغ والطاقات المدفونة، والصبر على اجتياز العقبات والصعاب، واحتلال ذرى المجد الرفيع، وكسب الذكر الحسن، واغتنام الباقيات الصالحات" انتهى .

 

 

 

فلا بد لكِ أختي طالبة العلم مع ما سبق من التذرع بالصبر، فإن الصبر من الأخلاق الفاضلة التي أمر بها الإسلام، ومن مجالاته الصبر على طاعة الله، والصبر عن معصية الله، والصبر على بلاء الدنيا، وهو ضرورة لابد منها لوصول الإنسان إلى هدفه فلا نجاح في الدنيا ولا فلاح في الآخرة إلا بالصبر، فلولا صبر الزارع على بذره ما حصد، ولولا صبر الطالب على درسه ما نجح وتعلم، فالوصول إلى الأهداف السامية لا ينال إلا بركوب متن المشقات وتجرع غصص الآلآم؛ لكي تتحقق الآمال، ولذا أمر الله تعالى رسوله r بالصبر في مواضع عديدة في القرآن الكريم، منها قوله تعالى :(وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[هود : 115]، وقوله تعالى (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ ...) [النحل : 127]، والعبد ولا شك يحتاج إلى الصبر على طاعة الله قبل الطاعة بتصحيح النية، وقطع الشواغل عنها وأثنائها، لكي يراقب الله - سبحانه

وتعالى – في عمله، ويأتي به على أحسن وجه وبعد الفراغ من الطاعة لئلا يبطلها بالسمعة والرياء، ولا شك أن من أهم الطاعات التي تحتاج إلى الصبر : طلب العلم الذي يبتغي به وجه الله - سبحانه وتعالى – وبخاصة أن النفس تميل إلى الراحة والكسل، وقد لا يكون كذلك في حق البعض، لكن عوارض أخرى قد تفقر عزم الإنسان وتوهنه، ولذا فطلب العلم يحتاج إلى عظيم جهد، ومشقة، وسهر، وترك كثير من فضول الدنيا، ودوام مذاكرة، وحفظ، ومتابعة، وغير ذلك. روى الحافظ ابن عبد البر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: سمعت أبي يقول: ( لا يستطاع العلم براحة الجسم ) .

 

إن العلم أختي طالبة العلم أرفع مقام تطمح إليه الهمم، وأشرف غاية يسعى إليها عباد الله الموفقون، وأن من صبر على طلب العلم لابد أن يصل إلى مراده وأن يسهل الله له أمره، ويذلل له العقبات وبخاصة عندما يستعين بالله وحده

ويستحضر في نفسه ما ورد في فضل العلم ومنزلة العلماء، وأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وأن هذا العلم ميراث الأنبياء وزاد الأتقياء، وطريق الفلاح والنجاح فهذا يدعو لزيادة الصبر والجد في الطلب.

 

أولاً:طيب البغدادي عن الجنيد أنه قال : (ما طلب أحد شيئاً بجد وصدق إلا ناله، فإن لم ينله كله نال بعضه )، لكن مع ذلك يبقى هناك عوائق تقف معها طالبة العلم حائرة لا تدري كيف تصنع فهي تحتاج مع ذلك إلى رأي ومشورة، فأحببت أن أشارك في ذلك مع أن البضاعة مزجاة، والقلم عليل، لكن حسبي سداد هذا النقص من خلال تجربة عشتها في هذا المجال فوجدت أنه بالإمكان تقسيم هذه العوائق إلى قسمين هما :

أولاً : عوائق عامة

ثانياً: عوائق خاصة.

 

وسأحاول بقدر الإمكان إبداء شيءٍ من الحلول بعد ذكر كل عائق، سائلاً المولى عز وجل أن يكتب بها النفع والقبول، ولكن مما يلزم الإشارة إليه أن هذه الحلول محض اجتهاد مع مشاركة من أصحاب الرأي من بعض طالمنزلية.م، فهي تبقى مع ذلك عرضة للخطأ والصواب فمن هذه العوائق :

 

1- عدم وجود الأمكنة المخصصة للدروس العلمية الجادة، وقد يقول قائل: هذه دروس طلبة العلم يوجد فيها أماكن مخصصة للنساء، ولكن يقال في كثير من الأحيان الأوقات المخصصة لطلاب العلم لا تلائم طالبة العلم في كثير من الأحيان، وثمة أمر آخر أن هذه الدروس لطلبة العلم قد تكون يومية في فن معين مثلاً مما يصعب على طالبة العلم معه الخروج باستمرار، ولذا فإن الأمل معقود بعد الله تعالى بمكاتب الدعوة، بمراعاة هذا الجانب بإنشاء دروس خاصة لطالبات العلم يراعى فيها الزمان والوقت

وكذلك التدرج في مسألة طلب العلم ومسؤولية طالبات العلم في حل هذه المعضلة ظاهرة وذلك من خلال مكاتب الدعوة للتنسيق حول هذا الموضوع لحل هذا العائق .

2- كثرة الأعمال المنزلية المنوطة بالمرأة ولا شك أن هذا من أكبر العوائق التي تعيق طالبة العلم من التفرغ لطلب العلم خاصة مع توسع البعض في المآكل والمشارب حتى تجاوز بعضهم إلى حد الإسراف، ولكنني أعتقد أنه بالإمكان تجاوز هذا العائق من خلال تنظيم الوقت تنظيماً دقيقاً بحيث لا تسمح طالبة العلم أن يطغى جانب على جانب؛ لأن ما تشتكي منه بعض طالبات العلم حيال هذا الأمر لا يدعو في الحقيقة إلا أن يكون سبب ذلك هو عدم تنظيم الوقت تنظيماً دقيقاً، ولا أريد من طالبة العلم أن تفهم أنه سيحصل لها التفرغ التام مع وجود هذا العائق، لكن مع التنظيم ستُحصل من جراء ذلك وقتاً مناسباً، وهناك أمر آخر ينبغي التنبيه له هو أنه يجب على طالبة

 

العلم أن تستغل وقت انشغالها بالأعمال المنزلية بمراجعة بعض المحفوظات، كمراجعة ما تحفظ من كتاب الله، أو من السنة، أو من متون علمية سهل الله لها حفظها ويبقى مراجعة شروحها بعد انتهائها من الأعمال المنزلية .

 

3- رفض الأهل خروج طالبة العلم لطلب العلم، وهذا عائق من أعظم العوائق التي تقف في وجه طالبة العلم، ويا ليت الأولياء مع ذلك قاموا بتعليمهن وتثقيفهن؛ بل ومع بالغ الأسف لم يقوموا بتعليمهن حتى ما هو واجباً وجوباً عينياً لتَعَلُّمِ ما لا تقوم عبادة المرأة إلا به، فضلاً عن تعليمهن السنن، وفروض الكفايات، وهم مع ذلك نراهم من جهة أخرى يسمحون لمولياتهم بارتياد الأسواق مواطن الفتنة، وبحضور الحفلات، والتنزه في المتنزهات والاستراحات، مع خروجهن يومياً للتدريس أو للدراسة في المدارس النظامية .

 

 

ولذا فإنه من خلال هذه الرسالة أحمل أولياء الأمور ما يحدث في مجتمعات النساء من جاهلية جهلاء، ومن تخبط في العبادة، ومن سريان العادات السيئة في مجتمعات النساء كسريان النار في الهشيم، ثم إنه مما يجب على طالبة العلم إزاء هذا العائق أن لا تقل ولا تمل من إقناع أهلها حيال طلبها للعلم، وأن تذكرهم دائماً وأبداً بفضل العلم وطلبه .

 

لا تكلي ولا تملي أختي طالبة العلم، وتأملي تلك الصخرة التي في مجرى الماء، كيف ظهرت فيها تلك الشقوق؟! ، وكيف لانت بسبب مرورنظيف. عليها؟! ، مع أن الماء عذب رقاق نظيف .. شفاف فكوني أني ذلك الماء، وحتماً لن يكون الأهل – إن شاء الله تعالى – أشد من الصخرة، فإن لم يتم لها طلب العلم من خلال هذه الوسيلة

 

 

نتيجة هذا العائق فعليها أن لا تدع طلب العلم من خلال تلك الوسائل التي سبق ذكرها(1).

 

4- كثرة الخروج للزيارات، والمن(50).والاستراحات، والذي أراه لطالبة العلم أن تقلل من الخروج قدر الإمكان، وذلك للجلوس بعد سماح الأهل مع عدم وجود الخوف عليها، أما إذا وجد أحد هذين الأمرين فتجاوز هذا العائق أن يكون بحمل طالبة العلم كتابها لتراجعه وتذاكره، وإن عز عليها كتباً علمية مؤصلة لضجيج أصوات تعلمه في تلك الأمكنة فلا أقل من كتب تربوية تستفيد فيها جزاءاً من وقتها، وهذه ليست دعوة للانفراد لكنها دعوة للاستفادة من الوقت بقدر الإمكان والذي كان له قيمة عند سلف هذه الأمة، وعن طريق الاستفادة من أوقاتهم حصلوا هذا العلم، فها هو محمد بن الحسين تلميذ الإمام أبي حنيفة – رحمه الله - ، كان لا ينام

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ينظر في ذلك من ص (26) إلى (50) .

 

الليل، ويضع عنده دفاتر (يعني كتباً)، فإذا ملّ من نوع نظر في آخر، وكان يزيل نومه بالماء، ويقول: إن النوم من الحومدارسته:الفوضوية في ترتيب الأوقات، وهذا الأمر من أعظم العوائق التي تعيق الإنسان عن تحقيق النجاح في أي أمر من الأمور وبالأخص جانب طلب العلم، إذ أن طالب العلم بحاجة إلى كل دقيقة ولحظة يتزود منها في الطلب، وهذا هو ما يتعارض مع الفوضوية في ترتيب الأوقات، والناظر أختي طالبة العلم في حياة المرأة المسلمة يجد أن المشكلة هي ليست بعدم وجود الوقت الكافي لطلب العلم فيه، وإنما المشكلة هي في سوء تنظيم الوقت وإدارته، نعم أنا لا أنفي تزاحم الأعمال وخاصة لدى المرأة طالبة العلم؛ لكن بالقليل من التنظيم ستجد الوقت الكافي لتتفرغ فيه لطلب العلم .

 

ولعلي أذكر في هذه العجالة بعضاً من الأمور التي بمراعاتها تستطيع طالبة العلم أن توفر شيئاً من الوقت لطلب العلم ومدارسته :

(أ) من أهمها تنظيم أوقات المكالمات للدعوة فإن الملاحظ بين بعض طالبات العلم إطالة المكالمات لساالعلم.لة، ثم بعد ذلك هي تشتكي من عدم وجود الوقت الكافي لطلب العلم، مع أنه بإمكانها الاختصار مع تحقيق مرادها .

(ب) تنظيم الأعمال المنزلية خاصة لمن كان عندها أخوات في المنزل، فهي تتفق معهن على صيغة معينة لإدارة أعمال المنزل ثم تنفذ هذا البرنامج بدقة متناهية وستجد أنها ستوفر وقتاً كثيراً بمشيئة الله تعالى.

(ج) تنظيم أوقات الجلوس مع الأهل للمحادثة والمؤانسة، فبعض طالبات العلم قد تضيع عليها أوقاتاً كثيرة بحجة الجلوس مع الأهل، وشرب المسخن والمبرد مع

 

تناول المكسرات وبالتالي تحصل إضاعة الأوقات، ثم هي بعد ذلك تشتكي من عدم وجود الوقت الكافي لطلب العلم .

(د) استغلال وقت هداة الأهل في النوم، كبعد صلاة الفجر خاصة في الإجازات، فتكون طافقهي.علم لديها وقت طويل إلى أن تدب الحياة في أهل السهر حينها تكون طالبة العلم قد أخذت بغيتها واستغلت وقتها .

(هـ) استغلال بعضاَ من الوقت أثناء الجلوس مع الأهل بمدارسة آية، أو حديث، أو حكم فقهي .

(و) استغلال أوقات المناسبات مع الأخريات في مناقشة بعض المسائل العلمية، أو التربوية ففي ذلك محادثة ومؤانسة مع ما فيها من اكتساب لملكة المناقشة، على أنه مما ينبغي التنبيه له أنه قد يعتري هذا البرنامج الدقيق ما يعكر صفوه، ويفرقه شذر مذر ، فالواجب على طالبة العلم أن لا اليوم التالي باليوم السابق بحجة أنها تريد

 

الراحة من عمل الأمس، تحت ذريعة التقاط الأنفاس، وإن كان من الواجب عليها أن تحزم أمرها، وتستعيد مجدها، وتنهض من كبوتها؛ لتحزم نفسها على الجد والاجتهاد، فالنفس كالدابة إن رأت من راكبها الجد سارت سيراً حثيثاً، وإن رأت خلاف ذلك تباطأت في مسيرها، فكوني جادة في السير لتبلغي شأناً في العلم بعون الله .

6- الزواج : وحينما نذكر أن هذا من العوائق فلا أعني من خلال ذلك أن تحجم الفتاة عن الزواج بحجة طلب العلم الشرعي، فهذا الأمر لا خيار لنا فيه لمناقشته فالزواج هدي المرسلين مرغب فيه؛ لتكثير النسل ولمباهاة نبينا r الأمم بنا يوم القيامة، بل قد يصل في كثير من الأحيان إلى حد الوجوب، وذلك إذا أطبقت الفتن وأدلت برأسها، كما هو واقع زماننا الآن والله المستعان، ولكن الدعوة موجهة للمرأة أولاً؛ لإزالة العائق أن ترتبط بمن تتوسم فيه الخير وبمن يغلب على ظنها أنه يمكنها من السير

 

في طلب العلم وتحصيله، ولو ارتبطت بمن يغلب على ظنها ذلك فتبين خلاف هذا فإني أدعو طالبة العلم إلى عرض هذا الأمر عليه بين الفينة والأخرى بأسلوب فيه ترغيب وحث على سلوك هذا الطريق، مع دعاء الله عز وجل أن يلين قلبه فإن من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له، وهي دعوة للزوج أن يمكن زوجته من طلب العلم، وأن ييسر طرق العلم لها فإن أثر ذلك عائد – بمشيئة الله تعالى – عليه وعلى أولاده بالصلاح والاستقرار، وهي تتعلم من خلال ذلك حقوق الزوج فيعود أثر ذلك على الزوج، إنني آمل أخي الزوج أن لا تكون حجر عثرة في طريق زوجتك في طلبها للعلم لترفع الجهل عن نفسها وعن بنات جنسها .

 

7- عدم استشعار فضل طلب العلم وأهميته عند بعض الفتيات، وعلاج ذلك إنما يكون بقراءة الكتب التي

 

تتحدث عن مكانة العلم وفضله وأهميته(1)، ولقد ذكرت طرفاً من ذلك في ثنايا هذه الرسالة فلترجعي إليها(2)، ومما لا شك فيه أنه بقراءة مثل هذه الكتب واستذكار فضل العلم ومكانته السامية في الإسلام سيكون ذلك دافعاً بمشيئة الله تعالى إلى السير في ركاب طلب العلم .

 

8- الاعتقاد بان طلب العلم خاص بالرجال فقط، ومع بالغ الأسف الشديد أن الناس رجالاً ونساءً عاشوا هذا المفهوم ردحاً من الزمن، ولا يزال لهذا المعتقد بقايا يتمسك بها البعض، فلا هم فقهوا أهليهم، ولا هم سمحوا لهن للتفقه من خلال الدروس العلمية والمحاضرات، والحق أنه لا فرق بين الرجل والمرأة حيال ذلك،بل هناك من

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ومن هذه الكتب بعد كتاب بعدها.نة نبيه r كتاب " العلم والعلماء " للشيخ أبي بكر الجزائري، وكتاب "آداب طالب العلم" للدكتور أنس بن أحمد كرزون، وكتاب "آداب المتعلمين"، للدكتور أحمد الباهلي. وغيرها .

(2) ينظر في ذلك ص (20) وما بعدها .

العلم ما هو فرض عين عليها كتعلم أحكام العبادات التي لا تصح عبادتها إلا به، وما كان من قبيل الواجب الكفائي فهو مشروع لها كالرجلبصيرة.، والفضائل المترتبة على طلب العلم، كحديث أبي هريرة: "من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة"(1)، فهذا الفضل يشمل الرجل والمرأة على حد سواء، والأصل في ورود الأحكام الشرعية العموم للرجال والنساء إلا بدليل يخصص أحدهما ولا دليل هنا؛ ولإزالة هذا العائق فلابد أن تتحرر المرأة من هذا المعتقد وأن تعلم على اليقين أن لا نجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولا أمل في لقاء الله تعالى إلا بالعمل الصالح، وهذا يستلزم العلم، ولذا قال تعالى: (فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)[الكهف : 110]، ثم إن على

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه ص (22) .

أولياء أمور النساء أن يعلموا علم اليقين أن النساء لسن بمعزل ولا بمنأى عن العلم وأنهن كالرجال تماماً حتى يتعبدن الله تعالى على بصيرة .

 

9- الخوف من تبعات العلم، كالخوف من عدم العمل به، وكذا الخوف من عدم تبليغه، وهذه بلا شك حجة داحضة؛ لأن الجهل عواقبه وخيمة وهذا أمر مقطوع فيه، وتالآخر.م خوفاً من عدم العمل هذا أمر ظني، وليس من المنهج الشرعي ترك الأمر القطعي خوفاً من الأمر الظني، ثم إن الله عز وجل وعد من طلب العلم أن يزيده هدى وتقوى، كما في قوله تعالى (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ) [محمد : 17]، ثم على طالبة العلم أن تعلم علم اليقين أن هذه حيلة شيطانية يريد من خلالها الشيطان أن تخلو له؛ ليجلب عليها بخيله ورجله بإثارة الشهوات والشبهات في طريقها، فما لم تكن المرأة قد تسلحت بسلاح العلم فسينفذ الشيطان من خلال الجهل

ليفسد عليها قلبها، ثم على طالبة العلم أن تعلم أمراً أخراً ألا وهو أن ترك العمل بالعلم ليس مسوغاً لترك التعلم فترك أحد الأمرين لا يعني جواز ترك الآخر .

10- المسايرة في بداية الطلب ثم الانسحاب، فبعض الأخوات الصالحات إنما تلحق بركب العلم مسايرة لصديقتها الصالحة، ثم لا تلبث إلا وأن تترك هذا المجال، بل قد تنسحب وهي لم تتعلم ما يجب عليها بعد، ولا شك أن هذا مسلك خاطئ، ولذلك فواجب على الأخت المسلمة أن تتأمل فضل العلم وأهميته، وأن منه ما هو فرض عين عليها تعلمه لا تعذر بالجهل به، فمتى ما حملت هذا التصور وأيقنت به فبلا شك أن سلوكها لطريق العلم سيكون عن قناعة يحتمه عليها وجوبه فيما هو واجب وفضله فيما هو من فروض الكفايات .

11- الفتور واستطالة الطريق لا شك أن هذا العائق من أكبر وأعظم العوائق التي صرفت الكثير عن الطلب

العلم، وهذا في اعتقادي إنما نشأ نتيجة اعتقاد البعض أن تحصيل العلم يحد بزمن معين قصير جداً قد يكون هذا الزمن لا يكفي لقراءة الأصول في كل فن فضلاً عن أن يكون كاف لقراءة المطولات .

ونتيجة لذلك نجد أن البعض ممن ينتسب لطلب العلم يقيس نفسه من خلال هذه الفترة القصيرة جداً وبالتالي ينظر من خلال نماذج سبقته إلى طلب العلم بزمن ليس باليسير حينها يدب اليأس ويُستطال الطريق فترى الأخت طالبة العلم بعد ذلك أن تترك العلم لأهله، كما تقول ذلك بعض طالبات العلم، لذا فعلاج هذا العائق توطين النفس على الصبر والمصابرة، وأن هذا العلم بجر لا ساحل له، كما قيل: (العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول تكبر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه ما يعلم)، ولذا فواجب على طالبة العلم أن توطن نفسها وهي في البداية على استطالة

الطريق ووعورته وحاجته إلى المجاهدة والتضحية كالمسافر الذي يريد قطع مفازة بعيدة فهو وإن حط رحله في أثناء الطريق فهو مستعد للرحيل مرة أخرى، وأما مستراحه وغاية قصده: بلوغ مراده وبغيته، فهو لا يطلب أن تزوى له الأرض لاستحالة ذلك في حقه ولكنه يصبر ليصل وهكذا طالب العلم واجب عليه توطين نفسه ليبلغ مراده، وتوطين النفس إنما يكون في ابتداء الطريق لا في أثناء الطريق، وللأخت مجال رحب في قراءة سير أولئك الأفذاذ الذين بلغوا من العلم مبلغاً عظيماً لترى من سيرتهم ما تحتاج إليه في طريق الطلب وهم يتفقون على شيءٍ واحد ألا هو (البذل والتضحية) وإن اختلفت أساليبهم في ذلك .

 

12- الانشغال بحطام الدنيا من خلال متابعة ما يستجد وخاصة في أمر اللباس، وهذا مما لا شك فيه عائق من العوائق، وإنما ذكرت ذلك لطالبة العلم لكون المرأة

مجبولة على حب التزين والتجمل، فلربما نازعتها هذه الرغبة الكامنة في نفس كل أنثى فخرجت عن حد المألوف والاعتدال في ذلك، فإن لم يكن هذا من عوائق طلب العلم بالكلية فلا أقل من أن يسرق عليها لحظات هي أحوج ما تكون إليها خاصة مع وجود كثير من العوائق، ولإزالة هذا العائق على طالبة العلم أن تستشعر أن متابعة أمثال هذه الأشياء ذبَّاحة للوقت على طريق زيف الحضارة، يقول الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله تعالى، كما في كتابه الرائع (حلية طالب العلم)، قال:

"وعليه؛ فازْوَرَّ عالله:الحضارة؛ فإنه يُوَنّثُ الطّباع، ويُرْخي الأعصابَ، ويُقَيدُك بخيط الأوهام، ويَصِلُ المجدون لغاياتهم وأنت لم تبرح مكانك مشغول بالتأنق في ملبسك، وإن كان منها شِياتٌ ليست محرمةٌ ولا مكروهةً، لكن ليست سمتاً صالحاً، والحلية في الظاهر كاللباسِ عنوان

 

على انتماء الشخص، بل تحديدٌ له، وهل للِّباسُ إلا وسيلة من وسائل التعبير عن الذات " انتهى .

وليس من خلال ذلك ما يشم منه رائحة الدعوة إلى الرهبنة، وإنما هي دعوة للاقتصاد، كما يقول السيخ بكر أبو زيد حفظه الله .

"فخذ من اللباس ما يُزينك ولا يُشينك، ولا يجعل فيك مقالاً لقائل ولا لمزاً للامز وإذا تلاقي ملبَسُك وكيفية لُبسك بما يلتقي مع شرف ما تحمله من العلم الشرعيِّ؛ كان أدعى لتعظيمك، والانتفاع بعلمك، بل بِحُسنِ نيِّتك يكون قُربةً؛ إنه وسيلةً إلى هداية الخلق للحقَّ..."، إلى أن قال حفظه الله :

 

"...فإياك ثم إياك من لبس التَّصابي، أما اللباسُ الإفرنجيُّ؛ فغيرُ خافٍ عليك حُكْمُهُ، وليس معنى هذا أن تأتي بلباس مُشَوَّةٍ، ولكنه الاقتصادُ في اللِّباسِ برسم الشرع تَحُفُّه بالسَّمْتِ الصالح والهَدْيِ الحَسَن " انتهى .

 

فاعقلي أختي طالبة العلم هذا الكلام في اللباس وقيسي عليه سائر أمور الحياة والمعاش، قال الإمام المحاسبي – رحمه الله - : "اعلم أنه لا يغني ضوء النهار الأعمى، كذلك لا يضيء بنور العلم إلا أهل التقوى، وكما أن الميت لا بنفعه الدواء وكذلك لا يفيد الأدب في أهل الدعوى وكما لا ينبت الوابل – المطر الشديد – الصفاء الحجر الصلد الذي لا ينبت كذلك لا تثمر الحكمة في قلب محب الدنيا" انتهى .

 

13- احتقار الذات والنفس، وهذا من عوائق طلب العلم، بل ربما غلفت ذلك بغلاف الورع، وأنها ليست بأهل أن تطلب هذا العلم الشرعي، بل ربما أطلقت إحداهن بعض العبارات، كأن تقول "من أنا أكون عالمة"، وهكذا ينفخ الشيطان في روعها مثل هذه العبارات، فتستأنس بها فينفرد بها على جهل ليلقيها في مهاوي الردى، وعلاجاً لهذا العائق فإني أقول لطالبة العلم:

 

إن التواضع وخفض الجناح واحتقار النفس والذات إنما يكون ذلك كله بعد الشروع في طلب العلم فيكون ذلك كله من متممات العلم وجماله، ثم لتعلمي أختي طالبة العلم أن حكمك على شخصك أنك لست مؤهلة لذلك حكم لم يطرد عندك في جميع أمورك فنراك من جهة أخرى متفوقة في حياتك والتي من بينها دراستك النظامية، بل قد تكوني من المتفوقات في ذلك، لذا كان عليك أختي طالبة العلم أن تعلمي علم اليقين أنك مؤهلة لذلك، والدليل على ذلك نجاحك في مناحي الحياة، ولذا كان من علاج هذا العائق التفتيش عن عوائق أخرى حقيقيه غير متوهمة لتلحقي بالركب بدلاً من التعلق بعوارض موهومة لا رصيد لها على أرض الواقع .

14- المواصلات: وهذا أيضاً من العوائق في طلب العلم فهو عائق من جهة أن المرأة قد تحتاج إلى كتاب معين فلا تجد من يوصلها إليها، ومن جهة أخرى هو عائق

من منعها من حضور الدروس والمحاضرات، وأما علاج الأمر الأول فحبذا لو قامت بتأمين وسيلة الإيصال إلى المنازل أسوة بما يفعله أصحاب المطاعم وغيرهم، وإن كان غير أصحاب المكتبات قد عمدوا إلى هذا إلا أن الأمر يحتاج إلى تطوير/ وأما الأمر الآخر فعلاجه يكون عن طريق استئجار حافلة من قبل مجموعة من الطالبات العلم لهذا الغرض على أن يلحظ في ذلك مراعاة الأمور الشرعية من عدم الخلوة مع السائق، وعدم السفر بدون محرم، فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله، كيف وقد علمت الأخت أن من أعظم الأسباب لتوفيق الله تعالى لطالبة العلم ترك المعاصي .

15- قلة وجود القدوات النسائية، كطالبات علم متمكنات فتتلفت طالبة العلم يمنة ويسرة فترى أخوات كريمات لهن باع في الدعوة، لكنهن لسن على قدر كبير من العلم، فتقصر همتها اعتقاداً منها أن هذه الداعية قد

 

بذلت جهداً كبيراً لطلب العلم، وها هي لم تنجح فتقول في نفسها لن أكرر تجربة أجزم بفشلها، فتنقطع حينها عن الطلب، وتسلك طريق الدعوة لوحدها، فترى بعد فترة من الزمن أن لا جديد لديها فتقعد عن الدعوة بعدما تقاصرت عن الطلب، وعلاجاً لهذا العائق فإني أقول لأختي طالبة العلم: ولم لا تجدين وتجتهدين لتكوني أنت القدوة لغيرك، كيف لا وأنت تعلمين نماذج من نساء سلف هذه الأمة كيف بلغن في العلم شأناً، ولعلك طالعت من خلال هذه الرسالة على شيءٍ من ذلك مما يعطيك دلالة أكيدة على أن المرأة مهيأة لهذا متى ما وجدت النية الصالحة والعزيمة والوقادة، نعم لقد عاشت نسائنا ردحاً من الزمن وقد تعلقت الكثير بسفاسف الأمور، حتى قيض الله لهذه الأمة هذه الصحوة المباركة، والتي نرى من خلاها عودة المرأة، واستعدادها لنيل قصب السبق في مجال طلب العلم، والنماذج لحمد الله موجودة بدأ محياها الجميل يلوح في

الأفق وعليه فلتطمئن طالبة العلم أن ندرة وجود متضلعات في طلب العلم ليست مرده إلى عدم أهلية المرأة إلى هذا المجال، وإنما لا يعدو الأمر إلا أن يكون غفلة من المجتمع عموما لهذا الأمر، فكوني سباقة لهذا المجال لتنيري الطريق إلى أخوات لك كُثُر ينتظرن قدوة ليحذين حذوها والله يحفظك ويسدد على الخير خطاك .

 

16- حاجة العلوم الشرعية إلى من يقوم بشرحها وهذا قد لا تظفر به طالبة العلم؛ لأي عائق من العوائق، تقول إحدى الأخوات: لي صديقة تدرس في معهدٍ للقرآن الكريم، وكان من الكتب المقررة عليهن كتاب القواعد المثلى في شرح أسماء الله وصفاته، وقد ذكرت أنها رسبت في هذه المادة ثلاث مرات حتى قام أخوها بشرحها لها فنجحت بها بسهولة، ولا شك أن هذا العائق ربما سبب لطالبة العلم نفرة من ذلك الفن، فلا يمكن أن تحاول القراءة فيه مرة أخرى، ولعلاج هذا العائق حبذا لو

رجعت الأخت إلى وسائل طلب العلم في أول هذه الرسالة وتحديداً عند الوسيلة الثانية من وسائل طلب العلم، وهي وسيلة القراءة وضوابط ذلك فلتراجع ذلك(1).

 

17- عدم تصو(32-33).ية الصحيحة لطلب العلم، وهذا العائق قد يبرز في أحيان كثيرة بعد شروع طالبة العلم في طلبها للعلم فتلتبس عليها الأمور وتختلط، حينها تتخلى عن طريق الطلب وتُطَلِّقُ هذا الطريق طلاقاً بائناً لا رجعة معه، وعلاج هذا العائق إنما يكون بمعرفة المنهجية الصحيحة في طلب العلم، وسأذكر مبحثاً خاصاً في ثنايا هذه الرسالة فلتراجعه الأخت تحت مبحث " برنامج لطالبة العلم "(2).

 

P P P

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)أنظري ص (32-33) .

(2)أنظري ص (120).

من حفظ المتون حاز الفنون

أختي طالبة العلم : مما لا شك فيه أن حفظ العلم له أهمية قصوى ومرتبة عليا في كرحلة الطلب؛ لأن طالب العلم يكون على استحضار تام لما يحفظ من الأدلة والنصوص الشرعية فعلمه معه حيثما حل وارتحل ولا يحتاج أن يحمل كتبه معه مادام حافظاً لها، كما قال بشار بن برد:

علمي معي أينما ذهبت يتبعني بطني وعاء له لا بطن صندوق

إن كنت في البيت فإن العلم فيه معي أو كنت -:السوق فإن العلم في السوق

 

قال عبد الرزاق بن همام – رحمه الله تعالى - : " كل علم لا يدخل مع صاحبه الحمام فلا تعده علماً "، وهو إنما يقصد بذلك أن العلم يحمله في قلبه حفظاً .

وقال محمد بن القاسم بن خلاد: حرف تحفظه بقلبك أنفع لك من ألف حديث في دفاترك، ولأهمية ذلك أختي طالبة العلم اعتنى السلف بالحفظ، فقد ذكر ابن خلكان في كتابه

 

 

أولاً:الأعيان)، عن أبي زرعة الرازي، أن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - : كان يحفظ ألف ألف حديث عن ظهر قلب – يعني مليون حديث -، قبل لأبي زرعة : وما يدريك، قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب .

ولأهمية هذا الجانب في طلب العلم سأذكر بعض المسائل التي تتعلق بموضوع حفظ العلم، فمنها:

أولاً : وسائل الحفظ .

أختي طالبة العلم :

لكل طالبة علم طريقتها في الحفظ، ولكن أشهر طريقة متبعة هي تكرار المقطع الذي يراد حفظه مرات كثيرة حتى يرسالنبي،يك ترديد ذلك فيما بينك وبين نفسك، وهذا يسمى التسميع الذاتي، فقد روى الخطيب البغدادي عن علقمة قال :"أطيلوا كرَّ الحديث لا يدرس"، ويزيد الحفظ رسوخاً تسميعه على أحد الطالبات العلم أو أحد الصديقات، فإن ذلك أدعى للاستعداد وإتقان المحفوظ،

 

وروى أبو يعلى في سنده، عن أنس – رضي الله عنه – " كان صحابة رسول الله r في مجلس نحو ستين رجلاً، فيحدثهم النبي r، ثم يدخل لحاجته فيراجعونه فيما بينهم فيقومون كأنما زرع في قلوبهم ".

 

وهناك وسعباس:ينة بعد توفيق الله تعالى تعين طالبة العلم على الحفظ بدقة وإتقان منها:

1- إخلاص النية لله تعالى وصحة المقصد فإن النوايا مطايا. قال ابن عباس : إنما يحفظ الرجل على قدر نيته " رواه الخطيب .

وقال سفيان الثوري – رحمه الله تعالى - : " نقص الناس في حفظهم كما نقصوا في نياتهم ".

 

2- الصبر والمصابرة على تكرار الحفظ ولتجعلي نصب عينيك تقوى الله سبحانه، فإنه القادر على أن يلهمك الحفظ والصواب، وقادر على أن ينسيك ويحرمك العلم .

 

يقول الشاعر :

ألا بالصمسعود: ماتريد وبالتقوى يلين لك الحديد

3- البعد عن المعاصي واقتراف الذنوب، فإن المعاصي تطفئ نور العلم وتذهب حلاوته .

قال ابن مسعود : "إني لأحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها".

وسقال:ل أنس بن مالك – رضي الله عنه -، فقال: يا أبا عبد الله هل يصلح لهذا الحفظ شيء؟، قال: إن كان ييقول: شيء فترك المعاصي.

 

4- صفاء الذهن وبعد عن الخواطر والهموم التي تجلب الهم للنفس والقلق وضيق الصدر، قيل لحماد بن زيد: ما أعون الأشياء على الحفظ ؟، قال: قلة الهم .

وكان الشافعي يقول : "لو كلفت شراء بصلة لما حفظت مسألة "(1).

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) آداب المتعلمين بتصرف للدكتور أحمد الباتلي .

5- العمل بما حفظ، فإن من تعلم ليعمل حفظ منسيانه.وصعب نسيانه .

قال -:اهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية – رحمه الله - :" كنا متفقين على حفظ الحديث بالعمل به ".

قال المروذي – رحمه الله - : قال لي أحمد – رحمه الله – : ما كتبت حديثاً عن النبي r إلا وقد عملت به حتى مر بي الحديث، أن النبي r احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً، فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت .

 

6- إعلاء الهمة والكشف عن سامة المجد والاجتهاد والمواظبة على تكرار الدرس لحصول الحفظ .

 

7- عدم اليأس من سوء الحفظ مع كثرة التكرار، فإن اليأس أول درجات الفشل، فإذا تخلل إلى نفس الطالب لم يحصل له ما يريده من الحفظ والاستذكار.

 

8- الاستعانة بالقلم والأوراق لتدوين ما يعين على الحفظ أو لتكرار الدرس كتابة(1)

 

ثانياً: أفضل أوقات الحفظ .

قال العلامة ابن جماعة – رحمه الله – "أجود الأوقات للحفظ الأسحار، وللبحث الأبكار، وللكتابة وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة الليل".

وقال الخطيب "أجود أوقات الحفظ الأسحار، ثم وسط النهار، ووقت الجوع أنفع من وقت الشبع"(2).

قال إسماعيل بن أبي إويس – رحمه الله تعالى - : إذا همت أن تحفظ شيئاً فنم، وقم عن السحر، فأسرج ولنظر فيه، فإنك لا تنسى بعد – إن شاء الله -يناسبها.

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطريق إلى العلم، لعمرو عبد المنعم سليم .

(2) الطريق إلى العلم، لعمرو عبد المنعم سليم .

 

 

وهذا الوقت أختي طالبة العلم أنفع للحفظ في الجملة، ولكن قد تكون الأخت طالبة العلم ترى أنها تتقن حفظها في غير هذا الوقت فعليها أن تلزم ما يناسبها .

 

ثالثاً : المكان المناسب للحفظ .

كل مكان تستريح إليه النفس، وتحصل فيه السكينة ولا يكون فيه من الملهيات ما قد يعطل على طالب العلم عملية الحفظ .

قال ابن جماعة نقلاً عن الخطيب قوله : "وأجود أماكن الحفظ الغرف، وكل موضوع بعيد عن الملهيات"، قال : "وليس بمحمود الحفظ بحضرة البنات، والخضرة، والأنهار، وقوارع الطريق، وضجيج الأصوات، لأنها تمنع من خلو القلب غالباً"(1).

 

P P P

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الطريق إلى العلم، لعمرو عبد المنعم سليم .

آداب لطالبة العلم

 

نعم ما أحوج طالبة العلم لهذه الآداب، لأن هذه الآداب من أسباب تحصيل العلم والتمكن منه فما لم تكن طالبة العلم متحلية بهذه الآداب فإنها غير جديرة بطلب العلم أو حمله الدلالة عليه، يقول الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد :

 

"لقد تواردت موجبات الشرع على أن التحلي بمحاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، والهدي الحسن، والسمت الصالح: سمة أهل الإسلام، وأن العلم – وهو أثمن درَّةٍ في تاج الشرع المطَّهر – لا يصل إليه إلا المتحلي بآدابه، المتخلي عن آفاته، ولهذا عناها العلماء بالبحث والتنبيه، وأفردوها بالتأليف، إما على وجه العموم لكافة العلوم، أو على وجه الخصوص؛ كآداب حملة القرآن

 

 

 

الكريم، وآداب المحدث، وآداب المفتى، وآداب القاضي، وآداب المحتسب، وهكذا..."(1).

 

وببالنفس.ى هذا أحببت أن ألفت نظر الأخت طالبة العلم بجملة من الآداب التي لا غنى لطالبة العلم عنها؛ إذ أن هذه الآداب هي ثمرة العلم ولبه وحقيقته على أنني آثرت الاختصار في بعض هذه الآداب لشهرتها وظهورها، ولقد قمت بتقسيم هذا المبحث إلى عدة أقسام وهي:

- آداب تتعلق بالنفس .

- آداب تتعلق بزميلات الطلب.

- آداب تتعلق بالدرس .

- آداب تتعلق مع من يؤخذ عنه العلم .

- آداب تتعلق بالتعامل مع الكتاب .

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من كتاب حلية طالب العلم ص (6) .

 

 

 

أولا : الآداب التي تتعلق بالنفس .

ويقصد بهذه الآداب هي تلك الآداب التي يجب على طالبة العلم أن تتحلى بها، كطالبة علم يجدر بها مراعاة ذلك في نفسها وهي كما يلي :

1- الإخلاص. 2- المتابعة، كما قال تعالى:.فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) [الكهف/110]، وحسبك أختي طالبة العلم من الإخلاص أنه من وأعظم الأسباب المعينة على طلب العلم وتحصيله، وإذا ما حدثتك نفسك يوماً بحب مدح الناس وثنائهم فذكريها بحديث النبي-r- الذي يقول فيه :

" إن أول الناس يقضي يوم القيامة عليه،... وفيه ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها

 

 

 

قال: فما عملت فيها؟، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن ليقال: هعنه.ئ، فقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجه.حتى ألقي في النار،..." الحديث(1).

 

وذكرها ثانياً بقول النبي r : "من تعلم علماً مما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة"(2)، أي ريحها، فذكر بها بمثل ذلك وأمثاله فإنني لا أعلم زاجراً وواعظاً كنصوص الشرع المطهر .

 

2- العمل بالعلم وهذا الأدب هو الثمرة الكبرى لطلب العلم قال أبو الدرداء رضي الله تعالى عنه: "ويل

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه مسلم (1905)، وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(2) رواه أبو داود (3179)، وابن ماجه (248)، وابن حبان في صحيحه والحاكم، قال : صحيح على شرط البخاري ومسلم، وصححه الألباني- رحمه الله – في صحيح الترغيب والترهيب .

 

لمن لا يعمل مرة وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع مرات ".

وعن الحسن قال: "العالم الذي وافق علمه عمله، ومن خالف علمه عمله فذلك رواية حديث سمع شيئاً فقاله"، وقال الحسن "الذي يفوق الناس في العلم جدير أن يوفقهم في العمل"، وصدق – رحمه الله تعالى – ، فيا طالبة العلم أنت تحت المجهر فكوني عاملة بالعلم لتكوني قدوة بالعمل لا بالقول فهو أبلغ، فقد قيل: فعل رجل لألف رجل أبلغ من قول ألف رجل لرجل .

3- دوام المراقبة، فيجب على طالبة العلم التحلي بدوام المراقبة لله تعالى في السر اللتقوى.ن تقوى الله تعالى سبب لكل خير، فكم من طالبة علم تشتكي من عدم موافقة أهلها حضور مجالس العلم مثلاً، ألا فلتعلم الأخت أن مراقبة الله تعالى سبب لتفرج الكُربات، كما قال تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً) [الطلاق/2]، وقال

تعالى: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) [الطلاق/4]، ودوام مراقبة الله سبب للتقوى .

4- القناعة والزهادة وحقيقة الزهد: الزهد بالحرام والابتعاد عن حماه بالكف عن المشتبهات، وعن التطلع إلى في أيدي الناس، وقد روى عن محمد بن الحسن الشيباني – رحمه الله تعالى – لما قيل له : ألا تصنف كتاباً في الزهد من يتحرج عن الشبهات والمكروهات في التجارات، وكذلك في سائر المعاملات والحرف، وعليه فلتكن طالبة العلم، معتدلة في معاشها بحيث تصون نفسها ولا ترد مواطن الذلة والهوان .

5- الإعراض عن مجالس اللغو، فينبغي على طالبة العلم أن تتجنب مجالس اللغو واللغط إذا كان هذا الجلوس للمؤانسة والمحادثة، وحظور مثل هذه المجالس لهذا الغرض يذهب رونق العلم، بل فيه جناية على العلم وأهله جناية

عظيمة، إلا لمن كان قصدها من الحضور الإنكار والإيضاح والبيان فهذه لها حكم آخر .

6- التحلي برونق العلم من حسن الصمت، والهدي الصالح من دوام السكينة، والوقار، والخشوع، والتواضع، ولزوم الحجة بعمارة الظاهر والباطن، والتخلي عن نواقضها، فعن ابن سيرين – رحمه الله تعالى – قال : "كانوا يتعلمون الهدي كما يتعلمون العلم" .

7- فض الجناح، ونبذ الخيلاء والكبرياء، فعلى طالبة العلم أن تتحلى بآداب النفس من العفاف والحلم والصبر والتواضع للحق وسكون الطائر من الوقار والرزانة وخفض الجناح متحملاً ذل التعلم لعزة العلم ذليلاً للحق، فعلى طالبة العلم أ–:ذر نواقض هذه الآداب، وإياك والخيلاء فإنه نفاق وكبرياء وقد بلغ من شدة التوقي منه عند السلف مبلغاً، ومن دقيقة ما أسنده الذهبي في ترجمة عمرو بن الأسود العنسي المتوفى في خلافة عبد الملك بن

 

مروان – رحمه الله – أنه كان إذا خرج من المسجد قبض بيمينه على شماله فسئل عن ذلك؟، فقال : مخافة أن تنافق يدي، أي أنه يمسكها خوفاً من أن يخطر بيده في مشيته فان ذلك من الخيلاء .

8- ملازمة خشية الله تعالى، فتتحلى طالبة العلم بعمارة الظاهر والباطن بخشية الله تعالى محافظة على شعائر الإسلام وإظهار السنن، ونشرها بالعمل بها، والدعوة إليها، وملاك ذلك خشية الله تعالى، ولهذا قال الإمام أحمد –رحمه الله – : (أصل العلم خشية الله) .

9- كوني على جادة السلف، طريق السلف الصالح من الصحابة والصحابيات – رضوان الله تعالى عليهم –، فمن بعدهم ممن قفا أثرهم في جميع أبواب الدين من التوحيد، والعبادات، ونحوها، متميزة بالتزام آثار الرسول r، وتوظيف السنن على نفسك مع ترك الجدال،

والمراء، والخوض في علم الكلام، وما يجلب الآثام ويصد عن الشرع .

10- هجر الترفه، فيا طالبة العلم لا تسترسلي في التنعيم والرفاهية "فإن البذاذة من الإيمان"(1)، وخذي بوصية عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في كتابه المشهور وفيه: "وإياكم والتنعم وزي العجم، وتمعددوا وأخشوشنوا...".

 

فكوني على حذر في لباسك؛ لأنه يعبر لغيرك عن تقويمك في الانتماء والتكوين والذوق، ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل في الباطن، والناس يصنفونك من لباسك؛ بل إن كيفية اللباس تعطي للناظر تصنيف اللابس، من الرصانة والتعقل، أو التشيخ والرهبنة، أو التصابي وحب الظهور، فخذي من اللباس ما يزينك. ولا

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) السلسلة الصحيحة للألباني رحمه الله رقم (1341)، وقد أخرجه ابن ماجه (4108)، من حديثبتصرف.امه الحارثي .

 

يشينك ولا يجعل فيك مقالاً لقائل ولا لمزاً للامز وإذا تلاقى ملبسك وكيفية لبسك بما يلتقي مع شرف ما تحملينه من علم شرعي كان أدعى لتعظيمك والانتفاع بعلمك بل بحسب نيتك يكون قربة إنه وسيلة إلى هداية الخلق للحق(1).

11- على الأخت طالبة العلم عدم الخلوة بالسائق الذي يحضرها للدرس، وهي ليست بظاهرة بحمد الله في أوساط طالبات العلم، ولكن بعض الأخوات ربما اجتهدت وظنت أنه لا بأس من تجاوز هذا الأمر في سبيل تحصيل طلب العلم .

 

 

 

P P P

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) من الأدب الرابع إلى هنا من كتاب حلية طالب العلم، للشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – بتصرف .

ثانياً: آداب تتعلق بزميلات الطلب.

1- انتقاء الصحبة، فلا بد أن تنتقي من الصاحبات من هي ذات همة عالية وقادة،ذلك:ءاً على ذلك ليكن تخيرك للزمالة والصداقة من يعينك على مطلبك ويقربك إلى ربك ويوافقك على شريف عزمتك ومقصدك، وفوق ذلك لا بد أن تكون هذه الصاحبة لديها همة عالية فكم من فتاة تود أن تسلك طريق طلب العلم؛ ولكن همتها دنيئة أدنى عقبة تعيقها، فلا بد من التنبه لذلك أختي طالبة العلم .

2- على طالبة العلم أن تلزم مكارم الأخلاق عامة ومع زميلات الطلب خاصة ومن ذلك :

(أ‌) سن الخلق وهو أمر مطلوب مع كل أحد ومع صاحبات الطلب، قال النبي r في وصيته لمعاذ بن جبل:

"وخالق الناس بخلق حسن"(1).

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه الوالصحبة.10) .

(ب) ستر العيوب فلا يسلم أحد من عيب، ولذا كان لزاماً على طالبة العلم أن تستر عيوب أختها فإن ذلك أدعى للألفة والصحبة .

(ج) الوفاء بالوعد بقدر الإمكان، وفيما يخص هذا الجانب ما يكون بين الأخوات من تدارس العلم من خلال الهاتف مثلاً، ويكون ذلك في موعد محدد، فلا بد أن تحرص طالبة العلم على الوفاء بذلك، ولذا ذم السلف الخلف في الميعاد ووصفوا أهله بالمعايب، وقد قال سفيان الثوري – رحمه الله – مبيناً أثر ذلك على الأخوة: "لا تعد أخاك موعداً فتخلفه فتستبدل المودة بغضاً".

(د) العفو عن الزلات؛ لأن من سمات الخلطة الوقوع في الخطأ والزلل وطالبات العلم إنما تآخين في الله؛ لذا كان جديراً بهن أن يتجاوزن عن زلات بعضهن وأن تعفو المحسنة عن المسيئة منهن، فإذا تم ذلك سلمت قلوبهن وتصافت، قال الحسن بن علي – رضي الله عنهما – :"لو

 

 

أن رجلاً شتمني في أذني هذه واعتذر في الأخرى لقبلت عذره".

قيل لي: قد أساء إليك فـلان قعود الفتى عن الضيم عار

قلت قد جاء بنا فأحدث عذاً ديه الذنب عندنا الاعتـذار

قال الأحنف: إن اعتذر إليك معتذر فتلقه بالبشر.قال: رد الوديعة، فكثير ما يحصل طالبات العلم إعارة لبعض الكتب أو الأشرطة وقد يحمل هذه الأخت الحياء على طلب إرجاعها مرة أخرى، فالواجب على من استعارت شيئاً من ذلك أن ترد الأمانات إلى أهلها بقاء للفائدة فيما بينهن .

 

3- الحذر من الحسد بين طالبات العلم، فإن من شأن المشتغلين في شيءٍ واحد أن يقع بينهم من التنافس الذي قد يتعدى أمره إلى الحسد، والذي من شأنه أن يورث البغضاء، والشحناء، وحينها يتفرق قلب طالبة العلم فتنشغل حينها عن المهمة الأساسية التي عزمت على

 

 

تحقيقها، فيجب على طالبة العلم أن تعلم علم اليقين أنها أول من سيلحقها ضرر ذلك، ولله در الشاعر حين قال :

لله در الحسد ما أعدله بدأ بصاحبه فقتله

4- التعاون على البر والتقوى، وذلك من خلال أمور منها :

(أ‌) السعي على نفع الزمخاصة. الطلب، فربما حصل لإحدى الأخوات مانع يمنعها من حضور الدرس، فعلى الأخت أن تسعى لخدمتها عن طريق تسجيل الدرس لها مثلاً أو بتصوير المذكرة، فإن من شأن ذلك أن يدفع خُلق الحسد المذموم والذي ربما طرأ على حياة بعض طالبات العلم كما تقدم ذكره .

(ب‌) السعي والمبادرة إلى إهداء النصح حال وجود ما يستوجب ذلك، فإن ذلك من أعظم حقوق الأخوة عامة وحقوق طالبات العلم خاصة .

 

(ج) الأخذ بيد الأخت طالبة العلم، وتعليمها أصول طلب العلم وخاصة إذا كانت هذه الطالبة مبتدئة في الطلب .

(د) السؤال عنها إذا انقطعت عن الدرس فكثير من الأخوات طالبات العلم، وخاصة المبتدئات، ربما تركت مجال طلب العلم، لأي سبب من الأسباب فسؤال من لها باع في الطلب عنها، والقيام بحل ما يعتريها من مشاكل سبب في إعادة كثير من الطاقات التي هجرت مجال الطلب؛ لأسباب ربما كانت في كثير من الأحيان لا تستحق الانقطاع من أجله، وكمثال على ذلك أذكر أختاً كانت تحضر درساً علمياً، فانقطعت فجأة فسألت عنها إحدى الأخوات فوجدت أن السبب أنها لا تجد مبلغاً تدفعه للسائق الذي يحضرها فقامت هذه الأخت بحل مشكلتها عن طريق التكفل بذلك فعاد الأمر إلى ما كان عليه .

 

(هـ) البشاشة والانبساط في الوجه، فإن من شأن ذلك أن يؤلف بين طالبات الدرس الواحد، ولا شك أن لذلك أثراً كبيراً في تحصيل العلم وإدراكه، فإن أقل ما تلقى به الأخت أختها هو وجه طلق، وثغر باسم، وهو من المعروف والأدب الذي ينبغي أن يكون بين طالبة العلم وأختها الطلب .

5- الاعتدال في الصحبة والمخالطة والمهاتفه، فإن بعض الأخوات وهن في مرحلة الطلب ربما حملهن الحرص على ذلك الزيادة في المخالطة، فكثيراً ما يتم الالتقاء في أماكن يتم الاتفاق عليها فيما بينهن مع إمضاء وقت ليس باليسير من غير فائدة علمية، وأكثر من ذلك ما يحصل بين الأخوات من مكالمات هاتفية قد يطول أمدها من غير فائدة تذكر، لذا كان على الأخوات طالبات العلم الاعتدال في ذلك، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة حتى لا تضيع الفائدة .

 

6- الحرص على أوقات الفبالدرس. زميلتك في الطلب، فكل طالبة لديها وقت من الأوقات تبحث فيه وتقرأ وتطالع، فعليك أختي طالبة العلم أن لا تتعمدي الاتصال عليها في ذلك الوقت، حتى لا تحرميها من الاستزادة والاستفادة خاصة إذا علمنا أن وقت المرأة محكوم بمشاغل عدة فتفويت هذا الوقت عليها يفوّت عليها فائدة ذلك اليوم .

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

ثالثاً: آداب تتعلق بالدرس .

1- على طالبة العلم أن تقدم على مجيئها درس العلم النية الصالحة حتى لا تحرم الأجر الذي بينه النبي e بقوله: "من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة"(1)، وحتى تحصل لها الفائدة فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله، وعليها الحذر من مداخل الشيطان، والنية بحاجة إلى تصحيح ومجاهدة بين الفينة والأخرى، يقول أحد السلف: "ما جاهدت شيئاً أشد علي من نيتي "، وقد تقدم الكلام عن الإخلاص عند مبحث الآداب المتعلقة بالنفس فليراجع هناك .

2- التبكير إلى الدرس، وهذا لا شك يعبر عن انتماء طالبة العلم لهذا الدرس، وهو من جهة أخرى يشعر بجديتها في الطلب، ثم إن التأخر عن الحضور مدعاة للانقطاع عن حضور الدرس؛ إذ إن من أول علامات

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمنها:ــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه ص (22) .

 

الانقطاع التخلف عن المبادرة إلى الدرس مما يفوت على الطالبة كثيراً من المسائل الشرعية، خاصة إذا كانت هذه المسألة لها ارتباط في درس سابق فيبعث ذلك الفتور في نفسها، ومن ثم الانقطاع، ثم إن التأخر من قبل طالبات الدرس عن الدرس يقوض أركان الدرس، بعدم مبالاة الطالبات بذلك فيؤدي ذلك إلى انقطاع الدرس.

3- أن تكون طالبة العلم حسنة الهيئة حال حضور ها للدرس، وذلك من خلال أمور منها :

(أ‌) أن تكون حسنة الهيئة في ملبسها، وقد تقدم الكلام عن هذا في آداب طالبة العلم في نفسها.

(ب‌) أن تكون طيبة الرائحة، حتى لا يتأذى من بجانبها من ذلك، وربما أدىذلك.إلى نفرة من بجانبها نتيجة لرائحتها .

 

(ج) أن تلتزم بالآداب الشرعية من رد السلام، وتشميت العاطس، ونحو ذلك .

4- لا بد لطالبة العلم من اصطحابها للكتاب؛ لأن ذلك يؤدي إلى ارتباطها بالدرس؛ بل هو من أكبرالدرس.ل على ارتباط الطالبة بالدرس، ومن كمال ذلك أن تعمد إلى وضع أوراق بيضاء في ثنايا الكتاب، وهو ما تقوم به مكاتب التجليد، ومن ثم تقوم بالتعليق على هذه الأوراق، وهذه الطريقة أجدى من الكتابة في دفاتر مستقلة مما يؤدي إلى ضياعها وعدم الاستفادة منها مع مرور الزمن .

 

ومن المهم ذكره أن لا تصطحب الطالبة معها كتاباً مشروحاً؛ لأن ذلك يشتت ذهنها حال الدرس، لأنها تنشغل بالمشروح من الكتاب، وتترك التعليق أثناء الدرس ظناً منها أن شارح الكتاب قد ذكر هذه المسألة حينها تفاجأ بفوات بعض المسائل، ولكن على طالبة العلم أن

 

تحضر متناً غير مشروح، ثم تقوم هي بالتعليق، ثم تراجع شروح هذا الكتاب لتقييد ما لم يذكر في الدرس .

5- مراجعة الدرس قبل حضور الدرس الآخر فإن لذلك فوائد منها:

(أ‌) حتى عنهما. طالبة العلم شيخة كتاب، فلا تستحضر المسائل إلا بعد مراجعتها للكتاب، ولذا فإن مراجعة الدروس ينبني عليها استحضار المسائل .

(ب‌) أن من شأن ذلك ثبات العلم، فإن عدم التعاهد عنوان الذهاب للعلم، عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن رسول الله e قال : "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعلقة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت"(1)، وهكذا بقية العلوم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه البخاري (4643)، ومسلم (789)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .

 

 

(ج) أن ذلك من أكبر عوامل استمرار الدرس، فالقائم أو القائمة على الدرس يحفزه مراجعة الطالبات، ويدفعه ذلك إلى الاستمرار في التعليم لظهور الثمرة.

6- لزوم الدرس، فليس أضر على طالبة العلم من التنقل بين الدرالاهتمام.عت هيعة طارت إليها، فيوم في الدرس الفلاني والآخر في الدرس الفلاني، حينها يضيع عليها الوقت هباءً منثوراً، ولذا قيل: "من ثبت نبت"، وثمرة الدرس إنما هي بالثبات والمداومة، ومن أعظم أسباب عدم الثبات على درس معين غياب المنهجية الشرعية لدى بعض طالبات العلم .

7- السعي لإبداء الآراء والملاحظات حول الدرس للقائم أو القائمة على الدرس، ولا شك أن هذا مما يعينها على الثبات على هذا الدرس، وهذا مما يعينها على الثبات على هذا الدرس لاعتقادها أنها أصبحت جزءاً منه، وهو مشعر للقائم أو القائمة على الدرس باهتمام الطالبات

 

بهذا الدرس وهذا يدفع للقائم أو القائمة على الدرس لمزيد من الاهتمام .

رابعاً:عل مع متطلبات الدرس مما يعود أثره على طالبة العلم، وذلك كالمبادرة إلى إنجاز بحث مسألة معينة كلفت بها الطالبة، ونحو ذلك من متطلبات الدرس، فالقيام بهذا مشعر باهتمام الطالبة وهذا من أعظم الأسباب لنشاط الشيخ واهتمامه بالدرس.

 

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

 

رابعاً : آداب تتعلق بالتعامل مع من يؤخذ عنه العلم .

(أ‌) لا تخلو طالبة العلم حال التلقي من أمرينالرجال. تتلقى العلم عن طريق طالب علم من الرجال .

(ب‌) وإما عن طريق طالبة علم من النساء .

وهناك آداوهي:ركة تجب على الطالبة لكل منهما وهي :

1- أن تختار طالبة العلم من تثق بعلمه وعلمها، فإن هذا العلم دين ينبغي على

طالبة العلم أن تتحرز لذلك وأن لا تستسمن كل ذي ورم كما قيل، فبعض طالبات العلم تجلس لكل أحد دون التمحيص في علمهِ وطرِيقته ومنه–:.

2- معرفة القدر لأهل العلم من الرجال والنساء، وخاصة ممن يقومون على تعليم الفتاة لأحكام دينها، قال الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – :

 

" فخذ بجامع الآدب مع شيخك في جلوسك معه، والتحدث إليه، وحسن السؤال والاستماع، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ومع الكتاب، وترك التطاول والمماراة أمامه، وعد التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك أو الإلحاح عليه في جواب؛ متجنباً الإكثار من السؤال، لا سيما مع شهود الملإ، فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل .

ولا تناده باسمه مجرّداً، أو مع لقبه كقولك، يا شيخ فلان!، يا شيخي! فلا تُسَمّه؛ فإالأدب. في الأدب ... ، والتزم توقير المجلس، وإظهار السرور من الدرس والإفادة به .

 

وإذا بدا لك خطأ من الشيخ أو هَمٌ فلا يُسْقِطْه ذلك من عينك؛ فإنه سبب لحرمانك من علمه، ومن ذا الذي ينحو من الخطأ سالماً؟.

 

واحذر أن تمارس معه ما يضجره، ومن ذل–:متحان الشيخ على القدرة العلمية والتحمل، وإذا بدا لك الانتقال إلى شيخ آخر؛ فأستأذنه بذلك؛ فإنه أدعى لحرمته، وأملك لقلبه في محبتك والعطف عليك .

نشاط الشيخ في درسه، يكون على قدر مدارك الطالب في استماعه وجمع نفسه وتفاعل أحاسيسه مع شيخه في درسه، ولهذا فاحذر أن تكون وسيلة قطع لعلمه؛ بالكسل، والفتور والاتكاء، وانصراف الذهن وفتوره .

قال الخطيب البغدادي – رحمه الله تعالى – :

" حق الفائدة أن لا تساق إلا إلىبتصرف.ا، ولا تعرض إلا على الراغب فيها، فإذا رأى المحدث بعض الفتور من المستمع؛ فليسكت؛ فإن بعض الأدباء قال: نشاط القائل على قدر فهم المستمع" انتهى(1) .

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حلية طالب العلم من ص (35) (38) بتصرف .

هذه جملة الآداب المشتركة الواجبة عالقرآن.بة تجاه من يقوم بتعليمها، ولكن على طالبة العلم مع من يقوم على تعليمها من المشائخ وطلبة العلم تنبيهات هي :

(أ‌) عدم الخلوة به، حتى ولو كان يعلمها القرآن .

(ب‌) عدم الخضوع بالقول، لأن الله تعالى نهى عن ذلك حيث قال: ( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض...) [الأحزاب/32].

ولا ينبغي على طالبةالمطمع.ن تتكئ تحت ذريعة أن هذا شيخ أو طالب علم فلا خطر منه، فإن الشيطان على إضلال هذا أحرص، فعلى الأخت أن تنتبه وحتى لا تفهم الأخت أن المقصود الغلظة والجفاء في الحديث، فإن القرآن يجيبها بقوله: (وقلن قولاً معروفاً)، فهي تخاطبه بصوتها الذي جلبت عليه لا ليونة فيه ولا إغلاظ .

 

 

 

(ج) ألا يكون مطعمها من الارتباط في درسه مطامع دنيوية لا تلام عليها في الأصل، لكن ذلك قد يشتت ذهنها وتنصرف نيتها عن طلب العلم إلى ذلك المطمع .

(د) أن تتكلم معه فيما يخص أمورها العلمية أو الدعوية بقدر الحاجة ففي ذلك حفظاً لها وله، وكذا حفظاً لوقت شيخها وبالجملة فحفظ دين شيخها ووقته من أعظم حقه عليها .

 

 

 

 

 

 

 

P P P

 

 

 

خامساً : آداب طالبة العلم مع الكتاب

هناك آداب ينبغي أن تتأدب بها طالبة العلم تجاه الكتاب وهذه الآداب منها ما يتعلق فيما ينبغي اقتناءه من الكتب، ومنها فيما ينبغي البداءة فيه من الكتب، ومنها ما يتعلق بالحرص على الكتب وصيانتها ودونك إياها مجملة:

1- ينبغي على طالبة العلم أن تحرص على

كتب الأصول، فإنه لا يغني عنها غيرها من الكتب، فهي القاعدة والأساس، وعليها إن لم تحسن الاختيار أن تستشير من سبقها في ذلك، حتى لا تحوي مكتبتها كتباً غثائية، أو كتب بدعة، فإنها سم ناقع تقضي على العقول، ومن أجل هذه الكتب كتب الشيخين: شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم – رحمهما الله تعالى –، وكذلك كتب الأئمة: ابن رجب، وابن حجر، والشوكاني، والإمام محمد بن عبد الوهاب، وكتب علماء الدعوة ...ألخ .

2- البداءة بالأهم فالأهم، فلا بد لطالبة

العلم أن تبدأ بكتب المختصرات، فهي مفاتيح العلم؛ لأن من أعظم أسباب النكوص علتعالى: عن طلب العلم البداءة بالكتب المتقدمة، حينها يستعصي على الفهم إدراكها، فيحصل لطالبة العلم ردة فعل عن الطلب، حينها ترى أن أسلم طريق هو ترك الطلب، وقد قيل: "من لم يتقن الأصول حرم الوصول" .

وبناءاً على ذلك، فلا بد من التأصيل والتأسيس لكل فن تطلبه طالبة العلم يضبط أصله ومختصره، وأخذ الطلب بالتدرج، قال تعالى :"وقرءانا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا" [الإسرار/106] .

3- الحرص على الكتاب، فإن بعض طالبات

العلم لا تبالي بكتابها بأي واد نزل، تارة في المطبخ، وتارة في غرفة الجلوس؛ بل ربما وجدته في أيدي الصبية يتلاعبون به وتعظم البلية حينما يكون على الكتاب تعليقات نفسية،

 

 

وهذا نوع من أنواع عدم الحرص على الكتاب، وهناك نوع آخر من ذلك ألا وهو إعارة الكتاب لكل من هب ودب، ولقد كان العلماء يحرصون على كتب العلم ويحذرون مستعيرها من تأخيرها أو إضاعتها، كما قال أبو قاسم القطيعي :

 

جل قدر الكتاب يا صاح عندي فهو أغلى من الجواهر قدراً

ما على من يصونــــه من مـــــــلام وله العذر فيه سراً وجهـــــراً

4- لن أعير الكتــــاب إلا برهــــــنٍ من نفيس الرهون تبراً ودرذلك.نبغي على طالبة العلم أن لا تستفيد من كتاب حتى تعرف اصطلاح مؤلفة، ولعلي أوضح ذلك بمثال حتى يتبين لطالبة العلم أهمية هذا الأمر : من مصطلحات مذهب الإمام أحمد أنه إذا أفتى بحكم فاعترض عليه فسكت ونحوه: لم يكن ذلك رجوعاً عن قوله .

 

 

ومما يعين على ذلك قراءة مقدمة الكتاب فإنها كثيراً ما تكون كاشفة عن ذلك .

5- إذا تملكت يا طالبة العلم كتاباً، فلا تدخليه مكتبتك إلا بعد أن تمري عليه مراً مجرداً، وذهما: خلال قراءة مقدمته، ومواضيع منه؛ ليسهل الرجوع عند الحاجة إليه.

6- ترتيب الكتب أثناء وضعها في المكتبة، وكذا فهرستها، والإعراض عن هذا الصنيع يجلب لك آفتين هما :

(أ‌) ضياع الأوقات فكم من طالبة علم استغرقت وقتاً كثيراً مع شدة حاجتها للوقت؛ من أجل البحث عن كتاب تذكر أنها أقتنته، ولكنها قذفته حينها بأقرب درج إليها .

(ب‌) وجود أكثر من نسخة لهذا الكتاب في مكتبتها لكونها لا تعرف أين وضعت هذا الكتاب، ولشدة حاجتها

 

إليه ربما عمدت إلى شراء نسخة أخرى وهكذا وربما وجد عندها أكثر من نسختين.

7- عليها كذلك أن تراعي الأدب مع الكتاب حينماالمبتدئات: زميلتها، فلا تقوم مثلا بالتعليق عليه ولو من نفيس الفوائد إلا بإذن صاحبته، وعليها كذلك أن تحفظه من مواطن التلف، وأن ترده كذلك حال الانتهاء منه، حتى لا تفوت الاستفادة على صاحبته والتي ربما كانت بحاجة إليه .

 

 

 

 

P P P

 

 

 

 

 

برنامج لطالبة العلم

أختي طالبة العلم :

يقصد من خلال هذا المنهجية الصحيحة لطلب العلم، وهذا البرنامج ما هو إلا جواباً على سؤال توجهه كثير من طالبات العلم المبتدئات : كيف أطلب العلم ؟.

هذا السؤال يجيب عنه الشيخ: عبد الرحمن السعدي – رحمه الله – حيث يقول "... والحالة التقريبية: أن يجتهد طالب العلم في حفظ مختصر من مختصرات الفن الذي يشتغل فيه ...، فإن تعذر أو تعسر عليه حفظه لفظاً، فليكرره كثيراً، متدبراً لمعانيه حتى ترسخ معانيه في قلبه، ثم تكون باقي كتب هذا الفن كالتفسير والتوضيح والتفريع لذلك الأصل الذي عرفه وأدركه، فإن الإنسان إذا حفظ الأصول وصار له ملكة تامة في معرفتها، هانت عليه كتب الفن كلها صغارها وكبارها...، ومن ضيع الأصول حرم الوصول .

 

· فمن حرص على هذا الذي ذكرناه، واستعان بالله أعانه الله وبارك في علمه وطريقه الذي سلكه... ومن سلك في طلب العلم غير هذه الطريقة النافعة فاتت عليه الأوقات، ولم يدرك إلا العناء ك)(1).معروف بالتجربة، والواقع يشبه.ه .

· فإن يسر الله له معلماً يحسن طريقة التعليم، ومسالك التفهيم تم السبب الموصول إلى العلم )(1) .

وما أحاعلم. القائل :

من حفظ المتون، حاز الفنون... .

ومن اهتم بالحواشي ما حصل على شيء... والله اعلم .

ودونك أختي طالبة العلم جدولاً يوضح لك المنهجية الصحيحة في كيفية التدرج في الطلب.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــالسعدي.ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بهجة قلوب الأبرار، للشيخ عبد الرحمن السعدي .

 

المستوى

 

المادة

الأول

الثاني

الثالث

الرابع

العقيدة

الأصول الثلاثة وكشف الشبهات

كتاب التوحيد مع شروحاته

العقيدة الواسطة مع شرحها

العقيدة الطحاوية مع شرحها

النحو

الأجرومية مع شرحها

ملحة الإعراب للزمخشري

قطر الندى

ألفية ابن مالك مع شرحها لابن عقيل

علوم القرآن

مباحث في علوم القرآن للقطان

الإتقان للسيوطي

التفسير

تفسير السعدي

تفسير ابن كثير

تفسير الطبري

في ظلال القرآن

الحديث

الأربعين النووية

عمدة الأحكام

بلوغ المرام

منتقى الخبار ثم الكتب السته

 

 

 

 

 

المستوى

 

المادة

الأول

الثاني

الثالث

الرابع

المصطلح

البيقونية

نخبة الفكر لأبن حجر

مقدمة ابن الصلاح

أصول التخريج ودراسة الأسانيد للطحان

الفقه

آداب المشي إلى الصلاة

منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين أو العمدة

زاد المستقنع مع شرحه وحواشيه

المغني لأبن قدامه

أصول الفقه

التعليقات على متن الورقات

روضة الناظر وجنة المناظر

ــــــــــــــ

ــــــــــــــ

الفرائض

تسهيل الفرائض لابن عثيمين

الرحبية مع شرحها

الفوائد الجلية لابن باز

ــــــــــــــ

السلوك والأخلاق

بهجة قلوب الأبرار شرح جوامع الأخبار

عمدة الأحكام

رياض الصالحين

ــــــــــــــ

 

 

 

 

 

 

 

 

B

 

 

 

 

 

 

فهرس الموضوعات

الموضــــــــــــوع

الصفحة

مقدمة

3

صور مضيئة

8

لماذا تطلب المرأة العلم

15

وسائل طلب العلم

26

معوقات في طريق طالبة العلم لتحصيل العلم

51

من حفظ المتون حاز الفنون

80

آداب لطالبة العلم

87

آداب تتعلق بالنفس

89

آداب تتعلق بزميلات الطلب

97

آداب تتعلق بالدرس

104

آداب تتعلق بالتعامل مع من يؤخذ عنه العلم

110

آداب لطالبة العلم مع الكتاب

115

برنامج لطالبة العلم

120

 

 

 

لا تنسوا من أعاد نسخ هذا الكتاب من صالح الدعاء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك وجزاك الله كل خير أخيتي ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×