اذهبي الى المحتوى
قطـــرة النــــدى

"تسويف التوبة " ||♥ مجالس الرحمات بدروس الداعيات ♥||

المشاركات التي تم ترشيحها

XWD31747.png

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

hHl31747.gif

 

جلست زينب أمام التلفاز

بدأت تتنقل بين القنوات

توقفت عند محطة غنائية

طربت لأغنية، اندمجت مع الكليب

وانطلقت ترفع صوتها بالغناء ..

جاءت أختها تخاطبها :

أختي زينب، أنسيت درس الأسبوع الماضي بهذه السرعة؟

أنسيت ما قاله الشيخ عن الأغاني وحرمتها؟ وعن ضرورة التوبة والرجوع إلى الله؟

ردت زينب : بلى بلى ، الله يهديني

أدعي لي يا أختي

سوف أتوب

سوف أتوقف عن سماع الأغاني

سوف أستقيم

لكن اتركيني استمع إلى هذه الأغنية فقط أحبها كثيرا، وسوف أقوم للنوم

ذهبت الأخت .. وبقيت زينب أمام التلفاز

من أغنية إلى أغنية ومن محطة إلى محطة

إلى أن غالبها النعاس ..

ونسيت الحديث الذي دار بينها وبين أختها

EVr31747.gif

 

كثيرات يشبهن زينب، غارقات في الشهوات،

تأجلن التوبة يوما بعد يوم.

فهذه تقول عندما أتزوج سوف أتحجب

وتلك تقول سوف أتوقف عن سماع الأغاني لاجقا

والأخرى تقول سوف أقوم لصلاة الفجر ولكن ليس غدا فالجو بارد ولا أستطيع النهوض

و .. و .. ويستمر تسويف الطاعة وتسويف التوبة والرجوع إلى الله.

EVr31747.gif

 

 

لا شك أن كل مسلمة مهما كثرت سيئاتها وعظمت معاصيها، يتردد في قلبها شوق إلى التوبة والاستقامة، وتجتاحها رغبة في العودة إلى رحاب الطاعة والالتزام. وهي تعلم علم اليقين أن الاستقامة وطاعة المولى عز وجل هما السبيل للنجاة من نار تشوي الجلود والفوز بأعالى الجنان في دار الخلود.

 

فتلك الأخت التي تنام عن صلاة الفجر مثلا، تشعر بحسرة لفوات الأجر العظيم، لكن هذا الشعور يبقى ضعيفا إزاء شهوات النفس وإغواء الشيطان الذي يوسوس لها ويدفع بها إلى نسيان كل ألم وحسرة على معصية الله حتى لا يؤول هذا الندم إلى توبة صادقة وعودة حقيقية إلى طريق الاستقامة.

EVr31747.gif

 

 

وقد يكون التعويل على عفو الله، ومغفرته، مع نسيان شدة أخذه سبحانه، وعقابه، هو السبب في الوقوع في آفة تسويف التوبة، وقد سبق الحافظ ابن الجوزي إلى هذا السبب، فقال - بعد أن ذكر سببين للتسويف:

(... والثالث: رجاء الرحمة، فيرى العاصي يقول: رب رحيم وينسى أنه شديد العقاب، ولو علم أن رحمته ليست رقة، إذ لو كانت كذلك لما ذبح عصفور، ولا آلم طفلا، وعقابه غير مأمون، فإنه شرع قطع اليد الشريفة بسرقة خمسة قراريط) . (147)

 

**

 

كما أن حِيَل إبليس لا تنتهي، ومكائده ليس لها حد. يمد للعاصي حبال الأمل، ويوسوس له بأن يتمهل في التوبة، فلا يزال في العمر متسع لتوبة نصوح. فلايزال العبد غارقا في الشهوات وهو يؤجل التوبة يوما بعد يوم حتى يباغته هادم اللذات وتصبح النفس في ندم وحسرة.

يقول سبحانه وتعالى في سورة الزمر : (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) الآية 56.

EVr31747.gif

 

يقول ابن رجب - رحمه الله - في "لطائف المعارف" (ص 153):

"اعلم أن الإنسان ما دام يأمل الحياة، فإنه لا يقطع أمله من الدنيا، وقد لا تسمح نفسه بالإقلاع عن لذَّاتها وشهواتها من المعاصي.. وغيرها، ويرجيه الشيطان بالتوبة في آخر عمره، فإذا تيقن الموت وأيس من الحياة، أفاق من سكرته لشهوات الدنيا، فندم حينئذٍ على تفريطه ندامة يكاد يقتل نفسه، وطلب الرجعة إلى الدنيا ليتوب ويعمل صالحًا، فلا يجاب إلى شيء من ذلك، فيجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت."

**

ويقول ابن الجوزي في فصل الاستعداد للموت :

"يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعداً.

ولا يغترر بالشباب والصحة، فإن أقل من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت الشبان.

ولهذا يندر من يكبر، وقد أنشدوا:

يعمّر واحدٌ فيغرّ قوماً ... وينسى من يموت من الشباب" (صيد الخاطر).

EVr31747.gif

 

فالواجب عليكِ أختي أن تبادري بالتوبة النصوح من جميع الذنوب، والتوبة واجبة على الفور، فلا يجوز تسويفها ولا تأخيرها!

 

بل قال العلماء إن تأخير التوبة ذنب يستوجب التوبة، فمن فعل الذنب وسوّف التوبة منه قائلا سوف أتوب، فقد أساء مرتين، مرة بفعل الذنب، والأخرى بتسويف التوبة منه، قال ابن القيم رحمه الله: " الْمُبَادَرَة إِلَى التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ فَرْضٌ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا، فَمَتَى أَخَّرَهَا عَصَى بِالتَّأْخِيرِ، فَإِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ بَقِيَ عَلَيْهِ تَوْبَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ تَوْبَتُهُ مِنْ تَأْخِيرِ التَّوْبَةِ، وَقَلَّ أَنْ تَخْطُرَ هَذِهِ بِبَالِ التَّائِبِ، بَلْ عِنْدَهُ أَنَّهُ إِذَا تَابَ مِنَ الذَّنْبِ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ آخَرُ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْ تَأْخِيرِ التوبة." انتهى.

 

فإذا استمر العبد في المعاصي وأكثر فيها، تزداد رسوخًا في أرض قلبه، ويزداد هو بالمداومة على المعاصي ضعفًا، فلا يزال العبد يزداد محبة للشهوات، وضعفًا عن الإقلاع عنها، حتى تنزل عليه الرسل، فيجتمع عليه سكرة الموت مع حسرة الفوت.

EVr31747.gif

 

وهذا كلام نفيس لأبي حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ في علاج تسويف التوبة، يقول: " وأما تسويف التوبة: فيعالجه بالفكر في إن أكثر صياح أهل النار من التسويف، لأن المسوف يبني الأمر على ما ليس إليه، وهو البقاء، فلعله لا يبقى، وإن بقي فلا يقدر على الترك غدا كما لا يقدر عليه اليوم، فليت شعري هل عجز في الحال إلا لغلبة الشهوة؟ والشهوة ليست تفارقه غداً، بل تتضاعف، إذ تتأكد بالاعتياد، فليست الشهوة التي أكدها الإنسان بالعادة كالتي لم يؤكدها، وعن هذا هلك المسوفون لأنهم يظنون الفرق بين المتماثلين، ولا يظنون أن الأيام متشابهة في أن ترك الشهوات فيها أبداً شاق، وما مثال المسوف إلا مثال من احتاج إلى قلع شجرة فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة، فقال أؤخرها سنة، ثم أعود إليها وهو يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازداد رسوخها، وهو كلما طال عمره ازداد ضعفه، فلا حماقة في الدنيا أعظم من حماقته، إذ عجز مع قوته عن مقاومة ضعيف فأخذ ينتظر الغلبة عليه إذا ضعف هو في نفسه وقوي الضعيف." انتهى.

EVr31747.gif

 

وكما هو معلوم فإن التوبة من جملة الأعمال النافعة التي حث الله عباده إلى المسارعة إليها، حيث قال سبحانه : {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ }آل عمران133

 

ولهذا وجب على المؤمن العاقل أن يبادر إلى التوبة وأن يكون كثير المتاب،

يقول صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في كل يوم مئة مرة" مع أنه صلوات الله وسلامه عليه غُفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر.

 

فما بال المفرطين المضيعين المقصرين!

 

نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفتح لنا أبواب رحمته ويمن علينا بتوبة نصوحة وأن يجعلنا في عداد عباده التائبين وأن يرزقنا حسن الخاتمة.

وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وءاله وصحبه وسلم.

WfJ31747.gif

 

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ ياغالية وفي قلمكِ

وجزاكِ الله خيرًا

طرح جميل نفع الله به

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

محاضرة طيبة باركِ الله فيكِ اختي الحبيبة ونفع بكِ .

 

نسأل الله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفتح لنا أبواب رحمته ويمن علينا بتوبة نصوحة وأن يجعلنا في عداد عباده التائبين وأن يرزقنا حسن الخاتمة.

 

اللهم آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

ما شاء الله عليك يا غالية

قلمك ممتاز و تبارك الله

تستحقين

’’ لقب الداعية ’’

عن جدارة

 

~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مجلس مبارك نافع بإذن الله

جزاك الله خيرا ونفع الله بك وبقلمك الجميل ()

والله نسأل أن يرزقنا توبة نصوح تقربنا من ربنا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شكرا يا قطورة على الموضوع القيم

جعله الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك ِ قطرة الندى ()

طرح طيب ونافع ، نسأل الله أن يغفر لنا تسويفنا ويهدينا لخير الأفعال وأكملها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيك ِ قطرة الندى ()

طرح طيب ونافع ، نسأل الله أن يغفر لنا تسويفنا ويهدينا لخير الأفعال وأكملها

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

بارك الله فيكِ ياغالية وفي قلمكِ

 

وجزاكِ الله خيرًا

 

طرح جميل نفع الله به

 

 

 

 

]فما بال المفرطين المضيعين المقصرين![/b]

 

ربنا ظلمنا انفسنا فإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكنن من الخاسرين

 

رب اغفر وارحم وأعف وتكرم وتجاوز عن ما تعلم انك تعلم مالا نعلم إنك انت الأعز الأكرم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×