اذهبي الى المحتوى
«..ارْتِـــقَّـےـاءْ..»

صَـبَاح الخِير يَـا جَارتي!

المشاركات التي تم ترشيحها

14a.gif

 

 

مـي عباس

 

 

اشتعلت الحرب بين قريبتي وجارتها حتى وصلت إلى التعارك بالأيدي، وتدخل الأزواج والحموات، وعمل الأبناء كجواسيس، ودعاء متبادل في الثلث الأخير من الليل بالفضيحة والهلاك وغيرها من ألوان الاعتداء في الدعاء.

كانت قريبتي تحكي لي وهي حزينة ومغتاظة من هذه الجارة التي سوَّدت حياتها، ونكدت عيشها.. فتذكرت جارة لي في أيام زواجي الأولى، كانت سيدة ذات وقار ولها جهود اجتماعية محترمة وثقافة ظاهرة، نصحتني أن أعتزل جاراتنا الأخريات وأقتصر على إلقاء السلام، وابتسامة، وكلمة طيبة.. لأنها خبرتهن فلم تجد إلا ضياع الوقت، وسجال التفاخر في الأموال والأولاد، والحسد والكذب واقتحام الخصوصيات.

 

 

وظلت قريبتي تلوم نفسها، وتسب ما وصفته بـ"غبائها" الذي دفعها لفتح الباب لهذه الجارة، والثقة فيها ومعاملتها كأخت.. واستشهدت بالمثل الشائع: "صباح الخير يا جاري.. أنت في حالك وأنا في حالي!".

 

حاولت أن أوضح لها أن هذا المثل لا يصلح على عمومه، وإنما مع بعض أنواع الجيران، ويبقى الجار صاحب حق في إكرام وبر، ولكنها ظلت تجادل بأن الجيران في هذا الزمان مفسدة، وأن الخير أن يعتزل كل إنسان جيرانه، فلا يفتح الباب، ولا يتبادل الزيارات حتى في أصعب الأوقات.

 

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

 

فهل هذا هو الحل؟

 

وهل الاختلاط بين الجارات مفسدة؟

وهل طبيعة الحياة الآن تفرض علينا أن يعيش كل منّا في صحراء معزولة حدودها عالمه الافتراضي بين "أي باده" و"فيسبوكه" و"واتس آبه"؟!

 

وطافت بذهني نماذج إيجابية كثيرة، كانت الجارة فيها خير مُعين لجارتها على تخطي أزماتها، وإبعاد شبح الغربة عنها.. والتعاون على الخير والبر والتقوى.

وهذه العوالم الافتراضية مهما كانت لطيفة، ويتحكم فيها الإنسان بالكامل، فبضغطة زر يلغي صديق، وبضغطة زر يغير صورته واسمه ومعلوماته وشخصيته.. يعيش بين من يريدهم، ويفصل عالمه كما يهوى.. إلا أنها تظل افتراضية، لا تقدم تفاعلات اجتماعية حقيقية، ولا تلبي للإنسان حاجته للاختلاط ببني جنسه.

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

مهما بلغت التكنولوجيا مداها، حتى بات التواصل بين أفراد البيت الواحد عن طريق الجوال، أو الواتس أب.. فلن تغني عن الحاجة لأن نقترب من بعضنا البعض، نتعاضد ونتشارك وتلتقي العيون وتتداخل الأصوات بلا تزييف ولا تجمل.. بلحمنا ودمنا وليس بوجوه تعبيرية وأسماء وهمية.

والحـل ليس أن تعتزل الجارة جارتها، وإنما أن نضع لعلاقاتنا حدودا، ونلتزم بضوابط تُتحترم فيها الخصوصيات، وعلى رأسها احترام الأوقات وعدم تضييعها.

فإكرام الجارة لا يعني أن تفتحي لها بابك في كل وقت وحين، ولا أن تأتيكِ وقتما تريد ويناسبها دون مراعاة لما يناسبك أنت..

إكرام الجارة لا يعني أن تتنازلي عن حقك بل واجبك في أن تحفظي وقتك وأوقات أبنائك، قال تعالى:{وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ}. النور: 28.

~ ~ ~ ~ ~ ~ ~

فالجارة التي تحترم وقتك، وتراعي ظروفك، وتلتزم معك بآداب الإسلام.. فلا تباغض ولا تحاسد ولا تفاخر، بل أدب واحتشام وحياء وتعاون على البر والتقوى، هي كنز ثمين، ونعمة تستوجب الشكر.

أما الجارة التي تقتحم بيتك، وتشيع سرك، وتغضب لأتفه الأمور، وتصنع من مشاحنات الصغار مشكلات للكبار، وحديثها كله مقارنات وتفاخر حول الأثاث والطعام والأموال.. ولا تَقْبل نصحك أو تُقبل على وقت يجمعكما في ذكر وتواصي.. فلا يصلح معها إلا شعار "صباح الخير يا جاري.. انت في حالك وأنا في حالي".

 

 

post-638659-0-24923900-1398785824.png

14b.gif

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

العلاقات الاجتماعية ، والتواصل مع اآخرين تحتاج فنًا

وبإدارتها تنجح كل العلاقات مع الجيران .

والابتسامة الصادقة ، والكلمة الطيبة تدفعها للأفضل فليحُسن كل شخص أخلاقه ليتعامل بها .

بارك الله فيك نائلة الحبيبة وجزاك خيرًا ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

رائع يعجز القلم عن الاطراء بما كتبت وبما طرحت فعلا جاء فى وقته كل ما طرحت اعيشه بارك الله فيك وجزيت الجنة ونعيمها :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله بكِ نائلة الحبيبة

نقل واقعي

ولكن كما قالت سندس العلاقات الاجتماعية تحتاج الى حنكة

وايضاً علينا ان نعرف ما هو الامر الذ يوصل بجارتين الى هذا الحد من التعارك

الغلط طبعاً بكلتا الأثنتين

كل شيء له حدود حتى الاولاد في البيت لهم حدود بالاكل والشرب والسهر والجلوس والدراسة فكيف بالجار؟!

 

"صباح الخير يا جاري.. انت في حالك وأنا في حالي".

اوافقكِ المثل ولكن بشروط ان انت في حالكَ وانا في حالي بالأمور الشخصية ويبقى الود والاحترام والزيارات بضوابط

يقابله مثل "" لو جارتي طقت مراراتي "" وايضاً بضوابط

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جميل ما خطت يمينك نؤولة الحبيبة

فعلا للتواصل - مع الجيران - فنون و ءاداب ولجام

وادا اتبعنا هدي الحبيب المصطفى،فسنكون في مأمن من ’دعوات الثلث الأخير من الليل’

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

< إنّ من أجمل ما تُهدى إليه القلوب في زمن الفتن أن تُذكَّر بالله، وأن تُعادَ إلى أصلها الطاهر الذي خُلِقت لأجله. فالروح لا تستقيم بالغفلة، ولا تسعد بالبعد، ولا تُشفى إلا بالقرب من الله؛ قريبٌ يُجيب، ويعلم، ويرى، ويرحم

×