اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

msg-97672-0-35421400-1396746409.png

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:

فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"(رواه البخاري ومسلم).

وإذا كان ربنا تبارك وتعالى قد علق نجاة العبد يوم القيامة على سلامة القلب كما قال: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ 88 إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:89].

 

 

msg-97672-0-17663100-1396746387.png

 

 

يقول ابن القيم رحمه الله: "فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحكامه، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ومحابّه، متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقيه إلا من جهة الرسل، وما يظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم؛ فغلط ممن يظن ذلك، وإنما ذلك حياة نفسه البهيمية الشهوانية، وصحتها وقوتها، وحياة قلبه وصحته وقوته عن ذلك بمعزل" يعني: أن طب غير الأنبياء يمكن أن يعالج النفس الشهوانية والجسد الحيواني، لكن القلب عن ذلك بمعزل؛ لأنه لا يعالجه إلا القرآن.يقول: "ومن لم يميز بين هذا وهذا -بين طب القلوب وطب الأبدان- فليبك على حياة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره، فإنه منغمس في بحار الظلمات".

 

 

msg-97672-0-17663100-1396746387.png

 

حبيباتي هل يستطيع الطبيب أن يصف لمريضه دواء دون معرفة الداء؟!

مُحال ذلك!! من هنا كان معرفة الداء ضرورة لتشخيص الدواء

من هنا يضع فريق أزاهير الدعوة بين أيديكنّ جملة من أمراض القلوب وسُبل اكتشافها وعلاجها بإذن المولى نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يجنبنا أسباب الردى إنهُ ولي ذلك ومولاه

فكنَّ بالقرب~

 

 

msg-97672-0-99111200-1396746379.png

 

 

 

 

 

post-97672-0-28132400-1386554371.png

 

 

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

 

 

 

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

أمراض القلوب

يقول ابن القيم -رحمه الله-: أمراض القلوب قسمان: شرعية وطبيعية:

النوع الأول: لا يتألم به صاحبه في الحال، وهو النوع المتقدم، كمرض الجهل ومرض الشبهات والشكوك، ومرض الشهوات.

 

والنوع الثاني: مرض مؤلم له في الحال، كالهمّ والغمّ والحزن والغيظ، وهذا المرض قد يزول بأدوية طبيعية، كإزالة أسبابه، كما أن القلب قد يتألم بما يتألم به البدن ويشقى بما يشقى به البدن، فأمراض القلب التي تزول بالأدوية الطبيعية من جنس أمراض البدن، وهذه قد لا توجب شقاءه وعذابه بعد الموت.

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

وأما أمراضه التي لا تزول إلا بالأدوية الإيمانية النبوية، فهي التي توجب شقاءه والعذاب الدائم إن لم يتداركها بأدويتها المضادة لها، فإذا استعمل تلك الأدوية حصل له الشفاء، ولهذا يقال: شفى غيظه، قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاء} (التوبة:14–15).

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

علامات مرض القلب:

كل عضو من أعضاء البدن خلق لفعل خاص به، كمالُه في حصول ذلك الفعل منه، ومرضه أن يتعذر عليه الفعل الذي خلق له، حتى لا يصدر منه أو يصدر مع نوع من الاضطراب.

فمرض اليد: أن يتعذر عليها البطش.

ومرض العين: أن يتعذر عليها النظر والرؤية.

ومرض اللسان: أن يتعذر عليه النطق.

ومرض البدن: أن يتعذر عليه حركته الطبيعية أو يضعف عنها.

ومرض القلب: أن يتعذر عليه ما خلق له من معرفة الله ومحبته والشوق إلى لقائه والإنابة إليه وإيثار ذلك على كل شهوة.

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

علامات القلب الصحيح:

فالقلب الصحيح: يؤثر النافع على الضار المؤذي.

والقلب المريض: ضد ذلك.

وأنفع الأغذية: غذاء الإيمان.

وأنفع الأدوية: دواء القرآن، وكل منهما فيه الغذاء والدواء.

ومن علاماته: أنه يشتاق إلى الذكر كما يشتاق إلى الطعام والشراب.

ومن علاماته: أنه إذا دخل في الصلاة ذهب عنه غمه وهمه، واشتد عليه الخروج منها.

ومن علاماته: أن يكون همه واحدًا، وأن يكون في الله.

ومن علاماته: أن يكون أشح بوقته أن يضيع.

ومن علاماته: أن يكون اهتمامه بتصحيح العمل أعظم منه بالعمل، فيحرص على الإخلاص، والنصيحة، والمتابعة، والإحسان، هذه المشاهد لا يشهدها إلا القلب السليم.

 

 

يتبع بعون الله...

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

الحقد

الحقد داءٌ دفينٌ ليس يحمله.. ..إلا جهولٌ ملـيءُ النفس بالعلل

مالي وللحقد يُشقيني وأحمله.. ..إني إذن لغبيٌ فاقدُ الحِيَل؟!

سلامة الصدر أهنأ لي وأرحب لي.. ..ومركب المجد أحلى لي من الزلل

إن نمتُ نمتُ قرير العين ناعمـها.. .. وإن صحوت فوجه السعد يبسم لي

وأمتطي لمراقي المجد مركبــتي.. ..لا حقد يوهن من سعيي ومن عملي

مُبرَّأ القلب من حقد يبطئـــني.. .. .أما الحقود ففي بؤس وفي خطــل

 

 

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

إن الحقد حمل ثقيل يُتعب حامله؛ إذ تشقى به نفسه، ويفسد به فكره، وينشغل به باله، ويكثر به همه وغمه. ومن عجبٍ أن الجاهل الأحمق يظل يحمل هذا الحمل الخبيث حتى يشفي حقده بالانتقام ممن حقد عليه.

إن الحقد في نفوس الحاقدين يأكل كثيراً من فضائل هذه النفوس فيربو على حسابها.

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

معنى الحقد:

إذا نظرنا إلى الحقد وجدناه يتألف من: بُغض شديد، ورغبة في الانتقام مضمرة في نفس الحاقد حتى يحين وقت النَّيْل ممن حقد عليه.فالحقد إذاً هو إضمار العداوة في القلب والتربص لفرصة الانتفام ممن حقد عليه.

لقد امتدح الله المؤمنين الذين صفت نفوسهم وطهرت قلوبهم فلم تحمل حقدًا على أحد من المؤمنين: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:8- 11].

وقد تضعف النفس أحيانًا فتبغض أو تكره لكن لا تستقر هذه البغضاء في نفوس المؤمنين حتى تصير حقداً، بل إنها تكون عابرة سبيل سرعان ما تزول؛ إذ إن المؤمن يرتبط مع المؤمنين برباط الأخوة الإيمانية الوثيق ؛فتتدفق عاطفته نحو إخوانه المؤمنين بالمحبة والرحمة، فهل يتصور بعد هذا أن يجد الغل والحقد إلى قلبه سبيلاً؟

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

حكم الحقد:

لقد عد بعض العلماء الحقد من كبائر الباطن التي ينبغي على المؤمن أن يتنزه عنها، وأن يتوب إلى الله منها.

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

من مضارِّ الحقد:

 

إن الحقد المصدرُ الدفين لكثير من الرذائل التي رهَّب منها الإسلام، فالافتراء على الأبرياء جريمة يدفع إليها الكره الشديد (الحقد) وقد عدها الإسلام من أقبح الزور، أما الغيبة فهي متنفَّسُ حقدٍ مكظوم، وصدر فقير إلى الرحمة والصفاء، ومن لوازم الحقد سوء الظن وتتبع العوارت، واللمز، وتعيير الناس بعاهاتهم، أو خصائصهم البدنية أو النفسية، وقد كره الإسلام ذلك كله كراهيةً شديدةً.

..............

 

إن جمهور الحاقدين تغلي مراجل الحقد في أنفسهم، لأنهم ينظرون إلى الدنيا فيجدون ما تمنوه لأنفسهم قد فاتهم، وامتلأت به أكفٌّ أخرى، وهذه هي الطامة التي لا تدع لهم قرارًا، وهم بذلك يكونون خلفاء إبليس - الذي رأى أن الحظوة التي كان يتشهَّاها قد ذهبت إلى آدم - فآلى ألا يترك أحداً يستمتع بها بعدما حُرمها، وهذا الغليان الشيطاني هو الذي يضطرم في نفوس الحاقدين ويفسد قلوبهم، فيصبحون واهني العزم، كليلي اليد، وكان الأجدر بهم أن يتحولوا إلى ربهم يسألونه من فضله، وأن يجتهدوا حتى ينالوا ما ناله غيرهم، إذ خزائنه سبحانه ليست حِكرًا على أحد، والتطلع إلى فضل الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب هي العمل الوحيد المشروع عندما يرى أحدٌ فضل الله ينزلُ بشخصٍ معين، وشتان ما بين الحسد والغبطة أو بين الطموح والحقد.

 

يتبع بعون الله...

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

تم تعديل بواسطة *إشراقة فجر*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

سلامة الصدر..طريق إلى الجنة:

لقد وصف الله أهل الجنة وأصحاب النعيم المقيم في الآخرة بأنهم مبرئون من كل حقد وغل، وإذا حدث وأصابهم شيءٌ منها في الدنيا فإنهم يُطهرون منها عند دخولهم الجنة: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ) [الأعراف:43]. ولهذا رأينا مَن يُبَشَّرُ بالجنة من بين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لسلامة صدره، ففي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علَّق نعليه بيده الشمال، فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً، فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأول، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو، فقال: إني لاحيت أبي فأقسمتُ أني لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت، قال: نعم، قال أنس: فكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الثلاث الليالي فلم يره يقوم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعارَّ تقلب على فراشه ذكر الله عز وجل، وكبر حتى لصلاة الفجر. قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرًا، فلما مضت الثلاث الليالي وكدت أن أحتقر علمه قلت: يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضبٌ ولا هجرةٌ، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات: يطلع عليكم الآن رجلٌ من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث المرات، فأردت أن آوي إليك، فأنظر ما عملك، فأقتدي بك، فلم أرك عملت كبير عملٍ، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجدُ في نفسي لأحد من المسلمين غِشًّا ولا أحسدُ أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك".

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

فيا أختي الحبيبة طالعِ هذه الكلمات المباركات التي سطرها بعض العلماء:

ليس أروح للمرء ولا أطرد لهمومه، ولا أقر لعينه من أن يعيش سليم القلب، مُبرَّأ من وساوس الضغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمةً تنساق لأحدٍ رضيَ بها، وأحسَّ فضل الله فيها، وفقرَ عبادهِ إليها، وإذا رأى أذى يلحق أحداً من خلق الله رَثَى له، ورجا الله أن يفرج ويغفر ذنبه، وبذلك يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضياً عن الله وعن الحياة، مستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى.

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

تم تعديل بواسطة *إشراقة فجر*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

الحسد

 

 

فقد جعل الله المحبة الخالصة بين المسلمين هي أوثق عرى المحبة في الله ، وجمع المتحابين تحت ظلال عرشه ، ووثق الإسلام بذلك بوجوب المحافظة على مال المسلم وعرضه ونفسه ، بأن لا يصيبه أذى ولا يُمس بسوء .

ولكن تبحر بعض النفوس في مياه آسنة تتشفى ممن أنعم الله عليهم ورزقهم من خيره بالحقد والحسد فيثمر ثمراً خبيثاً غيبةً ونميمةً واستهزاء وغيرها . ولا يخلو مجتمع من تلك النفوس الدنيئة .

لذلك كان لزاماً علينا معشر الدعاة أن نطرح مثل هذه المواضيع التي انتشرت في المجتمع الإسلامي بل في الأوساط الشبابية وحلق التحفيظ فقد يحسد الشاب أخاه على حسن صوته أو لحفظه الجيد أو لعبادته .

 

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

تعريف الحسد :

 

هو تمني زوال النعمة عن المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها.

 

أنواعه :

1- كراهه للنعمة على المحسود مطلقاً وهذا هو الحسد المذموم .

2- أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه وهذا الغبطة .

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

. مراتب الحسد :

1- يتمني زوال النعمة عن الغير .

2- يتمنى زوال النعمة ويحب ذلك وإن كانت لا تنتقل إليه .

3- أن يتمنى زوال النعمة عن الغير بغضاً لذلك الشخص لسبب شرعي كأن يكون ظالماً .

4- ألا يتمنى زوال النعمة عن المحسود ولكن يتمنى لنفسه مثلها ، وإن لم يحصل له مثلها تمنى زوالها عن المحسود حتى يتساويا ولا يفضله صاحبه .

5- أن يحب ويتمنى لنفسه مثلها فإن لم يحصل له مثلها فلا يحب زوالها عن مثله وهذا لا بأس به.

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

حكم الحسد :

حرام.

( عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) رواه مسلم .

 

الأسباب التي تؤدي إلى الحسد :

يمكن تقسيم الأسباب إلى أسباب من الحاسد أو من المحسود أو قد يشترك فيها الإثنان .

1- العدواة والبغضاء والحقد ( هذا السبب من الحاسد ) .

2- التعزز والترفع ( هذا السبب من الحاسد ) .

3- حب الرئاسة وطلب الجاه لنفسه ( هذا السبب من الحاسد ) .

4- ظهور الفضل والنعمة على المحسود .

5- حب الدنيا ( هذا السبب من الحاسد ) .

6- الكبر ( هذا السبب من المحسود ).

7- شدة البغي وكثرة التطاول على العباد ( هذا السبب من المحسود ) .

8- المجاورة والمخالطة ( هذا السبب يشترك فيه الحاسد والمحسود ) .

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

بعض آثار الحاسد وأضراره على الفرد والمجتمع

1- حلق الدين ( دبّ إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء والحسد هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر ) .

2- إنتفاء الإيمان الكامل ( لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد ) .

3- رفع الخير وانتشار البغضاء في المجتمع ( لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا ) .

4- اسخاط الله وجني الأوزار ( الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ) .

5- مقت الناس للحاسد وعداوتهم له ( شر الناس من يبغض الناس ويبغضونه ) .

6- الحاسد يتكلم في المحسود بما لا يحل له من كذب وغيبة وإفشاء سر .

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

 

 

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

الموقف الذي يجب أن يقفه المحسود من الحاسد

1- الرجوع إلى الله وتجديد التوبة مع الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه .

2- التوكل على الله .

3- الاستعاذه بالله وقراءة الأذكار والأوراد الشرعية .

4- دعاء الله بأن يقيك من الحساد .

5- العدل مع الحاسد وعدم الإساءة إليه بالمثل .

6- الإحسان إلى الحاسد .

7- الرقية .

8- عدم إخبار الحاسد بنعمة الله عليك .

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

لو قال قائل أنا أبتليت بالحسد! فكيف أزيل الحسد من قلبي؟

1- التقوى والصبر .

2- القيام بحقوق المحسود .

3- عدم البغض .

4- العلم بأن الحسد ضرر على الحاسد في الدنيا والآخرة .

5- الثناء على المحسود وبرّه .

6- إفشاء السلام .

7- قمع أسباب الحسد من كبر وعزة نفس .

8- الإخلاص .

9- قراءة القرآن .

10- تذكر الحساب والعقاب .

11- الدعاء والصدقه .

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

تأمل في الأدلة التالية واستنتج منها مظاهر قبح الحسد ؟

1- قال تعالى {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ‌ رَ‌بِّهِ} [الكهف:50].

مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في السماء .

2- قال تعالى {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّ‌بَا قُرْ‌بَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ‌ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِين} [المائدة:27].

مظهر قبح الحسد أنه أول ذنب عصي الله به في الأرض .

3- قال تعالى {وَدَّ كَثِيرٌ‌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُ‌دُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارً‌ا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109].

مظهر قبح الحسد أنه من صفات الكفار من اليهود والنصارى .

4- قال صلى الله عليه وسلم (لا يجتمع في جوف عبد غبار في سبيل الله وفيح جهنم ، ولا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد).

مظهر قبح الحسد أنه يضاد الإيمان بالله تعالى .

5- قال صلى الله عليه وسلم (دبّ إليكم داء الأمم من قبلكم الحسد والبغضاء).

مظهر قبح الحسد أنه داء وقع فيه جميع الأمم من قبلنا .

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png


ضعف أو تلاشي الالتزام



مفهوم ضعف أو تلاشي الالتزام:


لغة:
يطلق الالتزام في اللغة على الاستمساك أو الاعتناق أو الالتصاق بالشيء، كما يطلق على الفرض أو الإيجاب على النفس، وعليه فإن ضعف أو تلاشي الالتزام في اللغة إنما هو التقصير في الاستمساك بالشيء أو اعتناقه والالتصاق به، أو عدم الاستمساك بالشيء والالتصاق به أو الاعتناق له بالمرة، وهو أيضا التقصير أو عدم الوفاء بما يوجبه أو يفرضه المرء على نفسه.
اصطلاحا:
أما ضعف وتلاشي الالتزام في اصطلاح العلماء والدعاة فهو: التقصير أو عدم الوفاء بما يتعهد به المسلم أو يفرضه ويوجبه على نفسه من الصالحات.





msg-97672-0-66139300-1396746374.png


مظاهر ضعف أو تلاشي الالتزام:


ولضعف أو تلاشي الالتزام مظاهر تدل عليه وسمات يُعرف بها، نذكر منها:



1- عدم الدقة أو عدم الانضباط في الحديث والموعد.
2- إصدار الأحكام دون تثبت أو تبين.
3- الفجور في الخصومة، أو عدم رعاية أدب الخلاف.
4- الإصغاء إلى الإشاعات والأراجيف.
5- نبذ الطاعة إلا فيما يوافق هوى النفس.
6- عدم النهوض بالبيت من الأهل والولد إلى المستوى المنشود.
7- عدم رعاية الآداب أو السلوكيات الاجتماعية.
8- عدم التضحية سواء بالنفس أو بالمال أو بهما معاً.
9- عدم الدقة أو عدم الانضباط في الحركة.
10- إهمال النفس من التنقية والتزكية.
11- استعجال النصر دون تأن أو ترو أو تأهب.
12- الاجتهاد فيما لا مجال فيه للاجتهاد.
13- عدم الثبات أمام مطامع الحياة الدنيا، وعند المحن والشدائد.
14- إهدار حقوق الأخوة.
15- التدخل فيما لا يعني.




msg-97672-0-66139300-1396746374.png


أسباب ضعف أو تلاشي الالتزام:


1- عدم الفهم أو عدم الإدراك لأبعاد ومعالم الالتزام:



ذلك أن عدم الفهم أو عدم الإدراك لأبعاد ومعالم أي أمر من الأمور يؤدي إلى رفضه، بل ومعاداته كما قال الله عز وجل: {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39].
2- الوسط الضعيف الالتزام أو غير الملتزم:
وقد تلقي الأقدار بالمسلم في وسط ضعيف الالتزام، أو غير ملتزم بالمرة، فيأخذ في الاقتداء والتأسي، أو على الأقل في المحاكاة والمشابهة، لاسيما إذا كان هذا الوسط ممن يُقتدى أو يُتأسى به، وتكون النتيجة ضعف أو تلاشي الالتزام.
3- ضعف الإيمان:
وقد يكون ضعف الإيمان ونزول مستواه في نفس المسلم، هو السبب في ضعف أو تلاشي الالتزام، ذلك أن الإيمان هو مصدر الطاقات المتجددة، بل هو الحارس والحامي لصاحبه من أن يهمل أو يقصر، أو يصر على الأخطاء.
وعليه فإن المسلم إذا ترك هذا الإيمان بدون تجديد وتعهد، فإن جذوته تخبو أو تضعف في النفس، وتكون العاقبة ضعف أو تلاشي هذا الالتزام.
4- إقبال الدنيا والتعلق بها:
وقد يكون إقبال الدنيا ببريقها وزخارفها من الأموال والأولاد، والشهادات والوظائف، والمركز والجاه، وتعلق القلب بها، هي السبب في ضعف أو تلاشي الالتزام.
5- المحن والشدائد:
وقد تكون المحن والشدائد في داخل الصف أو من خارجه، هي السبب في ضعف أو تلاشي الالتزام، ذلك أن المحنة أو الشدة عندما تنزل بالإنسان فإنها تزلزل كيانه، وتكاد تعصف به إلا من رحم الله، لاسيما إذا كان نزولها خالياً من الترقب والاستعداد، ومعرفة طريق الخلاص وسبيل المواجهة، وحينئذ يُشغل بها عن دوره الحقيقي ورسالته السامية، ويكون ضعف أو تلاشي الالتزام.
6- كثرة الأعباء مع طول الطريق:
ذلك أن الإنسان طاقة، وإذا حمّل عبئاً فوق طاقته، فإنه ستأتي عليه لحظة يُسقِط بعضه أو كله عن كاهله، لاسيما إذا كانت الطريق طويلة وبها كثير من العقبات والمعوقات.
7- الوالدان:
وقد يكون الوالدان هما السبب في ضعف أو تلاشي الالتزام، ذلك أن بعض الآباء قد تحمله عاطفة الحب لولده، على الحيلولة بين الولد والالتزام لاسيما في هذا العصر الذي صار فيه الالتزام بالإسلام، بل والالتزام بالدعاة والعاملين لدين الله تهمة، وتهمة خطيرة تقود صاحبها إلى السجون والمعتقلات، أو النفي والتشريد في الأرض، بل الموت أو القتل.
8- الاستجابة للوساوس والشبهات الشيطانية:
ذلك أن الشيطان قاعد للإنسان لاسيما المسلم بالمرصاد، يوسوس بإلقاء الشبهات والأباطيل؛ كي يصرفه عن طريق الله أو على الأقل يجعل سيره في هذه الطريق محفوفاً بالتضييع والتفريط، وحين يستجيب المسلم إلى هذه الوساوس وتلك الشبهات، يُبتلى بضعف أو تلاشي الالتزام.
9- عدم المتابعة من الآخرين:
وقد يكون السبب في ضعف أو تلاشي الالتزام إنما هو عدم المتابعة من الآخرين، ذلك أن الإنسان إذا شعر أن هناك إهمالاً أو عدم متابعة من الآخرين، فإن همته تفتر، وعزيمته تضعف، أما إذا كانت المتابعة المتمثلة في المساءلة والمجازاة، فإن الهمة تعلو، والإرادة تقوى، والعزيمة تشتد.
10- الغفلة عن عواقب ضعف أو تلاشي الالتزام:
ذلك أن من غفل عن العواقب الخطيرة لأمر ما، تعاطى هذا الأمر مع تقصير فيه، أو أهمله وألغاه من حسابه بالمرة، ولا يفيق ولا ينتبه إلا حين تزول العواقب فيندم حيث لا ينفع الندم ويتمنى حين لا تفيد الأماني.




msg-97672-0-66139300-1396746374.png


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png


آثار ضعف أو تلاشي الالتزام:


1- الحيلولة دون العبودية الحقة: ذلك أن من كان ضعيف أو عديم الالتزام، فإنه يفسح المجال أمام الشر ليستشري والباطل لينتشر، حتى يصل إليه وإلى ذويه، وحينئذٍ يحال بينه وبين أبسط قواعد الالتزام الإسلامي، كالشعائر التعبدية مثلاً. 2- فقد ثقة الناس: وهذا أمر بدهي، فإن الناس لا يتأثرون بالكلمات قدر ما يتأثرون بالسلوكيات، فإن من كان ضعيفاً أو عديم الالتزام يسحب الناس ثقتهم منه، وحينئذٍ يخسر كثيراً. 3- القلق والاضطراب النفسي: ذلك أن ضعيف أو عديم الالتزام إنما هو عاص لله، وللمعصية آثار ضارة أشدها القلق والاضطراب النفسي. 4- الحرمان من الأجر والمثوبة بل وتحمل الأوزار: ذلك أن ضعيف أو عديم الالتزام ضيع على نفسه بذلك الأجر، وحرمها من المثوبة، بل وعرَّضها لتحمل أوزار الذين اقتدوا به في ضعفه أو عدم التزامه ففتنوا وضاعوا.


msg-97672-0-66139300-1396746374.png


علاج ضعف أو تلاشي الالتزام: 1- الإدراك الذهني بل والقلبي لأبعاد ومعالم الالتزام، بحيث يخالط هذا الإدراك الأحاسيس والمشاعر بل والخواطر، ويصير سجية للنفس، تفرح وتستريح حين تتمثله في داخلها وفي واقع الحياة، وتحزن وتضيق إذا هي قصرت في هذا التمثيل. 2- التأكيد على دقة الالتزام من ذوي الأسوة والقدوة، حتى يكون ذلك دافعاً لمن دونهم على الإقتداء والتأسي، أو على الأقل المحاكاة والمشابهة. 3- الحرص على تجديد الإيمان وتقويته في النفس، فإن ذلك يولد طاقات وإمكانات تعين على الالتزام، وأبعد من ذلك يكون الحارس والأمين، لئلا يكون تقصير أو إهمال. 4- الفهم الدقيق الواعي لحقيقة الدنيا والآخرة، وعلاقة كل منهما بالآخر، وسبل تحقيق التوازن بينهما: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]. 5- إدراك أن طريق الهجرة والفرار إلى الله، طريق كلها أشواك وصعاب، ولكنها تفضي إلى النعيم المقيم في جوار رب العاملين، وأنه لابد من حمل النفس على أخذ الأهبة والاستعداد {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين} [البقرة: 45]. 6- حمل ما بمقدور النفس القيام به حتى لا تضعف أو تنقطع عن ركب العاملين المجاهدين {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7]. 7- التحذير المستمر من كيد الشيطان ووسوسته، مع بيان سبيل النجاة من هذه المكايد، وتلك الوساوس. 8- الوقوف على سير وأخبار من عرفوا بدقة وكمال الالتزام، والتاريخ الإسلامي طافح في ذلك بالنافع المفيد. 9- الحرص على لزوم الجماعة، وعدم الانفكاك عنها لحظة واحدة، إذ فيها يكون التناصح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، والتعاون وتجديد النشاط وإعلاء الهمة، وغير ذلك مما يعد في الحقيقة جوهر ومضمون الالتزام. 10- الاستعانة التامة بالله عز وجل فإنه سبحانه وتعالى يعين من لجأ إليه واستعان به ولاذ بحماه. 11- محاسبة النفس دوما للوقوف على جوانب الضعف والخلل فيها ثم تلافي ذلك بالتوبة والإقلاع عن الخطأ، وجبره بأنواع من الكفارات كالصداقة والإكثار من النوافل. 12- الإحسان إلى الأبوين في المعاملة، مع لفت نظرهما بأدب ورفق إلى أن الآجال بيد الله، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها


msg-97672-0-66139300-1396746374.png


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

 

جزاكن الله خيرا مجهود واضح رزقكم الله الأجر

][/b]

 

 

 

نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يجنبنا أسباب الردى إنهُ ولي ذلك ومولاه

 

اللهم آمين

 

 

عوده لتكملة القرآه إن شاء الله تعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرا يا حبيبات ونفع بكن

لي عودة لتكملة القراءة بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

 

جزاكن الله خيرا مجهود واضح رزقكم الله الأجر

][/b]

 

 

 

نسأل الله تعالى أن يصلح قلوبنا وأن يجنبنا أسباب الردى إنهُ ولي ذلك ومولاه

اللهم آمين

 

 

عوده لتكملة القرآه إن شاء الله تعالى

 

وأنت من أهل الجزاء مشرفتنا الغالية

إن شاء الله

 

 

جزاكن الله خيرا يا حبيبات ونفع بكن

لي عودة لتكملة القراءة بإذن الله

جزانا وإياك يا غالية

إن شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png



التكبر



والآفة التي تصيب بعض العاملين وهى ذات أثر خطير في حياتهم وعليهم أن يجاهدوا أنفسهم للتطهر منها بل وأن تصير لديهم حصانة ضدها إنما هي : آفة التكبر ، وحتى يكون حديثنا عن هذه الآفة واضحا محدد الأبعاد والمعالم فإننا سنتناولها على النحو التالي :

أولا معنى التكبر :
لغة : التكبر في اللغة هو التعظم أي إظهار العظمة قال صاحب اللسان : ( والتكبر والاستكبار : التعظم ومنه قوله تعالى { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق }
أي : أنهم يرون أنهم أفضل الخلق وأن لهم من الحق ما ليس لغيرهم)[1]
اصطلاحا : أما في اصطلاح الدعاة أو العاملين فإن التكبر هو إظهار العامل إعجابه بنفسه بصورة تجعله يحتقر الآخرين في أنفسهم وينال من ذواتهم ويترفع عن قبول الحق منهم جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال : أن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس)[2].



ثانيا : الفرق بين التكبر وبين العزة :


والفرق بين التكبر والعزة واضح إذ التكبر ترفع بالباطل والعزة ترفع بالحق أو أن التكبر : كران النعمة وجحودها والترفع : اعتراف بالنعمة وتحدث بها على نحو ما تضمنه الحديث المذكور آنفا 0


msg-97672-0-66139300-1396746374.png


ثالثا : أسباب التكبر :


ولما كان التكبر شدة الإعجاب بالنفس المؤدية إلى احتقار الناس والترفع عليهم فإن أسبابه التي تؤدى عليه وبواعثه التي ينشأ منها هي بعينها : أسباب وبواعث الإعجاب بالنفس والغرور إذا أهملت ولم تعالج وهى لا تزال في مهدها أو في أوائلها ويزاد عليها :
(1) مبالغة الآخرين في التواضع :
فقد يكون السبب أو الباعث على التكبر : إنما هي مبالغة الآخرين في التواضع وهضم النفس ذلك بعض الناس قد تحملهم المبالغة في التواضع على ترك التجمل والزينة في اللباس ونحوه وعلى عدم المشاركة بفكر أو برأي في أي أمر من الأمور بل والعزوف عن التقدم للقيام بمسؤلية أو تحمل أمانة وقد يرى ذلك من لم يدرك الأمور على حقيقتها فيوسوس له الشيطان وتزين له نفسه أن عزوف الآخرين عن كل ما تقدم إنما هو للفقر أو لذات اليد وتظل مثل هذه الوساوس وتلك التزيينات تلح عليه وتحيط به من هنا وهناك حتى ينظر إلى الآخرين نظرة ازدراء وسخرية في الوقت الذي ينظر فيه إلى نفسه نظرة إكبار وإعظام وقد لا يكتفي بذلك ، بل يحاول إبراز هفي كل فرصة تتاح له أو في كل مناسبة تواتيه وهذا هو التكبر .
وقد لفت القرآن الكريم والسنة النظر إلى هذه السبب أو إلى هذا الباعث من خلال دعوتهما إلى التحدث بنعمة الله تعالى إذ يقول سبحانه:
{ وأما بنعمة ربك فحدث }.
وإذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم -:
( إن الله جميل يحب الجمال )
(واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها عليك قابليها وأتمها علينا ).

2- اختلال القيم أو معايير التفاضل عند الناس :
وقد يكون السبب أو الباعث على التكبر غنما هو اختلال القيم أو معايير التفاضل عند الناس ، ذلك أن الجهل قد يسود في الناس إلى حد اختلال القيم أو معايير التفاضل عندهم ، فتراهم يفضلون صاحب الدنيا ، ويقدمونه حتى لو كان عاصياً أو بعيداً عن منهج الله ، في الوقت الذي يحتقرون فيه البائس المسكين الذي أدارت الدنيا ظهرها له حتى وإن كان طائعاً ملتزماً بهدى الله.
وقد ألمح القرآن و السنة إلى هذا السبب أو إلى هذا الباعث من خلال رفض هذا المعيار ، ووضع المعيار الصحيح مكانه ، إذ يقول الله سبحانه وتعالى - :
{ وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين ، قل إن ربى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ، وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ، إلا من آمن وعمل صالحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون }.
وإذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه ، وقد مرّ عليه رجل : ما تقولون في هذا الرجل ؟ قالوا: رأيك في هذا ، نقول هو من أشرف الناس ، هذا حري إن خطب أن يخطب ، وإن شفع أن يشفع ، وإن قال أن يسمع لقوله ، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، ومرَّ رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هذا ؟ قالوا : نقول والله يا رسول الله ، هذا من فقراء المسلمين ، هذا حري إن خطب لم ينكح ، وإن شفع لا يشفع ، وإن قال لا يسمع لقوله ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهذا خير من ملء الأرض مثل هذا )[3]

3- مقارنة نعمته بنعمة الآخرين ونسيان المنعم :
وقد يكون السبب في التكبر إنما هو مقارنة نعمته بنعمة الآخرين ونسيان المنعم
وقد لفت القرآن الكريم النظر إلى هذا السبب ، أو إلى هذا الباعث من خلال حديثه عن قصة صاحب الجنتين فقال :
{ واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعاً * كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً وفجرنا خلالهما نهراً * وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً .... }

4- ظن دوام النعمة وعدم التحول عنها :
وقد يكون السبب في التكبر إنما هو ظن دوام النعمة وعدم التحول عنها ، كما قال صاحب الجنتين لصاحبه :
{ ... ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعة قائمة ، ولئن رددت إلى ربى لأجدن خيراً منها منقلباً } ، وكما قال الله عن الإنسان :
{ ... ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ، ولئن رجعت إلى ربى إن لي عنده للحسنى } .

5- الغفلة عن الآثار المترتبة على التكبر :
وقد يكون السبب في التكبر ، إنما هو الغفلة عن الآثار الخطيرة و العواقب المهلكة المترتبة على التكبر في الأرض بغير الحق ، ذلك أن من غفل عن الآثار الضارة لعلة من العلل ، أو آفة من الآفات ، فإنه يصاب بها وتتمكن من نفسه ، ولا يشعر بذلك إلا بعد فوات الأوان، وبعد الاستعصاء على القلع و العلاج.


msg-97672-0-66139300-1396746374.png




رابعا : مظاهر التكبر :
هذا وهناك مظاهر للتكبر يعرف أو يستدل عليه بها ، نذكر منها :
1- الاختيال في المشية مع لي صفحة العنق وتصعير الخد ، قال تعالى { ثاني عطفه ليضل عن سبيل الله } ، { والله لا يحب كل مختال فخور } ، { ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور .
2- الإفساد في الأرض عندما تتاح الفرصة مع رفض النصيحة ، والاستنكاف عن الحق ، قال تعالى :{ ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث و النسل والله لا يحب الفساد * وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ... }
3- التقعر في الحديث ، يقول النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه ، كما
تخلل البقرة بلسانها )[4] ، ( ألا أنبئكم بشراركم ؟ فقال : هم الثرثارون المتشدقون .... ) [5]
4- إسبال الإزار بنية الاختيال و التكبر أن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :
( من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر صلى الله عليه وسلم إليه يوم القيامة ) قال أبو بكر : إن أحد جانبي إزاري يسترخي ، إني لأتعاهد ذلك منه ، قال : لست ممن يفعله خيلاً )[6]
5- محبة أن يسعى الناس إليه ، ولا يسعى هو إليهم ، وأن يمثلوا له قياماً
إذا قدم أو مر بهم ، وقد جاء في الحديث من أحب أن يمتثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار )[7]
6- محبة التقدم على الغير في المشي أو في المجلس أو في الحديث أو نحو ذلك .




msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png




خامساً آثار التكبر :


وللتكبر في الأرض بغير الحق آثار ضارة ، وعواقب مهلكة سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي :
على العاملين :
- القلق والاضطراب النفسي :
، ذلك أن المتكبر يحب - إشباعاً لرغبة الترفع و التعالي أن يحنى الناس رؤوسهم له ، وأن يكونوا دوماً في ركابه ، ولأن أعزة الناس وكرامهم يأبون ذلك ، بل ليسوا مستعدين له أصلاً ، فإنه يصاب بخيبة أمل ، تكون عاقبتها القلق والاضطراب النفسي ، هذا فضلاً عن أن اشتغال هذا المتكبر بنفسه يجعله في إعراض تام عن معرفة الله وذكره ، وذلك له عواقب أدناها في هذه الدنيا القلق و الاضطراب النفسي .
وصدق الله إذ يقول :
{ ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ... }
{ ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعدا ... }


- الملازمة للعيوب و النقائص :


ملازمة العيوب و النقائص ، ذلك أن التكبر لظنه أنه بلغ الكمال في كل شئ لا يفتش في نفسه ، حتى يعرف أبعادها ومعالمها ، فيصلح ما هو في حاجة منها إلى إصلاح ، ولا يقبل كذلك نصحاً أو توجيهاً أو إرشاداً من الآخرين ، ومثل هذا يبقى غارقاً في عيوبه ونقائصه ، ملازماً لها إلى أن تنقضي الحياة ، ويدخل النار مع الداخلين :
{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}
{ بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون }

- الحرمان من الجنة :
الحرمان من الجنة ، وذلك أمر بدهى ، فإن من يعتدي على مقام الألوهية ، ويظل مقيماً على عيوبه ورذائله ، ستنتهي به الحياة حتماً وما حصل خيراً يستحق به ثواباً أو مكافأة فيحرم الجنة مؤبداً أو مؤقتاً ، وصدق الله ورسوله إذ يقول الحق في الحديث القدسي :
( الكبرياء ردائي و العظمة إزاري من نازعني واحداً منهما ألقيته في جهنم )[8] ، وإذ يقول النبي - صلى الله عليه وسلم :
( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثال ذرة من كبر ..) [9]
( ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جوَّاظ متكبر ) [10].


msg-97672-0-66139300-1396746374.png



علاج التكبر :
هذا وعلاج التكبر - بحيث تطهر منه النفس ، ولا يعود إليها مرة أخرى - إنما يكون باتباع الأساليب و الوسائل التالية :
1- تذكير النفس بالعواقب والآثار المترتبة على التكبر ،سواء كانت عواقب ذاتية أو متصلة بالعمل الإسلامي ، وسواء كانت دنيوية أو أخروية على النحو الذي قدمنا ، فلعل هذا التذكير يحرك النفس من داخلها ، ويحملها على أن تتوب ، وتتدارك أمرها قبل ضياع العمر وفوات الأوان .
2- عيادة المرضى ، ومشاهدة المحتضرين وأهل البلاء وتشييع الجنائز ، وزيارة القبور.
3- الانسلاخ من صحبة المتكبرين ، والارتماء في أحضان المتواضعين المخبتين .
4- التفكر في النفس ، وفي الكون ، بل وفي كل النعم التي تحيط به من أعلاه إلى أدناه ، مَن مصدر ذلك كله ؟ ومن ممسكه ؟ وبأي شئ استحقه العباد ؟ وكيف تكون حاله لو سلبت منه نعمة واحدة فضلاً عن باقي النعم ؟؟؟ فإن ذلك التفكر لو كانت معه جدية ، يحرك النفس ويجعلها تشعر بخطر ما هي فيه ، إن لم تبادر بالتوبة و الرجوع إلى ربها .
5-النظر في سير وأخبار المتكبرين ، كيف كانوا ؟ وإلى أي شئ صاروا ؟ من إبليس و النمرود إلى فرعون ، إلى هامان ، إلى قارون ، إلى أبى جهل ، إلى أبى بن خلف ، إلى سائر الطغاة و الجبارين و المجرمين
6- حضور مجالس العلم التي يقوم عليها علماء ثقات نابهون ، لاسيما مجالس التذكير و التزكية ، فإن هذه المجالس لا تزال بالقلوب حتى ترق وتلين وتعود إليها الحياة من جديد .
7- حمل النفس على ممارسة بعض الأعمال التي يتأفف منها كثير من الناس ممارسة ذاتية ما دامت مشروعة
8- إظهار الآخرين بنعمة الله عليهم ، وتحدثهم بها - لاسيما أمام المستكبرين - علهم يثوبون إلى رشدهم وصوابهم ، ويتوبون ويرجعون إلى ربهم ، قبل أن يأتيهم أمر الله .
9- التذكير دوماً بمعايير التفاضل و التقدم في الإسلام :
{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم }
10- المواظبة على الطاعات : فإنها إذا واظب عليها ، وكانت متقنة لا يراد بها إلا وجه الله ، طهرت النفس من كل الرذائل ، بل زكتها


msg-97672-0-66139300-1396746374.png


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

الإعجاب بالنفس

 

 

والآفة الخامسة التي يصاب بها بعض العاملين وعليهم أن يعملوا جاهدين على

مداواة أنفسهم وتحريرها بل والاحتراز والتوقي منها : إنما هي الإعجاب

بالنفس .

 

ولكي يكون حديثنا عن هذه الآفة واضح الأبعاد محدد المعالم سنجعله يدور على النحو التالي :

 

 

 

أولاً : معنى الإعجاب بالنفس :

 

لغة : يطلق الإعجاب بالنفس في اللغة ويراد به :

 

(أ) السرور والاستحسان تقول : أعجبه الأمر : سره وأعجب به : سر به ومنه قوله تعالى: {وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ‌ مِّن مُّشْرِ‌كَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}. 221 البقرة

 

{قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَ‌ةُ الْخَبِيثِ } ﴿المائدة: 100)

 

{ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ‌ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَ‌اهُ مُصْفَرًّ‌ا }.الحديد: 20

 

(ب) الزهو أو الإعظام والإكبار تقول : أعجبه الأمر أي زها به وعظم عنده

وكبر لديه ، ورجل معجب أي مزهر أو معظم ومكبر لما يكون منه حسنا أو قبيحا

ومنه قوله تعالى : {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَ‌تُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا}التوبة: 25

 

اصطلاحا : أما في اصطلاح الدعاة أو العاملين

فإن الإعجاب بالنفس هو : السرور أو الفرح بالنفس وبما يصدر عنها من أقوال

أو أعمال من غير تعد أو تجاوز إلى الآخرين من الناس سواء أكانت هذه الأقوال

وتلك الأعمال خيراً أو شراً محمودة أو غير محمودة فإن كان هناك تعد أو

تجاوز إلى الآخرين من الناس باحتقار واستصغار ما يصدر عنهم فهو الغرور أو

شدة الإعجاب وإن كان هناك تعد أو تجاوز إلى الآخرين من الناس باحتقارهم في

أشخاصهم وذواتهم والترفع عليهم فهو التكبر أو شدة الإعجاب

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

ثانياً : أسباب الإعجاب بالنفس

 

للإعجاب بالنفس أسباب تؤدى إليه وبواعث توقع فيه نذكر منها :

 

1- النشأة الأولى :

 

فقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هي النشأة الأولى .

 

ذلك أن الإنسان قد ينشأ بين أبوين يلمس منهما أو من أحدهما : حب المحمدة

ودوام تزكية النفس أن بالحق وإن بالباطل والاستعصاء على النصح والإرشاد

ونحو ذلك من مظاهر الإعجاب بالنفس فيحاكيهما

 

وبمرور الزمن يتأثر بهما ويصبح الإعجاب بالنفس جزء من شخصيته إلا من رحم الله .

 

2- الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هو الإطراء والمدح في الوجه دون مراعاة للآداب الشرعية المتعلقة بذلك :

 

ذلك أن هناك فريقا من الناس إذا أطرى أو مدح في وجهة دون تقيد بالآداب

الشرعية في هذا الإطراء وذلك المدح اعتراه أو ساوره لجهله بمكائد الشيطان

خاطر : أنه ما مدح وما أطرى أي أنه يملك من المواهب ما ليس لغيره وما يزال

هذا الخاطر يلاحقه ويلح عليه حتى يصاب والعياذ بالله بالإعجاب بالنفس

 

3-صحبة نفر من ذوى الإعجاب بأنفسهم :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هي الصحبة والملازمة لنفر من ذوى الإعجاب بأنفسهم

 

ذلك أن الإنسان شديد المحاكاة والتأثر بصاحبه لا سيما إذا كان هذا الصاحب

قوى الشخصية ذا خبرة ودارية بالحياة وكان المصحوب غافلا على سجيته يتأثر

بكل ما يلقى

 

4- الوقوف عند النعمة ونسيان المنعم :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب : إنما هو الوقوف عند النعمة ونسيان المنعم :

كذلك أن هناك صنفا في العاملين إذا حباه الله نعمة من المال أو علم أو قوة

أو جاه أو نحوه وقف عند نعمة ونسى المنعم وتحت تأثير بريق المواهب وسلطانها

تحدثه نفسه أنه ما أصابته هذه النعمة إلا لما لديه من ولا يزال هذا الحديث

على حد قول قارون ( إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)78القصص

 

 

 

5- الغفلة أو الجهل بحقيقة النفس :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هي الغفلة و الجهل بحقيقة النفس :

ذلك أن الإنسان إذا غفل أو جهل حقيقة نفسه ، وأنها من ماء مهين خرج من مخرج

البول ، وأن النقص دائماً طبيعتها وسمتها ، وأن مردها أن تلقى في التراب ،

فتصير جيفة منتنة ، تنفر من رائحتها جميع الكائنات ، إذا غفل الإنسان أو

جهل ذلك كله ربما خطر بباله أنه شئ ، ويقوى الشيطان فيه هذا الخاطر حتى

يصير معجباً بنفسه .

 

6- عراقة النسب أو شرف الأصل :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هي عراقة النسب ، أو شرف الأصل ،

ذلك أن بعض العاملين قد يكون سليل بيت عريق النسب ، أو شريف الأصل ، وربما

حمله ذلك على استحسان نفسه وما يصدر عنها ، ناسياً أو متناسياً أن النسب أو

الأصل لا يقدم ولا يؤخر ،

 

7- الإفراط أو المبالغة في التوقير والاحترام :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس ، إنما هو الإفراط أو المبالغة في

التوقير والاحترام ، ذلك أن بعض العاملين قد يحظى من الآخرين بتوقير

واحترام فيهما مبالغة أو إفراط يتعارض مع هدى الإسلام ، ويأباها شرع الله

الحنيف ، كدوام الوقوف طالما أنه قائم أو قاعد ، وكتقبيل يده والانحناء له و

السير خلفه ... الخ .

 

8- الإفراط أو المبالغة في الانقياد ، و الطاعة :

 

وقد يكون السبب في الإعجاب بالنفس إنما هو الإفراط أو المبالغة في الانقياد

، و الطاعة ، ذلك أن بعض العاملين قد يلقى من الآخرين انقياداً وطاعة

فيهما إفراط أو مبالغة لا تتفق ومنهج الله ، كأن يكون هذا الانقياد وهذه

الطاعة في كل شئ سواء كان معروفاً أو منكراً ، خيراً أو شراً .

 

يقول - صلى الله عليه وسلم - على المرء المسلم السمع و الطاعة فيما أحب وكره ، إلا أن يؤمر بمعصية ، فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )

 

 

 

9- الغفلة عن الآثار المترتبة على الإعجاب بالنفس :

 

وأخيراً قد يكون السبب في الإعجاب بالنفس ، إنما هي الغفلة عن الآثار و

العواقب ، ذلك أن سلوك الإنسان في الحياة غالباً ما يكون نابعاً من إدراكه

أو عدم إدراكه لعواقب وآثار هذا السلوك .

 

وعليه فإن العامل أو الداعية إذا لم يدرك العواقب المترتبة على الإعجاب

بالنفس فإنه قد يصاب به ، ولا يراه إلا أمراً بسيطاً هيناً ، لا يحتاج منه

أن يقف عنده ، أو أن يضيع فيه وقته .

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

ثالثاً : آثار الإعجاب بالنفس :

 

هذا وللإعجاب بالنفس آثار سيئة ، وعواقب وخيمة ، سواء على العاملين أو على

العمل الإسلامي ، ودونك طرفاً من هذه الآثار ، وتلك العواقب على العاملين :

 

فمن آثاره على العاملين :

 

1- الوقوع في شراك الغرور بل والتكبر :

 

أي أن الأثر الأول للإعجاب بالنفس ، إنما هو الوقوع في شراك الغرور بل

والتكبر ، ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما يؤدى به الإعجاب إلى أن يهمل نفسه

، ويلغيها من التفتيش و المحاسبة ، وبمرور الزمن يستفحل الداء ، ويتحول

إلى احتقار واستصغار ما يصدر عن الآخرين ، وذلك هو الغرور ، أو يتحول إلى

الترفع عن الآخرين ، واحتقارهم في ذواتهم وأشخاصهم وذلك هو التكبر.

 

2- الحرمان من التوفيق الإلهي :

 

أي أن الأثر الثاني للإعجاب بالنفس ، إنما هو الحرمان من التوفيق الإلهي :

 

ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما ينتهي به الإعجاب إلى أن يقف عند ذاته ،

ويعتمد عليها في كل شئ ناسياً أو متناسياً خالقه وصانعه ، ومدبر أمره ، و

المنعم عليه بسائر النعم الظاهرة و الباطنة .

 

3- الانهيار في أوقات المحن و الشدائد :

 

أي أن الأثر الثالث للإعجاب بالنفس ، إنما هو الانهيار في أوقات المحن و

الشدائد :ذلك أن المعجب بنفسه كثيراً ما يهمل نفسه من التزكية ، و التزود

بزاد الطريق ، ومثل هذا ينهار ويضعف مع أول شدة أو محنة يتعرض لها ، لأنه

لم يتعرف على الله في الرخاء حتى يعرفه في الشدة ، وصدق الله إذ يقول :{ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ }128النحل { وَإِنَّ اللَّـهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } 69العنكبوت

 

وصدق النبي صلى الله عليه وسلم إذ ينصح عبد الله بن عباس فيقول :

 

( ... احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ... )

 

 

 

4- النفور و الكراهية من الآخرين :

 

أي أن الأثر الرابع للإعجاب بالنفس ، إنما هو النفور و الكراهية من الآخرين

، ذلك أن المعجب بنفسه قد عرَّض نفسه بصنيعه هذا لبغض الله له ، ومن ابغضه

الله أبغضه أهل السموات .

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

رابعاً : مظاهر الإعجاب بالنفس :

 

ويمكن اكتشاف هذا الداء من خلال المظاهر التالية :

 

1- تزكية النفس :

 

أي أن المظهر الأول للإعجاب بالنفس ، إنما هو دوام التزكية للنفس و الثناء

عليها ، و العرف من قيمتها ، مع نسيان أو تناسى قول الله عز وجل { فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ }﴿النجم32﴾ .

 

 

 

2- الاستعصاء على النصيحة :

 

و المظهر الثاني للإعجاب بالنفس ، إنما هو الاستعصاء على النصيحة بل و

النفور منها ، مع أنه لا خير في قوم لا يتناصحون ولا يقبلون النصيحة .

 

 

 

3- الفرح بسماع عيوب الآخرين لاسيما أقرانه :

 

و المظهر الثالث للإعجاب بالنفس إنما هو الفرح بسماع عيوب الآخرين لاسيما

أقرانه ، حتى قال الفضيل بن عياض - رحمه الله - ( إن من علامة المنافق : أن

يفرح إذا سمع بعيب أحد من أقرانه )

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

خامساً : الطريق لعلاج الإعجاب بالنفس :

 

وما دمنا قد وقفنا على أسباب وباعث الإعجاب بالنفس ، فإن من السهل معرفة طريق علاج واقتلاع هذا الداء ، بل الوقاية منه ، وتتلخص في :

 

1- التذكير دائماً بحقيقة النفس الإنسانية ، وذلك بأن يفهم المعجب بنفسه أن

نفسه التي بين جنبيه لولا ما فيها من النفخة الإلهية ما كانت تساوى شيئاً ،

فقد خلقت من تراب تدوسه القدام ، ثم من ماء مهين يأنف الناظر إليه من

رؤيته ، وسترد إلى هذا التراب مرة أخرى ، فتصير جيفة منتنة ، يفر الخلق

كلهم من رائحتها ، وهي بين البدء والإعادة تحمل في بطنها العذرة أي الفضلات

ذات الروائح الكريهة ، ولا تستريح ولا تهدأ إلا إذا تخلصت من هذه الفضلات .

 

إذ أن مثل هذا التذكير يساعد كثيراً في ردع النفس ، وردها عن غيها ،

واقتلاع داء الإعجاب منها ، بل وحمايتها من التورط فيه مرة أخرى .

 

وقد لفت أحد السلف النظر إلى هذه الوسيلة حين سمع معجباً بنفسه قائلاً أتعرف من أنا ؟ فرد عليه بقوله : نعم : أعرف من أنت ، لقد كنت نطفة قذرة وستصير جيفة قذرة ، وأنت بين هذا وذاك تحمل العذرة ) .

 

2- التذكير دائما بحقيقة الدنيا والآخرة

3-التذكير بنعم الله التي تغمر الإنسان

وتحيط به من أعلى إلى أدنى كما

قال سبحانه { وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا } ﴿ابراهيم34﴾، { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَ‌ةً وَبَاطِنَةً } ﴿لقمان20﴾، فإن هذا التذكير من شأنه أن يشعر الإنسان بضعفه وفقره ، وحاجته

إلى الله دائماً ، وبالتالي يطهر نفسه من داء الإعجاب ، بل ويقيه أن يبتلى

به مرة أخرى .

 

4-دوام الاستماع أو النظر في كتاب الله عز وجل وسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن فيهما البيان الشافي

 

5-دوام حضور مجالس العلم ، لاسيما تلك التي تدور حول علل النفس وطريق الخلاص منها .

 

6- الانقطاع عن صحبة المعجبين بأنفسهم مع الارتماء في أحضان المتواضعين

العارفين أقدارهم ، ومكانتهم ، فإن ذلك يساعد في التخلص بل وفي التوقي من

الإعجاب بالنفس .

 

7- التوصية و التأكيد على ضرورة اتباع الآداب الشرعية في الثناء و المدح

في التوقير والاحترام ، في الانقياد و الطاعة ، مع الإعراض والزجر الشديد

لكل من يخرجون على هذه الآداب ، فإن ذلك له دور كبير في مداواة النفس

وتحريرها من الإعجاب .

 

8- دوام النظر في سير السلف ، وكيف كانوا يتعاملون مع أنفسهم حين يرون

منها مثل هذا الخلق ، فإن ذلك يحمل على الإقتداء و التأسي ، أو على الأقل

المحاكاة ، و المشابهة في استئصال هذا الداء ، وقطع الطريق عليه أن يعود

إلى النفس مرة أخرى .

 

9- تعريض النفس بين الحين و الحين لبعض المواقف التي تقتل كبرياءها وتضعها

في موضعها الصحيح ، كأن يقوم صاحبها بخدمة إخوانه الذين هم أدنى منه في

المرتبة ، أو أن يقوم بشراء طعامه من السوق ، وحمل أمتعته بنفسه ، على نحو

ما أثر عن كثير من السلف .

 

فقد روى عن عمر - رضى الله تعالى عنه - أنه لما قدم الشام عرضت له مخاضة ،

فنزل عن بعيره ونزع خفيه وخاض الماء ومعه بعيره ، فقال له أبو عبيدة عامر

بن الجراح : لقد صنعت اليوم صنعاً عظيماً عند أهل الأرض ، فصك صدره وقال :

أوَّه ، لو غيرك قال هذا يا أبا عبيدة ، إنكم كنتم أذل الناس وأحقر الناس

فأعزكم الله برسوله فمهما تطلبوا العز بغيره يذلكم الله ) .

 

وجاء في رواية أخرى أنه لما قدم الشام استقبله الناس ، وهو على بعيره ، فقيل له ، لو ركبت

برذوناً تلقى بع عظماء الناس ووجوههم ؟ فقال عمر - رضى الله تعالى عنه - لا

أراكم ههنا ، إنما الأمر من ههنا - و أشار بيده إلى السماء - خلوا سبيل

جملي ) .

 

 

 

10- محاسبة النفس أولاً بأول ، حتى يمكن الوقوف على العيوب وهي لا تزال في بداياتها فيسهل علاجها و الوقاية منها .

 

11- إدراك العواقب والآثار المترتبة على الإعجاب بالنفس ، فإنها ذات أثر فعال في علاج هذه الآفة و التحصن ضدها .

 

12- الاستعانة بالله - عز وجل - وذلك بواسطة الدعاء والاستغاثة و اللجوء

إليه ، أن يأخذ الله بيده ، وأن يطهره من هذه الآفة ، وأن يقيه شر الوقوع

فيها مرة أخرى ، إذ أن من استعان بالله أعانه الله ، وهداه لصراطه المستقيم

.

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

الإسراف

والآفة

السادسة التي تصيب بعض العاملين، ولا بد أن يتخلصوا منها، وأن يتحصنوا

ضدها، إنما هي الإسراف، ولكي يكون حديثنا عن إسراف العاملين واضحا محدد

المعالم، سنجعله يدور على النحو التالي:

 

 

أولا : معنى الإسراف

 

 

لـغــــة:

 

 

الإسراف في اللغة يطلق ويراد به :

 

أ - ما أنفق من غير طاعة.

 

ب - أو التبذير، ومجاوزة الحد .

 

 

اصطلاحا :

 

 

أما

في اصطلاح الدعاة: فيراد به مجاوزة حد الاعتدال في الطعام، والشراب،

واللباس، والسكنى، ونحو ذلك من الغرائز الكامنة في النفس البشرية.

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

ثانيا : أسباب الإسراف

 

 

وللإسراف أسباب وبواعث توقع فيه، وتؤدي إليه، ونذكر منها:

 

 

1- النشأة الأولى

 

 

فقد

يكون السبب في الإسراف إنّما هي النشأة الأولى، أي الحياة الأولى: ذلك أنّ

المسلم قد ينشأ في أسرة حالها الإسراف والبذخ، فما يكون منه سوى الاقتداء

والتأسي، إلا من رحم الله، على حد قول القائل:

 

 

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوّده أبوه

 

 

ولعلنا بهذا ندرك شيئا من أسرار دعوة الإسلام وتأكيده على ضرورة اتصاف الزوجين، والتزامهما بشرع الله وهديه:

 

{ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَىٰ مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ } (النور: 32).

 

{ولا

تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا

تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مُشرك ولو أعجبكم أولئك

يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه} ( البقرة: 221).

 

"تنكح المرأة لأربع. لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك" .

 

2 - السعة بعد الضيق

 

 

وقد

يكون الإسراف سببه السعة بعد الضيق، أو اليسر بعد العسر، ذلك أن كثيرا من

الناس قد يعيشون في ضيق أو حرمان أو شدة أو عسر، فإذا هم صابرون محتسبون،

بل وماضون في طريقهم إلى ربهم، وقد يحدث أن تتغير الموازين، وأن تتبدل

الأحوال، فتكون السعة بعد الضيق، أو اليسر بعد العسر، وحينئذ يصعب على هذا

الصنف من الناس التوسط أو الاعتدال، فينقلب على النقيض تماما فيكون الإسراف

أو التبذير.

 

ولعلنا بهذا ندرك بعض الأسرار التي من أجلها حذر الشارع الحكيم من الدنيا، وأوصى بأن يكون النيل منها بقدر.

 

يقول

النبي صلى الله عليه وسلم: " فأبشروا، وأمّلوا ما يسركم فوالله ما الفقر

أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان

قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم" .

 

"

إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا

الدنيا، واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء" .

 

3 - صحبة المسرفين

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هي صحبة المسرفين، ومخالطتهم، ذلك أن الإنسان

غالبا ما يتخلق بأخلاق صاحبه، وخليله، لا سيما إذا طالت هذه الصحبة، وكان

هذا الصاحب قوي الشخصية، شديد التأثير .

 

ولعلنا

بذلك ندرك السر في تأكيد الإسلام، وتشديده على ضرورة انتقاء الصاحب أو

الخليل، ولقد مرت بنا بعض النصوص الدالة على ذلك أثناء الكلام عن أسباب

الفتور.

 

4 - الغفلة عن زاد الطريق

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن زاد الطريق، ذلك أن الطريق

الموصلة إلى رضوان الله والجنة، ليست طريقا مفروشة بالحرير والورود

والرياحين، بل بالأشواك والدموع، والعرق والدماء والجماجم؟ وولوج هذه

الطريق لا يكون بالترف، والنعومة، والاسترخاء، وإنما بالرجولة والشدة، ذلك

هو زاد الطريق، والغفلة عن هذا الزاد توقع المسلم العامل في الإسراف.

ولعلنا بذلك ندرك سر حديث القرآن المتكرر المتنوع عن طبيعة الطريق:

 

{أم

حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمَّا يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مسّتهم

البأسـاء والضـراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله

ألا إن نصر الله قريب}، (البقرة: 214).

 

{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} (آل عمران:142)... إلى غير ذلك من الآيات.

 

5 - الزوجة والولد

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف، إنما هي الزوجة والولد، إذ قد يبتلى المسلم العامل

بزوج وولد، دأبهم وديدنهم الإسراف، وقد لا يكون حازما معهم، فيؤثرون عليه،

وبمرور الأيام، وطول المعاشرة، ينقلب مسرفا مع المسرفين.

 

ولعلنا

بذلك نفهم بعض الأسرار التي قصد إليها الإسلام حين أكد ضرورة انتقاء

واختيار الزوجة، وقد تقدمت بعض النصوص الدالة على ذلك قريبا، أثناء الحديث

عن السبب الأول، وحين أكد على ضرورة الاهتمام بتربية الولد والزوجة:

 

{يا

أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها

ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (التحريم: 6).

 

"

ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع، وهو

مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة

راعية على أهل بيت زوجها وولده، وهي مسؤولة عنهم..." الحديث .

 

6 - الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي أن تكون.

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن طبيعة الحياة الدنيا وما ينبغي

أن تكون، ذلك أن طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تثبت ولا تستقر على حال

واحدة، بل هي متقلبة متغيرة، تكون لك اليوم وعليك غدا، وصدق الله العظيم:

 

{وتلك الأيام نداولها بين الناس} ( آل عمران: 140).

 

والواجب

يقتضي أن نكون منها على وجل وحذر: نضع النعمة في موضعها، وندخر ما يفيض عن

حاجتنا الضرورية اليوم من مال، وصحة، ووقت إلى الغد أو بعبارة أخرى: ندخر

من يوم إقبالها ليوم إدبارها.

 

تلك هي طبيعة الحياة الدنيا، وهذا ما ينبغي أن يكون، والغفلة عن ذلك قد توقع في الإسراف.

 

7 - التهاون مع النفس.

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف التهاون مع النفس، ذلك أن النفس البشرية تنقاد

وتخضع، ويسلس قيادها بالشدة والحزم، وتتمرد وتتطلع إلى الشهوات، وتلح في

الانغماس فيها بالتهاون واللين، وعليه فإن المسلم العامل إذا تهاون مع

نفسه، ولبى كل مطالبها،أوقعته لا محالة في الإسراف.

 

ولعلنا بذلك نفهم السر في تأكيد الإسلام على ضرورة المجاهدة للنفس أولاً وقبل كل شيء.

 

{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} ( الرعد: 11).

 

{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دسّاها} ( الشمس: 9-10).

 

{والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} (العنكبوت: 69).

 

8 - الغفلة عن شدائد وأهوال يوم القيامة.

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن شدائد وأهوال يوم القيامة، ذلك

أن يوم القيامة يوم فيه من الشدائد والأهوال، ما ينعقد اللسان وتعجز

الكلمات عن الوصف والتصوير، وحسبنا ما جاء في كتاب الله - عز وجل -وسنة

النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا اليوم. ومن ظل متذكرا ذلك، متدبرا فيه،

قضى حياته غير ناعم بشيء في هذه الحياة الدنيا، أما من غفل عن ذلك، فانّه

يصاب بالإسراف والترف، بل ربما ما هو أبعد من ذلك .

 

ولعلنا بهذا ندرك شيئا من أسرار دوام خشيته صلى الله عليه وسلم لربه وقلة تنعمه، ونيله من الحياة الدنيا.

 

يقول صلى الله عليه وسلم: " لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا" .

 

وفي رواية أخرى: "... وما تلذذتم بالنساء على الفرش" .

 

 

9 - نسيان الواقع الذي تحياه البشرية عموما، والمسلمون على وجه الخصوص.

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هو نسيان الواقع الذي تحياه البشرية عموما،

والمسلمون على وجه الخصوص، ذلك أن البشرية اليوم تقف على حافة الهاوية،

ويوشك أن تتزلزل الأرض من تحتها فتسقط، أو تقع في تلك الهاوية، وحينئذ يكون

الهلاك أو الدمار، أما المسلمون فقد صاروا إلى حال من الذل والهوان يرثى

لها، ويتحسر عليها، ومن بقي مستحضرا هذا الواقع، وكان متبلد الحس، ميت

العاطفة، فإنه يمكن أن يصاب بالترف والإسراف، والركون إلى زهرة الدنيا

وزينتها.

 

ولعلنا بذلك ندرك شيئا من أسرار حزنه واهتمامه في بأمر البشرية قبل البعثة، وبعدها، حتى عاتبه ربه، ونهاه عن ذلك:

 

{فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا} (الكهف: 6).

 

{لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} ( الشعراء: 3).

 

{فلا تذهب نفسك عليهم حسرات} ( فاطر: 8).

 

 

10 - الغفلة عن الآثار المترتبة على الإسراف

 

 

وقد

يكون السبب في الإسراف إنما هي الغفلة عن الآثار المترتبة على الإسراف،

ذلك أن للإسراف آثارا ضارة، وعواقب مهلكة، على النحو الذي سنعرض له بعد

قليل.

 

ولقد

عرف من طبيعة الإنسان، أنه غالبا ما يفعل الشيء أو يتركه، إذا كان على ذكر

من آثاره وعواقبه، أما إذا غفل عن هذه الآثار فان سلوكه يختل، وأفعاله

تضطرب، فيقع أو يسقط فيما لا ينبغي، ويهمل أو يترك ما ينبغي.

 

وعليه فإن المسلم العامل إذا غفل عن الآثار المترتبة على الإسراف، يكون عرضة للوقوع في الإسراف.

 

ولعلنا بذلك نفهم السر في اهتمام الإسلام بذكر الحكم والمقاصد المنوطة بكثير من الأحكام والتشريعات.

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

 

 

ثالثًا: آثار الاسراف

 

هذا، وللإسراف آثار ضارة، وعواقب مهلكة، سواء على العاملين أو على العمل الإسلامي، وإليك طرفا من هذه الآثار:

أ - على العاملين

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

فمن آثاره على العاملين:

 

1- علة البدن

 

أي أن الأثر الأول الذي يتركه الإسراف: إنما يكمن في علة البدن، ذلك أن هذا البدن محكوم بطائفة من السنن والقوانين الإلهية، بحيث إذا تجاوزها الإنسان بالزيادة أو بالنقص، تطرقت إليه العلة، وحين تتطرق إليه العلة، فانّه يقعد بالمسلم عن القيام بالواجبات والمسئوليات الملقاة على عاتقه، أو المنوطة به.

 

............

 

 

2- قسوة القلب

 

والأثر الثاني الذي يترتب على الإسراف، إنّما هو قسوة القلب، ذلك أن هذا القلب يرق ويلين بالجوع، أو بقلة الغـذاء، ويقسو ويجمد بالشبع، أو بكثرة الغذاء، سنة الله، {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّـهِ تَحْوِيلًا} (فاطر: 43)، وحين يقسو القلب، أو يجمد، فانّ صاحبه ينقطع عن البر والطاعات، والويل كل الويل لمن كانت هذه حاله، {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ‌ اللَّـهِ} (الزمر: 22)، وحتى لو جاهد المسلم نفسه، وقام بالبر والطاعات فإنه لا يجد لها لذة ولا حلاوة، بل لا يجني من ورائها سوى النصب والتعب،"... ورب قائم حظه من قيامه السهر". (8)

 

............

 

3- خمول الفكر

 

والأثر الثالث الذي يترتب على الإسراف، إنما هو خمول الفكر، ذلك أن نشاط الفكر وخموله مرتبط بعدة عوامل، البطنة أحدها، فإذا خلت البطنة نشط الفكر، وإذا امتلأت اعتراه الخمول، حتى قالوا قديمًا: "إذا امتلأت البطنة نامت الفطنة".

ويوم أن يصاب الفكر بالخمول، يوم أن يحرم المسلم الفقه والحكمة، وحينئذ يفقد أخص الخصائص التي تميزه عن باقي المخلوقات.

 

............

 

4- تحريك دواعي الشر والإثم

 

والأثر الرابع الذي يخلفه الإسراف، إنما هو تحريك دواعي الشر والإثم، ذلك أن الإسراف يولد في النفس طاقة ضخمة، ووجود هذه الطاقة من شأنه أن يحرك الغرائز الساكنة أو الكامنة في هذه النفس، وحينئذ لا يؤمن على المسلم العامل الوقوع في الإثم والمعصية، إلا من رحم الله. ولعل ذلك هو السر في تأكيد الإسلام على الصوم لمن لم يكن قادرا على مؤن النكاح، إذ يقول صلى الله عليه وسلم "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فانّه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنّه له وجاء" . (9)

............

 

5 - الانهيار في ساعات المحن والشدائد

 

والأثر الخامس الذي يتركه الإسراف إنما هو الانهيار في ساعات المحن والشدائد، ذلك أن المسرف قضى حياته في الاسترخاء والترف، فلم يألف المحن والشدائد، ومثل هذا إذا وقع في شدة أو محنة، لا يلقى من الله أدنى عون أو تأييد، فيضعف وينهار، لأن الله عز وجل لا يعين ولا يؤيد، إلا من جاهد نفسه، وكان صادقا مخلصا في هذه المجاهدة {لَّقَدْ رَ‌ضِيَ اللَّـهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَ‌ةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ} (الفتح: 18).

 

............

 

 

6 - عدم الرعاية أو الاهتمام بالآخرين

 

والأثر السادس الذي يتركه الإسراف، إنما هو عدم الرعاية، أو الاهتمام بالآخرين، ذلك أن الإنسان لا يرعى الآخرين، ولا يهتم بهم غالبا، إلا إذا أضناه التعب، وغصته الحاجة، كما أثر عن يوسف صلى الله عليه وسلم: أنه لما صار على خزائن الأرض، ما كان يشبع أبدا، فلما سئل عن ذلك، قال: أخاف إن شبعت أن أنسى الجياع.

والمسرف مغمور بالنعمة من كل جانب، فأنى له أن يفكر أو يهتم بالآخرين.

............

 

7 - المساءلة غدا بين يدي الله

 

والأثر السابع المترتب على الإسراف، إنّما هي المساءلة غدا بين يدي الله كما قال سبحانه: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} (التكاثر: 8).

ومجرد الوقوف بين يدي الله للمساءلة والمناقشة عذاب، كما قال صلى الله عليه وسلم: "... من نوقش الحساب يوم القيامة عذب" . (10)

............

 

8 - الوقوع تحت وطأة الكسب الحرام.

 

والأثر الثامن الذي يتركه الإسراف، إنّما هو الوقوع تحت وطأة الكسب الحرام، ذلك أن المسرف قد تضيق به أو تنتهي موارده، فيضطرّ تلبية وحفاظا على حياة الترف والنعيم التي ألفها - إلى الوقوع - والعياذ بالله - في الكسب الحرام، وقد جاء في الحديث: " كل جسد نبت من سحت -أي من حرام - فالنار أولى به" . (11)

............

 

9 - أخوة الشياطين.

 

والأثر التاسع الذي يتركه الإسراف، إنما هي أخوة الشياطين كما قال سبحانه وتعالى:

{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشياطين وَكَانَ الشيطان لِرَبِّهِ كَفُورًا} (الإسراء : 27) وأخوة الشياطين تعني الصيرورة والانضمام إلى حزبهم، وإن ذلك لهو الخسران المبين والضلال البعيد {أَلا إِنَّ حِزْبَ الشيطان هم الْخَاسِرُونَ} (المجادلة: 19).

 

............

 

10 - الحرمان من محبة ال له.

 

والأثر العاشر الذي يتركه الإسرِاف، إنما هو الحرمان من محبة الله كما قال سبحانه: {إنَّهُ لا يحِبُّ الْمُسْرِفِين} (الأعراف: 31).

وماذا يصنع من حرم محبة الله؟ إنه يعيش في قلق واضطراب، وألم نفسي، وان أحاطت به الدنيا من كل جانب .

 

............

 

ب- على العمل الإسلامي

 

وأما آثاره على العمل الإسلامي فتنحصر في:

سهولة القضاء عليه، أو على الأقل تأخيره إلى الوراء عشرات السنين؟ نظرا لأن السلاح الوحيد الذي يواجه به المسلمون أعداء الله، ألا وهو الإيمان، إنّما يتأثر أشد ما يكون التأثير بالإسراف، والترف، والراحة، والنعيم.

تلك هي آثار الإسراف على العاملين، وعلى العمل الإسلامي... وقد مرّت بنا -أثناء الحديث عن أسباب الفتور- عدة نصوص من كتاب الله عز وجل وسنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرة السّلف، تتضمن إجمالا لكل هذه الآثار.

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

رابعًا : الطريق لعلاج الإسراف.

 

 

وما دامت هذه آثار وعواقب الإسراف، وتلك أسبابه وبواعثه، فإن طريق العلاج تتلخص في:

1 - التفكر في الآثار والعواقب المترتبة على الإسراف :

 

فإن ذلك من شأنه أن يحمل على تدارك الأمر، والتخلص من الإسراف، قبل فوات الأوان.

............

 

2 - الحزم مع النفس :

 

وذلك بفطمها عن شهواتها ومطالبها، وحملها على الأخذ بكل شاق وصعب من قيام ليل، إلى صوم تطوع، إلى صدقة، إلى مشي على الأقدام، إلى حمل للأثقال... ونحو ذلك.

............

 

3 - دوام النظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته :

 

فإنها مليئة بالتحذير من الإسراف، بل وبمجاهدة النفس والأهل، والعيش على الخشونة والتقشف، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن يأكل في معى واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء " . (12)

وفي رواية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضافه ضيف، وهو كافر، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة، فحلبت، فشرب حلابها، ثم أخرى فشربه، ثم أخرى فشربه، حتى شرب حلاب سبع شياه، ثم إنَه أصبح، فأسلم، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فشرب حلابها، ثم أمر بأخرى فلم يستتمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المؤمن يشرب في معيَ واحد، والكافر يشرب في سبعة أمعاء" . (13)

"ما ملأ آدميّ وعاء شرا من بطن، بحسب ابن اَدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه وثلث لنفسه" . (14)

وإذ تحكي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لعروة بن الزبير ابن أختها فتقول: إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار. فيقول لها عروة: ما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر والماء، إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار، كان لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله فيَ صلى الله عليه وسلم من ألبانهم، فيسقيناه . (15)

وإذ تقول أيضا: كان فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم، وحشوه من ليف ، (16) ما شبع اَل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام برّ، ثلاث ليال تباعا حتى قبض . (17)

بل كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: " اللهم ارزق آل محمد قوتا" . (18)

وإن المسلم العامل لدين الله حين يقف على ذلك، وعلى غيره، تتحرك مشاعره وتتأجج عواطفه، فيترسم خطاه صم ويسير على هديه اقتداء وتأسيا، وطمعا في معيته في الجنة :

{وَمَن يُطِعِ اللهَ والرسول فأولئك مَعَ الذينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النبيين والصديقين وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحين وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الفضل مِنَ اللَهِ وَكَفي بِالَلهِ عليما} ( النساء: 69-70).

 

............

 

4 - دوام النظر في سيرة سلف هذه الأمة، من الصحابة المجاهدين، والعلماء العاملين.

 

فقد اقتدى هؤلاء به صلى الله عليه وسلم، فكان عيشهم كفافا، ولا هم لهم من الدنيا إلا أنها معبر أو قنطرة توصّل للآخرة.

دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبد الله رضي الله عنهما فرأى عنده لحما، فقال: ما هذا اللحم؟ قال: اشتهيته، قال: وكلما اشتهيت شيئا أكلته؟ كفي بالمرء سرفا أن يأكل كل ما اشتهاه . (19)

وأتى سلمان الفارسي أبا بكر الصديق رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه فقال: أوصني يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: إن الله فاتح عليكم الدنيا، فلا يأخذن منها أحد إلا بلاغا . (20)

وكتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على الكوفة يستأذنه في بناء بيت يسكنه، فوقع في كتابه: ابْن ما يسترك من الشمس ويكنك من الغيث، فان الدنيا دار بلغة . (21)

وحكى ميمون أن رجلا من بني عبد الله بن عمر رضي الله عنه استكساه إزارا، قائلا : قد تخرق إزاري، فقال له عبد الله: اقطع إزارك ثم اكتسه. فكره الفتى ذلك، فقال له: ويحك، اتق الله، لا تكونن من القوم الذين يجعلون ما رزقهم الله تعالى في بطونهم، وعلى ظهورهم (22) ... إلى غير ذلك من الأخبار المودعة في بطون الكتب، والمنثورة هنا وهناك.

وإن المسلم العامل حين يقف على هذه الأخبار، يتحرك من داخله، فيتولد عنده حب السير على نفس المنهج، فتراه يطرح الترف والسّرف، ويعيش على الخشونة والتقشف، ليكون ناجيا مع الناجين.

 

............

 

5 - الانقطاع عن صحبة المسرفين مع الارتماء في أحضان ذوي الهمم العالية والنفوس الكبيرة

 

الذين طرحوا الدنيا وراء ظهورهم، وكرّسوا كل حياتهم من أجل استئناف حياة إسلامية كريمة، تصان فيها الدماء، والأموال، والأعراض، ويقام فيها حكم الله عز وجل في الأرض، غير مبالين بما أصابهم، ويصيبهم في ذات الله، فإن ذلك من شانه أن يقضي على مظاهر السّرف والدّعة والراحة، بل ويجنبنا الوقوع فيها مرة أخرى، لنكون ضمن قافلة المجاهدين، وفي موكب السائرين.

............

 

 

6 - الاهتمام ببناء شخصية الزوجة والولد

 

فإن ذلك من شأنه أن يقضي على كل مظاهر الترف، وأن يحول دون التورط فيها مرة أخرى، بل ويعين على سلوك طريق الجادة، حين تنقضي هذه الحياة بأشواكها، وآلامها، ونردّ إلى ربّنا، فنلقى حظنا هناك من الراحة والنعيم المقيم.

............

 

7 - دوام التفكر في الواقع الذي تحياه البشرية عموما، والمسلمون ن على وجه الخصوص:

 

فإنّ ذلك يساعد في التخلص من كل مظاهر الإسراف، بل ويحول دون التلذذ أو التنعم بشيء من هذه الحياة، حتى يمكن لمنهج الله، وترفع الراية الإسلامية من جديد.

............

 

8 - دوام التفكر في الموت، وما بعده من شدائد وأهوال:

 

فإن ذلك أيضا يعين على نبذ كل مظاهر الإسراف والترف، ويحول دون الوقوع فيها مرة أخرى، استعدادا لساعة الرحيل ويوم اللقاء.

............

 

9 - تذكر طبيعة الطريق، وما فيها من متاعب وآلام:

 

وأن زادها ما يكون بالإسراف، والاسترخاء، والترف، بل بالخشونة، والحزم، والتقشف، فان ذلك له دور كبير في علاج الإسراف، ومجاهدة النفس، والقدرة على اجتياز وتخطي المعوقات والعقبات.

_____________________________

 

(1) - انظر: القاموس المحيط 3/156، والمعجم اللوسيط 1/427، والصحاح في اللغة والعلوم ص 474 مادة : " سرف".

 

(2) - لحديث أخرجه البخاري فيي: الصحيح: كتاب النكاح، باب الأكفاء في الدين 7/9، ومسلم في : الصحيح: كتاب النكاح باب استحباب نكاح ذات الدين 2/1586 رقم (1466)، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ للبخاري

 

(3) - لحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب االرقاق: باب ما يحذر من زهرة الدنيا، والتنافس فيها 8/ 112، ومسلم في: الصحيح: كتاب الزهد والرقائق 4/2273، 2274 رقم (2961)، كلاهما من حديث عمرو بن عوف رضي الله عنه، واللفظ لمسلم.

 

(4) - الحديث أخرجه مسلم في: الصحيح: كتاب الذذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: باب أكثر أهل الجنة الفقراء 4/2098 رقم (2742) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

 

(5) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الأحكام، باب قول الله تعـالى: )أطيعوا الله وأطيعوا الرسـول وأولي الأمر منكم( 9/77، ومسلم في: الصحيح: كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل 3/1459 رقم (1829)، كلاهما من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، واللفظ للبخاري.

 

(6) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم" 8/127 من حديث أبي هريرة وأنس عنه صلى الله عليه وسلم به، والترمذي في: السنن: كتاب الزهد: باب ما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم" 4/482 رقم (1323) من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم به، وعقّب عليه بقوله: "هذا حديث صحيح".

 

(7) - أخرج هذه الرواية الترمذي في: السنن: كتتاب الزهد: باب ما جاء ني قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم، 4/482 رقم (2312) من حديث أبي ذرّ، وعقب عليه بقوله: "هذا حديث حسن غريب" .

 

(8) - هذه قطعة من حديث أورده الهيثمي في: مجممع الزوائد: كتاب الصيام: باب ربّ صائم حظه من صيامه الجوع 3/205، ثم عقب عليه بقوله: "رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون".

 

(9) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب النكاح: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من استطاع منكم البـاءة فليتزوج... إلخ "، وباب: من لم يستطع البـاءة فليصم 7/3، ومسلم في: الصحيح: كتاب النكـاح: باب استحباب النكـاح... إلخ 2/1018، 1019 رقم (1400)، كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا به، واللفظ لمسلم .

 

(10) - ذه قطعة من حديث أخرجه البخارري في: كتااب العلم: باب من سأل شيئا فراجع حتى يعرفه 1/37، وكتاب التفسير: سورة إذا السماء انشقت 6/208، ومسلم في: الصحيح: كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها: باب إثبات الحساب 4/2204 رقم (2876) كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا به، واللفظ لمسلم .

 

(11) - الحديث سبق تخريجه.

 

(12) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الأطعمة: باب المؤمن يأكل في مع واحد 7/92، 93، ومسلم في: الصحيح: كتاب الأشربة: باب المؤمن يأكل في معي واحد 3/1631، 1632 رقم (2060- 2062)، من حديث ابن عمر، وجابر، وأبي موسى رضي الله عنه مرفوعا، واللفظ له.

 

(13) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الأطعمة: باب المؤمن يأكل في معي واحد 7/ 93، ومسلم في: الصحيح: كتاب الأشربة: باب المؤمن يأكل في معي واحد 3/1632 رقم (2063)، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا، واللفظ لمسلم.

 

(14) - الحديث أخرجه الترمذي في: السنن: كتاب االزهد: باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل 4/509-510 رقم (2380) من حديث المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه مرفوعا به، وعقب عليه بقوله: "هذا حديث حسن صحيح".

 

(15) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 8/121، 122، ومسلم في: الصحيح: كتاب الزهد والرقائق 4/2283 رقم (2972)، كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها به واللفظ للبخاري.

 

(16) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 8/121، من حديث عائشة رضي الله عنها به .

 

(17) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 8/122، ومسلم في: الصحيح: كتاب الزهد والرقائق 4/2281 رقم (2970)، كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها به.

 

(18) - الحديث أخرجه البخاري في: الصحيح: كتاب الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه 8/122، ومسلم في: الصحيح: كتاب الزهد والرقائق 4/2281 رقم (1055)، كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه به، واللفظ للبخاري.

 

(19) - لأثر أورده الكاندهلوي في: حياة الصحابةة 2/284 - 285 قائلا: " وأخرج عبد الرزاق، وأحمد في الزهد، والعسكري في المواعظ، وابن عساكر عن الحسن، قال: دخل عمر على ابنه..." وساقه بتمامه.

 

(20) - لأثر أورده الكاندهلوي في: حياة الصحابةة 2/287 قائلاً: وعند الدينوري عن الحسن أن سلمان الفارسي أتى أبا بكر الصديق رضي الله عنه في مرضه الذي مات فيه فقال: أوصني...، وساقه بتمامه.

 

(21) - لأثر أورده الكاندهلوي في: حياة الصحابةة 2/286 قائلا: "وأخرج ابن أبي الدنيا والدينوري عن سفيان بن عيينة قال: كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على الكوفة يستأذنه في بناء بيت يسكنه..." وساقه بتمامه.

 

(22) - الأثر أورده الكاندهلوي في: حياة الصحاببة 2/288 قائلاً: " وأخرج أبو نعيم في: الحلية 1/301 عن ميمون أن رجلا من بني عبد الله بن عمر رضي الله عنه استكساه إزارا..." وساقه بتمامه .

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

name='مُقصرة دومًا' timestamp='1398803519' post='3978679']

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

 

الغيبة

 

والآفة السادسة عشرة التي يبتلى بها كثير من العاملين فضلاً عن عامة المسلمين، بل لا يكاد يسلم منها أحد إلا من رحم الله عز وجل، إنما هي: (الغيبة).

وحتى يتطهر منها من ابتلى بها، ويتقيها من عافاه الله - عز وجل - وسلمه من الوقوع في غوائلها، فإننا بعون الله وتوفيقه سنعرض لها من الجوانب التالية:

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

أولا : تعريف ومظاهر أو صور الغيبة :

 

لغة

 

الغيبة لغة: مشقة من الغيب الذي هو خلاف الشهادة، أو هو كل ما غاب عن الإنسان، سواء كان محصلاً في القلوب أم غير محصل، ومنه قوله - سبحانه -في صفة نفسه: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ‌ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْ‌تَضَىٰ مِن رَّ‌سُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَ‌صَدًا} (الجن: 26-27)، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ( التغابن: 18)، وعليه فالغيبة في اللغة، هي ذكر الغير في غيابه سواء أكان ذلك بما يرضى أم بما لا يرضى، وسواء أكان ذلك بالخير أم بالشر . (1)

 

اصطلاحا :

 

أما ماهية الغيبة في المصطلح الشرعي فتدور حول ذكر المسلم أخاه المسلم في غيابه بما فيه مما يسوءه، ويكرهه، يستوي في ذلك اللفظ والكتابة، التصريح والتلويح . (2)

جاء في الحديث أنه في صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوما: "أتدرون ما الغيبة؟ "قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "ذكرك أخاك بما يكره" قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" . (3)

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

 

ومظاهر أو صور الغيبة كثيرة منها :

 

1 - العيوب البدنية كقولك عن المسلم: أعمى، أعرج، أعمش، أقرع، قصير، طويل، أسود، أصفر، كبير البطن كالحبر السمين... وهكذا.

2 - العيوب الدينية كقولك عن المسلم: فاسق، فاجر، سارق، خائن، ظالم، متهاون بالصلاة، متساهل في النجاسات، ليس بارا بوالديه، لا يضع الزكاة مواضعها، لا يجتنب الغيبة... وهكذا.

3 - العيوب الدنيوية كقولك عن المسلم: قليل الأدب، يتهاون بالناس، لا يرى لأحد عليه حقا، كثير الكلام، كثير الأكل أو النوم، ينام في غير وقته، يجلس في غير موضعه... وهكذا.

4 - العيوب المتعلقة بأسرته كقولك عن المسلم: أبوه فاسق، أو هندي، أو نبطي، أو زنجي، إسكافي، بزاز، نحا س، نجار، حداد، حائك... وهكذا.

5 - العيوب الخلقية للمغتاب، كقولك عنه: سيئ الخلق، متكبر، مراء، عجول، جبار، عاجز، ضعيف القلب، متهور، عبوس، خليع... وهكذا.

6 - العيوب باللباس والهيئة كقولك عن المغتاب: واسع الكم، طويل الذيل، وسخ الثياب... وهكذا.

7 - محاكاة المغتاب في مشيه وحركته وحديثه مثل : المشي متعرجاً، أو مطأطئ الرأس، أو مصعرا الخد، ونسبة ذلك إلى المغتاب.. . وهكذا.

8 - غيبة المتفقهين والمتعبدين، كأن يقول أحدهم عن آخر: كيف حال فلان، الله يصلحه، الله يغفر لنا، الله يصلحنا، نسأل الله العافية، نحمد الله الذي لم يبتلنا بالدخول على الظلمة، نعوذ بالله من الشر، الله يعافينا من قلة الحياء، الله يتوب علينا، وما أشبه ذلك من كل ما يفهم منه التنقص، والازدراء... وهكذا.

9 - سوء الظن بغير دليل ولا برهان فإنه غيبة بالقلب، وقد أفردنا الحديث عن هذا المظهر، أو هذه الصورة على أنها آفة قائمة بذاتها وفصلنا القول في ذلك فليراجع في موضعه.

10 - سماع المغتابين، وعدم زجرهم والإنكار عليهم، أو عدم مقاطعة مجلسهم... وهكذا . (4)

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

 

ثانيًا: الغيبة في ميزان الإسلام:

 

والغيبة في ميزان الإسلام حرام بإجماع المسلمين، للدلائل الواضحة الصريحة المنصوص عليها في الكتاب والسنة إذ يقول الله عز وجل: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله توّاب رحيم } ( الحجرات: 12).

وإذ يقول صلى الله عليه وسلم وقد مر بقبرين فقال: "إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير"، قال: "بلى إنه كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله " ، (5) ويقول في خطبة يوم النحر بمنى في حجة الوداع: ".. إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، ألا هل بلغت" ، (6) "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم" ، (7) "إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق" ، (8) "المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام عرضه، وماله، ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" . (9)

ويقول صلى الله عليه وسلم لعائشة، وقد قالت عن صفية حسبك من صفية كذا وكذا، يقول لها: "لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته" . (10)

إلى غير ذلك من النصوص الواضحة الدلالة في ذم الغيبة، وتحريمها، وإن كان الحديث الأخير - كما يقول الإمام النووي رحمه الله: (من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها، وما أعلم شيئا من الأحاديث يبلغ في الذم لها هذا المبلغ" . (11)

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

ومع حرمة الغيبة على النحو الذي ذكرنا فإنها تباح في أحوال ولأسباب هي:

 

1- التظلم :

 

فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان، والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة على إنصافه من ظالمه، فيذكر أن: فلانا ظلمني وفعل بي كذا، وأخذ منى كذا، ونحو ذلك . وأطلب منك إنصافي ورد مظلمتي، إذ يقول سبحانه : {لَّا يُحِبُّ اللَّـهُ الْجَهْرَ‌ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّـهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (النساء: 148).

............

 

2 - الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب :

 

فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر: فلان يعمل كذا فازجره عنه، ونحو ذلك، ويكون مقصوده التوسل إلى إزالة المنكر فإن قصد غير ذلك كان مغتابا، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" . (12)

ومن التغيير باللسان الاستعانة بذوي القدرة على إزالة هذا المنكر .

............

 

 

3 - الاستفتاء :

بأن يقول للمفتي: ظلمني أبي، أو أخي أو فلان بكذا فهل له ذلك، أم لا؟ وما طريقي في الخلاص منه، وتحصيل حقي ودفع الظلم عني، ونحو ذلك؟ وكذلك قوله: زوجتي تفعل معي كذا أو زوجي يفعل كذا، ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة، والأحوط أن ينسب ذلك إلى غيره بصفته لا باسمه، بأن يقول: ما تقول في رجل كان من أمره كذا، أو في زوج أو زوجة تفعل كذا ونحو ذلك، فإنه يحصل به الغرض من غير تعيين، ومع هذا فالتعيين جائز ولا يضر ما دام بهذا المقصد، أو بهذه النية.

جاء في حديث هند بنت عتبة أم معاوية وامرأة أبي سفيان في رضي الله عنها قولها للنبي صلى الله عليه وسلم وقد أخذ عليها العهد مع من أخذ يوم فتح مكة حين أسلمت ألا تسرق، فقالت: يا رسول الله: إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني وبني إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فهل علي في ذلك جناح؟ فقال: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" . (13)

\\............

 

 

4 - تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم :

 

وذلك من وجوه :

منها: جرح المجروحين من الرواة للحديث، وكذلك الشهود، وذلك جائز بإجماع المسلمين، بل واجب للحاجة، فقد استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ائذنوا له، بئس أخو العشيرة" ، (14) وقال صلى الله عليه وسلم في رجلين من المنافقين: "ما أظن فلانا، وفلانا يعرفان من ديننا شيئاً" . (15)

ومنها: أنه إذا استشارك إنسان في مصاهرته، أو مشاركته أو إيداعه أو الإيداع عنده، أو معاملته بغير ذلك، وجب عليك أن تذكر له ما تعلمه منه على جهة النصيحة فان حصل الغرض بمجرد قولك: لا تصلح لك معاملته أو مصاهرته، أو لا تفعل هذا، أو نحو ذلك لم تجزئه الزيادة بذكر المساوئ، وإن لم يحصل الغرض إلا بالتصريح بعينه وجب ذكره بصريحه.

جاء في حديث فاطمة بنت قيس أنها جاءت تستشير رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجلين خطباها، هما: معاوية، وأبو الجهم فقال صلى الله عليه وسلم : " أما معاوية فصعلوك، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه" . (16)

ومنها: أنه إذا رأيت من يشتري عبدا معروفا بالسرقة، أو الزنا، أو الشرب أو غيرها فعليك أن تبين ذلك للمشتري إن لم يكن عالما به، ولا يختص بذلك بل كل من علم بالسلعة المبيعة عيبا وجب عليه بيانه للمشتري إذا لم يعلمه.

ومنها: إذا رأيت متفقها يتردد إلى مبتدع أو فاسق يأخذ عنه العلم، وخفت أن يتضرر المتفقه بذلك، فعليك نصيحته ببيان حاله، بشرط أن يكون القصد النصيحة، مجردة عن أي حظ من حظوظ النفس.

ومنها: أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها، إما بألا يكون صالحا لها، وإما بان يكون فاسقا أو مغفلا ونحو ذلك، فيجب ذكر هذا لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ويولي من يصلح، أو يعلم ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله، ولا يغتر به، وأن يسعف في حثه على الاستقامة أو خلعه واستبداله بمن يصلح، وجماع ذلك كله قوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة " قلنا: لمن؟ قال: "لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم" . (17)

ولا جرم أن نشير هنا إلى أنه ليس من هذا الباب: جرح الثقات المجاهدين من العلماء، والدعاة المصلحين الذين باعوا أنفسهم وما يملكون لله عز وجل، وتعرضوا في سبيل ذلك لأصناف شتى من المحن والابتلاءات حتى كان منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، من أمثال الشيخ محمد بن عبد الوهاب داعية التوحيد في هذا العصر، ومن أمثال الشيخ حسن البنا مجدد الإسلام في القرن الرابع عشر، ومن أمثال الشيخ سيد قطب الذي تحولت كلماته التي قالها في ظلال القرآن الكريم بعد أن مات في سبيلها إلى أحرف من نور، تضيء للسالكين الطريق، وتحملهم على التضحية، بالنفس والنفيس، الغالي والرخيص وغيرهم، ليس ذلك كله من هذا الباب بدعوى أنهم منافقون، أو مبتدعون، أو ذيول وأذناب للمستعمرين، إذ المنافق والمتبدع أو الذنب لا يقدم رقبته للموت، أو على الأقل لا يظل ماضيا في الطريق وإن لحقه من العنت والأذى ما لحقه، وتجريح هؤلاء فضلا عن أنه غيبة، فهو إما حسد وإما تلبيس وتخييل من الشيطان، وإما ضيق أفق وبله وغباء، وإما عمالة وخسة ونذالة.

............

 

5 - أن يكون مجاهرًا بفسقه أو بدعته،

كالمجاهر بشرب الخمر أو مصادرة الناس وأخذ المكس وجباية الأموال ظلما وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما قدمنا آنفا.

إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره الله، ويصبح يكشف ستر الله عنه " . (18)

 

............

 

6 - التعريف :

فإذا كان الإنسان معروفا بلقب مذموم، كالأعمش والأعرج، والأصم، والأعمى، والأحول، والأفطس، وغيرهم، جاز تعريفه بذلك بغية التعريف، ويحرم إطلاقه على جهة النقض، ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى، وإذا أمكن التعريف بلقب واحد، من الألقاب المذمومة، فإن الزيادة على هذا اللقب تعد غيبة وهي حرام.

إذ قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمة، فقال رجل من الأنصار: والله ما أراد محمد بهذا وجه الله تعالى، فأتى ابن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فتغير وجهه وقال: "رحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر " ، (19)

يقول ابن مسعود: فقلت: لا أرفع إليه بعد هذا حديثا.

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس فيه شدة، فقال عبد الله بن أبي بن سلول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أبي وذكر الحديث، فأنكر وكذب زيد بن أرقم، وأنزل الله تصديق زيد بن أرقم في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَ‌سُولُ اللَّـهِ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَ‌سُولُهُ وَاللَّـهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (المنافقون:1) . (20)

 

............

 

ثالثًا: أسباب الوقوع في الغيبة

 

وهناك أسباب كثيرة وبواعث عدة تدفع إلى الوقوع في الغيبة وأهم هذه الأسباب وتلك البواعث:

 

1 - عدم التثبت أو التبين :

 

ذلك أن الحكم على الأمور والأشخاص بالسوء دون طلب للدليل وفحص له والتأكد من صحته، والموازنة بينه وبين الظروف المحيطة والواقع المعاش - وهو ما يعرف بعدم التثبت أو التبين - قد يكون من بين الأسباب أو البواعث التي تدفع بالمسلم إلى أن يقع في الغيبة، وصدق الله إذ يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}(الحجرات: 6).

 

2 - الغضب :

 

وقد يكون الغضب من بين الأسباب أو البواعث التي تدفع إلى الوقوع في الغيبة، ذلك أن الإنسان إذا غضب من إنسان وهيج هذا الغضب، ولم يكن هناك وازع من دين أو خلق فإن لسانه يسبق إلى غيبة هذا الإنسان من باب التشفي وإراحة النفس.

وأحيانا يمتنع الإنسان من التشفي وإراحة النفس عند الغضب لسبب أو لآخر، فيحتقن الغضب في الباطن فيصير حقدا ثابتا كامنا في النفس، الأمر الذي يؤدي إلى ذكر العيوب والمساوئ، وهذه هي الغيبة بعينها.

ولعل هذا من بين الأسرار التي من أجلها دعا الإسلام إلى كظم الغيظ ومقاومة الغضب، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: " من كتم عيظا وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين، يزوجه منها ما شاء" . (21)

 

3 - البيئة ا لمحيطة قريبة كانت أو بعيدة :

وقد تكون البيئة المحيطة قريبة كانت - ونعني بها البيت - أو بعيدة - ونعني بها مجتمع الأصدقاء - هي السبب في الوقوع في الغيبة، ذلك أن الإنسان شديد التأثر ببيئته، ولا سيما إذا كان في مرحلة الإعداد والبناء .

وعليه فإذا وجد في بيئة لا ترعى للغائب حقه ولا حرمته فإنه يحاكيها، بل ربما وسوس له الشيطان وسولت له نفسه أن الإنكار على هذه البيئة أو قطع هذا المجلس قد يؤدي إلى استثقاله والنفور منه فيجاري، ويرى ذلك من حسن المعاشرة وتمام المجاملة، وأبعد من ذلك غضبه لغضب رفاقه، والخوض في ذكر معايب ومساوئ الغائبين إظهارا للمشاركة والمساهمة في السراء والضراء .

 

4- الحسد :

 

ذلك أن الإنسان قد يحسد من يثني الناس عليه ويجلونه ويكرمونه، متمنيا زوال نعمته، ولا يجد سبيلا لتحقيق هذه الأمنية إلا بالطعن فيه والنيل منه حتى تسقط منزلته ومكانته عند الناس وهذه هي الغيبة المحظورة أو المحرمة .

ولعل هذا من الأسرار التي من أجلها نهى الإسلام عن الحسد، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: " لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا " ، (22) " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" . (23)

 

5 - الإعجاب بالنفس حد الغرور والتكبر :

 

ذلك أن الإنسان قد تعجبه نفسه إلى حد الغرور والتكبر، فيحاول وصفها بالرفعة وعلو المنزلة والمكانة على حساب غيره، فيتناول هذا الغير بالانتقاص والطعن فيقول : فلان جاهل وفهمه ركيك، وكلامه هزيل أو ضعيف لا يحسن أن يبين به عما في نفسه -كما قال هذا الطاغية الجبار فرعون عن موسى عليه السلام وقصده بذلك أن يرفع من قدر نفسه : {أَمْ أَنَا خَيْرٌ‌ مِّنْ هَـذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ . فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَ‌ةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِ‌نِين} (الزخرف:52-53).

 

6 - محاولة تبرئة النفس من التهمة والعيب :

 

وذلك أن الإنسان قد توجه إليه بعض التهم وتلصق به بعض العيوب ويحاول أن يبرئ نفسه من هذه وتلك، فيخطئ السبيل، وبدل أن يثبت عكس التهمة بسلوكه الحميد، وخلقه الطيب أو عن طريق الشهود الثقات الأثبات، يلجأ إلى الطعن والنيل ممن اتهمه وعابه وهذه هي الغيبة المحرمة.

وصلى الله وسلم وعظم وبارك على الأنبياء والمرسلين وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، إذ كانت توجه إليهم الطعون وتلصق بهم التهم، فكانوا يصبرون ويحتسبون ويمضون في طريقهم إلى نهايتها، مفوضين الأمر كله لله قائلين: "حسبنا الله ونعم الوكيل" وقد اقتدى بهم أتباعهم في كل عصر ومصر ومن كل جيل وقبيل، وشغلوا أنفسهم بالله وطاعته عن الطعن والنيل من خصومهم وأعدائهم، ويوم القيامة سيكون فوزهم وربحهم وخسارة أعدائهم وخصومهم بسبب ما كانوا يصنعون كما قال سبحانه: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ . إِنَّهُ كَانَ فَرِ‌يقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَ‌بَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ‌ لَنَا وَارْ‌حَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ‌ الرَّ‌احِمِينَ .فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِ‌يًّا حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِ‌ي وَكُنتُم مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ .إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُ‌وا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ} (المؤمنون:108-111 ) .

 

7 - استشعار الطعن من الآخرين :

 

وقد يستشعر المسلم أن الآخرين سيتوجهون إليه بالطعن والعيب، فيحاول أن يبادرهم قبل أن يبادروه وأن يبادئهم قبل أن يبادئوه، فيقبح من حالهم أو يذكر بعض ما فيهم من خير، ويتخذه سبيلا للطعن فيهم والنيل منهم فيقول: ليس من عاداتي الكذب وقد أخبرتكم بكذا وكذا من أحوالهم فكان كما قلت، ويبني على ذلك ما يريد من الطعن فيهم والنيل منهم ولا سيما في غيابهم، فيقع في آفة الغيبة المحظورة أو المحرمة.

 

8 - المزاح أو التفكه :

 

وقد يذكر المرء عيوب الآخرين ولا سيما في غيابهم، من باب المزاح والتفكه ومحاولة تضييع الوقت وإضحاك الآخرين، ناسياً أنه بذلك يأكل لحوم الناس، وناسياً حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفاً في النار " . (24)

 

9 - عدم الدقة في التعبير وتصوير المراد :

 

ذلك أن المسلم قد يرى من آخر ثباتا في حق أو صبرا على بلاء، في أهل، ومال، وولد، وعشيرة، فيتعجب من صنيعه هذا أو يشفق عليه، ويغضب فيه لله، ويحاول أن يعبر عن ذلك وأن يصوره، فلا يوفق، إذ بدل أن يذكره بصفته، يذكره باسمه، ويعيب عليه أنه كان ينبغي أن يصنع كذا وكذا، وما درى ظروفه أو الملابسات التي أحاطت به، فيكون له بذلك مغتابا.

وقد جاء في الحديث: أن رجلا مر على قوم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم، فردوا عليه السلام، فلما جاوزهم قال رجل منهم: إني لأبغض هذا في الله تعالى، فقال أهل المجلس: لبئس ما قلت، والله لننبئنه، ثم قالوا: يا فلان - لرجل منهم - قم فأدركه فأخبره بما قال: فأدركه رسولهم، فأخبره، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحكى له ما قال، وسأله أن يدعوه له، فدعاه وسأله، فقال: قد قلت ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم تبغضه؟"، فقال: أنا جاره وأنا به خابر، والله ما رأيته يصلي صلاة قط، إلا هذه المكتوبة، قال: فاسأله يا رسول الله: هل رآني أخرتها عن وقتها، أو أسأت الوضوء لها أو الركوع أو السجود فيها؟ فسأله، فقال: لا. فقال: والله ما رأيته يصوم شهرا قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البر والفاجر، قال: فاسأله يا رسول الله: هل رآني قط أفطرت أو نقصت من حقه شيئا؟ فسأله عنه، فقال: لا، فقال: والله ما رأيته يعطي سائلا، ولا مسكينا قط ولا رأيته ينفق شيئاً من ماله في سبيل الله، إلا هذه الزكاة التي يؤديها البر والفاجر، قال: فاسأله: هل رآني نقصت منها أو ماكست فيها طالبها الذي يسألها؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: "قم فلعله خير منك" . (25)

 

10 - العمل الحساب أفراد أو جهات مشبوهة :

وقد يكون العمل لحساب أفراد أو جهات مشبوهة معروفة بالحقد على الإسلام وأهله، طمعا في عرض زائل من أعراض هذه الحياة الدنيا، هو السبب في الوقوع في آفة الغيبة، على النحو الذي نشهده الآن من الطعن في أبناء الحركة الإسلامية، ومحاولة إلصاق التهم والعيوب بهم، لا لشيء إلا لأنهم باعوا أنفسهم، وما تملك هذه النفوس لله عز وجل، وممن؟ من أناس ذوي لحى، وعمائم، وسواك، وثياب قصار وقد أرخوا ذوائبهم من وراء ظهورهم، واعتلوا المنابر، وتصدروا للفتوى، إنه لا تبرير لذلك سوى العمالة، سواء أكانوا يقصدون أم لا يقصدون، إذ لا يستفيد من مثل هذا الطعن وذلك النيل والعيب إلا أعداء الله.

 

11 - عدم قيام الأمة بواجبها نحو المغتابين :

 

وقد يكون عدم قيام الأمة بواجبها - حكاما أو محكومين - نحو المغتابين، من الأسباب إلى تفتح الطريق أمام هذه الآفة حتى تشيع وتنتشر في الناس.

ذلك أن واجب الأمة نحو المغتابين يقضي:

أ - بعدم السماع أو الاستحسان لما يصدر عن هؤلاء المغتابين.

ب - وزجر أولئك وتخويفهم من عقاب الله في الدنيا والآخرة.

ج - ومقاطعة مجالسهم، والإعراض التام عنهم، وإلا فالإنكار، والبغض القلبي .

د - ثم دعوتهم إلى أن يشتغلوا بعيوبهم عن عيوب الناس "طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس".

وما لم يرع هذا الواجب يكون الوقوع في آفة الغيبة.

 

12 - سلوكيات أو تصرفات الآخرين الغير محسوبة، ولا سيما إذا كان هؤلاء من ذوي الأسوة والقدوة .

 

وقد تكون سلوكيات أو تصرفات الآخرين الغير محسوبة من بين الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في الغيبة.

ولعل هذا من بين الأسباب التي من أجلها دعا الإسلام إلى ترك المعاصي وإن كانت صغيرة، واتقاء الشبهات، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه"، وضرب صلى الله عليه وسلم لهن مثلاً: "كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود، والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سوادا، فأججوا نارا، وأنضجوا ما قذفوا فيها" ، (26) "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ، (27) " الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات، لا يعلمها كثير من الناس، فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه، وعرضه، ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا إن حمى الله في أرضه محارمه" . (28)

وحين يبتلى المسلم بشيء من المعاصي أو الشبهات، فإن عليه أن يستتر فلا يعلن أو يجاهر، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا، وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه" . (29)

 

13 - عدم تقدير العواقب المترتبة على الغيبة:

 

وأخيرا قد يكون عدم تقدير العواقب المترتبة على الغيبة هو السبب في الوقوع في آفة الغيبة، إذ الإنسان -كما قدمنا في سائر الآفات التي مضت -إذا نسي عواقب الشيء الضارة، وآثاره المهلكة تجرأ عليه، وواقعه، بل ربما لا يستطيع الانفكاك والتحول عنه.

وإلى هذا أشار رب العزة في قوله سبحانه: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىآدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (طه:115)، {إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} (ص:26).

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاك الله حبيبتي

أمراض خطيرة وكثيرة متفشية في مجتمعاتنا

لا يستطيع أحد منا أن يشفيها

إلا الله سبحانه وتعالى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png

 

 

 

رابعًا: آثار الغيبة:

 

وللغيبة آثار ضارة، وعواقب مهلكة، سواء أكان ذلك على العاملين، أم على العمل الإسلامي، ودونك طرفا من هذه الآثار، وتلك العواقب.

 

أ - على العاملين:

 

فمن آثار الغيبة الضارة، وعواقبها المهلكة على العاملين:

 

1 - قسوة القلب :

 

ذلك أن المغتاب كثير الكلام بغير ذكر الله، لأنه وقّاع في أعراض الناس، أكال للحومهم، ومن كثر كلامه بغير ذكر الله قسا قلبه، فلم يوفق لخير أبدا، وإن وفق فإنما هو توفيق الجوارح، لا توفيق القلوب، ولهؤلاء من ربهم الويل كل الويل كما قال سبحانه: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ‌ اللَّـهِ ۚ أُولَـٰئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِين} ( الزمر: 22 ).

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

2 - التعرض لسخط الله وغضبه :

 

وذلك أن المغتاب قد تطاول بهذه الغيبة على حدود الله، وأتى منكرا من القول وزورا، والتطاول على حدود الله، وإتيان المنكر من القول والزور مما يعرض لغضب الله، وسخطه كما جاء في حديث أبي هريرة، عنه رضي الله عنه أنه قال: "وان العبد يتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم" . (30)

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

 

3 - العذاب الشديد ولا سيما في القبر:

 

وذلك أن المغتاب يضيع حسناته إن كانت له حسنات بل تتكاثر عليه السيئات، الأمر الذي يعرضه للعذاب الشديد ولا سيما في القبر، وأقل شيء في هذا العذاب تشويه الوجه، فقد مر صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بين الناس بالغيبة والنميمة" . (31)

وقال لأصحابه: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته، قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار" . (32)

وقال صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم" . (33)

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

4 - عدم القدرة على القيام بالواجبات :

 

وذلك أن المغتاب يبدّد طاقاته في أكل لحوم الناس، وإذا بددت طاقات الإنسان عجز عن القيام بالمهام المنوطة، والواجبات المفروضة.

ولعل هذا من بين الأسرار التي من أجلها دعا الإسلام إلى الصبر وكظم الغيظ، فقال سبحــانه: {وَلَئِن صَبَرْ‌تُمْ لَهُوَ خَيْرٌ‌ لِّلصَّابِرِ‌ينَ} (النحل:126)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ‌ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِ‌ينَ} (البقرة: 153)، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُ‌وا وَصَابِرُ‌وا} ( آل عمـران: 200)، {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} ( آل عمران: 134).

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

5 - الجبن :

 

وذلك أن الغيبة في حدّ ذاتها مظهر من مظاهر الجبن، وإلا لواجه المغتاب أخاه بعيبه، ونصحه بالحكمة والموعظة الحسنة، وبمرور الوقت تثمر الغيبة آفة الجبن، والضعف، وعدم القدرة على المواجهة، الأمر الذي يؤدي إلى انتفاش الباطل وانتفاخه وتحول الأرض إلى جورة من الشر والفساد، كما قال سبحانه: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ‌ فِيهَا اسْمُ اللَّـهِ كَثِيرً‌ا} ( الحج: 40)، {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّـهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْ‌ضُ} ( البقرة: 251).

 

ب - على العمل الإسلامي،

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

وأما آثار الغيبة الضارة وعواقبها المهلكة على العاملين فإنها تتلخص في:

 

1 - الفرقة والتمزق :

 

الأمر الذي يؤدي إلى شيوع الشر والفساد وطول الطريق، وكثرة التكاليف وتمكن العدو من رقابنا، ذلك أن الغيبة تؤدي إلى قول الزور، وقول الزور يؤدي إلى البهتان، والبهتان يؤدي إلى الخصومة، ثم التدابر والقطيعة، أو الفرقة.

ولعل هذا هو ما عناه سهل بن عبد الله حين قال: من أراد أن يسلم من الغيبة، فليسد على نفسه باب الظنون، فمن سلم من الظن سلم من التجسس، ومن سلم من التجسس سلم من الغيبة، ومن سلم من الغيبة سلم من الزور، ومن سلم من الزور سلم من البهتان" . (34)

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

2 - فتح الطريق أمام الناشئة والبسطاء من الناس للوقوع في هذه الآفة :

 

ذلك أن الناشئة والبسطاء من الناس فيهم حب الاقتداء والتأسي، أو على الأقل المحاكاة أو التشبه، فإذا كان الجو الذي يحيط بهم ملوثا بالغيبة، وليس لديهم حصانة أو رصيد يقوم على مراقبة الله والخوف منه، فإنهم لا محالة سيشاركون، إما اقتداءً وتأسياً، وإما محاكاة ومشابهة، وكأننا بذلك نفتح المجال أمامهم لتدنس نفوسهم، وتفسد قلوبهم، وحينئذ يكون البوار والخسران المبين.

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

 

خامسًا: علاج الغيبة:

 

وما دمنا قد وقفنا على أسباب الوقوع في الغيبة، وأدركنا آثارها الضارة، وعواقبها المهلكة، فقد صار من السهل علينا رسم طريق العلاج، بل الوقاية من هذه الآفة، وتتلخص في:

1 - تربية ملكة تقوى الله، ومراقبته في النفس، وإن هذه الملكة إن نبتت، ورسخت في النفس تحمي صاحبها من أكل لحوم الناس، بل قد تدفعه أن يصون أعراض الآخرين من أن تنتهك في مجلسه وهو ساكت لا يفعل شيئاً، ولعل هذا الدواء هو الوارد في ذيل آية تحريم الغيبة في سورة الحجرات، إذ ختمت الآية بقوله سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ تَوَّابٌ رَّ‌حِيمٌ} ( الحجرات: 12).

 

............

 

 

2 - أن يضع المسلم في حسابه أن كل ما يتفوه به مكتوب ومحسوب عليه، إذ يقول سبحانه: {مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَ‌قِيبٌ عَتِيدٌ} ( ق: 18).

ولأن تحسب له كلماته التي يتفوه بها، خير من أن تحسب عليه.

............

 

3 - التثبت أو التبين في الحكم على الأشياء والأشخاص بل وفي نقل هذا الحكم، وإشاعته بين الناس حفاظا على أعراض الناس، وإبقاءً على رابطة الأخوة، إذ يقول سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} ( الحجرات:6).

............

 

4 - كظم الغيظ، ومقاومة الغضب على اعتبار أن الغضب من أسباب الوقوع في الغيبة كما قدمنا، يقول سبحانه : {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين} (آل عمران:134)، {وَلَمَن صَبَرَ‌ وَغَفَرَ‌ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ‌} ( الشورى:34). ويقول صلى الله عليه وسلم: "من كتم غيظا، وهو قادر على أن ينفذه، دعاه الله على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من الحور العين، يزوجه منها ما شاء" . (35)

 

............

 

5 - العمل على سلامة البيئة قريبة كانت أو بعيدة من مثل هذه الآفة، حتى لا يكون هناك مجال للاقتداء أو للمحاكاة بما هو ضار وموبق في الحياتين جميعا: الدنيا والآخرة.

............

 

6 - التبصير بالسبيل الصحيحة لتبرئة النفس من التهم أو الطعون الموجهة إليها، بأن يواجه المسلم التهم أو الطعون الموجهة إليه بالسلوك الحميد، والخلق الطيب، أو بواسطة الشهود الثقات الأثبات، دون لجوء إلى غيبة من اتهمه وطعن فيه.

............

 

7 - دعوة ذوي الأسوة والقدوة أن تكون تصرفاتهم دقيقة ومحسوبة، وإلا اقتدى بهم الآخرون، وكانت شرور ومفاسد لا يعلم عقباها إلا الله عز وجل.

وإليك ما نبه إليه الإمام النووي - رحمه الله - في هذا الأمر، إذ يقول: اعلم أنه يستحب للعالم، والمعلم، والقاضي، والمفتي، والشيخ المربي، وغيرهم ممن يقتدي به، ويؤخذ عنه: أن يجتنب الأفعال، والأقوال، والتصرفات التي ظاهرها خلاف الصواب وان كان محقا فيها ؛ لأنه إذا فعل ذلك ترتب عليه مفاسد من جملتها: توهم كثير ممن يعلم ذلك منه أن هذا جائز على ظاهره بكل حال، وأن يبقى ذلك شرعاً، وأمرا معمولا به أبدا، ومنها: وقوع الناس فيه بالتنقص، واعتقادهم نقصه وإطلاق ألسنتهم بذلك، ومنها: أن الناس يسيئون الظن به، فينفرون عنه، وينفرون غيرهم عن أخذ العلم عنه، وتسقط رواياته، وشهادته، ويبطل العمل بفتواه ويذهب ركون النفوس إلى ما يقوله من العلوم، وهذه مفاسد ظاهرة، فينبغي له اجتناب أفرادها، فكيف بمجموعها ؟ فإن احتاج إلى شيء من ذلك، وكان محقا في نفس الأمر لم يظهره، فإن أظهره أو ظهر أو رأى المصلحة في إظهاره ليعلم جوازه، وحكم الشرع فيه، فينبغي أن يقول: هذا الذي فعلته ليس بحرام، أو إنما فعلته لتعلموا أنه ليس بحرام إذا كان على هذا الوجه الذي فعلته، وهو كذا، وكذا، ودليله: كذا، وكذا .

روينا في صحيحي البخاري، ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على المنبر، فكبّر، وكبّر الناس وراءه، فقرأ، وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع، ثم رجع القهقري، فسجد على الأرض. ثم عاد إلى المنبر حتى فرغ من صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: "أيها الناس، إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي". والأحاديث في هذا الباب كثيرة . (36)

............

 

 

8 - وجوب السؤال عن التصرفات التي ظاهرها مجانبة الصواب قبل الوقوع في أصحابها بالغيبة، فلعل لهؤلاء مبررا، أو وجهة نظر فيما وقع منهم مجانبا للصواب، ولا سيما وكل واحد في الناس يؤخذ منه، ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك يقول الإمام النووي - رحمه الله: ( اعلم أنه يستحب للتابع إذا رأى من شيخه وغيره ممن يقتدى به في ظاهره للمعروف، أن يسأله عنه، بنية الاسترشاد، فإن كان قد فعله ناسيا تداركه، وإن كان فعله عامدا، وهو صحيح في نفس الأمر تنبه له، فقد روينا في صحيحي البخاري، ومسلم عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال، ثم توضأ فقلت: الصلاة يا رسول الله. فقال: "الصلاة أمامك".

يقول الإمام النووي معقبا على ذلك: "إنما قال أسامة ذلك؛ لأنه ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم نسي صلاة المغرب، وكان قد دخل وقتها قبل خروجه" . (37)

وفي صحيح مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، فقال عمر: لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، فقال: "عمدا صنعته يا عمر" . (38)

............

 

 

9 - قيام الأمة بواجبها نحو المغتابين بألا تسمع لهؤلاء، بل عليها أن تزجرهم بكل ما تملك من أساليب ووسائل، ومن أبرز هذه الأساليب وتلك الوسائل رد غيبة هؤلاء، فقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من رد عن عرض أخيه ردّ الله عن وجهه النار يوم القيامة" ، (39) "ما من امرئ خذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته" ، (40) "من حمى مؤمنا من منافق، بعث الله تعالى ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن رمى مسلما بشيء يريد شينه حبسه الله على جسر جهنم، حتى يخرج مما قال" . (41)

وعلى ولي الأمر بالذات لفت نظر المغتابين إلى خطورة الغيبة وضررها على الفرد، والجماعة، فإن لم ينزجروا أنذرهم، ثم عزرهم، وبذلك يقضي على الشر من أساسه، ويقتل السوء في مهده.

............

 

10 - التذكير الدائم بعواقب الغيبة في الدنيا والآخرة، سواء أكان ذلك على العاملين، أم على العمل الإسلامي، فإن الإنسان ينسى، وعلاج النسيان إنما يكون بالتذكير: {وَذَكِّرْ‌ فَإِنَّ الذِّكْرَ‌ىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِين} ( الذاريات: 55).

__________________________________________________

 

(1) - نظر: المعجم الوسيط 2/691-692 بتصرف كثثير، والصحاح في اللغة والعلوم لأسامة المرعشلي وأخيه نديم ص 833 بتصرف كثير.

 

(2) - انظر: إحياء علوم الدين للغزالي 3/140، والأذكار للنووي ص 300، وابن حجر في الفتح 10/469.

 

(3) - الحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب البرر والصلة والآداب: باب تحريم الغيبة 4/2001 رقم (2589)، وأبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب في الغيبة 4/269 رقم (4874)، والترمذي في السنن كتاب البر والصلة: باب ما جاء في الغيبة 4/290 رقم (1934)، والدارمي في السنن: كتاب الرقاق: باب ما جاء في الغيبة 2/755 رقم (2614)، وأحمد في المسند 2/230، 384، 386، كلهم من حديث أبي هريرة مرفوعا، وعقب عليه الترمذي بقوله: هذا حديث حسن صحيح".

 

(4) - انظر: إحياء علوم الدين للغزالي 3/141، 142، والأذكار للنووي ص 301.

 

(5) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب االوضوء: باب من الكبائر ألا يستر من بوله 1/64، 65، وكتاب الجنائز : باب الجريد على القبر، وباب عذاب القبر من الغيبة والبول 2/119، 120، 124، وكتاب الأدب: باب الغيبة، وباب النميمة من الكبائر 8/20، 21، ومسلم في الصحيح: كتاب الطهارة: باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه 1/240، 241 رقم (292)، وأبو داود في السنن: كتاب الطهارة باب الاستبراء من البول 2/6 رقم (20)، والترمذي في السنن: كتاب الطهارة: باب ما جاء في التشديد في البول 1/102، 103 رقم (70)، والنسائي في السنن: كتاب الطهارة: باب التنزه من البول 1/28 رقم (31)، وكتاب الجنائز: باب وضع الجريدة على القبر 3/106 رقم (2068)، وابن ماجه في السنن: كتاب الطهارة: باب التشديد في البول 1/125 رقم (347)، والدارمي في السنن: كتاب الطهارة: باب الاتقاء من البول 1/200 رقم (739)، وأحمد في المسند 1/225 كلهم من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا، وعقب الترمذي على حديثه قائلاً: " هذا حديث حسن صحيح" كما أخرجه ابن ماجه في السنن: كتاب الطهارة وسننها: باب التشديد في البول 1/125 رقم (349) من حديث أبي بكرة مرفوعا بنحوه، ومثله أحمد في المسند 5/39، ب ل زاد رواية ثالثة 5/266 من حديث أبي أمامه ولفظه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد، قال: فكان الناس يمشون خلفه، قال: فلما سمع صوت النعال، وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه من الكبر، فلما مر ببقيع الغرقد، إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين، قال: فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "من دفنتم ها هنا اليوم؟" قالوا: يا نبي الله، فلان وفلان، قال: "إنهما ليعذبان الآن، ويفتنان في قبورهما" قالوا: يا رسول الله، فيم ذاك؟ قال: " أما أحدهما فكان لا يتنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة"، وأخذ جريدة رطبة فشقها، ثم جعلها على القبرين، قالوا: يا نبي الله، ولم فعلت؟ قال: "ليخففن عنهما"، قالوا: يا نبي الله وحتى متى يعذبهما الله؟ قال: "غيب لا يعلمه إلا الله" قال: "ولولا تمريغ قلوبكم، أو تزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع".

 

(6) - جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في الصححيح: كتاب العلم: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "رب مبلغ أوعى من سامع"، وباب ليبلغ الشاهد الغائب 1/36، 37، 38، وكتاب الحج: باب الخطبة أيام منى 2/216، وكتاب الأضاحي: باب من قال: الأضحى يوم النحر 7/129، 130، وكتاب الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، 9/63، وكتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} 9/163، وكتاب المغازي: باب حجة الوداع 5/224 من عدة أوجه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعا، وكتاب الحج: باب الخطبة أيام منى 2/216، 217، وكتاب المغازي: باب حجة الوداع 5/223 من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا وكتاب الحج: باب الخطبة أيام منى 2/215، 216 من حديث ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا، ومسلم في الصحيح: كتاب القسامة: باب تغليظ تحريم الدماء، والأعراض والأموال 3/1305-1306 رقم (1679) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعا، وكتاب الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/886 - 892 رقم (1218) من حديث جابر ابن عبد الله مرفوعا، وأبو داود في السنن: كتاب المناسك (الحج): باب صفة حجة النبي صلى الله عل يه وسلم 2/182 - 186 رقم (1905) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه مرفوعا، والترمذي في السنن: كتاب الفتن: باب ما جاء في: دماؤكم، وأموالكم عليكم حرام 4/451 رقم (2159)، وكتاب التفسير: باب ومن سورة التوبة 5/255، 256 رقم (3087) من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه مرفوعا، وعقب عليه قائلا: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في السنن الكبرى: كتاب الحج، باب الخطبة يوم النحر، وباب فضل يوم النحر، وباب يوم الحج الأكبر 2/442 - 444 رقم (4592، 4593) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعا، ورقم (4597) من حديث نبيط بن شريط الأشجعي مرفوعا، ورقم ( 4100) من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه مرفوعا، ورقم (4599 ) من حديث مرة الهمداني، قال: حدثي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة قال... وساق الحديث، وابن ماجه في السنن : كتاب المناسك : باب الخطبة يوم النحر، وباب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم 5/1012 - 1017، 1022- 1027 رقم (3055) من حديث سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبيه مرفوعا، ورقم (3057) من حديث ابن مسعود مرفوعا، وعقب عليه البوصيري في مصباح الزجاج ة 3/207 بقوله: " هذا إسناد صحيح"، ورقم (3058) من حديث ابن عمر مرفوعا، ورقم (3074) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا، والدارمي في السنن: المقدمة: باب الاقتداء بالعلماء 1/79، 80 رقم (231) من حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه مرفوعا، وكتاب المناسك: باب في سنة الحاج 1/473 - 478 رقم (1793) من حديث جابر بن عبد الله مرفوعا، وباب الخطبة يوم النحر 1/497 رقم (1852) من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه مرفوعا، وأحمد في المسند 1/230 من حديث ابن عباس مرفوعا، 4/305، 356 من حديث نبيط بن شريط عن أبيه مرفوعا، 4/337 من حديث خريم بن عمرو مرفوعا، 5/30 من حديث العداء بن خالد ابن هوذة، 5/37، 39، 40، 41، 49، من عدة طرق عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه مرفوعا، 5/68 من حديث أبي غادية مرفوعا، 5/72، 73 من حديث أبي حرة الرقاشي، عن عمه مرفوعا، 5/411 من حديث أبي نضرة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا، 5/412 من حديث عمرو بن مرة، عن أبيه، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا.

 

(7) - لحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب اللأدب: باب في الغيبة 4/269، 270 رقم (4878) من حديث بقية، وأبي المغيرة قالا: حدثنا صفوان، قال: حدثي راشد بن سعد، وعبد الرحمن بن جبير، عن أنس بن مالك مرفوعا، وعقب عليه أبو داود بقوله: "حدثناه يحيي بن عثمان عن بقية ليس فيه أنس"، ويعني بذلك أنه حديث مرسل، وأورده ابن حجر في فتح الباري 10/470 وعزاه إلى أبي داود وعقب عليه بقوله: "وله شاهد عن ابن عباس عند أحمد". ومعنى: " يخمشون وجوههم "، أي يمزقونها. يقال: خمش الجلد: مزقه، لسان العرب مادة "خمش".

 

(8) - لحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب االأدب: باب في الغيبة 4/269 رقم (4876) من حديث سعيد بن زيد رفعه، وأورده ابن حجر في فتح الباري: 10/470 وعزاه إلى أبي داود، ثم عقب عليه قائلا: "وله شاهد عند البزار، وابن أبي الدنيا من حديث أبي هريرة، وعند أبي يعلي من حديث عائشة".

 

(9) - جزء من حديث طويل سبق تخريجه ي آفة "سوءء الظن".

 

(10) - لحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب اللأدب: باب في الغيبة 4/269 رقم (4875)، والترمذي في السنن: كتاب صفة القيامة: باب منه 4/570 رقم (2502، 2503)، وأحمد في المسند 6/189، كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وعقب الترمذي على حديثه بقوله: "هذا حديث حسن صحيح".

 

(11) - انظر: الأذكار للنووي ص 300.

 

(12) - الحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الإييمان: باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان 1/69 رقم (49)، وأبو داود في : السنن : كتاب الصلاة : باب الخطبة يوم العبد 1/296، 297 رقم ( 1140)، والترمذي في السنن: كتاب الفتن: باب ما جاء في تغيير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب 4/407، 408 رقم (2172)، والنسائي في السنن: كتاب الإيمان ة باب تفاضل أهل الإيمان 8/111، 112 رقم (5008، 5009)، وابن ماجه في السنن: كتاب الصلاة: باب ما جاء في صلاة العيدين 1/406 رقم (1275)، وكتاب الفتن: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 2/1330 رقم (4013)، وأحمد في المسند 3/10، كلهم من حديث أبي سعيد الخدري t مرفوعا، وقال الترمذي عقب حديثه: "هذا حديث حسن صحيح".

 

(13) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب االبيوع: باب من أجرى أمر الأنصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع 3/103، ومسلم في الصحيح: كتاب الأقضية: باب قضية هند 3/1338، 1339 رقم (1714)، وأبو داود في السنن:كتاب البيوع والإجارات: باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده 3/289، 290 رقم (3532، 3533)، والنسائي في السنن الكبرى: كتاب القضاء: باب قضاء الحاكم على النائب إذا عرفه 3/481، 482 رقم (982 )، وابن ماجه في السنن: كتاب التجارات: باب ما للمرأة من مال زوجها 2/769 رقم (2293)، والدارمي في السنن: كتاب النكاح: باب في وجوب نفقة الرجل على أهله 2/598 رقم (2176) كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا به، وبنحوه .

 

(14) - الحديث أخرجه البخاري في الصيام: كتاب االأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا، ولا متفحشا، وباب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب 8/15، 16، 20، 21، ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة والآداب: باب مداراة من يتقي فحشه 4/ 2002، 2003 رقم (2591)، وأبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب في حسن العشرة - 4/251 رقم (4791، 4792)، ومالك في الموطأ: كتاب الجامع: باب ما جاء في حسن الخلق ص 650 رقم (1630)، وأحمد في المسند 6/38، 79، 80، 158، 159، كلهم من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعا.

 

(15) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب االأدب: باب ما يجوز من الظن 8/23، 24.

 

(16) - الحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الطللاق: باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها 2/1114، 1119، 1120 رقم (1480)، وأبو داود في : السنن : كتاب الطلاق : باب في نفقة المبتوتة 2/285، 286 رقم ( 2284)، والنسائي في السنن: كتاب الطلاق: باب نفقة الحامل المبتوتة 6/210 رقم (3552) والترمذي في السنن: كتاب النكاح: باب ما جاء ألا يخطب الرجل على خطبة أخيه 3/ 441، 442 رقم (1135) كلهم من حديث أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن فاطمة بنت قيس... الحديث، وعتب الترمذي على روايته بقوله: "هذا حديث صحيح".

 

(17) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: (معلقاا): كتاب الإيمان: باب قول النبي: "الدين النصيحة"، 1/22، ومسلم في الصحيح: كتاب الإيمان: باب بيان أن الدين النصيحة 1/74 رقم (55)، وأبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب في النصيحة 4/ 286 رقم (4944)، والترمذي في السنن: كتاب البر والصلة: باب ما جاء في النصيحة 4/286 رقم (1926)، والنسائي في السنن: كتاب البيعة: باب النصيحة للإمام 7/156 رقم (4197)، كلهم من حديث تميم الداري رضي الله عنه به .

 

(18) - الحديث سبق تخريجه.

 

(19) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب ففرض الخمس: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه 4/115، وكتاب الأنبياء: باب منه 4/191، وكتاب المغازي: باب غزوة الطائف 5/202، وكتاب الأدب باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه 8/21، 22، وباب الصبر على الأذى 8/31، وكتاب الاستئذان: باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة، فلا بأس بالمسارة والمناجاة 8/80، ومسلم في الصحيح: كتاب الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، وتصبر من قوي إيمانه 2/739 رقــم (1062)، والترمذي في السنن:كتاب المناقب: باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم 5/667 رقم (3896)، وأحمد في المسند 1/380، 396، 411، 435، 436، 441، 453 كلهم من حديث عبد الله بن مسعود في t مرفوعاً به وبنحوه، وعقب عليه الترمذي بقوله: " هذا حديث غريب من هذا الوجه، وقد زيد في الإسناد رجل".

 

(20) - الحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب االتفسير: سورة المنافقون: باب قوله: {إذا جاءك المنافقون} 6/189 - 191، ومسلم في الصحيح: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم: باب منه 4/214 رقم (2772)، والترمذي في السنن: كتاب تفسير القرآن: باب ومن سورة المنافقون 5/387 - 389 رقم (3312، 3313، 3314)، وأحمد في المسند 4/368، 369، 373، كلهم من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه مرفوعا به، وبنحوه، وعقب عليه بقوله: " هذا حديث حسن صحيح ".

 

(21) - الحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب االأدب: باب من كظم غظياً 4/248 رقم (4777) من حديث سهل بن معاذ عن أبيه به، مع اختلاف يسير، والترمذي في السنن: كتاب البر: باب في كظم الغيظ 4/326، 327 رقم (2021)، وكتاب صفة القيامة: باب رقم (48) 4/565، 566 رقم (2493)، وابن ماجه في السنن: كتاب الزهد: باب الحلم 2/1400 رقم (4186)، وأحمد في المسند 3/438، 439، 4/14، وأورده الألباني في صحيح الجامع الصغير5/351 رقم (6394) من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه به .

 

(22) - لحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب ا لأدب: باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر 8/23، ومسلم في الصحيح: كتاب البر والصلة والآداب: باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر 4/1983 رقم (2559) وأبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب فيمن يهجر أخاه المسلم 4/278 رقم (4910)، والترمذي في السنن: كتاب البر والصلة: باب ما جاء في الحسد 4/290 رقم (1935)، وأحمد في المسند 3/110، 165، 199، 209، 225، كلهم من حديث أنس بن مالك في رضي الله عنه به .

 

(23) - لحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب اللأدب ة باب في الحسد 4/276 رقم (4903) من حديث إبراهيم بن أبي أسيد، عن جده، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إياكم والحسد، فان الحسد يأكل الحسنات...، الحديث، وجد إبراهيم بن أبي أسيد لم يسم، وقد ذكر البخاري إبراهيم هذا في التاريخ الكبير. وذكر له هذا الحديث، وقال: "لا يصح"، وابن ماجه في السنن: كتاب الزهد: باب الحسد 2/1408 رقم (4210) من حديث عيسى بن أبي عيسى الحنّاط، عن أبي الزناد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد: "والصدقة تطفئ الخطيئة، كما يطفئ الماء النار، والصلاة نور المؤمن، والصيام جنة من النار، وعقب عليه البوصيري في مصباح الزجاجة 4/238، بقوله: "هذا إسناد فيه عيسى بن أبي عيسى، وهو ضعيف، والجملة ا لا ولى رواها أبو داود من حديث أبي هريرة، ورواه البيهقي من هذا الوجه، وروى قصة الحسد أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس به، ورواه أبو يعلي الموصلي، حدثنا أبو سعيد الأشج، وغيره، حدثنا خالد، عن عيسى... فذكره بتمامه".

 

(24) - لحديث أخرجه البخاريي في الصحيح: كتاب االرقاق: باب حفظ اللسان 8/125، ومسلم في الصحيح: كتاب الزهد والرقائق: باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار 4/2290 رقم (2988)، والترمذي في السنن: كتاب الزهد: باب فيمن تكلم بكلمة يضحك بها الناس 4/483 رقم (2314)، والنســائي في السنن الكبرى: كتاب الرقاق (تحفة الأشـراف بمعرفة الأطـراف ) 10/294 رقم (14283).

 

(25) - لحديث أخرجه أحمد في المسند 5/455 من ححديث أبي الطفيل عامر بن واثلة أن رجلا مر على قوم فسلم عليهم... الحديث، وأورده الحافظ العراقي في المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار 3/144، 145 وعزاه إلى أحمد قائلا (أحمد بإسناد صحيح".

 

(26) - لحديث أخرجه أحمد في المسند 11/452، 4033 من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه مرفوعا بهذا اللفظ .

 

(27) - الحديث سبق تخريجه.

 

(28) - الحديث سبق تخريجه في الجزء الأول، آفة:: " الفتور".

 

(29) - الحديث سبق تخريجه .

 

(30) -

 

(31) - الحديث سبق تخريجه.

 

(32) - الحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب البرر والصلة والآداب: باب تحريم الظلم 4/1997 رقم (258)، والترمذي في السنن: كتاب صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص 4/529، 530 رقم (2418)، وأحمد في المسند 2/353، 334، 371، 372، كلهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً، واللفظ لمسلم وعقب عليه الترمذي بقوله: "هذا حديث حسن صحيح".

 

(33) - الحديث سبق تخريجه.

 

(34) - لأثر أورده الحافظ البيهقي في شعب الإيممان: باب في تحريم أعراض الناس 5/316 رقم (6783) عن سهل بن عبد الله .

 

(35) - الحديث سبق تخريجه.

 

(36) - لحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب اللجمعة: باب الخطبة على المنبر 2/11، ومسلم في الصحيح: كتاب المساجد ومواضع الصلاة: باب جواز الخطرة والخطوتين في الصلاة 1/386، 387، رقم (544).

 

(37) - لحديث أخرجه البخاري في الصحيح: كتاب اللحج: باب النزول بين عرفة وجمع 2/200، ومسلم في الصحيح: كتاب الحج: باب استحباب إدامة الحاج التلبية 2/931 رقم (1280). وانظر الأذكار للنووي ص 284.

 

(38) - الحديث أخرجه مسلم في الصحيح: كتاب الطههارة: باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد 1/232 رقم (277).

 

(39) - الحديث أخرجه الترمذي في السنن: كتاب اللبر والصلة، باب ما جاء في الذب عن عرض المسلم 4/288 رقم (1931)، وأحمد في المسند 6/449، 450 كلاهما من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعا، وعقب عليه الترمذي بقوله: "هذا حديث حسن" وزاد أحمد 6/461 رواية أخرى من حديث أسماء بنت يزيد إلا أن في إسناد هذه الرواية: (شهر بن حوشب) وهو وإن كان صدوقا، إلا أنه كثير الإرسال، والأوهام. انظر: تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر 1/355 ترجمة رقم (112) حرف الشين.

 

(40) - الحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب الأدب: باب من رد عن مسلم غيبة 4/271 رقم (4883)، وأحمد في المسند 4/30 كلاهما من حديث جابر بن عبد الله، وأبي طلحة بن سهل الأنصاريين مرفوعاً به، بنحوه.

 

(41) - الحديث أخرجه أبو داود في السنن: كتاب االأدب: باب من رد عن مسلم غيبة 4/271 رقم (4883)، من حديث سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن أبيه مرفوعا، وسهل بن معاذ هذا قال عنه المنذري: ضعيف، وقال ابن حجر في : تقريب التهذيب 1/337 رقم (568): (لا بأس به إلا في روايات ربّان عنه". كما أخرجه أحمد في : المسند 3/441 من حديث سهل بن معاذ عن أبيه مرفوعا.

 

 

msg-97672-0-66139300-1396746374.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك


msg-97672-0-33802600-1396746393.png



سوء الظن




أولا: تعريف سوء الظن:





سوء الظن هو تخريص أو تخمين ينتهي بوصف الغير بما يسوءه ويغمه من كل قبيح من غير دليل، ولا برهان.

مظاهر سوء الظن، ووضعه في ميزان الإسلام:

ثانيا لسوء الظن مظاهر عدة، وأمارات كثيرة تدل عليه، نذكر منها:


1 - الولوغ في المعاصي والسيئات بدعوى أن الله لا يرى، ولا يعلم، كما قال سبحاته: { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَ‌بِّكُمْ أَرْ‌دَاكُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَاسِرِ‌ينَ } (فصلت: 23)، أو بدعوى أنه لا بعث، ولا حساب كما قال سبحانه : { وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّـهُ أَحَدًا } الجن: 27،

2 - الرجاء أو الخوف من الخلق ظنا أنهم يعطون ويمنعون، ينفعون ويضرون.

3- التقصير في عمل من أعمال البر المعروفة، مثل عيادة المريض، وتشييع الجنائز، ورد السلام، وإجابة الدعوة، وبذل النصيحة ... والتزاور ونحوها لأسباب خارجة عن الإرادة، مثل السفر أو المرض أو غير ذلك فيظن سيئ الظن أن هذا التقصير نشأ من التكبر والاستعلاء أو من الاحتقار وعدم الاهتمام، أو من البخل والشح، وهكذا.

4 - القيام بأعمال البر المعروفة من: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدقات، وإرشاد الناس وتعليمهم والإصلاح بين المتخاصمين ونحوها، فيظن سيئ الظن: أنه إنما يفعل ذلك رياء أو شهرة أو طمعا في مغنم.

5- إتقان السعي المعاشي من تجارة أو صناعة أو زراعة ونحوها، امتثالا لما أمر الله - عز وجل - به من السعي والضرب في الأرض في قوله: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْ‌ضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّ‌زْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ‌} الملك: 15، فيظن سيئ الظن أن هذا تكالب، وتهافت وحب للدنيا وبغض للآخرة.

6 - إتقان الشعائر التعبدية من صلاة وزكاة وصيام وحج، وقراءة للقرآن، وذكر، ودعاء، واستغفار ونحو ذلك، فيظن سيئ الظن أن هذه رهبانية وعزلة أو انقطاع للعبادة وترك للحياة الدنيا.

7 - الحرص على الحياة في الوقت الذي يقتضي الحرص على الحياة، والإقدام على الموت في الوقت الذي يقتضي الإقدام على الموت كما أمر الإسلام بذلك، فيظن سيئ الظن أن هذا جبن وأن ذاك تهور، إلى غير ذلك من المظاهر الدالة على سوء الظن.


msg-97672-0-66139300-1396746374.png


ثالثا: أسباب سوء الظن.



ويوقع في سوء الظن أسباب كثيرة، وبواعث عدة، نذكر منها:

1 - سوء النية وخبث الطوية:

1-كأن ينشأ الإنسان تنشئة غير صالحة فيقع كثيرا في المعاصي والسيئات حتى تورثه تلك المعاصي وهذه السيئات سوء الظن بمن ليس أهلا له، ويصبح ذلك مظهرا من مظاهر سوء النية وخبث الطوية، كما قال سبحانه وتعالى: { وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِ‌كِينَ وَالْمُشْرِ‌كَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّـهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَ‌ةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّـهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرً‌ا} (الفتح6)،

2 - عدم التنشئة على المبدأ الصحيح في الحكم على الأشياء و الأشخاص
ذلك أن المبدأ الصحيح في الحكم على الأشياء والأشخاص إنما يتمثل في:
أ - النظر إلى الظاهر وترك السرائر إلى الله، فهو وحده المطلع عليها العليم بكل ما فيها،
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلاً فقال: لا إله إلا الله، فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقال لا إله إلا الله، فقتلته؟" قال: قلت: يا رسول الله، إنما قالها خوفا من السلاح، قال: لا أفلا شققت عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا "فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ... الحديث . () "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة" . ()





بل وضربه صلى الله عليه وسلم المثل من نفسه لنقتدي به ونتأسى في البعد عن كل شبهة، إذ تقول السيدة صفية بنت حيي أم المؤمنين رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا، فحدثته، ثم قمت لأنقلب فقام معي ليقلبني - وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد - فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا- أو قال: شيئا " . ()




3 - عدم مراعاة آداب الإسلام في التناجي :
ذلك أن الإسلام أدبنا: أنه إن كان ولا بد من التناجي لصلاح الحياة واستقامة الحال، فإن هناك آداباً يلزم مراعاتها وهذه الآداب هي:
أ- حرمة انفراد اثنين فما فوقهما بالنجوى دون الآخر حتى يوجد معه من يناجيه أو يختلط الجميع بالناس، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون الآخر، حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه" .

ب - وأن تكون النجوى في الطاعة والمعروف، لا في المعصية والمنكر، إذ يقول سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّ‌سُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ‌ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُ‌ونَ}( المجادلة: 9).

ج- وأن تكون النجوى في أمر مهم لا يتم ولا يبرم إلا بعيدا عن أعين المرجفين، والمفسدين في الأرض.

4 - الوقوع في المعاصي والسيئات ولا سيما مع المجاهرة أو الإعلان :
فقد يقع الإنسان في المعاصي والسيئات وتصل به الحال إلى أن يجاهر أو يعلن بها، وحينئذ يفتح الباب أمام الآخرين ليظنوا به سوءا, نظرا لأنه خان نعمة الله عليه، ولم يقابلها بالعرفان والشكر، وإنما قابلها بالجحود والنكران، فكان أجدر أن يخافه الناس وأن يظنوا به سوءا أو شرا.

5 - نسيان الحاضر النظيف والوقوف مع الماضي الدنس :
فقد يفتتح الإنسان حياته بالوقوع في الرجس والدنس من المعاصي والسيئات، ثم يتوب الله عز وجل عليه فيقلع عن هذه المعاصي، وتلك السيئات، ويواظب على المعروف من البر والطاعات.
ويأتي من ينسى أن قلوب العباد جميعا بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء، ويأخذ في تقييم هذا الصنف - الذي عصى ثم تاب الله عليه فتاب - من خلال ماضيه السيء، وليس من خلال حاضره النظيف، وحينئذ يجد الشيطان مدخلاً يدخل منه لتحريك الظنون الكاذبة والأوهام الباطلة التي لا دليل عليها.

6 - الغفلة أو نسيان الآثار المترتبة على سوء الظن:
وأخيرا فإن الغفلة أو نسيان الآثار المترتبة على سوء الظن قد تكون من بين الأسباب التي تؤدي إلى التردي في هذه الآفة، إذ الإنسان إذا غفل أو نسي عاقبة شيء تردى فيه، وإن كان فيه حتفه وهلاكه، قال تعالى: { قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَـكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ‌ وَكَانُوا قَوْمًا بُورً‌ا( ( الفرقان: 18).



msg-97672-0-66139300-1396746374.png


تم تعديل بواسطة همسة أمل ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

msg-97672-0-33802600-1396746393.png




رابعا : آثار سوء الظن:



ولسوء الظن آثار ضارة، وعواقب خطيرة يصطلي بنارها الفرد ودونك طرفا من هذه الآثار وتلك العواقب:


فمن آثار وعواقب سوء الظن على الفرد :

1 - الوقوع في المعاصي والسيئات:
فقد يؤدي سوء الظن بصاحبه حين يريد أن يتحقق أو يتأكد من صحة ما ظن، أن يقع في سلسلة طويلة من المعاصي والسيئات، تسلم كل واحدة إلى التي تليها، مثل: التجسس أو التحسس، الغيبة، النميمة، التحاسد، التباغض، التدابر، التقاطع، الفرقة، وهلم جراً.

2 - القعود عن أعمال البر والطاعات فضلا عن القلق والاضطراب النفسي:
إذ الوقوع في سلاسل المعاصي والسيئات التي ذكرنا تكون سبباً في سواد القلب فيمرض فيقسو أو يموت فيقفل، ويختم عليه فيكون القعود عن الطاعات وأعمال البر، فضلا عن القلق والاضطراب النفسي وصدق الله العظيم: {وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ }( البقرة: 225)، .

3 - الحسرة والندامة :
فقد ينتهي سوء الظن بصاحبه بعد البحث ومحاولة التحقق أو التأكد إلى عكس ما توهم، وهنا تكون الحسرة والندامة إن كانت لا تزال هناك بقية من خير في الفطرة.
وعلى سبيل المثال لا الحصر: نجد أن الذين ظنوا بأم المؤمنين عائشة وصفوان بن المعطل ظن السوء، من أمثال حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وغيرهما، أصابتهم الحسرة وعمتهم الندامة لما نزلت البراءة لعائشة من السماء، وتمنوا لو أنهم لم يكونوا ولدوا حتى هذا اليوم، بل لقد ظلت الحسرة والندامة شبحاً مخيفا يلاحقهم في كل مكان حتى لقوا ربهم.

4 - كراهية الناس ونفورهم من أصحاب الظن السيء:

ذلك أن الناس حين يعرفون عن واحد من الناس أنه سيئ الظن، وأن ظنونه هذه تنتهي إلى مجرد اتهام لا دليل عليه ولا برهان، ينفرون منه ويكرهونه أشد الكراهية، سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا، وماذا جنى المرء إذا كرهه الناس، ونفروا منه، والإنسان مدني بطبعه، كما أنه قليل بنفسه كثير بإخوانه.

5 - تضييع العمر فيما لا يفيد :

ذلك أن سيء الظن يظل طول حياته يجري وراء هذه الظنون بغية المتحقق والتأكد من صحتها، وغالبا ما تكون كاذبة، فيكون قد ضيع عمره بددا، وحتى لو كانت صادقة فقد اطلع على ما يؤذي ويؤلم ويبقى خاسرا في الحالين.

6 - التعرض للغضب والسخط الإلهي :

وفوق ما قدمنا فإن سوء الظن وما يترتب عليه من أعمال تؤكده أو تبطله يكون سببا في التعرض للغضب والسخط الإلهي، ومن يطيق غضب الله وسخطه وهو سبحانه يقول: {وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (طه:81).


msg-97672-0-66139300-1396746374.png



خامسا: علاج سوء الظن:

وما دمنا قد وقفنا على حقيقة سوء الظن، وأسبابه، وآثاره، فإن العلاج معروف، ويمكن تلخيصه في الخطوات التالية:
1 - بناء العقيدة السليمة القائمة على تحسين الظن بالله، وبرسوله وبالمؤمنين الصالحين، فإن هذه العقيدة تحرسنا أن نظن ظن السوء بالآخرين من غير مبرر، ولا مقتضى، وحتى لو كان فإننا نبادر بالتوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

2 - التربية على تغذية هذه العقيدة بما يثبتها في النفس وينميها، وذلك بترك المعاصي والسيئات والمواظبة على فعل الطاعات وأعمال البر، فإن التربية بهذه الصورة تجعلنا نتورع أن نقع في سوء الظن بمن ليس له أهلا، وإن وقعنا فالتوبة والندم.

3 - التنشئة على الالتزام بآداب الإسلام في الحكم على الأشياء والأشخاص من: الاعتماد على الظاهر وترك السرائر إلى الله وحده الذي يعلم السر وأخفى، فإن التنشئة بهذه الصورة تحرس الإنسان من التورط في سوء الظن بغير مبرر ولا موجب.

4 - التنشئة على الالتزام بآداب الإسلام في النجوى من عدم تناجي اثنين فما فوقهما دون الآخر حتى يوجد معه من يناجيه أو يختلط الجميع بالناس، ومن كون هذه النجوى في الطاعة والمعروف دون المعصية والمنكر، ومن كونها في أمر مهم لا يصح أن يقضى فيه إلا بعيدا عن سمع وبصر المرجفين، والمفسدين في الأرض.

5 - تجنب الوقوع في الشبهات ثم الحرص على دفع هذه الشبهات إن وقعت خطأ أو عن غير قصد، وقد مرت بنا قصته صلى الله عليه وسلم مع الأنصاريين، حين كان يودع أم المؤمنين صفية، وهو معتكف، وأسرعا السير واستوقفهما قائلا: "إنها صفية بنت حيي" .



6 - الحرص على سلامة البيئة، ولا سيما في مجتمع الأصدقاء، فإن ذلك له دور كبير في علاج سوء الظن وحماية النفس من أن تتورط فيه من جديد .

7 - مجاهدة النفس وقمع الهوى والشهوات، حتى تعرف النفس أنه ليس من السهل توجيه تهمة لأحد من الناس لمجرد ظن أو تخمين لا دليل عليه ولا برهان، وما في الدنيا شيء أعظم من أن يكون هوانا تبعا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول سبحانه : {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّـهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّـهُ} (آل عمران: 31).

8 - معاملة التائبين من الناس بحاضرهم لا بماضيهم، وإذا كان الملك الذي أساء هؤلاء وأجرموا في حقه قد تجاوز وعفا فنحن في التجاوز والعفو أولى وأحق، ولا سيما ونحن في المعاصي مثلهم وربما أشد.
9 - دوام النظر في كتب السيرة والتاريخ، ولا سيما تاريخ المسلمين، فإنها مليئة بصور حية عن الظن السيء وآثاره وطريق الخلاص منه، بحيث يسهل على النفس التخلص من هذا الداء.

10 - التذكير الدائم بعواقب سوء الظن في الدنيا والآخرة، وعلى الفرد، والجماعة، فان الإنسان كثيرا ما ينسى، وعلاج هذا النسيان بالتذكير، كما قال سبحانه: {وَذَكِّرْ‌ فَإِنَّ الذِّكْرَ‌ى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} (الذاريات)، {فَذَكِّرْ‌ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَ‌ى} (الأعلى).




msg-97672-0-66139300-1396746374.png


شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×