اذهبي الى المحتوى
ساجدة للرحمن

هل الفارق العمري بين الزوجين قد يسبب مشكلات مستقبلاً؟

المشاركات التي تم ترشيحها

السؤال

 

 

 

أ. مروة يوسف عاشور

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أنا فتاة تزوجتُ حديثًا، وزوجي ملتزم، ويحبُّني أيضًا، وهو بالعموم شخص جيد وصالح، والزواج كان تقليديًّا؛ أي: من ناحية الوالد، وأنا الحمد الله مقتنعة به؛ ولكن زوجي أكبر مني في السن؛ أنا عمري 19، وهو 37، أحيانًا هذا الأمر يزعجني ويضايقني كثيرًا، أحببتُه كثيرًا وأتمنى لو أنه من عمري.

 

هل الفارق العمري قد يسبب مشاكلَ في المستقبل، علمًا أني استخرتُ الله - سبحانه - قبل قبوله؟

 

إذا كان العمر سيُسبِّب مشكلة، فما هي؟ وكيف من الممكن تفاديها؟

 

جزاكم الله الجنة.

الجواب

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أخيتي العزيزة:

بارك الله لكما، وبارك عليكما، وجميع بينكما في خير.. آمين.

 

يقول الله - تعالى -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].

 

فالمودَّة والرحمة بين الزوجين آيةٌ من آيات الله, ونعمة تستحق الشكرَ, وقلَّ في هذا الزمان الظفرُ بزوجٍ صالح على خُلق ودين, فلله الحمد أولاً، وله الحمد آخرًا, وأسأله - تعالى - أن يبارك لكِ فيما رزقكِ، وأن يهبك حياةً طيبة في الدنيا والآخرة.

 

لعلك لا تعرفين قاعدة 90/10 لـ (ستيفن كوفي).

 

تقول هذه القاعدة باختصار: إننا غير مسؤولين عن 10% مما يحدث لنا أو يقع علينا من أمور قدَّرها الله، في حين أننا مسؤولون بنسبة كبيرة عن الـ 90% الباقية.

 

وهذه التسعين بالمائة تعني ردود الأفعال التي تختلف من شخص لآخر، مع توحد الفعل الواقع عليهما.

 

سأضرب لك مثلاً لتوضيح أكبر:

تزوجتْ فاطمةُ من رجلٍ يكبرها بعشرين عامًا، وبعد الزواج أخذتْ تقرأ وتطلع على المشكلات التي قد تحدث بسبب الفارق العمري الكبير بين الرجل وزوجه, وشغلتْ نفسَها بالبحث عن عيوب الرجل الكبير, ولم تلتفتْ إلى حال زوجها، ولا إلى ميزاته، التي قد لا تجدها في غيره.

 

فعاشت في همٍّ وغمٍّ دفعَاها إلى ارتكاب الكثير من الأخطاء تجاه أحق الناس بحُسن عِشرتها وصُحبتها، وغلبتْها الوسوسة، ولم تبصر في شريك حياتها سوى شعيرات بيضاء بدأتْ تغزو رأسه بشكل زادها نفورًا، ولعل بقية القصة معلومة لديك.

 

وتزوجتْ زينبُ برجل يكبرها بعشرين سنة أيضًا, ثم أخذتْ تتأمل محاسنه وحُسن خُلقه, وتركِّز على النقاط الإيجابية لديه, وتأملتْ كيف قد يكون صغير السن لكن له من العيوب ما لا تطيقه امرأة.

 

وتغلبتْ على ما قد يكون عائقًا في طريق سعادتها الزوجية بحكمةٍ وتفهم وشفافية، وحوار طيب هادئ فيما يحتاج للتحاور مع هذا الزوج الصالح.

 

فدفعتْها ردة فعلها الحكيمة إلى المزيد من الراحة والسعادة, وكانت خيرَ مُعِين لها على حسن التبعُّل لزوجها، والفوز بجنة ربها - بإذن الله.

 

أخيتي الكريمة:

أعجبتْني كثيرًا إيجابيتُك, وإنصافك لزوجك, ومع ما يضايقك من فجوة عمرية بينكما إلا أنكِ قد أحببتِه؛ لجميل صفاته، وحُسن خلقه, ولم يبقَ لك إلا بعضُ الثغرات اليسيرة التي سعيتِ جاهدة لسدِّها قبل أن تتسع.

 

قد تم الزواج، والزوج طيب؛ صاحب خُلق ودين، يحبك، تحبِّينه، نِعَمٌ تستحق الشكر، أليس كذلك؟!

 

في الحقيقة لو سألتِني قبل الزواج كنتُ سأوضح لك الأمور بشيء من التفصيل؛ حتى يتسنى لك الاختيار, أما الآن وقد تم الزواج، فلا داعي للخوض في هذه الأمور، إلا على سبيل الحيطة والاستعداد؛ لتفادي وقوع المشكلات.

 

من المعلوم لديكِ أن بعض الرجال من منتصف الأربعين إلى منتصف الخمسين تطرأ عليهم بعض التغيرات النفسية والجسدية، التي قد تكون عائقًا أمام السعادة الزوجية، وهذا الأمر يختلف اختلافًا بيِّنًا من رجل إلى رجل - كما هو الحال في النساء - فقد لا يشعر الرجل بشيء من هذا، في حين يتأثَّر غيره تأثرًا بالغًا بمثل هذه الأعراض, وقد تبدأ مع بعض الرجال مع بداية الخمسين، في حين تبدأ مع غيره قرب نهاية الخمسين, وهكذا.

 

إذا ما نظرنا للفارق العمري بينكما سنجده كبيرًا, لكن بالتفكير في أن المرأة تظهر عليها آثار العُمر بشكل أكبر وأسرع من الرجل - قد يصل إلى عشر سنوات، أو خمس عشرة سنة - لن يكون الأمر على نحو ما تفكِّرين به الآن, فالحمل والولادة وسنوات الرضاعة تأخذ من المرأة الشيءَ الكثير؛ فتظهر عليها علامات الكبر مبكرًا مقارنة بالرجل.

 

وأغلب هذه المشكلات التي تحدث عند تقدُّم الرجل في العمر، يرجع سببُها إلى عدم تفهم الزوجة لاحتياجات الرجل، فتكون هي - في الغالب - تمر أيضًا بمرحلة (سن اليأس) - كما يطلق عليه البعض - وتحتاج لمدِّ يد العون, ولا يكون لديها الاستعداد الكافي لتفهم حالة زوجها وإحاطته بالحب والحنان والرعاية؛ ولذا نرى بعض الأزواج - وبعد أن ييْئَس من زوجته - يبحث عن صغيرة السن، فيتزوج بها في هذا العمر, ومع الفارق العمري بينهما إلا أنه يجد عندها من الرعاية والاهتمام ما كان ينشده عند السابقة.

 

الزوج واحد, وقد نجح في المرة الثانية واستطاع العيش مع الصغيرة وإشباعها في هذا العمر؛ ولكن الذي اختلف هو (الزوجة), فالصغيرة تكون أقدرَ على التعامل مع الرجل في هذا العمر, في حين لا تشعر هي بالنقص لارتباطها برجل يفوقها في العمر.

 

عليكِ فقط أن تتحلَّي بالحكمة، وأن تنظري للجانب المشرق دائمًا.

 

لكل إنسان ميزات وعيوب، والحياة لم ولن تكتمل لأحد.

 

وما يدريكِ لعل فيكِ من الصفات ما يؤرِّق زوجَك؛ لكنه برجاحة عقله وحكمته لا يذكُرها لكِ؛ بل لا يذكرها مع نفسه، وينظر لمحامد الصفات لديكِ؛ ليسعد وتسعدي, ولا تنسي - أخيتي - الفارق العمري بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأمِّ المؤمنين عائشةَ - رضي الله عنها - أو بين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - وغيره من الصحابة والتابعين, ولم تحدث بينهم مشكلات بسبب هذا الفارق العمري؛ فقد سمَتْ اهتماماتهم، وعلَتْ نفوسهم؛ فتجاوزوا تلك الأمورَ، ولم تحتل من عالمهم ما ينغص عيشَهم، أو يكدر صفوهم.

 

الإنسان عندما يحب، يعطي ويضحي، يفكر في محبوبه ويسعى لإرضائه.

 

قد أحببتِ هذا الزوج وأحبكِ, فلا تشغلي بالك بما ينفرك منه، ولا تركني لوساوس الشيطان، الذي لا يفتأ يسعى للتفريق بين كل زوجين.

 

وأخيرًا فإن الإجابة على تساؤلك:

"إذا كان العمر سيُسبِّب مشكلة، فما هي؟ وكيف من الممكن تفاديها؟".

 

لن تكون هناك مشكلة بالمعنى الحقيقي مع الحب والإخلاص - إن شاء الله - ولكن قد تحدث بعض الاختلافات في وجهات النظر، أو في الرغبات والميول، أو قد يختلف أسلوب تربية الأبناء مثلاً, أو قد تحتاجين لمزيد من الرومانسية، في حين يعدها الزوج أمورًا سخيفة.

 

بإمكانكِ مشاركته القراءة حول ما يناسب الرجلَ في الأربعين مثلاً من الأطعمة؛ لتزيد من قوته وتكسبه صحة أكبر، وتَسعين لإمداده بالشيء الكثير من الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن التي تحفظ الشباب وتحسن الحالة المزاجية.

 

بإمكانكِ أيضًا حثُّه على ممارسة رياضة المشي, أو ما يناسبه من الرياضات، ومشاركته ما يتيسر, فقد ثبت علميًّا فوائد المشي على الحالة الصحية من الناحية النفسية والجسدية.

 

وهكذا، كلما اطَّلعتِ على معلومة حول هذا الأمر، فطبِّقيها بشكل جماعي؛ لئلا يظن أنكِ تتألمين من كبره.

 

وبالقراءة والاطلاع على المعلومات الموثوقة حول هذا الأمر، يمكنك التخطيط لحياة زوجية سعيدة وناجحة - بإذن الله.

 

هذا، وإن كان البحث والتفكير الآن سابقًا لأوانه؛ فزوجك ما زال صغيرًا ولله الحمد.

 

الغيب لا يعلمه إلا الله, والتفكير في تلك الأمور المستقبلية يكون مع حسن الظن بالله، وصدق التوكل عليه، ويكون فقط لأخذ العُدة والتأهب لحلِّ كل نزاع ينشأ, والله - عز وجل - يقول: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

 

ويمكن تفادي مشكلات الزواج - سواء الناتجة عن الفارق العمري، أو اختلاف البيئات، أو غيرها من الأسباب - بالتحلي بالصبر والحكمة، وعدم التركيز عليها, مع تمسُّككِ بحسن الخلق والصبر على الزوج, وتذكر أجر ذلك عند الله.

 

وأختم حديثي معك بهذه الحكمة الرائعة، أليست تستحق التأمل؟

"لا تفكّر في المفقود، فتفقد الموجود".

 

وفقكِ الله وأسعدكِ بزوجكِ وأسعده بكِ، وجمعكِ به في الجنة.

 

 

رابط الموضوع: http://www.alukah.ne.../#ixzz3NJrfeuNZ

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قبل ان اتزوج كنت دائما احلم بالزوج الذي يكبرني بعدة سنوات (عشر سنوات على الاقل) ظنا مني بانه سيكون ناضجا وقادرا على ان يحيطني بحبح وحنانه... وشاءت الاقدار ان يكون زوجي اكبر مني باعوام قليلة ، ترددت في بداية الامر في الموافقة. ثم وافقت وتزوجت وسعدت ولله الحمد.

ارى ان العبرة ليست بالعمر، بل بالنضج، فكثيرا من الرجال يبلغون الاربعين سنة او يزيد ولاتزال تصرفاتهم صبيانية، ومنهم من تملأ نفسه الرجولة والشهامة وهو لا زال في بداية العشرينات.

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@@ساجدة للرحمن

جزاك الله خيرا

حقا فارق السن لا يؤثر بقدر ما تنظرين إليه

هناك من الزوجات التي تجعل فارق السن عائق لها وهناك من تتخطي هذه المشكلة

جزاك الله خيرا مواضيعك دائما مميزة

 

@ام بشار وعبد

صحيح لا يرتبط بالعمر

هو يرتبط بفهمك لزوجك

أسعدك الله في الدارين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

@ام بشار وعبد

بالضبط يا غالية

وكذلك قد تجدي من هم في سن الشباب وعقولهم واعية وفيهم نضج

أسعدك الله في الدارين ..

 

وإياك يا غالية

تسعدني متابعتك دوما : )

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيراً مشرفتنا الحبيبة على المواضيع

الجميلة جعلها الله فى ميزان حسناتك .

بارك الله فى الكاتبة كلامها صحيح ،وأحب أن أضيف

أن فرق العمر فوق العشر والخمسة عشر عاماً غالباً

لا يؤثر على الزوجة إذا كان اختيارها لزوجها على

أساس الدين والأخلاق والإلتزام فهى ستحبه لأخلاقه

ووجود ماكانت تنشده فيه ،

أما إن كانت الموافقة مع هذا

الفرق من العمر بسبب علو منصبه مثلاً أو أن

أحواله المادية مثلاً ممتازة ،

فلا أتوقع أبداً لمثل هذا الزواج أن يكون مثل الزواج الأول ،

لأنه مع تقدم السنين قد تنفر منه زوجته لأى سبب

ربما لكبر سنه أو لمرض يصيبه فلا تتحمله ، لأنها يوم أن وافقت عليه

كان ذلك لمنصبه وأمواله , ولذلك هى لا تحمل فى قلبها الحب الكافى

التى يمكنها أن تتعايش به معه حين هرمه .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

جزاكِ الله خيرًا ياغالية

وبارك الله في الإستاذة مروة الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته مشرفتنا الحبيبة ساجدة للرحمن

بارك الله لك علي هذا الانتقاء الجيد

حقا اذا ملات تقوي الله عزو جل قلب الزوجة

ستري انعمه الكثيرة عليها

و لا تنظر الي السلبيات فقط بل الي الايجابيات

جزاك الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×