اذهبي الى المحتوى
أمنيات الخير

فتنة الشيطان حال الاحتضار

المشاركات التي تم ترشيحها

هل الشيطان يضل ويوسوس للمسلم عند موته ؟

تم تعديل بواسطة أرشيف الفتاوى
تعديل العنوان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

تفضلي:

 

فتنة الشيطان حال الاحتضار

السؤال :

هل صحيح أن الشيطان قد يحضر الإنسان عند الاحتضار ، حتى يموت الإنسان كافرا وإن كان عمل طول حياته بعمل أهل الجنة ؟

نشر بتاريخ: 2015-03-01

 

 

الجواب :

الحمد لله

أولا :

ذكر الله في كتابه الكريم قسم إبليس اللعين وتوعده بني آدم بالإضلال والغواية ، وأنه ماض في ذلك إلى يوم القيامة ، لا يترك سبيلا إلا سلكه في سبيل ملء جهنم من ذرية آدم عليه السلام ،

قال تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ، ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ، وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ ، وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ) الأعراف/16-17 .

يقول ابن جرير الطبري في "جامع البيان" (5/445) :

" معناه : ثم لآتينهم من جميع وجوه الحق والباطل ، فأصدهم عن الحق ، وأُحَسِّنُ لهم الباطل " انتهى .

والشيطان يحاول أن يستغل مواطن الضعف ، فإذا وجد البلاء قد اشتد على المؤمن ، والكرب قد استحكم ، فإنه يدخل في طريقه ليفسد عليه إيمانه ، فيكون من أهل النار .

ولا شك أن حال الاحتضار حال كرب وشدة ، فسكرات الموت أمرها عظيم وشديد ، وقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم منها الشيء العظيم ، حتى كان يقول صلى الله عليه وسلم :( إِنَّ لِلمَوتِ لَسَكَرَاتٍ ) رواه البخاري (4449) .

ولما عرفت ابنته فاطمة ما يلقاه من شدة قالت : ( وَاكَربَ أَبَاه ) رواه البخاري (4461) .

والمظنون أن الشيطان لن يُفَوِّت ابن آدم في هذه الحال ، فهي فرصة له .

عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّ الشَّيطَانَ يَحضُرُ أَحَدَكُم عِندَ كُلِّ شَيْءٍ مِن شَأنِهِ ) رواه مسلم (2033) .

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال) : قال إبليس : وعزتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني) .رواه أحمد (10974) ، وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب " (1617) .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في حياته يسأل الله تعالى ألا يسلط عليه الشيطان عند الموت ، لِيُعَلِّمَ المسلمين الحرص على السلامة من فتنة الشيطان .

عن أبي اليسر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو :

( الَّلهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَرَدِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الغَرَقِ وَالحَرَقِ وَالهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن يَتَخَبَّطَنِي الشَّيطَانُ عِندَ المَوتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَن أَمُوتَ لَدِيغًا ) رواه أحمد (3/427) ، وأبو داود (1552) وسكت عنه ، والنسائي (5531) ، وقال الحاكم في المستدرك (1/713) : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

قال في "عون المعبود" (4/287) :

" ( أن يتخبطني الشيطان ) أي : إبليس أو أحد أعوانه ، قيل : التخبط الإفساد ، والمراد إفساد العقل والدين ، وتخصيصه بقوله ( عند الموت ) ؛ لأن المدار على الخاتمة .

وقال القاضي : أي من أن يمسني الشيطان بنزغاته التي تزل الأقدام وتصارع العقول والأوهام .

قال الخطابي : استعاذته عليه الصلاة والسلام من تخبط الشيطان عند الموت ، هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقته الدنيا ، فيضله ويحول بينه وبين التوبة ، أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قِبَله ، أو يؤيسه من رحمة الله تعالى ، أو يكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا ، فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء ، والنقلة إلى دار الآخرة ، فيختم له بسوء ، ويلقى الله وهو ساخط عليه .

وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن ادم منه في حال الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا ، فإنه إن فاتكم اليوم لم تلحقوه بعد اليوم .

نعوذ بالله من شره ، ونسأله أن يبارك لنا في ذلك المصرع ، وأن يجعل خير أيامنا يوم لقائه " انتهى .

وفتنة الشيطان في تلك الساعة فتنة شديدة ، لما يكون عليه المسلم من تعب وكرب ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها في دعائه في كل صلاة .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُم فَليَستَعِذ بِاللَّهِ مِن أَربَعٍ : يَقُولُ : الَّلهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عَذَابِ جَهَنَّمَ ، وَمِن عَذَابِ القَبرِ ، وَمِن فِتنَةِ المَحيَا وَالمَمَاتِ ، وَمِن شَرِّ فِتنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ ) رواه البخاري (1377) ، ومسلم (588) .

يقول ابن حجر في "فتح الباري" (2/319) :

" قال ابن دقيق العيد : فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات ، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت ، وفتنة الممات : يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت ، أضيفت إليه لقربها منه ، ويكون المراد بفتنة المحيا على هذا ما قبل ذلك ، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر " انتهى .

ثانيا :

فتنة الشيطان للمسلم حال الاحتضار تكون بالوسوسة ، كما هي في حال الحياة .

ولكن هل ثبت في السنة ما يدل على أن الشيطان يتمثل بصورة أحب الناس لهذا المحتضَر ، فيدعوه إلى النصرانية أو اليهودية ؟

ذكر ذلك بعض أهل العلم في كتبهم :

قال القرطبي في "التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة" (29-30) :

" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان ، الواحد عن يمينه والآخر عن شماله ، فالذي عن يمينه على صفة أبيه ، يقول له : يا بني ! إني كنت عليك شفيقاً ولك محباً ، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان ، والذي على شماله على صفة أمه ، تقول له : يا بني ! إنه كان بطني لك وعاء ، وثديي لك سقاء ، وفخذي لك وطاء ، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان .

ذكره أبو الحسن القابسي في "شرح رسالة ابن أبي زيد" له ، وذكر معناه أبو حامد في كتاب " كشف علوم الآخرة " .

وما ذكره القرطبي ليس عليه دليل من الكتاب أو السنة ، إذ لم يثبت حديث في ذلك ، إنما هي روايات يتناقلها بعض أهل العلم في كتبهم ، ليست موجودة في كتب الحديث المعتمدة .

قال الألباني في " السلسلة الضعيفة والموضوعة " ( 3/645) :

قال السيوطي : لم أقف عليه في الحديث " انتهى .

فلا يجوز نسبة ذلك إلى الشرع ، ولا يجوز تخويف الناس به ، ولا القول بأن تمثل الشيطان عند الموت لازم لكل أحد ، فإن الشرع لم يأت بذلك ، إنما الثابت هو الوسوسة ومحاولة الإغواء للتسخط على القدر من شدة الكرب .

وإذا كان ذلك لم يثبت في حديث ، فإننا أيضا لا نستطيع أن ننفيه ، فإن للشيطان حيلا كثيرة ، وطرقا عديدة ، وهو قادر على حضور الإنسان بصور شتى ، وقد يقع ذلك لبعض الناس عند الموت .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية "مجموع الفتاوى" (4/255) :

عن عرض الأديان عند الموت ، هل لذلك أصل فى الكتاب والسنة أم لا ؟

فأجاب : الحمد لله رب العالمين :

أما عرض الأديان على العبد وقت الموت فليس هو أمرا عاما لكل أحد ، ولا هو أيضا منتفيا عن كل أحد ، بل من الناس من تعرض عليه الأديان قبل موته ، ومنهم من لا تعرض عليه ، وقد وقع لأقوام ، وهذا كله من فتنة المحيا والممات التى أمرنا أن نستعيذ منها فى صلاتنا ... ولكن وقت الموت أحرص ما يكون الشيطان على إغواء بني آدم ؛ لأنه وقت الحاجة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح : ( الأَعمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا ) ، وقال : ( إِنَّ العَبدَ لَيَعمَلُ بِعَمَلِ أَهلِ الجَنَّةِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَينَهُ وَبَينَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ ، فَيَسبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ ، فَيَعمَلُ بِعَمَلِ أَهلِ النَّارِ فَيَدخُلهَا ، وَإِنَّ العَبدَ لَيَعمَلُ بِعَمَلِ أَهلِ النَّارِ ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَينَهُ وَبَينَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ ، فَيَسبِقُ عَلَيهِ الكِتَابُ ، فَيَعمَلُ بِعَمَلِ أَهلِ الجَنَّةِ فَيَدخُلُهَا ) [ رواه البخاري (3208) ومسلم (2643)] .

ولهذا روي : أن الشيطان أشد ما يكون على ابن آدم حين الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا ! فإنه إن فاتكم لن تظفروا به أبدا .

وحكاية عبدالله بن أحمد بن حنبل مع أبيه وهو يقول : ( لا بَعدُ ، لا بَعدُ ) مشهورة " انتهى .

وقد وقع ذلك لبعض الصالحين :

يقول القرطبي رحمه الله "التذكرة" (30) :

" قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : حضرت وفاة أبي ـ أحمد ـ وبيدي الخرقة لأشد لحييه ، فكان يعرق ثم يفيق ويقول بيده : لا بعد ، لا بعد . فعل هذا مراراً !! فقلت له : يا أبت أي شيء ما يبدو منك ؟ فقال : إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله يقول : يا أحمد فُتَّنِي ، وأنا أقول : لا بعد ، لا حتى أموت .

قلت : وقد سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر . فقيل له : قل : لا إله إلا الله ، فكان يقول : لا . لا . فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي . يقول أحدهما : مت يهودياً فإنه خير الأديان ، والآخر يقول : مت نصرانياً فإنه خير الأديان ، فكنت أقول لهما : لا ، لا " انتهى .

ثالثا :

إذا عرف المسلم عظم أمر فتنة الممات عند الاحتضار ، وأنه على موعد مع كرب عظيم ، استعد لذلك اليوم ، وتزود من العمل الصالح ، ورجى أن يكتب الله له حسن الخاتمة ، فإن الله تعالى يحمي عبده المؤمن ، وإذا رأى منه صدق القلب والمحبة ، عصمه من المزلة ، وصرف عنه الغواية ، فلا يظنن أحد السوء بالله تعالى ، فهو عدل كريم ، لا يخذل عبده المؤمن ، وحرم على نفسه الظلم ، فلا تجد ، إن شاء الله ، من يفتنه الشيطان في مثل هذه المواقف إلا من كان معرضا عن الله ، ومقبلا على الشيطان ، فذلك هو الذي يتخبطه الشيطان عند الموت ، كما تخبطه في الحياة .

يقول ابن القيم في "الجواب الكافي" (62) :

" فكيف يوفق لحسن الخاتمة من أغفل الله سبحانه قلبه عن ذكره ، واتبع هواه وكان أمره فرطا ، فَبَعِيدٌ مَن قَلبُه بعيد من الله تعالى ، غافل عنه ، مُتَعَبَّدٌ لهواه ، مُسَيَّرٌ لشهواته ، ولسانه يابس من ذكره ، وجوارحه معطلة من طاعته مشتغلة بمعصية الله ، أن يوفق لحسن الخاتمة " انتهى .

والله أعلم .

 

https://islamqa.info/ar/224448

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله بالسائلة والمجيبة

نسأل الله حسن الختام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×