اذهبي الى المحتوى

المشاركات التي تم ترشيحها

12407352_1008801245850823_1152925507_n.jpg?ig_cache_key=MTE1NjU3MjUxMjI5MzYwODAyMg%3D%3D.2

 

 

آية غيّرتني -

(قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ (165) آل عمران)

 

د. رقية العلواني

 

 

استوقفني جزء من آية في سورة آل عمران، الآيات التي تحدثت عن غزوة أحد وكلنا يعلم أن غزوة أحد وما حدث فيها كان من المواقف الصعبة جدا على المسلمين وتلك المواقف أراد القرآن من خلالها ومن خلال التعامل مع تلك الأحداث أن نتعلم منها درسًا بل دروسًا في حياتنا وتعاملاتنا. يقول الله عز وجل

(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) آل عمران).

استوقفني الجزء

(قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ)

عشرات الأحداث والصعوبات والمصائب والنتائج السلبية تحدث في واقعنا اليوم كأفراد ومجتمعات ودول ونتساءل "أنى هذا" ولننا في كثير من الأحيان لا نقف على ما وقفت عنده الآية

(قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ)

صحيح كل ما في هذا الكون لا يخرج عن إذن الله سبحانه وتعالى وإرادته ومشيئته ولكن هذا لا يلغي الإرادة الإنسانية ولا الكسب الإنساني ولا العمل وإلا لم يكن هناك معنى لمحاسبة الإنسان ومسؤولية الإنسان عن أفعاله، ما يحدث في واقعنا كمجتمعات ودول وأفراد في غالب الأحيان إنما هو من عند أنفسكم فيما يتعلق بالمسؤولية الفردية.

 

استوقفني هذا الجزء من الآية لأننا في كثير من الأحيان حين تحدث إخفاقات في حياتنا لا نعزوها إلى أنفسنا ولا نعزو هذه الإخفاقات إلى مسؤوليتنا الفردية ولا نقف مع ذواتنا وقفة مراجعة ومحاسبة أنا ماذا فعلت فخرجت وتوصلت إلى هذه النتيجة السلبية؟ أو هذه النتيجة غير المرضية؟! ما الذي قادني إلى الإخفاق؟ ما الذي ينبغي أن أتعلمه وما الذي ينبغي أن أتجنبه في حياتي لكي لا تتكرر التجربة، لكي لا تتكرر الإخفاقات التي تحدث، لكي لا تعاود المصائب الكرة بعد الكرة في حياتنا ومجتمعاتنا.

 

مقولة

"التاريخ يعيد نفسه"

هذه مقولة ينبغي أن نتوقف عن سردها بتلك العفوية الساذجة التي ما أصابتنا إلا في المزيد من المصائب. التاريخ لا ينبغي أن يعيد نفسه حين يتعلم الإنسان من ذلك التاريخ ومن أحداثه، الناريخ لن يعيد نفسه حين يقف المؤمن مع آيات الكتاب ويتعلم منها الدروس ويأخذ العبر ويتعلم أن لا يعيد التجربة الفاشلة مرة بعد مرة وإلا صار التاريخ، كل التاريخ مهزلة في حياة الأمم والشعوب! الشعوب والأفراد الذين لا يتعلمون من تاريخهم ولا من ماضيهم هم شعوب فعلًا يستحق الواحد منهم أن يعيد التاريخ عليه نفسه مرات ومرات ففي الإعادة إفادة كما يقال، وكثرة التكرار يمكن أن تعلّم الإنسان الذي لا يتعلم – لا أريد أن استخدم الكلمة في الأمثال السائدة- هذه الإخفاقات ينبغي أن نتوقف عندها.

 

 

بعض الطلبة على سبيل المثال تسقط منهم الكلمات ليس سهوًا وإنما بطريقة عفوية لما يتعلمونه من واقعهم ومجتمعاتهم وأسرهم، حين يفشل في امتحان ما أو يحصل على درجة قليلة أو على أداء غير جيد، أول كلمة يقولها: أمي وأبي قالوا لي وعمي وخالي: أصابوك بعين! أيّ عين تلك التي نتحدث عنها؟! وهل كل العيون فقط تصيب عالمنا العربي والإسلامي تحديدًا؟ تصيبنا كأفراد ومجتمعات وشعوب ودول؟! ما بال تلك العين لا تصيب إلا نحن؟! أيّ عين تلك التي أصبحنا نرد إليها الإخفاقات والفشل واليأس الذي بات يسيطر علينا من الداخل ويهزمنا من الداخل لا من الخارج.

 

(قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ)

هو من عند نفسي التي ينبغي أن تتعلم الدرس وتقف وتسأل وتحاسب وتكتب بالورقة والقلم لماذا حدث ما حدث؟ ليس لأجل أن أجترّ الماضي وأبكي عليه وأندب حظي! فالمسألة ليست فيها حظ، الحظ في القرآن هو العمل، الحظ لا يمكن أن يكون عملية صدفة وربط للأحداث بدون شواهد.، هذا لا يمكن أن يكون

 

ليس العيب أن نفشل ليس العيب أن نخوض تجربة وتجربتين وأكثر ولا يحالفنا النجاح ولكن العيب كل العيب أن لا نتعلم من كل تلك التجارب الفاشلة التي نمر منها. العيب كل العيب أن لا نخرج من التجربة الفاشلة أصلب عودًا وأصفى ذهنًا وأسرع إدراكًا وأكثر فهمًا وعمقًا ما أصابنا وما يصيبنا وأكثر توقعًا وإدراكًا وحذرا في الأيام المستقبلية في الخطوات التي نخطوها، في القرارات التي ينبغي أن نتخذها في حياتنا، علينا أن نتعلم من أخطائنا كما يعلمنا القرآن في كل تلك المواقف التي يعرضها لنا.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

آية غيّرتني -

(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك

د. رقية العلواني

B2bMy32CIAAYBdx.jpg

 

(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (2) الملك)

 

 

لو تأملنا في حقيقة الدنيا، لو تأملنا في الحكمة وراء هذا الخلق العظيم الذي خلقه الله سبحانه لوجدنا الإجابة على ذلك في العديد من آيات الكتاب العظيم، واحدة من تلك الإجابات ما جاء في قوله عز وجل في أول سورة الملك

(تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ).

 

ودعونا نتوقف عند قوله عز وجل

(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)

يا ترى كيف نحسن العمل؟

وهل إحسان العمل يقتضي الزيادة فيه؟

هل إحسان العمل يُكتفى فيه الزيادة في الطاعة أو في الفعل أو في النوافل أو ما شابه؟ أم أن ثمة أمر آخر يتعلق بإحسان العمل؟

 

لو بحثنا عن ذلك لوجدنا أن الأمر الذي يتوقف عليه حسن العمل عند الله عز وجل إنما هو الإخلاص بمعنى تخليص العمل من كل ما يشوبه وتقديم العمل بين يدي الله عز وجل خالصاً لوجهه. وعرّف العلماء الإخلاص بتعريفات متعددة ولكن مجمل هذه التعريفات تدور حول أن الإخلاص أن لا تطلب على عملك شاهدًا إلا الله ولا تنتظر مجازيًا سواه، صدق النية والتوجه لله سبحانه وتعالى، إرادة وجه الله عز وجل في كل شيء، عدم التصنّع للناس أو انتظار المحمدة منهم أو طلب أموال أو تعظيم أو ثناء أو محبة وإنما إرادة وجه الله عز وجل فيما نقوم به من عمل. المسألة لا تدور حول حجم العمل، فهب أنك تصدقت بمال المسألة لا تدور حول كمية المال الذي تصدقت به ولا الذي أنفقت إنما مدار القبول عند الله عز وجل أن آتي بالعمل خالصًا لوجهه. وتأملوا قوله عز وجل

(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (الأنعام))

لله رب العالمين لا شريك له، عملي الذي أقوم به لله وحده لا أنتظر منه جزاء من البشر وإنما هو خالصًا لله وحده. ويستوقفني ذلك الموقف من النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجل يسأله: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر، ما له؟

يريد الأمرين مع بعض، يريد الأجر ويريد الذكر، يريد الثناء من الناس، يريد أن يقال عنه لشجاع جريء لا يخاف الموت، فماذا له؟

فإذا بالنبي صلّ الله عليه وسلم يقول: لا شيء له، أعادها ثلاث مرات ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتُغي به وجهه. ولذلك كان العديد من الصالحين يتحرّجون حتى من أن يعرف بهم أقاربهم بما يقومون به من عبادات وصدقات ومساعدة للمحتاجين وتفريج كروبهم وهمومهم. ولنا نحن اليوم ونحن نرى في حياتنا الكثير من المظاهر التي اختفت فيها هذه العملة، الإخلاص سر بين العبد وربه لا يطلع عليه ملك فيكتبه ولا أحد يطّلع عليه، سرٌ بين الإنسان وربه. لا أستطيع أن أصف إنسانًا وأقول: هذا فلان مخلص في عمله. ولكن ماذا خسرنا اليوم حين لم يعد موضوع الإخلاص في نفس الأهمية التي كان عليها في عهد النبوة على سبيل المثال؟

 

هناك ضعف في الهمة، هناك خمول في تحصيل الأعمال والإقبال عليها، هناك شعور في بعض الأحيان بشيء من العجز والإحباط وضيق في الصدر، الإنسان قد يعمل العمل في ظاهر العمل أنه عمل صالح ولكن الإشكالية أنه لا يجد لذلك العمل ثمرة في حياته من راحة، من طمأنينة، من سعة في الصدر، وهنا عليه أن يراجع نفسه في قضية الإخلاص هنا عليه تمامًا أن ينتبه هل بالفعل هناك إخلاص في هذا العمل الذي اقوم به أم أن العمل قد داخله شيء آخر؟

 

ولكن لنا أن نتساءل: ماذا لو قلّ الإخلاص في نفسي وفي قلبي في العمل الذي اقوم به حتى وإن كان العمل صالحًا، نحن نتكلم عن الأعمال الصالحة ماذا حين يقل فيها الإخلاص كيف نعالجه؟

أعظم معالجة لهذه القضية أن نتوقف طويلًا عند حقيقة الدنيا ونتعرف عليه وندرك كم هي ضيئلة ونتعرف على الناس وعلى أن هؤلاء البشر الذين قد نعمل لهم ألف حساب لأجل ثناء أو محمدة أو ما شابه إنما هم بشر مثلنا لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا لا يملكون لأنفسهم موتًأ ولا حياة ولا نشورًا لا يملكون جزاء لأنفسهم فكيف يمكن أن يجازونا بما نفعل؟!.

 

إذا وقفنا عند هذه الحقائق طويلًا وشعرنا بأهميتها وأدركنا أن الله سبحانه وتعالى هو الذي بيده كل شيء، هو الذي يجازي بالإحسان إحسانًا هو صاحب الفضل والإنعام هو الذي يمكن أن يقبل من عباده الدرهم والدينار ويضاعفه أضعافًأ كثيرة، هو الذي يقبل الصدقة من عباده، هو الذي يقبل التوبة، هو الذي يقبل إدخال الفرح والسرور على المساكين والمحتاجين، هو الذي لا ينظر إلى حجم العمل الذي نقوم به ولا إلى عدد الدنانير التي نتصدق بها ولكن ينظر إلى تلك القلوب التي باشرت هذه الأعمال الصغير منها والكبير. فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى صورة العمل وإنما ينظر إلى القلب وموقع العمل فيه والتوجه فيه نحو الله سبحانه. هذه المعاني حين تبدأ في التعزيز في قلبي وفي نفسي وحياتي يتغير معنى تقديم العمل، لا يعد الإنسان بالفعل يرى الناس حال مزاولته لعمل من الأعمال لا يرى لعمله أحد مستحق للتوجه به ونحوه إلا الله سبحانه وتعالى، وهنا يتحقق معنى الإخلاص ويجد الإنسان ثمرة لذلك الإخلاص: حلاوة في العمل، طمأنينة في النفس، سعة في الرزق، غقبال على الطاعات وعمل فتور وتكاسل عنها، توفيق في الخير والعمل الصالح، فتح أبواب الرزق والرزق لا ينحصر في مال ولا في ولد ولا في صحة، من أعظم أنواع الرزق أن يرزقك الله طاعة ربما أنت لم تسعَ إليها، أن يفتح لك باب خير ربما أنت ما وقفت ولا قمت بالسعي لأجله أو لفتحه ولكنه فتح أمامك، كل هذه الدلائل والعلامات علامات على قبول العمل من الله سبحانه وتعالى، ثمرات لذلك الإخلاص الذي نحتاج اليوم أن نعتني به أشد الاعتناء

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم جزاك الله اختي على هذا الموضوع ويجعله في ميزان حسناتك بالفعل لقد شجعتيني على حفظ القرآن الكريم لقد حفظت حزبين من سورة البقرة لكن تكاسلت مع ضيق الوقت و الدراسة و لكن سأبدأ إن شاء الله بحفظ كتاب الله

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الاخت زهرة متفتحة

رمضان مبارك عليك وعلى جميع الاخوات

يارب يكون هذا الشهر الفضيل دافع لحفظك مزيد من القرآن الكريم

جعل الله القران ربيع قلبك و نور صدرك و وفقك في الدين و الدنيا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

آية غيّرتني -

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ( الأحزاب))

د.رقية العلوانى

 

 

01.jpg

 

 

 

كلنا اليوم ينشد الأمان، كلنا يبحث عن الاستقرار، أفراد، مجتمعات، دول، الكل يطلب الأمن والأمان. ولكن يا ترى من أين يأتي الأمن والاستقرار والأمان؟!

كيف يحقق الإنسان في حياته كفرد والمجتمعات والدول ذلك الأمان؟!

وهل أجاب القرآن بالفعل عن هذا التساؤل الذي يحيّر الإنسان في المجتمع المعاصر أكثر من أي وقت مضى؟

 

بالتأكيد الأمان من أعظم النعم يُنعم الله سبحانه وتعالى بها على البشر ومن هنا امتنّ على قريش فقال

(الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (قريش))

فلا يمكن أن يتحقق رخاء ولا استقرار بوجود الخوف، بوجود القلق، لا يمكن أن يهنأ للإنسان بال وهو خائف مترقب، فكيف يا ترى أجاب القرآن عن كل هذه التساؤلات؟

 

 

القرآن يجيب ويعالج مسألة الأمن من جذورها، القرآن حين يتعاطى مع المسائل المختلفة في حياة الأفراد والمجتمعات يعالج من الجذور، يعالج من الأساس، يعالج بعمق ولذا نجد أن القرآن حين تعرض لمسألة الأمن والاستقرار ربط هذه المسألة بمفاتحها فمفتاح الأمن والأمان:

الإيمان والأمانة.

 

 

والربط بين الإيمان والأمانة في القرآن واضح، بل إن النبي صلّ الله عليه وآله وسلم يقول: لا إيمان لمن لا أمانة له.

ولكن يا ترى ما معنى الأمانة؟

البعض منا يعتقد أن الأمانة مجرد أن يودع أحد الأشخاص مبلغًا من المال، دراهم دنانير معدودة وعلى الطرف الآخر أن يعيدها إليه حال سؤاله لها.

الحقيقة أن الأمانة أوسع من ذلك بكثير جدًا.

 

الأمانة تدخل في كل جزئيات حياتنا، الأمانة تدخل في الكلمات التي نقول، بل الأمانة تدخل في الكلمات التي نسمع، الأمانة تدخل حتى في الأشياء التي وهبني الله عز وجل إياها، السمع، البصر، الفؤاد، العقل، الوقت، المال، الصحة، كل شيء، كل جزئية، ليس ثمة مجال من مجالات الحياة إلا وتدخل فيه الأمانة بل إن العلاقة الكبرى التي تربط بيني وبين خالقي عز وجل هي أمانة سأُسأل عنها وتأملوا في قوله عز وجل

(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا).

الأمانة التزام، الأمانة أعباء، الأمانة مسؤولية، ولذلك بعض العلماء عرّف الأمانة بأنها كل التكاليف، كل ما افترضه الله عز وجل عليّ.

 

وأنا أقول أن الأمانة هي كل شيء في حياتنا لا يمكن إلا أن تدخل فيه الأمانة.

نحن نريد أن نركز على موضوع العلاقة بين الأمانة والأمن وإلا فإن مجالات الأمانة واسعة جدًا سنتطرق إلى الكثير منها في حياتنا ومواقفنا التي نعيش.

ولكن العلاقة بين الأمن والأمانة:

الأمن هو ثمرة، هو نتيجة، الأمن هو مكتسب يكتسبه الفرد والمجتمع

ولكن يا ترى متى؟

حين يقوم الفرد بإيصال الأمانات إلى أهلها، حين يصبح الأفراد مجموعة من الأمناء، حين يشيع وينتشر خُلُق الأمانة في كل جزئيات الحياة، هنا يشعر الإنسان فعلًا بالأمان الحقيقي وليس الأمان المصطنع لأن العجيب في القرآن أن القرآن لا يحدثني فقط عن الأمان بشكله الظاهري وعدم الخوف، القرآن يحدثني عن الأمان الداخلي في داخل الفرد ويحدثني عن الأمان خارج الإنسان وخارج الفرد في المجتمع.

 

الأمان الداخلي الذي يجعل الإنسان يعيش بعيدًا عن الخوف، بعيدًا عن القلق، يشعر بأنه متصالح مع نفسه متصالح مع من حوله، هذا النوع من الأمان القرآن يتحدث عنه وكِلا الأمانين: الأمان الداخلي وما يمكن أن نطلق عليه الأمان الخارجي ثمرة ومكتسب لأمانة الفرد، لحرصه على أداء ما افترضه الله عز وجل عليه، لحرصه على التعامل بالشكل الذي فرضه وأوجبه ربي سبحانه، بحرصه على أداء الحقوق، بحرصه على أداء التزاماته، العبادة أمانة كما ذكرنا قبل قليل الأمانة الكبرى الأساس في حياتي أن الله قد عينني خليفة على هذه الأرض

(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً (30) البقرة).

 

هذه الخلافة هي أمانة سأُسأل عنها علي أن أؤديها إلى من أمرني بأدائها والحرص عليها. أعمالي، وظائفي، التزاماتي، تعاملي، سلوكي، أخلاقياتي، أمانة. كل هذه الجوانب في حياتي متى ما ترقيت في إيصالها بشكلها الذي ينبغي أن تكون كلما شعرت بالأمان الحقيقي في حياتي، كلما ابتعدت وتخلصت من الخوف. الخوف من أين يأتي؟ يأتي من تزعزع الإنسان وثقة الإنسان بما حوله ومن حوله.

 

القرآن يحقق الأمانة بين الأفراد حين يُشعر الإنسان أنه في مأمن على عرضه ونفسه وماله وحياته ولا يمكن أن يتحقق ذلك الأمان إلا بالتزام الآخرين بما ينبغي أن يكون لهذا الشخص عليهم من حقوق وبما يؤدونه من واجبات. ولذا كما سنتعرض في حلقات ولقاءات قادمة بإذن الله عن الأمانة في الكلام، الأمانة في السماع،

الأمانة في استعمال الحواس

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا(الإسراء))

لماذا يا رب؟

لماذا يا رب تجعل جهاز المراقبة عند الإنسان بهذه الدقة؟

 

للحافظ على الأمانات، أعراض الناس وحقوق الناس أمانات سنُسأل عنها والمجتمع الذي ينشد الأمان لا يمكن أن يحققه إلا من خلال سلسلة من السلوكيات والتصرفات الواعية من بين أفراده، تلك التصرفات التي تنعكس على أدائهم في وزارات وفي مؤسسات وفي أعمال مختلفة وفي كل الوظائف الصغيرة كما الكبيرة

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

آية غيرتني -

(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ(آل عمران)

د. رقية العلواني

 

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. يوصف الزمان الذي نعيش فيه بأنه عصر السرعة، سرعة في كل شيء، ولكن السرعة التي يحدثنا عنها القرآن سرعة مختلفة ومن زاوية مختلفة. القرآن يحدثنا عن السرعة ويعني بها المبادرة إلى الطاعات والسبق إليها والاستعجال في أدائها وعدم الإبطاء أو التأخير فيها أبدًا. وتأملوا معي هذه الآيات العظيمة يقول الله عز وجل

(يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ )

 

ويقول

(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ

( آل عمران))

ويقول في صفة المؤمنين

(أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ )

ويقول

(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ )

ما هو ذاك السباق الذي يتحدث عنه القرآن؟ وهل الإنسان يعيش في الدنيا في سباق؟ السباق الذي يحدثنا القرآن عنه سباق الإنسان مع الزمن الذي ينقضي أحيانًا كثيرة دون أن نشعر بمروره، الشهر والشهران والأشهر والسنة والأعوام تمر هكذا تباعًا فإذا لم يتيقظ الإنسان لمرور الزمن ويستشعر بسرعة انقضاء الأيام ويبارد بالأعمال والطاعات والصالحات ويتزود منها فهو حتمًا من الخاسرين في ذاك السباق. الدنيا بأسرها سباق ولكن الناس يختلفون في فهم ذلك السباق، منهم من يراه سباقًا لجمع الأموال ومنهم من يراه سباقاً في تحصيل اللذات العاجلة من لذات الدنيا ولو كان بتفويت ملذات الآخرة الباقية، منهم من يسابق نفسه وحياته في سبيل إدراك شهرة أو حيازة منصب أو ما شابه وهكذا يختلفون في السباق!

 

ولكن منهم من أيقظ الله سبحانه وتعالى بصيرته فأدرك معنى السباق الحقيقي، السباق إلى الآخرة، ذلك السباق الذي يحدثنا القرآن عنه ويحدثنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حين يقول: لا تنافس بينكم إلا في اثنتين رجل أعطاه الله عز وجل القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتّبع ما فيه، فيقول رجل آخر ينظر إلى هذا الرجل الأول: لو أن الله تعالى أعطاني مثل ما أعطى فلانًا فأقوم به كما يقوم به، ورجل أعطاه الله مالًا فهو ينفق ويتصدق فيقول رجل لو أن الله أعطاني مثل ما أعطى فلانًا فأتصدق به. إذن هذا هو السباق ليس الذي نعرفه ذاك السباق المحموم الذي يصوّر الذنيا وكأنها سباقًا لتحصيل الملذات الحسية فحسب، إنه سباق من نوع آخر سباق يتنافس فيه المتنافسون في عمل الخير والمبادرة به، سباق يرى فيه العاملون أن كل لحظة من لحظات العمر التي تمر لا بد أن يسجلوا فيها طاعة سجدة لله سبحانه وتعالى كلمة ذكر أو تسبيحة أو استغفار أو عمل صالح أو باب خير يفتح لهم أو آية في كتاب الله يقرأونها يتدبرون فيها يبادرونها يبادرون بتطبيقها في حياتهم، يبادرون في تعليم الخير للآخرين. هب أنك سمعت كلامًا طيبًأ فأعجبك، أين التنافس في نقل هذه المعلومة؟

أين التنافس في تعليم الخير والبر والمعروف والإحسان للناس؟

أين التنافس في أعمال البر

 

 

(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ )

أين التنافس؟ وأين ذلك التنافس في أعمال الخير والمبادرة بها من ذلك التنافس المشؤوم المحموم الذي يولد الصراع والنزاع والشقاق والفرةق بين الناس على الدنيا؟ الدنيا تفرّق، أما التنافس على الآخرة فهو الذي يجمع. انظر إلى حال المتنافسين على سبيل المثال في حفظ آيات الكتاب العظيم، انظر لهم كيف يتساءلون فيما بينهم: أين وصلت في السورة الفلانية؟ أين وصلت في تلك الآية؟

أنا فعلت كذا، ليس من باب التباهي ولا من باب التفاخر ولكن من باب التنافس المحمود. انظر إلى تلك المواقع الطيبة تلك المواقع العطرة في الأعمال الصالحة، انظر إلى ذلك الدال على الخير فالدالّ على الخير كفاعله، انظر إلى ذلك الذي ينشر الخير ويعلمه للآخرين كم من الأجر والثواب يسابق فيه، انظر إلى هذا النوع من السباق وتأمل في حال المتسابقين، من هو الرابح فيهم؟ هل الرابح هو ذلك الحريص على الملذات العاجلة؟ القرآن لا يريد منا أن نعيش للآخرة وننسى الدنيا، أبدًا، القرآن يعطيني نظرة متوازنة القرآن يعلمني أن أعيش للدنيا كأني أعيش أبدا وأن أعيش للآخرة كأني أموت غدا. القرآن يعلمني التوازن في حياتي القرآن كما رأينا في تلك الآيات وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم رجل آتاه الله مالًا، فتح الله عليه فضل المال ولكن اين ينفق هذا المال؟ أين وجوه الخير؟ أين الطاعات؟ أين المبادرة؟ أين الدخول في سباق مع الآخرين في أعمال البر والخير والإعمار والزراعة والغرس وكفالة الأيتام ورعاية الفقراء وبناء المدارس وتشييد المستشفيات وأعمال الخير وحفر الآبار وترميم البيوت وغير ذلك من أعمال الخير التي هي معروضة أمام أعيننا اليوم. بادروا بالأعمال بادروا بها واستبقوها لأنك لا تدري ما الذي يعرض لك بعد قليل، لا تدري ما الذي يلهيك بعد قليل، لا تدري ما الذي يصرفك ويشغلك بعد قليل العاقب الفطن الكيس هو الذي يستغل اللحظة التي يعيشها الآن يعيشها بكل ما فيها من معاني البر والخير، أينما سمع عن عمل خير أو لم يسمع في بعض الأحيان المتسابق في الخير يبحث عن فرص العمل الخيري، يبحث عن فرص العمل الصالح بكل أشكاله وأنواعه. العمل الصالح لا ينحصر فقط في إعطاء مسكين لمال، أبدا، العمل الصالح يأتي بكل ما هو نافع للبشرية، بكل ما هو فيه خير ويدفع كل ما فيه ضرر على الآخرين، العمل الصالح يمكن أن يكون إماطة الأذى عن الطريق العمل الصالح يمكن أن يكون كلمة خير أقوم بإيصالها للآخرين، كلمة بر، العمل الصالح يمكن أن يكون في أشياء بسيطة متواضعة لا ننتبه إليها، كأس من الماء أقوم بإيصاله لمن يحتاج إليه، تيسير طريق، فتح طريق مرور، إعطاء فسحة طريق أمام الآخرين، شخص ربما يقف ويريد أن يعرف طريقه وهو لا يعرف بالضبط أين يذهب هنا أو هناك وتأتي أنت وتدله ترشده إلى ذلك الطريق الصح، هذا من أعمال الخير والبر. إرشاد الناس، إرشاد الضالّ إلى الطريق الصح، هذا من أعمال البر، أعمال البر غير متناهية على الإطلاق، أعمارنا تتنتهي ولكن أعمال البر والخير لا تنتهي. العاقل هو الذي يستبق تلك الأعماليبادر بأخذ الفرص، يقتنص الفرص كلما جاءته فرصة، بل لا ينتظر إلى أن تأتيه الفرصة يبادر ويذهب لأخذ تلك الفرصة ويسارع للقيام لها، سمع المؤذن فإذا به يبادر بالصلاة قبل أن يشعر بفتور أو كسل أو ما شابه، يبادر بهذه الأعمال الطيبة قبل الآخرين ويدل الآخرين عليها فيشاركهم في الأجر والثواب والعطاء، يساعد ويرفع ويدفع ويعطي ويأخذ ولكنه يجد نفسه وذاته في العطاء أكثر من الأخذ لا يبتغي من الناس ثوابًا ولا مدحًا ولا ثناءً ولكن كل ما يتمناه ويريده أن يحصل على رضى الرحمن وأن يكون من السابقين وأن يكون من المقربين

(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×