اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

تدبر آية....(الكلم الطيب)

المشاركات التي تم ترشيحها

في أداء هذه الفريضة وَصْلُ حاضِرِ الأمة بماضيها ، وربطُ المسلمين بتاريخ هذا البيت العتيق ، فكل موقف من مواقف الحج مرتبط بِحَدَثٍ يُثير في نفوس الحجاج الذكريات . وفي أدائه تحقيقُ المساواة بين الناس على الرغم من اختلاف أجناسهم وألوانهم ، وتباين ألسنتهم ، وتباعد بلادهم ، فالجميع ربُّهم وخالقُهم واحدٌ ، كلُّهم من آدمَ ، و آدمُ من ترابٍ ، يذكرون الله – تعالى – ويلبونه ، ويتذللون له في كل موقف ، وكل مكان ، وفيه تقوية أواصر الأخوة و المحبة التي تربط المسلم بخالقه . {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 96 ، 97]

 

 

إن الله تعالى لم يطلب من الإنسان أن يؤمن بمجرد سماع القرآن؛ بل دعاه إلى تدبر هذا الكلام والتفكر فيه؛ ليكون حكمه بعد ذلك عن علم ويقين, فهناك ينفع الإيمان ويثبت:{كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب}[ص:29],فالتدبر هو الطريق الموصل للحق عن علم واقتناع, أما الجواب عن الخطاب بلا تدبر:تقليداً, أو إعراضاً وتكبراً, فهو ما ذمَّه الله تعالى. فإن الله قال فيمن ترك التدبر تقليداً {أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين},فلو جاءهم ما جاء آبائهم الأولين لآمنوا به. وهذا مانعٌ عن التدبر من خارج النفس. وقال عمَّن ترك التدبر عناداً وإعراضاً{أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}[محمد:24]،وهذا مانعٌ عن التدبر من داخل النفس. فمن سلم هذين الأمرين حصل له التدبر على التمام.

 

 

سبحان الله القائل عن نفسه أنه {ملك الناس* إله الناس} سبحان الله..تجد كل ملك لديه شعب، وتجد شعبه منهم يحبه، ومنهم يبغضه، ومنهم يخافه وهكذا. لكن سبحان الله، الله {ليس كمثله شيء}فلذالك هو ملك الناس،وهو إلههم. والألوهيه معنها التعلق. يقال:فلان ولهان أي متعلق. فسبحان الله العباد كلهم متعلقون به خوفا وطمعا ومحبة ومفزعا وإنابة وسؤالا لقضاء حاجاتهم وكل شيء فلن تجد على وجه الأرض ملكا بهذه الصفات سبحانه وتقدس.

 

 

{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] لما كان الاصطفاء للرسالة رحمة لمن يُصطفَى لها ورحمة للنّاس المرسل إليهم ، جعل تحكمهم في ذلك قسمة منهم لرحمة الله باختيارهم من يُختار لها وتعيين المتأهل لإبلاغها إلى المرحومين . ووُجِّه الخطاب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأضيف لفظ: ( الرب ) إلى ضميره إيماء إلى أن الله مؤيده تأنيساً له ، لأن قولهم : {لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم} [ الزخرف : 31 ] قصدوا منه الاستخفاف به ، فرفع الله شأنه بإبلاغ الإنكار عليهم بالإقبال عليه بالخطاب وبإظهار أن الله ربّه ، أي متولي أمره وتدبيره .

 

 

{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ}[الزخرف:32] أي: أهم الخزان لرحمة اللّه، وبيدهم تدبيرها، فيعطون النبوة والرسالة من يشاءون، ويمنعونها ممن يشاءون؟ {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ}[الزخرف:32] أي: في الحياة الدنيا، والحال أن رَحْمَةَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من الدنيا. فإذا كانت معايش العباد وأرزاقهم الدنيوية بيد اللّه تعالى، وهو الذي يقسمها بين عباده، فيبسط الرزق على من يشاء، ويضيقه على من يشاء، بحسب حكمته، فرحمته الدينية، التي أعلاها النبوة والرسالة، أولى وأحرى أن تكون بيد اللّه تعالى، فاللّه أعلم حيث يجعل رسالته. فعلم أن اقتراحهم ساقط لاغ، وأن التدبير للأمور كلها، دينيها ودنيويها، بيد اللّه وحده. هذا إقناع لهم، من جهة غلطهم في الاقتراح، الذي ليس في أيديهم منه شيء، إن هو إلا ظلم منهم ورد للحق.

 

 

{قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي }[سبا:50] الخير كله من عند الله، وفيما أنزله الله عز وجل من الوحي والحق المبين فيه الهدى والبيان والرشاد، ومَنْ ضل فإنما يضل من تلقاء نفسه.[تفسير ابن كثير] وهذا يدلنا على أن طريق الهداية للعبد إنما يكون باتباع العبد للوحي من قرآن وسنة, وأن أي مخالفة إنما تكون سببا في زيغ العبد وانحرافه عن طريق الهداية

 

 

يقول الله تعالى ” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” عندما أحس أن ربى يحب الإحسان ، و أنه كتبه على كل شئ كما حدث نبيه الكريم ، فإننى أرفض الفوضى ، و التقصير ، و العجز ، و لا أباشر عملاً دينياً ولا دنيويا إلا تركت عليه طابع الإجاده و الجمال. إن الله الذى أعبده يكره التشويه ، والعبث ، و الدمامه. إنه أحسن كل شئً خلقه ….فلأكن فى هذه الحياة مثالاً لترتيب الأمور ، و تنسيق الأوضاع ، و إحكام العمل. محمد الغزالى – المحاور الخمسه فى القرآن

 

 

يقول الله -عز وجل- في غير ما آية عن القرآن:{تنزيل من رب العالمين} تأمل معي هذه الآية الكريمة التي تخبر أن القرآن إنما نزل من رب العالمين رب الأولين والآخرين، ربكم ورب آبائكم أجمعين فهو سبحانه رب كل الناس ورب كل الخلق الذي يقوم على شئونكم وهو مربيكم وهو القائم على الخلق بالرعاية فهو سبحانه المربوب الحق المدبر لكل شيء فتأمل هذه الآية تجدها رسالة إلى الناس تبين لهم الطريق الصحيحة والسبيل القويم. فما عليك إلا أن تتلقى رسالة الله إليك بالقبول والتسليم والخضوع والاستسلام، فها هو القرآن الرسالة الخالدة التي أرسلها الله للناس أجمعين ليكون لهم هاديا ويكون لهم منارا يسيرون على نوره ويهتدون بهدية ويسيرون على نهجه ولم لا وهو تنزيل ممن تعهد العالمين بالخلق والتربية.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا} [التوبة:36] دلت الآية أن الواجب تعليق أحكام العبادات وغيرها بالشهور والسنين التي تعرفها العرب، دون شهور العجم والروم وإن لم تزد على اثني عشر شهرا، لقوله : (منها أربعة حرم) وهي خاصة بشهور العرب. [القرطبي]

 

في آيات الحج عالج القران خصائص الجاهلية وكيفية تنقية المجتمع المسلم منها بأسلوب يستثمر المناسبة ويقتنصها، ومن ذلك التكبر على الناس والتميز عنهم، والفخر بالآباء والتعصب لهم، تدبر: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} [البقرة:199] و{فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا}[200] فما أحوج الدعاة والأمة جميعا لمثل هذا الأسلوب، ولذلك النقاء. [أ.د.ناصر العمر].

 

قال تعالى بعد ذكر المناسك: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} [البقرة:199] كثيرا ما يأمر الله بذكره بعد قضاء العبادات. عن وهيب بن الورد أنه قرأ: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا} [البقرة:127] ثم بكى وقال: يا خليل الرحمن! ترفع قوائم بيت الرحمن وأنت مشفق أن لا يتقبل منك؟ [ابن كثير]

 

 

{وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة:197] الجملة تتضمن غرضين: الغرض الأول: الأمر بالتزود للحج؛ إبطالا لما كانوا يفعلونه من ترك التزود للحج، وقطعا لتعلق القلب بالخلق عن الخالق، ويؤيد هذا سبب النزول من قول ابن عباس: (كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}. والغرض الثاني لقوله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى} [البقرة:197]: الحث على التزود من الطاعات للآخرة، وهو إشارة إلى استغلال موسم الحج بالطاعة فيه. ويؤيد هذا الغرض تعقيب الجملة بقوله تعالى: {فإن خير الزاد التقوى}.

 

 

لما بين الله تعالى أن نحر بهيمة الأنعام من الشعائر المتفق عليها بين الأمم، ختم الآية بقوله: {فإلهكم إله واحد فله أسلموا} [الحج:34] وهي إشارة واضحة إلى أن أعظم رابط يجمع الأمم هو توحيد الله تعالى،وما يتفرع عنه من أخلاق وأعمال، دون ما سواه من الروابط الأرضية. [د.عمر المقبل]

 

 

يقول أحدهم: لقيت بمنى شابا غير عربي، يحمل شيخا كبيرا فوق ظهره، فأردت أن أشكره لبره، فقلت:جزيت خيرا لبرك بأبيك، فقال: لكنه ليس أبي ولا من بلدي، قلت: فمن إذن؟ قال: وجدته بعرفة ليس معه أحد، فحملته على ظهري إلى مزدلفة، ومنها إلى منى، قلت:لم فعلت ذلك؟ فقال: سبحان الله {إنما المؤمنون إخوة}!.

 

تدبر {ليشهدوا منافع لهم} [الحج:28] وقف متأملا لقوله: {لهم} لتدرك أن كل عمل من أعمال الحج يعود عليك بنفع عظيم، خلافا لما يتصوره الكثيرون من أن الحج مجرد أعمال تعبدية لا يدركون أثرها، وهذا يفسر التسابق للبحث عن الترخص والتخلص من كثير من واجباته وأركانه، ولو أدركوا نفعه المباشر لهم لما فعلوا!! [أ.د.ناصر العمر]

 

 

{وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة:96] ففي قوله:{لله} تنصيص على أهمية الإخلاص في هاتين العبادتين. [السعدي] يسيرون من أقطارها وفجاجها ... رجالا وركبانا ولله أسلموا دعاهم فلبوه رضا ومحبة ... فلما دعوه كان أقرب منهم! [ابن القيم]

 

 

{إنا أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر}. النحر أفضل من الصدقة التي في يوم الفطر؛ ولهذا أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشكر نعمته عليه بإعطائه الكوثر، بالصلاة له والنحر، كما شرع ذلك لإبراهيم خليله عليه السلام عند أمره بذبح ولده وافتدائه بذبح عظيم. [ابن رجب]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال رجل من اليهود لعمر: يا أمير المؤمنين، لو أن علينا نزلت هذه الآية: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[المائدة:3] لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة، في يوم جمعة، متفق عليه. والسؤال: كم هم المسلمون الذين يعرفون من قيمة هذه الآية ما عرفه هذا اليهودي؟!

 

 

{ليشهدوا منافع لهم}[الحج:28] من منافع الحج العظيمة التي تشملها الآية:أن يتعلم الحجاج ما به منفعتهم في الآخرة. أما منفعة الدنيا فالناس أساتذة ذلك، لكن منفعة الآخرة الناس اليوم بأشد الحاجة إليه، وإذا كان زمن الحج قصيرا، فالواجب أن يكثف الجهد في الحج لتعليم الجاهل وتبصير الغافل، فأوصي كل من يذهب إلى الحج وله فضل علم أن يبلغه؛ لأن النبي نادى بعرفة فقال: (اللهم هل بلغت اللهم فاشهد). [صالح آل الشيخ]

 

ما أحسن العبد -وهو ذاهب لأداء نسكه- أن يستشعر هذه الآية: {آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً}[المائدة:2] لعل ذلك يحدوه إلى امتثالها، ودعاء الله بتحقيقها.

 

{يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير}[ق:44] جعل الله لهذا المنظر مثلا مقربا-مع بعد ما بين المثلين-، فالحج مظهر مصغر ليوم الحشر، يعيشه المرء فيدفعه للعمل الصالح وينشطه في مجال الخير ويهزم باعث المعصية في نفسه، ويبقى ذكر الموت وما بعده بين عينيه، وفي هذا من الآثار العظيمة ما يلمسه كل حاج مع نفسه. [د.ناصر الأحمد]

 

{والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا}[الكهف:46]، {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير مردا}[مريم:76]. الباقيات الصالحات هن الكلمات المأثور فضلها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن لم يقدر له بلوغ رحاب البيت العتيق، لعرض أو لمرض، فلا تفته عشر ذي الحجة المباركة فيعمل فيها أعمالا هي أفضل من الجهاد في سبيل الله في غيرها. [د.سعود الشريم]

 

{لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر}[النساء:95] فيه مخرج لذوي الأعذار (إن بالمدينة أقواما ما سرتم من مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر): يا راحلين إلى البيت العتيق لقد * سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر * ومن أقام على عذر كمن راحا. [القاسمي]

 

من أعظم البراهين على منزلة أي عبادة من العبادات أن تراها مشروعة في جميع الشرائع، وهكذا كان النحر{ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام...}[الحج:34] فهل يقدر المسلم هذه الشعيرة قدرها؟! [د.عمر المقبل]

 

السيئة قد تعظم فيعظم جزاؤها بسبب حرمة المكان؛ كقوله تعالى: {ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم}[الحج:25] أو حرمة الزمان؛ كقوله تعالى في الأشهر الحرام: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}[التوبة:36]. أو بسبب عظم الإنسان المخالف؛ كقوله تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا * إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات}[الإسراء:74-75]. [الشنقيطي]

 

 

لا أرى أن نسمي هذه الإجازة عطلة؛ لأنه ليس في أيام الإنسان المسلم المؤمن عطلة، بل ولا غير المؤمن، كل يعمل، قال تعالى: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه}[الانشقاق:6] نعم هي عطلة من الدراسة النظامية؛ لكن لو سميت بدلا من العطلة إجازة فهذا جيد. [ابن عثيمين]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

tumblr_nfqk1fHJtR1s2a1kto1_1280.jpg

 

 

تجد اقترانا لذكر آيات الجهاد مع آيات الحج، تكرر هذا في سورة البقرة والتوبة والحج، ولعل من مناسبة ذلك أن الحج نوع جهاد، بل هو جهاد كل ضعيف وامرأة. سورة الحج من أعاجيب سور القرآن، فيها: أول الحج (وأذن في الناس)، وآخره (وليطوفوا). فيها: الساعة والتوحيد، والصلاة والإخبات، والمواعظ والآداب. فيها: المكي والمدني، والليلي والنهاري، والسفري والحضري، والحربي والسلمي، والشتائي والصيفي، هي سورة عجب، وأعجب منها حاج يقصد الحج ولم يتدبر سورة الحج! [د.عصام العويد]

 

 

سورة الحج.. فيها من التوحيد والحكم والمواعظ على اختصارها ما هو بين لمن تدبره، وفيها ذكر الواجبات والمستحبات كلها: توحيدا وصلاة وزكاة وصياما؛ قد تضمن ذلك قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون}[77]... فهذه الآية والتي بعدها لم تترك خيرا إلا جمعته ولا شرا إلا نفته. [ابن تيمية]

 

 

لب الحج هو الذكر، فمن وفق له فهو الموفق، واسمع برهان ذلك: {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا} [البقرة:200]، {واذكروا الله في أيام معدودات}[203]، {ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} [الحج:28]، وفي الحديث: (أفضل الحج العج والثج) والعج رفع الصوت بالتلبية. [د.محمد الخضيري]

 

 

علقت القلوب على محبة الكعبة البيت الحرام، حتى استطاب المحبون في الوصول إليها هجر الأوطان والأحباب، ولذ لهم فيها السفر الذي هو قطعة من العذاب، فركبوا الأخطار وجابوا المفاوز والقفار، واحتملوا في الوصول غاية المشاق، ولو أمكنهم لسعوا إليها ولو على الأحداق: نعم أسعى إليك على جفوني * وإن بعدت لمسراك الطريق! وسر هذه المحبة هي إضافة الرب سبحانه له إلى نفسه بقوله: {وطهر بيتي للطائفين} [الحج:26]. [ابن القيم]

 

عشر ذي الحجة من أعظم أيام الأشهر الحرم.. {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة:36] ومن ظلم النفس: تضييعها في غير ما يقرب إلى الله، قال الحسن البصري: "أدركت أقواما كانوا على ساعاتهم أشفق منكم على دنانيركم ودراهمكم". [ابن عجيبة الفاسي]

 

 

{وليال عشر}: هي ليال معلومة للسامعين موصوفة بأنها عشر، ولم يقل (الليالي العشر) لأن في تنوينها تعظيما، وليس في ليالي السنة عشر ليال متتابعة عظيمة مثل عشر ذي الحجة التي هي وقت مناسك الحج، ففيها غالبا الإحرام ودخول مكة وأعمال الطواف، وفي ثامنتها ليلة التروية، وتاسعتها ليلة عرفة وعاشرتها ليلة النحر، فتعين أنها الليالي المرادة بليال عشر. [ابن عاشور]

 

{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} [الكهف: 71] هنا ملمح لطيف : فموسى عليه السلام قال: لتغرق أهلها‎، ولم يذكر نفسه ولا صاحبه‎، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة؛ لأن هذه أخلاق الأنبياء‎: يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم‎، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين‎. [د.عويض العطوي‎]

 

هل يسرك أن يعلم الناس ما في صدرك - مما تحرص على كتمانه ولا تحب نسبته إليك - ؟! قطعاً لا تحب، بل ستتبرأ منه لو ظهر؟ إذن قف مع هذه الآية متدبرا، وتأمل ذلك المشهد العظيم: (يوم تبلى السرائر) ، (وحصل ما في الصدور) أتريد النجاة من هذا كله؟ كن كإبراهيم عليه السلام: (إذ جاء ربه بقلب سليم) وهنا، لن تر ما يسوؤك. [أ.د.ناصر العمر]

 

 

أن ملكا أراد من أهل مملكته شيئا فماذا عساه أن يفعل أو لو أن رئيسا أراد أن يأمر أهل جمهوريته بأمر فماذا عساه أن يفعل؟سيرسل إليهم رسالة فيها أمره ونهيه فيها قوانينه وأحكامه هذا عندنا نحن البشر وقد عاملنا الله بما نعرف فأرسل إلينا رسالة فيها أمره ونهيه وفيها أحكامه ومطالبه ألا وهي القرآن فالقرآن هو رسالة من الله إلى الناس أرسلها الله ليبين للناس مايريده منهم {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل : 44]ويعلم الناس ما يحبه ومالا يحبه ويظهر للناس شيئا من حكمته ويكشف لهم عن بعض أسرار مملكته وجزائه وعقابه .فهذا هو القرآن!

 

 

القرءان حقيقة لا تحتاج إلى تحقيق فهي أعظم الحقائق وهو آية لا تحتاج إلى آية ولا برهان إذ هو أعظم آية وقد طلب الكفار آية على صدق ما جاء به النبي-صلى الله عليه وسلم-فقالوا:{لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ}[العنكبوت : 50]فأجابهم الله سبحانه بقوله:{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: 51] سبحان الله هم طلبوا آية على صدق النبي وعلى صدق ما جاء به النبي, وما الذي جاء به النبي؟ جاء النبي بالقرآن فهم طلبوا إذن آية على القرآن فأجابهم الله بقوله{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}فالقرآن آية نفسه لا يحتاج لآية تثبته وفي الأسلوب استفهام استنكاري تعجبي فكأنه يقول: كيف يطلبون آية والقرآن أعظم آية يتلى عليهم فأي آية بعد القرآن يطلبون؟! إن القرآن هو الكفاية وهو طريق الهداية لمن أرادها وسبيل الرشاد لمن ابتغاه هو الدليل لمن فقد الدليل وهو السبيل لمن فقد السبيل أو إن شئنا نقول هو الدليل على السبيل به يرجى الوصول إلى منزل السلامة:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا}[الإسراء: 9] فمن أراد الهداية والكفاية فعليه بالقرآن.

 

كل بلاء نزل فبذنب وكل مؤاخذة فبمعصية وما هلك من هلك ولا عذب من عذب ولا شقي من شقي إلا بذنب. ذَكرَ اللهُ الأمم الهالكة قارون وفرعون وهامان وغيرهم ثم قال بعد ذلك مبينا سبب هلاكهم :{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [العنكبوت : 40] فالبذنوب هلكوا وما ظلمهم الله ولكن ظلموا أنفسهم.

 

{أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [العنكبوت:51]أحيانا حقا ننسى أننا نمتلك أعظم وثيقة على ظهر الأرض..إنها القرآن..كلام الله..إن الإنسان ليعجب من إعراض الأمة عن هذا الكتاب فالواحد منا يحتفي بكتاب عالم ما ويهتم بقراءته يوصي الناس بتصفحه لأنه قد يكون غزير الفائدة فكيف إذا بكلام رب الكون؟! أما آن الأوان لأن نضع حدا لهذا الجحود؟!

 

 

{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }[سبأ:6] هذا الكتاب هو الدليل إلى هذا الصراط. الدليل الذي وضعه خالق الإنسان وخالق الصراط، العارف بطبيعة هذا وذاك. وإنك لتكون حَسن الطالع وأنت تقوم برحلة في طريق لو حصلت على دليل من وضع المهندس الذي أنشأ هذا الطريق . فكيف بمنشئ الطريق ومنشئ السالك في الطريق؟!.الظلال

 

 

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة : 262] عطف الله في هذه الآية بثم وكان الظاهر أن يعطف بالواو إذ المقصود النهي عن اتباع الإنفاق بالمن والأذى لكن وجدنا أن الله عطف بثم هاهنا وهذا لمعنى عظيم وهو -والله أعلم-:كأن بالله يريد إظهار التفاوت والفرق بين الإنفاق عموما وبين الإنفاق الغير متبوع بمن وأذى إذ الإنفاق عموما قد تحمل عليه محامل كثيرة كأن يكون الإنسان نفسه كريما محبا للكرم محبا للثناء والمدح والمحمدة ففي هذا وجه لحظ النفس وأما ترك المن والأذى فلا وجه لحظ النفس فيه مطلقا يقول الزمخشري: ” لإظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى، وإن تركهما خير من نفس رتبة الصدقة، لأن العطاء قد يصدر عن كرم النفس وحب المحمدة فاللنفوس حظ فيه مع حظ المعطى، بخلاف ترك المن والأذى فلا حظ فيه لنفس المعطي، فإن الأكثر يميلون إلى التبجح والتطاول على المعطى…” فتقييد الإنفاق بعدم المن والأذى هو قمة تجريد القصد وتحقيق العبودية وتجريد النفس من كل حظوظها.

 

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }[التغابن: 14 ، 15] تنبيه المؤمنين أن أموالهم و أولادهم هي بوجه عام امتحان لهم بين واجبهم نحو الله وبين أموالهم وأولادهم، فكثير من الأزواج والأولاد يحولون بينهم وبين الطاعات التي تقرب إلى الله، وربما حملوهم على اكتساب الحرام، واقتناء الملاهي والمنكرات، وهذا واقع بكثرة. فلنكن على حذر

 

 

{فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة:100] فأمر أُولي الألباب، أي: أهل العقول الوافية، والآراء الكاملة، فإن الله تعالى يوجه إليهم الخطاب. وهم الذين يؤبه لهم، ويرجى أن يكون فيهم خير. ثم أخبر أن الفلاح متوقف على التقوى التي هي موافقة الله في أمره ونهيه، فمن اتقاه أفلح كل الفلاح، ومن ترك تقواه حصل له الخسران وفاتته الأرباح. تفسير السعدي – (1 / 245)

 

 

لو أردت أن يفتح قلبك للقرآن فتفهمه وتتأثر به فهذا بابك..كن محسنا في حق نفسك وحق ربك وحق من حولك فقد قال سبحانه:{تلك آيات الكتاب الحكيم * هدى ورحمة للمحسنين}[لقمان:2،3]؛لأن القرآن إحسان من الله لخلقه فهم بما في قلوبهم من إحسان يحسون بالتوافق والتناسق ووحدة الاتجاه ووضوح الطريق مع مصدر الإحسان وهو القرآن.

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال تعالى:{فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ *قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ }[الشعراء : 46 - 48]؛ “ذلك لأنّهم أعلم النّاس بصنعة السحر،فأيقنوا أنّ ما جاء به موسى هو الحق ممّا جعلهم ملقين على وجوههم تنبيهاً على أنَّ الحق بهرهم واضطرهم إلى السجود بحيث لم يبق لهم تمالك، فكأنّهم أُخذوا فطرحوا على وجوههم، وكأنّ مُلقيا ألقاهم لعلمهم بأنّ مثل ذلك خارج عن حدود السحر، وأنّه أمر إلهي قد ظهر على يده-عليه-الصلاة والسلام- لتصديقه، وذلك حتى ينكسر فرعون بالذين أراد بهم كسر موسى وينقلب الأمر عليه”[تفسير أبي السعود].

 

 

علمني القرآن أن الكرامة والمكانة لا تنال بقوة ولا بضعف ولا بغنى ولا بفقر ولا بصحة ولا بمرض ولا بكثرة أموال ولا أولاد إنما تنال بالتقوى:{إن أكرمكم عند الله أتقاكم}[الحجرات : 13]فمن أراد الكرامة فليتقي الله.

 

كم من صاحب فقدتَ وفاضل ذممتَ ونارَ خصومة أججتَ بشائعة واهية وكلمة باطلة فهلا تبينت قبل والله يقول لك:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}[الحجرات:6].

 

(وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون*ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون}[الروم:33,34]إن الإنسان ليخاف من تهديد حاكم أو رئيس فكيف وهذا التهديد من فاطر هذا الكون الهائل، الذي أنشأه كله!.الظلال

 

 

التوسل إلى الله بالضعف والعجز من أحب الوسائل إلى الله وأقربها إلى الإجابة لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته وتأمل دعاء زكريا:{ وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} لأن الشيب دليل الضعف، ورسول الموت, فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه فكانت الإجابة” [تفسير السعدي -بتصرف يسير].

 

 

المسلم دائماً ساعٍ في إصلاح جار في قطع الشقاق بين المؤمنين يسعى في حقن دماءهم وفي لم شعثهم:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا}[الحجرات : 9]إنه يقتلع الشر ويبذر بذر الحب والود بين إخوانه.

 

 

(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد}؟!!أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان؟إنه منطق واحد. يتكرر كلما التقى الحق والباطل. والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين.الظلال بتصرف

 

(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ}[الأعراف:157]هذه الآية تدل على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يأمر بالمعروف الذي تعرفه العقول وتُقر بِحُسْنه الفِطَر، بحيث إذا عُرض أمره ونهيه على العقل السليم قَبِله أعظم قبول، وشَهِد بِحُسْنه،كما قال بعض الأعراب وقد سُئِل: بِمَ عرفت أن محمدا رسول الله؟! فقال:ما أمر بشيء فقال العقل:ليته ينهى عنه،ولا نهى عن شيء فقال:ليته أمر به!مستفاد من مفتاح دار السعادة

 

الاخلاص هو شرط العبادة التي لا تتم إلا به مع الاتباع لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا الله تعالى بإخلاص النية له وإخلاص العمل حيث قال:{وَمَا أُمِروا إلاَّ لِيَعْبُدُوْا الله مُخْلِصِينَ لَه الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيْمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَة}[البينة:5] وقال تعالى{ألا لله الدين الخالص} وقال النبي صلى الله عليه وسلم(إنما الأعمال بالنيات)وقال أيضا(إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) وعليه فلا يقبل الله تعالى من عبد صرفا ولا عدلا إلا إذا كان خالصا لوجه الله تعالى. ففي الحديث القدسي قال تعالى(أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

شبكية العين مؤلفة من10طبقات:الأخيرة فيها130مليون مخروط وعُصيّة، هذه المخاريط والعصيّات تنتهي إلى العصب البصري الذي هو 900 ألف عصب ينتقل إلى الدماغ كي تُقْرأ الصورة{وجعل لكم السمع والأبصار..قليلا ما تشكرون}[السجدة:9].. {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ:13] أغمض عينيك قليلا..وتخيل أنك ستحيا هكذا لحظتها ستعرف عِظم هذه النعمة التي تميز بين درجتين من 800 ألف درجة للون الواحد.

 

 

ان الزمن قد يأتي بعون للسائرين في طريق الحق أما أن يهب العاجز قدرة على الخطو أو الركض فلا…{والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم}[محمد:17]فاستعن بالله وابدأ ولا تعلق بناء حياتك على أمنية يلدها الغيب وكل تأخير يعني زيادة الكآبة و بقاءك مهزوما أمام نوازع الهوى والضعف…وتلك فائدة عظيمة فتدبر

 

 

ان سعة رحمة الله وعفوه ليس معناه أن نتواكل عليها وندع العمل ولا يعني حسن ظننا بربنا أن نجلس ونخلد إلى الراحة ونترك العمل.لا,بل إن الرحمة ما كتبها الله إلا للعاملين الطائعين وهذا قوله تعالى:{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف : 156]. فحسن الظن إن لم يتبعه العمل صار أماني وصار غرورا والله تعالى يبين هذا في كتابه:{لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}[النساء : 123].فالمقياس هو العمل والبذل وطلب رضا الله مع حسن الظن بالله وحسن الرجاء

 

 

جاء القرآن استقر منهج الحق واتضح. ولم يعد الباطل إلا مماحكة ومماحلة أمام الحق الواضح الحاسم. ومهما يقع من غلبة مادية للباطل في بعض الأحوال والظروف، إلا أنها ليست غلبة على الحق، إنما هي غلبة على المنتمين إلى الحق، غلبة الناس لا المبادئ. وهي غلبة موقوتة ثم تزول أما الحق الواضح البين الصريح {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد}[سبأ:49

 

 

فى الحياة مواقف وابتلاءات لا يقوى الإنسان على مواجهتها إلا وفي نفسه إيمان بالآخرة، وما فيها من ثواب المحسن وعقاب المسيء، ولذلك الذي يعيش بلا إيمان بالآخرة يعيش في عذاب نفسي، فلا أمل له ولا رجاء في نصره ولا جزاء لسعيه ولا عِوض عما يلقاه من متاعب ومشاق في هذه الحياة {بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد}[سبأ:8]. مستفاد من تفسير الظلال

 

كم هي الأخطاء التي تصدر منك في خلوتك… وكم هي المعاصي التي تتورط فيها حينما تكون وحدك… وتفرح لحظتها وتشعر بالهدوء لأن أحدا لم يراك ولأن أنظار الخلائق لم تتتطلع عليك وترقبُك حتى لا تسقط منزلتك أماهم وتنسى هذه الآية:{ألم يعلم بأن لله يرى}[العلق:14] فإن كنت تعلم أنه يراك حق العلم فلم جعلته أهون الناظرين إليك.

 

 

من قد ألقاه الهوى في جُب حُب الدنيا، سيارة القَدر تبعث كل ليلة وارداهَل مِن سائِل؟) فكن متيقظا للوارد إذا أدلى دلو التخليص، وقُم على قَدم{تتجافى جنوبهم}[السجدة:16]وامدد أنامل{يدعون ربهم}[السجدة:16] وألق ما في يمينك لتتعجل الخروج، ولا تتشبث بأرجاء بئر الهوى، فإنها رَمل تنهار عليك.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سأل رجل الشافعي فقال: يا أبا عبد الله أيهما أفضل للرجل أن يُمكّن أو يبتلي فقال الشافعي:لا يُمَكّن حتى يبتلي فإن الله ابتلي نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا فلما صبروا مكنهم فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا}[السجدة:24]. ابن القيم.

 

 

التفكير الطويل في الأزمة يزيد من قلقك ويضاعف من اضطرابك ولذا يحسن أن تدرس الأزمة وتتخذ القرار الأقرب وتبادر سريعا بالتنفيذ {وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله}[آل عمران:159]فهذه المشورة ينبغي ألا تدوم الدهر وكثير من القرارات الجيدة يجهضها التسويف والتردد. إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد العزم ان تترددا وإذا كنت ذا عزم فانفذ مسرعا فإن فساد العزم أن تتقيدا

 

(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان : 23] إنها حقا من أكثر آيات القرآن تخويفا للمؤمنين وتتحدث عن فئة من المسلمين تقوم بأعمال كجبال تهامة من حج صدقات وقراءة قرآن وأعمال بر كثيرة وقيام ليل ودعوة وصيام وغيرها من الأعمال . وإذ بالله تعالى ينسف هذه الأعمال فيكون صاحبها من المفلسين . يقول ابن كثير: فأخبر أنه لا يتحصل لهؤلاء من الأعمال -التي ظنوا أنها منجاة لهم -شيء؛ وذلك لأنها فقدت الشرط الشرعي، إما الإخلاص فيها، وإما المتابعة لشرع الله. فكل عمل لا يكون خالصا وعلى الشريعة المرضية، فهو باطل.ولهذا قال تعالى:{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان : 23]

 

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}[الصف : 2 ، 3] إن علما لا يعمل به إنما هو وبال في الدنيا والآخرة على من علمه ، وقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من علم لا ينفع . عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: (لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ كَانَ يَقُولُ:{اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا)

 

كل من حاد الله ورسوله ـ ومن ذلك محادة الشريعة ـ فهو إلى ذل، بل هو الأذلّ ولا ريب وإن توهم عِزاً في فترة من الفترات. تأمل: { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ } [المجادلة : 20]! ثم تأمل كيف عقبها بقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قويٌّ عزيِز } [المجادلة : 21]

 

 

هل تجد مشقة في القيام ببعض الأوامر الشرعية؟ إليك هذا الحل اليسير على من يسره الله عليه، إنه سلوك طريق الهداية. تأمل قول ربنا عن حال المؤمنين حين تغيرت القبلة: {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ} [البقرة : 143]

 

الإصغاء إلى أقوال شياطين الإنس والجن، والرضى بها من ضعف الإيمان باليوم الآخر! تدبر: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون} ثم قال ربنا بعدها: {ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون}.

 

رسالة خطيرة في سورة الزخرف، خلاصتها: إما الإقبال على القرآن وإلا فإن البديل شيطان ! تأمل: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [الزخرف : 36].

 

اقرار الفساد في الأرض، وضعف الاحتساب نقص في الفهم والدين، وسبب في حلول العقوبات. تأمل: {فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه وكانوا مجرمين}. فأولوا البقية: هم أولوا الفهم والعقل. وهذه الآية في سورة هود التي قص الله فيها خبر المكذبين والمجرمين، فهل من معتبر؟

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تأملت قصة المرأتين مع موسى عليه الصلاة والسلام، وجدت أن القرآن لم يذكر سوى كونهما تمشيان على استحياء! وهذا يبين أن مشية المرأة تعلن عن شخصيتها .. فإذا كانت مشيتها الصامتة بهذه المثابة، أفتراها تتكسر في حديثها؟

 

(فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض}. الله أكبر! إذا كان هذا النهي لأمهات المؤمنين، مع الصلاح الغالب في ذلك الزمن، وقلة المنافقين بالنسبة للمؤمنين الصادقين، فماذا تقول نساء اليوم اللاتي لا يبالين بطريقة الحديث مع السائق أو البائع -مع كثرة الفساد والمغريات- وكأنها تتحدث مع زوجها أو أبيها أو محرمها!

 

اذا قرأت قصص الكرم في التاريخ القديم أو الحديث؛ فإنك تتعجب جداً من ذلك! وحينما قرأتُ قوله تعالى -عن أهل الجنة-: { فواكه وهم مكرمون}؛ تصاغرت في عيني كل قصص الكرم.. لقد ذهب الذهن كل مذهب .. وإذا كان الذي سيكرمهم رب العالمين؛ فأي عبارة يمكن أن تصف هذا الكرم؟! اللهم اجعلنا ممن أكرمتهم بجودك وعفوك يارب العالمين، اللهم اجعلنا ممن أكرمتهم بعفوك وجودك يا رب العالمين..

 

كثيرا ما نبحث عن طريق طويلة لحلّ مشكلة ما، والطريق الأقصر أمامنا.. وإذا أردتَ أن تعرف كيف نبعد ونذهب للحل الأبعد مع وجود الحل الأقرب؛ فانظر ماذا نصنع عند ضيق الصدر، والحزن الذي قد يعرض لموقفٍ ما؟! وانظر إلى نصيبك من التطبيق العملي لهذه الآيات: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر : 97 - 99].

 

عدم اعتقاد أن القرآن حق؛ فهذا -فضلاً عن كونه كفراً- فهو عمى ونقص في العقل. تدبر: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } [الرعد : 19].

 

{نسوا الله فنسيهم} هكذا قال الله عن المنافقين .. والله إنها لآية يرتجف لها القلب .. يا الله ! ما أعظم الخذلان .. أي طمأنينة ، وأي سرور حين يتخلى عنك الله؟ ولكن ربك لا يظلم أحدا .. نسو الله –فتركوا أمره ووالوا أعداءه- فلما وقع منهم ذلك، كان الجزاء وفاقاً.

 

 

هل أنت أشد منهما خلقاً؟ في بدء خلق السماوات والأرض ناداهما الجبار جل جلاله: {ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين}! وفي نهاية الخلق: {إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحُقت -أي: استمعت وحق لها أن تستمع- وإذا الأرض مدت، وألقت ما فيها وتخلت، وأذنت لربها وحُقت}. فيا أيها الإنسان .. كم ناداك ربك من نداءٍ في كتابه .. وتأبى في مرات كثيرة! ألا ما أعجب شأنك!

 

اذا دعتك نفسك إلى معصية الله تعالى؛ فتذكر أن نبيك صلى الله عليه وسلم دعي إليها أكثر من مرة، فلم يزد على أن قال: {إني أخـــــــــاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيــــــــــم}! فماذا نحن قائلون وليس لنا مقام الرسول عند الله؟! ولم نعط الأمان بمغفرة الذنوب كما أعطيها هو صلى الله عليه وسلم!

 

اتساع دائرة ظلم الخلق عند الإنسان؛ تجعل حظه من سوء الخاتمة أكبر -عياذاً بالله-. تأمل: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين …}. فاحذر! من ظلم العباد في أعراضهم، وأموالهم.

 

تأملت الحرص الشديد على موضوع الاستئذان -في سورة النور- وبهذه التفاصيل الدقيقة، حتى لا يراها أهل البيت (وأؤكد على هذه الجملة: أهل البيت)! ثم تأملتُ في هذا التفنن العجيب من قبل ملاك بعض القنوات العربية في كشف العورات: هذا فيديو كليب، وهذا مسلسل، وهذا فيلم، … إلخ! والتي لا يقتصر النظر فيها على أهل بيتٍ أو حارة بل يراها الملايين! فهل هؤلاء يقرؤون القرآن؟! وإذا قرؤوا فهل يفهمونه؟ أم يعظمونه؟

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

صدق النية، وسلامة المنهج، لا تكفي لانتشار دعوة أهله، بل لا بد -مع ذلك- من: إعلام قوي يواجه دعوة الباطل ألا ترى كيف سأل موسى ربه -وهو أفضل من أخيه هارون وأعلم بالشريعة- فقال: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ}. فهل يعي المشرفون على الإعلام الإسلامي هذا المعنى، في ظل هذا الزخم الإعلامي الهائل في عالمنا اليوم -عالم الأقوياء إعلامياً واقتصادياً-؟!

 

 

المجادله في مسلمات الشريعة من وحي الشياطين لأوليائهم من الإنس والجن! تأمل: {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون} [الأنعام : 121].

 

(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة : 197] الزاد الحقيقي المستمر نفعه لصاحبه، في دنياه، وأخراه، فهو زاد التقوى الذي هو زاد إلى دار القرار، وهو الموصل لأكمل لذة، وأجل نعيم دائم أبدا، ومن ترك هذا الزاد، فهو المنقطع به الذي هو عرضة لكل شر، وممنوع من الوصول إلى دار المتقين. فهذا مدح للتقوى. ثم أمر بها أولي الألباب فقال: { وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ} أي: يا أهل العقول الرزينة، اتقوا ربكم الذي تقواه أعظم ما تأمر به العقول، وتركها دليل على الجهل، وفساد الرأي. والتقوى هي: أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية باتباع أوامره واجتناب نواهيه

 

 

(فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32] أضاف التقوى إلى القلوب, لان حقيقة التقوى في القلب، ولهذا قال- عليه الصلاة والسلام- في صحيح الحديث: (التقوى هاهنا)[أخرجه الترمذي] وأشار إلى صدره

 

العابد الحقيقي هو الذي يُعظم جناب الرب ويخشاه ويحنو على العبد ويرعاه {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}[الذاريات:17-19]فتأمل أخي كيف جمعوا بين الشفقة من الخالق والشفقة على الخلق. قال الحسن البصري: أدركت أقواماً إن كان الرجل ليعزم على أهله أن لا يردوا سائلا، ولقد أدركت أقواماً إن كان الرجل ليخلف أخاه في أهله أربعين عام.فهذه شارات التقوى والإحسان فأين نحن منها؟

 

الكبر من أعظم ما يصد عن الحق ويحول دون قبوله والانصياع له قال تعالى(سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ)[الأعراف : 146] ولذلك تأمل قول النبي حين قال(الكبر بطر الحق وغمط الناس) ولعل بينهما مناسبة بين بطر الحق وغمط الناس فالأول نتيجة للثاني فإن احتقارك للناس ممن يأتيك الحق على لسانه داع قوي لرد الحق وتأمل قول المشركين حين قالوا(وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ * وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ)[الزخرف : 30 ، 31] فحصل أن احتقار الناس صورة من صور الكبر وهو كذلك سبب من أسبابه. وقانا الله والمسلمين الكبر.

 

 

عجبا لمن أعرض عن ربه وولى القرآن ظهره وخالف هدي نبيه واستغنى بما في يده مما لا يملكه عن الله ونداء الحق يهمس في آذنه وواعظ الله يناديه في قلبه والزواجر ترنو له في كل أفق وما يرتدع وما يأوي إلى الله وتراه مستعليا متكبرا وكأن الله في حاجة إليه وليس هو في حاجة إلى الله! أفلم يقرأ يوما قول الله(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد *إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديد* وما ذلك على بعزيز) فمن الذي يحتاج إلى من؟! أنت تحتاج إلى ربك أم يحتاج ربك إليك, قال الله في الحديث القدسي(يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا,ويا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا) لكن ربك لا يرضى لك الكفر والفجور والعصيان كما قال(ولا يرضى لعباده الكفر) فهل من عودة إليه؟(ففروا إلى الله).

 

 

الى صاحب القلب الحائر, إلى من يشتكي من القلق والحيرة, إلى الباحث عن الأمان والطمأنينة أبعث إليك برسالة ربك {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }[الرعد : 28] يقول السعدي { أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } أي: حقيق بها وحريٌّ أن لا تطمئن لشيء سوى ذكره

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الا يكفي تحذير الله لنا {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11] أبعد هذا التحذير الإلهي الشديد يروج للبعض أن يقع في عرض أم المؤمنين وزوج الرسول الأمين ويتحدث عنها بما نهي الله أن يتحدث به عن عامة الناس

 

{قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ } [يونس: 101]. كل إنسان .. وكل حيوان .. كل طائر .. كل زاحفة .. كل حشرة .. كل دودة .. كل نبتة .. كل شجرة .. لا بل كل جناح في يرقة .. وكل ورقة في زهرة .. كل واحدة من تلك آية في خلقها .. وآية في شكلها .. وآية في منافعها. غير أنه لا يدرك هذه العجائب، ولا يستمتع بالجولة في هذا المعرض الهائل إلا القلب العامر بالإيمان واليقين: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ } ... [الذاريات: 20].

 

ايها الرجل أيتها المرأة ، أيها الكبير أيها الصغير، ربك يدعوك، فهل أجبت دعوته؟ قال الله تعالى: { والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه…} البقرة:221

 

 

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ } ... [الذاريات: 21]. مثل هذا المعرض العظيم الواسع المفتوح مكنون فينا نحن البشر، الذي انطوى فيه أسرار الوجود كله لمن يريد أن يبصر ويستبصر .. ولمن يريد أن يستيقن .. ولمن يريد أن يملأ حياته بالمتعة والسرور .. ويروي قلبه بالإيمان واليقين .. ويرى إبداع الحكيم العليم في الخلق والتصوير .. والتصريف والتدبير: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى } [النازعات: 26].

 

هى طاعة لكنها غير كل الطاعات إنما عهدنا الطاعات مقربات من الله موجبات لرحمته لكن هذه الطاعة تختلف عن عهدنا بالطاعات إنها طاعة مآلها الكفر ومصير فاعليها مصير أليم إنها الطاعة المذكورة في قوله تعالى{ يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين} إنها طاعة أهل الكتاب تلك الطاعة عاقبتها كفر بالله فاعتبروا يا أولي الأبصار وانتبهوا يا أولي الألباب .

 

 

تأثرت جدًا بقول الله -عز وجل- {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَاهُمْ يَحْزَنُونَ} [آل عمران : 170]. تأملت في هذه الآية فوجدت فيها الكثير والكثير. تأمل! الفرح والسرور والرضا بما أعطاهم الله من ثواب عظيم ومكان عالٍ وأجر كبير وكل ذلك من فضله سبحانه وتعالى. لقد عمتهم وغمرتهم السعادة حين من الله وأنعم عليهم، فأعطاهم من عظيم جوده وواسع كرمه من النعيم والرضا به أعينهم، وكل ذلك من فضل الله سبحانه وتعالى. تأمل! فرحين بإخوانهم الذين فارقوهم وهم أحياء؛ ليفوزوا كما فازوا لِعِلْمِهم أنهم سينالون من الخير الذي نالوه، إذا استشهدوا في سبيل الله مخلصين له، وأن لا خوف عليهم فيما يستقبلون من أمور الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا

 

 

بعض السلف: الفاتحة سر القرآن، وسرها هذه الكلمة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] فالأول تبرؤ من الشرك، والثاني تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إفى الله عز وجل. فتأمل معي كيف يقر المؤمنون بضمير الجمع بالعبودية لله عز وجل فالكل عابد لله ومقر له باستحقاق العبودية، ومعترف له بالوحدانية والإلهية، وكما يعترفون له بالعبودية يعترفون له بأخص شيء في العبودية وهي الاستعانة به سبحانه وتعالى اللهم إياك نعبد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

 

من نعم الله عز وجل علينا أن علمنا أن ندعوه وجعل لنا الدعاء عبادة عظيمة ففي مفتتح كتابه الكريم قال الله -عز وجل-:{إياك نعبد وإياك نستعين * إهدنا الصراط المستقيم} [الفاتحة:4-5] ليشير لك أخي أنك إذا أردت أن تثبت على عبادة الله والاستعانة بالله فداوم على هذا الدعاء حتى تسير إلى الله بمراد الله لا بمرادك فكن كما أراد الله وتدبر هاتين الآيتين في كل صلاة واطلب من ربك الهداية والتوفيق حتى تصل في نهاية المطاف إلى ربك وأنت على هداية منه ورشاد فهذا هو الفوز العظيم أن تكون من الفائزين بالنجاة من أهوال يوم الدين وتنل رضا رب العلمين يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطاد..هذا هو الأولى والأجدر وتأمل كيف أنه لما قيل لذي القرنين{إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا}[الكهف:94]قال لهم:{أعينوني بقوة…آتوني زبر الحديد..} لقد أشركهم وأفهمهم ليحسنوا التصرف في عدم وجوده.ينظر تفسير الشعراوي16/

 

الحياة الحقيقية تكمن في هذا القرآن فإذا عاش المرء منا مع القرآن وتدبر آياته وتغلغت في جنباته عاش حياة سعيدة حياة حقيقية لأن القرآن هو قوت القلوب الذي أنزله علام الغيوب أنزله ليكون كتاب الهداية والسعادة للناس أجمعين فما عليك أخي الحبيب إلا أن تقرأ وتتفكرفيحصل لك التدبر في كتاب الله وترقى في مراقي الحياة الحقيقية ألا وهي الحياة مع كتاب الله فجرب وسوف تجد الحياة الحقيقية.

 

بحثت كثيرًا عن السعادة فوجدتها تكمن في الإيمان والعمل الصالح،قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}[النحل:97], ووجدت الذنوب هي سبب الشقاء في الدنيا والآخرة، قال تعالى:{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]

 

يسأل كثير من المسلمين ما هو طريق النجاة وكان لا ينبغي أن يسألوا هذا السؤال ولكنها الغربة فنحن في غربة عن الطريق في تيه لم نخرج منه بعد ولكن إذا أردت الخروج من هذا التيه فلابد أن يكون معك الخريطة الصحيحة ، والخريطة موجودة فيالقرآن فإن فيه النجاة لأهل الإيمان وفيه الهداية لأهل التقوى {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة : 2] وقوله :{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة : 15 ، 16] فعليك بالقرآن ولا تحد عنه قيد أنملة وتدبره فإن تدبر القرآن سر الإيمان بل إن تدبر القرآن هو مفتاح الإيمان.

 

تعلم ان من رحمة الله بنا أن علمنا كيف نثني عليه ولولا ذلك ما استطاع أحد أن يأتي بالثناء الكافي على الله -عز وجل- مع العلم أنه لا يستطيع أحد أن يحصي الثناء على الله -عز وجل- لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال سبحانك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) ولكن من رحمة الله بنا أن علمنا كيف نثني عليه -سبحانه- وذلك في فاتحة كتابه في قوله:{الحمد لله رب العالمين} [الفاتحة:2] فلو أراد أحد أن يأتي بثناء أفضل منه لن يستطيع!! أتعلم لماذا؟ لأن الله -عز وجل هو الذي أثنى على نفسه بهذا الثناء وأمرنا نثني عليه بهذا الثناء، فهو أعلم به منا سبحانه وتعالى، والحمد لله رب العالمين…

 

انتفعت اليوم بقول الله تعالى ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وان تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون ) فقد جعلت الآية الدائنين قسمين : قسم يُنْظِرُ المعسر ويصبر عليه وقسم يعفو عنه ويسقط عنه الدين فبحثت عن القسم الأول فوجدت له أهلا ينظرون المعسر ويقيلون عثرته وينتظرون نزول الميسرة به ولكنهم فيما رأيت قليلون وأما القسم الثاني الذي وصل أهله إلى قمة عالية من الخلق الرفيع فعنه أبحث : أناس تكون لهم أموال فيعلمون أن المدين معسر فيسقطون الدين عنه ويتصدقون به عليه

 

نقرأ في رمضان القرآن ، ونستمع في التراويح إلى القرآن ، لكن كثيرين منا بعد فراغهم من القراءة أو التراويح لا تبقى معهم آية يتأثرون بها ويستصحبونها ويعملون بها ، فكانت هذه الفكرة وكان هدفها الخروج من القراءة أو الصلاة بآية تعمر القلب وتزكي النفس وتكون محور الحديث في البيت والعمل

 

أعظم إسراف من أعرض عن آيات الله..فهي كثيرة وظاهرة ولا تخطئها إلا عين أسرفت في إنفاق بصرها في غير ما خلقت له ولذا كان العمى أولى بها{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى.. وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه}[طه:124-127].مستفادة من الظلال

 

من فنون النقاش..إذا رأيت النقاش حول نقطة لا حسم فيها فانقله سريعا نحو أمر مثمر وتأمل كيف أن فتية أهل الكهف لما استيقظوا من رقدتهم{ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}[الكهف:19]فسرعان ما تركوا هذه القضية التي لن تحسم و{ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}[الكهف:19].ينظر تفسير الشعراوي

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}[الصافات: 103 - 105]. بعد أن رضي كل من سيدنا إبراهيم وابنه سيدنا إسماعيل وسلما أمرهما لله تعالى وامتثلا للأمر بالقضاء، رفع الله برحمته هذا القضاء؛ لذلك يصف الحق تبارك وتعالى هذا البلاء وتكرمه بالفداء فيقول:{إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: 106 - 107].

 

أنزلنآ إليكم كتابا فيه ذكركم}[الأنبياء:10] يعني:فيه شرفكم. قد يقال: كيف يكون القرآن شرفا للعرب، وقد أبان عجزهم؟ نقول: كونهم مغلوبين للحق شهادة بأنهم أقوياء، فالقرآن أعجز العرب وهم أمة فصاحة، والحق-سبحانه وتعالى- حين يتحدى لا يتحدى الضعيف، إنما يتحدى القوي، ومن الفخر أن تقول: غلبت البطل الفلاني، لكن أي فخر في أن تقول: غلبت أي إنسان عادي؟.[انظر تفسير الشعراوي]

 

تأمل حوار الرجل صاحب الجنتين مع صاحبه في سورة الكهف وانظر كيف أن الله لما دمر له جنته صاح الرجل:{يا ليتني لم أشرك بربي أحدا}[الكهف:42]فمن الذي أشرك به هذا المسكين؟ مع أنه كان يقول:{ولئن رددت إلى ربي}..إنها نفسه وماله وجاهه هذه هي الأوثان التي عبدها من دون الله على الحقيقة..فلنحذر من هذا الشرك.[مستفاد من التفسير الموضوعي للغزالي]

 

الانتصار على النفس من أعظم وسائل الانتصار على الغير، ومن هزمته نفسه لا يرجى له الانتصار على عدوه، فكيف تنتصر على العدو وأنت لا تستطيع أن تنتصر على نفسك. و تأمل قبل أن ينهزم اليهود أمام الصحابة وأمام الرسول_صلى الله عليه وسلم_ ماذا حدث {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعب يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ }[الحشر:2] ا.د/ناصر العمر

 

 

قد يقرأ البعض سورة الكهف وما دار بين موسى والخَضِر من أحداث فيقع في قلبه أن الخضر أفضل من موسى ولكن ” لا يظنن أحدا أن المزية التي ظهرت للخضر تقدمه على موسى،فإن المزية لا تقتضي الأفضلية، ومكانة الرجل تجيء من مواهب كثيرة تلتقي في شخصه، لا من موهبه واحدة يكون فيها مبرّزا، على حين يكون عاديا في بقية صفاته. قد يكون المريض في فراشه أحدّ بصرا من عُوّاده،فهل يفضلهم بهذه المزية؟”.التفسير الموضوعي للغزالي237

 

 

حينما تضيق الأمور، وتستحكم الحلقات، وتُسد المنافذ، وتُنصب العقبات في طريقك, يأتي عملك الصالح وتأتي تقواك من الله فيتسع بها الضيق، وتُحل بها العقد، وتُفتح بها المسالك، وتذلل بها الصعاب والعقبات . فقد قال سبحانه:{ومن يتق الله يجعل له مخرجا}[الطلاق:2].

 

يتقِ الله فيقف عند حدوده فلا يقربها ولا يتعداها, يجعل الله له مخرجاً من الحرام إلى الحلال، ومن الضيق إلى السعة، ومن النار إلى الجنة. فإن الله قد قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}[الطلاق:2]. من يتق الله في اختيار زوجته وفي التعامل معها يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، ومن يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم ومن شقائه بشقائهم فإن الله قد قال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا}[الطلاق:2]. من كتاب آيات التقوى في القرآن – د. حسين علي الجبوري/ ص14-

 

 

كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا}[آل عمران:37]..في هذا الموقف درس لكل أب ولكل ولي أمر ورب أسرة أن يسأل أهل بيته عن كل شيء يراه في بيته ولم يأت هو به، حتى لا يدع لأولاده فرصة أن تمتد أيديهم إلى ما ليس لهم.تفسير الشعراوي16

 

 

اجد القاده كان له معارضا يسبه ويشتمه ففوجئ الجميع بأنه يوليه منصبا مرموقا..فلما رُوجع في ذلك قال:أريده أن يعرف حلاوة المنصب والرفعة والمكانة السامية حتى يتألم حين أسلبها منه ..وهكذا يعامل الله الظلمة..يمهلهم حتى يعلوا ويرتفعوا ليكون بعد ذلك سقوطهم مؤلما وحرمانهم مما كانوا فيه شديدا{فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم}[الأنعام:44].

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

للخشوع في الصلاة: إذا هممت بالصلاة فتذكر رؤية الله لك وسمعه لما ستقول وعلمه بما في قلبك{وتوكل على العزيز الرحيم*الذي يراك حين تقوم*وتقلبك في الساجدين*إنه هو السميع العليم)

 

اذا جاءت النعمة من الكريم سبحانه حضر الحياء في قلوب المؤمنين ,يرون عظم النعم وقلة العمل, يرون تقصيرهم في حق المنعم سبحانه, فلا يبقى إلا الحياء منه والاستغفار. ولقد نبهمنا الله إلى هذا المعنى لعلمه بنا حين ذكر الله نعمه على نبيه في قوله{إذا جاء نصر الله والفتح *ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا},ثم قال له بعدها {فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا} فلا يبقى مع عظيم منِّه إلا التقديس له والاستغفار عساه يعفو ويرضى!

 

الطريقة المثلى لتنمية الأموال:”{وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}[الروم:39]هذه هي الوسيلة المضمونة لمضاعفة المال: إعطاؤه بلا مقابل وبلا انتظار رد ولا عوض من الناس في الدنيا ولا تطلب له مقابلا إلا من الله في الآخرة”.

 

 

ما أحوج المسلمين اليوم في جميع بقاع الأرض أن يدركوا طبيعة المعركة، وحقيقة القضية؛ فلا تلهيهم عنها تلك الأعلام الزائفة التي تتستر بها أحزاب الشرك والكفر، فإنهم لا يحاربون المسلمين إلا على العقيدة، مهما تنوعت العلل والأسباب”الظلال {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم}[البقرة:120].

 

 

(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ } [يونس: 57]. والأية هنا تصوِّر الموعظة وكأنها قد تجسَّدت وصار لها مجيء، رغم أن الموعظة هي كلمات، وأراد الله تعالى بذلك أن يعطى للموعظة صورة الحركة التي تؤثِّر وتحضُّ على الإيمان. تفسير الشعراوي –

 

 

( وصف الله تعالى نفسه بعد قوله ( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) بأنه ( الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ) لأنه لما كان في إتصافه بـ ( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ترهيب، قرنه بـ( الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ ) لما تضمنه من الترغيب ، ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته وأمنع )

 

قال ابن القيم : سمعت شيخ الإسلام ابن تيميه يقول : أمر الله بقدر زائد على ستر العورة في الصلاة وهو أخذ الزينه فقال تعالى : ( يَا بَني آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) الأعراف 31 فعلق الأمر بأخذ الزينة لابستر العورة إيذانا بأن العبد ينبغي له: أن يلبس أزين ثيابه وأجملها في الصلاة .

 

فإنّ اللهَ تعالى شَرَعَ لعبادِهِ أنْ يَستعيذوا عندَ إرادةِ البدءِ بتلاوةِ هذا القرآنِ العظيم، فقال سبحانه: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل: 98]! فدعونا نتأمّل في بعضِ أسرارِ هذا الأمرِ الإلهي! إنّ العبدَ عندما يَستفتِحُ لحظاتِ الاستدرارِ لنورِ الله العظيم، تلاوةً لكتابِهِ الكريم، فإنه يخشى أنْ يسطوَ الشيطانُ على قناةِ الاتصالِ بوجدانِه فيجعلُه من الغافلين !

 

لمّا ذَكَرَ اللهُ قَوامةَ الرجلِ على المرأة، وحَقَّ الزوجِ في تأديبِ امرأتِهِ الناشزِ في قولِه سبحانه : {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}، خَتَمَ الآيةَ بقولِه: {إن الله كان علياً كبيراً} فذَكَّرَ بِعُلُوِّهِ وكِبريائِهِ جَل جلالُه تَرهيباً للرِّجال؛ لئلّا يَعتَدوا على النساء، ويَتَعدَّوا حدودَ اللهِ التي أَمَرَ بها.

 

 

 

في قولِه تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض} مِن الإنسِ والجِنِّ والملائكةِ وكلِّ المخلوقات، {كل يوم هو في شأن} وفي هذا حَفَاوةٌ بالدعاءِ والسؤال، والتَّعَرُّضُ لنَفَحاتِ ذي الجلال، فإنها مَظِنَّةُ تعجيلِ التبديلِ والتغيير

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

في قولِهِ تعالى: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} فلم تُخْتَمُ الآيةُ بقوله {الغفور الرحيم}؛ لأَنَّ المقامَ مَقامُ غَضَبٍ وانتقامٍ مِمَّن اتخذ إلهاً مع الله، فنَاسَبَ ذِكْرُ العِزَّةِ والحكمة، وصار أولى مِن ذِكرِ الرحمة.د.عبد المحسن بن زبن المطيري

 

 

قولُه تعالى : {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد} ومُناسبةُ خَتْمِ الآيةِ بهذين الاسمين الكريمين: {الولي الحميد} دونَ غيرِهما؛ لمناسبتِهِما للإِغاثةِ، لأَنَّ الوَليَّ يُحْسِنُ إلى مواليه، والحميدُ يُعطِي ما يُحمَدُ عليه .د.عبد المحسن بن زبن المطيري

 

 

قوله { الْحَمْدُ لِلَّهِ } لفظه خبر كأنه يخبر أن المستحق للحمد هو الله عز وجل وفيه تعليم الخلق تقديره قولوا الحمد لله والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة ، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة. يقال حمدت فلانا على ما أسدى إلي من النعمة وحمدته على علمه وشجاعته ، والشكر لا يكون إلا على النعمة ، فالحمد أعم من الشكر إذ لا يقال شكرت فلانا على علمه فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامدا

معالم التنزيل للبغوى

 

 

قوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فالرب يكون بمعنى المالك كما يقال لمالك الدار : رب الدار : ويقال رب الشيء إذا ملكه ويكون بمعنى التربية والإصلاح ، يقال : رب فلان الضيعة يَرُبُّها إذا أتمها وأصلحها فهو ربَّ مثل طبَّ ، وبرَّ. فالله تعالى مالك العالمين ومربيهم ، ولا يقال للمخلوق هو الرب معرفا إنما يقال رب كذا مضافا ، لأن الألف واللام للتعميم وهو لا يملك الكل.معالم التنزيل للبغوى

 

 

قوله { إِيَّاكَ نَعْبُدُ } "إيا" كلمة ضمير خصت بالإضافة إلى المضمر ويستعمل مقدما على الفعل فيقال : إياك أعني ، وإياك أسأل ولا يستعمل مؤخرا إلا منفصلا. فيقال : ما عنيت إلا إياك.

 

 

قوله تعالى { وَعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا } سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض ، وقيل : لأنه كان آدم اللون فلما خلقه الله تعالى علمه أسماء الأشياء وذلك أن الملائكة لما قال الله تعالى : { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً } قالوا : ليخلق ربنا ما شاء فلن يخلق خلقا أكرم عليه منا وإن كان فنحن أعلم منه لأنا خلقنا قبله ورأينا ما لم يره . فأظهر الله تعالى فضله عليهم بالعلم وفيه دليل على أن الأنبياء أفضل من الملائكة

معالم التنزيل للبغوى

 

 

قوله تعالى : { قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا } قيل : الهبوط الأول من الجنة إلى السماء الدنيا والهبوط { الآخر } من السماء الدنيا إلى الأرض

معالم التنزيل للبغوى

 

 

{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً } إذا كان لك أولاد ، أنت تزوّجت أمهم وأنجبت هؤلاء ، جعل أمرهم بيدك ، طعامهم وشرابهم بيدك ، تربيتهم بيدك ، مستقبلهم بيدك ، توجيهَهُم بيدك ، أنت خليفة الله في أسرتك ، أنت معلِّم أنت خليفة الله في صَفَّك ، مدير مدرسة أنت خليفة الله في هذه المدرسة ، أنت محافظ فأنت خليفة الله في هذه المحافظة .

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } ، حب الدنيا مرض ، حب الدنيا يعمي ويصِم ، حب الدنيا رأس كل خطيئة ، لكن ليس من حب الدنيا أن يكون لك بيت تشتريه بمالك الحلال ، ليس هذا من حب الدنيا ، وأن تحب أن تقترن بامرأةٍ صالحة ، ليس هذا من حب الدنيا ، و أن تحب أن يكون لك دخلٌ حلال ، ليس هذا من حب الدنيا ، حب الدنيا ما حملك على العدوان ، وعلى أخذ ما ليس لك ، على أن تعتدي على أموال الآخرين ، وعلى أعراضهم

 

 

{ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا } ، من مرض إلى مرض ، كان بالنظر فأطلق البصر ، إطلاق البصر نقله إلى الحديث اللطيف مع الجنس الآخر ، نقله الحديث إلى لقاء ، واللقاء انتهى به إلى الزنا ، والزنا انتهى به إلى السجن ، ثم إلى مرض الإيدز ، بدأ من نظرة .. هكذا سمعت أن سائقاً ركبت معه امرأة .. سألها: إلى أين ؟ قالت له : إلى حيث تشاء ، فهِم ، وعدَّ هذا مغنماً كبيراً ، وبعد أن انتهى أعطته رسالةً ، وظرفاً فيه مال ، فتح الظرف .. وجد خمسة آلاف دولار .. ورسالة مكتوب فيها : مرحباً بك في نادي الإيدز ، نقلت له المرض ، ذهب ليصرف المبلغ ، فإذا هو مزور ، فأودِع في السجن .

 

 

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ) } ، في الحياة الخاصَّة هذا المنافق لو أن عنده آلةً غالية الثمن ، عظيمة النفع ، كثيرة الربح وتعطلت ، إلى من يلجأ ؟ هذا المنافق ، هذا المُتَفَلِّت ، هذا الذي يَرُدُّ منهج الله ، هذا الذي يبحث عن منهجٍ أرضي ، هذا الذي يرفض طاعة الله عزَّ وجل ، لو أن عطباً أصاب آلةً يملكها عظيمة النفع ، غالية الثمن ، شديدة التعقيد ، إلى أين يلجأ ؟ يلجأ إلى الخبير ، يلجأ إلى الشركة ، أو إلى وكلائها ، أو إلى تعليمات الصانع ـ النشرة التي ترفق مع الآلة ـ هو يعتمد في مصالحه الدنيوية على الخبير ، يلجأ إلى الخبير ، مُرَكَّبٌ في أعماقه أنه لا يجوز أن نتصرف بهذه الآلة إلا وفْق تعليمات الصانع ، فلماذا تلجأ أيها المنافق في حل مشكلاتك إلى منهجٍ غير منهج الله ، إلى منهجٍ لا يتعلَّق بالخالق يتعلَّق بالمخلوق ، لماذا تستشِر من ليس خبيراً في حقيقة الإنسان

 

 

{ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } ، مصلِح بنظره ، فكسب المال هو الصلاح عنده ، كسب المال عنده أساسه إفساد العلاقات ، دخله قليل ، يؤجِّر بيته تأجيراً لا يُرضي الله ، يقول لك : يؤجر بالليلة عشرة آلاف ، بالليلة عشرون ألفاً ، علما أن أجرة النوم في أفخر فندق خمسة آلاف ، معنى ذلك أنه يوجد مشكلة بالبيت وليست قضية نوم ، أنت تعرف من السعر ، يجيبك أنا ليس لي علاقة ، أريد أن أربح ، لذلك قضية الفساد قضية واسعة جداً ، فحركاته ، سكناته ، حتى لو زار شقيقته يفسد علاقة أخته بزوجها بكلمة شيطانية لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم سبعين خريفاً ، يفسد علاقة أخته بزوجها بتعليقات غير صحيحة

 

 

{ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } ، يرى الصلاح بكسب المال ، يرى الصلاح بتحقيق المتعة ، يقول لك : أنا أستخدم في العمل فتيات لأنهن أكثر إيناساً ، وأقل مَؤونَةً ، وأكثر طواعيةً ، وأحفظ سراً ، يرى ميزات عمله فقط ، والناحية الثانية يُغْفِلُها ، وهي هذا الشاب الذي ينتظر عملاً ليتزوج ، لقد أصبح الطريق مسدوداً أمامه .

 

 

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ ﴾ } من هو السفيه ؟ هو الذي يُضَيِّع النفيس ويأخذ الخسيس ، فإذا أتلف إنسان ماله فرضاً ، أو أنفق ماله إنفاقاً غير معقول نسميه سفيهاً ، والسفيه يُحْجَرُ عليه ، من هو السفيه الحقيقي ؟ إذا رأيت إنساناً يمسك مئة ألف ليرة عدَّها أمامك ، ثم جاء بعود ثقاب فأحرقها أمامك ، ثم ألقى الرماد في سلة المهملات ، ألا تعتقد أنه مجنون ، أو أنه سفيه ؟ مئة بالمئة ، مثل هذا الإنسان الذي يُحْرِق مئة ألف يُحْجَر على تصرفاته لأنه سفيه ، قد يكون الإنسان مصاباً بمرض ، وهو بحاجة لعمليةٌ جراحية معقدةٌ جداً ، باهظة التكاليف ، تُجْرى له في بلدٍ بعيد ، كُلفة هذه العملية بقدر ثمن بيته ، لا يتردّد أبداً فيبيع بيته ليجري عمليةً يتوهَّم أنها تُمد له بضعة سنوات في عمره ، لماذا فعل هذا ؟ لأنه مركبٌ في أعماقه أن الوقت أثمن من المال فضَحَّى بالمال من أجل الوقت .إذا أتلف الإنسان أمامك مئة ألف تعده سفيهاً ، فإذا ضيَّع الوقت أمامك ألا تعده أشد سفاهةً ؟ بالتأكيد ، أخطر شيء أن تُمضي سهرة إلى الساعة الواحدة ؟ لمتابعة مسلسل ، شيء سخيف ، بمتابعة قصة فارغة ، بمتابعة حديث فارغ

 

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا (14) } لقاء في مكان عام ، في مسجد ، في الطريق ، في مجتمع ، في مدرسة ، في مشفى ، حياة المؤمنين واضحة جداً لا يوجد عندهم شيء يستحيون به ، لا يوجد عندهم جلوة وخلوة ، علانيَّتهم كسريرتهم ، جلوتهم كخلوتهم ، خلوتهم كجلوتهم ، الأمور واضحة : أما الباطل فيحتاج إلى خَلوة ، فهل من الممكن لإنسان أن يغش الحليب أمام الشاري ؟ مستحيل ، يتم الغش في خلوة ، في غرفة ثانية ، في مكان مظلم ، كل شيء منحرف يحتاج إلى خلوة ، أما كل شيء صحيح لا يحتاج إلى خلوة ، تفعله على مرأى الناس جميعاً ، تفعله وأنت مطمئن ، الإثم ما حاك في صدرك وخشيت أن يَطَّلع عليه الناس

 

 

{ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ (15) } معنى يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ يحتقر عملهم ، يحتقر سخافتهم ، أحياناً الإنسان بسذاجةٍ ، بضيق أفقٍ ، بجهلٍ فاضح يظُنُّ أنه إذا خدع الناس فهو ذكي ، أنه إذا خدعهم ، وأقنعهم بشيء ، وهو على خلاف ذلك فهذه حِنْكة ما بعدها حنكة ، هذا حَمقٌ ما بعده حمق ، علاقتك بالله وحده ، وأنت عند الله مكشوف ، وهؤلاء الذين تَخْدَعُهم وتوهمهم لا يملكون لك ضراً ولا نفعاً ، ولا حياةً ولا نشوراً ، تخدع إنساناً ضعيفاً ، تصوروا إنساناً عمره أربعون سنة ، وأمامه طفل عمره خمس سنوات مثلاً وهو يحاول أن يقنعه أنه غني ، فإذا أقنعتَه أو لم تُقنعه ماذا يفعل هذا الطفل أمامك ؟ شيء لا يُصدَّق ، فكل إنسان ينسى الله ، ينسى أن الله يكشفه ، ينسى أن الله مُطَّلعٌ على سرائره ويخدع الناس ، إذا توهَّم أنه حاذقٌ ومُحَنَّك فهو أحمق ، لأن هذا الذي تخدعه لا يملك لك نفعاً ، ولا ضراً ، ولا حياةً ، ولا نشوراً ، ولا رزقاً ، ولا أمناً

 

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ (16) } المعنى المخالف : أن المؤمن ربحت تجارته ، أحد الصحابة كان في طريقه إلى المدينة يبدو أن الكفار كَمَنوا لهم ، أرادوا أن يصرفوه عن الهجرة ، قال لهم : خذوا كلَّ مالي في مكة ودَلَّهم عليه فأطلقوا سراحه ، خذوا كل مالي ، خَبَّأ ماله في مكان معين في البيت ، قال لهم : مالي في المكان الفلاني خذوه ودعوني ، فتركوه ، فلما وصل المدينة أخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، ماذا قال النبي ؟ قال : ربحت التجارة أبا يحيى ، ربحت تجارتك ، ضَحَّى بماله كلّه من أجل أن يصل إلى النبي ، ربحت تجارتك

 

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) } أما كلمة مَثَلُهُم ، أراد الله جلَّ جلاله أن يضرب لنا مثلاً للمنافقين ، والمثل صورة حسية واضحة جداً تنطبق على حقيقةٍ معنوية مُعَقَّدة ، فالمثل طريقةٌ في التعبير رائعة ، وطريقةٌ في التعبير واضحة ، وطريقةٌ في التعبير قريبة ، وطريقةٌ في التعبير صادقة ، وطريقة المثال أحد أساليب القرآن الكريم الرائعة في توضيح الحقائق وتَجْلِيَة الأمور

 

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً (17) } . استوقد وزن استفعل في اللغة وزنٌ يعني الطَلَب ؛ طلب النار ، طلب النار لتضيء له حياته ، أي طلب المال ، طلب العز ، طلب المكانة العلّية ، طلب الجمال ، طلب البيت المريح ، طلب المركبة ، هذه طلباته . اسْتَوْقَدَ نَاراً (17) & من أجل أن تنير له ، فبعد جهدٍ جهيد ، وعمرٍ مديد ، وعملٍ مضنٍ ، تألقت النار وأضاءت له ما حوله ، جاء ملك الموت فجأةً وأخذ منه كل هذا الجهد ، وكل هذه المكتسبات ، هذا حال المنافقين ، ليس لهم في الآخرة رصيد ، كل رصيدهم في الدنيا ، كل البيض في سلةٍ واحدة ، فإذا أُخذت منه هذه السلة فقد كل شيء ، ليس للمنافق مستقبل أبداً ، له حاضر قد يكون رائعاً جداً .

 

{ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) } . (صُمٌّ بُكْمٌ (18) . لا يسأل ، لأن الأمر لا يعنيه إطلاقاً ، ولا ينطق بالحق ، هو لا ينطق بالحق من باب أولى ، وهو لا يسأل ، لأن لسانه لا يستخدمه إلا للدنيا ، للغيبة والنميمة ، للحديث عن النساء ، للحديث عن مظاهر الدنيا . (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ (18) . لا يرى الحقائق ، لا يرى الآيات الدالة على عظمة الله ، لا يرى أفعال الله عزَّ وجل التي تهتز لها القلوب . ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) . كيف يرجعون وهم على ما هم عليه من الصمم ، من الخَرَس ، من العَمَى ؟!!

 

 

( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ (19) هذا الدين كهذا السحاب كُلُّه خير ، يقول لك : سحابة تحمل ثلاثمئة مليون طن من الماء سوف تنزل على الأرض ، سوف تصبح الأرض عُشباً أخضر ، محاصيل ، أشجار مثمرة ، ينابيع فوَّارة ، الماء هو أساس الرزق . لكن هذا السحاب يَحْجُب أشعة الشمس ، أيام الشتاء غائمة ، وقد يسمع الإنسان صوت رعدٍ فينخلع قلبه ، وقد يرى ضوء برقٍ فيخطف بصره ، ما رأى المنافقون ما في هذه السحابة من الخير ، أزعجهم الغيم الذي حجب أشعة الشمس ، أزعجهم صوت الرعد ، أزعجهم وميض البرق ، هذه أزعجتهم فرفضوا هذه السحابة ، هناك في الإسلام غض بصر ، فيه دفع زكاة ، فيه ضبط لسان ، فيه قواعد ، فيه صلوات ، فيه صيام ، فيه انضباط ، أزعجتهم هذه التكاليف فرفضوا كُلَّ الدين .

 

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (19) } . ينخلع قلبه لذكر الموت ، هناك أُناسٌ يكرهون القرآن ، لماذا ؟ لأنه يُتلى في مناسبات الحُزن ، كأن القرآن يذكِّرهم بالموت ، هناك أناسٌ يكرهون بعض النباتات لأنها توضع على القبور ، يكرهون كل شيءٍ يذكِّرهم بالآخرة من شدة تعلُّقهم بالدنيا ، حتى أنك لا ترى في بعض البلدان جنازة إطلاقاً ، من المستشفى بسيارة إسعاف إلى المقبرة لا ترى فيها نعياً على الجدران ، بلادٌ كثيرة إسلامية النعي فيها ممنوع ، الجنائز ممنوعة ، لا ترى الموت على الإطلاق

 

{ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ (19) } . يحب ألا يسمع الكلام الذي يُزعجه ، يضع إصبعه في أُذنه ، وهذا واقع ، تتحدث حديثاً عن الآخرة تجده يتثاءب ، اعتذر لأن عنده موعد ، اجعل الحديث عن الدنيا تجده جلس معك حتى الساعة الواحدة ، ولم يقل لك : عندي موعد ، ما دام الحديث عن الدنيا هو مصغٍ إليه ، كتلة نشاط وحيوية ، حدثه عن الآخرة تجده تململ وتثاءب وتأفف واعتذر . يظنون إذا تجاهلوا ذكر الموت ، وإذا تجاهلوا الدار الآخرة ، أنهم لا تصيبهم الآخرة ولا يموتون

 

 

{ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا (20) } . إذا نجح ابنه بتفوق فإنه يحب الجامع الذي فيه ابنه ، وشيخ ابنه ، ويقول له : يا بني خذ أخاك معك إلى الجامع ، وإذا رسب ابنه عزا كل أخطاء ابنه للشيخ والجامع ، الجامع ليس له علاقة بالموضوع ، ابنك هو المقصِّر ، لا يوجد عنده حل موضوعي ، إنه يميل مع مصالحه .

 

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) } . أيها الأخوة أكبر سؤالٍ يُطْرَحُ علينا هو : لماذا نحن في الدنيا ؟ لماذا خُلقنا ؟ صدقوني أيها الأخوة أن ملايين طائلة من الناس يتحركون كل يوم ، يعملون عملاً شاقاً ، يكسبون الأموال ، يسكنون البيوت ، يتزوَّجون ، يسافرون ، يتاجرون ، يفرحون ، يمرحون ، ولا يعلم أحدهم لماذا خلقه الله ؟

 

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ (21) } . تعرفوا إليه ، تعرف إليه من خلقه ، في القرآن الكريم ألفٌ وثلاثمئةٍ واثنتان وعشرون آية كونية ، ما الهدف منها ؟ لماذا جعل الله سُدُس القرآن آيات كونية ؟ للتسلية ؟! للقراءة ؟! أم لنتعرف على الله من خلالها ؟ جعل الله هذه الآيات منهجاً للتفكُّر

 

{ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً (22) } . السماء بناء ، والله سبحانه وتعالى هو الذي بنى هذا النظام وبنى هذه المجرَّات ، قد يسأل أحدكم : كم مجرة في الكون ؟ لا يزال الكون مجهولاً ، أما المعلومات المتواضعة التي وصل إليها العلماء مليون ملْيون مجرة ، وفي أكثر هذه المجرات مليون ملْيون كوكب ونجم ، وكل هذه المجرات مُترابطة مع بعضها البعض بقوى التجاذب ، ومتحرِّكة بمساراتٍ مغلقة حيث إن هذا الكون مبنيٌ بناءً رائعاً أساسه التوازن الحركي .

 

 

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) } أيها الأخوة الكرام ، تعارف الناس على أن البعوضة لا قيمة لها ، حشرةٌ حقيرة ، يضربها الإنسان ويقتلها يبدو أن هذه الحشرة هيَّنةٌ على الناس ، لكن الشيء الذي يلفت النظر هو أن الشيء كلما صَغُر كلما احتاج إلى صنعةٍ بارعة ، فقد تجد مذياعاً كبيراً فلا يثير دهشتك ، أما إن رأيته صغيراً فإنه يستأثر باهتمامك ، وأما إن رأيت ساعةً فيها مِذياع فإنك تزداد اهتماماً وانتباهاً ، وتدرك أن فيها دقة صُنع . أطلعني أخٌ كريم على جهاز كمبيوتر بحجم كف اليد فيه كل البرامج التي توضع في الكبير ، وفيه اتصال دولي ، وفيه إنترنت ـ شيء لا يُصدق ـ بحجمٍ صغير ، فكلَّما صغرت الآلة كان وراءها صنعةٌ بارعة

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً (26) } البعوضة أيها الأخوة لها ثلاثة قلوب ، قلبٌ مركزي وقلبٌ لكل جناح ، هذا القلب يُمِدُّ الجناح بطاقةٍ تجعله يرِفُّ أربعة آلاف رفةٍ في الثانية ، هذه البعوضة عندها جهاز رادار ، ففي ظُلمة الليل ينام طفلان على سريرهما تتجه البعوضة إلى الطفل مباشرةً دون أن تتجه إلى وسادة أو إلى ركن في الغرفة ، الآن لديها جهاز رادار يكشف لها الكائن الحي فإذا وصلت إليه حلَّلت دمه ، هناك دمٌ لا يُناسبها ، قد ينام أخوان على سرير واحد ، يفيق أحدهما ، وقد أُصيب بمئات لدغات البعوض ، والثاني سليم ، إذاً عندها جهاز تحليل دم ، تأخذ الدم الذي يناسبها ، وتدع الذي لا يناسبها ، والبعوضة من أجل أن تأخذ هذا الدم لا بد أن تميَّعه لأن الكرية الحمراء أوسع من خرطوم البعوضة ، فلا بد من أن تميع الدم حتى يجري في خرطومها ، فإذا لدغت البعوضة هذا الطفل استيقظ وقتلها فلا بدّ أن تخدره ، متى يشعر الإنسان بلدغ البعوضة ؟ بعد أن تطير ، يضربها من دون فائدة لأنها تكون قد طارت ، فهذه البعوضة الصغيرة فيها جهاز رادار ، وجهاز تحليل ، وجهاز تمييع ، وجهاز تخدير ، ولها جناحان يرفَّان أربعة آلاف رفَّة في الثانية ، ولها ثلاثة قلوب ؛ قلبٌ مركَّزي ، وقلبٌ لكل جناح ، وبإمكان البعوضة أن تقف على سطحٍ أملس

 

 

{ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ (26) } من هو الذي يستخف بهذه البعوضة التي هي من آيات الله الدالة على عظمته ؟ إنه الفاسق : (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) هناك علاقة رائعة بين السلوك وبين الاعتقاد ، الفاسق لا يعتقد والمؤمن يعتقد ، الفاسق يسخر والمؤمن يُعَظِّم ، معنى ذلك أن الإنسان حينما يفسُق يصبح منطقه تبريرياً تسويغياً ، منطقه مقيداً بشهواته ، لذلك إياك أن تناقش منتفعاً لأنه لا يقنع معك ، فهو يدافع عن المكاسب التي حَصَّلها ، هذا الذي ينتفع من الكفر لا يمكن أن يتخلَّى عن الكفر لأنه ينتفع منه ، منتفع ، المنتفع لا يُناقَش ، والغبي لا يُناقَش ، والقوي المغتر بقوته لا يُناقَش

 

{ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ (27) } عهد الله إلينا أن نأكل المال الحلال ، عهد الله إلينا أن نَقْصُرُ طرفنا على زوجاتنا وعلى محارمنا ، عَهْدَ الله إلينا أن نكون صادقين ، عهد الله إلينا أن نكون أُمناء ، عهد الله إلينا أن نؤدِّي الأمانات إلى أهلها ، عهد الله إلينا ألا نظلم بني البشر ، ألا نكذب ، ألا نأخذ ما ليس لنا ، أن نكون أمناء ، لذلك بعث الله عزَّ وجل النبي عليه الصلاة والسلام لهذه الأمة ليقوِّم أخلاقها

 

{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) } هناك حقيقة واحدة في الكون هي الله ، أي عمل يقرِّبُك من الله هذا عمل عظيم ، وأي عمل يبعدك عن الله عزَّ وجل فهو عمل خسيس ، فشراء مجلة غير منضبطة مشكلة ، شاب يطَّلع على صور الفنانات في أوضاع مغرية في مجلة مشكلة ، وهذه المجلة ومثيلاتها ينبغي ألا تدخل هذا البيت ، هناك من يشتري هذه المجلاَّت ويضعها في عيادته من أجل أن يستمتع المرضى قبل الدخول إلى غرفة المعاينة ، هذا يقطع ما أمر الله به أن يوصل . أيها الأخوة ، هؤلاء يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، وبالمناسبة إذا وجدت إنساناً له شيخ في مسجد ، ملتزم ، متألِّق ، دَعْهُ لا تدخل بتفاصيل ، لا تقطعه عن هذا المسجد ، هذا مصدر سعادته ، مصدر انضباطه ، إلا بحالات نادرة جداً ، إذا كانت هناك عقيدة منحرفة خطيرة جداً في هذا المسجد ، هذا موضوع ثانٍ ، أما بشكل عام فلا يكن همُّك قطع إنسان موصول بالله عن طريق جماعة ، عن طريق مسجد ، عن طريق شيخ ، هذا عمل تخريبي

 

{ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ (27) } إيَّاك أن تكون أداة قطعٍ ، بل كن أداة وصلٍ ، لذلك : ليس منا من فَرَّق . حتى بعض المؤسسات مثلاً تعلق أنها تريد موظفاً يعمل لديها غير متزوج ، أو غير مصحوب بزوجته ، في دول الخليج أحياناً يطلبون موظفاً من دون زوجة ، زوجته أقرب الناس إليه ، ليس في الإمكان أن يعيش بعيداً عنها ، وليس في إمكانها أن تعيش بعيدةً عنه ، لا نقبلك بزوجة ، يبقى سنةً بأكملها في مكان ، وزوجته في بلد آخر ، هؤلاء يقطعون ما أمر الله به أن يوصل ، هؤلاء الذين يفرِّقون شمل الأسرة هؤلاء ليسوا على حق ، يأمرك القرآن والسنَّة أن تجمع شمل الأسرة ، هذه الآية واسعة جداً لا تنتهي

 

{ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (27) } سأل أحدهم أخته عندما جاءها مولود : ماذا قدَّم لكِ زوجكِ بمناسبة الولادة ؟ قالت له : لم يقدِّم لي شيئاً ، فأجابها متسائلاً : أمعقول هذا ؟ أليس لكِ قيمة عنده ؟ والله يليق بكِ شخص غيره أرقى منه ، ألقى بذلك قنبلة ومشى ، جاء زوجها ظهراً إلى البيت فوجدها غاضبة فتشاجرا ، وتلاسنا ، واصطدما ، فطلقها ، من أين بدأت المشكلة ؟ من كلمة قالها الأخ ، مثلاً قد يسأل أحدهم : هذا البيت كيف يتسع لكم ؟ إنه يتسع لنا ، ليس لك أنت علاقة ، إنه يحب أن يُعَكِّر صفو الأسرة ، هو شيطان ، داخل فيه شيطان ، وهذا هو الفساد

 

 

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ (34) } قال العلماء : " عِلَّةُ أي أمرٍ أنه أمر " ، مثلاً عندك لا سمح الله آلام بالمعدة ، ودخلت إلى أفضل طبيب في البلد ، معه أعلى شهادة ، ومعه أعلى خبرة ، إذا قال لك : دع الحوامض ، لا يخطر في بالك لحظة أن تفكر بأمره ، لأنك تثق بعلمه ، تنفذ لأنه أمرك ، أنا مرة قلت عن عالم من علماء هذه البلدة الطيبة كان بأمريكا ودخل بنقاش مع عالم كبير حديث العهد بالإسلام ـ عالم بالفيزياء أو الكيمياء ـ طُرِح موضوع لحم الخنزير ، بدأ هذا العالم يتحدث عن مضار الخنزير ، وعن الدودة الشريطية ، وعن تأثر طباع الإنسان بلحم الخنزير وطباع الخنزير ، وعن أن هذه الدودة لا تتأثر بالحرارة ، وتكلم كلاماً طيباً جداً سبحان الله ، فأجابه هذا المسلم الأمريكي قال له : يا أستاذ كان يكفيك أن تقول لي : إن الله حرمه ، فهذا يكفي ، يكفي إذا قال لك خالق الكون : لا تفعل هذا الشيء ، لذلك قال العلماء : علة أي أمرٍ أنه أمر

 

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ (34) } قد يقول قائل : الملائكة سجدوا ، وإبليس مستثنى منهم ، هل المعنى أنه مَلَك ؟ لا الاستثناء نوعان ؛ هناك استثناء متصل ، واستثناء منقطع ، إذا قلنا : دَخَلَ الطلاب إلا خالداً ، هذا استثناء متصل ، خالد طالب ، أما إذا قلنا : دخل الطلاب إلا المدرس ، هذا استثناء منقطع المدرس ليس من جنس الطُلاَّب ، لكن دخول الصف يشمل الجميع ، الطلاب والمدرس ، فهذا الاستثناء لا يعني أن إبليس مَلَك ، لا أبداً ‍! إبليس كان من الجن ، ولو كان مَلَكَاً لما عصى أبداً ، لما عصى ، لأنه مسيّر لا يستطيع أن يعصي

 

 

{ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ (34) } معصية الكبر عند الله كبيرةٌ جداً : الكبر أن ترفض الحق ، ألا تقبله ، ألا تعبأ بالصلاة ، ألا تعبأ بالزكاة ، ألا تعبأ بالحج ، أن ترى نفسك فوق الشرع ، معصية الاستكبار كبيرة جداً ، إبليس استكبر

 

{ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ (35) } قال الله عزَّ وجل : اسكن ، وهذا فعل أمر ، لم يقل : اسكني ، وذلك حسب التغليب لأن كل أمر موجهٌ إلى الذكور هو حكماً موجهٌ إلى الإناث

 

 

{ فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ (36) } ما دام المرء بالمعاصي والآثام ترك الصلاة ، ما دام ماله حراماً ، ما دام يرتاد الملاهي ، تجده مرتاحاً ولا يوجد عنده مشكلة ، عندما يلتزم بجامع يقول له الشيطان أول شيء : قد يكون هذا القرآن ليس من عند الله ، بل هو كلام محمد ؟ متى بدأ الشيطان يوسوس لهذا الإنسان ؟ بعد أن التزم ، وطريق الفجور لا يوجد فيه شيطان ، الطريق سالك ونازل ، وبعد أن التزم المرء قعد الشيطان على طريق الصلاح

 

 

 

{ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} أصعب الناس رجوعاً إلى الصواب ؛ أطولهم مكثاً على الخطأ!

 

 

(وأن أعمل صالحاً ( ترضاه ) } أن تعمل صالحاً فأنت موفق ، وأن يقبله الله منك فذلك الفوز العظيم ! اللهم وفقنا واقبل منا

 

 

قال تعالى :" وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ " الغافل يعيش هكذا ، ويموت هكذا ، وحتى لما قضي الأمر وقامت القيامة يظل غافلا لا يصدق ما يحدث

 

قال تعالى : " اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ " الموت قادم ، وقيامتك قريبة ، وللأسف مازلت غافلا ، لا تتعظ بالوقائع ، مازلت تلعب ، مازلت تلهو ، حذار فالله يقول : " وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا "

 

الغفلة قرينة لحب الدنيا ، واليقظة قرينة " ذكرى الدار " تذكر الآخرة ، فالدنيا تلهي " ألهاكم التكاثر " والآخرة توقظ " حتى زرتم المقابر "

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال الله تعالى :" وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ " فكان علاج الضيق : الذكر " سبحان الله وبحمده " ، وكثرة الصلاة وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر يفزع للصلاة ، وكانت العبادة ولزوم المحراب حتى الموت

 

 

" وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " إن الماكرين مهما اشتد مكرهم ، والكائدين وإن بدا استعصاء كيدهم ، ينسون " إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا " يتغافلون عن " وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم " " ويمكرون ويمكر الله " فأحيانا يضيق صدر المؤمنين بمكر الماكرين ، حتى يظنوا أنَّه لا مفر من استعلاء الظلم والقهر . لكن الله بالمرصاد ، وهو يصنع بكم يا مؤمنون يا مؤمنات هذا لتزدادوا قربا ، فتترفعون عن الدنيا ، وتتعلقون بالآخرة

 

 

" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ "كذابون يدعون الإيمان وهم منه براء ، لذلك ذكر عقابهم الشديد " وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ " والمشكلة الكبرى أن تكون كذابا ، ولا تشعر ، أو تصدق كذبك ، وتدعي أنك صالح أو مؤمن أو تقي أو من النخبة أو ....الخ ثم أعمالك تكذب أقوالك ، ثم أحوالك تفضح كذبك .

 

 

قال الله تعالى : " إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ " هل تخيلتم يوما ما أن " الغم " مثوبة ، الغم أجر ، لم يقل " فأصابكم " بل " فأثابكم " أيها المهموم ويا صاحب الغموم ، افهم عن الله تعالى ، إنه يبتلي ليهذب لا ليعذب ، إنَّ كل ما يصيبك من نكد هذه الحياة لكي تعلق قلبك بالله وحده ، فلا تفرح بموجود ولا تحزن على مفقود

 

 

قال الله تعالى : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ " [ آل عمران : 24 ] الشيطان من أسمائه ( الغَرور ) " ولا يغرنكم بالله الغرور " ومن أخطر طرائق الشيطان أن يغرر الإنسان بالدين ، فتجد الواحد مغرورا بالتزامه لبعض الشرع ، مغرورا بفهمه الخاص للدين ، مغرورا بظاهر لا وزن له في قلبه ، مغرورا بكلمات يحفظها ويتشدق بها ، مغرورا يشعر أنه من " النخبة " من " الصفوة " أنه من " الخاصة " .. لذلك لسان المغرور يقول : " لن تمسنا النار إلا أياما معدودات " أفيقوا ... وتخلصوا من داء الغرور القاتل ، فلا تنس ذنوبك ، ولا تنس ماضيك لذلك قال الله لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم :" وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ " لا تحكموا على الناس ، ولا تغتروا بأنفسكم ، وتذروا عيوبكم لتذلوا لله تعالى ، واعرفوا أن النعمة من الله ليس لكم فيها من شيء ، بل محض فضله سبحانه ...اليوم ارفع شعار " لا للغرور "

 

 

استشعروا خطر الواقع فاستدفعوا النقم بالبكاء والتضرع " وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ " عليكم بالدعاء مع احتراق القلب ، تباكوا حتى تلين القلوب بالبكاء ، ابتعدوا عن مفسدات القلوب ،

 

 

{ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) } هذه كلمة ( إلى حين ) إذا فهمها الإنسان ترتعد مفاصِلُه (إلى حين) ، عدة سنوات ، اعمل ما شئت لا بد من الموت ، إذا شيَّع الواحد جنازة ، ووقف على القبر ، وضع هذا الميت في القبر ، هذه الحادثة الرهيبة كلنا سوف نصل إليها ، كلنا ، مهما كان حجمك المالي ، مهما كان بيتك فخماً ، مهما كان لك هيمنة على الناس ، مهما كان لك أذواق رفيعة جداً في الاستمتاع ، مهما كنت أنيقاً عندك أذواق عالية ، مهما كان رصيدك كبيراً ، هذه اللحظة لا بد منها ، لذلك العاقل هو الذي يعد لهذه اللحظة التي لا بد منها عدتها

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) } أيها الأخوة ، فرقٌ كبير بين معصية إبليس وبين معصية آدم ، معصية إبليس ردٌ لأمر الله ، معصية إبليس استكبارٌ عن طاعة الله ، معصية إبليس تنطلق من الكِبر ، وهذه في سُلَّمِ المعاصي تقع في أعلى درجة ، فأشد المعاصي إثماً وعقاباً وبعداً أن يَسْتَنْكِفَ الإنسان أن يطيع الله كبراً ، أما الذي يعصيه غَلَبَةً فهذا توبته سريعة ، إلا أن العلماء يقولون : إن الأنبياء معصومون ، ومعصية آدم ليست معصيةً بالمعنى الدقيق ، لأن الله سبحانه وتعالى أراد من الذي حصل لآدم أن يكون درساً بليغاً له ولذرِّيَتِه من بعده

 

{ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) } الله عزَّ وجل توَّاب ، ومعنى توَّاب صيغة مبالغة ، وصِيَغ المبالغة مع أسماء الله الحسنى تعني أنه يتوب على الإنسان من أكبر ذنبٍ اقترفه ، ويتوب عليه من آلاف الذنوب ، فهنا مبالغة كَماً ونوعاً ، مهما كان الذنب في نظرك كبيراً يتوب الله عزَّ وجل عليك منه ، أي ذنبٍ مهما بدا لك كبيراً

 

{ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً } الهبوط نزول مستوى ، كان الإنسان بحالة راقية صار بحالة متعبة ، تجد الإنسان يصل إلى ثلاثين سنة حتى يتزوج ، هذا يكون سبَّاقاً إلى الزواج ، حتى يستقر إلى أن يجد له بيتاً ، مأوى ، زوجة ، أولاداً ، ثلاثين عاماً فما بعد ، يحتاج إلى سنوات وسنوات حتى يستطيع أن يتحرك حركة معقولة ، فهؤلاء الذين كسبوا المال حصَّلوه بجهدٍ جهيد ، فلمَّا حصَّلوه ما بقي لهم كثير ولا قليل حتى يغادروا الدنيا ، فالدنيا دار تعب

 

{ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } العبرة ليست في الشباب ولكن في الشيخوخة ، العبرة في خريف العمر ، هذه المرحلة من العمر متعلِّقة بالشباب ، أحد الصالحين هنا في الشام عَلَّم الطلاَّب ثمانين سنة ، بدأ بالتعليم في الثمانية عشر وتوفي في الثمانية والتسعين وهو قائم على التعليم ؛ التعليم الديني ، وكان يقول للطالب : يا بني أنت تلميذي ، وكان أبوك تلميذي ، وكان جدَّك تلميذي ، أي أنه علَّم ثلاثة أجيال ، وخرَّج آلافاً مؤلَّفة من أعلام هذه البلدة ، وكان في الثمانية والتسعين منتصب القامة ، حاد البصر ، مُرْهَف السمع ، أسنانه في فمه ، متَّعه الله بقوَّته ، فكان إذا سُئل : يا سيدي ما هذه الصحَّة التي أكرمك الله بها ؟! يقول : " يا بني حفظناها في الصِغَرْ فحفظها الله علينا في الكِبَرْ ، من عاش تقياً عاش قويَّاً " ، لذلك خريف العمر متعلِّق بالشباب

 

(فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } لا خوفٌ عليهم من المستقبل ، يضمن الله لهم مستقبلاً مريحاً ، ولا يحزنون على ما مضى لأنهم قادمون إلى الجنَّة ، إنسان يسكن في حيّ فقير ، في حي متواضع جداً ، وفي بيت صغير تحت الأرض ، مساحته ثمانون متراً ، عنده ثمانية أولاد ، فإذا انتقل إلى بيت مساحته أربعمئة متر له إطلالة جميلة جداً ، هل هناك ألم في أثناء نقل الأثاث ؟ هل هناك انقباض ؟ هل هناك ضيق ؟ بالعكس هناك فرح ، وسرور ، واستبشار ، الانتقال إلى الأحسن مسعد للنفس ، إذا عَمَّر الإنسان الآخرة سهُل عليه أن ينتقل إليها

 

{ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } هناك أيها الأخوة نعمةٌ وهناك مُنْعِم ، الكافر مع النعمة ، أما المؤمن مع المُنعم ، وما لم تنتقل من النعمة إلى المنعم فلست مؤمناً ، الكفَّار في كل مكان يستمتعون بنعم الله أَيَّما استمتاع ، بل إن الكفَّار أكثر من المؤمنين استمتاعاً بالنعم لأنها نصيبهم الوحيد من الله عزَّ وجل ، بلادهم جميلة ، وأموالهم طائلة ، وقوَّتهم مسيطرة ومع ذلك هم غارقون في المعاصي والآثام

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) } يمكن للإنسان أن يتاجر بالدين ، يمكن أن يستخدم القرآن لمصالحه ، ويمكن أن يستخدم العلوم الدينية لمصالحه ، ولكن هذا الإنسان هو أشقى الناس . إذا لعب الإنسان بدين الله يفرمه الله فرماً ، فهذا الدين دين الله عزَّ وجل لا تقربه بسوء ، فإذا أراد الإنسان أن يتاجر به ، أو أن يُضِل الناس ، فالله كبير وعقابه أليم وشديد . ادعى شخص من الباكستان النبوَّة ، وقال : " خاتم الأنبياء ليس معناه أنه آخر الأنبياء ، أي أن كلامه يصدِّق من يأتي بعده " ، وادَّعى أنه نبي ، وكانت هناك جائحة كبيرة جداً من مرض الكوليرا بالباكستان ، وزعم أنه لن يُصَاب بالكوليرا لأنه نبي ، فالذي حدث أنه أُصيب بالكوليرا ومات داخل المرحاض ، أي أن الله عزَّ وجل فضحه

 

 

{ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) }هناك طُرْفَة ، أحد سماسرة البيوت دخل وصلَّى العشاء باتجاه الشمال ، ليوهمهم أن هذا البيت اتجاهه قبلي ، فمن أجل أن يبيع البيت باع دينه ، من أجل أن يبيع هذا البيت باع دينه كلَّه ، وهذا يحدث كل يوم ، طبعاً هذا مثل حاد ، يمكن لإنسان أن يحلف يمين كذب ، أو أن يشهد شهادة زور ، ممكن لمصلحة مُعَيَّنة أن يستعصي في بيت قد استأجره ، ويقول لك : أنا القانون معي ، أي أنه باع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل

 

{ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) } بالمناسبة : أحياناً يفتي الإنسان فتوى فيأخذ ثمنها باهظاً ، ولكنها فتوى باطلة ، لذلك أخطر إنسان هو الذي يُفتي بخلاف ما يعلم ، الذي يُفتي وهو لا يعلم مُحاسَب ، أما الذي يُفتي بخلاف ما يعلم هذا اشترى بآيات الله ثمناً قليلاً ، أنت تفاجأ أن لكل معصية فتوى ، الآن في العالَم الإسلامي أيّ معصية لها فتوى كاملة ، فلا توجد مشكلة ، ولكن لم يبق شيء في الدين ، إذا كان الربا مسموحاً ، فتوى رسميَّة ، إذا كان هذا مسموحاً ، وهذا مسموح ، فما الذي بقى محرَّماً

 

{ وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) } العمليَّة عمليَّة تزوير ، الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمورٌ مشتبهات ، يأتي المنافق ويجمع شيئاً من الحق وشيئاً من الباطل كيف ؟ يقول لك : يا أخي الله عزَّ وجل قال : ( لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً) ( سورة آل عمران : آية " 130" ) معنى هذا ـ حسب مفهومه ـ إذا أخذ الإنسان أضعافاً قليلة فهو ليس مؤاخذاً

 

{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ (44) } هذا أخطر شيء بالدعوة ، وأخطر شيء يصيب أهل الدين الازدواجيَّة ، أي هناك نصوص وهناك طقوس وعبادات ، أما المعاملة فهي شيءٌ آخر ، عندما تنفصل المعاملة عن العبادة انتهى الدين ، يوجد في الدين عبادة تعامليَّة ، وعبادة شعائريَّة ، وهما متكاملتان ، والعبادة الشعائريَّة لا قيمة لها إلا بالتعامليَّة ، فإذا ألغينا التعامليَّة ألغينا الدين كلَّه

 

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) } يتعلم الناس بعيونهم لا بآذانهم ، ولغة العمل أبلغ من لغة القول ، والذي يشدُّ الناس إلى الدين المُثُل العُليا ، أما الكلام فلا يؤثِّر ، الكلام لا يُحرِّك ساكناً ، جاء الأنبياء بالكلمة فقط ، ولكن بالكلمة التي يؤكِّدها الواقع ، فلو سألتني : ما سر نجاح دعوة الأنبياء ، وإخفاق دعوة الدعاة في أيامنا ؟ لأنه لا توجد عند النبي ازدواجيَّة أبداً ، فالذي قاله فعله ، والذي فعله قاله ، فالانسجام تام بين أقواله وأفعاله ، ينبغي على المؤمن أن تكون سريرته كعلانيَّته ، وظاهره كباطنه ، وما في قلبه على لسانه

 

{ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) } الإنسان له علاقتان ؛ علاقةٌ مع الخلق ، وعلاقةٌ مع الحق ، العلاقة مع الحق الاتصال به عن طريق الاستقامة على أمره ، وعلاقته مع الخلق الإحسان إليهم ، فإذا أردت أن تجمع الدين كلَّه ففي كلمتين : اتصالٌ بالخالق وإحسانٌ إلى المخلوق ، وإن أردت أن تبحث عن علاقةٍ بينهما ، فهناك علاقة ترابطيَّة بينهما ، فكل اتصالٍ بالخالق يعينك على أن تُحْسِنْ إلى المخلوق ، إنك بهذا الاتصال تشتقُّ من كمال الله ، وكل إحسانٍ إلى المخلوق يعينك على الاتصال بالخالق

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) } يتوهم الإنسان بالعُزلة أوهاماً مضحكة ، يبني قصوراً من الأوهام ، ولكنه يتحجم عندما يقيم مع الآخرين ، وهذا التحجيم صحِّي ، قد تتوهِّم أنك أكبر مؤمن ، فعندما تجلس مع مؤمن أكبر منك ترى أن عملك لا شيء أمام عمله ، إخلاصك أقل من إخلاصه ، طموحك أقل من طموحه ، تتحجَّم ، فهذا التحجيم ضروري جداً للإنسان ، هذا التحجيم منطلق العطاء ، منطلق التفوّق ، أما لو أنك توهَّمت أنك في مستوى رفيع جداً ، وأنت بعيد عن المجتمع هذا الوهم غير صحيح ، هذا يُقْعِدُكَ عن طلب العُلا

 

{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ (44) } أن تأمر الناس بالبر قضيَّة لا تكلِّف شيئاً ، وسهلة جداً ، لاحظ الناس إذا أصيب إنسان بمصيبة كل من حوله يقولون له : بسيطة ، لا توجد مشكلة ، طوِّل بالك ، سهل عليك أن تُصَبِّره ، ولكن لو وقعت معك هذه المصيبة قد تفعل أكثر مما فعل ، فالتصبير سهل ، والكلام سهل ، أما أن تكون في مستوى كلامك هذا الشيء الذي يجعلك بطلاً

 

{ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ (45) } الإنسان المتفلِّت يُطلق بصره في الحرام ، ماله حرام ، عمله سيِّئ ، فإذا وقف ليصلي تجد أنه محجوب عن الله عزَّ وجل ، فصلاته حركات ليس لها معنى بالنسبة له ، أحياناً تجد صلاة سريعة جداً غير معقولة إطلاقاً ، فالصلاة السريعة أو الصلاة التي لا يوجد فيها خشوع سببها الحجاب ، فإذا صلى الإنسان ولم يشعر بشيء ، قرأ القرآن ولـم يشعر بشيء ، ذكر الله ولم يشعر بشيء

 

{ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45) } الصلاة كبيرة ، كبيرة على المنافق : كبيرة عليه ، يصعب عليه أن يصلي ، قد يمضي ساعات طويلة في كلام فارغ أما أن يصلي التراويح فهي صعبة عليه ، لا يحتمل ، أنا والله أعرف أناساً في التراويح كأنهم في جنَّة ، في جنَّة من جنَّات القُرب ، واقف يستمع إلى القرآن الكريم وكأن الله يحدِّثنا ، قال : " إن أردت أن تحدِّث الله فادعه ، وإن أردت أن يحدِّثك الله فاقرأ القرآن " ، أنت حينما تقرأ القرآن أو تستمع إليه تشعر وكأن الله يحَدِّثك ، فالتراويح فيها راحة للنفس ، والفرق بين صلاة المنافق وصلاة المؤمن أن صلاة المنافق أرحنا منها ، والمؤمن أرحنا بها ، هذا هو الفرق بين (من) وبين (الباء) ، المنافق يقول : أرحنا منها ، والمؤمن يقول : أرحنا بها

 

 

{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ (46) } كل عمل يعمله يتصوَّر أنه واقفٌ بين يدي الله عزَّ وجل ، لماذا فعلت كذا ؟ لماذا أعطيت ظلماً ؟ لماذا منعت ؟ لماذا غدرت ؟ لماذا كذبت ؟ لماذا احتلت ؟ لماذا اغتصبت هذا البيت ؟ لماذا لم تنصح فلاناً ؟ أما إذا كان كل يومه أخطاء ومعاصي وآثاماً فأي صلاة هذه ؟! نقول له : صل ، ولكن استقم من أجل أن تتصل بالله عزَّ وجل

 

{ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (46) } المفتاح الدقيق للآية أن تؤمن بالآخرة ، أن تؤمن أنه لا بد أن تقف بين يدي الله عزَّ وجل ليسألك : لـماذا فعلت هذا ؟ دخلت زوجة سـيدنا عمر بن عبد العزيز عليه وهو يبكي في مصلاَّه ، فقالت له : " ما يبكيك ؟ قال لها : " دعيني وشأني " ، ألحَّت عليه ما يبكيك؟ فلمَّا ألحَّت عليه قال : " يا فلانة إني نـظرت إلى الفقير البائس ، والشيخ الكبير ، وذي العـيال الكثير ، وابن الـسبيل ، والمرأة الأرملة ، والشيخ الفاني ـ ذكَّر أصنافاً من المعذَّبين في الأرض ـ كل هؤلاء سيسألني الله عنهم جميعاً ." قال : " لو تعثَّرت بغلةٌ في العراق لحاسبني الله عنها : " لمَ لمْ تُصْلِح لها الطريق يا عمر ؟ " ، عمر حاسب نفسه على بغلة تعثَّرت في العراق ، لِمَ لمْ يصلح لها الطريق

 

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) } أيها الأخوة ، بشكلٍ مختصرٍ مُرَكَّز خلق الله الإنسان ليسعده في الدنيا والآخرة ، فإذا انحرف عن منهج الله تقتضي رحمة الله أن يسوق له بعض الشدائد كي يعيده إليه ، هذا كل ما في الأمر لذلك العِلاجات التي يسوقها الله عزَّ وجل لعباده مُنَوَّعةٌ وكثيرةٌ ، وعلى درجات ، وعلى مستويات ، لعلَّ من أشدِّها أن يبتليهم الله عزَّ وجل بظالمٍ يُذَبِّح أبناءهم ويستحي نساءهم يؤكِّد هذا المعنى قوله تعالى :قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ (65) ( سورة الأنعام : من آية " 65 " ) الصواعق ، والصواريخ (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ ) ( سورة الأنعام : من آية " 65 " ) الزلازل ، والألغام (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ) ( سورة الأنعام : من آية " 65 " )

 

{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ (49) } آل فرعون أي من كان على منهج فرعون ، من كان على شاكلة فرعون ، ليس معنى آل فرعون أقرباءه ، فآل النبي من سار على منهجه ، فهل يُعَدُّ أبو لهب من آل النبي ؟ لا ، هل يعدُّ أبو جهل من آل النبي ؟ لا ، ولكن يُعَدُّ سلمان الفارسي من آل بيت النبي ، ويعدُّ صُهَيْبُ الرومي من آل بيت النبي ، ويعد بلال الحبشي من آل بيت النبي ، كل من آمن بالنبي وسار على نهجه واتبع سنَّته القوليَّة والعمليَّة فهو من آله ، وكل من شاكل إنساناً وسار على نهجه فهو من آله

 

{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) } مُعجزات مُدهشة ، صار البحر طريقاً , الله يتدخل أحياناً ، وإذا تدخَّل الله تنتهي كل مشاكلنا ، ولكن أنت اطلب منه موجبات رحمته ، إذا فعلت موجبات رحمته أوجب ذلك أن يتدخَّل الله لصالحك ، وتوجد بعض الشواهد في حياتنا ، شيء لا يُحتمل صرفه الله عزَّ وجل من عنده

 

{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) } أغرق الله فرعون ، ولكنه نَجَّاه ببدنه إلى الشَاطئ ، لأنه إذا أغرقه واستقرَّ في أعماق البحر لما صدَّق أحدٌ أنه غرق ، لأنه عندهم الإله ولكنَّ الله أراد أن يجعله عبرةً : ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ (92) . (سورة يونس : من آية " 92 " ) ما قال الله : لتكون آية أي لمن حولك ، لكنه قال : ( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً (92).(سورة يونس : من آية " 92 "

 

{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) } أي أن الله أمر الذين لم يعبدوا العجل أن يقتلوا من عبد العجل جزاء ارتكابهم أكبر ذنب في الدين ، وهو أن تُشرك ، لكن الله عزَّ وجل رَحِمَ أمَّة محمِّد صلى الله عليه وسلَّم فجعل توبة المؤمنين لا تقتضي هذا القتل ، يكفي أن تقول : يا رب لقد تبت إليك ، يقول لك : عبدي وأنا قد قبلت ، هذه رحمةٌ كبيرة ، ولكن بني إسرائيل كُلِّفوا أن يقتلوا أنفسهم ، أن يقتل بعضهم بعضاً ، أن يقتل الذين لم يعبدوا العجل الذين عبدوا العجل

 

ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56) } يُروى أن رجلاً سيق إلى سيدنا عمر متلبّساً بسرقة فقال : " والله يا أمير المؤمنين إنها أول مرَّةٍ أفعلها في حياتي " ، قال له : " كذبت إن الله لا يفضح من أول مرَّة " ، فكانت المرَّة الثامنة ، فالله عزَّ وجل يعطي مهلة ، هناك خطأ ، هناك معصية ، هناك تقصير يعطي مهلة إلى أن يُصِر على ذنبه

 

{ وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ (57) } من النِعَم التي امتنَّ الله بها على بني إسرائيل شمس الصحراء لا تُحتمل ، كانت تسير معهم غيمة أينما ساروا ، يقال أحياناً : "إذا أحبَّ الله قوماً أمطرهم ليلاً وأطلع عليهم الشمس نهاراً " ، تأتي أحياناً نسمات لطيفة في الصيف تلغي مكيِّفات ثمنها ألف مليون يقول : كم متراً غرفتك ؟ أنت تحسبها ، أربعة بثلاثة باثنين ونصف ، يقول لك : إذاً تحتاج لاثنين طن ليتم التكييف الجيد ، ثمن الطن مئة ألف وهذه الغرفة لا يتم تكيفها بطن واحد ، تأتي نسمات لطيفة من عند الله عزَّ وجل تلغي عمل المُكَيِّفات كلها ، أحياناً نستورد أعلافاً بألوف الملايين ، موسم مطير واحد يغني عن كل هذا الاستيراد ، قد نستورد بألوف الملايين قمحاً لنأكله ، موسم مطير واحد يُغني عن كل هذا الاستيراد ، فالله إذا أعطى أدهش ، وهو على كل شيء قدير

 

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) } يتابع الله جلَّ جلاله الحديث عن بني إسرائيل ، وقد بيَّنت لكم من قبل أن كل الأمراض التي وقع فيها بنو إسرائيل قد تزل قدم المسلمين فيقعوا في مثلها ، فلذلك من الأسلوب الحكيم أن تُعْرَض علينا أمراض الذين من قبلنا كي نتعظ بغيرنا فلا نقع فيما وقعوا فيه ، كل امتنانٍ من الله على بني إسرائيل في عهد موسى هو امتنانٌ على ذريَّتهم في عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلَّم ، لأن الكاف للخطاب

 

تفسير الدكتور محمد راتب النابلسى

تم تعديل بواسطة امانى يسرى محمد

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

{تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون}! هكذا بكوا لفوات قربة من القربات التي كانوا معذورين فيها لفقرهم! فكم بكينا لفوات قربات لسنا معذورين فيها؟! بل فتش فستجد في الناس من يبكي لفوات شهوة، أو معصية، أو هزيمة ناديه المفضل!! [د.عمر المقبل]

 

 

شجرة الإخلاص أصلها ثابت، لا يضرها زعازع: {أين شركائي الذي كنتم تزعمون} وأما شجرة الرياء؛ فإنها تجتث عند نسمة: "من كان يعبد شيئا فليتبعه". [ابن القيم]

 

نظرت في هذه الآية: {ألم تر أن الله يسجد له من في السموات...}، ثم قال: {وكثير من الناس} فرأيت الجمادات كلها قد وصفت بالسجود، واستثنى من العقلاء، فقلت: هذه قدرة عظيمة، يوهب عقل الشخص، ثم يسلب فائدته! وإلا فكيف يحسن من عاقل ألا يعرف بوجوده، وجود من أوجده؟ غير أنه سبحانه وهب لأقوام من العقل ما يثبت عليهم الحجة، وأعمى قلوبهم كما شاء عن المحجة. [ابن الجوزي]

 

أن يخضع لك عدوك كأنه صديق؛ فهذا انتصار! وأن يعصمك الله من الشيطان؛ فهذا انتصار أكبر! تدبر: {وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم} فقد "أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك: عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم". [ابن عباس]

 

{ليس عليكم جناح...} لما أمر تعالى بالتقوى، أخبر تعالى أن ابتغاء فضل الله بالتكسب في مواسم الحج وغيره؛ ليس فيه حرج إذا لم يشغل عما يجب، إذا كان المقصود هو الحج، وكان الكسب حلالاً منسوباً إلى فضل الله، لا منسوباً إلى حذق العبد، والوقوف مع السبب، ونسيان المسبب؛ فإن هذا هو الحرج بعينه. [السعدي].

 

أبلغ الله تعالى صوت إبراهيم حينما نادى بالحج، وحفظ هذا الأذانَ فجعله قرآنًا يردد في الصلوات، ويتلى في المحاريب {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا}. إنها إشارة قوية إلى أن على العبد أن يفعل الأسباب التي يستطيعها، ثم يترك ما وراء ذلك للقادر الكبير المتعال. [د.سلمان العودة].

 

{ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} إنها إحدى صور عظمة الحج؛ فلا تجد مشهدا يجمع الناس من كل جنسية وبلد، كما يكون في الحج، إنه مشهد يطلعك على عظمة هذا الدين، وعمقه في الأرض؛ بما لا يشهده دين آخر. [د.محمد الربيعة].

 

يا له من شرف! قال تعالى عن خيار رسله: {إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار}، تذكر الدار الآخرة والتذكير بها، والعمل لها؛ من نعم الله الخالصة على أوليائه المصطفين الأخيار. قال قتادة: كانوا يذكرون الناس الدار الآخرة والعمل لها. [ينظر: تفسير ابن كثير]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×