اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

الشدائد الكاشفة ..

المشاركات التي تم ترشيحها

salamAlikom.gif?t=1195714134

دوما كانت الشدائد كاشفة عن معادن الناس, تبين حقيقتها, وتجلي كامن صفاتها , فقد تعرف إنسانا لفترات طويلة , ولا يبين لك منه صفاته الحقة , فإذا مرت الشدائد ظهرت صفاته وبانت علاماته , فلكأنما تكشف بعد اختفاء وتعرى بعد غطاء !
والشدائد تقرب المؤمنين إلى ربهم , وتباعد المزورين والكاذبين عنه سبحانه , فالمؤمن يسارع توبة واستغفارا , وإنابة وإصلاحا , وردا للحقوق , وتبتلا لله سبحانه رجاء تخفيف الشدة وإذهاب الغمة , والكاذب يسارع إلى الدنيا يطلب منها فك الشدة , ويتعلق بالأسباب , وينسى ربه سبحانه , فلا تزيده الشدة إلا نفورا , قال سبحانه : "
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ " (الحج:11)
والشدائد منقيات , يقول صلى الله عليه وسلم "
ما يَزالُ البلاءُ بالمؤمِنِ والمؤمنةِ ، في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ ، حتى يلْقَى اللهَ وما عليْهِ خطيئةٌ
" صححه الألباني
والله سبحانه طيب لا يقبل إلا طيبا , فيسلط الشدائد على المؤمنين لتفتن صفاتهم , وتنقي حقيقتهم , فيذهب الخبث , ويبقى الطيب , فيلقون الله طيبين , ومن وافته منيته من الموحدين قبل أن يتم توبته , تمت تنقيته قبل دخول الجنة , فيدخلون الجنة بعد التنقية والتصفية فيقال لهم عندئذ : "
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ " (الزمر:73)
وكما أن الشدائد كاشفة لمقدار الخير في الدين , فإنها كاشفة في أمور الدنيا , فالشدة تظهر الصديق الحق , وتبين فضيلة المرء , فكم من مدع لفضيلة إذا جاءت الشدائد أسفر عن وجه جبان قبيح , وأناني خسيس , وكم من كريم قليل الحديث عن نفسه , تراه في الشدائد أسدا هصورا , ومروئيا عظيما , مؤثرا الخير على نفسه وباذلا للمكرمات حتى لو كان حاله ضيقا ..
حتى إني وددت أن لا تكون صداقة إلا بعد شدة واختبار , ولا أخوة إلا بعد عشرة واختيار , حتى لا نسمع بالصدمات النفسية في الأصدقاء والإخوان , تلك التي نسمع عنها كل يوم !

والشدائد أيضا كاشفة لقيمة المرء أمام نفسه , فيعلم من نفسه كم هو صادق مع نفسه ومع ربه , وهل هو مدع لا يلبث أن ينكسر في المشكلات وينقلب على عقبيه فيها أم أنه صادق مع نفسه واضح معها , ويعلم قدر ثقته في مبادئه وقيمه , ويعلم مكامن الخلل عنده وأماكن الثغرات في شخصيته .
والشدائد تقوي النفس , وتقوم الظهر , وتثبته , وتجعله صلبا في مواجهة تقلبات الدنيا , فإن صبر المرء فيها وتوكل على الله ربه , وأخذ بالاسباب , وداوم وصلا بالرحمن الرحيم ذكرا ودعاء والتجاء , فما يلبث أن يعود أقوى وأرسخ .
قال سبحانه : "
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ" (ال عمران:173-174)



د. خالد رُوشه
منتدى المسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

نقل قيم، بارك الله فيك وجزاك خيرا. 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×