اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

لماذا نقرأ سورة الكهف كل يوم جمعة؟

المشاركات التي تم ترشيحها

ما الحكمة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقراءة سورة الكهف كل يوم جمعة، عندما قال: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين))؛رواه الحاكم في مستدركه، وصحح إسناده، وحسنه ابن حجر.

 
عند التأمل لاحظت:
1- من قرأ هذه السورة أضاء له من النور في أسبوعه كله، وهذا النور سبب من أسباب انشراح الصدر لتقبل اﻹسلام، وتطبيق أحكامه؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22].
2- وهي سورة تربي المسلم على اﻹيمان بأقدار الله تعالى خيرِها وشرها،وهي تظهر ترابط هذه اﻷقدار، وانتظامها بصورة واضحة على وجه يعجِزُ العقل البشري عن اﻹحاطة به!
كما أننا نلاحظ كيف تنسج أقدار إلهية من وراء ستر الغيب لصالح اليتامى، والضعفاء، والمساكين، والمظلومين، وكيف ينتصر لهم! وسبب ذلك كله صلاحٌ أو دعاء!
إن سورة الكهف تلقن الإنسان درسًا صامتًا عن حكمة الله سبحانه في أقداره! وتدفعه دفعًا إلى أن يَلِجَ كهف الرحمة الإلهية ليشعر بالدفء، وبرد اليقين، والاطمئنان!
3- وفيها إعلان ظاهر عن سلطان القدر في حياة البشر، وأن القدرة اﻹلهية هي المتصرفة في الحياة واﻷحياء، مع ارتباطها بالعدل المطلق.
وقد كانت التربية في هذه السورة المباركة عن طريق القصص السبع التي ذكرت فيها.
وبعض البيان في اﻵتي:
القصة الأولى: قصة أصحاب الكهف والرقيم:
وهي قصةُ فتيةٍ ثبتوا على الإيمان في وجه الطغيان، فكانت العاقبة لهم، وهي تعلمنا درس الثبات في زمن الفتن الكبرى، والعواصف الهوجاء التي يتعرض لها أهل الإيمان، وأن العاقبة لهم.
وقد كانت الآيات التي جاءت في آخر الآيات تشير إلى ذلك عندما قال الله تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا * أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [الكهف: 30، 31].
وهي قصة تبشر بانتصار المؤمن في وجه الطغيان مهما طال الزمن؛ فالعاقبة دائمًا للمتقين، ولو بعد حين.
ومن هنا نفهم ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مَن حفِظ عشر آياتٍ من أول سورة الكهف، عُصِمَ من الدجال))؛ رواه مسلم.
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((فمن أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف))؛ رواه مسلم.
وقد قيل في بيان الحكمة من ذلك: "إن فواتحها تتحدث عن فرار الفتية بدينهم من فتنة الملك، واعتصامهم بالكهف المانع من اطلاع الملك عليهم، وهو يناسب تمام المناسبة حال فرار المؤمنين من المسيح الدجال، واعتصامهم بالجبال عنه،كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: ((ليفرن الناس من الدجال في الجبال))،قالت أم شريكٍ: يا رسول الله، فأين العرب يومئذٍ؟ قال: ((هم قليلٌ))؛ رواه مسلم.
كما أن الآية العاشرة مختومة بدعاء يناسب حال الفارين من الدجال، وهي قوله تعالى: ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا ﴾ [الكهف: 10].
إن تلاوة هذه الآيات وحفظها يستدعي استحضار ما انتهى إليه أم الفتيه الذين تمسكوا بدينهم؛ من حصول ألطاف الله لهم، ونجاتهم من فتنة الملك، والثناء الباقي لهم بعد موتهم، فيحصل عند المتعرضين لفتنة الدجال من الثقة بالله، واليقين بأن العاقبة للمتقين، ومن الإيمان: ما يكون سببًا لثباتهم على الحق".
وأما القصة الثانية فهي قصة أصحاب الجنتين:
فهذا الغني صاحب الجنة، وما أوتي من أموال وأغلال، كانت فتنته في المال، وكان عليه أن يحمَدَ اللهَ على نعمه، لا أن يكفُرَ بها، ولما غفَل، ذكَّره صاحبُه فلم يتذكر،فكانت عاقبته الخِذلان؛ ولهذا قال الحق في آخر القصة: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا * وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا ﴾ [الكهف: 57، 58].
وفيها تعبيرٌ واضح عن أقدار الله المرتبطة بالغِنى والفقر.
وهي قصة تذكر بنهاية الظالم في الجانب الاقتصادي؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من شر فتنة الغنى، الذي يحمل صاحبه على الأشر، والبطر، والطغيان!
وأما القصة الثالثة فهي قصة نبي الله موسى عليه السلام مع العبد الصالح:
وهي تعلمنا درسًا مهمًّا في العلم والتعلم، وأن علمنا مهما كان واسعًا فله حدوده، وأن هناك مَن يتفوق علينا بعلمه؛ فهي قصة ترسِّخُ فينا صفة التواضع.
والكِبْرُ في العلم له كوارثُ في الحياة واﻷحياء! وغطرسة العالم المتمدن لا تخفى على ذي بصيرة!
وهي قصة تعلمنا خطأ من يدعي الحتمية الأيديولوجية، بمعنى أن ما توصلوا إليه هو الأنموذج الأوحد، وأنه نهاية التاريخ!
وتدل على أن ما يجهله اﻹنسان هو أكثر بكثير مما يعرفه، مهما أوتي من تفوق علمي أو مادي.
ثم جاءت القصص الثلاث المنطوية في هذه القصة وكلها تأكيد للمعنى الذي ذكرته.
ولم نرَ تعليقًا صريحًا في نهايتها؛ لأن القصص كانت واضحة كل الوضوح في الدرس المستفاد.
لكنها تعلمنا أن ما يراه الإنسان من الأقدار التي يحسبها من أقدار الشر، ما هي سوى فصل من جملة فصول قد يكون لها وجهٌ من الخير الذي لا نعلمه، وصدق الله القائل: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].
وأما القصة السابعة، فهي قصة ذي القرنين:
وهي قصة الحاكم الصالح المُصلح، الذي سخَّر ما أُعطي من قوة في الحكم، ورجاحة في العقل في صالح المقهورين والمظلومين!
فهي تُعلِّمنا سلوك الحُكم الرشيد، بعيدًا عن الحكم الجائر،فإن فوائد الحكم الرشيد لا تحصى في الحياة، وأثره الطيب ظاهر في اﻷحياء!
ثم تختم السورة بمقارنة رائعة بين الأخسرين أعمالًا، الذين ضل سعيهم في الحياة، فحبطت أعمالهم، فليس لهم وزن يوم القيامة، ومن لا وزن له فسيكون مأواه جهنم!
وبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ فإن الفردوس نزلهم، لا يتحولون عنها إلى غيرها؛ لقاءَ ثباتهم على دينهم الحق.
وقد خُتمت هذه السورة المفعمة بصور متعددة عن الحياة بالحديث عن سَعة علم الله تعالى؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴾ [الكهف: 109].
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بكلمات الله التي لا تنفَدُ من شرِّ كل ذي شر، فيقول: ((أعوذُ بكلمات الله التامات كلها من شر ما خلَق)).
 
 
شبكة الالوكه
 
image.thumb.png.28caf4bd150b9b088cbfb8aaddf2728e.png
 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

سبحان الله سورة عظيمة مليئة بالعبر والفوائد.. 

حزاكِ الله خيرا يا حبيبة على النقل القيم () 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×