اذهبي الى المحتوى
امانى يسرى محمد

من أقوال السلف في اتباع الهوى

المشاركات التي تم ترشيحها

من أقوال السلف في اتباع الهوى

من أعظم مداخل الشيطان على الإنسان اتباعه لهواه، فما هَوِيه ركبَه، حقًّا كان أو باطلًا، قال الله عز وجل﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية: 23]، قال العلامة السعدي رحمه الله: فما هَوِيه سلكه، سواء كان يُرضي الله أم يُسخطه.

 

لقد ذمَّ الله عز وجل الهوى في كتابه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما ذكر الله عز وجل الهوى في كتابه إلا ذمَّه، وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: لم يذكر الله الهوى في كتابه إلا ذمَّه، وكذلك في السُّنَّةلم يجئ إلا مذمومًا، إلا ما جاء منه مُقيَّدًا؛ كقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُؤْمِن أحدُكم حتى يكونَ هواهُ تبعًا لما جئتُ به))، وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: سُمِّي الهوى هوًى؛ لأنه يَهْوي بصاحبه إلى النار، ورُوي هذا عن الإمام الشعبي رحمه الله.

 

فطوبى لمن جاهد نفسه، ونهاها عن الهوى! وهو كل ما خالف الحق، فالجنة هي المأوى، قال الله عز وجل ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى *فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40، 41].

 

للسلف أقوال في اتباع الهوى، يسَّر اللهُ الكريم، فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

 قال علي رضي الله عنه: الهوى يصدُّ عن الحق.

 

 قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله وعلمه، فإن كان عمله تبعًا لهواه؛ فيومه يوم سوء، وإن كان عمله تبعًا لعلمه؛ فيومه يوم صالح.

 

 قال ابن عون: إذا غلب الهوى القلب؛ استحسن الرجل ما كان يستقبحه.

 

 قال الحسن رحمه الله: شر داء خالط قلبًا الهوى.

 

 قال سهل بن عبدالله التستري: هواك داؤك، فإن خالفته فدواؤك.

 

 قال وهب: إذا شككْتَ في أمرين، ولم تدْرِ خيرهما؛ فانظر أبعدهما من هواك فإنه.

 

 قال الشعبي: إنما سُميت الأهواء أهواء؛ لأنها تهوي بصاحبها في النار.

 

 قال إبراهيم بن أدهم: الهوى يُردي، وخوف الله يَشفي، واعلم أن ما يزيل من قلبك هواك إذا خفت مَنْ تعلَم أنه يراك، وأشدُّ الجهاد جهادُ الهوى، من منع نفسه هواها؛ فقد استراح من الدنيا وبلائها، وكان محفوظًا ومعافًى مِن أذاها.

 

 قال سلمة بن دينار: قاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك.

 

 قال منصور بن عمار: إن الغالبَ لهواه أشدُّ من الذي يفتح المدينة وحده.

 

 قال وهيب بن الورد: يقول الله تعالى: ((وعِزَّتي وجلالي وعظمتي ما مِن عبدٍ آثرَ هواي على هواه إلا أقللْتُ هُمومَه، وعِزَّتي وعظمتي وجلالي، ما مِن عبدٍ آثرَ هواه على هواي إلا أكثرْتُ همومَه)).

 

 قال عبدالله بن خبيق: قال حذيفة المرعشي: انظر هواك، لا تَهْوَ شيئًا من الشر.

 

 قال أبو سليمان الداراني: أفضل الأعمال خلاف هوى النفس.

 

 قال عمر بن عبدالعزيز: أفضل الجهاد: جهاد الهوى.

 

 قال وهب بن مُنبِّه: العقل والهوى يصطرعان، فأيهما غلب مال بصاحبه.

 

 قال سفيان الثوري: أشجع الناس أشدُّهم من الهوى امتناعًا.

 

 قيل للمُهلَّب: بمَ ظفرتَ؟ قال: بطاعة الحزم، وعصيان الهوى.

 

 قال الإمام ابن حزم رحمه الله: قول الله: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 40، 41] جامعٌ لكل فضيلةٍ؛ لأن نهي النفس عن الهوى هو رَدْعُها عن الطبع الغضبي، وعن الطبع الشهواني، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للذي استوصاه: ((لا تَغْضَبْ))، وأمره عليه السلام أن يحب المرء لغيره ما يحب لنفسه، جامعٌ لكل فضيلة؛ لأن في نهيه عن الغضب رَدْعَ النفس ذات القوة الغضبية عن هواها، وفي أمره عليه السلام بأن يحبَّ المرءُ لغيره ما يحبُّ لنفسه رَدْعُ النفوس عن القوة الشهوانية.

 

 قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:

اعلم أن مطلق الهوى يدعو إلى اللذة الحاضرة، من غير فكر في عاقبة، ويحثُّ على نيل الشهوات عاجلًا، وإن كانت سببًا للألم والأذى في العاجل، ومنع لذَّات في الآجل، فأما العقل فإنه ينهى نفسه عن لذةٍ تعقب ألمًا، وشهوةٍ تُورِث ندمًا، وكفى بهذا القدر مَدْحًا للعقل، وذمًّا للهوى.

الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إلا من باب هواه، فإنه يطيف عليه، من أين يدخل عليه؛ حتى يفسد عليه قلبه وأعماله.

الله سبحانه وتعالى شبه أتباع الهوى بأخسِّ الحيوانات صورةً ومعنًى.

متبع الهوى ليس أهلًا أن يُطاع، ولا يكون إمامًا، ولا متبوعًا.

اتباع الهوى من المُهلِكات، قال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث مُنْجيات، وثلاث مُهْلِكات، وأما المُهلِكات: فهوى مُتَّبَع....))؛ الحديث.

مخالفة الهوى تُورِث العبد قوةً في بدنه، وقلبه، ولسانه.

أغزر الناس مروءةً أشدهم مخالفةً لهواه.

الله جعل الخطأ، واتباع الهوى قرينين، وجعل الصواب، ومخالفة الهوى قرينين.

الهوى داءٌ، ودواؤه مخالفته.

جهاد الهوى إن لم يكن أعظم من جهاد الكُفَّار فليس بدونه.

اتباع الهوى يُغلق عن العبد أبواب التوفيق، ويفتح له أبواب الخذلان، فتراه يلهج بأن الله لو وَفَّق لكان كذا وكذا، وقد سدَّ على نفسه طُرق التوفيق باتِّباع هواه.

من نصر هواه؛ فسد عليه رأيُه وعقلُه؛ لأنه قد خان الله في عقله فأفسده عليه.

اتِّباع الهوى يحلُّ العزائم، ويوهنها، ومخالفته تشدُّها وتُقوِّيها.

مخالفة الهوى مطردة للداء عن القلب والبدن، ومتابعته مجلبة لداء القلب والبدن، فأمراض القلوب كلها من متابعة الهوى.

أصل العداوة والشَّر والحسد الواقع بين الناس من اتباع الهوى، فمن خالف هواه، أراح قلبه، وبدنه، وجوارحه، فاستراح، وأراح.

لكل عبد بداية ونهاية، فمن كانت بدايته اتباع الهوى؛ كانت نهايته الذُّل والصغار، والحرمان، والبلاء المتنوع بحسب ما اتبع من هواه، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الجنة نهاية من خالف هواه، والنار نهاية من اتَّبع هواه.

مخالفته توجب شرف الدنيا، وشرف الآخرة، وعز الظاهر، وعز الباطن، ومتابعته تضع العبد في الدنيا والآخرة، وتذله في الظاهر والباطن.

إذا تأملت السبعة الذين يُظِلُّهم الله عز وجل في ظِلِّ عرشه يوم لا ظِلَّ إلا ظِله، وجدتهم إنما نالوا ذلك الظلَّ بمخالفة الهوى.

 

 قال الإمام القرطبي رحمه الله: علل القلوب من اتباع الهوى، كما أن علل الجوارح من مرض البدن.

 

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

 من أعرض عن اتباع الحق الذي يعلمه تبعًا لهواه، فإن ذلك يورثه الجهل والضلال حتى يُعمي قلبه عن الحق الواضح.

 يوجد في المتبع لهواه من الذل- ذل النفس وضعفها ومهانتها- ما جعله الله لمن عصاه، فإن الله جعل العزة لمن أطاعه والذلة لمن عصاه.

 المؤدي للأمانة- مع مخالفة هواه- يثبته الله فيحفظه في أهله وماله بعده، والمطيع لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده فيُذِل أهله ويُذهِب ماله.

 

 قال العلامة ابن القيم رحمه الله:

التعصب واتِّباع الهوى يصدَّان عن الحق، ويحرمان الأجر، ويبعدان عن الله ورسوله، ويوجبان مَقْته، ويخرجان صاحبهما عن درجة الوراثة النبوية، ويدخلانه في أهل الأهواء والعصبية.

 مخالفة الهوى لم يجعل الله للجنة طريقًا غير مخالفته، ولم يجعل للنار طريقًا غير متابعته، قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات: 37 - 41]، وقال الله عز وجل: ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن: 46]، قيل: هو العبد يهوى المعصية، فيذكر مقام الله عليه في الدنيا، ومقامه بين يديه في الآخرة، فيتركها لله.

 اتباع الهوى يطمس نور العقل، ويُعمي بصيرة القلب، ويصدُّ عن اتِّباع الحق، فلا تحصل بصيرة العبرة معه البتة، والعبد إذا اتَّبع هواه فسد رأيُه...فأرته نفسُه الحسن في صورة القبيح، والقبيح في صورة الحسن، فالتبس عليه الحق بالباطل، فأنَّى له الانتفاع بالتذكُّر؟!

 

 قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من قال "لا إله إلا الله " بلسانه، ثم أطاع الشيطان وهواه في معصية الله ومخالفته فقد كذَّب فعلُه قولَه، ونقص من كمال توحيده بقدر معصيته الله في طاعة الشيطان والهوى، ﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ [القصص: 50] ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ  [ص: 26]، فيا هذا، كن عبد الله لا عبد الهوى، فإن الهوى يهوي بصاحبه في النار.

 

 قال العلامة السعدي رحمه الله:

العبد ينبغي له إذا رأى دواعي نفسه مائلةً إلى حالة فيها هوى، وهي مضرة له، أن يُذكِّرها ما أعدَّ الله لمن نهى نفسَه عن هواها، وقدَّم مرضاة الله على رِضا نفسه؛ فإن في ذلك ترغيبًا للنفس في امتثال أمر الله، وإن شق ذلك عليها.

الهوى إما أن يُعمي بصيرة صاحبه، حتى يرى الحق باطلًا، والباطل حقًّا، وإما أن يعرف الحق ويتركه لأجل هواه، فمن سلم من هوى نفسه وُفِّق للحق، وهُدي إلى الصراط المستقيم.

لا ينبغي للعبد أن يكون رضاه وغضبه تابعًا لهوى نفسه الدنيوي، وغرضه الفاسد؛ بل الذي ينبغي أن يكون لمرضاة ربِّه.

اتباع الهوى وإخلاد العبد إلى الشهوات يكون سببًا للخذلان.

ينبغي للحاكم أن يحذر الهوى، ويجعله منه على بال، فإن النفوس لا تخلو منه؛ بل يجاهد نفسه بأن يكون الحق مقصوده، وأن يلقى عنه وقت الحكم كل محبة أو بغض لأحد الخَصْمين.

لا يستوي من هو على بصيرة من أمر دينه، علمًا وعملًا قد علم الحق واتبعه، ورجا ما وعده الله لأهل الحق، كمن هو أعمى القلب، قد رفض الحق وأضلَّه، واتَّبَع هواه بغير هُدًى من الله، ومع ذلك يرى أن ما هو عليه هو الحق، فما أبعد الفريقين! وما أعظم التفاوت بين الطائفتين، أهل الحق وأهل الغي!

 

 قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله:

 للهوى مداخل كثيرة، منها: أن يميل الإنسان إلى ما كان عليه أبواه، كما في الحديث الصحيح: ((ما مِن مولودٍ إلا يُولَد على الفطرة، وأبواه يهوِّدانه أو يُنصِّرانه)).

ومنها: أن يميل إلى ما كان عليه أستاذه.

ومنها: أن يميل إلى ما اعتاده وأَلِفه.

ومنها: أن يميل إلى ما رأى عليه مَنْ يُحبُّه ويُعظِّمُه.

ومنها: أن يميل عمَّا رأى عليه مَنْ يُبغضه أو يستحقره، قال تعالى: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ [هود: 27] وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ [البقرة: 13].

 

ومنها: أن يميل إلى ما وقع في ذهنه أولًا، فيصعب على نفسه أن تعترف أنها أخطأت أولًا، ولا سيما إذا كان قد أظهر قوله الأول.

 إذا تمكَّنَ الهوى عميت البصيرة، فَتُعرضُ على صاحبه الحجة النيِّرة فيرى أنها شبهة فقط،...وتُعرضُ عليه الشبهة الضعيفة الموافقة لهواه فيرى أنها برهانٌ قاطِعٌ.

 مسالك الهوى قد تكون خفية جدًّا، فيتوهَّم الإنسان أنه لا سلطان للهوى عليه، وأنه ممَّن يُجاهد في الله طلبًا للحق أنَّى كان، مع أنه في الحقيقة خلاف ذلك.

 

 قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري:

الإحسان إلى الخلق ليس بتحقيق مرادهم والسير على مقتضى ما تهواه نفوسهم؛ بل قد يكون من الإحسان إبعاد الإنسان عن هواه، فكم من إنسان يرغب فيما يلحق الضرر بنفسه كما يفعله أصحاب المُخَدِّرات والمسكرات، فالإحسان إليهم يكون برَدْعِهم عن ذلك وأمرهم بالمعروف وإلزامهم به، ونهيهم عن المنكر وإلزامهم بتركه.

 متى وُجِد الهوى فلا بد أن يتفرَّقوا ويختلفوا، والبدع تنشأ من الأهواء، فإنه إذا وُجِدت الأهواءُ وعمل كلٌّ برأيه بدون أن يستند لنصٍّ فحينئذٍ تنشأ البِدَع.

 

شبكة الالوكة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×