اذهبي الى المحتوى
غُربة روح

قصة قصيرة...عدالة القدر

المشاركات التي تم ترشيحها

عدالة القدر

 

"ما أسعدك يا أبا احمد! تذكرك ابنك أخيراً و جاء ليأخذك نادماً من هذا المكان ، ما أجمل دموع الفرح هذه التي تبعثرت على خديكما،و كأن الحياة قد مدت ذراعيها لكم لتحضنكم من جديد،كم اشتقت لكم يا أبنائي، نفيتموني و لكني أظل أشتاق لكم مراراً،فيا وجعي ،تعالوا سأسامحكم، فقط تعالوا،لا أريد منكم أن تعتذروا لا أريد سوى أن أراكم يا فلذات كبدي،أهكذا تفعلون بوالدكم؟ ؟! ترمونه في دار للعجزة،تنهون حياته بأيديكم،أعترف أنني قسوت عليكم،لم أعد ذلك القاسي الذي كنت، لن أضربكم على أبسط زلاتكم،كم قسوت عليك يا خالد يوم كنت أضربك على وجهك حين تدافع عن أخواتِك حتى يدمي و لم أكن أهتم بل و أزيدك ضرباً،أدري أنني كنت بلا مشاعر،ذا قلب من حجر،و لكن هذا المكان و ما رأيت فيه ألان فؤادي،و حسسني بقيمتكم يا أحبتي،و لكن ارجعوا و أعدكم أن أكون خادماً لكم إن أردتم،سأعتذر لك يا ريم سأشتري لك ما تريدين من الحلوى،سأصنع لك ألذ طعام كما كانت أُمك تصنع لك،لن أدعك تنامين جائعة،لن أدعك بثياب المتسولين تلك و سألبسك أحلى الفساتين مثل فتاة الجيران التي كنت تغارين منها، و أنت يا عائشة أدري أنني أخطأت حين رفضت تزويجك و جعلتك أمةً لدي ،سأخبرك أن خلف تلك النظرات القاسية التي كنت أرمقك بها سعادة جمة حيث أرى صورة أمك الغالية فيك،بل أنت نسخة عنها،خاصة عيناك اللتان تشعان دفئا و حناناً،و صوتك الرقيق الذي يذكرني بها كل ما توارى إلى سمعي،اعذريني يا أم خالد فلم أوف بما وعدتك بهٍ حين موتك،لم أرعهم كما وصيتني،آآآآه إن حزني عليك حولني إلى وحش ،لا مشاعر لي،لم أحس بتلك النعمة التي كانت تحت يدي،و تنتظر أن أحضنها،أبنائي،يا لسخرية القدر أبا خالد الطاغية صارت حالته الآن مثيرة للشفقة،يهتم بي غرباء،صرت عاجزاً إلا عن التحسر و الندم على أيام لا تعود..

" جاء صوت الممرضة يقطع تفكير أبا خالد و هي مبتسمة قالت:لديك زوار يا أبا خالد فَهَمَت نظرات التعجب على وجهي فأردفت قائلة:سأدخلهم لكَ الآن.فُتح الباب ليدخل رجل مألوف الملامح يحضن طفلا رضيعاً بيديه و معه امرأتين ،كأن هذه عائشة،لا ،لقد بدأت تهذي يا أبا خالد،حاولت أن أعرفهم من هؤلاء،أتأمل وجوههم، "سامحنا يا أبي" صوت شق الصمت ،نعم ،إنها عائشة و قد تناثرت الدموع على خديها كعقد من اللؤلؤ،هذا صوتها المألوف،

أتمنى في هذه اللحظة أن أستعيد قدرتي على النطق،لأصرخ ســـــــامحوني،و لكن الدموع التي تدفقت من عيني سبقتني،لتعبر عن شوقي،ندمي،و فـــــرحتي،"أبي أنا ريم هل تتذكرني؟" حاولت أن أحرك جسدي لأنهض و أحضنها،عجزي يمنعني،لكن ابنتّي التفتا حولي و ارتمتا في حضني، أغمضت عيني للحظة كي أخفف من هول المفاجأة هل أهذي؟هل أحلم؟أتمنى ألا أستيقظ أبداً، لكن جاء صوت يوقظني"أبي ألا تريد أن ترى حفيدك؟"و إذا بطفل أشبه بملاك في حضني، إنه خالد!،لقد أصبح رجلاً و والداً أيضاً،قال خالد"إنه محمد،أسميته تيمناً بك"مما زاد من تدفق دموعي التي لم تتوقف،"أبي سامحنا،مهما يكن فأنت والدنا "قالت ريم،أما خالد أردف قائلاً:"أرضى علينا،و لننسى الماضي،سآخذك إلى منزلي ،لقد صرت غنياً بالحلال سأعالجك بأرقى المستشفيات و أجعل لك من يهتم بك ليل نهار" قاطعته عائشة"لا يا خالد سأرعاه أنا ،سأكون بجانبه دائماً" ريم"فقط ارض عنا يا أبي، لسنا ذا قيمة بدونك،دنيانا و آخرتنا بيدك يا أبي،دعنا ننعم ببّرك"لم أستطع سوى أن ابتسم لأوصل لهم الرسالة،لمحت الفرحة تشع من عيونهم،أغمضت أعيني لأرتاح فهذا الكم من الأحداث كافية لعجوز مثلي في يوم واحد.

أطلقت الآلات الموصلة بأبي خالد أصوات و إشارات فجأة، أتت الممرضة مسرعة و الدهشة على وجوه الأبناء، نظرت إلى الآلات،فنادت الطبيب المناوب،ليأتي ليفحصه،بعد بضع دقائق ،ألتفت إلى الأبناء بنظرات حزن و شفقة ليقول "إنّا لله و إنّا إليه راجعون،لقد فارق الحياة،أدعو له بالمغفرة"[/align:9c80c1f2b3]

تم تعديل بواسطة الوفاء و الإخلاص

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

19.gif

 

 

شكرا لك حبيبتي عجوب على القصة الرائعة والمحزنة

 

وأخيرا عدتي إلى الكتابة عندما رأيت اسمك قلت يا رب تكون كتبت شي جديد

 

 

 

سلام

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إبداع ..

 

 

قصة رائعة ..

واسلوبك ينم عن كاتبة ينبلج نورها بإذن الله ..

 

مزيداً من القراءة ..

لنرى غربة المبدعه ..

 

 

دمت بـــ إبداع[/align:5606161753]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[align=center:ef1488304f]

[/color]

[/color]

[/color]

[/color]

[/color]

[/color]

[/color]

 

 

 

[marq=right:ef1488304f][align=center:ef1488304f] :lol: :) :lol: [/align:ef1488304f][/marq:ef1488304f]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكي الله خيرا اختي على القصة الجميلة والمحزنة ولكنها مع الاسف تعكس واقعا نعيشه مع الاسف في مجتمعاتنا الحالية واتمنى ان يستفيد الانسان من اخطاء الاخرين لانه في احيان كثيرة لا ينفع الندم و شكرا لك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

غاليتي ..

 

ما قلت إلا ما أرى ..

 

أشكر ثناءك..

 

 

دومي بــ إبداع [/align:8143a6d5a7]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أشكرك أخيتي هبة..

 

و أخيتي أديم الود أنا لم أثني و لم أجامل..قلت أيضا ما أراه فقط :) ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مؤثرة جدا" يا عجوب وحشتنى كتباتك أعذرينى لم اعرف أنكى غيرتى أسمك ألا من أختى أريج الزهور وحشتينى جدا" أستمرى حبيبتى فى كتباتك ولا تنقطعى عنها أبدا"

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أهلا..أوركيد الفواحة.. :cry:

 

وييييينك أنتي من زمان..

 

أن شاء الله ما انقطع عن الكتابة.. :D

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكى الله خيرا اختى فى الله غربة روح على القصة الرائعة

و متل نا يقولولك لا تنقطعى عن الكتابة ابدااااااااااااااااااااااا :cry: :cry: :cry:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×