اذهبي الى المحتوى
المهـ أم الزبير ــاجرة

مسابقة البحث في أسرار القرآن الكريم.....

المشاركات التي تم ترشيحها

 

 

 

مهر المحبة والجنة بذل النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين فما للجبان المعرض المفلس وسوم هذه السلعة بالله ما هزلت فيستامها المفلسون ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون لقد أقيمت للعرض في سوق من يريد فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس فتأخر البطالون وقام المحبون ينتظرون أيهم يصلح أن يكون نفسه الثمن فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين [ المائدة 54 ] .

 

 

 

لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي فتنوع المدعون في الشهود فقيل لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله [ آل عمران 31 ] فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه فطولبوا بعدالة البينة وقيل لا تقبل العدالة إلا بتزكية يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم [ المائدة 54 ] فتأخر أكثر المدعين للمحبة وقام المجاهدون فقيل لهم إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم فسلموا ما وقع عليه العقد فإن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وعقد التبايع يوجب التسليم من الجانبين فلما رأى التجار عظمة المشتري وقدر الثمن وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد عرفوا أن للسلعة قدرا وشأنا ليس لغيرها من السلع فرأوا من الخسران البين والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمن بخس دراهم معدودة تذهب لذتها وشهوتها وتبقى تبعتها وحسرتها فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء فعقدوا مع المشتري بيعة الرضوان رضى واختيارا من غير ثبوت خيار وقالوا : والله لا نقيلك ولا نستقيلك فلما تم العقد وسلموا المبيع قيل لهم قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون [ آل عمران 69 ] لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلبا للربح عليكم بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجل الأثمان ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن .

 

 

لقد حرك الداعي إلى الله وإلى دار السلام النفوس الأبية والهمم العالية وأسمع منادي الإيمان من كانت له أذن واعية وأسمع الله من كان حيا فهزه السماع إلى منازل الأبرار وحدا به في طريق سيره فما حطت به رحاله إلا بدار . القرار فقال انتدب الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا إيمان بي وتصديق برسلي أن أرجعه بما نال من أجر أو غنيمة أو أدخله الجنة ولولا أن أشق على أمتي ما قعدت خلف سرية ولوددت أني أقتل في سبيل الله ثم أحيا ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل

 

وقال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد في سبيل الله وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة

 

وقال غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

 

 

ما تركت لي الاخوات قبلي ما اكتب فاحببت ان اشارككن لحظات انس مع ما خطه الامام و العالم ابن قيم الجوزية رحمه الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الله أكبــــــر ..ماأعظمها من معاني...

 

مشاركة في قمة الروعه...

 

عزيزتي لاتقطعينا من مشاراكاتك...

 

وأنا في انتظار البقية....هذا الموضوع يحتاج فوائد ومعاني كثييرة...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[align=center:1577c43b2a]اختي الحبيبة السورة هي سورة التوبة واليك نبذة عنها

هذه السورة الكريمة هي من أواخر ما نزل على رسول الله عقب غزوة تبوك أي بعد 22 عاماً من بدء الرسالة والوحي. وكأن هذه السورة تمثل البيان الختامي للدعوة والرسالة وقد نزلت في وقت كان المسلمون يستعدون للخروج برسالة الإسلام إلى خارج الجزيرة العربية والإنفتاح بهذه الرسالة على العالم كله، لذا فإن توقيت نزول سورة التوبة في غاية الدقة والحكمة.

 

وهي السورة الوحيدة في القرآن التي لم تبدأ بالبسملة، فالبسملة هي بمثابة بوابة تنقل القارئ من عالم إلى آخر تحت اسم الله تبارك وتعالى. والسرّ في عدم افتتاح السورة بالبسملة هي أن السورة نزلت في فضح الكفّار وأعمالهم وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما سئل عن عدم كتابة البسملة في سورة التوبة: إن (بسم الله الرحمن الرحيم) أمان، وبراءة (أي سورة التوبة) نزلت بالسيف ليس فيها أمان. والسورة نزلت في المنافقين ولا أمان للمنافقين وكأنما حرمهم الله تعالى من رحمته بالبسملة . وقد روي عن حذيفة بن اليمان أنه قال: إنكم تسمونها سورة التوبة وإنما هي سورة العذاب، والله ما تركت أحداً من المنافقين إلا نالت منه.

 

تسمى سورة التوبة بأسماء عديدة وصلت إلى 14 اسماً منها: براءة، التوبة، المخزية، الفاضحة، الكاشفة، المنكلة، سورة العذاب، المدمدمة، المقشقشة، المبعثرة، المشردة، المثيرة والحافرة. وقد فضحت هذه السورة الكفار والمنافقين والمتخاذلين وكشفت أفعالهم. وورود سورة التوبة بعد الأنفال له حكمة هي أن الأنفال تحدثت عن أول غزوة للمسلمين (غزوة بدر) والتوبة تتحدث عن غزوة تبوك وهي آخر غزوة في عهد الرسول حتى نستشعر الفرق في المجتمع الإسلامي بين الغزوتين وكأنها تعطي صورة تحليلية للمجتمع فكأنهما سورة واحدة بدايتهما نصر أمّة ونهايتهما تمكين أمّة.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

أين البقية!!!!

 

الموضوع غني بالآيات والأدلة الكثيرة....

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الجهاد في سبيل الله

 

سورة النساء

 

»فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجراً عظيماً، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً، الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً«.

 

 

إن الجهاد في سبيل الله من أعظم الطاعات وأشرف الأوامر الإلهية، ولأنه كذلك فقد أصبح الباب العظيم الذي يشرف إليه خواص الأولياء فيعرجون من خلاله إلى ربهم المتعال حيث السعادة العظمى وما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

 

وقد قال أمير المؤمنين وقدوة المجاهدين (ع) : »إن الجهاد باب من أبواب الجنة فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرع الله الحصينة وجنته الوثيقة«.

 

أولئك الذين يوفقون لسلوك هذا الطريق العظيم والاستمرار والثبات عليه يعبّرون عن التقوى الحقيقية وهي الصدق في إتباع أوامر الله تعالى واجتناب محارمه فيدخلون في حصن الله الذي يمنع الشيطان من الدخول الى ساحاتهم والمكر بهم.

 

»فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله ثوب الذل وشمله البلاء« (أمير المؤمنين)، لأن تركه يعد معصيةً كبيرةً وتمرداً على الله تعالى.

 

فضل الجهاد والمرابطة:

 

لا يعلم فضل الجهاد وعظمته إلاَّ من فتح الله عين بصيرته وخرج من الجبن والرذيلة وقد قال رسول الله(ص):

 

»ما من خطوة أحب إليَ من خطوتين: خطوة يسد المؤمن بها صفاً في سبيل الله وخطوة يخطوها مؤمن إلى ذي رحم قاطع يصلها«.

 

»لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان في جهنم«.

 

»للجنة باب يقال له باب المجاهدين يمضون إليه فإذا هو مفتوح وهم متقلدون سيوفهم والجمع في الموقف والملائكة ترحب بهم«.

 

»لئن أحرس ثلاث ليالٍ مرابطاً من وراء بيضة الاسلام أحب إليّ‏َ من أن تصيبني ليلة القدر في أحد المسجدين أو بيت المقدس«.

 

 

شروط الجهاد في سبيل الله:

 

ولكن هل كل من يحمل السلاح ويقاتل ينال بركة الجهاد ويحصل على آثاره؟ الكثيرون قاتلوا مع رسول الله(ص) ولكنه عندما توفي إنقلبوا على أعقابهم. فللجهاد شروط أساسية بمراعاتها ينال المجاهد ما وعده الله من الفضل العظيم والزلفة والمغفرة وأهم هذه الشروط:

 

1 - القتال تحت راية الحق:

 

إن الجهاد من التكاليف الإلهية ولا يجوز للانسان أن يشرع من نفسه حالات الجهاد وكيفيته بل عليه أن يتبع الشريعة الإلهية التي تأمر بالجهاد في سبيل الله والاسلام وإعلاء كلمته. ولذلك وجب أن يكون القتال تحت راية الحق وبقيادة الامام المعصوم (ع) أو من ينوب عنه.

 

2 - طاعة القائد:

 

من أهم شروط الجهاد في سبيل الله إطاعة القائد، قال تعالى: »يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم«(1).

 

النبي الأكرم(ص) أعدَّ جيشاً قبل وفاته وعيَّن قائداً عليه لم يتجاوز من العمر أكثر من عشرين سنة وكان ذلك سبباً عند البعض للتخلف والعصيان فعلم رسول الله(ص) بالأمر وقال جملته المشهورة »لعن الله من تخلَّف عن جيش أسامة«.

 

3 - التقوى:

 

وفي الجهاد تعتبر التقوى شرطاً أساسياً. فلا يطاع الله من حيث يعصى وإذا لم يحفظ المجاهد حدود الله فان الله يسلب منه فضل الجهاد. ومن الحدود الإلهية الأموال والأعراض والأنفس، قال الله تعالى: »ولقد نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذلَّة فاتقوا الله لعلكم تشكرون«.

 

4 - الإخلاص:

 

وهو أن يقوم المجاهد لله وينفي ما عداه من نيته وغايته. فالدفاع عن الوطن أو العشيرة أو الشعب ينبغي أن ينطلق من طاعة الله والاخلاص له.

 

وعندما يطلب المجاهد الشهادة أو يسأل الله أن يدخله الجنة فذلك لأنها وسيلة للقاء الله والقرب منه.

 

5 - الاستعداد العسكري:

 

»وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوَّ الله وعدوَّكم«.

 

6 - ذكر الله:

 

»يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً«.

 

7 - النصر من عند الله:

 

»وما النصر إلاّ من عند الله العزيز الحكيم«.

 

»يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويُثبِّت أقدامكم«.

 

»إن ينصركم الله فلا غالب لكم«.

 

8 - الصبر والثبات:

 

»يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلَّكم تفلحون«.

 

 

الجهــــــــاد الدفـــــــــــاعي

 

المقصود به: إذا غزى بلادنا عدو على أي صعيد من الصعد يجب على المسلمين، على جميع المسلمين مواجهة هذا العدو ومقاومته بكل الأساليب والوسائل المتاحة. إذا قام بعض المسلمين بهذا الواجب وكان كافياً سقط عن بقية المسلمين هذا ما يسمى في الفقه الواجب الكفائي. ولتوضيح الفكرة على أتم وجه حول الجهاد الدفاعي، سنأخذ مثالاً من الواقع الحسي والملموس، ولذلك أقول: إن أوضح المصاديق الفقهية والشرعية للجهاد الدفاعي هو ما يجري اليوم في جنوب لبنان وفي داخل فلسطين المحتلة. العدو احتلّ أرضنا نقاتله بالسلاح بالدم بالإعلام بالسياسة، وبالأمن، بالاقتصاد، بكل الوسائل المتاحة. نحن نقاتل هذا العدو في الوقت الحاضر، من خلال هذه المقاومة، إذا أردنا أن نطبق عليها العنوان الفقهي، ما اسمها؟ الجهاد الدفاعي. هي جهاد من هذا النوع، هي جهاد ولها فضل الجهاد وفضل المجاهدين... الخ وهذا الجهاد الدفاعي يرتبط بحجم حاجة الجبهة، يعني إذا جاء يو من الأيام احتجنا فيه لمواجهة العدو الى أن يحمل الذكر والأنثى البالغين العاملين حتى المريض السلاح ليقاتل هذا العدو وتوقف صمود الجبهة على مشاركة الجميع يجب على الجميع من رجال ونساء أن يشاركوا وهذا الأمر لا يحتاج الى إذن الامام المعصوم ولا النائب الخاص للامام المعصوم، ولا النائب العام للامام المعصوم، إذا غزى بلاد المسلمين غازٍ يجب عليهم أن يقفوا في وجهه ويقاتلوا ويجاهدوا ويدافعوا عن بلادهم وشرفهم وعزتهم، بكل ما أوتوا من قوة. المقاومة اليوم هي هذا الجهاد الدفاعي الذي نقوم به في لبنان في أشكاله المختلفة، والذي يشارك فيه الرجال والنساء. منهم من يقاتل في الخط الأمامي ومنهم من يعبّىء في هذا الاتجاه، ومنهم من يدعم المقاومة بالمال، ومنهم من يشتري لها السلاح، ومنهم من يخدمها في الاعلام ويخدمها في السياسة.. محور حركتنا الجهادية العامة في لبنان هو مقاومة وقتال العدو بالدرجة الأولى. ولذلك، كل جهد وكل عمل يبذله أخ أو أخت في أي مجال من المجالات في هذا الاتجاه يخدم هذا الغرض ويجعلنا نملك مقاومة قوية صلبة تغلب العدو وتقهره وتذله فهو جهاد. ومن يقوم بهذا العمل هم مجاهدون ومجاهدات. نعم يبقى فضل الإخوة المتواجدين في الخطوط الأمامية والمتسللين الى المنطقة المحتلة يبقى فضلهم أعظم وأكثر إذا كانوا إن شاء الله من المخلصين لله سبحانه وتعالى. هذا عهدنا وهذه مسؤوليتنا الشرعية.[/b]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك أخيتي..

 

مشاركة راائعة سدد الله خطاك للحق...

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله ، والصلاة والسلام على عبده ورسوله ومجتباه . أما بعد

فإن الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام وناشر لوائه وحامي حماه ، بل لا قيام لهذا الدين في الأرض إلا به .

وإن المجاهدين في سبيل الله هم صفوة خلق الله وسادة عباده ، وهم الناصحون للعالم كله على الحقيقة ، الباذلون نفوسهم ومهجهم ليسعدوا البشرية بالتمتع بهذا الدين ، فينالوا بذلك رضوان الله في الدنيا والآخرة .

قوم باعوا أنفسهم وأموالهم لله ، ورغبوا في عاجل لقائه ، لينالوا الحياة الآجلة الأبدية التي يصطفي الله لها من خلقه خيارهم ، فيتخذهم عنده شهداء .

قوم ندبهم لإعلاء كلمته فانتدبوا ، وأمرهم بالدعوة إليه لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، فسارعوا للقيام بذلك واستجابوا ، يقيمون على خلقه الحجة ، ويرشدونهم إلى الصراط المستقيم ومهيع المحجة ، ينيرون بوحي الله الدروب ، ويحيون بدينه القلوب ، يضمون من اهتدى بهدى الله إلى صفهم ، له ما لهم وعليه ما عليهم ، ويقومون بالسيف والسنان طغاة الصد عن سبيل الله ، حتى يدخلوا في الدين الحنيف أو يخضعوا لسلطان القائمين بأمر الله .

قوم يختارون الجوع والعطش والخوف على الشبع والري والأمن في هذه الحياة ، ليفوزوا في دار الكرامة بأجل نعيم أعده لهم الله ، ينام الناس ويسهرون ، ويتمتع الناس بملذات الدنيا وهم عنها شهواتها راغبون ، إذا نام القاعدون على فرش من حرير وتوسدوا ألين الوسائد ، افترش المجاهدون الحصى وتغطوا بنقع غبار العاديات ، وتوسدوا عدة الحرب وسيوف الغارات .

يتسابق الناس إلى تجارة الفضة والذهب الفانية ، ويشمرون هم إلى تجارة السوق الرابحة الباقية : ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تحري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) قوم رفع الله منزلتهم على من سواهم ، وجعلهم قادة البشر ومعلميهم وآمريهم وناهيهم : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله )

الحالات التي يتعين فيها الجهاد في سبيل الله

 

 

الحالة الأولى : أن يهجم العدو على بلاد المسلمين ، والأعداء اليوم يهاجمون بلدان المسلمين ، بل يحتلون أرضهم ، ويسفكون دماءهم ، ويخربون بيوتهم ، في مناطق كثيرة من الأرض .

 

الحالة الثانية : أن يستنفر ولي الأمر المسلمين ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير( [التوبة 38-39]

وفي الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سوم الفتح : ( لا هجرة يوم الفتح ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ) أخرجه الإمام البخاري كما في الفتح (6/37) ومسلم (3/1487) .

 

الحالة الثالثة : أن يلتقي الصفان : صف المسلمين وصف الكافرين للقتال ، فإنه يحرم على المسلمين الفرار في هذه الحالة ، لأنه من تولية المسلمين أدبارهم الكافرين الأدبار ، وقد نهى الله تعالى المسلمين عن ذلك ، وتوعد عليه بالغضب وجعله من كبار الذنوب ، كما قال تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره – إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة – فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ( [ الأنفال 15-16]

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات " قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : " الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ن وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المؤمنات المحصنات الغافلات " رواه البخاري ، وهو في الفتح (5/393) ومسلم (1/92)

لكن في الآية الكريمة – آية الأنفال – إذا فعلهما المؤمن لا يأثم ، وإن كان ظاهرهما أنه ولى العدو ظهره :

 

الحالة الأولى : التحرف للقتال ، وهو أن ينتقل المجاهد من موقع في القتال إلى موقع آخر ، احتيالا على العدو ، كأن يدير ظهره موهما له أنه هارب ، ثم يكر عليه .

 

الحالة الثانية : التحيز إلى فئة ، وذلك أن يعلم المجاهدون أن لا طاقة لهم بقتال العدو ، إما لكثرته وقلتهم ، أو قوة عدته ، وضعف عدتهم ضعفا لا يقدرون معها الوقوف أمامه ، فينحازون إلى طائفة من جيشهم لمناصرتهم ، سواء كانت هذه الطائفة قريبة أم بعيدة ، فالتحيز بهذه النية ليس حراما ولا إثم فيه .

 

وقد لخص ابن قدامة رحمه الله المواضع التي يتعين فيها الجهاد ، فقال : " ويتعين الجهاد في ثلاثة مواضع :

 

أحدها إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان ، حرم على من حضر الانصراف وتعين المقام ، لقوله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا ( [ الأنفال 45 ] وقوله : ) واصبروا إن الله مع الصابرين ( [ الأنفال 46 ] وقوله : ) يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ( [ الأنفال 15-16 ]

 

الثاني : إذا نزل الكفار ببلد تعين على أهله قتالهم ودفعهم .

 

الثالث : إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير معه ، لقوله تعالى : ) يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ( [ التوبة 38 ] والآية التي بعدها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإذا استنفرتم فانفروا ) " [ المغني 9/197 والحديث متفق عليه .]

 

الجنون ،

والصبا ،

والضعف ،

والمرض ،

وعدم سلامة الأعضاء كالعمى والعرج الشديد ،

وعدم إذن الوالدين أو أحدهما ،

والدين الذي لم يأذن صاحبه للمدين بالجهاد ،

وعدم الراحلة والمال أو أحدهما ،

والرق . (( ذكرها الدكتور اجمالا وتفصيلا ولكني اكتفيت بالاجمال ))

 

فضل الجهاد في سبيل الله

 

قال تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلَّفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، ذلك بأنهم لا يُصيبهم ظمأ ولا نَصَب ولا مَخْمصة في سبيل الله، ولا يطأون موطئاً يَغِيظُ الكفار، ولا ينالون من عدو نَيْلاً إلا كتب لهم به عمل صالح، إن الله لا يضيع أجر المحسنين، ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة، ولا يقطعون وادياً إلا كُتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) [التوبة: 120-121].

ظاهر من الآيتين أن حركات المجاهدين في سبيل الله وسكناتهم وجوعهم وظمأهم وتعبهم ونفقاتهم صغرت أم كبرت، وإغاظتهم الكفار بأي نوع من أنواع الأذى المشروع الذي يلحقونه بهم، كل ذلك يكتبه الله لهم عملاً صالحاً ويجزيهم أحسن ما كانوا يعملون، لأن المجاهدين في سبيل الله لا يرغبون بأنفسهم عن نفس نبيهم صلى الله عليه وسلم التي بذلها طيلة حياته في سبيل ربه، وكذلك لا يرغبون بأنفسهم عن أنفس قادتهم المجاهدين الذين يبذلونها في سبيل ربهم مقتدين بنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك كان لهم هذا الفضل العظيم الذي فضَّل الله كل دقيقة من عملهم وجليلة في سبيل الله ليغريهم بثوابه الشامل وفضله العميم.

 

قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلُّكم على تجارة تُنجيكم من عذاب أليم؟ تؤمنون بالله ورسوله، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يَغْفِرْ لكم ذنوبكم، ويُدخلْكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار، ومساكن طيبة في جنّاتِ عدن، ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصرٌ من الله وفتح قريب، وبشِّر المؤمنين) [الصف: 10-13].

هذه التجارة هي التي يتمناها أولياء الله المجاهدون لتوصلهم إلى رضى ربهم، ورأس مالها الإيمان بالله ورسوله والجهاد في سبيل الله، وربحها غفران الله ودخول الجنات، يضاف إلى ذلك نصر الله لأوليائه على أعدائه.

وهي الصفقة المعقودة بين الله وبين عباده المؤمنين، كما قال تعالى: (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون، وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن، ومن أوفى بعهده من الله، فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به، وذلك هو الفوز العظيم) [التوبة: 111].

المجاهد تاجر يتعامل مع الله الذي يشتري منه نفسه التي هو خالقها، وماله الذي هو مالكه ومعطيه، ويعطيه ثمن نفسه وماله الجنة نقداً لا نسيئة فيه، مضموناً لا خوف من فقده، لأن الله هو المشتري وهو الذي وعد به، وهل توجد تجارة مثل التجارة التي تكون مع الخالق سبحانه ؟

 

قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبُّهم ويحبُّونه، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلكم فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ، إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون، ومن يتولِّ الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون) [المائدة: 54-56].

وقال تعالى: (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا آمنا ولولا دَفْعُ الله الناس بعضًهم ببعض لَهُدِّمت صوامعُ وبيَعٌ وصلوات ومساجدُ يذكر فيها اسم الله كثيراً، ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين إن مكنَّاهم في الأرض أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، ولله عاقبة الأمور) [الحج: 40-41]. (1)

فالجهاد في سبيل الله يظهر فضله عندما تأسن الأرض بكفر الكافرين وردة المرتدين وإفساد المفسدين، فإذا المجاهدون هم الذين يطاردون الكفر ويقضون على الردة، ويدفعون عن الحق ويغلبون الباطل، فيقوم في الأرض دين الله ويُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر.

 

قال تعالى: (قل هل تربَّصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربَّص بكم أن يُصيبكم الله بعذابٍ من عنده أو بأيدينا، فتربَّصوا إنا معكم متربِّصون) [التوبة: 52].

المجاهدون في سبيل الله فائزون على كل حال، فإن انتصروا على عدوهم فقتلوهم وأخذوا أموالهم وسبوا نساءهم وذراريهم، نالوا أجر قتالهم وعَزُّوا، وذَلَّ الكفر وأهله، فكانت حسنى لهم.

وإن كانت الأخرى فقُتِلوا هم في سبيل الله، نالوا الشهادة التي لا يعطيها الله إلا من اصطفاه، فكانت أعظمَ الحُسْنَيَين، بخلاف الأعداء الكفرة، فإنهم لا ينتظرون إلا إخزاء الله لهم وإذلالهم بانتصار أوليائهم عليهم – وذلك وبال عليهم – وعذاب الله لهم في نار جهنم وهو أشد وبالاً.

وإذا كان الجهاد في سبيل الله هذه حاله فوز على كل حال؛ فأيُّ فضل يوازي هذا الفضل وأي خسارة ينالها من فرط فيه ؟

هذا بالإضافة إلى خسارة عدو المجاهدين على كل حال كما مضى.

 

قال تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً، بل أحياء عند ربهم يُرزقون. فرحين بما آتاهم الله من فضله، ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خَلْفهم ألاَّ خوف عليهم ولا هم يحزنون، يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يُضيع أجر المؤمنين) [آل عمران: 169-171].

يحدِّد الله آجال الناس كلِّهم في هذه الحياة، فيفارقونها، وتُواري أجسادهم في التراب، ولكن المجاهدين الذين يقتلون في سبيل الله لا تنقطع حياتهم، على الرغم أنهم في الظاهر يموتون كغيرهم وتُوارى أجسادهم التراب، بل ينتقلون إلى الحياة الحقيقية الغالية التي يجري عليهم الرزق الحقيقي الذي لا انقطاع له مثل حياتهم، ولا يصيبهم حَزَن ولا هم، بل هم في سرور مستمر واستبشار بمن وراءهم من المؤمنين الذين يتمنون لهم اللحاق بهم، واستبشار بنعمة الله وفضله وجزيل أجره ومثوبته.

والناس – في الدنيا – لا يشعرون بهذه الحياة الغالية، وذلك الرزق الدائم والاستبشار السار، ولكن عدم شعورهم لا يبيح لهم إنكار تلك الحياة، بل لا يبيح لهم أن يقولوا – قولاً –: إن الذين قتلوا في سبيل الله أموات: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون) [البقرة: 154].

ويصبح الشهيد في موكب تتطلع نفوس المؤمنين بالله إلى مرافقته موكب الأنبياء والصديقين والصالحين: (ومن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً) [النساء: 69]، وكفى بذلك فضلاً.

 

قال تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلةٌ، فاتقوا الله لعلكم تشكرون. إذ تقول للمؤمنين ألن يَكفيكم أن يمدَّكم ربُّكم بثلاثة آلاف من الملائكة مُنْزَلين، بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مُسَوِّمين. وما جعله الله إلا بشرى لكم، ولتطمئن قلوبكم به، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم. ليقطع طرفاً من الذين كفروا أو يكبتهم فينقلبون فينقلوا خائبين) [آل عمران: 123 – 127].

وقال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني مُمدُّكم بألف من الملائكة مُردِفين، وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عند الله، إن الله عزيزٌ حكيم) [الأنفال: 9-10].

وقال: (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا، سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنانٍ) [الأنفال: 12].

وقال: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حُنَين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تُغْنِ عنكم شيئاً، وضاقت عليكم الأرض بما رَحُبَتْ ثم وَلِّيهم مُدْبرين، ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنوداً لم تروها وعذَّب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين) [التوبة: 25-26].

وقال: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها، وكان الله بما تعملون بصيراً) [الأحزاب: 9].

المجاهد في سبيل الله الذي هو بشر يأكل ويشرب ويجوع ويعطش ويتعب ويطيع ويعصي ويتوب، يلتقي في أرض المعركة أخوانا له جاءوا من الملأ الأعلى لا يعصون الله ما أمرهم، ولا يأكلون ولا يشربون ولا يعطشون ولا يجوعون، وما جعلت هذه الأرض مأوى لهم، وما كانوا في حاجة إلى أن يحيط بهم غبار المعارك الجهادية، ولكنهم علموا أن لهذا المجاهد سوقاً رابحاً وأراد ربُّه أن يريه هذا الإنسان الذي يشترك معه في الإيمان وقد جعله الله خليفة في الأرض، يصارع الباطل وأهله في سبيل الله، وشرع لأهل الملأ الأعلى أن يتعاونوا مع إخوانهم المؤمنين في الأرض على إحقاق الحق وإبطال الباطل بالقوة والبذل والتضحية، وأي فضل مثل هذا الفضل، يلتقي البشر وهم من سكان الأرض بالملائكة وهم من سكان السماء، في هذه الأرض متعاونين على طاعة الله مجاهدين في سبيله؟

ألا ما أربحها من سوق لا يتخلّف عنها ملائكة السماء !

 

قال تعالى: (إن يمسَسْكم قَرْحٌ فقد مسَّ القوم قَرْحٌ مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلَم الله الذين آمنوا ويتخذَ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين) [آل عمران: 140].

يشرع الله لعباده أن يشهدوا له بالوحدانية، فيستجيب له عباده المؤمنون، وفي طليعتهم الملائكة وأولوا العلم من البشر: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم) [آل عمران: 18]

يشهد المؤمنون لله بالوحدانية بأقوالهم وأفعالهم كلها: (قُل إن صلاتي ونُسُكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أموت وأنا أول المسلمين) [الأنعام: 162-163].

ومن هؤلاء يصطفي الله لنفسه من بَفْضُل غيره من المؤمنين في أداء هذه الشهادة، أولئك هم المجاهدون الذين يشاركون المؤمنين في أداء الشهادة بالقول والعمل، ويزيدون عليهم فيشهدون بأن هذا الدين حق ببذل أموالهم وأنفسهم في سبيل الله، حتى تراق دماؤهم، فينالون الفوز بالجهاد في سبيل الله في الأرض، ويُبعثون يوم القيامة شاهدين بتلك الدماء، فهم شهداء لله على غيرهم من خلقه، كما أنه الله تعالى يكرمهم بالشهادة التي ينالون به من الفضل ما هو معلوم من نصوص القرآن والسنة التي مضى بعضها، وهي شهادة تثبت لكل ذي شك بأنها حق (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) [الحديد: 21، الجمعة 4].

المجاهدون لا يخذلون المظلومين !

قال تعالى: (فَلْيُقاتل في سبيل الله الذين يَشرون الحياة الدنيا بالآخرة، ومن يقاتل في سبيل الله فيُقتل أو يَغْلب فسوف نُؤتيه أجراً عظيماً، وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان، الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالمِ أهلها واجعل لنا من لَدُنا ولياً، واجعل لنا من لدُنْك نصيراً، الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت، فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفاً) [النساء: 74-76].

فأين يضع أنفسهم من خذلوا المستضعفين في فلسطين، مع قدرتهم على نصرتهم ؟؟!!

 

 

والأحاديث كثيره فسأقتصر على حديث لكل نقطه (( أنا التي اقتصرت أما الدكتور عبد الله فهو كاتبها جميعها

 

سأل ابن مسعود رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، كما روى ذلك هو قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: قلت: يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال: (الصلاة على ميقاتها) قلت ثم أي ؟ قال: (ثم بر الوالدين) قلت ثم أي ؟ قال: (الجهاد في سبيل الله) فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو استزدته لزادني) [البخاري مع فتح الباري (6/3)، ومسلم (1/89)].

فقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الجهاد في هذا الحديث في الدرجة الثالثة بعد حق الله، وحق الوالدين.

وفي حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد ؟ قال: (لَكُنَّ أفضل الجهاد، حج مبرور) [صحيح البخاري، مع فتح الباري (6/4)].

وفي الحديث دلالة واضحة على فضل الجهاد وتعظيمه من وجوه:

الوجه الأول: تطلُّع النساء إلى ما سبقهن به الرجال من هذا الفضل.

الوجه الثاني: قول عائشة رضي الله عنها: نرى الجهاد أفضل العمل وإقرار الرسول صلى الله عليه وسلم لقولها.

الوجه الثالث: قوله صلى الله عليه وسلم: (لَكُنَّ أفضل الجهاد، حج مبرور) قيَّد كَوْن الحج أفضل الجهاد بكونه للنساء: (لَكُنَّ) وفي هذه زيادة تأكيد لكون الجهاد أفضل الأعمال لغير النساء.

 

 

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان، كان حقاً على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها) فقالوا: يا رسول الله أفلا نبشِّر الناس ؟ قال: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة) [البخاري مع فتح الباري (6/11)].

بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حداً أدنى يقف عنده من أراد دخول الجنة غير منافِسٍ في درجاتها العُلاَ، وهو أن يؤمن بالله ورسوله، ويقيم الصلاة ويصوم رمضان، ولو لم يجاهد في سبيل الله، وحداً أعلى لمن طمحت نفسه إلى الفردوس والمنافسة في الدرجات العُلا.

وعندما سمع الصحابة رضي الله عنهم الشِّقَّ الأول من الحديث فرحوا به وطلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم بأن يبشروا الناس بذلك، فانتقل بهم إلى ما هو أعظم وأفضل، وهو بيان درجات المجاهدين التي لا ينالها غيرهم من الصنف الأول.

وليس في الحديث تسوية بين الجهاد وعدمه، كما توهم بعض العلماء من قوله صلى الله عليه وسلم: (جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها) بل فيه أن أصل دخول الجنة مضمون له جاهد أو لم يجاهد، وهذا هو الحدّ الأدنى كما مضى، أما الحدّ الأعلى فقد ذكره بقوله: (إن في الجنة مائة درجة) الحديث، وهذه علة لترك التبشير، أي لا تبشِّروهم بما سبق، لئلا يتركوا الأفضل وهو أن في الجنة مائة درجة...

 

عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، كتب إلى عمر بن عبيد الله حين خرج إلى الحروريَّة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو انتظر حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس، فقال: (يا أيها الناس لا تمنَّو لقاء العدو، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف) [البخاري رقم 3024، فتح الباري (6/156) ومسلم (3/1362)].

وأي فضل أكبر من هذا الفضل ؟ يصول المجاهد ويجول في حومة الوغى وهو يعلم أنه يتجوَّل في عرصات الجنة تحت ظل سيفه وسيف عدوه، وما أن يسقط في هذه الأرض حتى يرى مقعده في الجنة وتظِله الملائكة

 

 

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلا الشهيد، يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة) [البخاري رقم 2817، فتح الباري (6/32) ومسلم (3/1498)].

 

عن أنس رضي الله عنه، قال: أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، قد عرفتَ منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع، فقال: (ويحك أو هَبِلْتِ ؟ أَوَ جنةٌ واحدة هي ؟ إنها جنان كثيرة وإنه في جنة الفردوس) [البخاري مع فتح الباري (6/25)].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (كل كَلْمُ يُكْلَمُه المسلمُ في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تفجَّر دماً، اللون لون الدم والريح ريح المسك) [البخاري مع فتح الباري (1/344) ومسلم (3/1496)].

 

عن نعيم بن همار الغطفاني رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الشهداء أفضل ؟ قال: (الذين إن يُلْقَوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولئك ينطلقون في الغرف العلا في الجنة، ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه) [أحمد (5/287) قال البنَّا في الفتح الرباني (13/30): وقال الهيثمي رجال أحمد وأبي يعلى ثقات]

 

عن قيس الجُذامي – رجل كانت له صحبة – قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه: يُكفَّر عنه كل خطيئة، ويُرى مقعده في الجنة، ويُزوَّج من الحور العين، ويُؤمن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر، ويُحلَّى حُلة الإيمان) [أحمد (4/200) قال البنَّا في الفتح الرباني (13/30): أخرجه ابن سعد وسنده جيد].

 

عن عتبة بن عبد السُّلمي رضي الله عنه – وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (القتلى ثلاثة: رجل مؤمن قاتل بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل، فذلك الشهيد المفتخر) وفي رواية الممتحن [رجَّح هذه الرواية البنا في الفتح الرباني (13/32)] في خيمة الله تحت عرشه، لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة. ورجل مؤمن قرف على نفسه من الذنوب والخطايا، وجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل، مُحيت ذنوبه وخطاياه، إن السيف محَّاء الخطايا، وأُدخل من أي أبواب الجنة شاء، فإن لها ثمانية أبواب، ولجهنم سبعة أبواب، وبعضها أفضل من بعض. ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل في سبيل الله في ظاهر أمره حتى يقتل، فإن ذلك في النار، السيف لا يمحوا النفاق) [أحمد (4/185)، قال البنا: وإسناده جيد، وانظر الجهاد لابن المبارك (1/30)].

 

عن جابر قال: لما قتل أبي جعلت أبكي وأكشف الثواب عن وجهه، فجعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينهونني، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تبكِه مازالت الملائكة تظلُّه بأجنحتها حتى رفع) [البخاري مع فتح الباري (7/374)].

 

عن أنس رضي اله عنه، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم أقواماً من بني سليم إلى بني عامر في سبعين، فلما قدموا قال لهم خالي: أتقدمكم، فإن أمَّنُوني حتى أبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا كنتم مني قريباً، فتقدَّم فأمَّنوه، فبينما يحدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ أومئوا إلى رجل منهم، فطعنه فأنفذه، فقال: (الله أكبر، فُزْت وربِّ الكعبة) ثم مالوا على بقية أصحابه فقتلوهم إلا رجل أعرج صعد الجبل، قال همام – أحد رجال السند – فأراه آخر معه، فأخبر جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد لقوا ربهم رضي الله عنهم وأرضاهم،فكُنا نقرأ: أن بلِّغوا قومنا أن قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا، ثم نسخ بعد. فدعا عليهم أربعين صباحاً على رَعْل وذَكْوان وبني لحيان وبني عُصَيّة، الذين عَصُوا الله ورسوله [البخاري رقم 2801، فتح الباري (6/18) ومسلم (3/1511).

ورضا الله هو غاية ما يسعى إلى حصوله المؤمنون.

 

عن سمرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت الليلة رجلين أتياني، فصعدا بي الشجرة، وأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل، لم أر أرَ قط أحسن منها، قال: أمَّا هذه الدر فدار الشهداء) [البخاري رقم 2791، فتح الباري (6/11)]

 

 

عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، نعى زيداً وجعفر وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: (أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب – وعيناه تذرفان – حتى أخذها سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم) [البخاري رقم 3952، فتح الباري (7/287)].

 

وينتقل المجاهد إلى جوار ربه وينال رضوانه، وينال أقاربه التكريم من أجله.

وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سلَّم على ابن جعفر قال له: (السلام عليك يا ابن ذي الجناحين) [البخاري رقم 3709، فتح الباري (7/75).

بعد أن هنأه الرسول صلى الله عليه وسلم باستشهاد أبيه وما ناله من تكريم الله بقوله: (هنيئاً لك، أبوك يطير مع الملائكة في السماء)

 

عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَغدوةٌ في سبيل الله أو رواحة خير من الدنيا وما فيها) وفي رواية من حديث أبي هريرة: (خير ممَّا تطلع عليه الشمس وتغرب) [البخاري رقم 3792، فتح الباري (6/13)، ورقم 2793 أيضاً، ومسلم (3/1499).

 

عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رباطُ يوم في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها، وموضعُ سَوْط أحدكم من الجنة خيرٌ من الدنيا وما عليها، والرَّوْحة يروحها العبد في سبيل الله والغدوة خيرٌ من الدنيا وما عليها) [البخاري رقم 2892، فتح الباري (6/85)].

وعن سلمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقه، وأُمن الفتَّان) [مسلم (3/1520)].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى لعبدٍ آخذٍ بعِنان فرسه في سبيل الله، أشعثَ رأسهُ، مغبَّرةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شُفِّع له يُشفَّع) [البخاري رقم 2887، فتح الباري (6/81)].

 

عن عبد الله بن الزبير قال: كنت يوم الأحزاب جُعِلْتُ أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء، فنظرت فإذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثاً، فلما رجعت قلت: يا أبتي رأيتك تختلف، قال: أو هل رأيتني يا بني ؟ قلت: نعم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم) فانطلقت فلما رجعت جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه، فقال: (فداك أبي وأمي) [البخاري رقم الحديث 3720، فتح الباري (7/81)، ومسلم (4/1879)].

 

وممَّا يُظهر فضل الجهاد في سبيل الله هدفه العام الذي شرع من أجله، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله) [البخاري رقم 2810، فتح الباري (6/27) ومسلم (3/1512)].

 

كتبه

د . عبد الله قادري الأهدل[/size][/align:567f28352a]

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله في هذا النقل الرائع عزيزتي ميلاف...

 

وبلغني الله واياك شرف الشهادة في سبيله....

 

أسأل الله أن يجعل رمضان القادم شهر عز ونصر وتمكين لدينه...آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أنا عضوة جديدة وأشكر مجهوداتكم القيمة جعله الله في موازين حسناتكم

وانا بإنتظار السؤال الثاني وسأكون من المشاركات ان شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

[align=center:77c737ac1d]الســــــلام عليكم وعودة بعد انقطـــــاع...

 

الموضوع الســـادس...

على كل مسلم أن يبادر للقـــيام بها..خاصة من أسرف في حق الله وتمادى في المعاصي أو قصر في طاعة....ومن رحمة الله أنه يقبلها من عبده مالم تغرغر روحه...لكن لا يعني ذلك أن الإنسان يسوفها قبل موته فالإنسان لايعرف إلى متى سيعيش...

عمل عظيم يفرح الله به لعبده إن قام به على الوجه الذي أمره الله به...

فلنبارد إلى القيام بهذا الحق ولنجدده دائما في حياتنا لننال رضى الله في الدنيا والآخرة بإذنه....

 

لا أظن أن أحدا لا يعرفه.....

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

لا اله إلا الله إنها التوبة نسأل الله سبحانه و تعالى أن يقبل توبتنا و يغفر ذبنوبنا

 

إن التوبة إلى الله عز وجل هي وظيفة العمر التي لا يستغني عنها المسلم أبدًا، فهو يحتاج إلى التوبة كل يوم ، كيف لا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة؟!

 

وقد دعا الله عباده إلى التوبة فقال: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]. وما من نبي من الأنبياء إلا دعا قومه إلى التوبة، كما قصص الله علينا ذلك في كتابه الكريم في مواضع متفرقة من كتابه.

 

معنى التوبة:

 

التوبة في اللغة تدل على الرجوع؛ قال ابن منظور: أصل تاب عاد إلى الله ورجع. ومعنى تاب الله عليه: أي عاد عليه بالمغفرة.

 

والتواب بالنسبة إلى الله تعني كثرة قبوله التوبة عن عباده، أما بالنسبة للعبد: فهو العبد كثير التوبة.

 

والمعنى الاصطلاحي قريب من المعنى السابق.

 

شروط التوبة الصحيحة:

 

ذكر العلماء للتوبة الصحيحة شروطًا ينبغي أن تتوفر وهي:

 

أولاً: الإقلاع عن الذنب: فيترك التائب الذنب الذي أراد التوبة منه باختياره، سواء كان هذا الذنب من الكبائر أم من الصغائر.

 

ثانيًا: الندم على الذنب: بمعنى أن يندم التائب على فعلته التي كان وقع فيها ويشعر بالحزن والأسف كلما ذكرها.

 

ثالثًا: العزم على عدم العودة إلى الذنب: وهو شرط مرتبط بنية التائب، وهو بمثابة عهد يقطعه على نفسه بعدم الرجوع إلى الذنب.

 

رابعًا: التحلل من حقوق الناس: وهذا إذا كان الذنب متعلقًا بحقوق الناس، فلابد أن يعيد الحق لأصحابه، أو يطلب منهم المسامحة.

 

إلى متى تصح التوبة؟

 

سؤال يطرح نفسه إلى متى يقبل الله تعالى توبة عبده إذا تاب؟ ويأتي الجواب في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) [النساء:17، 18]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر"..

 

ولابد أن تكون التوبة أيضًا قبل طلوع الشمس من مغربها؛ لقوله تعالى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) [الأنعام:158].

 

التوبة النصوح:

 

يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً) [التحريم:8]، وقد ذكر العلماء في تفسيرها أنها التي لا عودة بعدها، كما لا يعود اللبن في الضرع. وقيل: هي الخالصة. وقيل: النصوح أن يبغض الذنب الذي أحبه ويستغفر إذا ذكر.

 

ولا شك أن التوبة النصوح تشمل هذه المعاني كلها، فصاحبها قد وثَّق العزم على عدم العودة إلى الذنب، ولم يُبق على عمله أثرًا من المعصية سرًا أو جهرًا، وهذه هي التوبة التي تورث صاحبها الفلاح عاجلاً وآجلاً.

 

أقبل فإن الله يحب التائبين:

 

ليس شيءٌ أحب إلى الله تعالى من الرحمة، من أجل ذلك فتح لعباده أبواب التوبة ودعاهم للدخول عليه لنيل رحمته ومغفرته، وأخبر أنه ليس فقط يقبل التوبة ممن تاب، بل يحبه ويفرح به: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) [البقرة:222].

 

وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلاً وبه مهلكة، ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومة، فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، حتى اشتد عليه الحر والعطش، أو ما شاء الله. قال: أرجع إلى مكاني، فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده".

 

لا تيأس فقد دعا إلى التوبة من كان أشد منك جرمًا:

 

لا تدع لليأس إلى قلبك طريقًا بسبب ذنب وقعت فيه وإن عَظُم، فقد دعا الله إلى التوبة أقوامًا ارتكبوا الفواحش العظام والموبقات الجسام، فهؤلاء قومٌ قتلوا عباده المؤمنين وحرقوهم بالنار، ذكر الله قصتهم في سورة البروج، ومع ذلك دعاهم إلى التوبة: (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ) [البروج:10].

 

وهؤلاء قوم نسبوا إليه الصاحبة والولد فبين كفرهم وضلالهم، ثم دعاهم إلى التوبة: (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:74].

 

وهذه امرأة زنت فحملت من الزنا لكنها تابت وأتت النبي صلى الله عليه وسلم معلنة توبتها، طالبة تطهيرها، فلما رجمها المسلمون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد تابت توبة لو قُسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم".

 

واستمع معي إلى هذا النداء الرباني الذي يفيض رحمة: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53].

 

فماذا تنتظر بعد هذا؟ فقط أقلع واندم واعزم على عدم العودة، واطرق باب مولاك: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) [ البقرة:186]. أذرف دموع الندم، واعترف بين يدي مولاك، وعاهده على سلوك سبيل الطاعة، وقل كما قال القائل:

 

أنا العبــد الــذي كسب الذنوبا و صـدتــه الأمـاني أن يتـوبَ

 

أنا العبــد الذي أضحى حزينــاً علـى زلاتــــه قـلـقـاً كـئيبـــا

 

أنا العـبد الــذي سطــرت عليه صحـائف لم يخف فيهـا الرقيبا

 

أنا العبــد المســيء عصيت سراً فمـا لي الآن لا أبــدي النحيـبا

 

أنا العبــد المفرط ضــاع عمري فلـم أرع الشـبيـبة و المشيــبـا

 

أنا الـعـبد الغـريـق بلــج بحـر أصيــح لربمــا ألقى مجيـــبــا

 

أنا العبـد السقيــم من الخطــايا وقــد أقبلـت ألتــمس الطبيبـــا

 

أنا العبــد المخـلف عـن أنــاس حووا من كل معـروف نصيبـا

 

أنا العبـد الشــريد ظلمت نفسـي وقـــد وافــيـت بابكــم مـنـيبــا

 

أنا العبــد الفقــير مـددت كفي إليكـم فادفعــوا عني الخطــوبـا

 

أنا الغدار كم عاهــدت عهــداً وكنت على الوفــاء به كــذوبـا

 

أنا المقطوع فارحمـني و صلـني و يسـر منك لي فرجــاً قريبــا

 

أنا المضطر أرجـو منك عفـواً و من يرجو رضاك فلن يخيبــا

 

وتذكر قول الله عز وجل: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى) (طـه:82)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×