اذهبي الى المحتوى
أمّ عبد الله

مُدارسة كتاب : •°o.O تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان O.o°•

المشاركات التي تم ترشيحها

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ

امة الحبيبة

على التلخيص نفع الله به

وفيك بارك الله

جزاك الله عنا خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُورًا (41) قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آَلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا (42) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا (43) تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) ﴾

يخبر تعالى أنه صرف لعباده في هذا القرآن أي: نوع الأحكام ووضحها وأكثر من الأدلة والبراهين على ما دعا إليه، ووعظ وذكر لأجل أن يتذكروا ما ينفعهم فيسلكوه وما يضرهم فيدعوه.

ولكن أبى أكثر الناس إلا نفورا عن آيات الله لبغضهم للحق ومحبتهم ما كانوا عليه من الباطل حتى تعصبوا لباطلهم ولم يعيروا آيات الله لهم سمعا ولا ألقوا لها بالا.

ومن أعظم ما صرف فيه الآيات والأدلة التوحيد الذي هو أصل الأصول، فأمر به ونهى عن ضده وأقام عليه من الحجج العقلية والنقلية شيئا كثيرا بحيث من أصغى إلى بعضها لا تدع في قلبه شكا ولا ريبا.

ومن الأدلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا فقال: { قُلْ } للمشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر: { لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } أي: على موجب زعمهم وافترائهم { إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا } أي: لاتخذوا سبيلا إلى الله بعبادته والإنابة إليه والتقرب وابتغاء الوسيلة، فكيف يجعل العبد الفقير الذي يرى شدة افتقاره لعبودية ربه إلها مع الله؟! هل هذا إلا من أظلم الظلم وأسفه السفه؟".

فعلى هذا المعنى تكون هذه الآية كقوله تعالى: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ }

وكقوله تعالى: { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ }

ويحتمل أن المعنى في قوله: { قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلا } أي: لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى، فإما أن يعلوا عليه فيكون من علا وقهر هو الرب الإله، فأما وقد علموا أنهم يقرون أن آلهتهم التي يعبدون (1) من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الأمر شيء فلم اتخذوها وهي بهذه الحال؟ فيكون هذا كقوله تعالى: { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }

{ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى } أي: تقدس وتنزه وعلت أوصافه { عَمَّا يَقُولُونَ } من الشرك به واتخاذ الأنداد معه { عُلُوًّا كَبِيرًا } فعلا قدره وعظم وجلت كبرياؤه التي لا تقادر أن [ ص 459 ] يكون معه آلهة فقد ضل من قال ذلك ضلالا مبينا وظلم ظلما كبيرا.

لقد تضاءلت لعظمته المخلوقات العظيمة وصغرت لدى كبريائه السماوات السبع ومن فيهن والأرضون السبع ومن فيهن { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه }

وافتقر إليه العالم العلوي والسفلي فقرا ذاتيا لا ينفك عن أحد منهم في وقت من الأوقات.

هذا الفقر بجميع وجوهه فقر من جهة الخلق والرزق والتدبير، وفقر من جهة الاضطرار إلى أن يكون معبودهم ومحبوبهم الذي إليه يتقربون وإليه في كل حال يفزعون، ولهذا قال:

{ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ } من حيوان ناطق وغير ناطق ومن أشجار ونبات وجامد وحي وميت { إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ } بلسان الحال ولسان المقال. { وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } أي: تسبيح باقي المخلوقات التي على غير لغتكم بل يحيط بها علام الغيوب.

{ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا } حيث لم يعاجل بالعقوبة من قال فيه قولا تكاد السماوات والأرض تتفطر منه وتخر له الجبال ولكنه أمهلهم وأنعم عليهم وعافاهم ورزقهم ودعاهم إلى بابه ليتوبوا من هذا الذنب العظيم ليعطيهم الثواب الجزيل ويغفر لهم ذنبهم، فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الأرض ولما ترك على ظهرها من دابة.

__________

(1) في ب: يدعون.

(1/458)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآَنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا (47) انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا (48)

يخبر تعالى عن عقوبته للمكذبين بالحق الذين ردوه وأعرضوا عنه أنه يحول بينهم وبين الإيمان فقال:

{ وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ } الذي فيه الوعظ والتذكير والهدى والإيمان والخير والعلم الكثير.

{ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا } يسترهم عن فهمه حقيقة وعن التحقق بحقائقه والانقياد إلى ما يدعو إليه من الخير.

{ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً } أي: أغطية وأغشية لا يفقهون معها القرآن بل يسمعونه سماعا تقوم به عليهم الحجة، { وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا } أي: صمما عن سماعه، { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآن } داعيا لتوحيده ناهيا عن الشرك به.

{ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا } من شدة بغضهم له ومحبتهم لما هم عليه من الباطل، كما قال تعالى: { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ }

{ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ } أي: إنما منعناهم من الانتفاع عند سماع القرآن لأننا نعلم أن مقاصدهم سيئة يريدون أن يعثروا على أقل شيء ليقدحوا به، وليس استماعهم لأجل الاسترشاد وقبول الحق وإنما هم متعمدون على عدم اتباعه، ومن كان بهذه الحالة لم يفده الاستماع شيئا ولهذا قال: { إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى } أي: متناجين { إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ } في مناجاتهم: { إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلا رَجُلا مَسْحُورًا } فإذا كانت هذه مناجاتهم الظالمة فيما بينهم وقد بنوها على أنه مسحور فهم جازمون أنهم غير معتبرين لما قال، وأنه يهذي لا يدري ما يقول.

قال تعالى: { انْظُرْ } متعجبا { كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأمْثَالَ } التي هي أضل الأمثال وأبعدها عن الصواب { فَضَلُّوا } في ذلك أو فصارت سببا لضلالهم لأنهم بنوا عليها أمرهم والمبني على فاسد أفسد منه.

{ فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا } (1) أي: لا يهتدون أي اهتداء فنصيبهم الضلال المحض والظلم الصرف.

__________

(1) سبق قلم الشيخ -رحمه الله- إلى آية أخرى فكتب: فلا يهتدون وعلى ذلك فسرها، فأبقيت التفسير كما هو، وصوبت الآية.

(1/459)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) ﴾

.

يخبر تعالى عن قول المنكرين للبعث وتكذيبهم به واستبعادهم بقولهم: { أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا } أي: أجسادا بالية { أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا } أي: لا يكون ذلك وهو محال بزعمهم، فجهلوا أشد الجهل حيث كذبوا رسل الله وجحدوا آيات الله وقاسوا قدرة خالق السماوات والأرض بقدرتهم الضعيفة العاجزة.

فلما رأوا أن هذا ممتنع عليهم لا يقدرون عليه جعلوا قدرة الله كذلك.

[ ص 460 ]

فسبحان من جعل خلقا من خلقه يزعمون أنهم أولو العقول والألباب مثالا في جهل أظهر الأشياء وأجلاها وأوضحها براهين وأعلاها ليرى عباده أنه ما ثم إلا توفيقه وإعانته أو الهلاك والضلال.

{ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ }

ولهذا أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المنكرين للبعث استبعادا:

(1/459)

﴿ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا (50) أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (51) يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (52) ﴾

.

{ قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ } أي: يعظم { فِي صُدُورِكُمْ } لتسلموا بذلك على زعمكم من أن تنالكم قدرة الله أو تنفذ فيكم مشيئته، فإنكم غير معجزي الله في أي حالة تكونون وعلى أي وصف تتحولون، وليس لكم في أنفسكم تدبير في حالة الحياة وبعد الممات.

فدعوا التدبير والتصريف لمن هو على كل شيء قدير وبكل شيء محيط.

{ فَسَيَقُولُونَ } حين تقيم عليهم الحجة في البعث: { مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } فكما فطركم ولم تكونوا شيئا مذكورا فإنه سيعيدكم خلقا جديدا { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ } { فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ } أي: يهزونها إنكارا وتعجبا مما قلت، { وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ } أي: متى وقت البعث الذي تزعمه على قولك؟ لا إقرار منهم لأصل البعث بل ذلك سفه منهم وتعجيز. { قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا } فليس في تعيين وقته فائدة، وإنما الفائدة والمدار على تقريره والإقرار به وإثباته وإلا فكل ما هو آت فإنه قريب.

{ يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } للبعث والنشور وينفخ في الصور { فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } أي: تنقادون لأمره ولا تستعصون عليه. وقوله: { بحمده } أي: هو المحمود تعالى على فعله ويجزي به العباد إذا جمعهم ليوم التناد.

{ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلا قَلِيلا } من سرعة وقوعه وأن الذي مر عليكم من النعيم كأنه ما كان.

فهذا الذي يقول عنه المنكرون: { متى هو } ؟ يندمون غاية الندم عند وروده ويقال لهم: { هذا الذي كنتم به تكذبون }

(1/460)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

يخبر سبحانه وتعالى أنه صرّف لعباده في هذا القرآن أي نوع من الأحكام ووضحها وأكثر سبحانه من الأدلة على مادعا إليه سبحانه , ووعظ وذكّر , ولكن أكثر الناس أبوا إلا الكفر , ورد الآيات , والنفور منها ,لتعصبهم لباطلهم وكرههم للحق, ومن أعظم ما صرف فيه الآيات والأدلة التوحيد, حيث بينه سبحانه ووضحه وجعل عليه الأدلة التي لا تدع للقلب شكا ولاريبا , ومن هذه الأدلة, الدليل العقلي الذي هو : أنه سبحانه لو كان معه آلهة أخرى -كما يزعم المشركون-لاتخذوا سبيلا إلى الله بعبادته والتقرب إليه,فكيف يجعل العبد الفقير إلها مع الله وهو يرى شدة افتقاره له سبحانه؟؟,أو بمعنى آخر, لو كان معه آلهة أخرى لطلبوا السبيل, وسعوا في مغالبته سبحانه,فإما أن يعلوا عليه , فيكون من علا وقهر هو الرب الإله, ومع إقرارهم أن آلهتهم ضعيفة مغلوبة ,فكيف اتخذوها إلها وهي بهذه الحال؟؟

فسبحان الحي الذي تقدس وتنزه وعلت أوصافه , عما يقولون علوا كبيرا,فهو سبحانه تضاءلت لعظمته المخلوقات , وصغرت لدى كبريائه السماوت السبع والأرضين السبع, ومن فيهن,والعالم العلوي والسفلي, كله مفتقر إليه سبحانه , في جميع الأحوال والأوقات,فكلهم يسبحون له بلسان الحال والمقال , ولكن لا نفقه تسبيحهم , وإنما المحيط بها الله سبحانه , إنه سبحانه حليم حيث لم يعجل بالعقوبة من قال فيه قولا عظيما , ولكنه أنعم ورزق وفتح باب التوبة ودعا إليه , ولولا حلمه تعالى ومغفرته ما ترك على ظهر الأرض من يدب فيها

يحول تعالى بين المكذبين بالحق , وبين الإيمان, عقابا لهم ,فإذا قرأت يا محمد-صلى الله عليه وسلم-القرآن , كان لك حجابا مستورا , وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة , يسترهم عن فهم الحقائق التي فيه , والإنقياد لما يدعو له , وجعل سبحانه على قلوبهم أغشية لا يفقهون معها القرآن, وسماعهم له سماع من تقوم عليه الحجة , ذلك لأن في أسماعهم صمم , فإذا ذكرت يا محمد-صلى الله عليه وسلم-ربك في القرآن, داعيا إلى توحيده , ناهيا عن الشرك به,ولوا على أدبارهم نفورا , من شدة بغضهم له , ورضائهم بالباطل الذي هم فيه , وإنما منعهم من الإنتفاع به , لأنه تعالى علم مقاصدهم السيئة , فهم عندما يستمعون , يستمعون استماع من يبحث عن الزلل , ليقدح فيه, لا استماع استرشاد , وقبول الحق,ثم هم يتناجون: إن تتبعون إلا رجلا مسحورا,فانظر إلى مناجاتهم فيما بينهم , مناجاة ظالمة , فهم جازمون عدم اعتبارهم لما يقوله صلى الله عليه وسلم ,فضربهم الأمثال الفاسدة, التي بنوا عليها أمرهم هي السبب في ضلالهم , لذا كان نصيبهم الضلال والظلم

يخبر تعالى أن المنكرين بالبعث , مكذبين له , مستبعدين إياه,فقد جهلوا أشد الجهل حينما قاسوا قدراتهم بقدرات رب البرية , فلما رأوا عجزهم قالوامستحيل أن نعود بعد أن كنا عظاما ورفاتا , خلقا جديدا , فأمر سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم , أن يقول لهم :كونوا حجارة أو حديدا أو أي شيئ مما يعظم في صدوركم , فإنكم غير معجزي الله , وحين تقام عليهم الحجة , سيقولون من يعيدنا؟,قل الذي أنشأكم أول مرة , فيهزون رؤوسهم إنكارا للبعث وتعجبا , ويقولون متى هو ؟, قل هو قريب, فكل آت قريب وليس في تعيين الوقت فائدة , وهو اليوم الذي ينفخ فيه الصور , فتبعثون وتنقادون لأمره, وتظنون ساعتها إن لبثتم إلا قليلا , فتندمون على قولكم : متى هو؟

 

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ امة الحبيبة

ونفع بما لخصتِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53) رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (54) وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (55) ﴾

وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والآخرة فقال:

{ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، وأنه إذا دار الأمر بين أمرين حسنين فإنه يأمر بإيثار أحسنهما إن لم يمكن الجمع بينهما.

والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره.

وقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزغُ بَيْنَهُمْ } أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم.

فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم { ليكونوا من أصحاب السعير }

وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم.

{ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ } من أنفسكم فلذلك لا يريد لكم إلا ما هو الخير ولا يأمركم إلا بما فيه مصلحة لكم وقد تريدون شيئا والخير في عكسه.

{ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ } فيوفق من شاء لأسباب الرحمة ويخذل من شاء فيضل عنها فيستحق العذاب.

{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلا } تدبر أمرهم وتقوم بمجازاتهم وإنما الله هو الوكيل وأنت مبلغ هاد إلى صراط مستقيم.

{ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } من جميع أصناف الخلائق فيعطي كلا منهم ما يستحقه تقتضيه حكمته ويفضل بعضهم على بعض في جميع الخصال الحسية والمعنوية كما فضل بعض النبيين المشتركين بوحيه على بعض بالفضائل والخصائص الراجعة إلى ما من به عليهم من الأوصاف الممدوحة والأخلاق المرضية والأعمال الصالحة وكثرة الأتباع ونزول الكتب على بعضهم المشتملة على الأحكام الشرعية والعقائد المرضية، كما أنزل على داود زبورا وهو الكتاب المعروف.

فإذا كان تعالى قد فضل بعضهم على بعض وآتى بعضهم كتبا فلم ينكر المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم ما أنزله الله عليه وما فضله به من النبوة والكتاب.

(1/460)

﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا (56) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا (57) ﴾

.

يقول تعالى: { قُلْ } للمشركين بالله الذين اتخذوا من دونه أندادا يعبدونهم كما يعبدون الله ويدعونهم كما يدعونه ملزما لهم بتصحيح ما زعموه واعتقدوه إن كانوا صادقين:

{ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ } آلهة من دون الله فانظروا هل ينفعونكم أو [ ص 461 ] يدفعون عنكم الضر، فإنهم لا { يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ } من مرض أو فقر أو شدة ونحو ذلك فلا يدفعونه بالكلية، { وَلا } يملكون أيضا تحويله من شخص إلى آخر من شدة إلى ما دونها.

فإذا كانوا بهذه الصفة فلأي شيء تدعونهم من دون الله؟ فإنهم لا كمال لهم ولا فعال نافعة، فاتخاذهم آلهة نقص في الدين والعقل وسفه في الرأي.

ومن العجب أن السفه عند الاعتياد والممارسة وتلقيه عن الآباء الضالين بالقبول يراه صاحبه هو الرأي: السديد والعقل المفيد.

ويرى إخلاص الدين لله الواحد الأحد الكامل المنعم بجميع النعم الظاهرة والباطنة هو السفه والأمر المتعجب منه كما قال المشركون: { أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب }

ثم أخبر أيضا أن الذين يعبدونهم من دون الله في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار إلى الله وابتغاء الوسيلة إليه فقال: { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ } من الأنبياء والصالحين والملائكة { يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } أي: يتنافسون في القرب من ربهم ويبذلون ما يقدرون عليه من الأعمال الصالحة المقربة إلى الله تعالى وإلى رحمته، ويخافون عذابه فيجتنبون كل ما يوصل إلى العذاب.

{ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } أي: هو الذي ينبغي شدة الحذر منه والتوقي من أسبابه.

وهذه الأمور الثلاثة الخوف والرجاء والمحبة التي وصف الله بها هؤلاء المقربين عنده هي الأصل والمادة في كل خير.

فمن تمت له تمت له أموره وإذا خلا القلب منها ترحلت عنه الخيرات وأحاطت به الشرور.

وعلامة المحبة ما ذكره الله أن يجتهد العبد في كل عمل يقربه إلى الله وينافس في قربه بإخلاص الأعمال كلها لله والنصح فيها وإيقاعها على أكمل الوجوه المقدور عليها، فمن زعم أنه يحب الله بغير ذلك فهو كاذب.

(1/460)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيكِ امة الحبيبة

ونفع بما لخصتِ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم آمين

وفيك بارك الله أختي الحبيبة

وأتابع معك إن شاء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : كَرِهَ مَنْ كَرِهَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ مُجَالَسَةَ أَقْوَامٍ يُكْثِرُونَ الْكَلامَ فِي الْمَحَبَّةِ بِلا خَشْيَةٍ ؛ وَقَالَ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ : مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ فَهُوَ مُرْجِئٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ فَهُوَ حروري ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُوَحِّدٌ .

وَلِهَذَا وُجِدَ فِي الْمُسْتَأْخِرِينَ مَنْ انْبَسَطَ فِي دَعْوَى الْمَحَبَّةِ حَتَّى أَخْرَجَهُ ذَلِكَ إلَى نَوْعٍ مِنْ الرُّعُونَةِ وَالدَّعْوَى الَّتِي تُنَافِي الْعُبُودِيَّةَ ، وَتُدْخِلُ الْعَبْدَ فِي نَوْعٍ مِنْ الرُّبُوبِيَّةِ الَّتِي لا تَصْلُحُ إلاَّ لِلَّهِ . وَيَدَّعِي أَحَدُهُمْ دَعَاوَى تَتَجَاوَزُ حُدُودَ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ ، أَوْ يَطْلُبُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَصْلُحُ - بِكُلِّ وَجْهٍ - إلاّ لِلَّهِ ، لا يَصْلُحُ لِلأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ . وَهَذَا بَابٌ وَقَعَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ . وَسَبَبُهُ ضَعْفُ تَحْقِيقِ الْعُبُودِيَّةِ الَّتِي بَيَّنَتْهَا الرُّسُلُ ، وَحَرَّرَهَا الأَمْرُ وَالنَّهْيُ الَّذِي جَاءُوا بِهِ ، بَلْ ضَعْفُ الْعَقْلِ الَّذِي بِهِ يَعْرِفُ الْعَبْدُ حَقِيقَتَهُ ! وَإِذَا ضَعُفَ الْعَقْلُ وَقَلَّ الْعِلْمُ بِالدِّينِ وَفِي النَّفْسِ مَحَبَّةٌ انْبَسَطَتْ النَّفْسُ بِحُمْقِهَا فِي ذَلِكَ ، كَمَا يَنْبَسِطُ الإِنْسَانُ فِي مَحَبَّةِ الإِنْسَانِ مَعَ حُمْقِهِ وَجَهْلِهِ وَيَقُولُ : أَنَا مُحِبٌّ فَلا أُؤَاخَذُ بِمَا أَفْعَلُهُ مِنْ أَنْوَاعٍ يَكُونُ فِيهَا عُدْوَانٌ وَجَهْلٌ ؛ فَهَذَا عَيْنُ الضَّلالِ ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى : (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ) ، فَإِنَّ تَعْذِيبَهُ لَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ غَيْرُ مَحْبُوبِينَ وَلا مَنْسُوبِينَ إلَيْهِ بِنِسْبَةِ الْبُنُوَّةِ ، بَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ مربوبون مَخْلُوقُونَ .

فَمَنْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِيمَا يُحِبُّهُ مَحْبُوبُهُ ، لا يَفْعَلُ مَا يُبْغِضُهُ الْحَقُّ وَيَسْخَطُهُ مِنْ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ وَالْعِصْيَانِ ، وَمَنْ فَعَلَ الْكَبَائِرَ وَأَصَرَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا فَإِنَّ اللَّهَ يُبْغِضُ مِنْهُ ذَلِكَ ؛ كَمَا يُحِبُّ مِنْهُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْخَيْرِ ؛ إذْ حُبُّهُ لِلْعَبْدِ بِحَسَبِ إيمَانِهِ وَتَقْوَاهُ ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الذُّنُوبَ لا تَضُرُّهُ لِكَوْنِ اللَّهِ يُحِبُّهُ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَيْهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَنَاوُلَ السُّمِّ لا يَضُرُّهُ مَعَ مُدَاوَمَتِهِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ تَدَاوِيهِ مِنْهُ بِصِحَّةِ مِزَاجِهِ . اهـ .

 

وقال ابن القيم رحمه الله : القلب في سَيْرِه إلى الله عز وجل بِمَنْزِلة الطائر ؛ فالْمَحَبّة رأسه ، والخوف والرجاء جَنَاحَاه ، فمتى سَلِم الرأس والجناحان فالطير جَيّد الطيران ، ومتى قُطِع الرأس مات الطائر ، ومتى فَقد الجناحان فهو عُرْضة لكل صائد وكاسِر ، ولكن السلف اسْتَحَبّوا أن يُقَوي في الصحة جناح الخوف على جناح الرجاء ، وعند الخروج من الدنيا يُقَوي جناح الرجاء على جناح الخوف . اهـ .

تم تعديل بواسطة امة من اماء الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58)</p><p> ﴾

أي: ما من قرية من القرى المكذبة للرسل إلا لا بد أن يصيبهم هلاك قبل يوم القيامة أو عذاب شديد كتاب كتبه الله وقضاء أبرمه، لا بد من وقوعه، فليبادر المكذبون بالإنابة إلى الله وتصديق رسله قبل أن تتم عليهم كلمة العذاب، ويحق عليهم القول.

(1/461)

﴿ وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) ﴾

يذكر تعالى رحمته بعدم إنزاله الآيات التي يقترح بها المكذبون، وأنه ما منعه أن يرسلها إلا خوفا من تكذيبهم لها، فإذا كذبوا بها عاجلهم العقاب وحل بهم من غير تأخير كما فعل بالأولين الذين كذبوا بها.

ومن أعظم الآيات الآية التي أرسلها الله إلى ثمود وهي الناقة العظيمة الباهرة التي كانت تصدر عنها جميع القبيلة بأجمعها ومع ذلك كذبوا بها فأصابهم ما قص الله علينا في كتابه، وهؤلاء كذلك لو جاءتهم الآيات الكبار لم يؤمنوا، فإنه ما منعهم من الإيمان خفاء ما جاء به الرسول واشتباهه هل هو حق أو باطل؟ فإنه قد جاء من البراهين الكثيرة ما دل على صحة ما جاء به الموجب لهداية من طلب الهداية فغيرها مثلها فلا بد أن يسلكوا بها ما سلكوا بغيرها فترك إنزالها والحالة هذه خير لهم وأنفع.

وقوله: { وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا } أي: لم يكن القصد بها أن تكون داعية وموجبة للإيمان الذي لا يحصل إلا بها، بل المقصود منها التخويف والترهيب ليرتدعوا عن ما هم عليه.

{ وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ } علما وقدرة فليس لهم ملجأ يلجأون إليه ولا ملاذ يلوذون به عنه، وهذا كاف لمن له عقل في الانكفاف عما يكرهه الله الذي أحاط بالناس.

{ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً } أكثر المفسرين على أنها ليلة الإسراء.

{ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ } التي ذكرت { فِي الْقُرْآنِ } وهي شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم.

والمعنى إذا كان هذان الأمران قد صارا فتنة للناس حتى استلج الكفار بكفرهم وازداد شرهم وبعض من كان إيمانه ضعيفا رجع عنه بسبب أن ما أخبرهم به من الأمور التي كانت ليلة الإسراء ومن الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كان خارقا للعادة.

والإخبار بوجود شجرة تنبت في أصل الجحيم أيضا من الخوارق فهذا الذي أوجب لهم التكذيب. فكيف لو شاهدوا الآيات العظيمة والخوارق الجسيمة؟"

أليس ذلك أولى أن يزداد بسببه شرهم؟! فلذلك رحمهم الله وصرفها عنهم، ومن هنا تعلم أن عدم التصريح في الكتاب والسنة بذكر الأمور العظيمة التي حدثت في الأزمنة المتأخرة أولى وأحسن لأن الأمور التي لم يشاهد الناس لها نظيرا ربما لا تقبلها عقولهم لو أخبروا بها قبل وقوعها، فيكون ذلك ريبا في قلوب بعض المؤمنين ومانعا يمنع من لم يدخل الإسلام ومنفرا عنه.

بل ذكر الله ألفاظا عامة تتناول جميع ما يكون.

(1/461)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61) قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا (62) قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (63) وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (64) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا (65) ﴾

{ وَنُخَوِّفُهُمْ } بالآيات { فَمَا يَزِيدُهُمْ } التخويف { إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا } وهذا أبلغ ما يكون في التملي بالشر ومحبته وبغض الخير وعدم الانقياد له.

[ ص 462 ]

.

ينبه تبارك وتعالى عباده على شدة عداوة الشيطان وحرصه على إضلالهم وأنه لما خلق الله آدم استكبر عن السجود له و { قَالَ } متكبرا: { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } أي: من طين وبزعمه أنه خير منه لأنه خلق من نار. وقد تقدم فساد هذا القياس الباطل من عدة أوجه.

فلما تبين لإبليس تفضيل الله لآدم { قَالَ } مخاطبا لله: { أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ } أي: لأستأصلنهم بالإضلال ولأغوينهم { إِلا قَلِيلا } عرف الخبيث أنه لا بد أن يكون منهم من يعاديه ويعصيه.

فقال الله له: { اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ } واختارك على ربه ووليه الحق، { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا } أي: مدخرا لكم موفرا جزاء أعمالكم.

ثم أمره الله أن يفعل كل ما يقدر عليه من إضلالهم فقال: { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } ويدخل في هذا كل داع إلى المعصية.

{ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله فهو من خيل الشيطان ورجله.

والمقصود أن الله ابتلى العباد بهذا العدو المبين الداعي لهم إلى معصية الله بأقواله وأفعاله.

{ وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ } وذلك شامل لكل معصية تعلقت بأموالهم وأولادهم من منع الزكاة والكفارات والحقوق الواجبة، وعدم تأديب الأولاد وتربيتهم على الخير وترك الشر وأخذ الأموال بغير حقها أو وضعها بغير حقها أو استعمال المكاسب الردية.

بل ذكر كثير من المفسرين أنه يدخل في مشاركة الشيطان في الأموال والأولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع، وأنه إذا لم يسم الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد فيه الحديث.

{ وَعِدْهُمْ } الوعود (1) المزخرفة التي لا حقيقة لها ولهذا قال: { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا } أي: باطلا مضمحلا كأن يزين لهم المعاصي والعقائد الفاسدة ويعدهم عليها الأجر لأنهم يظنون أنهم على الحق، وقال تعالى: { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلا }

ولما أخبر عما يريد الشيطان أن يفعل بالعباد وذكر ما يعتصم به من فتنته وهو عبودية الله والقيام بالإيمان والتوكل فقال: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } أي: تسلط وإغواء بل الله يدفع عنهم -بقيامهم بعبوديته- كل شر ويحفظهم من الشيطان الرجيم ويقوم بكفايتهم. { وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلا } لمن توكل عليه وأدى ما أمر به.

__________

(1) في النسختين: الأوعاد.

(1/461)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) ﴾

يذكر تعالى نعمته على العباد بما سخر لهم من الفلك والسفن والمراكب وألهمهم كيفية صنعتها، وسخر لها البحر الملتطم يحملها على ظهره لينتفع العباد بها في الركوب والحمل للأمتعة والتجارة. وهذا من رحمته بعباده فإنه لم يزل بهم رحيما رؤوفا يؤتيهم من كل ما تعلقت به إرادتهم ومنافعهم.

(1/462)

﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا (67) أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا (68) أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (69) ﴾

ومن رحمته الدالة على أنه وحده المعبود دون ما سواه أنهم إذا مسهم الضر في البحر فخافوا من الهلاك لتراكم الأمواج ضل عنهم ما كانوا يدعون من دون الله في حال الرخاء من الأحياء والأموات، فكأنهم لم يكونوا يدعونهم في وقت من الأوقات لعلمهم أنهم ضعفاء عاجزون عن كشف الضر وصرخوا بدعوة فاطر الأرض والسماوات الذي تستغيث به في شدائدها جميع المخلوقات وأخلصوا له الدعاء والتضرع في هذه الحال.

[ ص 463 ]

فلما كشف الله عنهم الضر ونجاهم إلى البر ونسوا ما كانوا يدعون إليه من قبل وأشركوا به من لا ينفع ولا يضر ولا يعطي ولا يمنع وأعرضوا عن الإخلاص لربهم ومليكهم، وهذا من جهل الإنسان وكفره فإن الإنسان كفور للنعم، إلا من هدى الله فمن عليه بالعقل السليم واهتدى إلى الصراط المستقيم، فإنه يعلم أن الذي يكشف الشدائد وينجي من الأهوال هو الذي يستحق أن يفرد وتخلص له سائر الأعمال في الشدة والرخاء واليسر والعسر.

وأما من خذل ووكل إلى عقله الضعيف فإنه لم يلحظ وقت الشدة إلا مصلحته الحاضرة وإنجاءه في تلك الحال.

فلما حصلت له النجاة وزالت عنه المشقة ظن بجهله أنه قد أعجز الله ولم يخطر بقلبه شيء من العواقب الدنيوية فضلا عن أمور الآخرة.

ولهذا ذكرهم الله بقوله: { أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا } أي: فهو على كل شيء قدير إن شاء أنزل عليكم عذابا من أسفل منكم بالخسف أو من فوقكم بالحاصب وهو العذاب الذي يحصبهم فيصبحوا هالكين، فلا تظنوا أن الهلاك لا يكون إلا في البحر.

وإن ظننتم ذلك فأنتم آمنون (1) من { أَنْ يُعِيدَكُمْ } في البحر { تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ } أي: ريحا شديدة جدا تقصف ما أتت عليه.

{ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا } أي: تبعة ومطالبة فإن الله لم يظلمكم مثقال ذرة.

__________

(1) مراد الشيخ -رحمه الله- الاستفهام -والله أعلم-.

(1/462)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

يأمر تعالى بأحسن الأقوال , والأعمال,والأفعال , الموجبة لسعادة الدنيا والآخرة , فالقول بالتي هي أحسن, وهو بكلام يقرب إلى الله تعالى من ذكر وقراءة وعلم وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر , وما إلى ذلك , لهو مما يفسد على الشيطان , العدو اللذوذ للإنسان , نزغاته, فوجب أن لا يطاع في كل شيئ غير حسن,وإنما أن يلينوا فيما بينهم ,وهو سبحانه أعلم بما في النفوس, فهو خالقها سبحانه, ويعلم مصلحتها , وهو سبحانه من يوفق من يشاءلأسباب الرحمة , ويخذل من يشاء,وما أرسلناك عليهم يا محمد-صلى الله عليه وسلم-بوكيل عليهم ,وإنما أنت رسول مبلغ عن ربك,وهو سبحانه من يعلم بمن خلق , وهو سبحانه من يعطي كلا منهم ما يستحقه , ويفضل بعضهم على بعض, كما فضل الأنبياء بعضهم على بعض في الفضائل,وكثرة الأتباع وغيرها , وإذا كان الأمر كذلك , فلم ينكر المكذبون على محمد -صلى الله عليه وسلم- ما فضله الله تعالى له به من النبوة والكتاب؟

قل للمشركين الذين جعلوا لله أندادا لأي شيئ يعبدون ما أشركوا الله به , وقد رأوا عدم نفعهم لهم , فلا يستطيعون رد ضر ولا تحويله من شيئ لآخر,وهؤلاء الذين يدعونهم من دون الله من ملائكة وأنبياء وصالحين , هم في شغل شاغل عنهم , باهتمامهم بالإفتقار له سبحانه , وابتغاء الوسيلة إليه , فهم يجتهدون في القرب منه تعالى , ويتنافسون في ذلك ,ويخافون عذابه سبحانه , ويجتنبون ما يوصل إلى مقته وغضبه ,فالخوف والرجاء والمحبة هم مفاتيح كل خير , فمن رزقها فقد رزق الخير كله , ومن خلا قلبه منها , فقد أحاطت به الشرور

ما من قرية تكذب بالرسل , إلا وقد قضى الله تعالى أن يصيبها العذاب الشديد ,أو الهلاك قبل يوم القيامة ,فليبادر كل مكذب إلى الرجوع له سبحانه , والإنابة إليه قبل أن يحق عليه قول ربنا

من رحمته تعالى أن لم يجب اقتراح المكذبين في إنزال الآيات, مخافة أن يكذبوا بها كما فعلوا بغيرها , فيعجل لهم في العقوبة , لأن الصارف الذي يصرفهم عن التصديق ليس هو اشتباههم للحق , أو خفاء ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم , فقد أنزل الله تعالى من الآيات ما يزيل الشك , ويعطي اليقين في أن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحق المبين ,ولقد أرسل تعالى الناقة العظيمة على ثمود, لكنهم كذبوا بها , فكذلك هؤلاء لو أنزل الله تعالى عليهم الآيات العظيمة لكذبوا بها , فكان خيرا لهم وأنفع ترك إنزال الآيات الكبار , والقصد من إنزال الآيات التخويف والترهيب , ليرتدع المكذبون لا أن تكون داعية وموجبة للإيمان الذي لا يحصل إلا بها

إذا كانت آية الإسراء وشجرة الزقوم التي أصلها في الجحيم, كانتا من الآيات التي فتنت الناس , فارتد ضعاف الإيمان , وازداد شر المكذبين وحنقهم , فكيف لو رأواالآيات العظيمة , والخوارق العظام , حتما سيزدادوا تكذيبا , فالأولى صرفها عنهم , والأمور التي لا يستطاع إدراكها بالعقل , قد تفضي إلى الريب في قلوب بعض المؤمنين,وتنفر في الإيمان ,ولذلك سبحانه ذكر ألفاظ عامة تناول فيها جميع ما سيكون مستقبلا دون الإفصاح عنها

والله تعالى يخوفكم بالآيات , وما يزيدهم التخويف إلا عنادا وحبا للشر وبغضا للخير

وينبه سبحانه على شدة عداوة الشيطان لبني آدم , وهذه العداوة مردها للكبر , حيث تكبر اللعين للسجود لآدم , بعدما أمره تعالى بذلك , مبررا عدم فعله أنه خلق من نار وهو خير من آدم الذي خلق من طين , وهو مقياس باطل ,وعندما تبين لإبليس تفضيل الله تعالى لآدم ,قال لربه سبحانه , هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم يبعثون , لأضلن ذريته , ولأغوينهم , إلا قليلا منهم , فأجابه تعالى أن من تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جميعا , واعمل كل ما في مقدورك على إضلالهم , فكل داع إلى معصية , داخل في ذلك , وكل راكب وماش في معصية الله تعالى , فهو من خيل الشيطان ورجله , وشاركهم في الأموال والأولاد, وهو شامل لكل معصية تعلقت بالأموال والأولاد , حتى قال كثير من المفسرين أنه يدخل فيه عدم التسمية عند الطعام والشراب , وعدهم وعودا زائفة , باطلة , وزين لهم سوء أعمالهم , ووعدهم بالأجر عليها , ثم أخبر سبحانه أن من يعتصم به , ويؤمن به سبحانه , ويتكل عليه , فليس لك عليه سلطان وكفى بالله وكيلا

يذكر تعالى نعمته على العباد بما سخر لهم البحر تجري فيه السفن التي ألهمهم صنعتها , والمراكب وغيرها مما يمخر عباب البحر , وهي وسائل ونعم ذللت لهم لينتفعوا بها إنه كان بهم رحيما , ومن رحمته سبحانه الدالة على أن وحده المعبود لا سواه أنهم إذا مسهم الضر في البحر التجؤوا له سبحانه وحده ليكشفهم عنهم , وأبدا لا يذكرون غيره ممن كانوا يدعونهم في الرخاء ,حتى إذا نجاهم سبحانه إلى البر عادوا إلى ما كانوا عليه ,وأعرضواعن الإخلاص لربهم ,فذكرهم سبحانه أنه إن شاء أنزل عليهم العذاب أسفل منهم بالخسف أو من فوقهم بالخصف, فيصبحوا هالكين ولا تظنوا الهلاك منوط بالبحر , وإن ظننتم ذلك فهل أنتم آمنون من أن يرسل عليكم ريحا شديدة تقصف ما أتت عليه ؟فيغرقكم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا امة الحبيبة

على التلخيص نفع الله به وبكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) ﴾

وهذا من كرمه عليهم وإحسانه الذي لا يقادر قدره حيث كرم بني آدم بجميع وجوه الإكرام، فكرمهم بالعلم والعقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب، وجعل منهم الأولياء والأصفياء وأنعم عليهم بالنعم الظاهرة والباطنة.

{ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ } على الركاب من الإبل والبغال والحمير والمراكب البرية. { وَ } في { الْبَحْرِ } في السفن والمراكب { وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } من المآكل والمشارب والملابس والمناكح. فما من طيب تتعلق به حوائجهم إلا وقد أكرمهم الله به ويسره لهم غاية التيسير.

{ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا } بما خصهم به من المناقب وفضلهم به من الفضائل التي ليست لغيرهم من أنواع المخلوقات.

أفلا يقومون بشكر من أولى النعم ودفع النقم ولا تحجبهم النعم عن المنعم فيشتغلوا بها عن عبادة ربهم بل ربما استعانوا بها على معاصيه.

(1/463)

﴿ يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (71) وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا (72) ﴾

يخبر تعالى عن حال الخلق يوم القيامة، وأنه يدعو كل أناس، ومعهم إمامهم وهاديهم إلى الرشد، وهم الرسل ونوابهم، فتعرض كل أمة، ويحضرها رسولهم الذي دعاهم، وتعرض أعمالهم على الكتاب الذي يدعو إليه الرسول، هل هي موافقة له أم لا؟ فينقسمون بهذا قسمين: { فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } لكونه اتبع إمامه، الهادي إلى صراط مستقيم، واهتدى بكتابه، فكثرت حسناته، وقلت سيئاته { فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ } قراءة سرور وبهجة، على ما يرون فيها مما يفرحهم ويسرهم. { وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا } مما عملوه من الحسنات.

{ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ } الدنيا { أَعْمَى } عن الحق فلم يقبله، ولم ينقد له، بل اتبع الضلال. { فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى } عن سلوك طريق الجنة كما لم يسلكه في الدنيا، { وَأَضَلُّ سَبِيلا } فإن الجزاء من جنس العمل، كما تدين تدان.

وفي هذه الآية دليل على أن كل أمة تدعى إلى دينها وكتابها، هل عملت به أم لا؟

وأنهم لا يؤاخذون بشرع نبي لم يؤمروا باتباعه، وأن الله لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه ومخالفته لها.

(1/463)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا امة الحبيبة

وخيرا جزاك حبيبتي

على التلخيص نفع الله به وبكِ

بارك الله فيك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) ﴾

وأن أهل الخير، يعطون كتبهم بأيمانهم، ويحصل لهم من الفرح والسرور شيء عظيم، وأن أهل الشر بعكس ذلك، لأنهم لا يقدرون على قراءة كتبهم، من شدة غمهم وحزنهم وثبورهم.

[ ص 464 ]

.

يذكر تعالى منته على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وحفظه له من أعدائه الحريصين على فتنته بكل طريق، فقال: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا } أي: قد كادوا لك أمرًا لم يدركوه، وتحيلوا لك، على أن تفتري على الله غير الذي أنزلنا إليك، فتجيء بما يوافق أهواءهم، وتدع ما أنزل الله إليك.

{ وَإِذَا } لو فعلت ما يهوون { لاتَّخَذُوكَ خَلِيلا } أي حبيبًا صفيًا، أعز عليهم من أحبابهم، لما جبلك الله عليه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، المحببة للقريب والبعيد، والصديق والعدو.

ولكن لتعلم أنهم لم يعادوك وينابذوك العداوة، إلا للحق الذي جئت به لا لذاتك، كما قال الله تعالى { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ }

{ وَ } مع هذا فـ { لَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ } على الحق، وامتننا عليك بعدم الإجابة لداعيهم، { لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا } من كثرة المعالجة، ومحبتك لهدايتهم.

{ إذًا } لو ركنت إليهم بما يهوون { لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات } أي لأصبناك بعذاب مضاعف ، في الحياة الدنيا والآخرة ، وذلك لكمال نعمة الله عليك ، وكمال معرفتك.

{ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } ينقذك مما يحل بك من العذاب، ولكن الله تعالى عصمك من أسباب الشر، ومن البشر فثبتك وهداك الصراط المستقيم، ولم تركن إليهم بوجه من الوجوه، فله عليك أتم نعمة وأبلغ منحة.

(1/463)

﴿ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) ﴾

{ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلا قَلِيلا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا } .

{ وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا } أي: من بغضهم لمقامك بين أظهرهم، قد كادوا أن يخرجوك من الأرض، ويجلوك منها.

ولو فعلوا ذلك، لم يلبثوا بعدك فيها إلا قليلا حتى تحل بهم العقوبة، كما هي سنة الله التي لا تحول ولا تبدل في جميع الأمم، كل أمة كذبت رسولها وأخرجته، عاجلها الله بالعقوبة.

ولما مكر به الذين كفروا وأخرجوه، لم يلبثوا إلا قليلا حتى أوقع الله بهم بـ " بدر " وقتل صناديدهم، وفض بيضتهم، فله الحمد.

وفي هذه الآيات، دليل على شدة افتقار العبد إلى تثبيت الله إياه، وأنه ينبغي له أن لا يزال متملقًا لربه، أن يثبته على الإيمان، ساعيا في كل سبب موصل إلى ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أكمل الخلق، قال الله له: { وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا } فكيف بغيره؟" وفيها تذكير الله لرسوله منته عليه، وعصمته من الشر، فدل ذلك على أن الله يحب من عباده أن يتفطنوا لإنعامه عليهم -عند وجود أسباب الشر - بالعصمة منه، والثبات على الإيمان.

وفيها: أنه بحسب علو مرتبة العبد، وتواتر النعم عليه من الله يعظم إثمه، ويتضاعف جرمه، إذا فعل ما يلام عليه، لأن الله ذكر رسوله لو فعل - وحاشاه من ذلك - بقوله: { إِذًا لأذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا }

وفيها: أن الله إذا أراد إهلاك أمة، تضاعف جرمها، وعظم وكبر، فيحق عليها القول من الله فيوقع بها العقاب، كما هي سنته في الأمم إذا أخرجوا رسولهم.

(1/464)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79) وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا (80) وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81) ﴾

يأمر تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بإقامة الصلاة تامة، ظاهرًا وباطنًا، في أوقاتها. { لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } أي: ميلانها إلى الأفق الغربي بعد الزوال، فيدخل في ذلك صلاة الظهر وصلاة العصر.

{ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } أي: ظلمته، فدخل في ذلك صلاة المغرب وصلاة العشاء. { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ } أي: صلاة الفجر، وسميت قرآنا، لمشروعية إطالة القرآن فيها أطول من غيرها، ولفضل القراءة فيها حيث شهدها الله، وملائكة [ ص 465 ] الليل وملائكة والنهار.

ففي هذه الآية، ذكر الأوقات الخمسة، للصلوات المكتوبات، وأن الصلوات الموقعة فيه فرائض لتخصيصها بالأمر.

وفيها: أن الوقت شرط لصحة الصلاة، وأنه سبب لوجوبها، لأن الله أمر بإقامتها لهذه الأوقات.

وأن الظهر والعصر يجمعان، والمغرب والعشاء كذلك، للعذر، لأن الله جمع وقتهما جميعًا.

وفيه: فضيلة صلاة الفجر، وفضيلة إطالة القراءة فيها، وأن القراءة فيها، ركن لأن العبادة إذا سميت ببعض أجزائها، دل على فرضية ذلك.

وقوله: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ } أي: صل به في سائر أوقاته. { نَافِلَةً لَكَ } أي: لتكون صلاة الليل زيادة لك في علو القدر، ورفع الدرجات، بخلاف غيرك، فإنها تكون كفارة لسيئاته.

ويحتمل أن يكون المعنى: أن الصلوات الخمس فرض عليك وعلى المؤمنين، بخلاف صلاة الليل، فإنها فرض عليك بالخصوص، ولكرامتك على الله، أن جعل وظيفتك أكثر من غيرك، وليكثر ثوابك، وتنال بذلك المقام المحمود، وهو المقام الذي يحمده فيه الأولون والآخرون، مقام الشفاعة العظمى، حين يتشفع الخلائق بآدم، ثم بنوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، وكلهم يعتذر ويتأخر عنها، حتى يستشفعوا بسيد ولد آدم، ليرحمهم الله من هول الموقف وكربه، فيشفع عند ربه فيشفعه، ويقيمه مقامًا يغبطه به الأولون والآخرون، وتكون له المنة على جميع الخلق.

وقوله: { وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ } أي: اجعل مداخلي ومخارجي كلها في طاعتك وعلى مرضاتك، وذلك لتضمنها الإخلاص وموافقتها الأمر.

{ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا } أي: حجة ظاهرة، وبرهانًا قاطعًا على جميع ما آتيه وما أذره.

وهذا أعلى حالة ينزلها الله العبد، أن تكون أحواله كلها خيرًا ومقربة له إلى ربه، وأن يكون له -على كل حالة من أحواله- دليلا ظاهرًا، وذلك متضمن للعلم النافع، والعمل الصالح، للعلم بالمسائل والدلائل.

وقوله: { وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ } والحق هو ما أوحاه الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فأمره الله أن يقول ويعلن، قد جاء الحق الذي لا يقوم له شيء، وزهق الباطل أي: اضمحل وتلاشى.

{ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا } أي: هذا وصف الباطل، ولكنه قد يكون له صولة وروجان إذا لم يقابله الحق فعند مجيء الحق يضمحل الباطل، فلا يبقى له حراك.

ولهذا لا يروج الباطل إلا في الأزمان والأمكنة الخالية من العلم بآيات الله وبيناته.

(1/464)

﴿ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) ﴾

فالقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته، العاملين به، وأما الظالمون بعدم التصديق به أو عدم العمل به، فلا تزيدهم آياته إلا خسارًا، إذ به تقوم عليهم الحجة، فالشفاء الذي تضمنه القرآن عام لشفاء القلوب، من الشبه، والجهالة، والآراء الفاسدة، والانحراف السيئ، والقصود السيئة (1) .

فإنه مشتمل على العلم اليقيني، الذي تزول به كل شبهة وجهالة، والوعظ والتذكير، الذي يزول به كل شهوة تخالف أمر الله، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها.

وأما الرحمة، فإن ما فيه من الأسباب والوسائل التي يحث عليها، متى فعلها العبد فاز بالرحمة والسعادة الأبدية، والثواب العاجل والآجل.

__________

(1) في ب: الرديئة.

(1/465)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83) ﴾

هذه طبيعة الإنسان من حيث هو، إلا من هداه الله، فإن الإنسان- عند إنعام الله عليه - يفرح بالنعم ويبطر بها، ويعرض وينأى بجانبه عن ربه، فلا يشكره ولا يذكره.

{ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ } كالمرض ونحوه { كَانَ يَئُوسًا } من الخير قد قطع ربه رجاءه، وظن أن ما هو فيه دائم أبدًا.

وأما من هداه الله فإنه- عند النعم -يخضع لربه، ويشكر نعمته، وعند الضراء يتضرع، ويرجو من الله عافيته، وإزالة ما يقع فيه، وبذلك يخف عليه البلاء.

(1/465)

﴿

قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا (84) ﴾

أي: { قُلْ كُلٌّ } من الناس { يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ } أي: على ما يليق به من الأحوال، إن كان من الصفوة الأبرار، لم يشاكلهم إلا عملهم لرب العالمين. ومن كان من غيرهم من المخذولين، لم يناسبهم إلا العمل للمخلوقين، ولم [ ص 466 ] يوافقهم إلا ما وافق أغراضهم.

{ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا } فيعلم من يصلح للهداية، فيهديه ومن لا يصلح لها فيخذله ولا يهديه.

(1/465)

﴿

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85) ﴾

وهذا متضمن لردع من يسأل المسائل، التي لا يقصد بها إلا التعنت والتعجيز، ويدع السؤال عن المهم، فيسألون عن الروح التي هي من الأمور الخفية، التي لا يتقن وصفها وكيفيتها كل أحد، وهم قاصرون في العلم الذي يحتاج إليه العباد.

ولهذا أمر الله رسوله أن يجيب سؤالهم بقوله: { قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } أي: من جملة مخلوقاته، التي أمرها أن تكون فكانت، فليس في السؤال عنها كبير فائدة، مع عدم علمكم بغيرها.

وفي هذه الآية دليل على أن المسؤول إذا سئل عن أمر، الأولى بالسائل غيره أن يعرض عن جوابه، ويدله على ما يحتاج إليه، ويرشده إلى ما ينفعه.

(1/466)

﴿ وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) ﴾

.

(1/466)

﴿ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) ﴾

يخبر تعالى أن القرآن والوحي الذي أوحاه إلى رسوله، رحمة منه عليه وعلى عباده، وهو أكبر النعم على الإطلاق على رسوله، فإن فضل الله عليه كبير، لا يقادر قدره.

فالذي تفضل به عليك، قادر على أن يذهب به، ثم لا تجد رادًا يرده، ولا وكيلا بتوجه عند الله فيه.

فلتغتبط به، وتقر به عينك، ولا يحزنك تكذيب المكذبين، واستهزاء الضالين، فإنهم عرضت عليهم أجل النعم، فردوها لهوانهم على الله وخذلانه لهم.

(1/466)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

كرم الله بني آدم , فأرسل لهم الرسل لهدايتهم , ووهبهم العقل والعلم وغيره من النعم , وذلل لهم ركوب البحر, والتنقل في البر,ورزقهم طيب المأكل والمشرب والملبس,وفضلهم على كثير من المخلوقات, والواجب إزاء هذه النعم الكثيرة ,شكر المنعم الواهب سبحانه,والذي أفضاله سبحانه لا تحصى ولاتعد,لا الإشتغال بالنعم على المنعم , وبالعطية على مانحها,والأدهى استعمالها في غير ما وضعت له , وفي معصيته تعالى

وعن حال الخلق يوم القيامة, فإن الناس ينقسمون إلى فريقين : فريق نجا بفضل منه تعالى , جراء اتباعه الحق وموافقته النبي الرسول -صلى الله عليه وسلم-, يقرأ كتابه بيمينه وهو مسرور فرح , وفريق حاد عن الجادة , وكان أعمى في الدنيا عن رؤية الحق , فحشر على حاله أعمى ,حاد عن الجنة

وكلا الفريقين يأتيان ومعهم الرسول الذي نزل فيهم , وكتابه الذي أنزل معه , فتعرض الأعمال وفق ماجاء في الكتاب , ودعا إليها الرسول /كل أمة ورسولها/,ومنه تعرف النتائج ,ولا يعذب سبحانه أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه ,وكذا لا يؤخذ إلا بشرع الذي أمر باتباعه

لأن العباد شديدي الإفتقار إلى خالقهم , ينبغي لهم أن يسألوه سبحانه الثبات على إيمانهم, فهذا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم ,لولا أن ثبته ربه , لكاد من كثرة معالجته صلى الله عليه وسلم لقومه,ومحبته صلى الله عليه وسلم لهدايتهم,أن يركن إليهم بما يهوون , فكيف بغيره؟

وكلما كانت مرتبة العبد عالية, وتواتر نعم الله عليه , كان إثمه عظيما وجرمه مضاعفا, إذا فعل ما يلام عليه

وإذا أراد الله إهلاك قرية , تضاعف جرمها , وكبر , فوقع العذاب بها .

يأمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم,بإقامة الصلاة,وصلاة الفجر سماها قرآنا , لمشروعية إطالة القراءة فيها أطول من غيرها , ولفضل القراءة يشهدها الله وملائكة الليل وملائكة النهار ,وصلاة الليل له صلى الله عليه وسلم زيادة في علو القدر , ولغيره كفارة للسيئات, و قد يكون للآية معنى آخر وهو أن صلاة الليل فرض لك يا محمد صلى الله عليه وسلم , ليكثر ثوابك وتنال المقام المحمود

القرآن شفاء للأبدان من الأسقام , والقلوب من الشبه والجهالة ورحمة إذ يهدي إلى السعادة الأبدية والثواب العاجل والآجل ,هذا للمؤمنين , وأما الظالمين, غير المصدقين به , فلاتزيدهم آياته إلا خسارا

الإنسان من حيث طبيعته, يفرح بالنعمة فيبطر بها,ولا يشكر ربه , وعند المرض مثلا , ييأس من الخير ,ويظن أن مافيه , هو دائم أبدا, إلا من هداه الله تعالى , حيث يشكر ربه عند النعم , ويتضرع لمولاه عند الضراء, ويرجو زوال مابه, وبذلك يخفف عنه البلاء

قل كل يعمل على يليق به من الأحوال , فإن الله يعلم من يصلح للهداية فيهديه , ومن لايصلح فلا يهديه

السائل الذي يترك السؤال عن ما ينفعه , ويسأل الأسئلةالتي لا يقصد بها سوى التعجيزوالتعنت ,فيجب ردعه ,والإعراض عن الإجابة عنه , وإرشاده إلى ما ينفعه

القرآن والوحي الذي أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم , هو من أجل النعم على رسوله صلى الله عليه وسلم ,فلتقر عينك يا محمد صلى الله عليه وسلم به,ولا يحزنك تكذيب المكذبين ولا سخرية الساخرين فإنما عرضت عليهم هذه النعمة العظيمة , فأعرضوا عنها ,لهوانهم على ربهم.وخذلانه لهم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا امة الحبيبة

وبارك فيكِ

ونفع بما لخصتِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) ﴾

وهذا دليل قاطع، وبرهان ساطع، على صحة ما جاء به الرسول وصدقه، حيث تحدى الله الإنس والجن أن يأتوا بمثله، وأخبر أنهم لا يأتون بمثله، ولو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه.

ووقع كما أخبر الله، فإن دواعي أعدائه المكذبين به، متوفرة على رد ما جاء به بأي: وجه كان، وهم أهل اللسان والفصاحة، فلو كان عندهم أدنى تأهل وتمكن من ذلك لفعلوه.

فعلم بذلك، أنهم أذعنوا غاية الإذعان، طوعًا وكرهًا، وعجزوا عن معارضته.

وكيف يقدر المخلوق من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الذي ليس له علم ولا قدرة ولا إرادة ولا مشيئة ولا كلام ولا كمال إلا من ربه، أن يعارض كلام رب الأرض والسماوات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له الكمال المطلق، والحمد المطلق، والمجد العظيم، الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادًا، والأشجار كلها أقلام، لنفذ المداد، وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلمات الله.

فكما أنه ليس أحد من المخلوقين مماثلا لله في أوصافه فكلامه من أوصافه، التي لا يماثله فيها أحد، فليس كمثله شيء، في ذاته، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله تبارك وتعالى.

فتبًا لمن اشتبه عليه كلام الخالق بكلام المخلوق، وزعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم افتراه على الله واختلقه من نفسه.

(1/466)

﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93) وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94) قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا (95) قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (96) ﴾

يقول تعالى: { وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ } أي: نوعنا فيه المواعظ والأمثال، وثنينا فيه المعاني التي يضطر إليها العباد، لأجل أن يتذكروا ويتقوا، فلم يتذكر إلا القليل منهم، الذين سبقت لهم من الله سابقة السعادة، وأعانهم الله بتوفيقه، وأما أكثر الناس فأبوا إلا كفورًا لهذه النعمة التي هي أكبر من [ ص 467 ] جميع النعم، وجعلوا يتعنتون عليه ]باقتراح[ (1) آيات غير آياته، يخترعونها من تلقاء أنفسهم الظالمة الجاهلة.

فيقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أتى بهذا القرآن المشتمل على كل برهان وآية: { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرْضِ يَنْبُوعًا } أي: أنهارًا جارية.

{ أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ } فتستغني بها عن المشي في الأسواق والذهاب والمجيء.

{ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا } أي: قطعًا من العذاب، { أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلا } أي: جميعًا، أو مقابلة ومعاينة، يشهدون لك بما جئت به.

{ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ } أي: مزخرف بالذهب وغيره { أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ } رقيًا حسيًا، { و } ومع هذا فـ { وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنزلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ }

ولما كانت هذه تعنتات وتعجيزات؛ وكلام أسفه الناس وأظلمهم، المتضمنة لرد الحق وسوء الأدب مع الله، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يأتي بالآيات، أمره الله أن ينزهه فقال: { قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي } عما تقولون علوًا كبيرًا، وسبحانه أن تكون أحكامه وآياته تابعة لأهوائهم الفاسدة، وآرائهم الضالة. { هَلْ كُنْتُ إِلا بَشَرًا رَسُولا } ليس بيده شيء من الأمر.

وهذا السبب الذي منع أكثر الناس من الإيمان، حيث كانت الرسل التي ترسل إليهم من جنسهم بشرًا.

وهذا من رحمته بهم، أن أرسل إليهم بشرًا منهم، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة.

فلو { كَانَ فِي الأرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ } يثبتون على رؤية الملائكة والتلقي عنهم؛ { لَنزلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولا } ليمكنهم التلقي عنه.

{ قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا } فمن شهادته لرسوله ما أيده به من المعجزات، وما أنزل عليه من الآيات، ونصره على من عاداه وناوأه.

فلو تقول عليه بعض الأقاويل، لأخذ منه باليمين، ثم لقطع منه الوتين، فإنه خبير بصير، لا تخفى عليه من أحوال العباد خافية.

__________

(1) زيادة يقتضيها السياق.

(1/466)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

جزاكِ الله خيرا امة الحبيبة

وخيرا جزاك حبيبتي

وبارك فيكِ

وفيك بارك الله

ونفع بما لخصتِ

اللهم آمين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

﴿ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُورًا (99) قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100) ﴾

يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية والإضلال، فمن يهده، فييسره لليسرى ويجنبه العسرى، فهو المهتدي على الحقيقة، ومن يضلله، فيخذله، ويكله إلى نفسه، فلا هادي له من دون الله، وليس له ولي ينصره من عذاب الله، حين يحشرهم الله على وجوههم خزيًا عميًا وبكمًا، لا يبصرون ولا ينطقون.

{ مَأْوَاهُمْ } أي: مقرهم ودارهم { جَهَنَّمُ } التي جمعت كل هم وغم وعذاب.

{ كُلَّمَا خَبَتْ } أي: تهيأت للانطفاء { زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } أي: سعرناها بهم لا يفتر عنهم العذاب، ولا يقضى عليهم فيموتوا، ولا يخفف عنهم من عذابها، ولم يظلمهم الله تعالى، بل جازاهم بما كفروا بآياته وأنكروا البعث الذي أخبرت به الرسل ونطقت به الكتب وعجزوا ربهم وأنكروا تمام قدرته.

{ وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا } أي: لا يكون هذا لأنه في غاية البعد عن عقولهم الفاسدة.

{ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ } وهي أكبر من خلق الناس. { قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ } بلى، إنه على ذلك قدير.

{ وَ } لكنه قد { جَعَلَ } لذلك { أَجَلا لا رَيْبَ فِيهِ } ولا شك، وإلا فلو شاء لجاءهم به بغتة، ومع إقامته الحجج والأدلة على البعث.

{ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلا كُفُورًا } ظلمًا منهم وافتراء.

(1/467)

﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا (101) قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (102) فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا (103) وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104) ﴾

{ قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي } التي لا تنفذ ولا تبيد. { إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ } أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن الله ، ولكن الإنسان مطبوع على الشح والبخل.

[ ص 468 ]

أي: لست أيها الرسول المؤيد بالآيات، أول رسول كذبه الناس، فلقد أرسلنا قبلك موسى ابن عمران الكليم، إلى فرعون وقومه، وآتيناه { تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } كل واحدة منها تكفي لمن قصده اتباع الحق، كالحية، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والرجز، وفلق البحر.

فإن شككت في شيء من ذلك { فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ } مع هذه الآيات { إِنِّي لأظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا } .

فـ { قَالَ } له موسى { لَقَدْ عَلِمْتَ } يا فرعون { مَا أَنزلَ هَؤُلاءِ } الآيات { إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ بَصَائِرَ } منه لعباده، فليس قولك هذا بالحقيقة، وإنما قلت ذلك ترويجًا على قومك، واستخفافًا لهم.

{ وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا } أي: ممقوتًا، ملقى في العذاب، لك الويل والذم واللعنة.

{ فَأَرَادَ } فرعون { أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الأرْضِ } أن: يجليهم ويخرجهم منها. { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا } وأورثنا بني إسرائيل أرضهم وديارهم.

ولهذا قال: { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا } أي: جميعًا ليجازى كل عامل بعمله.

(1/467)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×