اذهبي الى المحتوى
**راضية**

الاتقان في العمل و الشريعة الاسلامية

المشاركات التي تم ترشيحها

post-4-1143804249.jpg

 

 

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جلست يوما اقارن بين مصنوعاتنا و مصنوعات اجدادنا فلاحظت فرقا شاسعا

نحن اليوم لا نتنوانى عن كل اساليب الغش و نعمل العمل باي طريقة كان المهم ان ينتهي بسرعة

عكس اجدادنا كانوا يستغرقون في العمل وقتا طويلا و حتى الوسائل عندهم متواضعة لكنهم يتقنون العمل ايما اتقان

رغم اننا كمسلمون مأمورون باتقان العمل و الدقة فيه و الابتعاد عن الغش و الكسل و كل ما يخالف الاتقان

وجدت بحثا رائعا عن هذه المسالة

و البحث يتناول ايضا المقاربة الغربية للاتقان و ان التخلف الصناعي و ضعف جودة منتوجاتنا المحلية ناتج عن هذه المسألة

و اذ نجهز للخلافة الاسلامية ادعو كل من يهمها الامر أن تتبع معي البحث و النقاشات على ضوءه و الله الموفق لكل خير

 

من تكون معي باذن الله.

تم تعديل بواسطة راماس
تقييم الموضوع

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

عناصر البحث هي:

1. إتقان الله في مخلوقاته

2. أمر الله عباده بالإتقان

3. مصطلح الجودة

4. مجالات الإتقان

5. تضمين الشريعة غير المتقن في الحرف والمهن

6. ضياع الإتقان اليوم أحدث تخلفاً عظيماً

7. أسباب عدم إتقان العمل

8. عوامل إتقان العمل

9. المعتقد الغربي للجودة

10. ثمرات الإتقان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

nsaayat0d2a24c37c.gifnsaayat0d2a24c37c.gif

 

 

إتقان الله في مخلوقاته

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..

فإن الله سبحانه وتعالى قد أحسن كل شيء خلقه، وقال -عز وجل- { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ }(النمل: من الآية88) فأحسنه وجوده وأتقنه،

وجعله بديعاً في هيئته ووظيفته على حسب ما تقتضيه حكمته سبحانه وتعالى،

يتجلى إتقان الله -عز وجل- في هذه المخلوقات التي خلقها فلو بحث الباحث المدقق عن خللٍ في خلق الله ما وجد، { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ }(الملك: من الآية3) .

أَتْقَنَ كُلَّ صَنْعةٍ وأَحكَمَا مَنْ ذَا يَرُدُّ ما به قد حَكَمَا

وكلما تدبرت آثار خليقته ترى التقدير بميزان، والحساب بإتقان، { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } (القمر:49).

الَلَهُ أَحكَمَ خَلقَ ذَلِكَ كُلِّهَ صُنعاً وأتقَنَ أَيَّما إِتقانِ

قال ابن القيم رحمه الله : والرب تعالى يحب أسماءه وصفاته،

ويحب مقتضى صفاته، وظهور آثارها في العبد، فإنه جميل يحب الجمال، عفو يحب أهل العفو، كريم يحب أهل الكرم،

عليم يحب أهل العلم، وتر يحب أهل الوتر، قوي والمؤمن القوى أحب إليه من المؤمن الضعيف،

صبور يحب الصابرين، شكور يحب الشاكرين.

 

]

nsaayat0d2a24c37c.gifnsaayat0d2a24c37c.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بارك الله فيك يا حبيبة

تسرني متابعتك

........................

nsaayat0d2a24c37c.gifnsaayat0d2a24c37c.gif

أمر الله عباده بالإتقان

 

 

أمر عباده بالإحسان في أعمالهم، وأحب ذلك، فقال -عز وجل-: { وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }(البقرة: من الآية195). هذا الإحسان، هو الإتقان والإحكام، وهذه القضية وهي تجويد شيء وإحسانه وإتقانه من المطالب الشرعية العظيمة في ديننا،

ومبنى الدين على هذا فيما أمر به في كل شيء حتى ذبح البهائم، (( وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة )) .

عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: شَهدت مَعَ أَبِي جَنَازَة شَهِدَهَا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا غُلاَمٌ أَعْقِلُ وَأَفْهَمُ، فَانتُهي بِالْجَنَازَةِ إِلَى الْقَبْرِ وَلَمْ يمكَّن لَهَا .

قَالَ : فَجَعَلَ رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((سَوّوا لَحْدَ هَذَا)).

حَتَّى ظَنَّ النَّاسُ أَنَّهُ سُنَّة، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِم فَقَالَ: ((أَمَا إِنَّ هَذَا لاَ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلاَ يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عَمِلَ أَنْ يُحْسِن)) وفي لفظٍ (( ولكن أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه )) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان .

قوله ((إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)) أي عمل، لأن النكرة عملاً في هذا السياق سياق الشرط تفيد العموم، ولذلك فإن الله -سبحانه وتعالى- يحب من سلوك المؤمن الإتقان،

وهذا يشمل أعمال الدنيا وأعمال الآخرة، والله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، كما في صحيح مسلم. يعني أوجب عليكم الإحسان في كل شيء من أعمالكم، على بمعنى في، والمراد بالإيجاب الندب المؤكد، وهذا الحديث يدل على وجوب الإحسان لكن في كل شيء بحسبه، كما ذكر ابن رجب رحمه الله. فالمسلم مطالب بالإتقان في أعماله التعبدية والمعاشية، إحكاماً وإكمالاً، تحسيناً وتجويداً، وإتقاناً،

فحُق عليه أن لا يأتي بشيء من أعماله إلا صححه وأكمله وكمله، ولذلك يقبل ويكثر ثوابه، والإحسان والإتقان والإكمال والتجويد والتحسين، هذا الآن مما يتنادى به البشر، في التخطيط والتنفيذ، وقد جاء الإسلام بذلك من قديم، قال أحد السلف : لا يكن هَمُّ أحدكم في كثرة العمل ولكن ليكن همه في إحكامه وتحسينه.

المُلكُ أَن تَعمَلوا ما اسطَعتُمو عَمَلاً وَأَن يَبينَ عَلى الأَعمالِ إِتقانُ

وإتقان العمل يكون : بإحكام الشيء وضبطه على أحسن وجه .

وإكماله وعدم تركه ناقصاً .

قال -عليه الصلاة والسلام- : ((مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِي، كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى بُنْيَانًا فَأَحْسَنَهُ وَأَجْمَلَهُ، إِلَّا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ مِنْ زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَاهُ.فَجَعَلَ النَّاسُ يَطُوفُونَ بِهِ وَيَعْجَبُونَ لَهُ ،

وَيَقُولُونَ: مَا رَأَيْنَا بُنْيَانًا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا إِلَّا هَذِهِ اللَّبِنَةَ ، هَلَّا وُضِعَتْ هَذِهِ اللَّبِنَةُ، فَأَنَا اللَّبِنَةُ وَأَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ )) رواه البخاري ومسلم .

بعض الناس يعمل ولا يحسن، وبعض الناس يبدأ ولا يكمل،

وَما كُلُّ هاوٍ لِلجَميلِ بِفاعِلٍ وَلا كُلُّ فَعّالٍ لَهُ بِمُتَمِّمِ

حثت الشريعة على الإتقان، إنها أمانة، {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ}(الأحزاب: من الآية72) .

فإتقان العمل من الأمانة، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ} .

nsaayat0d2a24c37c.gifnsaayat0d2a24c37c.gif

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

و عليكم الـسلام ورحمـة اللـَّـه وبركـاتـه,,

 

باااركـ اللـَّـه فيكـِ .. و جزاكـِ اللـَّـه خير

بإذن اللـَّـه : أتابع

و اللـَّـه المستعان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

اللهم من أرادنا وأمننا بسؤ فاشغله بنفسه ورد كيده فى نحره وأجعل تدبيره تدميره يا سميع الدعاء ياحى ياقيوم ياأرحم الراحمين ..آمين

:cry: :cry:

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مصطلح الجودة

 

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

ظهر في هذا الزمان مصطلح ( الجودة ) الجودة النوعية – الجودة الشاملة، وجعلوا لذلك مقاييس وجوائز، جائزة الجودة النوعية، مؤتمر الجودة الشاملة،

مفاهيم إدارية في الإدارة الحديثة، وهي موجودة في دين الإسلام من زمان، والحديث عن الجودة والإتقان أصلاً هو حديث إسلامي،

لكن بعض الناس إذا جاء الغرب بشيء فتن به، ويظن أنهم جاؤوا به ولم يسبقهم أحد إلى ذلك،

المفردات التي جاءت في الشريعة في هذه القضية الإتقان، الإحسان، التجويد، الإحكام، قال الله -سبحانه وتعالى- : {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}(هود: من الآية1).

أحكمت : قال السعدي رحمه الله : أتقنت وأحسنت .

 

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

فالإتقان إذاً هذا مما بني عليه الدين، إذا أحسن الناس فأحسن معهم، ومما ينبغي للمسلم أن يعوّد نفسه عليه،

وقال المناوي : ذُكر أن صانعاً عمل عملاً تجاوز فيه، ودفعه لصاحبه، فلم ينم ليلته كراهة أن يظهر من عمله عمل غير متقن .

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

فشرع في عمل بدله حتى أتقن ما تعطيه الصنعة، ثم غدا به لصاحبه، فأخذ الأول وأعطاه الثاني، فشكره،

فقال : لم أعمل لأجلك، بل قضاءً لحق الصنعة، كراهةَ أن يظهر من عملي عمل غير متقن .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكنّ ورحمة الله وبركاته؛

 

بارك الله فيكِ مودة الحبيبة،

نتابع بإذن الله معكِ..

نسأل الله أن يجعلنا مِن مَن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

تسرني متابغتك يا حبيبة

بارك الله فيك

..............................

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

مجالات الإتقان

 

مجالات الإتقان كثيرة، نحن نراها في العبادات بأنواعها، فمثلاً في الوضوء يقول النبي -عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ))

((مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ وَتَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ

ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى))

قال تعالى : {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}(البقرة: من الآية43) وهذه الإقامة تتضمن الإتقان والإحسان والإتمام،

وكذلك فإن هذا الإتقان يعود على صاحبه بالمنفعة العظيمة، قال مطرف بن عبد الله: شهدت جنازة واعتزلت ناحية قريبا فصليت ركعتين كأني خففتهما لم أرض إتقانهما ونعست فرأيت صاحب القبر يكلمني.

فقال: ركعت ركعتين لم ترض إتقانهما!

قلت: قد كان ذلك.

قال: تَعملون ولا تَعلمون [ عمل من غير وجود علم يقيني]، ونحن نعلم [عين اليقين]

ولا نستطيع أن نعمل؛ لأن أكون ركعت مثل ركعتيك أحب إلي من الدنيا بحذافيرها .

وفي موضوع التكفين، يقول النبي -عليه الصلاة والسلام- : ((إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ)) . رواه مسلم .

في حفر القبر قال : ((احْفِرُوا ، وَأَعْمِقُوا ، وَأَحْسِنُوا)) رواه النسائي وهو حديث صحيح .

فهذا هو الإتقان في التوسعة والعمق، لا توسعوا كثيراً ولا تضيقوا أيضاً .

وفي الصوم، مطلوب الإحسان . وفي التربية ((أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ، فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا،)) الحديث رواه البخاري.

الإتقان في العلم

العلم لا بد فيه من الإتقان، بأي شيء، بمراجعة الحفظ، بالفهم والتدبر فيه، وبالنظر والمطالعة والمذاكرة،

وبالعمل به، وبتدريسه والاستعانة بذلك على تثبيته، والإتقان في طلب العلم بالبدء بالأصول والقواعد، قال العلماء: من لم يتقن الأصول؛ حُرم الوصول .

فهنالك أصول للدين في العقيدة والتوحيد، وهنالك أصول للفقه، هنالك أصول للحديث في مصطلح الحديث،

وهناك أصول للتفسير في قواعد التفسير، ولا بد من إتقانها والإلمام بها لإحكام عملية الطلب، إتقانه شيئاً فشيئاً،

وأخذه يكون بالبدء بكباره قبل صغاره، والأسس والقواعد قبل الفروع، ومن رام العلم جُملة ذهب عنه جُملة .

والتأصيل والتأسيس، والعناية بالمختصرات، حفظاً وضبطاً وفهماً وشرحاً، القراءة على شيخ متقن، عدم الاشتغال بالمطولات وتفاريق المصنفات قبل ضبط الأصول.

عن أبي عبد الرحمن السّلمي أنه قال: حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن،

كعثمان بن عفان وعبد الله ابن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عشر آياتٍ لم يجاوزوها حتى يتعلّموا ما فيها من العلم والعمل.

قالوا: فتعلّمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً . العلماء الربانيون يتميزون بالحفظ والإتقان .

قال أبو عيسى الترمذي في سننه : إنما تفاضل أهل العلم بالحفظ والإتقان.

وقال ابن عبد البر: " أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ،

ولا يعدون عند الجميع في طبقات الفقهاء ، وإنما العلماء أهل الأثر ( الأحاديث والسنن المرويات ) والتفقه فيه،

ويتفاضلون فيه بالإتقان والمَيْز [التمييز بين الصحيح والضعيف] والفهم .

قال الذهبي شاكياً حال زمانه: وأما اليوم فقد اتسع الخرق،

وقلّ تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجَّى .

وصلت رسالة من طالب دكتوراه يسأل عن موضوع مقترح وقال : أرجو ( بألف الجماعة ) والتاء المضمومة مفتوحة، هذا طالب دكتوراه .

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

الإتقان في قراءة القرآن

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

أما في قضية حفظ القرآن فإن الإتقان مهم جداً فقد قال -عليه الصلاة والسلام- : ((الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ

وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ)) رواه البخاري ومسلم .

إذاً الحذق الإتقان، المهارة، هذا الذي يقرأ دون توقف، متقن للحروف، عارف بالوقوف، مجود على القواعد .

لقد حرص المسلمون على إتقان تجويد كتاب الله تعالى، وإخراج كل صوت من مخرجه،

ولما كان بعض الحروف فيها تقارب في المخرج ضبطوها، وبينوا صفاتها،

وحفظوها من الطغيان والتطفيف فلم يهملوا تحريكاً ولا تسكيناً ولا تفخيماً ولا ترقيقاً، وضبطوا مقادير المدَّات في التجويد، وتفاوت الإمالات،

وميزوا بين الحروف والصفات، ولذلك صار في علم القرآن وقراءة القرآن مجال عظيم للإتقان،

وفيه تفاوت كبير وصار هنالك دقة رواية، وسلامة ضبط وجودة الأداء.

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

الإتقان في جمع القرآن

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

أما مسألة جمع القرآن فقد كان الإتقان فيه عجبا، فقد أسندت المهمة إلى رجل شاب عاقل (لا نتهمك) كما قال أبو بكر رضي الله عنه لزيد بن ثابت رضي الله عنه،

من كتبة الوحي، فتتبع القرآن فاجمعه .

أولاً الإحساس بعظم المهمة يدل على رغبة هذا الشخص وما استجمع له من قواه لأجل الأداء،

قال زيد : فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ ] جَمْع عَسِيب وَهُوَ جَرِيد النَّخْل، [.

وَاللِّخَافِ ] جَمْع لَخْفَة، قيل هي: الْحِجَارَة الرِّقَاق. أو صَفَائِح الْحِجَارَة الرِّقَاق[.

وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ

{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ . رواه البخاري .

فانظر كيف اختار الصديق رحمه الله ورضي عنه وأرضاه لهذه المهمة شاباً بهذه المؤهلات وهذه الصفات،

وفي عهد عثمان تم أيضاً الجمع الثاني بغاية الإتقان، فكان الجمع الأول موجوداً في هذه الألواح واللخاف والصحف،

وهذه العُسب ونحوها من عظام الأكتاف التي كان يكتب عليها، في عهد عثمان تم جمع هذا كله في مصحف واحد، فكانت الخطوات كما يلي :

-أن تنسخ الصحف الأولى التي جمعها زيد بن ثابت رضي الله عنه في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه في مصاحف متعددة

-أن ترسل نسخة إلى كل مصر من الأمصار فتكون مرجعا للناس هناك .

-تحرق ما عدا هذه النسخ .

وكان التنفيذ في أواخر سنة 24 هـ وأوائل سنة 25 في لجنة من الصحابة، وحددت الأسس التي سيتم العمل بناء عليها:

1- لا يكتب شيء إلا بعد التحقق من أنه قرآن .

2- لا يكتب شيء إلا بعد العلم بأنه استقر في العرضة الأخيرة .

3- لا يكتب شيء إلا بعد التأكد أنه لم يُنْسخ لفظه.

4- لا يكتب شيء إلا بعد عرضه على جمع من الصحابة .

5- إذا اختلفوا في شيء من القرآن كتبوه بلغة قريش .

6- المحافظة على القراءات المتواترة ولا تكتب قراءة غير متواترة .

7- اللفظ الذي لا تختلف فيه وجوه القراءات يرسم بصورة واحدة .

8- اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ويمكن رسمه في الخط محتملاً لها كلها يكتب برسم واحد مثل : {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}،بدون نقط، يمكن أن تقرأ أيضاً (فتثبتوا) .

9- اللفظ الذي تختلف فيه وجوه القراءات ولا يمكن رسمه في الخط محتملاً لها يكتب في نسخة برسم يوافق بعض الوجوه وفي نسخة أخرى برسم يوافق الوجه الآخر.

مثل { ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب }، وفي نسخة أخرى {وأوصى إبراهيم بنيه ويعقوب}.

ما يمكن تكتب : وصى وأوصى برسم واحد .

وبهذا المنهج الدقيق والأسس السليمة كتب المصحف العثماني في غاية الدقة والضبط والتحري والإتقان، وصدرت الأمة عنه .

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

الإتقان في جمع السنة النبوية

 

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

إذا جئنا للإتقان في جمع السنة النبوية، والمهمة التي انتدب لها عمر بن عبد العزيز رحمه الله الجمع العظيم من المحدثين من أهل الإتقان،

كالزهري وغيره، وفي النصف الأول من القرن الهجري الثاني ضُمت الأبواب بعضها إلى بعض وخرج موطأ مالك آية،

وبعده البخاري ومسلم وأصحاب السنن، ولما رأي البخاري هذه التصانيف الجامعة للحسن وغيره،

مما نزل عنه اتجهت همته لجمع الحديث الصحيح،

وقوى ذلك ما سمعه من أستاذه إسحاق بن راهويه حيث قال لمن عنده والبخاري فيهم: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .

قال البخاري: فوقع ذلك في قلبي فأخذت في جمع الجامع الصحيح.

لقد أتقنه أيما إتقان، حتى غدا أصح كتاب بعد القرآن.

وقال : صنفت جميع كتبي ثلاث مرات، و ما زال ينقحه ويراجعه .

وقال : صنفت ( الجامع ) من ستمائة ألف حديث، فتم انتخاب صحيح البخاري من ست مائة ألف حديث في ستة عشر سنة، قال : وجعلته حجّة فيما بيني وبين الله.

وقال: ما أدخلت فيه حديثاً حتى استخرت الله تعالى، وتيقنت صحته بعد صلاة ركعتين.

وسماه: الجامع الصحيح المسند .

كل محدث له تلاميذ، وتلاميذ الشيخ طبقات، فالطبقة الأولى من لازموه في حضره وسفره وأخذوا عنه في أحواله وراجعوا وسمعوا منه الحديث مراراً وتكراراً،

إلى أن تنزل إلى واحد ما سمع منه الحديث إلا مرة واحدة، وكان البخاري رحمه الله يلتزم في إخراجه أحاديث الطبقة الأولى،

وقد ينزل للثانية عن الراوي، ثم اشترط أنه لا بد أن يكون الراوي ثبت سماعه من الراوي الذي قبله ولو مرة .

المعاصرة وإمكان اللقاء شرط مسلم، أما البخاري فعنده قضية ثبوت السماع، ولذلك جاء هذا الصحيح آية في الإتقان،

في علم الحديث الإتقان هو الميزان الذي يقبل به حديث الراوي أو يُرد، فمن شرط حديث الراوي الضبط، وهو الدقة في الحفظ،

وإتقان الحفظ، قالوا: تُقبل رواية المتقن الضابط وليست العبرة بكثرة المرويات بل بما يتقنه.

قال عبد الرحمن بن مهدي : الحفظ الإتقان . هذا تعريفه عند عبد الرحمن المهدي .

من كثر حفظه ولم يتقن لم يقبل حديثه، وقد تُكلم في إتقان سليمان بن إبراهيم لأجل هذا،

وقال أبو عبد الله الدقاق المحدث : وتُكلم في إتقان سليمان، والحفظ الإتقان لا الكثرة .

وَسَأَلَ مُهَنَّا أَحْمَدَ مَا الْحِفْظُ ؟ قَالَ: الْإِتْقَانُ هُوَ الْحِفْظُ .

قال الذهبي: " كان أبو قتادة الحراني من عُبّاد الجزيرة، فغفل عن الإتقان، فوقعت المناكير في أخباره، فلا يجوز أن يحتج بخبره.

كم من رجل صالح، لو لم يحدّث لكان خيراً له، لأنه لم يكن من أهل الحديث ولا من أهل الصنعة،

ولا يجيد الحفظ، ولا يضبطه لا صدراً ولا كتابة.

َقَالَ مَالِكٌ : لَقَدْ أَدْرَكْنَا فِي هَذَا الْمَسْجِدِ سَبْعِينَ مِمَّنْ يَقُولُ قَالَ فُلَانٌ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،

وَإِنَّ أَحَدَهُمْ لَوْ ائْتُمِنَ عَلَى بَيْتِ مَالٍ لَكَانَ أَمِينًا عَلَيْهِ ، فَمَا أَخَذْت مِنْهُمْ شَيْئًا، لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ [ ما كانوا متقنين له]،

وَيَقْدَمُ عَلَيْنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَهُوَ شَابٌّ فَنَزْدَحِمُ عَلَى بَابِهِ. وهو شاب لأنه متقن .

قال الذهبي: ولا سبيل إلى أن يصير العارف الذي يزكي نقلة الأخبار ويجرحهم جِهْبِذَاً،

إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن، وكثرة المذاكرة، والسهر، والتيقظ، والفهم، مع التقوى والدين المتين، والإنصاف، والتردد إلى مجالس العلماء، والتحري، والإتقان، وإلا تفعل

فدع عنك الكتابة لست منها .. ولو سودت وجهك بالمداد...

فإن آنست يا هذا من نفسك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً وإلا فلا تتعنَّ . تذكرة الحفاظ .

هذا الإتقان الذي ميز شعبة بن الحجاج عن غيره، كان لا يرضى يسمع الحديث عن غيره، تثبت،

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال لي أبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع، فإن شئت تسألني عن الكلام فأخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد حتى أخبرك عن الكلام . مناقب الإمام .

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

الإتقان في تأليف الكتب

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

وجدنا في تصنيف العلماء للكتب الإتقان، أبو عبيدة القاسم بن السلام جمع صنوفاً من العلم، لماذا سارت كتبه؟!،

لماذا سارت كتب بعض المصنفين؟! لأجل إتقانهم، لأن الواحد منهم يصنف كتابه في أربعين سنة .

قال أبو عبيد كنت في تصنيف هذا الكتاب ( غريب الحديث ) أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال فأضعها في الكتاب،

فأبيت ساهراً فرحاً مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيء فيقيم عندي أربعة أشهر، خمسة أشهر، فيقول: قد أقمت الكثير.

الإمام أحمد بإتقانه للمسند قال عنه ابن الجوزي : طاف أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع المسند .

وابن عبد البر مكث ثلاثين سنة في تأليف كتابه "التمهيد"، ولذا جاء على هذا الوضع من الإتقان والتحرير والدقة.

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

الإتقان في تعلم اللغات

domain-416595f666.gifdomain-416595f666.gifdomain-416595f666.gif

قضية الإتقان هذه وجدناها حتى في تعلم اللغات، وكان زيد بن ثابت رضي الله عنه رأساًَ في هذا الباب،

عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُ زَيْد بْن ثَابِت أَنَّ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ َقَالَ: ((يَا زَيْدُ تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُودَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي)).

[أَيْ لَا فِي قِرَاءَتِي علي وَلَا فِي كِتَابَهِ إلى الآخرين، أخشى أَنْ يُزِيدَوا فِيهِ أَوْ يُنْقِصَوا ِ]

قَالَ زَيْدٌ: فَتَعَلَّمْتُ كِتَابَهُمْ مَا مَرَّتْ بِي خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى حَذَقْتُهُ[أَتْقَنْته وأحكمته]. هذا تعلم اللغة السرياينية، لغة اليهود .

قال : فَكُنْتُ أَكْتُبُ لَهُ إِذَا كَتَبَ، وَأَقْرَأُ لَهُ إِذَا كُتِبَ إِلَيْهِ. رواه الترمذي وأبو داود وهو حديث صحيح .

تعلم زيد بن ثابت الفارسية من رسول كسرى في ثمانية عشر يوماً،

وتعلم الحبشية والرومية والقبطية من خدام رسول الله صلى الله عليه وسلم. البداية والنهاية .

رأينا الإتقان في فتاوى العلماء المحسنين، أهل القدم الراسخ في الفقه،

والعالم إذا لم يتبين في فتواه ولم يكن متأكداً من الجواب، جعل الحرام حلالاً، والحلال حراماً، وهكذا القاضي،

إذا لم يكن متقناً في قضائه، ربما أُزهقت أرواح، وسُجن أبرياء.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم الـسلام ورحمـة اللـَّـه وبركـاته,,

 

جزاكـِ اللـَّـه خير

بإذن اللـَّـه .. سأتابع

اللـَّـهمّ اجعلنا مِمّن يستمعون القول فيتبّعون أحسنه

الـلـَّـه المستعان

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

نكمل مجالات الاتقان باذن الله

*********************

post-125640-1300869785.png

 

[b]الإتقان في الأعمال الدنيوية[/b]

 

لقد كانت قضية الإتقان عند المسلمين ليست خاصة بالشعائر التعبدية، ولا بالعلوم الشرعية، وإنما أيضاً في الأعمال الدنيوية، لأن الدين يُخدم بها.

 

 

post-125640-1300869785.png

 

الإتقان في البناء

 

ألا ترى فن التشييد والبناء يُخدم به بنيان المساجد، قص الله علينا في كتابه إتقان ذي القرنين في البناء، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً*قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً} ما أخذ منهم قرشاً {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ} (الكهف:94-95) .

فأعينوني : استثارهم، نأتي للهدف والنتيجة وهي تحصل بماذا : {أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً} (الكهف:93) .

وضع خطة العمل، وما أعطاهم كتالوج ضخم كبير، بل أعطاهم الخطة مفصلة على أجزاء، على مراحل :

{ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ) أي: تجميع قطع الحديد، ثم اجعلوا بعضها فوق بعض {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}.ثم جاءت مرحلة { قَالَ انْفُخُوا }

وأوقدوا النيران، وهاتوا المنافخ، حتى إذا جعله ناراً لتصهر هذه القطع المنفصلة، فتلتحم وتصير قطعة واحدة. { قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا } أي: النحاس المذاب، لتكون سبيكة من الحديد والنحاس غير قابلة للاختراق،

فملأ المسافة بين الجبلين بما يشبه الجبل الثالث، وصار سداً منيعاً محكماً ملتصقاً من هذه الجهة لهذا الجبل، ومن هذه الجهة لهذا الجبل مرتفعاً في علو الجبلين،

{حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}. وملأ الفراغات، { قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا } فما استطاعوا أن يظهروه من ارتفاعه، { وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا } من سمكه وإتقانه وأحكامه، وهذه الرحمة من الله، فإذا جاء وعد الله بخروج يأجوج ومأجوج في آخر الزمان نقبوه وخرجوا، هذا الإتقان في الصنعة بهذه الطريقة العظيمة يدل عليها ذلك البنيان.

قال ابن كثير: وأما السد فقد بناه ذو القرنين من الحديد والنحاس وساوى به الجبال الصم الشامخات الطوال،

فلا يعرف على وجه الأرض بناء أجل منه ولا أنفع للخلق منه في أمر دنياهم. فلو قيل ما هو أنفع بنيان في العالم، فهو سد القرنين،

لأنه لو لم يكن موجوداً لخرجوا على الناس وأفسدوا الدنيا، فلا الأهرامات، ولا تمثال الحرية، ولا برج إيفل، ولا البرجين التوأم، ولا الفنادق الشامخات، أكثر بنيان فيه فائدة للبشرية، ما هو سد العالي ولا السد الواطي، هو سد ذي القرنين.

وقد تعلمنا من سليمان عليه السلام إتقاناً عجيباً في التصميم والبنيان، استعمال مواد غير معتادة، وربما لا يستطيع البشر أن يعلموا مثلها حتى الآن،

فلما أرادت ملكة سبأ أن تأتي وهؤلاء أهل دنيا كفار، أراد أن يفاجئها بما يبهرها حتى تستلم، وتسلّم فتسلم، غير قضية العرش، صنع سليمان -عليه الصلاة والسلام- بالجن الذين سخرهم الله له والصّناع الحذاق الذين عنده قصراً من الزجاج،

-أنا لا أدري هل يوجد في العالم قصر من الزجاج ؟ كله زجاج، قال تعالى{ قيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ ( هذا القصر كله أرضه وسقفه وجدرانه) مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } (النمل:44) .

قال ابن كثير رحمه الله : وذلك أن سليمان، عليه السلام أمر الشياطين فبنوا لها قصرًا عظيما من قوارير، أي: من زجاج، وأجرى تحته الماء، فالذي لا يعرف أمره يحسب أنه ماء، ولكن الزجاج يحول بين الماشي وبينه.

( هذا من باب الإفحام في الدعوة، والإبهار للكفار حتى يستسلموا ويدخلوا في دين الواحد القهار ) فلما شاهدت ما شاهدت علمت أن هذا نبي، تابت ورجعت إلى الله قائلة { رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ } .

النبي -عليه الصلاة والسلام- في قضية البنيان اهتم بمسألة الإتقان في بناء المسجد النبوي كما جاء في حديث طلق بن علي رضي الله عنه : جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَبْنُونَ الْمَسْجِدَ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يُعْجِبْهُ عَمَلُهُمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُ عَمَلَهُمْ أَخَذْتُ أُحْذِقُ الْمِسْحَاةَ (أي: المجرفة من الحديد) فَخَلَطْتُ بِهَا الطِّينَ، فَكَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ أَخْذِي الْمِسْحَاةَ وَعَمَلِي، فَقَالَ: ((دَعُوا الْحَنَفِيَّ وَالطِّينَ، فَإِنَّهُ أَضْبَطُكُمْ لِلطِّينِ)). رواه أحمد والطبراني في المعجم الكبير .

وفي رواية: ((قَرِّبُوا الْيَمَامِيّ مِنْ الطِّينِ فَإِنَّهُ أَحْسَنُكُمْ لَهُ مَسًّا وَأَشَدُّكُمْ لَهُ سَبْكًا)). إتقان، وفي لفظ لابن حبان : فَقَلَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ أَأَنْقُلُ كَمَا يَنْقُلُونَ ؟ أنا أعمل في نقل الحجارة ؟

فَقَالَ: ((لا وَلَكِنْ اِخْلِطْ لَهُمْ الطِّين فَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ)) " فتح الباري.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

قال الهيثمي: "وفيه أيوب بن عتبة واختلف في ثقته .

إذاً مسألة الإتقان في البنيان، واستعمال هذا الإتقان في بناء المساجد التي تقي الناس من المطر، التي تقي الناس من الحر، التي تمكّنهم من العبادة، دون تزويق ولا تحمير ولا تصفير ولا تلوين ولا زخرفة تشغل المصلي وتذهب بلبه .

كانت عملية حفر الخندق متقنة لدرجة أن قريش والعرب وغطفان وعشرة آلاف مقاتل ما استطاعوا أن يقتحموا،

لقد كانت المدينة و لا زالت محاطة بالحرتين من المشرق والمغرب ومن الجنوب البنيان والبساتين وكان المنفذ الوحيد الذي يمكن للجيش الغازي أن يدخل منه المدينة هو الجهة الشمالية،

فحفر الخندق من الشمال، من طرف الحرة الشرقية إلى طرف الحرة الغربية، ووزع الحفر بين المسلمين، فأعطي لكل عشرة أربعين ذراعاً، وأتموا الحفر في مدة وجيزة، وكان طول الخندق خمسة آلاف ذراع، وعمقه لا يقل عن سبعة أذرع، وعرضه لا يقل عن تسعة، هذا الإتقان للعمل جعل كفار العرب يقفون حائرين عنده، لا يستطيعون اقتحام المدينة، {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ}(الأحزاب: من الآية25) .

 

يتبع باذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-125640-1300869785.png

 

الإتقان في التخطيط

 

الإتقان يكون في التخطيط، وكذلك في وضع المتطلبات اللازمة لسد الاحتياجات المستقبلية، وهذا ما فعله يوسف –عليه السلام- بمهارة لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة،

وابتدأت المسألة برؤيا الملك، وعبرها يوسف -عليه الصلاة والسلام- ووضع الخطة، وهذه الخطة واضح من كلام يوسف -عليه السلام- أنها المسألة ليست مجرد تأويل رؤيا،

تأويل الرؤيا أن هناك سبع سنوات رخاء، سيعقبها سبع سنوات جدب، سيعقبها السنة الخامسة عشرة رخاء، هذا تأويل الرؤيا، لكن يوسف قدّم برنامج عمل، ولذلك الملك الحاكم لما رأى أمامه برنامج عمل جاهز أخذ به،

{ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا } تزرعون سبع سنين متواليات، لأنها خصب، ومطر، إذن تعملون على هذا أولاً، تستثمرون الخصب للمستقبل، ثم نظام التخزين، { فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ

خزنوه بالسنابل لئلا يسرع إليه الفساد، إلا المقدار الذي تأكلونه وليكن قليلاً بغير إسراف، ليبقى لكم ما يقيتكم في السبع الشداد، { ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ

المجدبات متواليات أيضاً، تستهلك ما تم تجميعه في سني الخصب، يأكلن ما قدمتم لهن، فليس في تلك السبع المجدبات نبات، وبشرهم بأن السنة الخامسة عشرة ستكون سنة تغيير،

{ ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } وغلّات البلاد وعصر الزيت ونحو ذلك .

كانت نتيجة التخطيط المتقن، خروج الناس من الأزمة سالمين، وفاضت خيرات مصر على بلاد الشام على ما جاورها،

فلذلك جاء أولاد يعقوب وصار الناس يتسامعون بذلك، وصار النفع العظيم، بخطة يوسف المتقنة -عليه السلام- وهو المؤيد بالوحي من الله -عز وجل- .

 

post-125640-1300869785.png

 

الإتقان عند الأنبياء

 

قضية الإتقان عند الأنبياء واضحة جداً، ولو أخذنا مثلاً حتى في مسألة الصناعة، ما علّمه الله لداود -عليه السلام- ،

فقد علّمه صنعة الحديد، {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ} سابغ لكل الجسم { لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ } لتحصنكم من بأسكم وتقيكم ضربات المقاتلين { فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ} هذا الدروع تُلبس،

{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ } أول من صنع الدروع وسردها والحلق، داود -عليه السلام- ، أول من صنع الدروع والسرد فيها والحلوق فيها داود -عليه السلام- ، وكانت من قبل صفائح،

والدرع يجمع الخفة والحصانة، لتحرزهم من بأس العدو، وطعن السلاح، ومن فضل الله أنه ألان لداود الحديد، ليعملها سابغات، وعلّمه -عز وجل- وأمره أن يقدر في السرد، فيقدره حلقاً،

ويدخل بعضها في بعض، وقال له :{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} (11) سورة سبأ، تقي كل الجسد، ولا تضيق على لابسها،{وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} فالمسمار بحسب الحلقة،

فلا تجعل المسامير دقاقاً فتفلت، ولا غلاظاً فتكسر الحلق، قدّر في السرد، اجعله على قدر الحاجة،

هذه العملية الإتقانية في مسألة الصناعة اللازمة للجهاد، كانت من شأن داود -عليه السلام- ، وفي هذا درس عظيم لهذه الأمة .

 

post-125640-1300869785.png

 

الإتقان في صك العملات

 

 

أما قضية العملة، فإن المسلمين لما نظروا فيما يلزم للتداول في السلع، وعلموا أن الدنانير والدراهم هي الآليّة للتداول،

وانتقال السلع من الناس بعضهم بعضاً، اهتموا بمسألة وزن الدنانير والدراهم، وأن يكون الوزن دقيقاً جداً، بالشعيرة،

يعني عدد حبات الشعير المتوسط، عدد معين هو الوزن، وزن الدينار ووزن الدرهم، وكان سبب الاتجاه لعملية صك الدنانير والدراهم أصلاً تحدي من ملك الروم،

بناءً على كتاب أُرسل إليه من عبد الملك بن مروان، وكتب له فيه { قل هو الله أحد } وذكر أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-،

فكتب إليه ملك الروم : إنكم قد أحدثتم كذا وكذا فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا من ذكر نبيكم ما تكرهون.

يعني أما أن تكفوا عن دعوتنا وعن قضية إعلان التوحيد هذا ووضع هذه الإعلانات في الرسائل

وإلا فإن الدنانير والدراهم التي تتداولونها والمصكوك عندنا لأن نحن الذين نصك العملة، سنضع عليها سب لنبيكم .

فعظم ذلك على عبد الملك، فأحضر خالد بن يزيد بن معاوية فاستشاره فيه، فقال: حرّم دنانيرهم ( امنع التداول في البلد بدنانير الروم) واضرب للناس صكةً فيها ذكر الله تعالى. فضرب الدنانير والدراهم.

وكان الولاة يشددون في القضية، لأنه قد يقع فيها تزوير وغش وأن يخلط الذهب بغيره، ويكون هذا الخلط كثيراً، نسب في الغش وكذلك مسألة الدينار هل هو دينار صغير كبير، كيف يكون وزنه ؟

وكان بعض الولاة يشدد في دقة الوزن في الدراهم والدنانير،حتى أنه وجد مرة درهماً ينقص حبة، كما قلنا من حبات الشعير التي كانت توزن بها الدنانير، والدراهم بحبات الشعير.

وهذا يوسف بن عمر والي العراق، امتحن يوماً الدراهم، فوجد درهم ينقص حبة، فضرب كل صانع ألف سوط. وكانوا مائة صانع، فضرب في حبة مائة ألف سوط . الكامل ابن الأثير .

post-125640-1300869785.png

 

يتبع باذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكِ الله خيرًا يا غالية على الموضوع "المتقن"

جعله الله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكِ السلام ورحمة الله وبركاته

 

اللهم بارك، طرح أكثر من رائع يا حبيبة

بوركت أناملكِ، ونسأل الله أن ينفعنا به، واصلي جزاكِ الله خيرًا

 

تستحقين الخمس نجوم ولو كان لدي زيادة لفعلت :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

 

موضوع أكثر من رائع :)

جزاك الله خيرا يا مودة .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

جزاك الله خيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

جزاكِ الله خير يا حبيبة موضوع رائع

نتابع معكِ بأذن الله

يستحق التميز

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×