اذهبي الى المحتوى
(أم *سارة*)

الافتقار إلى الله تعالى لب العبودية

المشاركات التي تم ترشيحها

post-186139-1317475448.gif

 

 

 

العلامة الثالثة: مداومة الذكر والاستغفار

 

إن قلب المؤمن عاكف على ذكر مولاه، والثناء عليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى في كل حال من أحواله، دائم التوبة والاستغفار عن الزلل أو التقصير، يجد لذته وأنسه بتلاوة القرآن،

 

ويرى راحته وسكينته بمناجاة الرحمن، قال الله تعالى: {لَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].

 

 

post-186139-1317475521.gif

 

 

وقد وصف الله عز وجل: أهل الإيمان: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9].

 

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ

 

السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 190، 191].

 

 

post-186139-1317475521.gif

 

 

كما أمر الله عز وجل نبيه بمداومة الذكر والاستغفار، فقال سبحانه: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} [غافر: 55].

 

ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس: توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مئة مرة" (1).

 

وقال عليه الصلاة والسلام: "والله إني لأستغفر الله وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة" (2).

 

وقال صلى الله عليه وسلم: "إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة" (3).

 

 

post-186139-1317475521.gif

 

 

إن مداومة الذكر والاستغفار آية من آيات الافتقار إلى الله تعالى، فالعبد يجتهد في إظهار وفاقته وحاجته وعجزه، ويمتلىء قلبه مسكنة وإخباتًا، ويرفع يديه تذللًا وإنابة

فهو ذاكر لله تعالى في كل شأنه، في حضره وسفره، ودخوله وخروجه، وأكله وشربه، ويقظته ونومه، فهو دائم الاستغفار والافتقار إلى عون الله وفضله، لا يغفل ساعة، ولا أدنى من ذلك عن الاستعانة به

والالتجاء إليه، فلا يركن إلى نفسه، ولا يطمئن لحوله وقوته، أو ماله وجاهه.

 

ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه: "اللهم لا تكلهم إليّ فأضعف، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليهم" (4).

 

 

post-186139-1317475521.gif

 

 

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، أصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت" (5).

 

وعن أنس بن مالك –رضي الله عنه- قال: قال رسول صلى الله لفاطمة –رضي الله عنها-: "ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيكِ به؟ أن تقولي إذا أصبحتِ وإذا أمسيتِ: يا حي يا قيوم برحمتك

أستغيث، وأصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدًا" (6).

 

تأمل أذكار النبي صلى الله عليه وسلم وأدعيته ترى عجبًا في هذا الباب، ففي سيد الاستغفار تتجلى أعظم معاني العبودية، وتبرز أسمى معاني الانكسار والتذلل، انظر:

"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء لك بذنبي اغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" (7).

إن حمد الله تعالى وشكره، والثناء عليه بما هو أهل له، مع الاعتراف بالذنب والعجز، يعمر القلب بالنور، ويوجب له الطمأنينة والسعادة،

 

 

post-186139-1317475521.gif

 

 

وما أجمل كلام ابن القيم عندما قال: "إن في القلب خلة وفاقة، لا يسدها شيء البتة إلا دكر الله عز وجل، لإذا صار الذكر شعار القلب بحيث يكون هو الذاكر بطريق الأصالة، واللسان تبع له، فهذا هو

الذكر الذي يسد الخلة ويغني الفاقة، فيكون صاحبه غنيًا بلا مال، عزيزًا بلا عشيرة، مهيبًا بلا سلطان، فإذا كان غافلًا عن ذكر الله عز وجل

فهو بضد ذلك، فقير مع كثرة جدته، ذليل مع سلطانه، حقير مع كثرة عشيرته" (8).

 

 

post-186139-1317475730.gif

1:ــ أخرجه مسلم في كتاب الذكر: (4/ 2075ـــ 2076) رقم: (2702).

2:ــ أخرجه البخاري في كتاب الدعوات: (11/ 101) رقم: (6307).

3:ــ أخرجه مسلم في كتاب الذكر: (4/ 2075) رقم: (2702).

4:ــ أخرجه أحمد: (37/ 151) رقم: (2487)، أبو داود في كتاب الجهاد: (3/ 97) رقم: 2535 ، وصححه: الألباني في صحيح سنن أبي داود: 2/ 482).

وضعفه: الأرناؤوط في تحقيقه للمسند

5:ــ أخرجه أحمد: (34/ 75) رقم: 20429، وأبو داود في كتاب الأدب: (4/ 324)

6:ــ أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة: رقم: (46)، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة رقم: (227).

7:ــ أخرجه البخاري في كتاب الدعوات: (11/ 98) برقم: (6306).

8:ــ الوابل الصيب: (ص139).

تم تعديل بواسطة منال كامل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1317656551.gif

 

 

العلامة الرابعة: الوجل من عدم قبول العمل.

 

مع شدة إقبال العبد على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات، إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يحرم من القبول.

 

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "سألت رسول الله عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون: 60].

 

أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: "لا يا ابنة الصديق. ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات" (1).

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

فنجد أنهم على حرصهم على أداء العبادات الجليلات فإنهم لا يركنون إلى جهدهم،

ولا يُدْلُون بها على ربهم، بل يذدرون أعمالهم، ويظهرون الافتقار التام لعفو الله ورحمته وتمتلىء قلوبهم مهابة ووجلًا، ويخشون أن ترد عليهم أعمالهم -والعياذ بالله-

ويرفعون أكف الضراعة ملتجئين إلى الله يسألونه أن يتقبل منهم.

 

تأمل قصة عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- عندما دخلا على عائشة –رضي الله عنها- وهي تموت، فلما جلس قال: "أبشري ما بينك وبين أن تلقي محمدًا –صلى الله عليه وسلم- والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، كنتِ أحب نساء رسول الله إلى رسول الله، حتى يصبح في المنزل، وأصبح الناس ليس معهم ماء، فأنزل الله عز وجل أن تيمموا صعيدًا طيبًا، فكان ذلك في سببك وما أنزل الله عز وجل لهذه الأمة من رخصة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماوات، جاء به الروح الأمين، فأصبح ليس لله مسجد من مساجد الله يذكر فيه الله إلا يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار. فقالت: دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيًا منسيًا" (2).

 

فها هي أم المؤمنين بعد كل هذا الثناء من ابن عباس لم تركن لعملها، ولا تطمئن على حالها وقالت قولتها "لوددت أني نسيًا منسيًا"

 

وقال الحافظ بن حجر تعليقًاعلى قول عائشة -رضي الله عنها-: "هو على عادة أهل الورع في شدة الخوف على أنفسهم" (3).

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

وتتأكد حقيقة الوجل من عدم قبول العمل عند أهل الإيمان بأربعة أمور:

 

أولَا:ـ أن الله عز وجل غني عن طاعات العباد

فالله تعالى عني عن عباده، وليس في حاجة إلى عباداتهم وطاعاتهم، قال تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [لقمان: 12].

وقال تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الزمر: 7].

وقال تعالى: {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

وفي الحديث القدسي: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أتقى رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيء، ولو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص من ملكي ذلك شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد فسألوني، فأعطيت كل إنسان منهم مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أُدخل البحر" (4).

 

قال قتادة:وعيره من السلف: "إن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عنه بخلًا منه، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عما فيه فسادهم" (5).

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

الثاني:ـ أن قبول الأعمال من فضل الله ورحمته

 

ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لا أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم" (6).

 

فإذا كان هذا هو حال سيد ولد آدم، فكيف بغيره من الناس؟

ومن قرأ قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لن ينجي أحدصا منكم عمله" قالوا ولا أنت يا رسول الله؟! قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته" (7).

 

أيقن بضعفه وعجزه، وازداد تضرًا وافتقارًا إلى ربه جل وعلا، ولم يتعاظم في نفسه، أو يعجب بجهده وعمله.

 

قال ابن القيم: "كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، عرفت الله، وعرفت النفس، وتبين لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين، خشيت عاقبته، وإنما يقبله بجوده وكرمه وتفضله، وثيبك عليه أيضًا بجوده وكرمه وتفضله" (8).

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

وربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه -رضي الله عنهم- على ذلك فها هو أجلهم وأعظمهم منزلة أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- يقول للنبي: "علمني دعاء أدعو به في صلاتي" والنبي صلى الله عليه وسلم أعرف الناس بصاحبه ومع ذلك قال: "قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم" (9).

 

هذه هي التربية الربانية التي تحد من استعلاء العبد، وتجعله دائم الافتقار إلى الله، دائم الانكسار بين يديه، وهذا حال من هو إمامة وجلالة ونصرة لدينه وذبًا عن نبيه صلي الله عليه وسلم، فكيف بحالنا ونحن المذنبون المفرطون؟! نسأل الله السلامة.

 

وتعجب من حال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو من هو فهو الملقب بالفاروق المبشر بالجنة، كيف يخشى على نفسه من النفاق؟!

 

قال ابن رجب: "كان حال الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح، يخافون على أنفسهم من النفاق، ويشتد قلقهم وجزعهم منه، فالمؤمن يخاف على نفسه من النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة فيخرجه إلى النفاق الأكبر، فتكون سوء الخاتمة" (10).

 

 

post-186139-1317656579.gif

 

 

يتبع بإذن الله تعالى والأمرين الثالث، والرابع من هذه العلامة

اللهم إجعله خالصًا لوجهك الكريم ولا تجعل لأحدًا غيرك فيه شيء.

 

post-186139-1317656779.gif

1:ــ أخرجه أحمد: (42/ 156، 456) برقم: (25263).

والترمذي في تفسير القرآن: (5/ 327) برقم: (3175).

2:ــ أخرجه بهذا اللفظ: أحمد: (4/ 298) برقم: (2496).

وقوى إسناده ورواه مختصرًا البخاري في كتاب التفسير: (8/ 482، 483).

3:ــ فتح الباري: (8/ 484).

4:ــ أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة: (4/ 1955) رقم: (2577).

5:ــ قاعدة في المحبة: (ص: 255).

6:ــ أخرجه البخاري في كتاب الجنائز: (3/ 114) رقم: 1243

7:ــ أخرجه البخاري في كتاب الرقائق: (11/ 294)

8:ــ مدارك السالكين: (1/ 176).

9:ــ البخاري في كتاب الآذان: (2/ 317).

ومسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار: (2/ 2078).

10:ــ جامع العلوم والحكم: (1/ 117).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1317820147.gif

 

 

 

نتابع الأمرين الباقيين من العلامة الرابعة

 

الثالث: أن المنة لله جميعًا.

 

فالمؤمن ينسب ما به من نعمة، وما عنده من طاعة، إلى ربه ومولاه عز وجل، فله

 

الفضل والمنة، ولا يزعم أن ذلك من حوله وكده وجهده، قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}[الأنعام: 125].

وقال تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات: 17].

 

 

post-186139-1317820162.gif

 

 

وفي الحديث القدسي قال تعالى: "يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني" (1)

 

ومن عجائب آيات الذكر الحكيم: ما ورد في مطلع سورة المدثر، فعندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالنذارة بادئ الأمر، وضح له طبيعة الطريق.

 

فقال عز وجل: {وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6]. إنها وصية واضحة لا غموض فيها، تجرد العبد من استعلائه وإدلاله على ربه، تملأ القلب مهابة

 

وإجلالًا لله، عز وجل.

 

 

post-186139-1317820162.gif

 

 

ومن لطائف هذا الباب أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما طُعن وجعل يألم قال له عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- مواسيًا:

 

"يا أمير المؤمنين: ولئن كان ذلك، لقد صحبت رسول الله فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راضٍ، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن ولئن فارقتهم الآن لفارقتهم وهم عنك راضون"

 

وبعد هذا الثناء العظيم تأمل ماذا أجاب؟ قال: "أما ما ذكرت من صحبة رسول الله ورضاه: فإنما ذلك من منّ الله تعالى عليّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكر

ورضاه، فإنما ذلك من منّ الله جل ذكره عليّ، وأما ما ترى من جزعي فهو لأجلك وأجل أصحابك، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه" (2)

 

 

post-186139-1317820162.gif

 

 

الرابع: أن العبد لا يأمن على نفسه الفتنة.

 

فقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء" (3).

 

فالعبد مهما بلغت منزلته لا يأمن على نفسه الفتنة، ويخشى أن تجرفه رياح الأهواء والفتن، ولهذا كان دعاء النبي صلى الله عليه وسلم:

 

"اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا علة طاعتك" (4). فإمام المتقين يتضرع إلى الله عز وجل بهذا الدعاء افتقارًا إلى الله تعالى، فكيف بنا ونحن الفقراء

المحاويج؟ ومن كان لا يأمن على نفسه رأيته أشد وجلًا على نفسه، وأشد انكسارًا بين يدي مولاه، قال جبير بن نفير:

 

"دخلت على أبي الدرداء منزله بحمص، فإذا هو قائم يصلي في مسجده، فلما جلس يتشهد، فجعل يتعوذ بالله، من النفاق، فلما انصرف قلت: غفر الله لك يا أبا الدرداء، ما أنت والنفاق؟

 

فقال: اللهم غفرًا ثلاثًا، لا يأمن البلاء من يأمن البلاء، والله إن الرجل ليفتنن في ساعة واحدة فينقلب عن دينه" (5).

 

ولهذا فإن من أدرك هذه الحقائق الأربعة، علم أن إعجاب المرء بطاعته وإدلاله بها على ربه من أعظم الأدواء والآفات التي تُسقط العبد وتجعله على شفا جرف من الضلال والانتكاس، والعياذ بالله تعالى.

 

 

post-186139-1317820162.gif

 

 

قال مطرف بن عبد الله الشخير: "لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا، خير من أبيت قائمًا فأصبح معجبًا" (6).

 

وقال ابن القيم -رحمه الله-: "إنك إن تبيت نائمًا وتصبح نادمًا، خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبًا، فإن المعجب لا يصعد عمله، وإنك إن تضحك وأنت معترف

خير من أن تبكي وأنت مدل،. وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المدلين، ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داءً قاتلًا هو فيك ولا تشعر" (7).

 

وقال في مشهد الذل والافتقار: "يشهد في كل ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة ضرورة تامة، وافتقارًا تامًا إلى ربه ووليه، ومن بيده صلاحه وفلاحه، وهداه وسعادته، وهذه الحال التي تحصل

 

لقلبه لا تنال العبارة حقيقتها وإنما تدرك بالحصول فيحصل في قلبه كسره خاصة لا يشبهها شيء، بحيث يرى نفسه كالإناء المرضوض تحت الأرجل الذي لا شيء فيه، ولا به ولا منه منفعة، ولا يرغب في مثله، وأنه لا يصلح الانتفاع به إلا بجبر جديد من صانعه وقيمه...."

 

ثم قال: "قلب قد تمكنت منه هذه الكسرة، وملكته هذه الذلة، فهو ناكس الرأس بين يدي ربه، لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلًا من الله" (8).

 

 

post-186139-1317820179.gif

1:ــ أخرجه مسلم في كتاب البر والصلة، ( 4/1955 )، رقم ( 2577 ).

2:ـــ أخرجه: البخاري في كتاب فضائل الصحابة: ( 7/43 )، رقم ( 3692 ).

3:ـــ أخرجه: مسلم ( في كتاب القدر ): ( 4/2045 )، رقم ( 2654 ).

4:ـــ أخرجه: مسلم ( في كتاب القدر )(40/ 2045 )، رقم ( 2654 ).

5:ـــ صفة المنافق لجعفر الفريابي: (ص69) رقم: (74) وصحح إسناده المحقق.

6:ـــ الزهد لعبد الله بن المبارك: (ص 151).

7:ـــ مدارج السالكين، ( 1/177 ).

8:ـــ مدارج السالكين، ( 1/428-429 )، وانظر: الوابل الصيب ( ص 20 - 23 ).

تم تعديل بواسطة منال كامل

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1318244012.gif

 

 

العلامة الخامسة: خشية الله في السر والعلن

 

الخوف من الله تعالى من أجل صفات أهل الإيمان، قال الله عز وجل: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2].

 

وقال عز وجل: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الحج: 34، 35].

 

 

post-186139-1318244024.gif

 

 

وخشيته عز وجل في السر والعلن من أعظم آيات الافتقار والفاقة إليه سبحانه وتعالى، فمن عرف الله تعالى بأسمائه الحسني، وصفاته العلى، وأدرك عظمته وجبروته، وسلطانه الذي لا يقهر، وعينه التي لا تنام، وقدّره حق قدره، خاف منه حق الخوف.

 

قال عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46].

 

وقال تعالى: { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى * يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات: 40، 41].

 

وقال تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: 14].

 

 

post-186139-1318244024.gif

 

 

ومن كانت هذه حاله رأيته متيقظ القلب، يرتجف خشية وإشفاقًا، دائم المناجاة لربه، يستجير به ويستغيث استغاثة المفتقر الذليل:

 

قال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].

 

وقال تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة: 16].

 

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 64]. قال الحسن البصري: "تجري دموعهم على خدودهم فرقًا من ربهم" (1).

 

 

post-186139-1318244024.gif

 

 

وتأمل معي قول الحق جل وعلا: { قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107ـــ 109].

 

فهو الافتقار التام لله عز وجل، والانكسار بين يديه تذللًا وإنابة، قال الأستاذ سيد قطب: "إنهم لا يتمالكون أنفسهم، فهم لا يسجدون ولكن: { يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا}

ثم تنطلق ألسنتهم بما خالج مشاعرهم من إحساس بعظمة الله وصدق وعده، ويغلبهم التأثر فلا تكفي الألفاظ في تصوير ما يجيش في صدورهم منه، فإذا الدموع تنطلق معبرة عن ذلك التأثر الغامر الذي لا تصوره الألفاظ" (2).

 

وشرط الخشية الصادقة أن تكون بالغيب، لأن القلب لا يتعلق إلا بالله، ولا يلتفت لسواه، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [الملك: 12].

 

وقال تعالى: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 49]. وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: 31ــــ 33].

 

 

post-186139-1318244024.gif

 

 

وفي الحديث الصحيح: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله..." وذكر منهم: "ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه" (3).

 

قال الحافظ بن حجر: "خاليًا أي: من الخلو، لأنه يكون حينئذ أبعد من الرياء، والمراد خاليًا من الالتفات إلى غير الله ولو كان في ملأ" (4).

 

وتتجلى حقيقة هذه العبادة على الجوارح، ففي حديث السبعة: "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله" (5). فالمعصية تعرضت له بكمال زينتها، وأبهى فتنتها، وهو بشر كالبشر، لكن خشية الله وخوفه من الله حبسه عن عنها.

 

قال سعيد بن جبير في تعريف الخشية: "إن الخشية: أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية" (6).

 

 

post-186139-1318244055.gif

 

(1) الخشوع في الصلاة لابن رجب: (ص: 31).

(2) في ظلال القرآن: (5/ 2254).

(3) أخرجه البخاري في كتاب الآذان، ومسلم في كتاب الزكاة

(4) فتح الباري: ((2/ 147).

(5) أخرجه البخاري في كتاب الآذان، ومسلم في كتاب الزكاة

(6)حلية الأولياء: (4/ 276) وسير النبلاء: (4/ 326).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

العلامة السادسة: تعظيم اللأمر والنهي

 

فغاية العبودية: التسليم والانقياد محبة وتذللًا، فتعظيم الأمر والنهي من تعظيم الله جل جلاله، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30].

 

وقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. وما انتشرت المعاصي وكثرت المنكرات والأهواء في ديار المسلمين.، إلا بسبب ضعف الإيمان، والتهاون في تعظيم أمر الله عز وجل ونهيه.

 

وتعظيم الأمر والنهي يعني: الوقوف عند حدود النصوص الشرعية، والالتزام الصادق بمقتضاياتها ودلائلها، والعض عليها بالنواجذ، فأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم حقه الإجلال والامتثال.

 

قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

 

قال ابن القيم: "استقامة القلب بشيئين: أحدهما: أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب. الثاني: تعظيم الأمر والنهي، وهو ناشىء عن تعظيم الآمر الناهي، فإن الله تعالى ذم من لا يعظمه، ولا يعظم أمرة ونهيه، قال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} قالوا في تفسيرها: ما لكم لا ترجون لله تعالى عظمة" ثم قال: "...فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها ووا جباتها وكمالها، والحرص على تحسينها وفعلها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها"

 

ثم ذكر -رحمه الله- عددًا من علامات تعظيم المناهي، وهي باختصار

 

1ــ "الحرص على التباعد عن مظانها وأسبابها، ومجانبة كل ما يدعو إليها

 

2ــ أن يغضب لله عز وجل إذا انتهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنًا وكسره إذا عُصىي الله في أرضه ولم يستطع أن يغير هو ذلك.

 

3ــ أن لا يسترسل مع الرخص إلى حد يكون فيه جافيًا غير مستقيم على المنهج الوسط.

 

4ــ ألا يحمل الأمر على علة تُضعف الانقياد والتسليم لأمر الله، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أو لم تظهر" (1).

 

ويجب أن يكون النظر إلى النصوص نظر المفتقر إليها، المتتبع لهدايتها، الملتزم بدلالتها، وفي هذا قال الإمام الثوري: "إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل" (2).

 

ومن نظر في النصوص الثابتة، ثم تقدم بين يديها، أو أغار عليها بالتأميل المتعسف، أو التحريف المتكلف، وراح يفسرها مجاراة لأهواء الناس، أو مداهنة للعلمنة والتغريب، فهو ليس ممن افتقر إليها، وليس ممن عظم حدودها.

 

يقول ابن تيمية –رحمه الله-: "من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أن لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم" (3)

 

وأحسب أن الدعاة وأبناء الصحوة الإسلامية لو فقهوا هذه المسألة حق الفقه، والتزموها في مناهج التربية والحركة والإصلاح، لساروا على جادة الصراط المستقيم، ولكن -مع الأسف الشديد- قل عند بعضهم تعظيم النصوص الشرعية، وأصبحت القوالب الحزبية والمصالح المتوهمة هي المعيار الذي توزن به شئون الدعوة، فنأل الله السلامة.

 

ومن هذه العلامة السادسة حبيباتي وأخواتي في الله يتبن لنا جليًا الحق فيما ورد بالكتاب لما يحدث في زمننا هذا من تجاوز لحدود الله، وعدم إقامة شرعه، والمناداة بفصل الدين عن الدولة، والتعدي على حدود الله، بما لا يدع مجال للشك بأن الكثير إلا من رحم ربي أصبح لا يعظم أوامر الله ونواهيه، والانزلاق إلى ما يبغيه الغرب من فساد، حتى في الملبس والهيئة، فنسأل الله العافية من ذلك، وأن يرد الأمة إلى صوابها، ويقيها شر كل من يكيد بها ليضيع منهج الله القويم، والسير على صراطه المستقيم، فهو سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه

 

 

 

1:ــــ الوابل الصيب، (ص: 24ــ 39).

2:ــــ الجامع لأخلاق الراوي: (1/ 142) وذم الكلام وأهله: (1/ 181).

3:ــــ مجموع الفتاوى: (13/ 28).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1318506101.gif

 

 

العلامة السادسة: تعظيم اللأمر والنهي

 

فغاية العبودية: التسليم والانقياد محبة وتذللًا، فتعظيم الأمر والنهي من تعظيم الله جل جلاله، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30].

 

وقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَاللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. وما انتشرت المعاصي وكثرت المنكرات والأهواء في ديار المسلمين.، إلا بسبب ضعف الإيمان، والتهاون في تعظيم أمر الله عز وجل ونهيه.

 

 

post-186139-1318506122.gif

 

 

وتعظيم الأمر والنهي يعني: الوقوف عند حدود النصوص الشرعية، والالتزام الصادق بمقتضاياتها ودلائلها، والعض عليها بالنواجذ، فأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم حقه الإجلال والامتثال.

 

قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

 

 

post-186139-1318506122.gif

 

 

قال ابن القيم: "استقامة القلب بشيئين: أحدهما: أن تكون محبة الله تعالى تتقدم عنده على جميع المحاب. الثاني: تعظيم الأمر والنهي، وهو ناشىء عن تعظيم الآمر الناهي.

فإن الله تعالى ذم من لا يعظمه، ولا يعظم أمرة ونهيه، قال تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} قالوا في تفسيرها: ما لكم لا ترجون لله تعالى عظمة"

 

ثم قال: "...فعلامة التعظيم للأوامر رعاية أوقاتها وحدودها، والتفتيش على أركانها ووا جباتها وكمالها، والحرص على تحسينها وفعلها في أوقاتها، والمسارعة إليها عند وجوبها، والحزن والكآبة والأسف عند فوت حق من حقوقها"

 

 

post-186139-1318506122.gif

 

 

ثم ذكر -رحمه الله- عددًا من علامات تعظيم المناهي، وهي باختصار

 

1ــ "الحرص على التباعد عن مظانها وأسبابها، ومجانبة كل ما يدعو إليها

 

2ــ أن يغضب لله عز وجل إذا انتهكت محارمه، وأن يجد في قلبه حزنًا وكسره إذا عُصىي الله في أرضه ولم يستطع أن يغير هو ذلك.

 

3ــ أن لا يسترسل مع الرخص إلى حد يكون فيه جافيًا غير مستقيم على المنهج الوسط.

 

4ــ ألا يحمل الأمر على علة تُضعف الانقياد والتسليم لأمر الله، بل يسلم لأمر الله تعالى وحكمه، سواء ظهرت له حكمة الشرع في أمره ونهيه، أو لم تظهر" (1).

 

 

post-186139-1318506122.gif

 

 

ويجب أن يكون النظر إلى النصوص نظر المفتقر إليها، المتتبع لهدايتها، الملتزم بدلالتها، وفي هذا قال الإمام الثوري: "إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر فافعل" (2).

 

ومن نظر في النصوص الثابتة، ثم تقدم بين يديها، أو أغار عليها بالتأميل المتعسف، أو التحريف المتكلف، وراح يفسرها مجاراة لأهواء الناس، أو مداهنة للعلمنة والتغريب، فهو ليس ممن افتقر إليها، وليس ممن عظم حدودها.

 

يقول ابن تيمية –رحمه الله-: "من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان: أن لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن برأيه، ولا ذوقه، ولا معقوله، ولا قياسه، فإنهم ثبت عنهم بالبراهين القطعيات والآيات البينات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالهدى ودين الحق، وأن القرآن يهدي للتي هي أقوم" (3)

 

وأحسب أن الدعاة وأبناء الصحوة الإسلامية لو فقهوا هذه المسألة حق الفقه، والتزموها في مناهج التربية والحركة والإصلاح، لساروا على جادة الصراط المستقيم، ولكن -مع الأسف الشديد- قل عند بعضهم تعظيم النصوص الشرعية، وأصبحت القوالب الحزبية والمصالح المتوهمة هي المعيار الذي توزن به شئون الدعوة، فنأل الله السلامة.

 

 

post-186139-1318506122.gif

 

 

ومن هذه العلامة السادسة حبيباتي وأخواتي في الله يتبن لنا جليًا الحق فيما ورد بالكتاب لما يحدث في زمننا هذا من تجاوز لحدود الله، وعدم إقامة شرعه، والمناداة بفصل الدين عن الدولة، والتعدي على حدود الله، بما لا يدع مجال للشك بأن الكثير إلا من رحم ربي أصبح لا يعظم أوامر الله ونواهيه، والانزلاق إلى ما يبغيه الغرب من فساد، حتى في الملبس والهيئة، فنسأل الله العافية من ذلك، وأن يرد الأمة إلى صوابها، ويقيها شر كل من يكيد بها ليضيع منهج الله القويم، والسير على صراطه المستقيم، فهو سبحانه وتعالى ولي ذلك والقادر عليه

 

 

post-186139-1318506147.gif

1:ــــ الوابل الصيب، (ص: 24ــ 39).

2:ــــ الجامع لأخلاق الراوي: (1/ 142) وذم الكلام وأهله: (1/ 181).

3:ــــ مجموع الفتاوى: (13/ 28).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيك منال الحبيبة و جزاك خير الجزاء

وأسأل الله أن ينفعنا بما تضعين من درر

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم آمين

 

رب يبارك فيكِ يمنى الحبيبة ويحفظك

 

والله ردودك بتشجعني على المتابعة في الكتابة

 

سوف أنتهي من كتابة العلامة السابعة وأضعها بإذن الله تعالى

 

أسأل الله أن يجعله شاهدًا لنا لا علينا وأن يرزقنا رضاه والافتقار إليه وحده

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بانتظارك يا غالية..

والله فعلا ما تضعينه قيم أسأل الله أن يجعله لك في ميزان الحسنات

باذنه يا حبيبة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

حبيبتنا منال فقط لو استطعتي بعدما تضعين الجزء المنتظر توجهي إلى ساحة اهداء التصاميم.. لكِ مني تعبير :)

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1318782422.gif

 

 

العلامة السابعة: سرعة التوبة بعد المعصية.

 

الخطأ والزلل صفة بشرية ملازمة للإنسان، وفي هذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبون لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون،

 

فيستغفرون فيغفر الله لهم" (1). وقال صلى الله عليه وسلم: "كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون" (2).

 

فالتوبة إلى الله تعالى من أعظم وأجل صفات أهل الإيمان، قال تعالى: {...وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].

 

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ

 

آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [التحريم: 8].

 

 

post-186139-1318782461.gif

 

 

وعرفها ابن القيم -رحمه الله-: "حقيقة التوبة هي: الندم على ما سلف منه في الماضي، والإقلاع عنه في الحال، والعزم على ألا يعاوده في المستقبل" (3).

 

والعبد الصالح إذا زلت به قدمه وعصى الله تعالى اتصف بصفتين متلازمتين هما:

 

الصفة الأولى: سرعة الندم والرجوع إلى الله.

 

فمن كان قلبه حيًا بالإيمان لم يسرف على نفسه في فعل العصيان، وملم يصر على غيه، بل سرعان ما يرجع إلى ربه تائبًا منيبًا

 

قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].

 

وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110].

 

وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: 31ـ 33].

 

قال الحافظ -رحمه الله-: "أواب: رجّاع تائب مقلع" (4). أي يعود سريعًا مع التوبة والندم والإقلاع عن الذنب.

 

 

post-186139-1318782461.gif

 

 

الصفة الثانية: عدم الاستهانة بالمعاصي.

 

المؤمن لا يستهين بالمعصية مهما كانت صغيرة، تحقيقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إياكم ومحقرات الذنوب، فإنما مثل محقرات الذنوب كقوم نزلوا

 

بطن وادٍ، فجاء ذا بعود، وجاء ذا بعود، حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يُؤخذ بها صاحبها أهلكته" (5).

 

ولهذا كان السلف -رضي الله عنهم- يتحرجون أشد الحرج من الوقوع في المعاصي كبيرها وصغيرها، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "إنكم لتعملون أعمالًا

 

هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعدها على عهد رسول النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات" (6).

 

وهاهو عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول: "إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه" (7).

 

قال الحافظ ابن حجر: "قال ابن أبي جمرة السبب في ذلك أن قلب المؤمن منور، فإذا رأى من نفسه ما يخالف ما ينور به قلبه عظم الأمر عليه، والحكمة في التمثيل بالجبل:

 

أن غيره من المهلكات قد يحصل التسبب إلى النجاة منه، بخلاف الجبل إذا سقط على الشخص فلا ينجو منه عادة، وحاصله: أن المؤمن يغلب عليه الخوف لقوة ما عنده من إيمان فلا

 

يأمن من العقوبة بسببها، وهذا شأن المسلم دائم الخوف والمراقبة، يستصغر عمله الصالح، ويخشى من صغير عمله السيء" (8).

 

 

post-186139-1318782461.gif

 

 

يتبع وعلاقة التوبة بالافتقار

 

 

post-186139-1318782621.gif

 

 

 

1:ــ أخرجه أحمد: (20/ 344) رقم: (13049). والترمذي في كتاب صفة القيامة: (4/ 659) برقم: (2499)

2:ــ أخرجه مسلم في كتاب التوبة: (4/ 2106) رقم: (2749).

3:ــ مدارج السالكين: (1/ 199).

4:ــ تفسير القرآن العظيم: (4/ 292).

5:ــ أخرجه أحمد: (37/ 467) رقم: (22808). وصححه الأرناؤط في تحقيقه لمسند أحمد.

6:ــ أخرجه البخاري في كتاب الرقائق: (11/ 329). رقم: ( 6492).

7:ــ أخرجه البخاري في كتاب الدعوات: ( 11/ 102) رقم: (6408).

8:ــ فتح الباري: (11/ 105).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

جزء مهم جدا غاليتي نفع الله بكِ وبارك في جهدكِ الطيب

في المتابعة لكِ باذن الله..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

post-186139-1318962626.gif

 

 

علاقة التوبة بالافتقار.

 

من أجمل ما وقفت عليه في بيان حد التوبة، قول أبى حامد الغزالي: "هو نار في القلب تلتهب، وصدع في الكبد لا ينشعب" (1).

 

فالمؤمن الصادق يجد في قلبه ندمًا وألمًا على مقارفة العصيان، ويتفطر فؤاده فرقًا وخشية من ربه عز وجل، فالتوبة تملأ القلب افتقارًا وانكسارًا لله تعالى، ويشعر العبد بذل المسكنة والفاقة، فيلجأ إلى ربه منكسرًا بين يديه معترفًا بذنبه با كيًا على خطيئته، مستغفرًا ربه مستجيرًا به.

 

 

post-186139-1318962664.gif

 

 

قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 17، 18]. وعن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال:

 

"لقيت رسول الله فابتدأته فأخذت بيده، فقلت يا رسول الله، ما نجاة المؤمن؟ قال عليه الصلاة والسلام: "يا عقبة احرس لسانك، وليسعك بيتك، وابكِ على خطيئتك" (2).

 

 

post-186139-1318962664.gif

 

 

ولا يزال الانكسار والخضوع في القلب بسبب المعصية، حتى تصبح التوبة من الذنب أنفع للعبد من كثير من القربات، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "جالسوا التوابين، فإنهم أرق أفئدة" (3)

 

قال الحسن البصري -رحمه الله-: "إن الرجل ليذنب الذنب لا يزال به كئيبًا، حتى يدخل الجنة" (4).

 

 

post-186139-1318962664.gif

 

 

وشرح ابن القيم أقوال بعض السلف: "قد يعمل العبد الذنب فلا يزال به حتى يدخل الجنة، ويعمل الطاعة فيدخل بها النار!". فقال: "يعمل الذنب فلا يزال نصب عينه إن قام وإن قعد، وإن

 

مشي يذكر الذنب، فيحدث له انكسار وتوبة، واستغفار وندمًا، فيكون ذلك سبب نجاته، ويعمل الحسنة فلا تزال نصب عينيه إن قام وإن قعد، وإن مشى كلما ذكرها أورثته عُجبًا وكبرا، فتكون سبب هلاكه".

 

وقال -رحمه الله- تكملة للشرح: "فيكون الذنب موجبًا لترتب طاعات، ومعاملات قلبية من خوف الله والحياء منه، والاطراح بين يديه باكيًا منكسًا رأسه خجلًا، وكل واحد من هذه الآثار

 

أنفع للعبد من طاعة توجب له من صولة وكبر، وازدراء للناس، ورؤيتهم بعين الاحتقار، ولا ريب أن هذا المذنب خير عند الله، وأقرب للنجاة والفوز من المعجب بطاعته" (5

 

 

post-186139-1318962768.gif

 

 

1:ــ أحياء علوم الدين: (4/ 4).

2:ــ أخرجه أحمد: (25/ 569، 654) وحسنه المحققون وحسنه

والألباني في السلسلة الصحيحة: رقم: (890).

3:ــ أخرجه هناد بن السري في كتاب الزهد: (2/ 451) رقم: (894).

4:ــ أخرجه هناد بن السري في كتاب الزهد: (2/ 452) رقم: (897).

وأبو نعيم في حلية الأولين: (3/ 242) و (7/ 288).

5:ــ مدارج السالكين: (1/ 307، 308).

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ونفع بكِ يمنى الحبيبة وأصلح حالنا وحال الأمة

 

اللهم اجعله شاهدًا لنا لا علينا وسامحنا واغفر لنا واعف عنا إنك عفو كريم وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيك

اللهم اجعلنا من التوابين والمستغفرين كثيرا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيكِ منولة حبيبة القلب .

 

وجزاكِ الله عنا من الجنان أعلاها يا غالية .

 

بوركتى وبورك مجهودك الطيب حبيبتى ربي لا يحرمك الأجر .

 

ويسعد قلبك بأحبابك حبيبتى .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

بارك الله فيك

اللهم اجعلنا من التوابين والمستغفرين كثيرا

 

اللهم آمين

 

رب يبارك فيكِ يويو الحبيبة ولا يحرمني منكن أبدًا

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،

 

بارك الله فيكِ منولة حبيبة القلب .

 

وجزاكِ الله عنا من الجنان أعلاها يا غالية .

 

بوركتى وبورك مجهودك الطيب حبيبتى ربي لا يحرمك الأجر .

 

ويسعد قلبك بأحبابك حبيبتى .

 

 

ويبارك فيكِ ويسعدك في الدرين أخيتي وحبيبتي في الله

 

ولا يحرمني من دعائك الطيب أبدًا ويتقبل منك الدعاء لك ولي

 

ولجميع أخوات طريق الإسلام والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات

 

فهو سبحانه مجيب الدعاء الغفور الرحيم وصلي الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

وفي الانتظار.. تفضلي هذه :) وأرجو أن تروق لكِ يا غالية

https://akhawat.islamway.net/forum/index.ph...p;#entry3240051

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

وفي الانتظار.. تفضلي هذه :) وأرجو أن تروق لكِ يا غالية

http://akhawat.islam...p;#entry3240051

 

@أضاليا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

 

انتِ فين يا غالية ما عدت أرى اسمك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×