اذهبي الى المحتوى
صحبة الأخيار

--> النسخة الأخيرة من علماء "السلف"

المشاركات التي تم ترشيحها

 

لقد توالت في الفترة الماضية أحداث فقد سلسلة من العلماء الذهبية وكان من ضمنها محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الألباني .. فتعالوا بنا نتعرف على هذا العالم الفذ - رحمه الله تعالى - وجمعه مع الصديقين والنبيين والصالحين والشهداء ..

 

*من ألبانيا إلى الشام :

ولد عام 1333 هـ ( 1914 م ) في مدينة أشقودرة ، عاصمة ألبانيا حينئذ ، وكانت أسرته فقيرة ومتدينة ، يغلب عليها الطابع العلمي ، فقد كان والده من كبار علماء الحنفية في بلده . ومع سيطرة الشيوعيين على مقاليد الحكم في ألبانيا وتضييقهم على المسلمين ، هاجرت أسرة الشيخ إلى الشام فرارا بدينها وعقيدتها ، وهناك استقرت الأسرة ونشأ الشيخ ؛ حيث تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الإسعاف الخيرية .

 

*البدايات العلمية :

عندما أنهى الشيخ – رحمه الله – دراسته الابتدائية ؛ فضل والده عدم استمراره في المدارس النظامية ، فخصص له برنامجا علميا مركزا اشتمل على تعلم القرآن ، والتجويد ، والصرف ، والفقه الحنفي ، إضافة إلى بعض علوم اللغة العربية ، والدين على أيدي بعض المشايخ من أصدقاء والده .

وقد أظهر الشيخ نبوغا مبكرا وألمعية أهلته أن ينال الإجازة من الشيخ محمد راغب الطباخ – شيخ حلب حينها – في الرواية عنه من ثبته المسمى " الأنوار الجلية في مختصر الأثبات الحلبية " . وكان للشيخ - رحمه الله – ولع بالبحث والمطالعة ، لكن ولعه الشديد بالحديث له قصة يرويها الشيخ فيقول " … ذات يوم لاحظت بين الكتب المعروضة لدى الباعة جزءاً من مجلة " المنار " فاطلعت عليه ، ووقعت فيه على بحث بقلم السيد رشيد رضا ، يصف فيه كتاب " الإحياء " للغزالي ، ويشير إلى محاسنه ومآخذه ، ولأول مرة أواجه مثل هذا النقد العملي ، فاجتذبني ذلك إلى مطالعة الجزء كله ، ثم أمضي لأتابع موضوع تخريج الحافظ العراقي على الإحياء في كتابه " ( المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار ) ورأيتني أسعى لاستئجاره لأني لا أملك ثمنه ، ومن ثم أقبلت على قراءة الكتاب : فاستهواني ذلك التخريج الدقيق حتى صممت على نسخه …. " وهكذا بدأ ولع الشيخ بالحديث : فانكب على قراءة كتب الحديث في المكتبة الظاهرية بدمشق ، مضحيا في سبيل ذلك بمهنته التي أخذها عن والده ، وأجاد فيها حتى اشتهر بها وهي إصلاح الساعات ، حتى لم يجعل لها سوى يومين في الأسبوع ، ليتفرغ بقية الأيام للبحث والمطالعة والقراءة في المكتبة .

وقد كانت صنعته في إصلاح الساعات ميزة له ، فهو ( يقول الدكتور عبد الرحمن المحمود ) " أستاذ العقيدة بجامعة الإمام " : " من العلماء القلائل الذين كانت لهم صنعة . وقد كان لكل نبي صنعة يكتسب منها ؛ فتعلم الألباني إصلاح الساعات وكان حاذقا في هذه المهنة ، فكان لذلك أثر كبير من جهتين : إحداهما : أنه كان يأكل من كسب يده ، وهذا أطيب وأفضل الكسب . ثانيهما : أن انشغاله بهذه المهنة كان سببا في عزوفه عن الوظائف وتفرغه للعلم الشرعي تعلما وتعليماً " .

ولشدة استغراقه – رحمه الله – في القراءة ولطول انحنائه على الكتب ، أعطي نسخة من مفتاح المكتبة ليدخلها في أي ساعة يشاء ، كما خصصت له غرفة ليعكف فيها على قراءته وأبحاثه .

 

*يبحث عن ورقة … فيؤلف كتاباً !

من أعجب ما يروى عن نهم الشيخ الشديد ، وعشقه الذي لا يحد للحديث ؛ ما رواه أحد تلامذته وهو الشيخ محمد العباسي : " إنه كان يبقى طيلة يومه في المكتبة بلا طعام ، منهمكاً في القراءة والبحث حتى آتيه ، وأعلم أنه لم يأكل ، فأحضر له شيئا يأكله في أثناء قراءته " .

وفي إحدى المرات حين اشتد عليه المرض ، طلب منه الأطباء الامتناع عن تناول أي شيء عدا الماء لمدة أربعين يوما ففعل ، لكنه لم يتوقف عن القراءة والبحث ، ولم يفتر عن الدعوة وإلقاء الدروس ومزاولة عمله . وفي بدايات شبابه تأثرت صحته من شدة إقباله على القراءة وتقليب الكتب ، فدب فيه المرض ، ونصحه الأطباء بالراحة والامتناع عن الأعمال الكتابية ، فامتثل لنصحهم ، وأخذ " يسلي " نفسه بالبحث عن ورقة ضائعة من إحدى مخطوطات المكتبة الظاهرية ، فانتهى من بحثه بعد عدة شهور ، وتوج هذه " التسلية " بتأليف كتاب " فهرس مخطوطات الحديث " الموجود في المكتبة الظاهرية ! .

 

*خدمة السنة النبوية :

في العشرينات من عمره بدأ الشيخ – رحمه الله – مشوار التأليف و التصنيف ، فكان من أول مؤلفاته الفقهية المبنية على معرفة الدليل كتاب : " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد " . ومن أوائل تخاريجه الحديثية كتاب " الروض النضير في ترتيب معجم الطبراني الصغير " . ورغم أنه أول كتبه التخريجية إلا أنه لا يزال مخطوطاً حتى الآن .

استمرت رحلة الشيخ مع التأليف إلى أن جاوز عدد كتبه المائة كتاب ، ما بين تصنيف وتخريج ، وتحقيق . وتظهر آثار خدمته للسنة قيام نهضة حديثية في العالم الإسلامي كان من نتيجتها اهتمام الجامعات في البلدان الإسلامية بالحديث ، وتخصيص كليات وأقسام تعنى به ، وظهور كثير من الرسائل والكتب الحديثة المحققة ، والفهارس المصنفة ، وهي كلها لا تخلو من الإشارة إلى كتب الشيخ ، و العزو إليها والاستفادة منها . ويذكر للشيخ أنه ساهم في وضع القاعدة عادة " الإسناد " في الجامعة الإسلامية إبان تدريسه فيها .

ومن أعظم شواهد خدمته للسنة : مشروعه العلمي الضخم :" تقريب السنة بين يدي الأمة " ، حيث اعتنى بالسنن الأربعة " سنن النسائي " ، وأبي داود ، والترمذي وابن ماجة " ، وقسم أحاديثها إلى قسمين : صحيح وضعيف ، وهو مشروع كتب الله له أن يرى النور كاملاً .

 

*المنهج السلفي :

ظهرت آثار شغف الشيخ الألباني – رحمه الله – بالحديث في منهجه السلفي ، وتأثره كذلك بعكوفه على كتب الأعلام : ابن تيمية ، وابن القيم – رحمهما الله – وقد غدا الشيخ – لشدة تمسكه بهذا المنهج – علماً عليه في العصر الحديث .

 

*من الشام إلى الأردن :

حمل الشيخ رحمه الله لواء الدعوة إلى التوحيد ، والسنة ، ونبذ البدع ، والتعصب المذهبي في أرجاء الشام ، فقام بزيارات ومناقشات يشرح فيها مسائل الاتباع والتوحيد ؛ فوقف له متعصبو المذاهب ومشايخ الصوفية بالمرصاد ، واجتمع عليه المبتدعة وأثاروا عليه العامة والغوغاء ، وقالوا : إنه وهابي ضال ، ووشوا به لدى الحكام ، حتى سجن قرابة ستة أشهر ، ثم تعرض للطرد والتضييق حتى هاجر واستقر به المقام في الأردن ، وطوال حياته لم يسلم من الأذى ، وهو في كل ذلك صابر محتسب ، مستمسك بما ثبت عنده من صحيح السنة النبوية .

 

*التصفية والتربية :

كان للشيخ – رحمه الله – دعوته المشهورة إلى : " التصفية والتربية " والمقصود بها تصفية كتب الحديث والفقه من الأحاديث والآثار الضعيفة والموضوعة ، وتربية المسلمين على هذا المعين الصافي بفهم سلف الأمة . وقد تأثر كثير من تلامذته بأسلوبه العلمي والمنهجي الذي يقول عنه الشيخ محمد الشيباني – مدير مركز المخطوطات بدمشق - : إن منهج الشيخ يتمثل في :

- التقوى والحرص على التمسك بالكتاب والسنة .

- الصبر على بحث المسائل التي يمر به .

- إشباع أي موضوع بحثاً واستدلالاً .

- الصلابة في الحق ، والرجوع إلى الصواب متى علمه ، وقد كان يقول عن ذلك : إن هذا العلم متجدد ، ولا سيما مع هذه الطفرة العلمية في تحقيق الكتب وطباعتها ؛ فظهرت مخطوطات ومراجع لم تعرف من قبل ، فهل يمتنع عن إعادة النظر في الحكم على بعض النصوص لمجرد ألا يظهر في موقف متناقض .

- الأمانة العلمية الفائقة : فلا تجد حرفا في كتبه التي تجاوزت المائة إلا وهو الذي كتبه بقلمه ، ولا ينسب شيئا إلى نفسه مهما صغر ، إن لم يكن هو من كتبه فعلاً .

 

*ثناء :

ممن أثنوا على الشيخ الألباني الشيخ ابن باز – رحمهما الله – الذي قال عنه : " ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني ، عرفته قديما فهو من خيرة العلماء ، ومن أصحاب العقيدة الطيبة ، وممن فرغ وقته للعقيدة وخدمة السنة ، فهو جدير بكل اهتمام ، وجدير بأن ينتفع من مكتبته ، وأنا ممن يستفيد منها ، وهو أخ صالح وصاحب سنة ، وليس معصوماً ، فهو مثل غيره من العلماء " .

 

*الألباني في عيون تلاميذه :

يقول الشيخ محمد عيد العباسي : لقد لازمت شيخنا – رحمه الله – في حله وترحاله لمدة (40 ) أربعين سنة ؛ فتأثرت بزهده في الحياة ، وفي سبيل طلب العلم ولقد اختلفنا معه كثيرا في مسائل علمية ، لكنه لم يضق ذرعا منا ، بل كان واسع الصدر مع من يناقشه عن علم ودليل . وإذا وصل إلى مسألة ليس عنده فيها دليل سأل من حوله : ماذا تقولون فيها ؟ عندكم شيء في هذه المسألة ؟ ولم يكن يستنكف أن يقول لا أعلم .

ويقول الشيخ محمد إبراهيم شقرة الذي لازم الشيخ – رحمه الله – لمدة ( 37 ) سبعة وثلاثين سنة : لا يكاد يوجد نص في السنة وجد في كتاب أو سيوجد إلا بين عينيه دائماً . فيمكن أن نقول باطمئنان : كل حديث لم يعرفه الألباني فلا أصل له . تماما كما قيل عن ابن تيمية رحمه الله . ولقد رأيت من صبره وجلده في العلم عجباً ؛ فقد كان – رحمه الله – يمضي ( 18 ) ثمانية عشر سنة يكتب ويحقق ويخرج ، ولما كبرت سنة ولم يعد قادراً على دخول مكتبته كان يجلس ، ويطلب من أبنائه وزوجه الكتب التي يحتاج إليها في يومه . أ.هـ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم

اختي الغالية بارك الله فيك وفيما سطرت لنا وجعله في ميزان حسناتك

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

 

بارك الله فيكِ أختي الحبيبة على ما كتبتي

و رحم الله شيخنا الفاضل و جزاه خير الجزاء على ما قدمه لنا من علم غزير

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

 

جزاااااااااااااااااك الله كل خير حبيبتي ( بنت الاسلام السلفية) على ما كتبتي ......

رحمه الله وادخله فسيح جناته ونفع المسلمين بعلمه ........ اللهم آمييييييين .......

ما شاء الله .... نموذج للمسلم بجد ......

أسأل الله ان يجعلنا مثله ........ اللهم امييييييييييييين ...........

وصلى اللهم عللى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .......

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

مشاركة اكثر من رائعة

جزاك الله خيرا وجعلها في موازين حسناتك

ورحم الله العلامة الالباني

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

 

أخواتي الحبيبات ....

 

أم يس

 

أم سهيلة

 

كاندي مسلمة

 

أم أسماء ...

 

جزاكن الله خيرا .. وبارك فيكن ورزقنا العلم النافع وحسن الإتباع .

 

وهذا شيء من رد الجميل لهؤلاء العلماء الذين فنوا أعمارهم في سبيل رفع الجهل عنا .. اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم

 

جزاك الله اختي الكريمة بنت الاسلام

 

والله انا نحب الشيخ في الله ونحب كل من يحبه رحمه الله

 

 

اليكم الشيخ في محاضرة رائعة ظهر فيها تواضعه بكائه من خشية الله https://ar.islamway.net/bindex.php?section...5&scholar_id=47

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

ورثة الأنبياء هم مصابيح الدجى.. رحم الله الإمام الألباني رحمة واسعة، وجمعه الله وإيانا مع حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وجزاه الله خير الجزاء لقاء ما نافح ودافع عن سنة نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام.

 

وجزاكِ الله خيراً أخيتي الحبيبة بنت الإسلام السلفية على مواضيعك القيمة.. جعلها الله في موازين حسناتكِ.

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×