اذهبي الى المحتوى
سدرة المُنتهى 87

|*| وقفات منهجية تربوية من حياة الصحابة |*|

المشاركات التي تم ترشيحها

ما شاء الله ما هذا الجمال!!

وقفات رآآآئعة جدًا يحق لنا الوقوف عندها والتأمل فيها ثم التأسي والعمل بها ،،

أسأل الله أن ينفعَ بما قدمتِ حبيبتي أم جنى

وأن يجعلهً في ميزانِ حسناتكِ يَ غالية ،،

 

أتابعُ معكِ بإذن الرحمن ،،

تم تعديل بواسطة إيماني عنواني
  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

 

جزاكم الله خيرًا أخواتي على المرور العطر

بوركتن

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

اللهم زد وبارك ..وقفات رائعة

تحمل بين طياتها دروسا وحكم حريّ بنا التأسي والاقتداء بها

جزاك الله خيرا على هذه الدرر النافعة

(كل يوم كنت أقف على الموضوع وأسوِّف لقرائته :blush: )

 

أتابعك بإذن الله ..

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله

 

جزاك الله خيرًا أختي قطرة الندى على المرور والمتابعة

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

fwasel9.png

 

-9-

 

الوقفة العاشرة: البعد عن حب التصدر والشهرة

 

من منهج الصحابة ومن أثر تربية النبي صلى الله عليه وسلم البُـعد عن حب التصدر والشهرة، ويكفيك أن سيدهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم الصديق رضي الله عنه كان من أبعد الناس عن حب التصدر والظهور؛

بل كان قصده الأسمى وغايته العظمى في السقيفة أن تجتمع كلمة المسلمين وأن يوحد صفهم،

ولما رأى أن الكلمة قد قاربت على الاجتماع في السقيفة اعتذر عن الإمارة، ووكل إلى أهل الحل والعقد أن يختاروا عمر أو أبا عبيدة رضي الله عنهما.

 

fwasel93.png

 

وحب الظهور -كما يقال- من قواصم الظهور،

وقد كانوا من أبعد الناس عن ذلك؛ فهذا الصّديق رضي الله عنه يؤثر على نفسه، وهو يعرف أنه أحق الناس بذلك؛ لأن مراده وغايته أن يصلح أمر الأمة، وهذا عمر رضي الله عنه يُعارض أشد المعارضة، ويأبى أن يتولى غير أبي بكر لعلم عمر أن لا يتقدم أحد على أبي بكر في حياته، ولهذا قال الصّديق رضي الله عنه:

 

((والله ما سألتُ الإمارة في دعاء سرٍ ولا علانية، ولا تاقت لها نفسي، ولكن من باب الرحمة بهذه الأمة))

 

fwasel93.png

 

 

وهذا يدلنا على الخلل الواضح فيمن أراد التصدر والشهرة حتى يُقال: هذا فلان، وقال فلان، وجاء فلان... نعم هناك أحوال تستدعي من الإنسان أن يُظهر نفسه فيها إذا علم أن هذا الأمر لا يتم إلا بوجوده، فيتقدم.

لهذا قال بعض العلماء: مدح الشخص لنفسه تارة يكون مذمومًا، وتارة قد يكون محمودًا.

 

قال تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32]،

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم" (رواه مسلم).

 

وكان السلف الصالح على هذا المنهج، فقد كان الإمام أحمد يوصي تلاميذه فيقول:

((إياكـَ والشـهـرة، فإني قد بُليـتُ بـهـا)).

فحب الظهور من قواسم الظهور،، وحب تزكية النفس ينافي عبادة المتقين.

 

fwasel93.png

 

فشاهد القول: أن طالب العلم ينبغي أن يعلم أن حب تزكية النفس وحب الظهور يخالف منهج الصحابة الذي رباهم عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وإن من الآفات في مجتمع الصحوة الحرص على التصدر؛ فترى أن بعض الناس إذا صدره الناس وأثنوا عليه ربما تغلبه نفسه، وربما تقحمه نفسه في أمور فيها هلاكه بأن يقول بلا علم؛ لأنه إذا صدره الناس يصعب عليه أن يقول: لا أدري، وهذا لا شك من الجهالة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من حب التصدر بحديث كان بعض السلف يقول عنه:

((أشدُ ما وجدتُ من السنة هذا الحديث)).

 

وهو الحديث الذي أخرجه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"أول من تُسعر بهم النار ثلاثة: رجل قرأ القرآن وأقرأه، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: يا رب قرأت القرآن، وأقرأته فيك، قال: كذبت".

 

وانظر إلى الخطاب ما قال: أخطأت؛ لأن الخطأ يقابل الصواب، وإنما قال: كذبت لأن الكذب يخالف الصدق

((وإنما قرأت ليُقال قارئ، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى أُلقي في النار))

 

فالإنسان لا بد أن يحرص ويتفطن لهذا الأمر.

 

يــتـــبــــع بإذن الله تعالى،،

 

fwasel92.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

fwasel9.png

 

-10-

 

الوقفة الحادية عشرة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

 

ومن منهج الصحابة رضي الله عنهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه الشعيرة الواجبة التي هي وظيفة الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين، والتي فضل الله بها هذه الأمة على سائر الأمم، قال تعالى:

 

{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].

 

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا بد أن يكون بعلم وحلم، وهذا القيد لا بد منه لتؤتي دعوة الداعي ثمارها لأن الأمر بالمعروف إذا لم يكن بعلم أصبح أمرًا بالمنكر.

 

fwasel93.png

 

والنبي صلى الله عليه وسلم بدأ حياته وختمها آمرًا بالمعروف وناهيا عن المنكر ..

 

بل كل دعوته قائمة على المر بالمعروف والنهي عن المنكر، ففي اول دعوته البدء بالتوحيد، وفي آخرها الحث على التوحيد. فكان عليه الصلاة والسلام يحذر من اتخاذ القبور على المساجد، وحذر ودعا ربه أن لا يتخذ أو يجعل هناك عيد عند قبره،

 

وأوصى وكانت آخر كلماته: الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم،

 

وسار على نهجه أصحابه الكرام، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ومن قبله الصّديق في ساعة احتضاره يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينشر العلم...

يأتي شاب أنصاري وعمر في ساعاته الأخيرة، ويثني عليه ويذكر له ما فتح الله عليه وما أفاء الله عليه من النعم بفتح الأمصار، ومن دخول الناس في دين الله أفواجا، ثم يذهب ذلك الشاب الأنصاري .. وهنا وقفة:

 

وهي أن أصعب الأمور على النفس أن تنصح من مدحك، وأن تخطئ من أيّدك، فهذا قد يصعب على كثير إلا من رحم الله، فانظر إلى موقف ذلك الشاب يُثني على عمر ويذكر بعض فضائله ومناقبه وشمائله،

 

ثم لما ولى مدبرًا رأى عمر رضي الله عنه ثوب الشاب فيه إسبال يسترخي يمس الأرض، فقال: ((رُدوا عليّ الغلام))، وقال له: ((يا ابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأنقى لثوبك)) (أخرجه البخاري).

 

فهذا الخبر فيه فوائد منهجية كثيرة منها:

 

1/ استمرار صاحب العلم وداعي الخير في الأمر بالمعروف في كل أحواله.

2/ إن صاحب العلم لا يثنيه عن نشر علمه مدح مادحين، ولا ثناء مثنين، إن ثناء الناس على الشخص قد يحجب عنهم خيره، أو قد يضعف عن إيصال النصح لهم.

 

fwasel93.png

 

وانظر هذا في نفسك، فإن كنتَ معافى فاحمد الله، وإن كنتَ مبتلى فاسأل الله العافية، تجد أن صاحب المعروف إذا أخطأ أو عصى يصعب عليك تنبيهه، وكذلك المادح لك.

 

ولهذا رأينا من شيخنا ووالدنا الشيخ عبد العزيز بن باز عجبًا في هذا الشأن، وكذلك من فقيه الإسلام الشيخ صالح بن عثيمين رحمهما الله تعالى.

 

ترى الشاعر يصدح بقصيدته يمدح الشيخين فتجد الشيخ يقاطعه أمام الناس بلا مداهنة ولا مجاملة ويقول: هذا خطأ في العقيدة، وهذا غلو في القول، وهذا منكر من التصوف؛ مع أن المدح أما مجامع الناس، ولكن صاحب العلم والصدق والديانة لا يردعه عن إيصال الحق مدح المادحين ولا ثناء المثنين.

 

نعم هناك تلطف لمن أخطأ وتروى وأحسن الظن بمن أخطأ، لكن لا بد أن تبين له الخطأ.

 

يــتــبــع بــإذن الله تعالى،،

 

fwasel92.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

fwasel9.png

 

-11-

 

الوقفة الثانية عشرة: قصة صلح الحديبية

 

من مواقف رجوع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الحق.. هذا الموقف الذي كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. وفي الحقيقة إن هذا الحدث من أعظم الأحداث

ذلك أن كثيرا من العقول تأباه وترده في بداية الأمر وعند النظرة الأولى الظاهرة

 

وناهيك عما جاء في الروايات من أن عمر رضي الله عنه استبشع هذا الأمر في أوله وتكابر أن يكون هذا..

لكنه كعادته سرعان ما رجع إلى الحق عندما تبين له

 

fwasel93.png

 

 

يأتي كفار قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويملون عليه شروطهم ومنها:

((يا محمد من جاءك منّا مسلما ترده إلينا، ومن جاءنا منكم كافرا لا نرده لك))

 

لو أن هذا الشرط قُرئ على ملايين من المسلمين ولم يكن عند بعضهم خبر الحديبية لأنكره الجميع

ومع ذلك وافق النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك

فجاء عُـمـر مستنكرًا هذا الشرط

وقال: يا نبي الله! ألست نبي الله حقًا؟ قال: بلى

قال: ألسنا على الحق، وعدونا على الباطل؟ قال: بلى

قال:

فلِمَ نعطي الدَّنية في ديننا إذًا؟

قال: إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري،

قال: يا رسول الله! ألم تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟

قال: بلى. فأخبرتك أنا نأتيه العام؟

قال: لا

قال: فإنك آتيه ومطوف به

 

فذهب عُمر إلى الصّديق لعل الأمر يتغير وسأله كما سأل النبي

لكنّ الصّديق أجابه بما أجابه النبي وكان الجواب متطابقًا

 

قال ابن القيم: ((وتطابق العبارات، يدل على تطابق القلوب))

 

fwasel93.png

 

 

فما صبر عُمر لأنه كان شديدًا على الحق رضي الله عنه..

فالعقل لا يقبل هذا الصلح مع المشركين ولا هذا الشرط الذي في ظاهره أنه حيف وظلم وجور

لـكـن العاقــبة للمتقين

 

وتأمل سير القصة وانظر كيف سلّم عُمر وأذعن ولم يتردد؛ لأن هذا أمر شرعي لا مناقشة فيه ولا مجادلة

وهنا يأتي الامتثال لقول الله تعالى:

{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 36]

 

وفي الآية الأخرى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 56]

 

 

fwasel93.png

 

 

فقد تأتي الأدلة الشرعية من خلال كلام أهل العلم تخالف ما في النفوس من الشهوات، وتخالف ما في العقول من القناعات،

فينبغي على صاحبها أن يأطرها أطرًا، وأن يقودها إلى حظيرة الحق، وأن يسوقها سوقا جميلا.

 

وفي مواطن الفتن الكبيرة والنوازل قد تأتي بعض الفتاوى من كبار أهل العلم لا تقبلها النفوس

صحيح أنه قد يصعب على بعض الناس، ولكن يبقى الأدب الشرعي مع العلماء، ويبقى الأدب في المخالفة إن كان ولا بد أن تبدي وجهة نظرك

 

لكن الطامة والمصيبة أن يُطعَن في النيات وأن تُتهم المقاصد فهذا يهدم المجتمع ولا يبني ولا يصلح

وفي صلح الحديبية كان الشرط الذي في ظاهره حيف وظلم- كان في صالح الإسلام والمسلمين وجاءت قريش بنفسها راغمة ذليلة تسعى وتطلب من النبي صلى الله عليه وسلم إلغاء هذا الشرط

لِــمَ؟

لأن المسلمين الذين أسلموا أقاموا في منطقة أخرى بعيدا عن النبي وكانوا يقطعون على قريش طريق التجارة؛ فجاءوا صاغرين يطلبون إلغاء هذا الشرط الذي لا يقبله العقل في بادي الأمر

 

 

fwasel93.png

 

 

لكن من تأمل في النصوص، وفي مقاصد الشريعة، وأنها مبنية على جلب المصالح ودرء المفاسد وضحت له كثير من الصور جلية لا غبار فيها.

 

قال ابن عقيل الحنبلي: ((لو تمسك الناس بالنصوص الشرعية كما يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم لصلح كثير من أمورهم))

 

وفق الله الجميع للتمسك بالنصوص..

 

يتبع بإذن الله تعالى،،

 

fwasel92.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

fwasel9.png

 

-12-

 

الوقفة الثالثة عشر: التحذير من القول بلا علم

 

وهذا الأمر من الأساسيات والركائز في منهج الصحابة رضوان الله عليهم في جميع شؤونهم سواء أكان القول في الفتيا خاصة أو عامة مع أوليائهم أو مع أعدائهم.

 

فالقول على الله بلا علم من أكبر الذنوب؛ بل هو أعظم ذنب عُصي به الله تعالى. فإن قال قائل: أليس الشرك أعظم ذنب؟ قيل: بلى، لكن الشرك متفرع عن القول على الله بلا علم.

 

**ولهذا قال ابن القيم في (أعلام الموقعين):

((وقد حرم الله سبحانه القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء، وجعله من أعظم المحرمات، بل جعله في المرتبة العليا منها، فقد رتب الموبقات وبدأ بأخفها بالنسبة لما بعدها، وختم بأعظمها فقال:

(قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الأعراف: 33].

 

fwasel93.png

 

 

وقد حذا الصحابة في هذا نحو ما نصت عليه الآيات الكثيرة، واقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان عليه السلام يسأل عن الشيء ليس له به علم فيسكت كما في مسألة الروم، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (لا أدري) فيما ليس له به علم، ولم يأتِ به إليه وحي.

 

وعلى هذا المنهج نهج الصحابة رضوان الله عليهم

فتأتي الجَدة إلى الصديق رضي الله عنه فتسأله عن ميراثها فيقول: أما في كتاب الله فلا أجد لكِ شيئًا، وأما في السُنة فلا أعلم شيئًا، فيقوم المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فيقول فرض لها النبي صلى الله عليه وسلم السدس أو أعطاها السدس

فيقول الصديق: من يشهد معك؟

فيقوم محمد بن مسلمة رضي الله عنه فيؤكد مقولة المغيرة.

 

ويأتي ابن عمر رجل فيسأله عن شيء فيقول: لا أدري.

 

 

fwasel93.png

 

 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ بل كانوا يتورعون أشد التورع من أن يفتوا بما لم يتأكدوا من صحته، كما كانوا لا يترددون أن يتراجعوا عن قولهم إذا علموا أنه مخالف للدليل الشرعي.

 

فهذا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه يفتي رجلا في السوق فلما دخل الرجل في غمار الناس واختفى أثره تفطن أبو هريرة إلى خطئه فدخل في السوق فلتفت يمنة ويسرة يبحث عنه

فلما يئس من العثور عليه نادى في السوق يا أهل السوق من دلكم عن أبي هريرة أنه أفتى بكذا فقد أخطأ

وها أنا ذا راجع على أسماعكم.

 

فهذا هو الدين، وهذا هو الورع

 

 

fwasel93.png

 

 

وعلى هذا درج أئمة الإسلام؛ فالإمام ابن تيمية على جلالة قدره وعلى علو كعبه ورفعة منزلته في العلوم العقلية والنقليه- كان يتوقف عما لا يعلم، ولا يفتي بغير علم.

 

وابن حزم في كتابه (حجة الوداع) يقول: (قد تبين لي الأمر في أمر المناسك إلا في موضعين اثنين: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم النحر؛ هل صلى في مكة (في الحرم) أو في منى ثم قال: فمن استبان له ما أشكل علينا منه يوما ما فليثبت إلى ما جمعنا وليقتني بذلك الأجر من الله تعالى).

 

والإمام الذهبي توقف في عُمر سلمان الفارسي رضي الله عنه، وقال: فمن كان عنده علم فليفدنا.

 

وأيضًا سار على هذا أئمة الدين وعلى رأسهم أئمة الذاهب المتبوعة، وقد أحسن الناظم في نظمه مقولتهم؛ لأن كلا منهم يقول: حرام على من يأخذ قولي بغير دليل:

 

قال أبو حنيفة الإمام *** لا ينبغي لمن له إسلام

أخذًا بأقوالي حتى تُعرضا *** على الحديث والكتاب المرتضى

ومالك إمام دار الهجرة *** قال وقد أشار نحو الحجرة

كل الكلام منه ذو قبول *** ومنه مردود سوى الرسول

والشافعي قال: إن رأيتم *** قولي مخالفا لما رويت

من الحديث فاضربوا الجدار *** بقولي المخالف الأخبار

وأحمد قال لهم لا تكتبوا *** ما قلته بل أصل ذلك فاطلبوا

 

 

fwasel93.png

 

 

فمن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية ينبغي لطالب العلم أن يأخذ منها العلم والأدب بها، وأن يعرف خطورة القول على الله بلا علم وأن لا يتردد أو يتحرج إذا أخطأ أن يقول: أخطأتُ، وإذا خالف الدليل أن يقول: خالفتُ الدليل

 

فهذا من الديانة؛ بل من أعظم القربات ...

ولهذا كان السلف رحمهم الله يورثون طلابهم قول: (لا أدري)!!

 

 

 

يـتـبع بإذن الله تعالى‘‘

 

fwasel92.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

-12-

 

الوقفة الرابعة عشر: حرص الصحابة على طلب العلم

 

لقد عني الصحابة بطلب العلم فاجتهدوا في ذلك وحرصوا عليه، والأمثلة في ذلك كثيرة.

لذا يقال لمن يتولى تربية شباب المسلمين: اعلم أن منهج الصحابة في التربية أنهم يربون ناشئتهم وشبابهم على العلم الشرعي في أقوالهم وأفعالهم وفي جميع تصرفاتهم، ولا يُفهم من هذا أنه يلزم كل أحد أن يجثو على ركبتيه عند أهل العلم، بل المراد: أن من تتولى تربيتهم ينبغي أن يُصحح منهجهم على حسب الأدلة الشرعية، وأن ينشئهم نشأة صالحة، لذلك كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول:

كنا لا نتجاوز عشر آيات حتى نعلمها ونعمل بها.

وذكر ابن تيمية في مقدمة التفسير أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعني بتعليم الصحابة العلم بمعاني الآيات كما يلقنهم حروف الآيات وألفاظها.

فيلزم من يتولى تربية شباب المسلمين أن يعلم أن منهج الصحابة أنهم يربون ناشئتهم وفق الدلة الشرعية في جميع أمورهم، وأن من الظلم لهؤلاء الشبيبة ولأمهاتهم وآبائهم أن ينشأوا على مذاهب مخالفة لمنهج سلف الأمة. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:

ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه

(أخرجه أبو داود، وصححه الحاكم في المستدرك ووافقه الذهبي)، وأي خيانة أعظم من أن تُربَى الشبيبة على غير الطريقة الشرعية الموافقة لمنهج سلف الأمة.

فالحذر كل الحذر من تضييع الأمانة، وليس المراد منهج التجمع وكثرة السواد، فو الله إن شابًا واحدًا ينشأ على علم شرعي خير للمسلمين من مئات الألوف من مثله ممن لم يتربَ على علم شرعي بل تربى على عواطف جياشة.

فهذا سماحة الشيخ ابن باز، لو لم يكن للشيخ محمد بن إبراهيم إلا هذا العالم الفحل لكفاه فخرًا، ولو لم يكن للشيخ عبد الرحمن السعدي إلا ذلك الفقيه الفحل ابن عثيمين لكفاه فخرًا. فكيف إذا كان معهم ثلة من إخوانهم ممن مات قبلهم أو بعدهم، وممن لا يزال حيًا يقوم بدره ويؤدي رسالته على الوجه الأكمل.

فلينظر من يتولى تربية الشباب وليعلم أن هذه مسؤولية عظيمة، إن أحسن فليبشر بالخير من الله ثم من الناس بالدعاء، وإن كانت الأخرى فلا يجني جانٍ إلا على نفسه.

 

*~*~*~*

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع ماتع ومفيد واللهم بارك

جزى الله خيرا الشيخ عبد العزيز السدحان، وأكرمكِ تعالى على حسن الانتقاء أختي الحبيبة

اقتباس

قال ابن عقيل الحنبلي: ((لو تمسك الناس بالنصوص الشرعية كما يتمسكون بعاداتهم وتقاليدهم لصلح كثير من أمورهم))

بارك الله فيكِ

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك
في ٢٦‏/٦‏/١٤٣٩ هـ at 07:07, قالت زمرده1:

جزاك الله خير مجهود رائع جدًا

جزانا الله وإياكم خيرًا يا أخية 🙂

في ١٦‏/٣‏/١٤٤٠ هـ at 02:04, قالت امة من اماء الله:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع ماتع ومفيد واللهم بارك

جزى الله خيرا الشيخ عبد العزيز السدحان، وأكرمكِ تعالى على حسن الانتقاء أختي الحبيبة

بارك الله فيكِ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،،

اللهم آمين وإياكم، أكرمكِ الله تعالى ورفع قدركِ~

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×