اذهبي الى المحتوى
*إشراقة فجر*

|| دروبُ العزّة في غزوات النبيّ العدنان ||

المشاركات التي تم ترشيحها

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة بدر الصغرى

63279hlmjo.gif

 

 

خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم للموعد

لما خضد المسلمون شوكة الأعراب، وكفوا شرهم، أخذوا يتجهزون لملاقاة عدوهم الأكبر، فقد استدار العام وحضر الموعد المضروب مع قريش في غزوة أحد، وحق لمحمد صلى الله عليه وسلم وصحبه أن يخرجوا؛ ليواجهوا أبا سفيان وقومه، وأن يديروا رحى الحرب كرة أخرى حتى يستقر الأمر لأهدي الفريقين وأجدرهما بالبقاء [1]‏.‏

ففي شعبان سنة 4هـ/ يناير سنة 626م خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لموعده في ألف وخمسمائة، وكانت الخيل عشرة أفراس، وحمل لواءه على بن أبي طالب، واستخلف على المدينة عبد الله بن رواحة، وانتهي إلى بدر، فأقام بها ينتظر المشركين‏.‏

وأما أبو سفيان بن حرب فخرج في ألفين من مشركي مكة، ومعهم خمسون فرساً، حتى انتهي إلى مَرِّ الظَّهْرَان على بعد مرحلة من مكة فنزل بمَجَنَّة ـ ماء في تلك الناحية‏.‏

63279hlmjo.gif

انتصار المسلمين بالرعب

خرج أبو سفيان من مكة متثاقلاً يفكر في عقبي القتال مع المسلمين، وقد أخذه الرعب، واستولت على مشاعره الهيبة، فلما نزل بمر الظهران خار عزمه، فاحتال للرجوع، وقال لأصحابه‏:‏ يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عام خصب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا‏.‏

ويبدو أن الخوف والهيبة كانت مستولية على مشاعر الجيش أيضاً، فقد رجع الناس ولم يبدوا أي معارضة لهذا الرأي، ولا أي إصرار وإلحاح على مواصلة السير للقاء المسلمين‏.‏

وأما المسلمون فأقاموا ببدر ثمانية أيام ينتظرون العدو، وباعوا ما معهم من التجارة فربحوا بدرهم درهمين، ثم رجعوا إلى المدينة وقد انتقل زمام المفاجأة إلى أيديهم، وتوطدت هيبتهم في النفوس، وسادوا على الموقف‏.‏

وتعرف هذه الغزوة ببدر الموعد، وبدر الثانية، وبدر الآخرة، وبدر الصغرى [2].

 

---------------------------------

المصدر:معاذ عليان: سلسلة الإسلام يتحدى - غزوات الإسلام تتحدى البهتان، دراسة مقارنة حول أخلاق الحروب بين الإسلام والمسيحية، ص161- 163.

[1] كلمة لمحمد الغزالي في فقه السيرة (ص315).

[2] انظر لتفصيل هذه الغزوة ابن هشام (2/209- 210)، زاد المعاد (2/112).

معاذ عليان

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمته وبركاته

جزاكن الله خيرا يا حبيبات

اللهم بارك

نسأل الله النصر من عنده

فوقف بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم ـ يطلب عفوه مرة ثانية، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم ـ أمر بقتله، وقال كلمته التي صارت مثلاً: ( لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) رواه البخاري .

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

سبحان الله !!!

إنتصار وربح تجارة : )

نسأل الله النصر للأمة الإسلامية دون إراقت الدماء

بركتِ يا حبيبة

من المتابعين بعون الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@

جزاكنّ الله خيرًا يا غاليات ()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة دومة الجندل لخمسٍ بقين من ربيع الأول:

تسميتها وموقعها:

 

دومة الجندل -بضم الدال- بينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة, وسميت بدمى بن إسماعيل ـ عليه السلام ـ لأنه نزلها , قال ابن كثير: "دومة الجندل ـبضم الدال وبفتحهاـ هي ما بين برك الغماد ومكة, وقيل أيضاً: أنها ما بين الحجاز والشام, والمعنى واحد, وان اختلفت العبارة, ودومة هذه على عشرة مراحل من المدينة". وقال ابن القيم: "دومة الجندل ـبضم الدال وليس بفتحهاـ إذ بالفتح هي منطقة أخرى".

 

 

63279hlmjo.gif

 

سبب الغزوة:

 

لم تتأدب القبائل كلها, بل تأدبت التي وصل إليها المسلمون فقط, واغتر غيرها من الأعراب, وظنوا أن بإمكانهم غزو المدينة, وأن غيرهم ليس مثلهم, فهم يستطيعون تحقيق ما لا يستطيعه غيرهم, ومن هؤلاء المغرورين الأعراب الذين حول دومة الجندل, فبعد مرور ستة أشهر من عودة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من غزوة بدر الصغرى جاءت إليه الأخبار أن القبائل حول دومة الجندل قريباً من الشام تقطع الطريق هناك, وتنهب ما يمر بها, وأنها قد حشدت جمعاً كبيراً تريد أن تهاجم المدينة فقرر حينئذٍ تأديبهم.

 

63279hlmjo.gif

 

 

خروج النبي -صلى الله عليه وسلم:

 

وهكذا عزم النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ للخروج إلى دومة الجندل, فاستعمل على المدينة سباع بن عرفطة الغفاري, رضي الله عنه, وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه ألف من المسلمين, وأخذ دليلاً للطريق رجلاً يقال له "مذكور".

 

وكان -عليه الصلاة والسلام- يسير ليلاً ويكمن نهاراً؛ ليباغت العدو, فلما دنا من دومة الجندل أخبره دليله بسوائم بني تميم, فسار -عليه الصلاة والسلام- حتى هجم على ماشيتهم ورعائهم فأصاب من أصاب, وهرب من هرب في كل واد, وجاء الخبر أهل دومة الجندل فتفرقوا, فنزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بساحتهم فلم يجد أحداً, فأقام بها أياماً, وبث السرايا ثم رجع بمن معه وقد أخذوا كثيراً من حيوانات ورعاء كانت لبني تميم, وأثناء العودة عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع عيينة بن حصن معاهدة عدم اعتداء , وسمح لعيينة أن يرعى بأراضي المسلمين؛ لأنه اشتكى جدب أراضي فزارة.

 

وكان مما حدث بعد هذه الغزوة أن محمد بن مسلمة أخذ رجلاً منهم, فأتى به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن أصحابه, فقال هربوا أمس فعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الإسلام فأسلم, ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة غانما منتصراً.

 

63279hlmjo.gif

 

 

 

الفوائد والعبر من غزوة الجندل:

 

1- بيان ما كان من الفوضى في تلك الديار قبل الإسلام؛ بدليل وجود عصابات تلصص تؤذي المارة وتسلب أموالهم.

 

2- بيان ما أدى الرسول -صلى الله عليه وسلم- من كمال السياسة وحسنها؛ إذ خروجه إلى دومة الجندل حقق عدة أهداف شريفة, منها إرعاب الروم, ورفع الظلم والدعوة إلى الإسلام.

 

3- بيان مصداق قوله -صلى الله عليه وسلم- "نصرت بالرعب مسيرة شهر" إذ بمجرد أن علم الظلمة بخروج النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم حتى تفرقوا منهزمين, مع أن المسافة بينه وبينهم طويلة.

 

4- مشروعية أخذ الغنائم في الإسلام وحليتها لهذه الأمة المجاهدة المقيمة للعدل, الناشرة للهدى والخير بين من تظلهم راية الإسلام.

 

5- انتصارات المسلمين أرهبت المنافقين في المدينة مما حملهم على عقد الموالاة مع اليهود.

 

6- اختفاء القبائل المعادية للمسلمين واحدة تلو الأخرى خوفاً من المسلمين.

 

7- ازدياد دخول الناس في دين الإسلام.

 

[1].

------------

 

[1] تمت استفادة الدرس من المراجع الآتية: 1- البداية والنهاية, لـ(ابن كثير). 2- السيرة النبوية, لـ(ابن هشام). 3- التاريخ الإسلامي, لـ(محمود شاكر). 4- الرحيق المختوم, لـ(المباركفوري). 5- فقه السيرة, لـ(الغزالــي). 6- زاد المعـاد في هدي خير العباد, لـ(ابن القيـم). 7- هذا الحبيب يـا مُحِبّ, لـ(أبي بكر الجزائري)

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

 

غزوة بني المصطلق (المريسيع) دروس وعبر

 

17637.gif

 

هذه الغزوة من الغزوات الهامة في حياة المسلمين في عهدهم الأول، لأنها كانت مرتعاً خصباً للمنافقين، حيث اتخذوا فيها صنوفاً من الكيد للإسلام والمسلمين، ولنبي الإسلام ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد حاولوا تمزيق وحدة المسلمين بإيجاد الشقاق بين المهاجرين والأنصار، وإعادة النعرة لجاهلية، كما وقعت فيها حادثة الإفك..

63279hlmjo.gif

 

وهذه الغزوة وإن لم تكن كبيرة من الناحية العسكرية، إلا أنها اشتملت على أحداث جسام، وافتضح فيها المنافقون.. وتسمى هذه الغزوة بغزوة المريسيع وهو ماء لبني خزاعة، أوغزوة بني المصطلق وهم من بطن خزاعة، وقد ساهموا مع قوات قريش في معركة أحد..

 

جرت أحداثها في شعبان سنة خمس عند عامة أهل المغازي، وسنة ست على قول ابن إسحاق ..

63279hlmjo.gif

 

وسببها أنه لما بلغ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الحارث بن أبي ضرار - رأس وسيد بني المصطلق ـ سار في قومه، وبعض من حالفه من العرب، يريدون حرب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وقد ابتاعوا خيلاً وسلاحاً، واستعدوا للهجوم على المدينة، بعث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بريدة بن الحصيب الأسلمي ، ليستطلع له خبر القوم، فرجع بريدة وأكد للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صحة هذه الأخبار.. فأسرع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الخروج إليهم في سبعمائة مقاتل وثلاثين فرسا، وحيث إنهم كانوا ممن بلغتهم دعوة الإسلام، وكانوا قد شاركوا في غزوة أحد ضمن جيش المشركين، أغار عليهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهم غارُّون (غافلون).. فعن عبد الله بن عمر قال: ( أغار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على بني المصطلق وهم غارُّون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم، وسبى سبيهم، وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث )( البخاري ).

63279hlmjo.gif

 

وفي هذه الغزوة كشف المنافقون عن مدى حقدهم على الإسلام وعلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فقد ازدادوا غيظا بالنصر الذي تحقق للمسلمين، وسعوا إلى إثارة العصبية بين المهاجرين والأنصار، فلما فشلت محاولتهم، سعى عبد الله بن أبي بن سلول ـ رأس المنافقين ـ إلى عرقلة جهود الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدعوة، و منع الأموال من أن تدفع لذلك، وتوعد بإخراج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المدينة عند العودة إليها، وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .

63279hlmjo.gif

 

وحين علم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بذلك، استدعاه هو وأصحابه ـ المنافقين ـ ، فأنكروا ذلك، وحلفوا بأنهم لم يقولوا شيئا، فأنزل الله سورة المنافقين، وفيها تكذيب لهم ولأيمانهم الكاذبة، وتأكيد وتصديق لما نقله عنهم الصحابي زيد بن أرقم ، وذلك في قول الله تعالى:{هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} (المنافقون8:7)..

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

ولقد استأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول في قتل أبيه لما قاله عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فنهاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذلك، وأمره بحسن صحبته ..

 

ومن خلال أحداث هذه الغزوة، يمكن استخلاص العديد من الدلالات والدروس الهامة، وهي كثيرة، منها:

 

فضل جويرية بنت الحارث

 

كان من بين الأسرى الذين أسرهم المسلمون جويرية بنت الحارث بن ضرار سيد قومه، وكانت بركة على قومها، فقد ذكرت ـ أم المؤمنين ـ عائشة ( أن جويرية أتت إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالت له: قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس ، فكاتبته على نفسي، فجئت أستعينك على كتابي.. فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهل لك في خير من ذلك؟، قالت: وما هو يا رسول الله؟، قال: أقض عنك كتابك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول الله قد فعلت.. قالت( عائشة ): وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تزوج جويرية بنت الحارث ، فقال الناس أصهار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأرسلوا ما في أيديهم من سبايا بني المصطلق.. فلقد أعتق تزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق، فما أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها ) ( أحمد )..

63279hlmjo.gif

 

ومن ثم تعتبر غزوة بني المصطلق (المريسيع) من الغزوات الفريدة المباركة التي أسلمت عقبها قبيلة بأسرها، وكان زواج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجويرية ـ رضي الله عنها ـ السبب في ذلك، إذ استكثر الصحابة على أنفسهم، أن يكون أصهار رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحت أيديهم أسرى، فأعتقوهم جميعا، وهذه صورة من صور الحب والأدب من الصحابة مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أدت إلى إسلام القبيلة كلها..

 

لقد كان زواج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من جويرية بنت الحارث ـ رضي الله عنها ـ له أبعاده وأهدافه، والتي تحققت بإسلام قومها، فكثر عدد المسلمين، وعاد هذا الزواج على المسلمين بالدعم المادي والمعنوي..

 

وكانت ـ رضي الله عنها ـ مع عبادتها وصلاحها، تروي من أحاديث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولقد حدَّث عنها عبد الله بن عباس وكريب ومجاهد ويحيى بن مالك الأزدي ، وبلغت أحاديثها سبعة، أضافت بها ـ إلى شرف صحبة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأمومتها للمسلمين ـ تبليغها للأمة ما تيسر لها من أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ...

akhawat_islamway_1450556410____3.png

لا.. للعصبية والفرقة

 

عند ماء المريسيع كشف المنافقون عن حقدهم الذي يضمرونه للإسلام والمسلمين، فسعوا ـ كعادتهم دائما إلى يومنا هذا ـ إلى محاولة التفريق بين المسلمين، فبعد انتهاء الغزوة ـ كما يقول جابر بن عبدالله : ( كسع(ضرب) رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجري: يا للمهاجرين.. فاستثمر المنافقون ـ وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن سلول هذا الموقف، وحرضوا الأنصار على المهاجرين، فسمع ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقال: ما بال دعوى الجاهلية؟، قالوا يا رسول الله: كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعوها فإنها منتنة ) ( البخاري ).

 

فمع أن اسم المهاجرين والأنصار من الأسماء الشريفة التي تدل على شرف أصحابها، وقد سماهم الله بها على سبيل المدح لهم، فقال تعالى: { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ...}(التوبة: من الآية100)، إلا أن هذه الأسماء لما استعملت الاستعمال الخاطئ لتفريق المسلمين وإحياء للعصبية الجاهلية، أنكر ذلك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إنكارا شديدا، وقال قولته الشديدة: ( دعوها فإنها منتنة )، وذلك حفاظا على وحدة الصف للمسلمين.. فالإسلام ينبذ العصبية بجميع ألوانها، سواء كانت عصبية تقوم على القبلية، أو الجنس، أو اللون أو غير ذلك...

63279hlmjo.gif

 

عزة الإيمان وذل النفاق

 

ظهر ذلك في موقف عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ، لما سمع بما قاله أبوه " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل"، فقال لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " بلغني أنك تريد قتل أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلا فمرني به، وإني لأخشى أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي على الأرض فأقتله، فأقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار ".. فنهاه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال له: (بر أباك، وأحسن صحبته ) ( ابن حبان ).

 

فلما وصل المسلمون مشارف المدينة، تصدى عبد الله لأبيه، وقال له: قف والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالدخول، فأذن له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. فظهر بذلك مَنِ العزيز ومَنِ الذليل.. ولقد ضرب عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ـ رضي الله عنه ـ بهذا الموقف مثالا عمليا للإيمان في أوثق عراه، وهو الولاء والبراء ..

63279hlmjo.gif

 

حكمة وصبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ

 

قابل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما فعله عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ، بمثال رفيع في الحكمة والصبر، والعفو وحسن الصحبة، فلو أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو أذن لعبد الله بن عبد الله بن أبي بقتل أبيه لقتله، لكنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له: ( بر أباك وأحسن صحبته ).. فلم يكن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينتقم أو يغضب لنفسه، بل يغضب لله عز وجل..

 

ثم إن هذا الموقف من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيه محافظة على وحدة الصف الداخلية، وعلى السمعة الطيبة، ففرق كبير بين أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وبين أن يتحدث الناس عن حب أصحاب محمد محمداـ صلى الله عليه وسلم ـ ...

 

وهكذا كانت هذه الغزوة رغم صغرها من الناحية العسكرية، إلا أن فيها من الدروس والمعاني الكثير، التي ينبغي أن يقف المسلمون معها للاستفادة منها في واقعهم ...

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

 

غزوة الأحزاب في شوال من السنة الخامسة للهجرة

63279hlmjo.gif

 

شهر شوال وقعت فيه غزوة كبرى ومعركة عظمى أنزل الله سبحانه وتعالى فيها سورة كاملة سماها باسم هذه الغزوة إنها غزوة الأحزاب التي وقعت سنة خمس من الهجرة.

 

إن هذه المعركة لم تكن معركة حربية مباشرة وإنما كانت حرب أعصاب لم يجري فيها قتال ومع ذلك بلغ فيها الخوف بالناس مبلغة وزاغت فيها القلوب والأبصار وظن الناس فيها بالله الظنونا فكانت من أحسم المعارك في الإسلام حيث أيقن الكفار بعد هذه الغزوة أنه لا يمكن أبداً لأي أحد أن يطفئ نور الله أو يقضي على دين الإسلام بل قال الرسول عليه الصلاة والسلام بعد هذه الغزوة " الآن نغزوهم ولا يغزونا " أي أن الحرب ستتحول بعد هذه المعركة من الدفاع إلى الهجوم.

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

رأى اليهود أن الأيام تجري لصالح المسلمين وأن نفوذهم يتمدد وسلطانهم يتوسع فقاموا يعدون العدة لمؤامرة جديدة وغدر جديدة وذلك بتوجيه ضربة للمسلمين تكون ضربة قاضية لا حياة للمسلمين بعدها.

 

لم يستطع هؤلاء الجبناء أن يوجهوا الضربة بمفردهم فخرج عشرون رجلاً من كبار زعمائهم يحرضون القبائل على حرب الإسلام ويحثونهم على القضاء على المسلمين ويعدونهم بتقديم الغالي والرخيص في سبيل ذلك فوافقت كل القبائل التي نزلوا عليها وافقت قريش ووافقت غطفان وكنانة وبنو فزارة وبنو سليم وبنو مرة وبنو أسد وأشجع وغيرهم ممن نجح اليهود في ضمهم إلى تحالف الشر من أجل القضاء على الإرهاب الإسلامي وضربه ضربة قاصمة.

 

وماهي إلا أيام حتى اجتمع حوالي عشرة الآلاف مقاتل من كل القبائل واتجهوا بجموعهم وأحزابهم وقضهم وقضيضهم نحو مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

إنهم جموع هائلة وأعداد كبيرة جداً تفوق عدد كل المسلمين الموجودين في المدينة بمن فيهم النساء والأطفال والشيوخ ولو بلغ هؤلاء إلى أسوار المدينة فجأة فإن خطرهم على المسلمين لن يقاس خاصة وأنهم جاءوا بغيظهم وحنقهم يريدون استئصال شأفة المسلمين وإبادتهم عن بكرة أبيهم.

 

ولكن القائد الأعلى للجيش الإسلامي نبينا - صلى الله عليه وسلم - لم يكن غافلاً عن تحركات الأعداء فقد كان - صلى الله عليه وسلم - واضعاً أصابعه على نبضات قلوب أعدائه يعلم تحركاتهم ويتحسس أخبارهم ويجري اتصالاته مع استخباراته في كل وقت وحين.

 

علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الزحف الخطير والجيش العرمرم الذي تحرك نحو المدينة فعقد - صلى الله عليه وسلم - مجلساً استشارياً عاجلاً تناول فيه الخطة العسكرية المناسبة للدفاع عن المدينة.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

وبعد مناقشات طويلة جرت بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين أركان حربه وقادة ألويته اتفق المسلمون على قرار بديع قدمه الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه وأرضاه قال سلمان يا رسول الله إنا كنا في فارس إذا حوصرنا خندقنا فأعجب الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الخطة الحكيمة التي لم تكن معروفة لدى العرب من قبل.

 

أسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - في تنفيذ الخطة وأمر كل عشرة رجال أن يحفروا أربعين ذراعاً فقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق ومعهم رسولهم - صلى الله عليه وسلم - يشاركهم الحفر وهو يقول:

اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة... فاغفر للأنصار والمهاجرة

فرد الصحابة رضي الله عنهم على رسولهم - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له:

نحن الذين بايعوا محمدا... على الجهاد ما بقينا أبدا

وأخذوا يرتجزون الأشعار في أثناء حفرهم للخندق ويحدون بها بأصواتهم العذبة الجميلة

 

كان الجو بارداً والجوع شديداً والعمل دؤوبا ومستمراً ولم يذق المسلمون ذوقاً للطعام ثلاثة أيام متتالية حتى قال أنس رضي الله عنه: كان أهل الخندق يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهالة سنخة توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق ولها ريح منتن.

 

واشتكى بعضهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة الجوع ورفعوا عن بطونهم فإذا هي معصوبة بحجر فكشف لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه الشريفة وهي مربوطة بحجرين.

 

رأى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما هذا المشهد المبكي لحال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما أصابه من الجهد والجوع فذبح بهيمة وأمر زوجته أن تطحن صاعا من شعير ثم التمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراً أن يأتي في نفر من أصحابه، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بدعوة أهل الخندق كلهم، وكانوا ألف نفر فخاف جابر واحترج إلا أنهم أكلوا جميعاً من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت برمة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو معجزة وكرامة وبركة من بركات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

في تلك الأثناء وبينما المسلمون يحفرون الخندق اعترضتهم صخرة كبيرة لا تنفع منها المعاول فاشتكوا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء وأخذ المعول فقال: بسم الله ثم ضرب ضربة، وقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال: الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصار قصر المدائن الأبيض الآن، ثم ضرب الثالثة، فقال: بسم الله، فقطع بقية الحجر، فقال: الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصار أبواب صنعاء من مكاني.

 

اكتمل الحفر حسب الخطة المرسومة قبل أن يصل الجيش الوثني إلى المدينة فلما وصلوا بجموعهم وقواتهم تفاجأ المنافقون وضعفاء النفوس بهذا الجمع الهائل وخافوا أن يتجاوزوا الخندق ويصلوا إليهم وأخذوا يقولون يعدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقصور كسرى وقيصر وأحدنا لا يستطيع أن يبول ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا فأنزل الله: (وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) [الأحزاب: 12] (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا) [الأحزاب: 22].

 

خرج الجيش الإسلامي في ثلاثة الآلاف مقاتل وتحصنوا حول الخندق الذي كان يحول بينهم وبين الكفار وكان شعارهم حم لا ينصرون.

 

تفاجأ المشركون بالخندق وقالوا مكيدة لا تعرفها العرب فقرروا أن يضربوا على المسلمين الحصار وأخذوا يدورون حول الخندق علهم أن يجدوا فيه نقطة ضعف أو مكاناً يستطيعون التسلل منه إلا أن المسلمين كانوا لهم بالمرصاد يضربون بسهامهم ونبالهم كل من حاول الاقتراب منه أو عبوره أو دفنه.

 

ضاق فرسان قريش وشجعانها من هذا الحصار والانتظار فقرروا الاقتحام وتيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فاقتحموه وعبروا منه فخرج إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعه رجال فوارس أشداء فأخذوا عليهم الثغرة التي دخلوا منها فطلب عمرو بن ود الخزاعي من علي رضي الله عنه المبارزة والمواجهة وجهاً لوجه وقام بذبح فرسه وضرب وجهه تحدياً وتجبراً فانتدب له علي رضي الله عنه فصاوله وجاوله حتى قتله فلما صرع وخر ميتاً انهزم أصحابه وفروا هاربين وبلغ بهم الخوف والرعب كل مبلغ حتى أن أحدهم ترك رمحه وهرب منهزماً.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

استمر المسلمون في صد عدوهم عن المحاولات اليائسة لعبور الخندق وانشغلوا بالمكافحة الشديدة في صدهم وردهم حتى اضطر المسلمون في يوم من الأيام إلى تأخير صلاة العصر عن وقتها فصلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - حين كادت الشمس تغرب ثم دعا عليهم فقال " ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس".

 

وفي هذه المراماة أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم في ذراعه فانفجر منه الدم فدعا الله أن يبقيه حتى يجاهدهم وقال اللهم إن بقي في الحرب شيء فابقني حتى أجاهدهم فيك وإن وضعت الحرب فافجر ذراعي واجعل موتتي فيها (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

بينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد العظام على جبهة المعركة انطلق كبير مجرمي اليهود حيي بن أخطب إلى يهود بني قريظة الذين كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلح فحرضهم على نقض الصلح وخرم الاتفاق والمشاركة في هذه الحرب الظالمة ومازال بهم يعدهم ويمنيهم ويرعد لهم ويبرق حتى قام يهود بني قريظة بنقض العهد والمشاركة في الحرب.

 

هنا اكتملت المأساة وعظم الخطر ووصلت الأمور إلى منتهاها وبلغ الخوف بالمسلمين كل مبلغ لأن يهود بني قريظة يعيشون وسط المدينة وليس بينهم وبين المسلمين شيء.

 

بدأ اليهود فعلاً بمناوشة المسلمين وحربهم في وقت كان فيه المسلمون حول الخندق مشغولين بصد تلك الأحزاب والجموع وهذا معناه أن ينقسم الجيش الإسلامي إلى قسمين قسم يدافع عن المدينة حول الخندق وقسم يذهب إلى المدينة نفسها ليصد هجمات يهود بني قريظة ويحمي النساء والأطفال الذين بقوا في المدينة.

 

وصل خبر نقض العهد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة من أصحابه ليتأكدوا من صحة الخبر وقال لهم انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا فإن كان حقاً فألحنوا لي لحناً فيه أي قولوا لي خبرهم سراً ولا تجهروا به حتى لا يفت في أعضاد الجيش الإسلامي أو يزداد الخوف في نفوس بعضهم وإن كانوا على الوفاء بالعهد فأجهروا به للناس فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكونون بل أخذوا يجاهرون بالسب والعداوة والنيل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا من رسول الله لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد.

 

إنه خطر رهيب وموقف محرج جداً يقفه المسلمون كان أمامهم جيش عرمرم وخلفهم هؤلاء الغادرين ونسائهم وذراريهم على مقربة من هؤلاء في غير منعة وحفظ.

 

فهنا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر من شدة الخوف (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 10، 11].

 

 

فوق هذا الانفجار الكبير الهائل انفجرت جبهة أخرى داخل الجيش الإسلامي نفسه إنها جبهة النفاق الذين قالوا يَا أَهْلَ يَثْرِبَ - يعني يا أهل المدينة - (لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا) [الأحزاب: 13] أرادوا أن يتركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجيشه ويذهبوا إلى أهليهم وذراريهم وقالوا إن بيوتنا عورة ليس فيها أحد يدافع عن نسائنا وأطفالنا.

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

تقنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثوبه وتلثم به من شدة الحرج واضطجع - صلى الله عليه وسلم - ومكث طويلاً مضطجعاً حتى اشتد على الناس البلاء ثم نهض مكبراً ومبشراً يقول الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره وبعث عدداً من الصحابة إلى المدينة ليحرسوها لئلا يؤتى الذراري والنساء على غيره وعرض - صلى الله عليه وسلم - على الصحابة أن يصالح غطفان على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة مقابل أن ينصرفوا بقومهم من بين جيش المشركين إلا أن الصحابة لم يوافقوا على هذا الرأي فصوب النبي - صلى الله عليه وسلم - رأيهم وقال إنما هو شيء أصنعه لكم لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة.

 

وفي تلك الأثناء هيأ الله رجلاً من بني غطفان أسلم في تلك الساعة فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه وقال له خذلهم ما استطعت فإن الحرب خدعة فخذلهم وشق صفهم حتى دبت الفرقة بين صفوفهم وكان المسلمون يدعون الله فيقولون في دعائهم " اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب سريع الحساب اهزمهم وزلزلهم فسمع الله دعاء رسوله - صلى الله عليه وسلم - واستجاب له وأرسل عليهم جندياً من جنوده أرسل عليهم ريحاً صرصراً باردة فجعلت تقوض خيامهم وتنكس قدورهم وألقى الله الرعب في قلوبهم وأرسل الملائكة يزلزلون قلوبهم وأفئدتهم فانهزموا وولوا هاربين فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فوجدهم قد تهيأوا للرحيل فأنزل الله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا * إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا) [الأحزاب: 9 - 11].

..................................

 

مراد باخريصة | شبكة الألوكة بتصرف يسير *

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة بني قريظة

 

 

لقد كان بين الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبين يهود بني قريظة عهداً واتفاقاً على أن ينصروه ضد كل غاز يريد أن يغزو المدينة فلما جاءت الأحزاب بقضها وقضيضها في معركة الأحزاب ما كان من أفاعي الدس والغدر والخيانة إلا أن يخونوا العهد ويخالفوا الاتفاق فبدلاً من أن ينصروا الرسول - صلى الله عليه وسلم - حسب الاتفاق - قاموا بنصرة الأحزاب وشاركوهم في الحرب ضد المسلمين.

 

63279hlmjo.gif

 

فلما وصل خبرهم بنقض العهد أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - أربعة من أصحابه وقال لهم "انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا" فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكونون فقد جاهروهم بالسب والعداوة ونالوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا من رسول الله لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد فأقبل الصحابة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبروه أنهم على غدر كغدر عضل وقارة بأصحاب الرجيع فتقنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثوبه حين تأكد من غدرهم واضطجع ومكث طويلاً يفكر في هذا الوضع الحرج لأن المسلمين لم يكن يحول بينهم وبين يهود بني قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف وذراري المسلمين ونساؤهم على مقربة من هؤلاء الغادرين بدون منعة وحفظ ومن الأمام جيش عرمرم هو جيش الأحزاب التي تجمعت لقتال المسلمين فالأحزاب من الأمام ويهود بني قريظة الذين غدروا وخانوا من الخلف فزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر من شدة الخوف وصار الحال كما قال الله {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا}[الأحزاب: 10، 11].

 

63279hlmjo.gif

 

 

فلما أعز الله جنده ونصر عبده وهزم الأحزاب في غزوة الأحزاب جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الظهر وهو يغتسل في بيت أم سلمة فقال له أوقد وضعت السلاح فإن الملائكة لم تضع أسلحتها فانهض بمن معك إلى بني قريظة فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم وأقذف الرعب في قلوبهم فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤذن يؤذن في الناس "من كان سامعاً مطيعاً فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة".

 

فنهض الناس من فورهم وتحركوا صوب بني قريظة فمنهم من صلى العصر في الطريق وقالوا إنما أراد منا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرعة الخروج ومنهم من صلاها عندما وصل إلى بني قريظة فلم يعنف النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدة من الطائفتين.

 

63279hlmjo.gif

 

 

ثم أعطى الراية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه وخرج - صلى الله عليه وسلم - في موكبه من المهاجرين والأنصار وتحرك الجيش أرسالاً أرسالاً حتى لحقوا بالنبي صلى لله عليه وسلم فكان عددهم ثلاثة الآف معهم ثلاثون فرساً فلما وصلوا إلى حصون بني قريظة فرضوا عليها الحصار حتى اشتد عليهم الحصار فعرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد اليهودي ثلاث خصال:

إما أن يسلموا ويدخلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في دينه فيأمنوا دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم وقال لهم والله لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل وأنه الذي تجدونه في كتابكم، وإما أن يقتلوا ذراريهم ونسائهم بأيديهم ويخرج الرجال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسيوف مصلتين يناجزونه وإما أن يهجموا جميعاً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الثلاث الخصال فغضب عليهم وانزعج منهم وقال لهم (ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً).

 

ثم بعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يرسل إليهم أبا لبابة ليستشيروه وكان حليفاً لهم لعلهم يتعرفون منه ماذا سيحل بهم وكيف سيفعل بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبماذا سيحكم فيهم فلما جاءهم قام إليه الرجال وجهش النساء والصبيان بالبكاء وقالوا يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ قال نعم وأشار بيده إلى حلقه يقول لهم إنه الذبح.

 

63279hlmjo.gif

 

 

 

لقد كان بإمكان هؤلاء الجبناء أن يتحملوا الحصار لفترات طويلة وذلك لمناعة حصونهم وقوتها وتوفر المواد الغذائية والآبار فيها ولأن المسلمين كانوا يقاسون البرد القاسي والجوع الشديد وهم في العراء خاصة مع شدة التعب الذي اعتراهم جراء مواصلة الأعمال الحربية في غزوة الأحزاب إلا أن الله قذف في قلوب اليهود الرعب ودب في نفوسهم الخوف وأخذت معنوياتهم تنهار خاصة بعد أن تقدم علي والزبير بن العوام رضي الله عنهما فصاح علي "يا كتيبة الإيمان والله لأذوقن ما ذاق حمزة أو لأفتحن حصونهم".

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

فلما سمعوا هذه الكلمات انهاروا وسلموا وبادروا بالنزول على حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باعتقال رجالهم ووضع القيود في أيديهم ووضع النساء والذراري في معزل عن الرجال فقال الأوس يا رسول الله قد فعلت في بني قينقاع ما قد علمت وهم حلفاء إخواننا الخزرج وهؤلاء موالينا فأحسن فيهم فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم قالوا بلى قال فذاك إلى سعد بن معاذ قالوا قد رضينا فأرسل إلى سعد بن معاذ وكان في المدينة لم يخرج معهم لجرح أصابه في معركة الأحزاب فجاء على حمار فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فجعلوا يقولون له يا سعد أجمل في مواليك فأحسن فيهم فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حكمك لتحسن فيهم وهو ساكت لا يتكلم بشيء فلما أكثروا عليه قال " لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم " فحكم عليهم بأن يقتل رجالهم وتسبى ذراريهم ونسائهم وتقسم أموالهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات" ثم حفرت لهم خنادق في سوق المدينة فجعلوا يذهبون بهم إليها أفواجاً أفواجاً فتضرب أعناقهم في تلك الخنادق جزاء ما ارتكبوه في المسلمين من الغدر الشنيع والخيانة الكبرى فقال بعضهم لرئيسهم كعب بن أسد ما تراه يصنع بنا يأخذنا أفواجاً أفواجاً قال لهم أفي كل موطن لا تعقلون أما ترون الداعي لا ينزع والذاهب منكم لا يرجع هو والله القتل.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

ووجد المسلمون في حصونهم ألفاً وخمسمائة سيف جمعوها لحرب المسلمين وإبادتهم وألفين رمح وثلاثمائة درع وخمسمائة ترس فوزعت بين المسلمين غنائم.

 

هكذا تم استئصال أفاعي الشر والغدر والخيانة الذين نقضوا الميثاق المؤكد وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين في أحرج ساعة يمرون بها في حياتهم فاستحقوا الإعدام والقتل وقتل معهم أكابر مجرميهم وقتل من نسائهم امرأة واحدة كانت قد وضعت الرحى على خلاد بن سويد رضي الله عنه فقتلته فقتلت لأجل ذلك وأما الأولاد فقد قُتل منهم من بلغ وتُرك من لم يبلغ وأسلم منهم نفر قبل نزول الحكم فحقنوا دمائهم وأموالهم ونسائهم وذرايهم.

 

هذه خلاصة وجيزة لغزوة بني قريظة التي وقعت في شهر ذي القعدة من السنة الخامسة لهجرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يقول الله سبحانه وتعالى عن هذه الغزوة {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}[الأحزاب: 26، 27].

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

من الدروس المستفادة من هذه الغزوة أخذ الأخبار من مصادرها وأصحابها الحقيقيين ولهذا فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما سمع أن يهود بني قريظة قد نقضوا العهد أرسل إليهم أربعة من أصحابه ليتأكدوا له من صحة الخبر فوجدوا الخبر صحيحاً وسمعوهم يقولون "من محمد لا عهد بيننا وبينه ولا عقد".

 

فيجب التأكد في الأخبار من أصحابها ومصادرها الأصلية خاصة في هذا الزمن الذي كثرت فيه الأقاويل والأراجيف والأخبار الملفقة فربما يسمع الإنسان أن الشيخ الفلاني أو الجهة الفلانية أو جماعة معينة قالوا كذا وكذا أو أفتوا بكذا وكذا أو فعلوا كذا وكذا فهنا يجب أن نرجع إلى مصدر أو موقع هذه الجهة أو الجماعة أو الشخص ليتبين منه عن حقيقة ما قال أو فعل { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6].

 

 

63279hlmjo.gif

 

 

تعلمنا الغزوة أدب الخلاف الناتج عن اختلاف الأفهام والآراء، فالصحابة رضي الله عنهم منهم من فهم من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة" أن الصلاة تكون على وقتها وإنما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقصد سرعة الخروج والإسراع في التجهز للنزول إلى بني قريظة فصلوا العصر في الطريق ومنهم من فهم فهماً آخر أن لا يصلوا العصر إلا في بني قريظة فأخروا الصلاة حتى وصلوا إلى بني قريظة فصلوا هناك عندما وصلوا.

 

فكل فريق منهم فهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهماً وبنى عليه حكماً فلم يعنف النبي - صلى الله عليه وسلم - واحدة من الطائفتين.

 

63279hlmjo.gif

 

 

ولهذا فإن العلماء قد يختلفون وتتباين آراؤهم في المسألة الواحدة لكل منهما دليل ومستند فلا يجوز حينئذ أن نتعصب لهذا الرأي أو ذاك وهذا الاختلاف إنما يكون غالباً في المسائل الفقهية الاجتهادية أما مسائل العقيدة وأمور التوحيد فإنها أصول ثابتة لا خلاف فيها ولا يجوز الاختلاف عليها.

 

من فوائد الغزوة أيضاً أنها أظهرت محاسن الإسلام وأخلاقياته في الحرب فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل من يهود بني قريظة إلا الرجال وأما النساء والأطفال الذين لا علاقة لهم بالحرب والقتال فلم يتعرض لهم بسوء.

 

فكل من لم يقاتل منهم ولم يتعرض المسلمين بشيء فيترك ولا يقتل أما من شارك منهم في قتال المسلمين ولو بكلمة أو رأي أو دعم أياً كان نوعه فإنه يقتل ولو كان طفلاً أو امرأة كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمرأة التي وضعت الرحى على خلاد بن سويد فقتلته فقتلت لأجل ذلك.

 

63279hlmjo.gif

 

 

فشتان بين الأخلاق العسكرية الإسلامية وبين الأفعال اليهودية والصليبية التي لا تفرق بين أحد فتقصف قصفاً عشوائياً وتستخدم الطائرات الحربية أو من دون طيار لقصف المناطق بمن فيها وهدم البيوت على رءوس ساكنيها.

 

روى البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن امرأة وجدت في بعض مغازي النبي - صلى الله عليه وسلم - مقتولة فأنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل النساء والصبيان"

 

 

 

مراد باخريصة | شبكة الألوكة بتصرف يسير *

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

وعليكم السلام ورحمته وبركاته

بوركت يا حبيبة ونفع بك

بسم الله

فجاء على حمارفقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - قوموا إلى سيدكم فأنزلوه فجعلوا يقولون له يا سعد أجمل في مواليك فأحسن فيهم فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حكمك لتحسن فيهم وهو ساكت لا يتكلم بشيء فلما أكثروا عليه قال " لقد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم " فحكم عليهم بأن يقتل رجالهم وتسبى ذراريهم ونسائهم وتقسم أموالهم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات" ثم حفرت لهم خنادق في سوق المدينة فجعلوا يذهبون بهم إليها أفواجاً أفواجاً فتضرب أعناقهم في تلك الخنادق جزاء ما ارتكبوه في المسلمين

تم تعديل بواسطة ميرفت ابو القاسم

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

جزاكن الله خيرا أخياتي ماشاء الله مجهود قيّم

بارك الله فيكن

لعودة لأكمل القراءة .مأجورات حبيباتي بإذن الله

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

 

غزوة بني لحيان

 

 

بعد رحيل الأحزاب عام 5 هـ انتقل المسلمون من دور الدفاع إلى دور الهجوم وأصبحوا يمسكون بأيديهم زمام المبادرة، وحان الوقت لتأديب بعض القبائل ومنهم بني لحيان وهم حي من هذيل، الذين غدروا بخبيب بن عدي رضي الله عنه وأصحابه يوم الرجيع 4هـ، وكذلك أخذ ثأر الشهداء، فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مائتي صحابي، في ربيع الأول أو جمادى الأولى سنة ست من الهجرة [1].

 

 

 

63279hlmjo.gif

 

 

 

 

تضليل العدو

 

كانت أرض بني لحيان من هذيل تبعد عن المدينة أكثر من مائتين من الأميال. وهي مسافة بعيدة، يلاقي مشاقَّ كبيرة كل من يريد قطعها، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان حريصًا على الاقتصاص لأصحابه من الذين استشهدوا (غدرًا) على يد هذه القبائل الهمجية التي لا قيمة للعهود عندها.

 

وكما هي عادة النبي صلى الله عليه وسلم في تضليل العدو الذي يريد مهاجمته اتجه بجيشه نحو الشمال، بينما تقع منازل بني لحيان في أقصى الجنوب.

 

وقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم قبل تحركه نحو الشمال: أنه يريد الإغارة على الشام، وحتى أصحابه لم يعلموا أنه يريد بني لحيان إلا عندما انحرف بهم نحو الجنوب، بعد أن اتجه بهم متوغلاً نحو الشمال حوالي عشرين ميلا .. في حركة تمويهية على العدو بارعة.

 

63279hlmjo.gif

 

 

وكان تغيير خط سيره من الشمال إلى الجنوب عند مكان يقال له (البتراء)، ففي ذلك المكان عطف بجيشه نحو الغرب حتى استقام على الجادة منصبًا نحو الجنوب [2].

 

فرار اللحيانيين قبل وصول النبي صلى الله عليه وسلم

 

كانت بنو لحيان على غاية التيقظ والانتباه، فقد بثت الأرصاد والجواسيس في الطرق ليتحسسوا لها ويتجسسوا لذلك, فما كاد النبي صلى الله عليه وسلم يقترب بجيشه من منازلهم حتى انسحبوا منها فارين، وهربوا في رؤوس الجبال، وذلك بعد أن نقلت إليهم عيونهم خبر اقتراب جيش المسلمين من ديارهم.

 

ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم بجيشه عسكر في ديارهم ثم بث السرايا من رجاله ليتعقبوا هؤلاء الغادرين، ويأتون إليه بمن يقدرون عليه، واستمرت السرايا النبوية في البحث والمطاردة يومين كاملين إلا أنها لم تجد أي أثر لهذه القبائل التي تمنعت في رؤوس تلك الجبال الشاهقة، وأقام صلى الله عليه وسلم في ديارهم يومين لإرهابهم وتحديهم، وليظهر للأعداء مدى قوة المسلمين وثقتهم بأنفسهم، وقدرتهم على الحركة حتى إلى قلب ديار العدو متى شاءوا [3].

 

63279hlmjo.gif

 

 

إرهاب المشركين بمكة

 

رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتنم فرصة وجوده بجيشه قريبًا من مكة فقرر أن يقوم بمناورة عسكرية يرهب بها المشركين في مكة، فتحرك بجيشه حتى نزل به وادي عسفان [4]، وهناك استدعى أبا بكر الصديق، وأعطاه عشرة فوارس من أصحابه وأمره بأن يتحرك بهم نحو مكة ليبث الذعر والفزع في نفوسهم، فاتجه الصديق بالفرسان العشرة نحو مكة حتى وصل بهم كراع الغميم [5]، وهو مكان قريب جدًا من مكة، فسمعت قريشٌ بذلك فظنت أن النبي صلى الله عليه وسلم ينوي غزوها فانتابها الخوف والفزع والرعب، وساد صفوفها الذعر، هذا هو الذي هدف إليه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الحركة التي كلف الصديق أن يقوم بها.

 

أما الصديق وفرسانه العشرة فبعد أن وصلوا كراع الغميم، وعلموا أنهم قد أحدثوا الذعر والفزع في نفوس أهل مكة عادوا سالمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتحرك بجيشه عائدًا إلى المدينة [6].

 

63279hlmjo.gif

 

 

الترحم على الشهداء

 

عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بطن (غران) [7] حيث لقي الشهداء من أصحابه مصرعهم على أيدي الخونة من هذيل، ترحم على هؤلاء الشهداء ودعا لهم [8].

---------------------

المصدر:علي الصلابي: السيرة النبوية - عرض وقائع وتحليل أحداث، الناشر: دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت – لبنان، الطبعة: السابعة، 1429 هـ - 2008م، 1/ 645- 646.

[1] انظر: د. مهدي رزق الله أحمد: السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض - الطبعة الأولى، 1412هـ - 1992م، ص468.

[2] انظر: انظر: محمد أحمد باشميل: صلح الحديبية، دار الفكر، الطبعة الثالثة، 1973م - 1393هـ، ص34، 35.

[3] المصدر نفسه، ص36.

[4] عسفان: قرية بين مكة والمدينة، على نحو يومين من مكة.

[5] كراع الغميم: موضع بناحية الحجاز بين مكة والمدينة، وهو واد.

[6] انظر: صلح الحديبية، ص37.

[7] غران بضم أوله: واد بين سارية ومكة.

[8] انظر: محمد أحمد باشميل: صلح الحديبية، ص38.

المصدر: http://islamstory.co...ظ†ظ‰-ظ„ط­ظٹط§ظ†

 

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة الحديبية:

 

وقعت في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة، وكان من أمرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في منامه أنه دخل البيت هو وصحابته آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين لا يخافون شيئا، فأمر الناس أن يتجهزوا للخروج إلى مكة معتمرين، لا يريد حربا لقريش ولا قتالا، فخرج معه المهاجرون والأنصار يحدوهم الشوق إلى رؤية بيت الله الحرام بعد أن حرموا من ذلك ست سنوات، وخرج معهم من شاء من الأعراب، وساق أمامه صلى الله عليه وسلم وهو ما يساق إلى البيت الحرام من الإبل والنعم تعظيما للبيت وتكريما، وأحرم بالعمرة من مكان يسمى بذي الحليفة، ليعلم الناس وقريش خاصة أنه لا يريد قتالا، وكان عدد من خرج معه نحوا من ألف وخمسمائة، ولم يخرجوا معهم بسلاح إلا سلاح المسافر في تلك العهود: السيوف في أغمادها، وسار حتى وصل إلى (عسفان) جاء من يقول له: هذه قريش قد سمعت بمسيرك، فخرجوا وقد لبسوا جلود النمور يحلفون بالله لا تدخلها عليهم أبدا، فقال صلى الله عليه وسلم:

«يا ويح قريش لقد أكلتهم الحرب! ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب، فإن هم أصابوني، كان ذلك الذي أرادوا، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش؟ فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله حتى يظهره الله، أو تنفرد هذه السالفة»

 

63279hlmjo.gif

 

فلما وصل الحديبية- وهي مكان قريب من مكة بينها وبين طريق جدة الآن- جاءه بعض رجال من خزاعة يسألونه عن سبب قدومه، فأخبرهم أنه لم يأت إلا ليزور البيت ويعتمر، فرجعوا وقالوا لهم: إنكم تعجلون على محمد، لم يأت لقتال، إنما جاء زائرا لهذا البيت.

فقالوا: لا والله لا يدخلها عليهم عنوة أبدا، ولا يتحدث العرب عنا بذلك.

 

ثم بعثوا عروة بن مسعود الثقفي ليتحدث إلى الرسول بهذا الشأن، وبعد حديث وأخذ ورد بين عروة وبعض الصحابة، عاد إلى قريش وحدثهم عما رأى من حب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهيبتهم له، ورغبتهم في الصلح معه، فأبوا ذلك، ثم بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى أهل مكة ليؤكد لهم الغرض من مجيء الرسول وصحابته، وأبطأ عثمان، فأشيع بين المسلمين أنه قد قتل، فقال الرسول عندئذ: لا نبرح حتى نناجز القوم (نقاتلهم) ودعا المسلمين إلى البيعة على الجهاد، والشهادة في سبيل الله، فبايعوه تحت شجرة هناك من أشجار الطلح على عدم الفرار، وأنه إما الصلح، وإما الشهادة، ولما علمت قريش بأمر البيعة، خافوا ورأوا الصلح معه على أن يرجع هذا العام ويعود من قابل فيقيم ثلاثا معه سلاح الراكب: الرماح والسيوف في أغمادها، وأرسلت قريش لذلك سهيل بن عمرو ليتم هذا الصلح، وأخيرا تم هذا الصلح، على ما رغبت قريش، وعلى وضع الحرب بين الفريقين عشر سنين، وأن من أتى من عند محمد إلى مكة لم يردوه، وأن من أتى محمدا من مكة ردوه إليهم، فعز ذلك على المسلمين، وأخذ بعضهم يجادل النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء من شروطها، ومن أشدهم في ذلك عمر، حتى قال رسول الله:

«إني عبد الله ولن يضيعني»

ثم أمر الرسول أصحابه بالتحلل من العمرة فلم يفعلوا ذلك في موجة من الألم، لما حيل بينهم وبين دخول مكة،

 

 

63279hlmjo.gif

 

 

ولما شق عليهم من شروط الصلح فبادر عليه السلام بنفسه، فتحلل من العمرة، فتبعه المسلمون جميعا، وقد ظهرت فيما بعد فوائد هذه الشروط التي صعبت على المسلمين ورضي بها الرسول، لبعد نظره ورجحان عقله، وإمداد الوحي له بالسداد في الرأي والعمل.

 

هذا وقد سمى الله هذه الغزوة فتحا مبينا، حيث قال:

{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}

[الفتح: 10]

ورضي عن أصحاب بيعة الرضوان تحت الشجرة فقال:

{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}

[الفتح: 27]

ولعل هذه إشارة إلى فتح مكة الذي كان ثمرة من ثمار صلح الحديبية، كما سنذكره في الدروس والعظات إن شاء الله، ثم أتبع ذلك بتأكيد غلبة هذا الدين وانتصاره، فقال:

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}

[الفتح:28]

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

 

 

غزوة الغابة أو غزوة ذي قَرَد‏‏

 

 

 

من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد بعد غزوة الأحزاب وبني قريظة وقبل غزوة خيبر، وقد سميت بغزوة ذي قَرد لأن الماء الذي نزل به رسول اللهـ صلى الله عليه وسلم يقال له: ذو قرد. .

 

وتسمى كذلك بغزوة الغابة، إشارةً إلى موضعٍ قرب المدينة من ناحية الشام فيه شجر كثير، وهو المكان الذي أغار فيه المشركون على إبل رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ وهي ترعى فيه. .

 

63279hlmjo.gif

 

لم تكد تمضي ليال قلائل على عودة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوته لبني لحيان، حتى أغار عيينة بن حصن الفزاري في جماعة من قومه غطفان على لقاح (إبل ذوات لبن) للنبيـ صلى الله عليه وسلمـ كانت ترعى، وقتلوا رجلا وأسروا امرأة من المسلمين. .

وعندما سمع سلمة بن الأكوعـ رضي الله عنهـ ما حدث، صاح منذرا الناس، وظل بمفرده يطارد المغيرين، وكانـ رضي الله عنهـ أسرع الناس عدواً، حتى أدركهم على رجليه، وجعل يرميهم بالنبل، وكان رامياً، ويقول:

خذها وأنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع (هلاك اللئام)

 

63279hlmjo.gif

ثم توالت سهامه عليهم وهو يطاردهم وحده، حتى ألقوا بالكثير من متاعهم التي أثقلتهم عن الهروب، وكانوا كلما ألقوا شيئا وضع عليه علامة كي يعرفها النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه. . واستمر على ذلك حتى استنقذ منهم بعض الإبل، وثلاثين بُرْدة (كساء) وثلاثين رمحا. .

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

لحق الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ ومن معه من الصحابة بسلمة بن الأكوع بذي قرد، واستعادوا الإبل كلها بعدما قتلوا من المشركين الكثير، ثم عاد النبيـ صلى الله عليه وسلمـ إلى المدينة وقد أردف خلفه على ناقته سلمةـ رضي الله عنهـ ، وأعطاه سهمين، سهم الفارس وسهم الراجل، وأثنى عليه قائلا: (خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة) رواه مسلم.

 

أما المرأة التي أسرها المغيرون من غطفان، فقد عادت سالمة إلى المدينة بعد أن تمكنت من الإفلات من القوم على ظهر ناقة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد نذرت إن نجاها الله لتنحرن تلك الناقة، فلما أخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نذرها تبسمـ صلى الله عليه وسلمـ وقال: (بئسما جزيتها، أن حملك الله عليها ونجاك ثم تنحرينها، إنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقة من إبلي، فارجعي إلى أهلك على بركة الله) رواه أحمد.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

وفي أثناء رجوع النبيـ صلى الله عليه وسلمـ وأصحابه إلى المدينة حدثت مسابقة في العَدْوِ بين سلمةـ رضي الله عنهـ ورجل من الأنصار، يقول سلمةـ رضي الله عنهـ: (. . وكان رجل من الأنصار لا يُسبق شداً.

قال: فجعل يقول: ألا مُسابق إلى المدينة، هل من مسابق؟ ، فجعل يُعيد ذلك، قال: فلما سمعت كلامه قلتُ: أما تكرمُ كريماً ولا تهاب شريفاً، قال: لا، إلا أن يكون رسول اللهـ صلى الله عليه وسلمـ ، قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأُمي ذرني فلأسابق الرجل، قال: إن شئت، قال: قلت: اذهب إليك وثنيتُ رجلي فطفرت فعدوت. . فسبقته إلى المدينة) رواه مسلم.

 

لقد كانت غزوة الغابة (ذي قرد) من أكبر الغزوات التأديبية التي قادها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ضد أعراب نجد، وفي مطاردتهم وإيقافهم عند حدهم، لنشر الأمن والسلام في الدولة الإسلامية وما حولها، وتأديب المعتدين. . وهذه الغزوةـ رغم صغرها عسكريا إلا أن فيهاـ كبقية الغزوات والسراياـ من الفوائد الكثير، منها:

 

شجاعة الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ ، ومبادرة الصحابة عند النداء للجهاد وشجاعتهم، خاصة سلمة بن الاكوعـ رضي الله عنهـ الذي قاوم بمفرده جَمْعا من الكفار وأرهبهم، واستنقذ منهم ما سرقوه من إبل النبيـ صلى الله عليه وسلم.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

بل وأخذ منهم بعض الغنائم، ومن ثم كرمه النبيـ صلى الله عليه وسلمـ معنويا وماديا، فأثنى عليه، وأعطاه سهمين من الغنائم، وحمله خلفه على ناقته حتى عاد إلى المدينة، وفي ذلك فائدة هامة وإشارة من النبيـ صلى الله عليه وسلمـ لتكريم أصحاب الهمم العالية. .

 

قال ابن حجر في حديثه عن بعض فوائد هذه الغزوة: ". . جواز العَدْو الشديد في الغزو، والإنذار بالصياح العالي، وتعريف الإنسان نفسه إذا كان شجاعا ليرعب خصمه، واستحباب الثناء على الشجاع ومن فيه فضيلةـ لا سيما عند الصنع الجميلـ ليستزيد من ذلك، ومحله حيث يؤمن الافتتان، وفيه المسابقة على الأقدام، ولا خلاف في جوازه بغير عِوَض، وأما بالعِوَض فالصحيح لا يصح. . ". .

 

وكذلك من فوائدها: بطلان نذر المعصية، أو النذر فيما لا يملكه الإنسان، وحلم الرسولـ صلى الله عليه وسلمـ وسماحته في تبسمه حينما نهى المرأة أن تنحر ناقته التي نجاها الله عليها. .

 

المصدر: موقع إسلام ويب

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة خيبر:

 

وكانت في أواخر المحرم للسنة السابعة من الهجرة.

و (خيبر) واحة كبيرة يسكنها اليهود على مسافة مائة ميل من شمال المدينة جهة الشام.

وسببها أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أمن جانب قريش بالصلح الذي تم في الحديبية، قرر تصفية مشكلة التجمعات اليهودية فيما حول المدينة بعد أن صفى اليهود من المدينة نفسها، وقد كان لليهود في خيبر حصون منيعة، وكان فيها نحو من عشرة آلاف مقاتل، وعندهم مقادير كبيرة من السلاح والعتاد، وكانوا أهل مكر وخبث وخداع، فلا بد من تصفية مشكلتهم قبل أن يصبحوا مصدر اضطراب وقلق للمسلمين في عاصمتهم (المدينة) ولذلك أجمع الرسول صلى الله عليه وسلم على الخروج إليهم في أواخر المحرم، فخرج إليهم في ألف وستمائة مقاتل، منهم مائتا فارس، واستنفر من حوله ممن شهد الحديبية، وسار حتى إذا أشرف على خيبر قال لأصحابه: قفوا، ثم عاد فقال:

«اللهم رب السماوات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن [حملن]، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، أقدموا باسم الله»

.

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

ولما وصلوا إليها نزل النبي صلى الله عليه وسلم قريبا من أحد حصون خيبر يسمى (حصن النطاة) وقد جمعوا فيه مقاتلتهم، فأشار الحباب بن المنذر بالتحول، لأنه يعرف أهل النطاة معرفة جيدة، وليس قوم أبعد مدى ولا أعدل رمية منهم، وهم مرتفعون على مواقع المسلمين، فالنبل منهم سريع الانحدار إلى صفوف المسلمين، ثم إنهم قد يباغتون المسلمين في الليل مستترين بأشجار النخيل الكثيرة، فتحول الرسول مع المسلمين إلى موضع آخر وابتدأت المعارك، يفتح المسلمون منها حصنا بعد حصن، إلا الحصنين الأخيرين، فقد رغب أهلها في الصلح على حقن دماء المقاتلة، وترك الذرية والخروج إلى أرض خيبر بذراريهم، وألا يصحب أحد منهم إلا ثوبا واحدا، فصالحهم على ذلك، وعلى أن ذمة الله ورسوله بريئة منهم إن كتموا شيئا، ثم غادروهما فوجد المسلمون فيهما أسلحة كثيرة، وصحائف متعددة من التوراة، فجاء اليهود بعد ذلك يطلبونها، فأمر بردها إليهم، وقد بلغ عدد قتلى اليهود في هذه المعركة ثلاثة وتسعين، واستشهد من المسلمين خمسة عشر.

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

 

 

غزوة ذات الرقاع من السنة السابعة للهجرة

 

وقعت غزوة ذات الرقاع في شهر ربيع الأول سنة 7هـ، أي فور رجوع المسلمين من فتح خيبر؛ فهي حركة دائبة من الجهاد في سبيل الله.

وبعض كُتّاب السير يضعون غزوة ذات الرقاع في أحداث السنة الرابعة، وهذا لا يستقيم؛ لأن أبا موسى الأشعري

كما ثبت في البخاري- شارك في غزوة ذات الرقاع، وأبو موسى رضي الله عنه بالاتفاق لم يأتِ إلى المدينة المنورة إلا في العام السابع من الهجرة مع قدوم جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى المدينة المنورة، أي جاء بعد فتح خيبر.

63279hlmjo.gif

 

ومن المؤكد أن غزوة ذات الرقاع وقعت في السنة السابعة من الهجرة، وهذه الغزوة كانت موجَّهة إلى قبائل غطفان، التي حاصرت المدينة المنورة في غزوة الأحزاب، وأرادوا أن يساعدوا اليهود في خيبر.

 

وكانوا يُعِدُّون العُدَّة لغزو المدينة المنورة، ولكن الرسول أرسل إليهم سرية وهو يفتح خيبر، فأرادوا إعادة غزو المدينة المنورة من جديد؛ ولذلك كان على الرسول أن يقف وقفة جادة ومخوفة ويخرج إليهم بنفسه بدلاً من أن ينتظرهم في المدينة المنورة؛ حتى لا يؤخذ انطباعٌ دائم عن المسلمين أنهم يخافون من غطفان ولا يجرءون على مواجهة مباشرة معهم، وهذا الانطباع السلبي أراد الرسول أن يمحوه، ومن ثَمَّ خرج الرسول وصحابته الكرام إلى ديار غطفان[1].

 

63279hlmjo.gif

 

 

الجيش الإسلامي يصل إلى أرض غطفان:

خرج الرسول بنفسه إلى ديار غطفان، ولكن يبدو أن جيوش المسلمين في ذلك الوقت كانت موزعة في أماكن متفرقة؛ فهناك جيوش بداخل المدينة المنورة، وهناك جيوش في خيبر، وفي وادي القرى، وفي فدك، وفي تيماء، وفي غيرها من الأماكن الملتهبة في ذلك الوقت، والرسول لا يأمن أن يترك المدينة المنورة بلا جيش ولا قاعدة، والرسول لا يأمن غدر قريش، وقبائل غطفان قد تلف من هنا أو هناك حول الطرق لتدخل المدينة المنورة من أي مكان، أمور كثيرة جعلت من الضروري أن يترك المسلمون حامية في داخل المدينة المنورة.

 

لذلك خرج الرسول صلى الله عليه وسلم في جيش صغير نسبيًّا، وهذا الجيش تقريبًا كان أربعمائة من الصحابة رضي الله عنهم.

وفي بعض الروايات أنهم سبعمائة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، ولم يكن معهم من البعير إلا القليل، لدرجة أن ستة من الصحابة كانوا يتناوبون ركوب البعير الواحد.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

وسار الرسول صلى الله عليه وسلم مسافة كبيرة بجيشه في عمق الصحراء، وتوغل حتى بلغ ديار غطفان، وهي إلى الشمال الشرقي من المدينة المنورة على مسافة عدة ليالٍ من المدينة المنورة.

 

وهذه المسافة كبيرة جدًّا، والصحابة يسيرون على أقدامهم، وقد أثر ذلك فيهم رضي الله عنهم أجمعين، والبخاري -رحمه الله- يروي عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ فِي غَزْوَةٍ، وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ، بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ، فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، وَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ؛ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا"[2].

 

قال ابن حجر في الفتح: "نعتقبه أيْ نركبه عُقْبةً عُقْبة، وهو أن يركب هذا قليلاً ثم ينزل فيركب الآخر بالنوبة حتى يأتي على سائرهم"[3].

 

والحقيقة أننا نحتاج أن نقف وقفة مع هذا الموقف، فهذا الحديث وأمثاله يوضِّح لنا مدى التضحية والبذل والعطاء الذي تميز به هذا الجيل الصادق من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

صور من حرص الصحابة على الجهاد:

كان العام السابع من الهجرة حركة دائبة ومستمرة من الجهاد في سبيل الله، من الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام رضوان الله عليهم؛ وإذا نظرنا إلى الشهور الثلاثة الأخيرة من العام السابع الهجري، نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام قد توجهوا إلى مكة المكرمة لأداء عمرة القضاء مع التضحية التامة بالنفس، والذهاب إلى قريش في عقر دارها، استعداد تام للقتال حتى النهاية.

 

وبعد عودة المسلمين إلى المدينة المنورة بعد صلح الحديبية، انطلقوا مباشرة إلى الحصون والقلاع في خيبر، ودار قتال شرس أكثر من شهر متصل بخيبر، وانتصار مهيب كما رأينا لا مثيل له، وعودة إلى المدينة لعدة أيام.

 

ثم الخروج والسير في الصحراء مسافة طويل كما رأينا لقتال قبيلة غطفان، وهي من أقوى وأشرس قبائل العرب، وبذلك نرى حركة دائمة في سبيل الله، وبذل وتضحية في كل لحظة.

 

ورأينا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يعود من الحبشة فيجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غادر المدينة إلى خيبر، فيترك المدينة مباشرة، ويذهب إلى خيبر؛ ليشترك في القتال، وهو قادم من الحبشة وهي مسافة طويلة جدًّا. ورأينا أبا موسى الأشعري رضي الله عنه، وهو يأتي من اليمن في أيام خيبر فيخرج بعد قدومه بعدة أيام إلى هذه الغزوة الصعبة، غزوة ذات الرقاع.

 

فلم يكن هناك لحظة ضائعة في حياة هذا الجيل، ولعل ذلك هو الذي يفسر لنا الكَمّ الهائل من الأحداث التي وقعت في زمن البعثة النبوية، وهي فترة محدودة وقصيرة، ولا يمكن أبدًا أن نستوعب هذه الأحداث إلا إذا نظرنا إلى هذا الجهد والبذل والعطاء المستمر من هذا الجيل رضي الله عنهم أجمعين.

 

وإذا أضفنا إلى هذا الاستغلال الدقيق لكل لحظة من لحظات الحياة، البركة التي ينعم الله بها على عباده المؤمنين، فعند ذلك نفهم كيف قاموا بالأحداث الضخمة الكثيرة في هذه الفترة المحدودة من الزمان! وكانت أعمالهم كلها خالصة لله، لدرجة أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنهم، لما حكى هذا الأمر بعد ذلك، كما يذكر البخاري: وحدَّث أبو موسى بهذا ثم كره ذاك، قال: "ما كنت أصنع بأن أذكره كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه[4]. أي أنه يلوم نفسه لأنه أعلن هذا الأمر؛ لأنه كان يريد أن يكتم هذا الأمر ليصبح هذا العمل بينه وبين رب العالمين. والحمد لله أنه حَدَّث بذلك الأمر ليصل إلينا لنتعلمه ونعلمه لإخواننا وأبنائنا.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

ومع كل هذه الصعوبة وصل الجيش الإسلامي إلى ديار غطفان، وكنا نتوقع معركة طاحنة بين المسلمين الذين تعرضوا لأذى غطفان قبل ذلك أكثر من مرة، وبين غطفان القبيلة الكبيرة الشرسة، التي يغزوها المسلمون في عُقْر دارها.

 

ولكن المفاجأة أنه لم يحدث قتال؛ فقد آثر أهل غطفان ألاّ يدخلوا في صراع مع المسلمين، مع أن المسلمين في أقصى تقدير لا يزيدون على سبعمائة وأعداد غطفان هائلة، والمعركة في عقر دارهم.

 

وفي الطرق والدروب التي عرفوها قبل ذلك ألف مرة، والمسلمون قادمون من مسافة بعيدة، وقد نقبت أقدامهم من السير كما يقول أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، وأهل غطفان مستقرون في ديارهم. فهذا الأمر في عُرْف أهل الدنيا أمر عجيب حقًّا.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

الله يلقي الرعب في قلوب غطفان:

كيف يهرب أهل غطفان وهم في هذه الظروف المستقرة، والجيش المواجه لهم ظروفه صعبة وهو قادم من سفر طويل وعدده قليل، فهذا الوضع لم يكن له إلا تفسير واحد، وهو أن هذا الجيش الإسلامي مؤيَّد بقوة خارقة فوق كل الحسابات المادية، وهو تأييد رب العالمين لرسوله الكريم، ولعامَّة المؤمنين، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ"[5].

 

فقبْل أن يصل الرسول إلى أرض المعركة، يقذف الله الرعب في قلوب أعدائه، وقد رآه المسلمون في بدر، وفي الأحزاب، وفي غزوات اليهود المختلفة، فقد رأوه مع بني قَيْنُقَاع وانتهاءً بخيبر، بل شاهدوه في النصف الأول من غزوة أُحد عندما كان المسلمون مرتبطين برسول الله.

 

قال تعالى تعليقًا على النصف الأول من غزوة أُحد: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} [آل عمران: 151].

 

أي أنه إذا ارتبط المسلمون بالله، ألقى الله تعالى الرعب في قلوب الفريق الآخر، وهذا أمر معروف عند المسلمين في حروبهم، ولكن الجديد في غزوة ذات الرِّقَاع أن هذا الشعور قد دخل أيضًا عند أهل غطفان.

 

ووجدوا أنفسهم ينسحبون أمام الجيش الإسلامي بشكل غير مبرر، ووجدوا أنفسهم للمرة الأولى في حياتهم في فزع ورعب شديد من غيرهم.

 

فهم يعيشون على السلب والنهب وقطع الطريق، ومع ذلك وجدوا أنفسهم يخافون من الجيش الإسلامي الذي لا يتجاوز على أقصى تقدير سبعمائة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين.

 

وإذا كان هذا الرعب من فريق قليل من المسلمين، فهذا الأمر يحتاج إلى وقفة، ويحتاج إلى تفسير وتحليل! فغزوة ذات الرقاع قد هزت قبيلة غطفان من الأعماق.

وقد يأتي النصر من حيث لا نحتسب؛ ليعترف الجميع أن النصر من عند الله سبحانه. وبدأت شعوب غطفان وزعماء غطفان يفكرون جميعًا بنظرة إيجابية لهذا الدين.

 

نَعَمْ لم يأخذوا قرارًا سريعًا بالدخول في الإسلام، ولكنهم وقفوا وقفة جادة للتأمل، فهؤلاء المرتزقة الذين عاشوا حياتهم على السلب والنهب يرون أنفسهم أمام شيء لم يروه من قبل، والآن دخلت الرهبة في قلوبهم، وألقى الإسلام بجلاله وهيبته على غلاظ الأكباد وعتاة الإجرام.

 

فهذا الدين المحكم الذي: {لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصِّلت: 42]. قد تسلل إلى هذه القلوب تسللاً، ورجع الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام دون قتال، ولكن هذا قد ترك أثرًا لا يُمحى من قلوب غطفان.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

الرسول ينجو من الأعرابي !

عاد الرسول صلى الله عليه وسلم من غطفان إلى المدينة المنورة بعد أن عاقب المسلمون قبائل غطفان التي اعتدت على المسلمين مرات ومرات.

 

وعندما كان الرسول صلى الله عليه وسلم في الطريق إلى المدينة المنورة حدث له موقف غريب، والموقف جاء في صحيح البخاري عن جابر رضي الله عنه، أن الجيش الإسلامي وهو عائد إلى المدينة تفرق الناس في العضاه لكي يستريحوا،

وكما يصفون المنطقة فهي كثيرة الشجر، فجلسوا يستظلون بالشجر، ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، فعلق بها سيفه، ونام تحت الشجرة، ونام الرسول صلى الله عليه وسلم ونام كل الصحابة، فهو طريق طويل جدًّا، فجاء رجل من الأعراب وأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعه فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستيقظ الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقال له الأعرابي المشرك: أتخافني؟

 

وكان من المتوقع من الرجل أن يقتل الرسول، وبذلك ينال شرفًا كبيرًا عند أهل غطفان، ولكن الرجل لم يفعل ذلك لعصمة الله لنبيه، فلا يناله الأذى من الآخرين، يقول تعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 67].

 

وبدأ الحوار بين الرسولوالأعرابيّ، قال له: أتخافني؟

 

وردَّ الرسول صلى الله عليه وسلم في ثقة: "لاَ".

 

وما اهتزَّ له جفن، ولم يدخل في قلبه أي خوف، وتعجَّب الأعرابي؛ فالسيف في يده والرسولأعزل ليس معه شيء يحمي به نفسه، ومع ذلك لا يخاف، فقال الأعرابي: مَن يمنعك مني؟

 

فردَّ الرسول صلى الله عليه وسلم في ثبات وقال: "اللَّهُ".

 

وفي رواية أن الأعرابي كرر السؤال ثلاث مرات: من يمنعك مني؟ وفي كل مرة يقول الرسول بثبات: "اللَّهُ"[6].

 

فوقع السيف من يدي الأعرابي، وفي رواية -وهي عند البخاري أيضًا- أن الأعرابي شام السيف أي أغمد السيف، ولم يقع منه رغمًا عن إرادته.

 

ولكنه أغمده بإرادته تعجبًا من ثبات الرسول[7]. وفي رواية للإمام أحمد بن حنبل وابن إسحاق -رحمهما الله- أنه عندما وقع السيف من الأعرابي، أمسك به الرسول، وقال له: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" وتبادل الرسول والأعرابي المواقف:

 

"الآنَ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟"

 

والأعرابي كافرٌ ما استطاع أن يقول الله، وما استطاع أن يلجأ إلى آلهته المزعومة من الأصنام، ولكنه طمع في كرم الرسول، فقال له: كن خير آخذ؟

 

فقال: "تَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللِّهِ؟".

 

فقال الأعرابي: أعاهدك ألاَّ أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك.

 

فهذا الأعرابي لم يُسلِم، ولكنه وعد الرسول صلى الله عليه وسلم ألا يقاتله ثانية. وعلى الرغم من هذا الموقف الصعب، فالأعرابي لم يستطع أن يأخذ قرار الإسلام، فأطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سراحه، ولم يعاقبه، وثبت ذلك في مسند أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعاقب الأعرابي، وعاد إلى أهله سالمًا وقال لهم: جئتكم من عند خير الناس[8].

 

وفي رواية أن عددًا كبيرًا من أهله قد أسلم، وأن هذا الرجل كان اسمه غَوْرَث بن الحارث.

 

وهذه القصة وإن كانت في ظاهرها عابرة إلا أنها تركت أثرًا كبيرًا في أعراب هذه المنطقة من غطفان بأن رسول الله ليس رجلاً كريمًا فحسب، وليس قائدًا شجاعًا جريئًا فقط، وإنما هو أيضًا نبي مرسل؛ لأنه ليس من عادة الملوك والقادة أن يتركوا من وقف على رءوسهم بالسيف مهدِّدًا هكذا دون أن يقتلوه، وليس من عادتهم الرحمة والتسامح إلى هذا الحد.

 

ولا شك أن هذه القصة -إضافةً إلى غزو الرسول صلى الله عليه وسلم دون خوف ولا وجل- كان لها أبلغ الأثر في تفكير هؤلاء الأعراب جديًّا في قضية الإسلام.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

عباد بن بشر.. الخاشع لربه:

القصة الأخرى العجيبة التي حدثت في أثناء رجوع هذا الجيش المبارك إلى المدينة المنورة، ورواها أبو داود عن جابر أن الجيش نزل في أحد الأماكن للراحة، فعيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم رجلين للحراسة، فالأول عباد بن بشر الأنصاري رضي الله عنه.

 

والثاني عمَّار بن ياسر المهاجري رضي الله عنه، فقسَّما الليل بينهما، فكانت نوبة عباد بن بشر فأراد أن يقطع الليل بالصلاة، فوقف يصلي قيام الليل، فجاءه أحد المشركين من غطفان، ورماه بسهم فنزع عبَّاد السهم، وأكمل صلاته.

 

وتخيلْ معي دخول سهم في كتف عباد بن بشر رضي الله عنه، فينزع السهم ويكمل الصلاة، والدم يسيل منه ويتفجر، ومع ذلك يكمل الصلاة، فرماه المشرك بسهم آخر فنزعه عباد، وأكمل صلاته، فجاءه السهم الثالث فنزعه عباد، ثم ركع وسجد وأنهى صلاته، ولم يقطع الصلاة، ثم أيقظ عمَّار بن ياسر رضي الله عنهما.

 

فلما وجد عمار بن ياسر الدماء في كل مكان، ورأى الأسهم الثلاثة، قال لعباد: أفلا أنبأتني عندما رميت؟ فيقول عباد بن بشر رضي الله عنه: كنتُ في سورة أقرؤها، فلم أحب أن أقطعها[9].

 

وفي رواية ابن إسحاق، قال عباد: "وايم الله، لولا أن أضيِّع ثغرًا أمرني رسول الله بحفظه، لقطع نفسي قبل أن أقطعها"[10]. ولك أن تتخيل مدى استمتاع عبَّاد بقراءته، ومدى حبِّه لقيام الليل، ومدى استغراقه في صلاته، ومدى خشوعه وتركيزه في الصلاة رضي الله عنه.

 

وهرب هذا الرجل المشرك الذي أطلق السهام لما رأى عمار بن ياسر، وفرَّ إلى قومه، ولا ندري عنه شيئًا بعد ذلك، ولكنه -لا شك- انبهر برؤية أولئك الذين كانوا يغزونهم قبل قليل بهذه الشجاعة، ويحاربونهم بضراوة، يقفون في عبادتهم بهذا الخشوع.

 

لا شك أن جَمْع الصحابة رضوان الله عليهم بين الجهاد والصلاة، وبين القتال والعبادة، وبين القوة والرحمة، وبين الكرامة والعفو عند المقدرة، لا شك أن كل ذلك كان لافتًا للنظر لكل الناس، ولا شك أيضًا أنه ترك انطباعًا إيجابيًّا عند عموم البشر بصرف النظر عن جنسيتهم وأعراقهم وقبائلهم.

 

وكانت هذه غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة بلا قتال، ولكنها غيَّرت كثيرًا في أفكار قبائل غطفان، وعدَّلت كثيرًا من سلوكهم.

 

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

 

 

الرسول يوجه السرايا إلى أرض غطفان:

عاد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد غزوة ذات الرقاع بعد أن وجَّه هذا الإنذار لقبائل غطفان، وبدأ في إرسال ست سرايا متتالية، وكلها في العام السابع من الهجرة؛ فقد أرسل هذه السرايا إلى منطقة قُدَيْد، ومنطقة تُرَبَة، ومنطقة بني مُرَّة، ومنطقة مَيْفَعَة، ومنطقة يَمْن وجُبار، ومنطقة الغابة[11]، ست مناطق.

 

وكان القاسم المشترك بين كل هذه المناطق هو أنها كلها أرض لغطفان، وبذلك نرى تركيزًا واضحًا على قضية غطفان في العام السابع من الهجرة.

 

ومن الواضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم يسير في خطوات محكمة، وليس فيها بطء قَطُّ في الأداء، والرسول صلى الله عليه وسلم وجَّه الجيش بكامل طاقته لردع بقية الأحزاب، ولصدِّ بقية أعداء الأمة؛ فلذلك رأينا حربًا ضد اليهود وحربًا ضد غطفان، والأمور كلها في غاية الترتيب، ونجح الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الحملات المتكررة في ردع اليهود وغطفان، وبذلك أصبحت القوة الإسلامية في آخر العام السابع من الهجرة هي القوة الأولى في الجزيرة العربية.

 

ومع نجاح هذا الجانب العسكري للدولة الإسلامية، إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك مهمته الأولى كرسول وهي مهمَّة البلاغ، بل انتشر الدعاة إلى الله في كل أنحاء الجزيرة العربية وفي خارجها، ودعا المسلمون إلى الإسلام صراحةً، وبقوة وعزة حتى وصل الإسلام إلى معظم ممالك العالم.

 

وبذلك نرى العام السابع للهجرة عامًا جهاديًّا عسكريًّا ودعويًّا، بدأ فيه المسلمون في جَنَى ثمرات صلح الحديبية، ووصلت في هذا العام دعوة الإسلام إلى كل مكان، وانتصر فيه المسلمون انتصارًا باهرًا على اليهود في خيبر ووادي القرى، وفَدَك وتيماء، وحُجِّمت قوة غطفان وتضاءلت.

 

وعرفوا أن قوة المسلمين أعلى من قوتهم، حتى وإن كان المسلمون قليلي العدد، وزاد عدد المسلمين بشكل ملحوظ بعد قدوم المسلمين من كل مكان، فقد جاء مهاجرو الحبشة والأشعريون والدوسيون وغيرهم، بل أسلم الكثير والكثير، فكان العام السابع من الهجرة عامًا سعيدًا من أعوام الدعوة.

-------------------------------------------------------

[1] المباركفوري: الرحيق المختوم، دار الوفاء، مصر، الطبعة السابعة عشرة، 1426هـ- 2005م، ص328.

[2] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (3899).

[3] ابن حجر العسقلاني: فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، 1379هـ، 7/421.

[4] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة ذات الرقاع (3899).

[5] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي: "نصرت بالرعب مسيرة شهر" (2815).

[6] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة (2753).

[7] البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع (3908).

[8] رواه أحمد (14971، 15227) ترقيم النسخة الميمنية، وصححه شعيب الأرناءوط.

[9] رواه أبو داود (198) ترقيم محيي الدين عبد الحميد، وأحمد (14745)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود برقم (182).

[10] ابن هشام: السيرة النبوية، تحقيق مصطفى السقا وآخرين، دار المعرفة، بيروت، القسم الثاني (الجزء الثالث والرابع) ص209.

[11] المباركفوري: الرحيق المختوم ص329، 330.

 

الكاتب: د. راغب السرجاني

المصدر: موقع قصة الإسلام

 

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

مجهود رااااااائع ومُلم ومُختصر

 

بارك الله فيكن حبيباتى وجعله فى ميزان حسناتكن

  • معجبة 1

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@أم يُمنى

بورك فيكِ حبيبتي الغالية

()

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة الفتح:

 

وهي فتح مكة، وكانت في رمضان للسنة الثامنة من الهجرة، وسببها أن صلح الحديبية أباح لكل قبيلة عربية أن تدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاءت، أو تدخل في عقد قريش، فارتضت بنو بكر أن تدخل في عقد قريش، وارتضت خزاعة أن تدخل في عقد سول الله صلى الله عليه وسلم، وفي تلك السنة (الثامنة) اعتدت بنو بكر على خزاعة، فقتلت منها نحو عشرين رجلا، وأمدت قريش بني بكر بالمال والسلاح، فلما بلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم غضب غضبا شديدا، وتجهز لقتال قريش إلا أنه لم يرد أن يخبر الناس عن وجهته، لئلا تستعد قريش، فتستباح حرمة البلد الحرام، وتمتلئ أرجاؤه بأشلاء القتلى، ولكن حاطب بن أبي بلتعة البدري أرسل كتابا سريا إلى مكة يخبرهم فيه بتوجيه الرسول إليهم، فأطلع الله رسوله على أمر الكتاب، فأرسل إلى المرأة التي تحمله بعض أصحابه ليفتشوها، فعثروا على الكتاب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطبا، فقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: يا رسول الله أما إني لمؤمن بالله ورسوله، ما غيرت ولا بدلت، ولكني كنت امرأ ليس لي في القوم من أصل ولا عشيرة، وكان لي بين أظهرهم ولد وأهل، فصانعتهم عليه. فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»

.

63279hlmjo.gif

 

 

ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة لعشر مضين من رمضان، وفي الطريق أفطر وأفطر الناس معه لما لقوا من الجهد والمشقة في سفرهم، وكان عددهم حين خروجهم من المدينة عشرة آلاف، ثم انضم إليهم في الطريق عدد من قبائل العرب، وفي (مر الظهران) عثر حرس رسول الله على أبي سفيان واثنين معه، فأسروهم وجاءوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلم أبو سفيان، وقال العباس- الذي لقيه الرسول في الطريق مسلما مهاجرا إلى المدينة-: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر، فاجعل له شيئا يفتخر به، فقال:

«من دخل دار أبي سفيان فهو آمن»

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

ثم وصل الجيش مكة، فأعلن منادي الرسول: من دخل داره وأغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن واستثنى من ذلك خمسة عشر رجلا عظمت جريرتهم في حق الإسلام ورسوله، ثم دخل رسول الله مكة وهو راكب راحلته، منحن على الرحل، حتى لتكاد جبهته تمس قتب الراحلة شكرا لله على هذا الفتح الأكبر، ثم طاف الرسول بالبيت، وأزال ما حولها من أصنام بلغت ثلاثمائة وستين، ثم دخل الكعبة وصلى ركعتين فيها، ثم وفق على بابها وقريش تنظر ما هو فاعل بها، فقال فيما قال ساعتئذ:

«يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا؛ أخ كريم وابن أخ كريم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اليوم أقول لكم ما قال أخي يوسف من قبل: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92] اذهبوا فأنتم الطلقاء»

.

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

ثم اجتمع الناس حول الصفا ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فجلس إليهم الرسول على الصفا، وأخذ بيعتهم على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، بايع الرجال أولا، ثم النساء، ولم يصافح واحدة منهن، وكان فيمن بايعهن هند زوجة أبي سفيان التي أهدر الرسول دمها فيمن أهدر يوم الفتح، فلما علمها، عفا عنها بيعتها.

وفي يوم الفتح أمر رسول الله بلالا أن يؤذن لصلاة الظهر على ظهر الكعبة، فاستعظم ذلك الحاضرون من قريش ولم يسلموا بعد، ولكن رسول الله أراد ذلك عمدا لسر عظيم وحكمة بالغة.

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنقه، فإن الرجل قد نافق، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إنه شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أصحاب بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم»

 

 

ما أجمل وأكمل وأرحم هذا الدين العظيم

 

بارك الله فيكِ ياغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

@أم يُمنى

بورك فيكِ حبيبتي الغالية

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة حنين:

 

وكانت في العاشر من شوال للسنة الثامنة من الهجرة بعد فتح مكة بأيام، وسببها أن الله لما فتح مكة لرسوله ظن زعماء هوازن وثقيف أن رسول الله سيتوجه إليهم بعد الانتهاء من أمر مكة، فعزموا على أن يبدؤوه بالقتال، فأمروا عليهم مالك بن عوف وهو يومئذ ابن ثلاثين سنة، فأمرهم أن يسوقوا معهم إلى المعركة أموالهم ونساءهم وأبناءهم ومواشيهم ليكون ذلك أدعى إلى ثباتهم في القتال، وقد بلغت عدة المقاتلين منهم في المعركة المرتقبة ما بين عشرين ألفا إلى ثلاثين، فأعلن رسول الله عزمه على الخروج لقتاله، فخرج كل من كان بمكة؛ أصحابه الذين قدموا معه في المعركة، ومن انضم إليهم بعد ذلك ممن أسلم حديثا وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان في وادي حنين خرجت عليهم هوازن وحلفاؤها في غبش الصبح، فحمل عليهم المسلمون فانكمشوا وانهزموا، فانشغل المسلمون بجمع الغنائم فاستقبلهم المشركون بالسهام فانفرط عقدهم، وفر أهل مكة والمسلمون الجدد، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتا على بغلته يقول:

«أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب»

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

، وكان قد أشيع بين المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل، فألقى كثير منهم سلاحه يائسا، ولكن نفرا من المهاجرين والأنصار ثبتوا حولهن وأخذ العباس- وكان جهوري الصوت- ينادي في المسلمين: إن رسول الله ما زال حيا، فعاد إليه من كان مدبرا، وتكاثر المؤمنون حتى استطاعوا أن ينتصروا كرة أخرى، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وبلغت غنائم العدو مبلغا كبيرا، فرقه أولا على المؤلفة قلوبهم من حديثي الإسلام، ولم يعط منها الأنصار شيئا اعتمادا على إيمانهم وصدق إسلامهم.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

وقد نزل من القرآن في هذه المعركة:

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ 25 ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ}

[التوبة:25].

 

... وكانت هذه الغزوة آخر معركة ذات شأن بين الإسلام والمشركين، لم يلبث العرب من بعدها أن كسروا الأصنام ودخلوا في دين الإسلام.

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة الطائف

بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين ، توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال عام 8هـ قاصداً الطائف يريد فتحها، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه ؛ حيث جعله على مقدمة الجيش ، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها .

وكانت قبيلة ثقيف - وهم أهل الطائف- قد حصنت مواقعها ، وأعدت عدتها ، وتهيأت للقتال، والدفاع عن أرضها.

 

63279hlmjo.gif

ولما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف نزل قريباً من الحصن ، وأقام معسكره فيه، فانتهزت ثقيف الفرصة وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين، فأصابت منهم اثنا عشر رجلاً ، كان منهم : عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنه الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلاً.

واستمر حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم للطائف قرابة أربعين يوماً ، تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين ، ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف ، أخذ المسلمون في تحريق نخلهم ، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعها لله وللرحم ، فاستجاب لهم ، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" ، فخرج منهم بضعة عشر رجلاً ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفع كل رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته.

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

ولما طال الحصار ، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه وسلم بعض القوم ، ثم قرر رفع الحصار والرحيل ، فعن عبد الله بن عمرو قال :حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ، فلم ينل منهم شيئا ، فقال : ( إنا قافلون إن شاء الله ، قال أصحابه : نرجع ولم نفتتحه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغدوا على القتال ، فغدوا عليه فأصابهم جراح ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قافلون غدا ، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه البخاري ومسلم .

 

63279hlmjo.gif

وتروي كتب السير أن بعض الصحابة أتوا رسول الله وقت الحصار ، وقالوا : يا نبي الله ، ادعُ الله على ثقيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم ) .

ثم أذن مؤذن رسول الله بالرحيل ، فرحل الجيش وهم يقولون : (آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون) .

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

وهكذا عاد المسلمون من غزوة الطائف ، منتصرين وإن لم يفتحوا الحصن ، منتصرين بإيمانهم ، وثباتهم ، وصبرهم ، إضافة لما حصل من استسلام بعض أهل الطائف وإسلامهم .

ومما يستفاد من هذه الغزوة سرعة استجابة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعد غزوة حنين مباشرة ساروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لنشر دعوتهم ، ومواجهة المعارضين لها ، والواقفين في سبيلها .

ويستفاد أيضاً ضرورة الأخذ بالوسائل الحربية ، والاستراتيجية ، والخطط النافعة ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث استخدم المنجنيق ، وكان أول ما رمي به في الإسلام.

 

63279hlmjo.gif

ويستفاد أيضاً ضرورة التشاور وخاصة وقت المحن والشدائد ، وعدم التفرد باتخاذ القرار ، فالرسول صلى الله عليه وسلم شاور في فك الحصار ، وذلك لبيان أهمية هذا المبدأ العظيم مبدأ الشورى .

وقبل هذا وذاك نستفيد من أحداث هذه الغزوة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من رحمة وشفقة بالآخرين ، ولو لم يكونوا مسلمين ، لأن مهمته تتمثل في هداية الآخرين وليس النيل منهم والكيد بهم ، وفي دعوته صلى الله عليه وسلم لثقيف -وليس الدعاء عليهم- أبلغ دليل على ما ذكرنا.

 

المصدر اسلام ويب

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

akhawat_islamway_1450556372____1.png

 

غزوة تبوك:

 

وتسمى غزوة العسرة، وكانت في رجب سنة تسع من الهجرة.

 

و(تبوك) موضع بين وادي القرى من أرض الحجاز وبين الشام، وسببها أن الروم قد جمعت جموعا كثيرة بالشام ضمت قبائل لخم، وجذام، وعاملة، وغسان، وهي من نصارى العرب، وكان قصد هرقل من ذلك، الهجوم على المدينة والقضاء على الدولة الناشئة في جزيرة العرب التي أخذت أخبارها وأخبار انتصاراتها تثير جزع هرقل وخوفه، فندب رسول الله الناس للخروج، وكان الوقت وقت عسر شديد وحر شديد، فانتدب المؤمنون الصادقون عن طيب نفس، وتخلف ثلاثة منهم من صادقي الإيمان، وندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأغنياء لتجهيز جيش العسرة، فجاءوا بأموال كثيرة؛ جاء أبو بكر بماله كله، وجاء عمر بنصف ماله، وتصدق عثمان يومئذ بمال كثير، وجهز ثلث الجيش، حتى دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم وقال:

«ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»

 

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

. وجاءه عدد من فقراء الصحابة لا يجدون ما يركبون عليه، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم:

«لا أجد ما أحملكم عليه»، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون، وتخلف من المنافقين بضعة وثمانون رجلا، واعتذر إليه عدد من الأعراب بأعذار غير صحيحة، فقبلها منهم صلى الله عليه وسلم.... سار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس ومعه ثلاثون ألف مقاتل، ومن الخيل عشرة آلاف، وكان هذا أعظم ما رأته العرب حتى ذاك، ثم واصل سيره حتى بلغ تبوك، فأقام فيها نحوا من عشرين ليلة، ولم يلق فيها كيدا، ولم يدخل حربا.

akhawat_islamway_1450556410____3.png

 

 

وكانت هذه آخر غزواته صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الغزوة نزل قول الله تبارك وتعالى:

{لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}

[التوبة: 118- 119]....

كما أنزلت آيات كثيرة تتحدث عن موقف المنافقين والمعتذرين من الأعراب في هذه الغزوة، وفيها عتاب من الله لرسوله على قبول معذرتهم، وهي آيات كثيرة تجدها في سورة التوبة.

 

 

akhawat_islamway_1450556394____2.png

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات أسأل الله أن يرزقنا الصدق والإخلاص

ويرزقنا الدعوة إليه والبلاغ عنه ويرزقنا حب النبي صلى الله عليه وسلم وحسن الاقتداء به

طب قلوبنا واجمعنا به في الجنة

اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

شارك هذه المشاركه


رابط المشاركه
شارك

إنشاء حساب جديد أو تسجيل دخول لتتمكني من إضافة تعليق جديد

يجب ان تكون عضوا لدينا لتتمكن من التعليق

إنشاء حساب جديد

سجلي حسابك الجديد لدينا في الموقع بمنتهي السهوله .

سجلي حساب جديد

تسجيل دخول

هل تمتلكين حسابًا بالفعل ؟ سجلي دخولك من هنا.

سجلي دخولك الان

  • من يتصفحن الموضوع الآن   0 عضوات متواجدات الآن

    لا توجد عضوات مسجلات يتصفحن هذه الصفحة

  • محتوي مشابه

    • بواسطة *إشراقة فجر*
      بسم الله الرحمن الرحيم



      السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته


       
       

      السؤال:
      بخصوص حديث الشاة المسمومة : في قول النبي للمرأة ( ما كان الله ليسلطك على ) ، أي في أن النبي خصص هذه المرأة بعدم التسليط عليه ، فكيف هذا وقد ثبت أن النبي مات متأثرا بهذا السم ؛ أليس موته متأثرا بالسم يعنى تسليطها عليه ، وتمكنها منه ، حتى ولو بعد فترة من الزمن؟
       
       
      الجواب :
      الحمد لله
      عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : " أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ ، فَأَكَلَ مِنْهَا ، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ : أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ ، قَالَ : ( مَا كَانَ اللَّهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ )" رواه البخاري ( 2474 ) ، ومسلم ( 2190 ) .
      وعن عَائِشَةُ رضى الله عنها : " كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ : (يَا عَائِشَةُ ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السَّمِّ ) " رواه البخاري ( 4165 ) .
       
      "وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي" .
      يراجع : " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (15 / 91).
      والجمع بين وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالسم وبين قوله لليهودية التي وضعت له السم (ما كان الله ليسلطك على ذلك) هو أنه صلى الله عليه وسلم لم يمت في الحال ؛ أي لم يكن الله ليسلطك على قتلي بهذا السم في هذا الوقت الذي أردتيه ؛ لأن السم في العادة يقتل صاحبه فورا ، بدليل أن من أكل معه وهو بشر بن البراء رضي الله عنه مات من السم , أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد عاش بعد هذه الواقعة ثلاث سنوات ، قاد خلالها الجيوش وخاض المعارك وباشر حياته الشريفة , ثم لما حضر أجله الذي كتبه الله تعالى : هاج عليه أثر السم ، ليكرمه الله تعالى بالشهادة .
      وفي " عمدة القاري شرح صحيح البخاري " (15 / 92): " وفيه: معجزة ظاهرة له عليه السلام، حيث لم يؤثر فيه السم ، والذي أكل معه مات " انتهى.
       
      وقال ابن القيم في " زاد المعاد " (4/111): " وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَ سِنِينَ حَتَّى كَانَ وَجَعُهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ: (مَا زِلْتُ أَجِدُ مِنَ الْأُكْلَةِ الَّتِي أَكَلْتُ مِنَ الشَّاةِ يَوْمَ خَيْبَرَ حَتَّى كَانَ هَذَا أَوَانَ انْقِطَاعِ الْأَبْهَرِ مِنِّي) ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِيدًا " انتهى .
      وجاء في "شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية "(12 / 94): " ومن المعجزة أنه لم يؤثّر فيه في وقته ؛ لأنهم قالوا: إن كان نبيًّا لم يضره , وإن كان ملكًا استرحنا منه ، فلمَّا لم يؤثر فيه تيقنوا نبوته حتى قيل: إن اليهودية أسلمت , ثم نقض عليه بعد ثلاث سنين لإكرامه بالشهادة" انتهى.
      والله أعلم.
      ::


       


      موقع الإسلام سؤال وجواب ()*

منتدى❤ أخوات طريق الإسلام❤

‏ أخبروهم بالسلاح الخفي القوي الذي لا يُهزم صاحبه ولا يضام خاطره، عدته ومكانه القلب، وجنوده اليقين وحسن الظن بالله، وشهوده وعده حق وقوله حق وهذا أكبر النصر، من صاحب الدعاء ولزم باب العظيم رب العالمين، جبر خاطره في الحين، وأراه الله التمكين، ربنا اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وارحم المستضعفات في فلسطين وفي كل مكان ..

×